CH 5- 𝐅𝐨𝐫𝐭𝐮𝐧𝐚.
❀
❀
إننـي كنت عند بوابة رؤية وجهه الآخـر، كـان الأمـر فظيعًا؛ فليس لأنني أجهل خبثه، لكنني لم أتوقع أن يظهره هكذا فجأة! ومبكرًا أيضا. ربما لأنه كان أمامها وليس إزائي؛ فكوني صديقة بيك رونـا، ذلك يحيطني بحصانة كما تقول.
السيدة آرآ حاولت تصنع الهدوء وإنها لم تدرك نزيف شفتيها بعد، تجمدت رونـا وهي تحملق في ما صنع شقيقها.
تبسمت تلك الفتاة بهدوء وإنني قد اِستشعرت توترها عندما دشنت صديقتي اِستنطاقها.
أجابت بنبرة مرتعشة:
«اِرتطمت بالباب سهـوًا منـي.»
نظرات رونـا قدمت شكوكًا، ثم اِنتهى الأمر بسؤالها مباشرة.
«أي بـاب هذا..، أعتقد أنه يمتلك اِسمًا؟»
رونـا بدت حادة الغضب هذه المرة لكنّ الفتاة اِحتضنت ذراعيها بلطف، وشيدت اِبتسامة بعدما نبست بكلمة - متأسفة.-
هذا هو سبب تدخلي، لطالما تحدثت رونـا عن طيبتها ورقتها، لكن ما أعلمه أنّ قبل سنة من الآن كانت خليلة زير نساء هذه العائلة، ثم بعد ذلك تزوجت أخاه لأنها كانت حامل بطفل ختم مصيره بالإجهاض بعد تعرضها لحادث سير.
كانت العائلة في حالة من الفوضى؛ فالأخ الأصغر الذي يكبر رونَا بست سنوات خان أخاه مع حبيبته. في الوضع العادي، تمنوا لو أن بمقدرتهم رفض تلك العلاقة؛ فلن يغامروا في إنشاء حرب بين الشقيقين لأجل إمرأة؛ لكن ذلك الحمل كان طرفًا في قضيتهم.
حينئذ قد اِعترف شقيق رونـا الهادئ أن الجنين له، وأخفوا سره عن الجميع؛ فذلك الحمل كان من زير النساء بيون بيكهيون!
هـي لم تخنه، رونـا واثقة من ذلك.
لكنّها لم تستطع أن تقف ضد شقيقها العنيد، ولم تعرف في البداية أنه قد أرغم السيدة آرآ على إجهاضه إلا بعد أن أجهض بالفعل؛ فشقيقها الآخر واجه رونـا بالحقيقة وأن غايته كانت حماية اِسم العائلة من الفضيحة.
فزيـر النساء كان رافضًا لفكرة الزواج، ولم يكن مستعدًا لعالم الأبوة. رأى أن في ذلك طوقًا سـامًا حول حريته في فعل ما يريد؛ فهو قام بلومها على زواجها وكأنها اِرتكبت جرمـًا في حين كان يخونها باِستمرار وهي معه.
أخبرتني رونـا أنّها تريده أن يقع في الحب الحقيقي، حينها سيفتتح عينيه على الحياة وسيقود نفسه إلى الطريق الصحيح. إنها تعتبر شعوره نحو تلك السيدة حالة من الهوس الشديد بهـا؛ فهو كان يتسلى بخيانتها لكنه كان يفقد صوابـه كلـما تبدي برغبتـها في الاِنفصـال عنه.
ما يقلق رونـا أن شقيقها الآخر قد أغرم بزوجته!
أرى أن ذلك حقه المشروع، لكنّ هذا أشعل الكره بينه وأخيه.
ليت ڤاليري تدرك حقيقته أيضّا وتنسى أمره؛ فلقد اِختارت أحمـقًا لتحبه وإنني غصت في الحماقة ذاتها بقبولي ذلك العرض.
يا إلـهي، أي ألم كنت به آمس حتى تشتت اِنتباهي واِرتكبت هذا الجنون!
إنّ رونـا تعتقد أنني مغرمة به! ولا أعتقد أن ذلك اِعجاب حتى، لكنها أحاسيس غريبة، لا أعرف كيف أصفها، أو أن أعبر عنها. اِهتممت بالبحث عنه خشية أن يؤذي ڤاليري فقط، أكـره ما تفعله لي بالتأكيد، لكننـي لا أستطيع أن أبصر دموعها..
ربـما هي ستفعل، ستحب رؤيتي أتألم ولن تكترث لـأمري، المؤلم في ذلك أنني لن أتمكن من اِستخراج حقدي نحوها، أفضل أن يقتلني وأن لا نتواجه في حرب كهذان الأخوان.
هي لن تكون رحيمة ولا هم، سيكونون في صفها كالعادة، وإنني أخذت كفاية من اِنتزاع حقي في أن أكون جزءً منهم.
لا أريد أن أحس بذلك الشعور، أنني اِضافة متاحة قد ينتهي بها المطاف بالتخلي عنها!
ربما صدمة الحريق آثرت على تفكيري؛ فقدت السيطرة وقد كنت سأنهي حياتي حتى!
أيها الخالق، عيد ميلادي الحادي والعشرين كان بائسا!
توجهت رونـا إلى حيث قد تلاشىى، سمعت بعد لحظات صخبها وأعتقد أنه قد فرّ من ملاذ ما. تقدمت السيدة آرآ حينئذ والتقطت الحذاء ثم عادت به إليّ، أرقدته إزاء قدمي الحافية وإنه كان بنيتها الاِنعطاف إلى سبيلها.
تسرب حديث من فمي دون وعي مني جعلها تقف وتستدير إليّ بعيون مفزوعة.
«تساءلت عمّ إذا كان أمثالـه يقعون في الحب حقا.»
لانت تعابيرها وقالت بنبرة ناعمة.
«لا يهم، عليكِ أن تحبِي نفسكِ بأنانية.»
نظرت حولي مخافة أن تأتي رونـا ثم قلت بخفوت.
«أرى..، أنه يعشـقك.»
مددت ثغرها ثم فاهت بهدوء أدهشني.
«ومشاعره ليست من أولوياتـي.»
أدبرت لكنها هتفت قبل أن تندثر من بوابة إحدى تلك الأجنحة على يميني.
«أشكركِ!»
أبصرت رونـا عائدة؛ فاِرتديت الفردة ثم خمدت في حين تداعت بحنقها اللطيف.
«إنـه لا يريد نسيانـها.»
لم يكن يجعبتي قول شيء، تتبعت خطواتها وإنها قد اِصطحبتني إلى طاولة الطعام الخالية من البشر.
حينما جلست بجوارها واِنشغلت باِمتلاء بطني، دلف ذلك الشقيق الآخر.. بيون بيك جين.
وقد بدا منزعجًا! وقف قرب رونـا التي تجاهلته ثم اِندفع متلفظًا ببرود.
«أعتذر..، كنت غاضبًـا.»
غمغمت؛ فتأفف ثم دنـا ليقبل خذها لكنها تجنبته ثم تمتمت بتذمر.
«لـن أسامحك بهذه السهولة.»
«بـلا ستفعليـن..، أم أنك ستضـعين له أعـذارًا..، لكـن لـي..، لا؟»
جعدت رونـا شفتها وسخرت.
«تغار منـه.»
رتب غرتها بأصابعه ثم اِستنكر ما قالته بنبرة تابثة قبل أن يرمقني بنظرة باردة.
«بـل أشفق عليـه.»
أرقدت كوب العصير بثغري واِستدرت حينما أمسك بي منغمسة بحديثهما.
«ماذا عليّ فعلـه؟..، حتى تسامحني أجمـل فتـاة في هذا الكـون.»
نطق بنغمة رقيقة لم تكن ضمن توقعاتي، اِلتفت إليه؛ فتعلقت رونـا برقبته وتضرعت وكأنها طفلته.
«سنرافقك إلى مكتبك..، أرجـوكَ..، سبق وأريتك تصاميم دانـي..، إنها تريد أن تصير مهندسة معماريـة محترفة مثلـك..، أبتغي أن تلقي نظرة على طريقـة عملـكم.»
اللعنة!
سعلت وإزدرمت ما كان بحلقي بمشقة. إنني قد أحرجت من حشر سيرتي بينهما، لكنني اِلتزمت الصمت عندما أجاب بموافقته.
«سـأنتظركـما.»
نظر إلى ساعة يده الجميلة ثم قال:
«نمتلك نصف ساعة فحسـب.»
عانقته بشدة؛ فتصرف بحنو وهو يتخلل خصلاتها..
حتما قد فقد أخـي صوابه أيضا بوقوعه في شبـاك رونـا، إنـه جاهل بخـصوص هذه الأشياء؛ فهـي ليست مثلي حتى تتقبل جحوده، صديقـتي ترعرعت بوسط مليء بالعطف والاِهتـمام.
مـن الاِستحالة أن تجد هذا اللين بمكان آخر، خاصة بحضن أخي، الذي لا يعرف اِحتضان سوى وسادة سريره وكيس الرمل الذي يلكمه كلما مات غيظًا من نجـاح الأخرين.
اِذعنت لطلبها ولم أقاوم حينما لمحت السعادة بعينيها، قبلت أن أرتدي بدلة مخملية غاليّة الثمن رغم أنها كانت هدية خاصة من والديها، رفضت في البداية لكنها قد أرغمتني بأسلوبها الخاص.
ساعدتني على التزين ثم حاولت تسريح شعري المموج.
قهقهتها السعيدة جعلتني أبتسم من قلبي؛ فضحكت وهي تشير بسبابتها إلى وجهي المبتهج في المرآة.
الحذاء ذو الكعب الأبيض أشعرني بالشموخ ثم تحركت به لأقف قرب صديقتي.
بدلتها البيضاء ناسبتها كثيرًا، إنّ رونـا أنثـى جميلة ليس قلبًا فقط؛ فهيئتها كالسماء من شدة طهارة روحها.
لقد أخذت الحذاء الأسود قائلة بنبرة ساخرة.
«نسـاء آل بيـون.»
طرقه فض اِستمتاعنا ولكنه لم يقتحم مجلسنا، تحدث من خلف البوابة ثم اِبتعد.
«إننـي بالخـارج.»
أخذت الحقيبة التي أعطتني إياها صاحبة المحل الشهير، إنني ما أزال أحتفظ بقطعتين من تلك الحلوى. عليّ أن أقذفها بعيدًا قبل أن تدرك رونـي أمرهما.
إنها تعلم بحساسيتي نحو الڤانيليا، لن أستطيع تغليف عذر جيد لوجودهما معي.
مضيت برفقتها وقد كان باِنتظارنا داخل سيارته من نوع فيراري زرقاء اللون.
اِمتطينا المقاعد الخلفية واِنطلق بنا دون أن يتلفظ بحرف، أخبرتني رونـا أنه يكره الضجيج أثناء سياقته؛ لذا أقفلت لساني واِنشغلت برؤية ما حولنا.
حينما كنت شاردة بالطرقات أغار بنا مرآبًا ضخمًا، ترجل قبلنا ثم فاه قائلا دون أن يتمهل في مشيته.
«خـلفي، هـيا!»
تصميم شركته خطف أنفاسي، تأوهت من لوثة روعة تلك الجدران البضة، أرضيته خشبية متينة ويبدو أنها مستوردة. جاءت فتاة ببدلة زهرية اللون وخاطبته باِحترام.
«لقد جهزت ملفات المشروع الجديد.»
همهم ثم تلفظ.
«يمكنك اِعلام جميع الموظفين..، أن دوام هذا اليوم قد اِنتهى.»
لم ينتظر شكرها، بل توجه إلى مكتب ما؛ فجذبت رونا ذراعي وأجبرتني على اِتباع سيره.
فرقع بأصابعه ثم قال لي بحزم.
«اِجلسي.»
حمحمت رونـي وسألته بخفة.
«أهذا اِختبـار مفاجـئ؟»
لوى ثغره لكنه لم يرد بل أشار إلى الكرسي؛ فتقدمت وإنه لم يستنزف وقته، أخرج ورقة كبيرة وأزاح كل الأقلام إلى ضفتي، بل أيضا جلب لوحة اِلكترونية ضخمة ثم أرقدها أمامي.
«أعيدي تصميم جزء معماري تودين تغيير هيئته بالمدينة إن أتيحت لكِ هذه الفرصة.»
نظراتي كانت تتساءل عن جدية ما طلبه؛ فإنني تحت دهشتي، وقد حدقت به كالبلهاء.
لم يضف كلمة أخرى، اِرتمى على كرسي المكتب ثم اِنغمس في قراءة الملفات المتراكمة حول تلك الطاولة.
جلست رونا بجواري ثم قالت بنبرة منخفضة.
«أتمتلكين فكـرة؟»
لو سألتني بالآمس، كان ليكون الاِنتحار بالحلوى، يبدو هذا مضحكًا. بل حتى أنني قد تورطت في خطبة تحت عهود غير منطقية وتركت ذلك الوغد يقبل وجهي.
-عليكِ أن تثقي بنفسـك.-
لمـا سمعت صوته الآن!
نظرت إلى شقيق رونـا وقد تجاهل وجودنا تماما. إنّ صديقتي لا تعرف شيء عمّ بنيته، وإنها بعيدة كل البعد عمّ أنوي دراسته كذلك؛ فهي تود أن تصير مصممة أزياء مشهورة.
فكرت مليا عن أشياء أشتهي اِستبدالها هنـا، اِستخدمت اللوحة وبدأت بتخيل جسر آخر عوضًا عن بانبو.
هذا ما يرقص في مخيلتي، ربما لأنني كنت أود التخلص منـي قبل بضع ساعات.
غصت في ما أفعل ولم أستشعر مجيئه ليلقي نظرة عمّ صممته.
رمى إزائي أوراقًا جحظت لهنّ عيوني، وإنّ حتى رونا لم تستوعب في البداية ما يحتوينه.
إنهم لطلب التقدم إلى أحد أشهر مدارس شعبة الهندسة المعمارية الخاصة.
«يمكنكِ الحصول على منحة لتمويل فترة دراستك بالكـامل.»
تجمد الدم بعروقي، هزت روني جسدي وسعادتها وما نطقت به كان..
«لـماذا؟»
«كما يمكنكِ رفضها أيضًا.»
تأتأت ثم قلت بتردد.
«هل هنـاك سبب محدد لاِختيـاري؟»
صليت ألا يكون من باب إحسانه؛ فلا أحتاج عطف شفقته ولن أكرر خطيئة البارحة.
«مـوهبتك بالطبع، أخطط لأن تنتمي لشركتي في المستقبل..، فلقد رأيت دفتر تصميمك..، وأردت التأكد من مهاراتك بنفسي.»
هـل مازلت تحت جناح ذلك الحلـم؟
❀❀❀❀❀
بيـون بيـك جيـن-
••••
بيـون بيـك هـيـون-
❀❀❀❀❀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro