CHAPTER 25
❀❀❀❀❀❀❀❀
حـاولت أحدث 🙂
الواتباد كان كده عنـدي فما عرفت اش صاير 🙂
❀❀❀❀❀❀❀❀
رموش جفون عيون ميني نسيت مقدرتها على التحرك، أدارت بصرها كرجل آلي برواق المستشفى الذي اِستقبل ليلتهم. كان حارسها الشخصي خلفها وإنه قد أبقي لمراقبة خطواتها دون أن يكسر حريتها في التجول.
كانت تلك أوامر السيد تاي جين والد خطيبها لي وون، لم يستطع التواصل مع والدها منذ أن غادر قصره؛ فلم يكن بسعته إلا حمايتها إلى حين قدومه. تركت ميني ذلك الضخم خلفها وكأن لا جنان بجسدها، مضت حافية القدم بينما الأخرى قد دستها بحذاءها ذا الكعب المتلألئ ذاك.
لم تنظر صوب الممرضة التي اِستوقفت مسيرها كي تسألها عن سبب مغادرتها سريرها. أذانها صماءً، فقط رنين حاد يدق طبوله بهما كما لو أن أظافر تخدش سطح أملس بجوارها.
تلك اللحظات الجحيمية قد تراكمت بخلدها، أوشك جوفها على الاِنفجار؛ فتنهدت بتقطع وهي تتذكر ما حدث بينهما. عندما بلغ ذلك المسحوق وجهها اِنتابتها نوبة سعال جنونية، شهقاتها تداعت ثم تلقفت صفعة من تلك المرأة أرقدتها أرضـًا.
اِعتلتها دويون لتعتصر رقبتها بقبضتين من القسوة؛ فتسربت دموع ميني لكنها لم تستطع فتح جسر عدستيها، تلك المادة الحارقة كبحت قدرتها على الرؤية واِكتسحتها رغبة شاقة للنوم. كانت يديها فوق كفيّ تلك السيدة في حين تأتأت ببحة متمزقة لتتوسل أن تلغي ما تنوي فعله، لكن ما تلقته كان صدى صاخب لضحكة عميقة زعزعت أطراف الغرفة كالرعد.
بسطت دويون بعدها وجنتها فوق خذ اِبنتها وهي تهتزّ بقهقهاتها المريضة.
«إنـكِ تشبـهيننـي حـقـًا.»
غمغمت بنبرة ناعمة في حين أفرجت الرئيسة هـان عن بؤبؤيها ببطء وإنّها لم تلتقط من الصورة التي أمامها سوى الضباب.
«مـا..، الـذي..، تـريـدنـه..، بهـذا.»
نطقت ميني بمشقة كانت بين أنفاسها الأخيرة قبل أن تفقد وعيها، لكنّ رد تلك المرأة السام بقيّ عـالقـًا بسمعها.
«أنـتِ..، اِبنتـي..، أنـا!..، هـان مـينـي!..، أنـتِ اِبنتـي!»
ذلك الصوت قد أنزل ميني إلى لب بؤرة هيجان منفعل جعلها تندفع بيديها بغتة حتى تدحر جسد الممرضة إلى أن آرتد منبسطـًا على الأرضية. اِنكمشت ذات الرداء الأبيض في بقعتها من الفزع لكن مريضتهم الجديدة لم تصنع ردة فعل آخرى كما خشيت، لقد تقدمت ميني بهدوء إلى أن أضحت بمنتصف قاعة الاِنتظار.
خلعت الفردة المتبقية ثم بدأت بنزع الدبابيس التي تتبث ضفائر خصلاتها.
«رجـاءً سيـدتـي..، لم يسـمح لكِ بالخـروج بعد.»
اِضطر الحارس للتدخل حينما دشنت كواليس تلقت منها همسات الاِرتياب، لقد أصبحت فرجة أمامهم بلا اِستئذان، وإنها لم تقوى على فظاعة نوبة الجموح تلك. تشعر أنّ ما ترتديه به أشواك تنقر بشرتها المفرطة للحساسية، ليست بخير، بل إنها لم تستطع الاِنكار أن فؤادها تحت تأثير لعنة ما قد ألغت سيطرتها على تصرفاتها.
تخللت خصلاتها بأصابعها وكأنها بحالة نشوة حمقاء، كانت تستعد لتنزع حمالات فستانها لكن قبضتا خطيبها اِستأثرتا معصميها وجذبهما إليه. بقدومه رحل الحارس بعد أن اِنحنى إليه؛ فتجاهل وون وجوده ثم بصق من فمه زفرة حانقة منخفضة.
تفحص وجه ميني الممتلئ بالحقد ثم أفرش اِبتسامته. لقد تخبطت كي تحظى بحريتها لكنه متن حصاره وضغط على رسغيها وكأنهما اِسفنجتين. حينما تأوهت ثم تولت بمكانها من الألم، لم يكترث لاِنكسارها، ولم يتعاطف مع وضعها الميؤوس منه.
إنه آخر شخص قد ترغب برؤيته الآن، وإن صورته المستهزئة بها قد أزمت اِنهيارها. اِشتهت بمرارة متغلغلة أن تفسد وجهه الوسيم ذاك بأظافرها؛ فزمجرت من بين أسنانها باِسمه لكنّ نظرة الاِستمتاع تلك لم تتلاشى من محياه المبتسم بالمكر.
شيد ضحكة مصطنعة ثم بعث إليها قبلة بشفتيه، ركلته مرارًا وتجنب ساقيها بتبرم ثم بغتة اِسترجع أحد قبضتيه ليتجهز لصفعها. تعامى عن أعين البشر إزاءهما وأفواههم التي اِتسعت بالثرثرة، غايته لم يكتمل بل علقت في الهواء؛ فقد اِندست قبضة قوية لتعيقه. اِلتفت إلى صاحبها واِرتفعا حاجباه لتشانيول الذي ضرب صدره لينكب عنها وصدمته.
أدخل جسده بينهما وذراعه اليمنى المحشورة بمثبتها الأزرق لازالت تنبض بالوجع الحارق، عنقه مزدهر بطفح جلدي زهري اللون؛ فقد زارت فمه مادة الكلوروفورم عندما قضم طرف فستانها ليصعد بها إلى تلك الشرفة.
كان الصداع يسبح بجذوره لتنغرس بجلد رأسه؛ فكم تأكلت أعماقه بالتفكير قبل أن يقرر التسكع عسى أن ينجو من تكهناته. لقد أجبر كذلك على حضور مسرحيتهما وإنه كان واقفـًا خلفهما قبالة آلة القهوة ليحتسي كوبـًا قد يساعده على تخمين خطوته التالية.
تلقى تهديدات من والد هذا الرجل كي لا يسرب أي لعنة عاشها بتلك الساعات الماضية، ذلك كان كافيا حتى يفهم أنه صار جزء من شيء يجهل نتائجه.
«مـا اللعنـة مـعك بـارك تشـانيول؟»
طنز وون من اِندساسه المفاجئ، وإن ذلك الطويل قد أقتلع حقه في الرد. لقد دفعت كتفه بخشونة كي تنطلق بركضها؛ فلحق بها وون إلى أن اِستأثر تشانيول ذراعه مجددًا بأحد الأروقة التي تقود إلى المخرج.
«يكـفـي..، دعـهـا وشـأنـها.»
«هـل وقـعـت فـي حـبـهـا؟»
اِسترجعها واِستعر به؛ فرمقه تشانيول حينئذ باِستنكار واِمتعض من تعليقه.
«حـتمـا بكَ عـلـة مـا!»
أجاب وون بإزدراء ليستفزه وإنه قد نحر مخططه في تتبعها؛ فلا يبدو أنه سيستطيع ذلك ما لم يتخلص من هذه العقبة الشاهقة العنيدة.
«أكـانت متـورطة به فقط..، أم جمـعتكمـا بسـلة واحـدة؟»
كاد تشانيول أن يداهم ياقته لكن لي وون لكم كتفه المتألم؛ فتراجع بملامح متجعدة وإنه قد كظم أنينه بثغره.
«اِستـيقـظ أيـهـا اللعـين الأبـله..، إننـي أنـقذكما..، فمـازلت أكمـهً عن ذلك الوحـش الذي بـداخـلهـا..، فقط اِسـأل صديـقك ذاك عـنهـا.»
حرك تشانيول رأسه وهو يلتقط أنفاسه ببطء ثم أعاد الاِستقامة لجدعه قائلًا.
«إذًا..، بدأت أستـوعـب هـدفك الآن!»
ضيق وون جفنيه اللذين احتدت عتمتهما شيء فشيء بينما تلفظ تشانيول بنبرة متهكمة.
«تريد الاِنتقام من بيكهيون..، لأنك لم تبتلع بعد حقيقة أن يـونغـي أطاعت أمـره بلا تردد وتطلقت منك..، فماذا توقعـت؟..، لـن تـقارن بـه!..، تقبل أنك مهما ستفعل لن تخدش الوعد الذي بينهما..، لـذا تـبتغـي سـرقـت الفتـاة التـي يريـد؟..، يالك من ملعـون.»
شق الطويل فكه حينما خسفت تقاسيم التسلية عن غريمه، لكن وون اِنفجر بعدها ضاحكًا.
«فقـدت صـوابـك؟»
ثار تشانيول به ليدافع عن ظنونه بشراسة؛ فلا يعتقد أنّ هناك سببا آخر قد يجعل لي وون يستفرغ بفكرة الزواج المفاجئة وإنّ كيم كاي لم يبالغ قط في وصف كره هذا الرجل وهـان ميني المتبادل؛ فبينهما عداوة الأفعى واِبن عرس منذ طفولتهما.
«حـبـًا بالخـالق..، اِنسـى أمـر آه يـونغ..، فزواجـكما كـان خطـأ فـادحـًا منذ بـدايتـه..، وإنك تـعي فـظاعتك أكـثر من الجـميع..، أمثـالك لن يستحـقوا حب اِمـرأة مثلـهـا..، كمـا تـرى بيكهيون لم يـذنب بقـراره..، لـن تعـود إليك لـي وون!..، اِفـهـم ذلك!..، إن قصـتكمـا خـتمت!»
وثب ليعتصر ياقة قميص المستشفى الأبيض الذي يلبسه لكنّ تشانيول لم ينزاح عن بقعته بل لوى ثغره وتركه لغضبه، حافظ على هدوءه ثم أطلق قهقهة صغيرة عابثة عندما أوصد عنقه بأصابعه المرتعشة.
«أيهـا السـافل..، من أذن لكَ التحـدث في ما لا يعنيـك؟..، هـا؟..، سـأقتلـع حنجـرتك من مكـانهـا.»
رمش تشانيول بجفونه الواسعة تلك ثم أخرج شفته السفلى ببراءة، لم يكتفي بتصنع ذاك المشهد ليستهزئ به، همهم بعدها برقة ساخرة ثم تمتمت بالنغمة ذاتها.
«هـل جـرحتـك؟..، قلبـك الصغير لـم يتحـمل؟»
بسط كفه على صدره وفاه بتأوه درامي.
«أوه، يـا زلـة لسـانـي الملعـونة!..، لـم أنتـبه حينمـا دعـست ذيـل كلـب أحمـق!»
سدد وون إليه لكمة إلى فكه لكنه تصدى إليها بكفه الأيسر، بتلك الثانية اِنقلبت ملامح تشانيول من التهكم إلى البرود السام.
«إنـك تـجـهـل معـدنـي أيـهـا الـوغـد..، فـلـم يخـلق بـعد مـن يـؤذي أخـي وينجـو بفـعلتـه بينمـا أنـا مـوجـود.»
اِنفصلا بحدة ثم شخر وون وتصفح هيئة الطويل باِحتقار قبل أن يدير بؤبؤيه بملل ثم اِستدار كي يرحل؛ فقد اِعتبر أن ما يحدث مضيعة الوقت لكن تشانيول هتف بسخط وحد سيره من التقدم.
«ستـلغـي تلك الزيـجـة الفـاسقـة..، اليـوم قـبل الغـد..، وإلا لـن يعجبـك ما سـأفعـله.»
اِلتفت وون إليه وهو يمرر شفتيه مع بعضهما البعض بلا مبالاة، إنه يقين أنّه كعادته سيتلفظ بالترهات لذا منحه فرصة ليتهكم به.
«إن لـم تنهـي هـذه الـلعبـة السخـيفة..»
قاطعه وون مستصغرًا مقدرته.
«لـن تنتهـي..، بـل سـأحـرص عـلى أن تكـون مـدعوًا إلى حـفـل زفـافنـا الأسطـوري..، حـينـهـا اِجـعلـني أرى مـا بجـبروتـك بـارك تشـانيـول.»
مدد الطويل فمه ثم شيد بأصابعه قلبـًا.
«كـم أنـت طـيب للغـاية لـي وون..، لكـن من المـؤسف أننـي سـأعتـذر عـن الحـضور لاِستحضـار أرواح الشيـاطين تلك..، فـلن يسعنـي المجـيء إليكمـا..، وإنـها ستكـون ليلـة زفـافـي وآه يـونغ أيـضـًا.»
خمد الآخر بمكانه محملقـًا بنظرات تشانيول اللامعة بالإصرار، لوهلة أبت دواخله اِستيعاب تهديده، لكنه لم يمتنع عن تكراره وإنه قد قلص المسافة بينهما إلى خطوتين.
«مقصـدي كأشعة الشمـس..، تـزوج تلك المتسـلطـة المختـلة هـان..،فـبـاب الكـنيسـة أمـامك ولـن أقفـله بتعـويذة مـا..، لكـن عـنـد مـذبـح آخـر سـأقـف وآه يـونغ لنتـلو العـهود نفـسها..، حـينهـا سأسعـد أيضـًا بلقـاء جـبروتكَ..، لـي وون.»
صرّ إزاء ملامحه المشتعلة بالكمد، وإنه قد كسر قضبان صموده؛ فاِنهال وون فوقه بلكمات جنونية متتالية، اِرتميا أرضـًا بينما ضحك تشانيول مستمتعـًا بمنظره المتقفقف بالشحناء وإن ذلك قد خفف من وجع ضرباته.
بذلك الحين اِنبثق والده مع شقيقه رين من المدخل الرئيسي، صدما بتلك المعركة وهرعا لينتشلاه عنه؛ فاِهتزّ وون بنيرانه وهو يركل الهواء بكل ذرة من عصبيته.
ألصقه الأصغر بالجدار ثم خاطبه بحزم.
«اِهـدئ!»
عاين تاي جين خراب وجه تشانيول ثم اِنحنى ليساعده على الاُرتفاع، كان وون سيقفز مجددًا لاِفتراسه؛ فدفعه شقيقه ليثبته بين ذراعيه ثم أخرجه إلى الحديقة مرغمـًا.
عندما حرره كان سيعود إليه، لكن أخاه صفع كتفيه ثم قال باِنزعاج.
«لـي وون..، العـنف لا يحـل المـشاكل!»
«بـلا.»
أراد أن يتجاوزه؛ فتمتم بمقلتيه المحتقنة بالدماء قبل أن يحاول الاِنفلات. جذب رين ذراعه عندئذ ثم أرسل إليه لكمة اِنكب بفضلها وإنه قد بقيّ بعد ذلك بمسكن قدميه ينفث لهيب أنفاسه كثور السباقات.
«لا أعـلم ما قد نسج بينكما..، لكـن قتـله لـن يشـفي غليلـك..، فكـر بحكـمة.»
نظر تاي جين إلى عين تشانيول المتورمة وثغره المفقوع، إصابته ليست بالهينة رغم ذلك لم يستشعر بسكونه ندمـًا أو ذرة خـوف حتـى.
صوته المألوف قد ذكره بشخص لطالما نجح في تعكير مزاجه. أنعش بجوف رغبة ملحة لينقب بين خيوط هويته ولم يستغرب النتيجة بل قد توقع أن يكون هذا الفتى اِبن آهـن شـايون الوحيد.
لقد أخذ اِبتسامتها المميزة وغمازتها التي تتأرجح حينما تتحدث. أردف تاي جين شخرة؛ فتبسم الطويل له وإنه قد أطال تحديقاته الناقذة نحوه.
ما تبقى من شكله الوسيم قد حظيّ به من والده بارك هـانيول..
«أنسـيت أحد سـطـورك الشـعريـة عـن التخـلص منـي إن أفشـيت سـركم الجـديد؟..، أتيـت فـي وقـتك..، فقـد اِعتـرتنـي فـكرة وضـعه كإعـلان أمـام بـوابة منـزلي.»
نطق تاي جين بزفرة تعبق بالملل ثم أجابه.
«لـن أكـون منبـع التنـفيذ..، ولا أنصـحك أن تـغرز أنـفك بهـذه المشـكلـة.»
«لـم أقتنـع بعـد.»
نبس تشانيول بخفة ثم رجّ رقبته مستأذنـًا قبل أن يعرج إلى قاعة الاِنتظار تلك، جـاء إليه ممرض كان مختبئًا خلف ذلك الحائط ثم عاين جروحه ليسترق منه عمّ يحاك بينهم.
«أعتـقد أنـك يجـب أن تتـصل بالشـرطـة.»
تأفف الطويل ثم تأوه عندما نقر ذو الرداء الأزرق القطن المبلل بالمعقم على جرح حاجبه الأيمن. كانت الرئيسة هـان حينئذ بمقعد سيارة للأجرة، جففت وجنتيها بظهر كفها وإنّ عينيها أفرجتا عن شلالين من الكحل لطخا فتنتها.
كان السائق يراقبها بتأسف ثم اِستفسر مرارًا بآدب إن كانت بحاجة للمساعدة لكنها حنقت به.
«قـد وأنـت أبـكـم!»
اِلتزم الصمت إلى حيث قد أبلغته؛ فركن إزاء المبنى الذي يقطن به مساعدها السابق بيكهيون.
«اِنتـظـرنـي هـنـا.»
ترجلت قائلة بجفاء؛ فتغاضى عن ثمن تذكرتها واِنطلق في حين تيبست ببقعتها وهي تحملق في إطار سيارة الرجل الذي تحبه. ألقت بداخلها نظرة وقد تمنت أن تجده بكرسيها الأمامي. حينما اِنكسرت الدموع بمقلتيها خطت إلى بوابة شقته؛ فاِستندت برحيبها وأرسلت جبهتها فوق خشبها.
همست باِسمه بين شهقاتها ثم توسلت برنة متعبة.
«سـأمـوت..، بـدونك.»
لمست زرّ الجرس لكن بعد رنينه لم تتلقى مجيبًا، اِستمرت في الضغط ثم لكمته وصاتت بحرقة.
«حـبـي..، لا تـفـعـل بـي ذلك!..، إن أحـشـائي تـتمـزق!»
اِنحدرت بركبتيها إلى تلك الأرضية الباردة ثم طرقت حاجزه بيديها المرتعشتين، لهتت بتنفس مشحون بالمخاض واِبتل محياها بغيث حار قد غسل خذيها. عندما علقت تلك الغصة المرة بحلقها أخذت تضرب بجبينها ذلك الباب، خدشت سطحه بأظافرها أيضا ثم صرخت بآسى وجدانها المتعذب.
«عـليكَ أن تكـون لـي!»
اِنفتح الفاصل عن غرفة معيشته؛ فاِنقطع صوتها بينما اِنتظرت بشوق أن يكون خلاصها قد أتى. آمالها قد تبددت وإن المنبثق كان هيـرا، تمسكت بطرفه ثم مسحت خيالها بعدستيها الخائفتين.
«إنّـه..، ليس هـنـا.»
سمعت ميني صخب الموسيقى المرتفعة من الداخل وإن صراخ شقيقه الأصغر قد زلزل الجدران بغنائه.
بسطت ميني فهها باِتساع؛ فقد عثرت على وسيلة قد تجعله يقدم إلى الجحيم لأجلها. فاجأت كتف تلك الصغيرة بأصابعها ثم تكلمت بدماثة مزيفة.
«لنـذهـب إليـه إذًا.»
حركت هيرا رأسها بالرفض وتشبثت بالإطار بينما كانت تنوي أن تغلقه كما كان.
«قـال لـي خـالي..، ألا أخـرج بـدونه.»
قبضت ميني عندئذ على رسغ الطفلة وسحبتها رغمـًا عنها؛ فكانت ستتضرع للنجدة من جي يونغ الذي كان منشغلا بحمامه، لكن الرئيسة هـان قد أقفلت بتلك اللحظة على شفتيها بسلطان راحة يدها ثم قيدت خصرها بذراعها القاسي.
تخبطت هيرا حينئذ باكية؛ فلقد أفرطت ميني بعصر فكها بلا رحمة ثم خاطبتها بنبرة أرعبت كل اِنش بها.
«اِخـرسـي.»
رغم ذلك أبت الصغيرة طاعتها وقضمت بشرتها الناعمة بلطف.
«إن أعـدتـي فـعلتـك..، لـن تـري أمـك مـرة أخـرى.»
بردهة ذلك الحي صفت إيرين قرب سيارته ثم سلت من حقيبتها السوداء الورقة التي كتبت بسطورها آه يونغ عنوان شقتها الجديدة. طوال الأسبوع الماضي تكلفت والدة هيرا بإنجاز أوراقها وتجهيز أثاثها كمفاجأة لعيد ميلادها الذي رفضت الاِحتفال به.
قامت بزيارة قبر والدتها واِختلت بقربها لساعات دون أن تستدرك الوقت؛ فقد كان هناك الكثير لتحادثها بخصوصه.
تبسمت برقة ثم قرأت كلمات صديقتها المباركة -أمـيرة الثـلـج الخـاصة بـي..، ستكـونيـن أفضـل أم بالعـالم-
بتلك الثانية أراحت أناملها فوق بطنها لتتحسس مضجع جنينها الذي قد اِبتلع شهره الثالث. تنهدت بسعادة قد غمرت فؤادها وتحننت على جراحه القديمة. اِهدودرت بسببها قطرتين دافئتين من مقلتيها؛ فكم تاقت لهذا السلام وإنها قد تجرعت اِجهاضات متكررة لم تعثر على حل لها. أطباؤها قد أجمعوا على اِنعدام فرصتها كي تحظى بحمل آخر بعد أن ولد اِبنها ميتـًا وإنها قد أنجبته بولادة طبيعية لكن نموه لم يكتمل.
شرودها ذاك تزعزع برؤية هان ميني ورهينتها الصغيرة، لم تصدق ما لمحته واُنزاحت عن مجلسها لتتوجه إليهما بحذر. لقاؤهما لم يكن بتوقعاتهما؛ فإن لا لعنة لإيرين بهذه الأرجاء متوسطة الدخل. حينما خسرت ميني مقدرتها على التحرك تحررت هيرا وداهمت ساق صديقة والدتها بعناق.
«عـمتـي!»
طوقتها من الخلف كي تحتمي بها وإنها لم تبصر نظراتهما الجاحظة التي تحولت إلى المقت بتعابير الرئيسة هان. إزدرمت ميني الهواء بعد فجوة من الصمت، لقد آسترجعت رشدها واِشتدت نيران أعماقها لتستنكر زحف خيال وريثة كانغهو الشرعية إلى حيث يقطن رجلها.
«مـاذا تـفعليـن..»
تعتعت إيرين بخفوت؛ فاِنقضت هان ميني بمخالب يدها على شعرها الملفوف ككعكة بها ربطة بيضاء.
تـأوهت حينئذ واِحتضنت خصرها بذراعيها بينما اِنكمشت هيرا برفقتها من الاِرتياع.
«بالـضبـط..، مـاذا لكِ هنـا!»
جاهدت إيرين كي تنتشل ذاتها منها وتضرعت إليها بعسليتيها حتى تبتر هذا الصراع. لكن هان ميني لم تكن بأفضل أحوالها وإن وغرها تفاقم إلى أن أرقدت وجهها بصفعة مدوية وأزالت المسافة التي بينهما كي ترج جسدها المنهك بغليان.
«سـأريـك خـاتمة ألاعيـبك.»
تراجعت هيرا من الفزع؛ فاِلتقطا بؤبؤاها كيان بيكهيون قادمـًا من مقدمة مجمعهم السكني وكيسين مليئين بالمشتريات. اِبتهج محياها عندئذ، ذلك السرور قد أعاد ألوان بشرتها واِندفعت صوبه؛ فلم تلقي بالاً لما حولها، لوحت إليه وصدحت منادية إياه بلهفة مغلفة بالنحيب.
«بـابـا!»
بذلك الحين اِنعطفت سيارة أودي حديثة الطراز لتقتحم تلك الساحة فجأة، بمقعد سائقها كان سيهون وهو يتتبع الإشارة التي بهاتفه لتقوده إلى موقع توقف سيارة طليقته.
اِصطدامه بشيء صلب أرجع بريق تركيزه لما أمامه، لقد دحرت سيارته هيرا لتفترش الأرض على بعد متر من رقعته. اِستدارتا باِرتياع وإنّه قد أبصر أيضا ما أذنبت به يداه على غفلة منه. أنظاره اِهتزت، شعر بالاِحتراق ولم يقوى على النزول إليها. لقد أحدث برأسها بركة حمراء فائضة، لم تحرك ساكنـًا منذ نزولها بتلك الحدة، ومضى بيكهيون بقناعه المكتئب ذاك حتى تنفطر مهجة صدره المكلوم، هـان ميني أمامه ثم إلى صغيرته التي تحتضر. قذف ما بين كفيه ثم تجمد لثوانٍ من هول بشاعة لوحتها؛ فنزل سيهون حينها بخطوات مترنحة وتمسك ببوابة سيارته ليهرع إليها.
«هـيـرَا..، اِبنتـي!»
تلفظ ولم يزدرد أنفاسه حتى اِجتاحته ركلة حانقة من بيكهيون قد أبعدته قبل أن تطأها أصابعه. هوى المدير بيون راكعـًا بعد ذلك وهو يغوص بهيئتها الضئيلة بنظر غطته السحب. لم يتجرأ على لمسها، خشي أن تتأذى بسببه؛ فدرف مطر مقلتيه في حين مد يده المرتعشة إلى رقبتها وكأنها شريحة حامية.
نبضها الخفيف قد أيقظ نبض قلبه وشهق باكيا بينما أخرج هاتفه ليتصل بالطوارئ.
«رجـاءً..، هنـاك..، حـادثـة.»
تيبس سيهون بمجلسه كالصنم وحيدًا، فكرة أنه قد قتل اِبنته حولته لكومة من الأضلاع دون روح؛ فنزفت عيناه وهو يئن من الوجع. أصدر تأوه خافتًا ثم أفرغ بعدها كل ما قد اِختزنه من يأس كان بحلقه بلوثة. هان ميني لم تظل لتشاطرهم ذلك الجحيم الذي أوقدت شعلته الأولى، اِندثرت بقناع هلوع بينما بقيت إيرين بينهما وهي ترتجف من شدة نحيبها.
أخفت ملامحها بين كفيها واِنكفأت لتتكئ بالجدار خلفها، عندما خلع بيكهيون سترته الجلدية الدهماء ثم أسدلها فوق جسد هيـرَا الرقيق كي لا تشعر بالبرد.
كبل وجنتيها باِحتراس وهو يمرر حدقتيه على وجهها بحنو قد أحيط بالاِنكسار، لقد ترجت جوارحه الإله بصدق؛ فلن يكون بمقدرته تحمل فقدانها، وإن أخته آه يونغ ستجن حتما وسيخسر كلتيهما دفعة واحدة.
«حـلوتـي..، عـليك الصمـود..، إننـي بجـوارك..، حـبـًا بالـرب..، أنـظر إلـي..، لا تـقتـلنـي.»
«بـا..بـا.~»
❀❀❀❀❀❀❀❀❀
❀❀❀❀❀❀❀❀❀
الفـصل القـادم بالغـد مـساءً.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro