١٦
زفر أنفاسه واستدار ليرحل فاندفعت بدون تفكير خارجاً لأتفوه "كريستوف"
استدار إلي بأعين متسعة فتبسم ليهمس "سيلڤر!"
اتجهت إليه ليسبقني بعناق طويل أخبرني به عن مدى افتقاده
ثم فصله قائلاً "لست هنا لأعيدكِ للقصر… فقط افتقدتكِ"
تبسمت لأسأله "كيف عرفت مكاني؟"
تنهد مجيباً "رائحتكِ قوية وأيضاً لطالما اعتقدت أن لهذه الأشجار المتلاصقة سبب…"
عقدت حاجبي لأتلفظ "كريستوف أأنت بخير؟… أنت توشك على_" قطع جملتي بشهقته الخافتة ودموعه
أمسكت بوجهه بقلق لأصرح "كريستوف ما خطبك!؟ هل أنت بخير!؟"
مسح دموعه ليعتدل ويجيب "لا أدري كيف سأخبركِ بالأمر دون أن تُصدمي لكن… هال قد مات_" هبطت دموعه مجدداً مقاطعة حديثه
وأنا بدوري أحسست بتوقف نبضاتي إثر ما سمعت، ابتلعت عيناي دموعي للحظات فسألته بصوت مرتجف "كريستوف! أأنت تقول الحقيقة؟"
أومأ لي ليضع كلتا يديه على وجهه فسقطت على ركبتاي واضعة يدي ناحية قلبي المرير، أتمنى من الأرض أن تبتلعني، ولتمطر السماء علي بالنار
لا أريد أن أعيش بهذه الحياة وهال ليس فيها، كريستوف لم يحتمل واستدار ليركض بعيداً والشمس اقتربت من المغيب، عدت للداخل وعقلي لا يستطيع تحمل تلك الفكرة أنني لن أراه مجدداً
سقطت في وسط الغرفة أصرخ، لعل هذا الصوت يغطي على الألم
اقتحمت إيزما المكان بذعر لسماعها صوت نحيبي من الخارج، تركت كل ما بيديها واتجهت إلي وأمسكت بوجهي لتتفوه "سيلڤر ما بكِ يا عزيزتي! أأنتِ بخير!؟"
ضربت كفي برأسي لأتحدث بنحيب "خرجت روحي من جسدي!"
لم تصمد أمام دموعي فعانقتني بينما تردد "لا تبكي سيلڤر … إهدأي أنتِ أقوى من ذلك"
شهقت لأتلفظ بتقطع "أتذكرين عندما قلتِ لي أن كل شيء سيكون بخير وعلى ما يرام… أخذت كلامكِ حينها على محمل الجد وحاولت التحلي بالقوة… أتعلمين ما الذي حدث بعدها… لقد رحل أكثر شخص يعني لي! رحل بدون عودة"
إيزما لم تتمكن من حل ألغاز كلامي أخذتني إلى سريري وبقيت جالسة بجانبي طوال الليل، لكن دموعي لم تجف بالمرة
أكاد أختنق من شدة البكاء ويدي منكمشتان ولا أستطيع فتحهما، بقيت على هذه الحالة إلى أن رحمني النعاس وجعلني أغفو
***★****★***
ركض ڤولكر سريعاً على السلالم بعدما عاد من الغابة ووصل لمدخل غرفة كريستوف النائم
"كريسوف!!" صرخ به فجفل الآخر لينهض عن سريره متجهاً إليه وتحدث باندفاع "ماذا!؟ لمَ الصراخ!"
تحدث ڤولكر مشيراً إليه بإصبعه "لمَ رائحة سيلڤر تنبعث منك!"
ابتلع كريستوف ريقه فتفوه "عما تتحدث لقد زاد الأمر عن حده بدأت تتوهم برائحتها أيضاً!"
أمسك ڤولكر بياقته بينما يصرخ "لا تغير الموضوع! أعلم أنك قابلتها! أخبرني أين هي!!"
بدأ البعض يتجمعون حولهما فصرح كريستوف "فلتتركني ما خطبك أنت حقاً مجنون!"
ثبته على الجدار ليزمجر به "أين هي!!؟"
لم يجبه كريستوف فأوشك على لكمه ليبدأ جميع من حولهما بإبعاد ڤولكر عنه بصعوبة فصرخ بهم بينما يحاول الإفلات "دعوني!!"
ابتعد كريستوف من هناك ليصرخ "أنا لا أعرف أين هي!! لماذا تتهمني!؟"
***★****★***
دموعي هبطت قبل أن أفتح عيني، مثلما أمطرت السماء قبل أن تشرق الشمس في اليوم الذي خرجت به روحي من جسدي لأول مرة
وعندما وجدت بهال روحي رحل أيضاً وتركني مكسورة ولا أعرف ما الذي علي فعله، لقد كان للتو معي بالحلم يبتسم لي وينصحني أن أعود للقصر عند من تبقى من عائلتي
كفكفت دموعي لأزيل اللحاف عني وأنهض بهدوء وخلسة كي لا أوقظ إيزما النائمة على الأريكة
تأملت وجهها للحظات لأغمض عيني بقوة قبل أن ينتابني الضُعف، أخذت نفس عميق لأغسل وجهي المتعب وأوضب أغراضي في الحقيبة وأترك لها رسالة اِعتذار
اِبتلعت ريقي لأخطو خارج هذا المنزل بينما أستمر بالنظر خلفي وزفر أنفاسي برجفة، ربما كان الرحيل سهل علي لأنني تكيفت بسبب المرة السابقة
مشيت طويلاً وطويلاً إلى أن خارت قواي وجلست أرضاً، نظرت حولي فرأيت ذلك الجرف الذي لن أتمكن من صعوده للعودة لمنطقتنا أبداً
نظرت للأعلى حيث الأشجار تشابكت وشكلت حاجز متثاقب للسماء، وشعرت بتلك القطرة الحارة تسير على طول وجهي، شهقت بقوة ليهدر صوت نشيجي بالأرجاء
حاولت مِراراً التماسك والتوقف لكن فكرة أنني لن أرى هال مجدداً تقتلني، مسحت دموعي بلا فائدة لكن على الأقل سيتوضح الطريق لي للحظات لأرى ڤولكر جالس أمامي يحدق بحالتي، بالرغم من ملامحه الحادة التي لطالما أخفى بها مشاعره عرفت ما يشعر، الكثير من الغضب والحزن وربما الشوق
مسحت دموعي مجدداً كي أتأكد من دقة بصري فأثبت لي هو وعانقني أوشك على تكسير أضلاعي
ربت على شعري ليهمس "كل ما أردت قوله أنني آسف وأحبكِ… لا_" بتر جملته ليقوم برفعي على ذراعيه والركض سريعاً من فوق الأشجار متخطياً الجرف، كل ما كنت أفعله في ذلك الوقت هو البكاء
حالما اقتربنا من القصر احتشد حولنا الجميع بينما يتساءلون عن قصتي فصرخ بهم ڤولكر "فلتبتعدوا ألا ترون أنها متعبة!" ، ركض السلالم ليضعني على سريري في جناحي القديم، نفسه الذي سمح لي هال بالنوم فيه
سكب لي ڤولكر بعض الماء ليقرّبه لي لكني أدرت وجهي عنه فمن المستحيل أن أتمكن من ابتلاع شيء بحلق مخنوق
عانقني مجدداً وأخذ يقبل شعري مِراراً وقد كان يقول الكثير من الكلام لكني لم أسمعه أبداً
"سيلڤر أهذه أنتِ!!" صوته انتشلني من كل ما كنت فيه، فصلت العناق فرأيت هال يقترب ويجلس على حافة السرير من الجهة الأخرى
اتسعت عيناي وقلبي يخفق بقوة، ابتلعت ريقي ورفعت يدي كي ألمسه لأتأكد إن كان حقيقي…
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro