CHAPTER 4
❁
❁
مرّ على تلك الحادثة شهران، أيحق لي تلقيبها بذلك؟ إنها كارثة بحق، بل وألقيت بنفسي إلى الجحيم. إلى الآن، لم أجد عملًا آخر، الحياة أضحت تكرر لكماتها مرارّا خلال أيامي الماضية. بداية بأن الاِسم الجميل الذي منحني إياه جدي نشر بأشهر الصحف كحبيب للسيدة هان ميني! هل هو كذلك؟ كلا! بالتحديد تم نعتي بالسندريلا ذات الراتب المحدود الذي وبحق الإله قد خسرته.
لما كان عليكم الظهور حينما فقدت صوابي؟ إلى هذه الثانية أجهل كيف أذنت لعقلي الأبله حق التصرف ومحاولة تقبيلها. من الجنون أن أشعر بالاِنجذاب إلى شخص تدرك كل ذرة بقلبي أنّه كتب بحبر الاِستحالة في دفتر قانون المستحيلات.
كنت قد أرسلت إلى ميونغسو مدير الموارد البشرية خاصتنا ورقة اِستقالتي، رفض تسلمها في البداية بينما قد طلب أن أفكر مليا. إلى متى؟ إنني واثق، لقد وضعت تحت الحرمان من فرصة للعدول عن قراري الأحمق.
بالفعل، بعثت هايون لي رسالة صوتية بصراخ خافت.
-اِنتهيت..، لما فعلت ذلك؟-
حتما تقفز خلف باب مكتب زوجها ميونغسو بجوار حجرتها. لم يكن بوسعي تقديم اِعتذار لائق عمّ أتلفته بتلك الفضيحة رغم أنّ أوه سيهون أخذ النصيب الأكبر منها، تحت عنوان الخائن وأميرات هان كانغهـو.
جميع المقابلات باءت بالفشل، بالتحديد قُبلت بالرفض خلال جميع العروض، ربما بسبب ما حدث؛ فإنني لا أشك في مقدرتي. إنّ سجلي باهر وكم أشاد غالبية رؤساء هذه الشركات من قبل على حسن عملي المجد. أستغرب فقط كيف تغير رأيهم الآن!
لن أنكر أنّ فقاعة خيبة أملي تفاقمت، سأنفجر من القهر عاجلًا أم آجلًا!
بطرف نافذة المطبخ أقلب قنينة جعتي وأحملق بساحة حينا الفارغة. نقرت قطرة مطر باردة جبهتي قبل أن تنهمر السماء المظلمة بشكل غزير. لم يكن بي مزاج للنهوض، بقيت ببقعتي إلى أن هدأت؛ فحاولت النهوض ووضعت قدمي عند الحافة؛ فاِنزلقت بي.
لوهلة لم أكترث، لولا أن أخوايّ اِحتضنا جسدي باللحظة الحاسمة لكنت مهشم العظام بالأسفل. أرسى شقيقي الصغير يده على جبهتي، وتيقنت حينئذ أن وضعي قد إزداد سوءً؛ فنظرة الخوف المرتسمة على محياهما لا تعني سوى ذلك.
همس أخي مين يونغ بحذر:
«اِسترجعت وعيك؟»
غمغمت ولم يكن بلساني رد، اِستندت بكتفه ووثبت إلى الداخل. لحقا بي إلى الغرفة بينما تجاهلت ذلك ودلفت لأخرج بعضًا من ثيابي لأغتسل. مراقبتهما لي باتت مزعجة فور محاولتهما منعي من الخروج في حين أقفل جي يونغ بوابة المخرج ثم أغلق على ذاته في المطبخ.
«ماذا الآن؟»
اِستنكرت ذلك بهدوء؛ فمدد مين يونغ بسمته:
«ما رأيك بقضاء العطلة برفقتنا؟»
دحرجت بؤبؤاي ثم حركت رأسي نافيا ظنونه.
«لا أفكر في أذية نفسي..، كان الأمر حادثا.»
لم يتقبلا حجتي؛ فأضطررت لاِصطحابهما معي إلى الشركة، اليوم وبهذه الساعة، إنها معتادة على الاِختلاء في شقتها. لم أجد فرصة لألملم مكتبي ولا أريد مواجهة محرجة بعد الذي حدث.
لم يتم فتح حجرتي من الأساس؛ فقد نسيت تغيير كلمة السر.
اِبتهج الحراس لرؤيتي، وحضيت بعناق مواساة في حين هتف هانساغ بآسف.
«لقد اِفتقدك الجميع.»
باِستثنائها، موقن من ذلك!
اِبتسمت مرغما ثم سألته.
«تبدو الأجواء هادئة..، هل تم تسريحهم باكرًا؟»
همهم ليجيب:
«الرئيسة لم تأتي منذ يومين.»
ستكون برحلة ما، وإنّنا بأبواب نهاية الأسبوع. ذلك كان بصالحي، تركت أخواي معهم ثم أدبرت مسرعًا إلى منزلي الذي بالرغم ما قد تلقفته من آلام به، لقد أحببته وكنت فخورًا بما صنعته حينما كنت جالسا فوق ذلك الكرسي.
اِستجمعت عزيمتي لأجمع ما تركته بصندوق كارتوني، مذكراتي وكل ما تعلمته بين هذه الجدران. لقد أضفت الاِسبانية والألمانية إلى سجلي خلال عملي وكنت مفيدًا ومميزًا. عملت بليال مثلجة وأخرى حارة رغبة في التطور، كي لا أكون مجرد سكرتير قد تحظى بمثله.
«ما الذي تفعله.»
برود نبرتها لم يكن سؤالًا، اِستدرت بفزع وقد كانت بمنتصف الباب. ليست بزي العمل، إنها تلتف بفستان أسود طويل بلا أكمام، أستطيع رؤية فروهتها به، وأحمر ثغرها جعلني أبعد ما بين شفتاي. ما حدث أيقظ بي ذكرياتي من الماضي، إنّها فقط كانت تتعامى عن نظراتي المعجبة.
لست بآلة وهي تدرك ذلك، لكنها لم تكن تكترث؛ فلست برجل يستحق.
تمزق صوتي وحررت حروفًا متقطعة؛ فدحرجت عدستيها ومضت إلى رواق جناحها. حينئذ صنعت زفرة ثم حاولت الاِسراع كي أغادر. ملأت صندوقي برعونة، وكنت أبتغي الفرار كالأبله. خطوت بعض خطوات مترددة، إنّ بحلقي كلمات كثيرة كبحتها، أشتهي الإفراج عنها لكنّني لا أجد ما أقوله.
ما الذي أريده بالتحديد؟ لأرتاح وأنقلع إلى الجحيم الذي أتيت منه. ألقيت الصندوق فوق الطاولة ثم توجهت إلى مكتبها، طرقته لأستأذن. لم تكن بمقعدها وسكنت منتظرًا ظهورها من حجرة التغيير. عادت مرتدية قميصا أزرق وحشرت حوافه بتنورة قصيرة من الجينز.
رغم أنها أزالت حمرة شفتيها لكن تأثيرهما لازال قائما. تنهيدتي تسربت بمشقة ثم أثويت رقبتي لتحيتها.
مررت نظرتها الجافة بي وإنها تريد تبريرًا لمجئي. ذكرتني بموقعي كي أستيقظ من الجنون الذي ربما تأجج بسبب ما تجرعته بالشهرين الماضيين.
«أردت شكرك.»
قلت بصدق؛ فرفعت حاجبها الأيمن، إنها تستغرب ما قلته.
«سعيد برؤيتك.»
لم ترد، مسحت هيئتي بعدستيها ببرود. إنها لم تنظر صوبي قبلا بهذه القسوة؛ فنبست بتردد.
«سيدتي.»
شقت ثغرها ثم تغاضت عن وجودي، حملت حقيبتها وملف المشروع.
سددت مقلتيها نحوي لأستوعب أنها تلمح لاِندثاري منه، اِذعنت لتغلق البوابة خلفها ثم ذهبت وكأنني لا أُرى.
«سيدتي!»
هتفت بيأس؛ فخمدت قدماها عن التحرك، في حين لملمت صمودي وتلفظت.
«أتمنى أن لا تبقي على غضبكِ مني.»
أدارت جسدها لي وتعابير علمت منها أنها قد اِمتلأت حنقا وستفرغه بي!
«إنكَ تخلط الأمور..، من أنت لتحقق غضبا بي؟»
صرّت من بين أسنانها؛ فتعتع لساني بينما أضافت بإزدراء.
«هل ثملت مجددًا؟..، أم أنك تجهل حقيقة أنك مجرد موظف سابق..، ليس له الحق في العودة.»
«لا أخطط لذلك!..، أود الاِعتذار فحسب!»
بمرارة صرحت لكنها أسست ضحكة ثم لجمتها.
«من المضحك أنك تعلي من قدرك كثيرًا.»
ما قالته طعن قلبي، ولم تكتفي!
«أنظر إلى نفسك جيدًا.»
أزحت مقلتاي عنها في حين تسلت بإهانتي.
«لم ترتفع ولو بذرة واحدة..، كما أتيت إلى مكتبي قبل سبع سنوات..، هـا أنـت.»
بسطت ثغري بضعف وأرجحت بصري إلى مكتبي. ما إزدرمته برفقتها من المحال أن يكون خارجه صفر، هل حقًا لم أحقق تقدمًا؟
«خذ أشيائك..، ولا تقتحم حدودي مجددًا.»
فاهت؛ فغمغمت بعد صمت طويل، لم أنظر نحوها، تقدمت لأحضر صندوقي وتركت البوابة مفتوحة حتى تتكلف بتغيير كلمة السر. أسرعت لأتلاشى بعيدًا عن أنظارها، لم أدلف المصعد لأنها ستتوجه إليه، فضلت المرور بالدرج وهويت عندما تجاوزت بضعة درجات لم أستطيع عدها.
فؤادي يحترق، إنني أتألم، قطرة دافئة بلغت خذي جففتها بظهر يدي. لست معتادًا على البكاء، لكنّ القهر فاق مقدرتي. إنها دحرتني وكأنني لم أكن قبلًا، ألا أعني لها شيء؟
لما قلبي يتساءل عمّ أعنيه؟ إنني موظف وضيع بلا عمل الآن. عالة على عائلته وعليه أن يجد حلا.
رنين هاتفي كنت سأتجاهله، لكنني تذكرت أنّني قد نسيت أخواي بالخارج، ألقيت نظرة وما كان ذلك سوى من بريدي الالكتروني، إنها رسالة طلب للحضور إلى مجموعة شركات كيه لاِجتياز مقابلة عمل كمدير للعلاقات العامة.
لا أتذكر كيف وثبت إلى حيث كانا شقيقاي إزاء بوابة المخرج رفقة هانساغ، البهجة التي بوجهي أججت اِستغرابهم. قمت بتوديع الحراس وسحبت ذراعيهما. رغم إلحاحهما الجامح لم أسرب ما بجعبتي؛ فعليّ أن أضمن ذلك المكان أولًا.
ليلتي لم تنم، أستغرب أنه تم اِختيار بدون أن أترشح من الأساس، لم تكن ضمن مخططي؛ فإنهم منافسوا شركتنا.
رغم ذلك اِستقمت وتجهزت لأعلم غايتهم، كنت عند الموعد كعادتي، قابلت سكرتيرته سومي وأخبرتني أنّ الرئيس كيم يريد مقابلتي بشكل شخصي.
أغرت مكتبه وتلبدت؛ فإنّ بمقعده شخص آخر!
إنه وريثه الوحيد، كيم كاي!
قهقه ثم اِستقام لمعانقتي، ظننت أنه مازال باليابان!
«ألم تشتاق إلي؟»
سخر ووجه كفه إلى المقعد أمامي حتى أتخذه مجلسا، اِرتمى فوق كرسيه ثم وضع أصابعه فوق بعضها وباشر بالحديث.
«كما ترى..، ترك العجوز مكتبه العزيز لي!»
الفرحة بوجهه أسعدتني.
«إنك تستحق ذلك.»
تبسم ثم قال بخفة.
«من الصدفة أن مديرة العلاقات العامة اِستقالت أيضا لأنها ستتزوج..، وكنت أول اِقتراح أفكر به.»
«أتعلم أين كنت أعمل؟»
نبست بحذر لكنّه لم يستبدل سكون ملامحه.
«أدرك أيضا أنها حظرت وجودك..، لقد تم إِعلام جميع الشركات بأن ترفض مقابلاتك..، أخبرني مدير الموارد البشرية بذلك.»
تجمد الدم بعروقي، الصدمة حقا أخذت نصيبها مني، إنني أعرفه جيدًا قبل أن أقابلها؛ فلقد كنت وتشانيول ببداية حياتنا العملية هنا حينما كان والده لازال يترأس مجلس الإدارة.
إنّ كاي ليس من النوع الذي قد يتلفظ بكذبة عشوئية للمزاح.
«لما فعلتْ ذلك؟»
تكبدت جهودًا كي لا يستوعب تأثري، لكنه تساءل بنبرة متهكمة.
«كن صادقا..، أكنتما بعلاقة؟»
لم ألتزم الصمت، نفيت ذلك بهدوء.
«كلا..، كنت سكرتيرًا فحسب.»
صنع زفرة صغيرة ثم دحرج الحديث إلى موضوع آخر.
«مازلتُ مدينا لك..، لم أنسى اِجتماع اليابانيين!»
يا إلهي..، ثماني سنوات!
بذلك الحين، أوقع ذاته بورطة اِجتماع وشركة يابانية لبناء فرعهم بطوكيو، طلب مساعدتي وتفاقمت الكارثة. بالنهاية لعبت دوره وكنت كيم كاي لمدة ستة أشهر.
عندما علم والده، طُردت وتشانيول بينما نفى اِبنه ليدير فرع اليابان كعقاب.
«ما رأيك؟»
لن يكون هناك خيار آخر لألجأ إليه، الآن عليّ أن أكون بضفة عدوها، بقبولي، سيحتم عليّ مواجهتها بشكل مستمر.
كنت منغمسا بالتفكير حينما اِقتحم تشانيول المكتب بصينية القهوة، حدق بيننا بعيونه الجاحظتين وأوشك أن يسقطها في حين قهقه كاي بمرح!
«ماذا تفعلانه هنا؟»
تأتأ؛ فأجبته.
«مقابلة عمل.»
تلفظ كاي ببشاشة:
«إنه لا يدرك سبب مجيئه..، فلم أعلمه بوجودي.»
وضع ما بين يديه على طاولة المكتب ثم نظر إلي.
«أهذا كيم اِبن كيم؟»
«شبحه فقط!»
تهكم كاي؛ فاِستوعب صديقنا واقعه عندما نهض ليستقبل عناقه.
«والدك حذرنا من الاِتصال بك وإلا سيدمر حياتنا!»
هتف بآسى؛ فرد كاي بتذمر كذلك.
«أكلت تلك الصفعة أيضا!»
ضم كتفيّ تشانيول بذراعه وأداره إليّ قائلا!
«اِبتداء من الآن سيكون تشانيول مدير العلاقات العامة!»
رمقته باِرتياب في حين وجه تشانيول عيونه الواسعة إليه بذهول؛ فإن هذه المقابلة كانت لأجل ذلك!
لم يتأخر في الرد، قال لي ببسمة عريضة.
«لأنك ستكون نائبي!»
انتفضت وهدرت بصخب:
«فقدت صوابك كيم!»
«تَتذكر ذلك؟..، أبي قال الشيء ذاته قبل ثماني سنوات..، لكنه منحني موافقته الآن.»
حلّ السكون للحظات وكان من بتره؛ فإنني لم أصدق أن السيد جونغ هون سيتقبلنا مجددًا!
«الأمر ليس لأننا تلقينا تهديدًا من العصابة اليابانية..، أو لأننا توهنا بروسيا واِنتهى بنا المطاف بإيجاد جثة جندي ألماني مقتول..، وليس بسبب أن المافيا الإيطالية قامت باِختطافنا..، ذلك لم يكن كافيا ليكرهكما!»
«نسيت ما حدث ببانكوك.»
نبس تشانيول؛ فرمقناه ببرود جعله يخفي شفتيه بداخل فمه.
إنه أسبوع لن يتكرر أبدًا!
تبسم كاي بعد ذلك ثم وزع بصيرته بيننا.
«مرحبًا بعودتكما أيضا.»
❁❁❁❁
Bangkok- 14.05.2015.
❁❁❁❁
-ماذا بتوقعاتكن؟
-ما سبب تصرفها البارد معه؟
يـتبـع....
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro