Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفصل| 04

في البِداية لم أَستطيِب الانتِقالَ مِن بيتِي إلى آخر تحكُمه عائِلةٌ نجهلُ عن مذاقِها وذوقِها، ثُمَّ تقبَّلتُه مِن بابِ دحرِ المَلل عن حياتِي، واختِبارِ أجواء جديدة، لعلَّ البُعد يُنسيني الرُّوتين الَّذي حمَّلتُه كُلَّ ذنوبي، ووابِل الأفكار المُتساقِطة بِبالي، من غيمة ليست ملكًا لسمائي، يحكمُها رجل، لكنَّه لحِق بِي إلى هُنا كأنِّي ما أهرُب مِنه إلَّا إليه!

امرأةٌ حياتُها خاوية مِثلي سهلٌ أن تَخدعها المواقِف وتوهمها بالاهتِمام، أنا كمَدينَة مَهجورَة رغمَ أنَّ أحدَهُم يزورُ دِيارَها الأُنثويَّة مِن حينٍ إلى آخر، يُلقي الوُعودَ بعبثيَّة، ثُمَّ يُغادِر بعدَ أن ينالَ غايَته، ولا يعودُ إلَّا في حمَلتِه الذُّكوريَّة التَّاليَة، يرشوها بالحنان، ويُقنِعها بالحُبّ، عسى أن تنتخِبَه ثانِيةً!

امرأةٌ تشابَهت كُلُّ لحظاتِها وعشَّشَ الضَّجر بينَها حتَّى أنَّ حُبَّها فقَد لمساتِه الخاصَّة، وصار عادِيًّا كالاستيقاظِ كُلَّ صباح، مُهدَّدةٌ بالانجِذابِ لكُلِّ ما هُو لافِتُ للانتِباه، ومثيرٌ للتَّساؤلات، لذلِك استَحوذَ التَّفكيرُ بالكولونيل على ذِهني، بعدَ أن أنقَذني مِن مصيرٍ بشِع... لقد كتبت قصَّة خياليَّة هُو بطلُها، والأسوأ أنِّي أتمنَّى لو تَخطُوَ عتَبة الواقِع، أتمنَّى لو أعثُر على النَّار الَّتي يتَصاعَد مِنها دُخَّانُه في أحدِ أيامي، لن أُخمِدها، بل سأرتَمي بينَ أحضانِها بشوق.

أبَى الصَّمتُ أن يُعتِق حناجِرنا، فالسيِّد يبدو رجُلًا بخيل الثَّغر مُحبًّا للسُّكون، لوهلةٍ تناسيتُ جينوو الجالِس على مقعدِ السَّائِق بجانِبي، إذ التَفت عقلي إلى الورَاء حيثُ الكولونيل، دونَ جسَدي الَّذي لم تتغيَّر قِبلتَه، وامتلأ بصري بلوحاتٍ لوجهه، رغمَ أنَّه مقيَّد بالطَّريقِ المُحاطة بالتَّضاريس البَديعة، جِبالٌ راسيات، ومُنحدراتٌ تُرابيَّة، لقد ابتَعدنا عن العاصِمة ومبانيها مُنذ مُدَّة.

أتساءَل لِم يُعامِلني وكأنِّي لستُ المرأة الَّتي أنقَذها، ولا المرأة الَّتي رأت انكِسارَه، أم أنَّه رجُلٌ يُتقِن التَّناسي كما أُتقن التَّظاهُر؟

ما لبِثنا وأن أشرفنا على أسوارِ الثَّكنة العالِية، ذات الحوافِ المُزوَّدَة بأسلاكٍ لولبيَّةٍ شائِكة، للحِمايةِ من أيَّن دُخلاء. لقد صارَت سيَّارة الكولونيل مألوفةً لدَى الحُرَّاس لتميُّزِها، ليسَ الجميعُ قادِرًا على اقتِناءِ مثيلٍ لها، لذلِك فتحوا البوَّابَة لنا قبل أن نُدرِكها، وعبرنا إلى الدَّاخِل دونَ فواصِل. حينَما التفَّ هيكَلها المأمورِ بالارتِكان إلى رصيفِ المَبنى العسكريّ مِن الإسمنت، وتفاقَم احتِكاك العجلاتِ بالتُّراب الَّذي يكسو الأرضيَّة، ثارَ وتبَعثرَ حولنا.

نزلَ بيكهيون أوَّلًا، معه حقيبَته الجِلديَّة، في حينِ ماطلت، لأنِّي لم أعلَم ما إذا كانَ عليَّ السَّير برفقتِه، أم التفرُّدَ بنفسي، واكتفيتُ باختِلاس النَّظر إليه عبئَ النَّافِذة مُتناسيةً وجودَ جينوو.

" سايا، إلى متى تُخطِّطين للبقاء في السيَّارة؟ "

قضمتُ شفَتي، وما تزال عَدستاي مُسلَّطتان على بيكهيون الَّذي أخَذ يتناءى عن مرفئِنا.

" لا أدري، أشعُل بالإحراجِ لأنِّي أتيتُ معكما حتَّى وإن كانَ السيِّد بيكهيون صاحِب الطَّلب. "

أملتُ رأسي نحو جينوو، حينَما رسَت كفُّه على ظهرِ يدي تسعى لطمأَنتي.

" لا عليكِ عزيزَتي، بِما أنَّه مَن طلبَ التِحاقَك بِنا فذلِك يعنِي أنَّه غيرُ مُعترضٍ على تواجُدِك بينَنا، ولا على دُخولِكما الثَّكنة سويًّا. "

تحلَّت نبرتُه بالمَرح.

" بالعَكس، كانَ عليكِ السَّير بمُحاذاتِه، فمعرفتُكِ به ستكسِبُك خلفيَّة متينة، وهيبَة أمامَ الجُنود، هكَذا لن يجرُؤ أحدهم على الاقتِرابِ مِنك. "

" لستَ مُضحِكًا جينوو. "

مَن ذا الَّذي يحُثُّ زوجَته على مُرافقَة رجُل لمُجرَّد كسبِ الاحتِرام؟ أخشى أن يُلقي بي في سريرِه ذاتَ يومٍ مِن أجلِ عَلاوَة!

" لماذا أصبَحتِ حمراءَ كالطَّماطِم فجأة؟ "

أومَضتُ إليه مصدومة، لم أظُنَّ أن خدَّايَ قد يغدران بأفكاري المريضة، لا ينقُصني سوى أن تبوحَ شَفتايَ بالمُنكرِ الَّذي يدور برأسي!

ازدَردتُ رضابي ونبست بتوتُّر.

" لأنِّي أشعُر بالإحراج، سأُغادِر. "

" انتَظِري قليلًا، ماذا عن قُبلَتي. "

دنوتُ من وجهِه على مضض، ثُمَّ دفنتُ بخدِّه قُبلةً فارِغة. العجيبَ أنَّه ابتَسم لي برِضًا، ما يزالُ عاجِزًا عن التِماسِ الفُتور في مشاعري، أنا الَّتي لطالَما أغدقته بحُبِّي، هو يموتُ فِيَّ ببطء، لكنَّه لا يُحرِّك ساكنا ليُسعِفه.

ترجَّلت بعد أن حملتُ حقيبَتي الواسِعة المُصمَّمةِ مِن القِماش، والَّتي تكتنِفُ بجوفِها صندوقَ طعامٍ الشَّاغر، إضافةً إلى بعضِ الأغراضِ عديمَة الفائِدَة، واتَّجهتُ إلى المَطبخِ مُباشرَة، كانت نافِذتُه تُطلُّ على ساحَة التَّدريب، حيثُ شرَع الجُنود في أداء التَّسخينات بهِمَّة عالية، ريثَما يصِلُ مشرِفهم الصَّارم، الأصحّ جلَّادهم ومعذِّبهم!

وها قد ذاع صوتُه بينَما يُملي أوامَرَه عليهم، وأحيانًا يُوبِّخهم. قبل أن يشغَل رُكنًا سرِيًّا في صدري لم أكترِث لما يفعله، ولكِنِّي اليوم بالكادِ أستطيع التَّركيز على عمَلي، فبينَ اللَّحظةِ والأُخرى أُفتِّش عنه عبرَ الزُّجاج، كُلُّ تفاصيلِه تُزعزِعُ ثباتِي، صوتُه حينَما يصرُخ بانفِعال، وحينَما تتلمَّس أنامِله رقبَته بعفويَّة، حتَّى طريقة وقوفِه!

بمُجرَّد ما أطفأنا الأفرانَ مِن تحتِ القُدورِ، وانتَهينا مِن تتبيلِ السَّلطَة، ونَقلنا مسؤوليَّة توزيعِ الغَداء إلى عُمَّال المَطعم، ملأتُ صُندوقي مِن شتَّى الأصنافِ ثُمَّ قصدتُ مكانِي المُعتاد، ما صبوتُه، إذ حرفت الذِّكرى طريقِي، فإذا بي واقفةٌ قُبالَة الشَّجرةِ الَّتي ألَّف بيننا القَدرُ تحتَها، وتحتَ فُروعِها المُتباعِدة الَّتي لم تُخبِّئنا عن السَّماء المُلبَّدة.

لم أعثر عليه، افتَرضتُ أنَّه ليسَ مكانه المُعتاد كما طمحت، بل وجوده هُناك يومها كان محض صُدفة... ما كِدتُ أُصدِّق فرضِيَّتي حتَّى نفاها صوتُه الَّذي اندلَع ورائي مُباشرة.

" ما الَّذي تفعلينَه هُنا؟ "

فزِعتُ وتطايرَت خُطاي بعشوائيَّة كأنِّي دُستُ لغُمًا، أوشكتُ على السُّقوطِ، غيرَ أنَّه ربط ذراعاه حول وسطي كحبل نجاة، وجذبَني إليه، فالتَحمَ ظهري بصدرِه، وسالَت أنفاسُه على رقبَتي!

" كيفَ لامرأةٍ في عُمرِك أن تتعثَّر كالأطفال؟ "

اندفعتُ إلى الأمام بارتِباك خِشية أن يتمرَّد جسدِي عليّ ويرتكِبَ فِعلًا مُخلًّا، ثمَّ استَدرت إليه.

" آسِفَة. "

ظلَّ يُحدِّق بي دونَ أن ينطِق بحرف، لا أدري ما يجولُ في خُلدِه، ما يزالُ كالأُحجِيَة بالنِّسبَة لي، وتركيبُ قِطعه أمرٌ صعبٌ عليّ!

حينَما ضِقت ذرعًا بصمتِه، هذيت بغباء.

" لقد كُنت أبحَث عنك. "

قطَّب حاجِبيه بشكّ.

" وها قد وجَدتني، ما هُناك؟ "

لم أعلَم ما الَّذي ينبغي عليَّ قولُه بعدَ أن ورَّطتُ نفسي معَه، فهُو مُصرٌّ على التَصرُّف كفاقدٍ للذَّاكرة، رُبَّما لا يريد التَّفكير بالموقِف، كان عليَّ الانسِحاب ولكِنَّ الأعذارَ خانَتني.

" هل أنتَ بخير؟ "

لقد ردمتُ جميعَ المنافِذ في وجهي بسببِ تسرُّعي، حاولتُ إقناعَ نفسي بأنَّ أيَّ أحدٍ مكانِي سيرتدُّ للاطمِئنان ألإرضاءَ فضوله على الأَقلّّ، رغمَ علِمي بأنِّي لستُ كأيِّ أحد!

" ذلِك اليوم كُنتَ تختنِق، أنا الَّتي ساعدتُك على أخذِ الدَّواء، ألا تذكُرني؟ "

انخسَف لونُه حتَّى ضاهَى بياضُه البَدر، وعقِبَ هبَّاتٍ رقيقةٍ للزَّمن قال:

" لم أكُ في كامِل وعيي يومَها، لذلِك صورةُ المرأةِ الَّتي قامَت بمُساعَدتي مُشوَّشةٌ في عقلي. "

أشرَقت ابتِسامةٌ شاحِبةٌ على ثغري.

" ظننتُ أنَّك تُعاني مِن خطبٍ ما في ذاكِرتك، لقد حفرتُ في الاتِّجاهِ الخاطِئ. "

بالَغتُ في طرقِ عينيه بنظراتِي الواهِنة، رغمَ أنَّ أبوابَهُما لن تُفتَح لي يومًا... لا بأسَ في إشباعِ حنيني لضمِّهِما ما دُمنا بمُفردِنا.

لم أشعُر بمُرورِ الوقتِ وأنا واقِفةٌ قُبالتَه، رغمَ أنَّه يمرُّ ببطءٍ في لحظاتٍ مُكتظَّة بالفَراغ كهذه، ربَّما لأنَّه ملحمة صامِتة!

حينَما استَرجعت وعيي الَّذي أصبَح يضيعُ مِنِّي كثيرًا مِلت ببضعةِ درجات.

" أعتذِر إن كُنت قد أزعَجتُك. "

سعيتُ جاهِدة لتجاوُزه، حتَّى انبسَط ذراعي، مُوازِيًا المسافَة الَّتي قطَعتها قدماي قبل أن تعلق يدي بينَ أنامِله... استَطعتُ تخمينَ ما حملَه على استيقافي، وهوَّنتُ عليه بكلِماتٍ دافِئة.

" لا تقلقَ، لن أُخبِر أحدًا. "

كما وفَّر عليَّ السَّفر بالسيَّارة ثمَن تذكرة القِطار، أكسبني رؤيتَه لوقتٍ إضافيّ، رغمَ أنَّ ضميري يشنُّ غاراتِه على مآقيّ كُلَّ ليلة ويؤنِّبُني، أبكِي حاضِري المُهتزّ، أبكِي عجزِي عن النَّجاةِ مِن هاوِيتِه، مِن غوريّ عينيه الشَّهيَّتين، اللَّتين أتسلَّلُ إليهِما خِلسةً لأحتسِيَ شهدَهُما دون عِلمه.

مهما انعكست في مُقلتيه، تظلَّان راكِدَتين لا تُدليانِ ولو بموجةٍ واحِدة، يراني كما لو أنِّي مِن بنِي جِنسه، وينظُر إليَّ بسكون، كأنِّي لا أُلقي عليه أعقابَ اعتِرافٍ احتَرقت في صدرِي سهوًا، يُشعِرني بكم أنا بارِعةٌ في التَّغطيَة على جرائِمي العاطِفيّة..

لقد اقتَرفتُ بإعجابي بِه ما يُسمَّى بالجريمَة الكامِلة، ولم يكتشِفني بعد.

تفتَّتَ أُسبوعٌ آخر مِثل رغيفِ خُبزٍ يابِس، وحان يومُ استِراحَتي الوحيد، مُذ أنِّي كاليَتيمَة في هذِه المدينَة الَّتي لم أألفها بعد، ما كانَ بيدِي خيارٌ سِوى أن أُنفِقَه على النَّوم، وتعويضِ ما فوَّتُه سابِقًا، فالاستيقاظُ كُلَّ فجرٍ مُرهق أكثَر مِن العَمل حدَّ ذاتِه. لقد عانَق السَّريرُ جسَدي بحنان لوقتٍ طويل حتى شعرتُ بوخزٍ طفيفٍ مُتتابع على كتِفي، مصحوبًا بأطيافِ كلِماتٍ لم أفقَهها. ما دامَ جهلي طويلًا، إذا فتحتُ عينيّ على وجهِ سومين البهيّ. أوَّل ما لفت انتِباهي، شعرُها المُنتفِخ كهضبة، بأطرافٍ معقوفَة، ومقدِّمةُ رأسِها المُزيَّنة بربطةٍ صفراء، كقميصِها المُنعِش، الَّذي يُعانِقه بنطلون واسع عالِي الخصر.

" نِداء مِن القاعِدة، حوِّل. "

أجبتُ بخُمولٍ بينَما أُحاوِل رفعَ جسدِي عن السَّرير.

" ما الَّذي أتَى بِك إلى هُنا مُنذ الصَّباحِ الباكِر؟ أتحتاجين إلى شيء ما؟ "

عبسَت بعتب.

" أحتاجُ إلى قضاءِ بعض الوقتِ برفقةِ صديقَتي، واستِرجاعِ الأيَّامِ الخوالي، فما جمعَتنا الحياةُ سويًّا بعدَ دهرٍ مِن الفُراق لنُهدِره، واليوم هُو فُرصتُنا الوحيدَة. "

التَمستُ الصِّدقَ في رغبتِها بالقفزِ عبرَ الهُوَّة الَّتي خلقتها الحياةُ بينَنا مِن الماضي إلى الحاضِر كما لو أنَّها لم تكُن.

" ظننتُ أنَّ هُوَّة الزَّمن مِن الماضي وحتَّى اليومِ قد ابتَلعت العاطِفة الجيَّاشَة الَّتي كانت تنبُع مِن صداقتِنا. "

ابتَسمَت برِقَّة.

" ليسَ وكأنِّي أجهلُ طريقَة تفكيرِك، أنتِ لم تتغيَّري ولو مِثقالَ ذرَّة، ما تزالين مُنغلِقة، مُتشائِمَة، سوداوِيَّة كأنَّ الدُّنيا عدُوَّةٌ لكِ. "

" شُكرًا على تعديدِ سلبِيَّاتي. "

" عفوًا عزيزَتي، والآن هُزِّي مُؤخِّرتَك ولاقيني في الحديقَة، أنا بانتِظارِك. "

ربتت على ظهري بِخفَّة قبل أن تسمح لي ببعضِ الخُصوصيَّة. غيَّرتُ ملابِس النَّومِ إلى تنُّورةٍ طويلة يرقاها قميصٌ أزرق بسيط، ثُمَّ وافيتُها إلى الحديقَة، حيثُ وجدتُها جالِسةً إلى طاوِلة الاستِراحَة، الَّتي يحولُ بينَها وبينَ أشِعَّة الشَّمسِ الفاتِرة مِظلَّة واسِعة، تحتضِنُ بينَ يديها مجلَّة vogue.

هِي لا تقِلُّ جمالًا عن الوُرودِ المُحيطَة بِها، كأنَّها شقيقَتُهنّ، ذلِك ما تبادَر لي وأنا أنظُر إليها بشُرود. ما إن رصَدتني حتَّى ألقَت المجلَّة بإهمالٍ وعلى ثغرِها ابتِسامةٌ مُضيئَة، ثُمَّ تأبّطَت ذِراعِي وسحَبتني معَها نحوَ القَصر، لقد ظننتُ أنَّنا سنعقدُ مجلِسنا هُنا!

قبل أن نطَأ عتَبه توقَّفت بتردُّد.

" إلى أينَ تأخُذينني؟ تعلَمين أنَّه مِن غيرِ المسموحِ لي بالتِّجوال في القصر وكأنِّي أحدُ أفرادِ العائِلة. "

أطرفَت إليَّ وبينَ جفنيها تهويدةٌ مُطمئِنة.

" لا بأس، أنتِ معِي. "

رغمَ أنَّ الرَّاحَة خاصَمت صدري، انصَعتُ لما دعَتني إليه، ربَّما لأنِّي امرأةٌ مِن طينةٍ طيِّعة. مرَرنا بجِوارِ غُرفةِ الجُلوس، فإذا بالسيِّدَة بيون مُتربِّعة على الأريكَة المُواجِهَة لمَدخلِها، مُطَّلِعةً على كُلِّ ما يجري خارِجها، وسبَّابتُها مُتشبِّثة بذِراع الفِنجان الَّذي يتصاعَد مِنه بُخارُ القهوة السَّاخِنة. استَطعتُ التِقاطَ نظرةِ الاستِهجانِ الَّتي رمَتنا بِها، حينَما طلبَت سومين مِن إحدَى الخادِماتِ جلبَ كأسينِ مِن عصيرِ البُرتقال إلى غُرفتِها.

هذِه أوَّل مرَّةٍ أصِل فيها إلى أعماق القصر بعدَ أوَّلِ لِقاءٍ لنا معَ السيِّد بيون، لم أستطِع يومَها أن أتصفَّحه بسبِب التوتُّر. قفزَت نظراتي بين الألواحِ الزيتيَّة المُتقنَة بذُهول، حتَّى حلَّت ضيفةً على بيانو أسوَد ذا حوافٍ ذهبيَّة، كان مركونًا في الزَّاويةِ اليُمنى للقاعَة، وتحتَه يختبِئ مقعدٌ مُخمليّ، ليس ما شدَّ الحنين بيني وبينَه جِسرًا متينًا، بل الكمانُ المُمدَّدُ على ظهرِه، صديقي القديم!

لاشكَّ وأنَّ الفضولَ قد ظهرَ على وجهي، إذ قالت سومين بينَما نحن نصعد الدَّرج:

" كان بيكهيون يعزِفُ على البيانو أحيانًا، لكِنَّه لم يقرَبه مُنذ زمن، أمَّا الكمان فهُو لمينهيوك، حُلمه أن يصيرَ عازِفًا."

لقد ازدَدتُ إعجابًا ببيكهيون، قد نُشكِّلُ حلفًا موسيقيًّا مُتناغِمًا لو أذِنت لنا الحياة!

" ماذا عنكِ؟ أما تزالين تعزِفينَ على الكَمان؟ "

توقَّفت عن التَّحديقِ بالآلات حينَما صارَ ذلِك مؤلِمًا لعُنقي، وبسطتُ نظراتي على السَّلالِم بشيءٍ من الخيبَة.

" لم ألمِسه مُنذ زمنٍ أيضًا، كما أنَّه صارَ بالِيًا والأوتارُ مرخيَّة؛ إذ أهملتُه، لا أظنُّ وأنَّه سيعمَل بشغفٍ كما اعتاد. "

مِثلَما ارتَخت أوتاري، بالكادِ أُصدِر نغماتٍ حُلوة كما كُنت بالماضي!

استَكانت سومين فجأةً، ورمقَتني بعينين جاحِظتين.

" أتمزَحينَ معِي؟ لا أصدِّق أنَّك تخلَّيتِ عن العزفِ! أذكُر أنَّك قد أبهَرت جميعَ الحُضور خلالَ حفلةِ تخرُّجِنا من المَدرسة الثَّانويَّة. "

استَحييت القولَ أنِّي تخلَّيتُ عن حُلمي بعدَ أن كِدتُ أضمّه، لأتزوَّج حُبَّ حَياتي!

" ربَّما لم أحبَّه كما ينبَغي. "

كذَبت.

لم ننزِل بالطَّابق الأوَّل بل بالطَّابِق الثَّاني، خِلت أنَّه مُشابِهٌ لنظيرِه بالأسفَل ولكِنَّه أضيَق مِنه، ليسَ فيه سِوى باب واحد، اقتادَنا إلى غُرفةٍ شاسِعة تختلِفُ كثيرًا عن مكتبِ السيِّد بيون، لمسةُ سومين واضحةٌ عليها، فالجُدران زهريَّة باهِتة تُضاهي رِقَّتها، والسَّرير فاخِر يشغلُ حيِّزًا عظيمًا منها، ملاءَته بلونِ السَّتائر النَّاصعة، وكم تألَّمت حينَما سردَت لي تجاعيدُه ما يدورُ فيه كلَّ ليلةٍ بينَهما!

بعدما أعدَمت آهاتي سألت باستِغراب.

" لماذا أحضَرتني إلى هُنا؟ "

" لديَّ الكثيرُ مِن المَلابِس مدفونةٌ في الخِزانَة لأنِّي ما عُدت أستعمِلُها، أردتُ أن أمنَحك بعضَها، لإغواءِ جينوو ربَّما. "

غمزت لي في نِهايةِ كلامِها، ولم تفتَح لي مجالًا للرَّفض، إذ قيَّدت يدي وجرَّتني نحوَ الخِزانَة الكبيرة المُواجِهة للسَّرير... أحسست بالسُّوء تجاهها حينَما تمنَّيت لو تفتَح بالخَطأ جانِب بيكهيون مِنها، وتسمَح لي بإلقاء نظرةٍ عفويَّة على ملابسه، أكرَه نفسي كُلَّما قارنتُ لُطفَها معي بالخناجِر الَّتي أطعنُها بها في ظهرها دونَ قصد.

أدركت أنَّها قد فرَزت ثيابَها، وقرَّرت ما ستُعطيه لي سابِقًا، حينما أفرغَت الرفَّ العُلويَّ كُلَّه دونَ سواه، ونقَلت مُحتواه إلى السَّرير، حيثُ جلسنا... لم أستطع التَّركيز مع أيٍّ من كلامِها، وفي لحظةِ جنون، رُحت أتلمَّس المُلاءة، مُتسائِلةً ما إذا كانت هذه جِهة نومِه، أم أنَّها الأُخرى، إلى أن مدَّت نحوي سُترةً صوفِيَّة مِن النَّوع الَّذي أُفضِّله.

" فلتُجرِّبيها. "

امتَثلتُ لطلبِها كاعتِذارٍ على ما بدَر عنِّي، فتشابَكت أنامِلها بدراميَّة.

" إنَّها على مقاسِك تمامًا. "

توالَت المَلابس على جسَدي دونَ اعتِراضٍ مِنِّي، رغمَ أنِّي شعرتُ بالقليلِ مِن المذلَّة. سُرعان ما أقنعتُ نفسِي بأنَّها صديقَتي، ولا بأسَ إن تبادَلنا حاجِياتِنا. وضَّبت القِطع الَّتي تنازَلت لي عنها في حقيبة، ثُمَّ أطلَقت سراحِي أخيرًا.

لا أنكِر أنِّي أقضي وقتًا طيِّبًا معَها، على الأقلِّ لا أشعُر بالوحدة، ولا أفكِّر كثيرًا.

قابَلتُ الكولونيل على الدَّرج، فتخاذَلت خطواتي كأنَّ وجودَه صخرةٌ ثقيلة وقعت على كاهِليّ، بالَغت في التفرُّج عليه، وتفحُّص مظهرهِ الأنيق، لكِنَّ عدَستاهُ لم تنحازَا صوبي ولو بخُطوَة... بخجلٍ أسدلتُ بصري آملةً أنَّه لم يُلاحظني، ومررتُ بجِواره كنسمةِ هواء، تكادُ لا تُحرِّك شعرة.

اشتَهيتُ أن تُضمِر الأيَّامُ لنا خلوة تروي شوقي لصوتِه الأجشّ، ولمنظرِه عن قُرب، لكِنِّي ما حظيتُ بها. نتقابَل باستِمرارٍ كُلَّ فجرٍ وسَحر في السيَّارة، أحيانًا بالمنزل أو بالثَّكنة، يجمعُنا حيِّز واحد وعالمان مُختلفان، بينَنا خُطوتان بحجمِ المجرَّة، كأنَّنا لن نجتمِع مهما اجتَمعنا!

ها هُو ذا اليومُ الثَّالِث مِن الأسبوعِ يلفِظ أنفاسَه الأخيرَة، حيثُ ارتَكنت سيَّارتُه مِن طراز jaguar قُبالَة القصرِ، وكسرَت أنوارها عتمة اللَّيل. تجشَّأت أجسادُنا المُتخمَة بالتَّعب نهايةً أُخرى، ما إن سقطت أقدامنا على الأرض، انحنَيتُ وجينوو للكولونيل الَّذي سبِقَنا إلى الدَّاخِل، قبل أن نسير نحو كوخِنا الصَّغير. بِعفويّةٍ التَفتُّ إلى الورَاءِ أُشاهِدُ غُروبَه بأُفق الباب، ثُمَّ بخيبةٍ نظرتُ أمامي.

وضعتُ حقيبَتي على السَّرير، وغيَّرت ملابِسي في الحمَّام إلى فُستانٍ مُريحٍ، أضفت فوقَه سُترةً رفيعة طويلَة الأكمام، لفتَت انتِباهي مُذ وهبتها لي سومين، أمَّا زوجي، فحبَّذ الاحتِفاظَ ببذلته حتَّى نتعشَّى، هو لا يمتلِك غيرها، يرتديها طوالَ فترةِ العَمل. قبل أن نخرُج، سمِعنا صوتَ تهشُّم للزُّجاج، وصُراخًا عالِيًا قادِمًا مِن القَصر!

" ما الَّذي يحدثُ هناك يا تُرى؟ "

" لا أدري. "

حاولتُ التَّظاهُر بعَدم الاهتِمام، رغمَ أنَّ القَلق فرمَ صدري، فكَّرتُ في النَّومِ بِلا عشاء خِشية أن نصطدِم بأحدِ أفرادِ العائِلة بينما نحنُ في المَطبخ، لكِنَّ جينوو أخَذني مَعه، ليسَ مِن أجلِ تأمُّل وجهي بالطَّبع، بل لأُسخِّنَ لهُ الطَّعام.

ما إن أدرَك الشَّبع حتَّى ارتدَّ إلى حُجرتِنا، وتركَني بمُفردَي أُصارِع الأطباق. وضَّبتُها في السلَّة، ثُمَّ أعدَمتُ الأنوار، ضممتُ جانِبيّ السُّترَة إلى صدرِي، وتمشَّيتُ على الرَّصيف الَّذي يُطوِّق المنزِل، ويفصِل بينَه وبينَ ثرى الحديقَة. لا يزالُ المِصباح الخارِجيّ مُتوهِّجًا، بفضلِه رصدتُ الرَّجل الواقِف بجانِب الطَّاولة، علِمت هويَّته منذ اللَّحظة الأولى؛ الكولونيل، كانت شفتاهُ تحتضِنانِ غليونًا، يتصاعَد الدُّخانُ مِن فوهتِه المُمتلِئة بالتَّبغ، ومِن ثغَرات مُحيَّاه كُلَّما أخذَ فاصِلًا قصيرًا بينَ الجُرعَة والجُرعَة... ما ألمَّ بِه ليُقايِضَ الرَّخاءَ بالأذيَّة، كما لو أنَّه يائِس مِن إيجادِه بينَ أسواقِ الوقت؟

هل للشِّجارِ الَّذي نشَب مُنذ قليل علاقةٌ بذلِك؟ ليتَ بوسعي التَّخفيف عنه!

التفتَ إليَّ حينَما تنبَّأ بوجودِ طرفٍ ثانٍ في الأرجاء، ثم أخفَض الغليونَ، واقتَرب مِنِّي بخطوات حثيثة، ظننتُ أنه سيتجاوزُني لأنِّي قبضتُ عليهِ يُدخِّن، لكنه تريَّثُ أمامي، وصفَعني بقُوَّة!

" كيفَ تجرُئين؟ "

-

guess who's back 😌💃

ياااه اتس كامي 😂😂

مرحبا بخفافيشي باتوومن اين يور اريا 😳

طبعا قلت الفصل ما بدو يكون طويل حتى اعدل بينها وبين بيليونير بس شو بدي اعمل اندمجت وطلع هيك 🐸

واضح اني منحازة لجسد!

vogue
كانت موجودة بالفترة تبع الرواية وحتى قبلها بكتير حسيت رح تضحكو فقررت وضح
😂😂😂😂

شو رايكم بالفصل! 😂

اكثر جزء عجبكم وما عجبكم!

بيكهيون!

سايا!

سومين!

جينوو!

تتوقعو ليش عطاها كف لف وجهها لف!

من البابونج للغليون حلو التغيير 😂

حقير بيكهيون صح!

فكركم الكف يخليها تصحصح شوي!

دمتم في رعاية الله وحفظه 🍀

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro