(1)
بقلم :نهال عبد الواحد
لحظة من القاريء قبل القراءة 🌷
هذا العمل كان من بدايات كتاباتي في عمر الرابعة عشر والخامسة عشر ، فقد تجد فارقاً في مستوى الكتابة أبو بعض السذاجة الطفولية ، أعتذر عنها مقدماً...
قراءة ممتعة ❤❤❤❤
------------------------------------
بطبيعة الإنسان عندما يظل أمامه شيئًا ما أو شخصًا ما، ربما يكون أقرب الناس إليه يجد نفسه لا يراه لا يشعر به بل لا يستثمر في علاقته به، خاصةً عندما يتأكد من حب من أمامه وإمتلاكه له... فلماذا يبذل مجهودًا طالما سيظل أمامه؟!
لكن عندما تشعر بفقدان ما بين يديك ربما يكون هناك أمرًا آخر......
فتاة تسير في شارعٍ هادئ بإحدى الأحياء الراقية شعرها البني معقوس للخلف على هيئة كعكة، مرتدية كنزة وتنورة عاديتين تمامًا، ربما أقل من العادي حاملة حقيبة ملابس في يدها، بالطبع أمثالها في ذلك الحي ما هن سوى إحدى الخادمات.
رغم رقة شكلها التي تحاول أن تخفي بين طياتها الحزن، الهم العميق... وأيضًا عزة النفس.
سارت تلك الفتاة حتى وصلت أمام فيلا فخمة، طرقت الباب، فُتح لها، دخلت، سارت في ممر الحديقة خلف ذلك الحارس، تتلفت يمينًا ويسارًا في الحديقة تتطلع بعينيها الرائعتين الداكنتين، تحرك جفنيها بتلك الرموش الطويلة الرائعة إليها لكل ما حولها من ذلك الثراء، هل هي نظرة إعجاب أم إنبهار أم يشوبها بعض الكره أم ماذا؟!
كانت تعبيرات وجهها مُبهمة، غير مفسّرة على الإطلاق، صعدت عدة درجات قليلة، لازالت تتلفت لذلك المدخل الرائع، ترى أي يد فنان قد صنعت هذه التصميمات؟!
طرقت الباب الداخلي، فُتح لها، تركت حقيبتها، استمرت سيرًا وتلفتًا حولها دون أن تأبه لمن فتح لها ذلك الباب، لازالت تنظر نحو أفخم الآثاث، التحف، النجف والأرضيات و.....
من وسط كل هذا الصمت المبهر خرج صوت مبتذل وعالٍ فجأة أفزعها.
- إنتِ مين إن شاء الله؟! داخلة كده من غير ولا كلمة! حد قالك إنها تكية!
انتفضت الفتاة قائلة: هم بيطلعوا منين؟! بسم الله الرحمن الرحيم! خضتيني يااسمك إيه!
قالت السيدة بتهكم: حوش البسكوتة الرقيقة، وتطلعي مين بسلامتك؟!
-أنا الخدامة الجديدة.
أجابت بنفس سخريتها: طبعًا، هتكوني إيه غير حتة خدامة.
صاحت الفتاة بغضب: ويا ترى تطلعي مين إنتِ عشان تؤمري وتنهي؟! مااعتقدش إنك صاحبة الفيلا!
كانت تلك المرأة الخمسينية، ربما أكبر من ذلك ملامحها عادية ليست بالفاتنة، جسدها ممتليء قليلًا، لها عينان جاحظتان تشع شرًا، مغطية رأسها بغطاء صغير، تشعر عندما تصافحها أنك تحتاج لعد أصابعك مرة أخرى ربما فقدت أحدهم! ثم تحمد الله أن أصابعك عادت كاملة.
صاحت المرأة في غضب: أنا مديرة الفيلا هنا، يعني الكلمة كلمتي والشورة شورتي وأوامرك هتاخديها مني.
-إممممممممم!
كادت أن تكمل كلامها لولا أنها رأت امرأة أخرى تهبط من الدرج الداخلي للفيلا تبدو إمرأة خمسينية لكنها أنيقة وراقية جدًا، ورغم أنها ترتدي بنطال وكنزة، مصففة شعرها الأسود القصير للخلف، لكنها تهبط بخطواتٍ راقية، طريقة سيرها الأرستقراطية بظهرٍ مبسوط ورأس مرفوع قليلًا، لكنها تبدو طيبة، تتسلل إلى القلب بسرعة.
سارت تلك السيدة التي تبدو صاحبة البيت، جلست بهدوء على إحدى الكراسي، تتطلع إلى تلك الفتاة الجميلة، أشارت لها فاقتربت على إستحياء مع بعض الخوف.
نظرت لتلك المرأة الفظة قائلة بهدوء: صوتك عالي ليه يا فتحية؟
ثم إلتفتت إلى الفتاة قائلة بإبتسامة حانية: وانتِ مين حلوة؟
أجابت ببشاشة: أنا الخدامة الجديدة واسمي داليا.
- أهلًا وسهلًا، وأنا وجدان، أتمنى إنك تنبسطي معانا ، وتطولي عندنا.
قالت الأخيرة بتنهيدة، رمقت فتحية شرزًا، فأجابت داليا ممتنة: أشكرك جدًا يا هانم، وإن شاء الله أكون عند حسن ظنكم.
-اتفضلي اقعدي حبيبتي.
ثم إلتفتت إلى فتحية قائلة: كوباية عصير من فضلك يا فتحية.
إتسعت عينا فتحية في صدمة: إيييييييه! عايزاني أخدّم على خدامة!
تنهدت وجدان بفرغ صبر وأهدرت: إتفضلي يلا، هتاخد كرم الضيافة الأول.
أومأت داليا قائلة بإمتنان: أشكرك جدًا يا فندم.
ثم هبطت من ذلك الدرج فتاة أخرى جميلة تجمع شعرها الأصفر لأعلى، لها عينان تميلان إلى الخضرة، ترتدي بنطال و(تي شيرت )رياضي، تحمل حقيبة رياضية على ظهرها.
استطردت الفتاة بإبتسامة، منحنية تقبل وجنتي أمها: صباح الخير يا مامي.
-صباح النور يا روح مامي، رايحة التمرين دلوقتي يا قلبي!
- أيوة يا مامي...
ثم إلتفتت نحو داليا تدقق النظر فيها متسآلة: إنتِ مين؟
أجابتها وجدان: دي داليا، الخدامة الجديدة...
ثم أشارت نحو إبنتها، إلتفتت نحو داليا مكملة: ودي بنتي رانيا، معاها ليسانس آداب.
أومأت داليا مبتسمة، وتابعت: أهلًا وسهلًا يا آنسة، فرصة سعيدة.
أجابت رانيا بإبتسامة: وأنا أسعد، ممكن تناديني روني؛ أنا مش بحب التكلف.. لكن إوعى تعمليها أدام بابي.
أومأت داليا رأسها بتفهم، أكملت وجدان: أتمنى إنك تشعري نفسك بإنك فرد من أفراد الأسرة، بصراحة أصلك دخلتي قلبي بسرعة.
أجابت داليا على إستحياء:وأنا كمان يا فندم.
تدخلت رانيا بلهجة مازحة: وأنا زيكم بالظبط.
فضحكن ثم دخلت فتحية تعتلي ملامح وجهها الغضب، وضعت كوبي العصير، وتابعت على مضد: اتفضلي يا آنسة رانيا عصيرك، وأنت يا اللي ما تتسمي إنجزي ويلا عشان تشوفي هتعملي إيه، ولا ناوية تفضلي قاعدة كده مع الهوانم!
تأففت وجدان ثم قالت: طب اتفضلي إنتِ دلوقتي يافتحية، لسه هتكلم معاها شوية. !
تأففت فتحية هي الأخرى، تابعت على مضد: طيب!
وانصرفت متذمرة، تابعت رانيا بتأفف: دي ست لا تطاق!
ثم إلتفتت نحو أمها وأكملت: همشي أنا بأه يا مامي، باي.
قبّلت أمها مجددًا، أشارت إلى داليا ثم خرجت.
إبتسمت وجدان قائلة لداليا: اتفضلي اشربي يا داليا، أهم شيء هنا إنك تكوني هادية ومطيعة، وحاولي إنك تبعدي عن الست دي، وما تحتكيش بيها بقدر المستطاع.
أومأت داليا مؤيدة، وقالت:حاضر يا فندم، بس لو تسمحي بسؤال!
-اتفضلي.
- إن كانت الست دي بطريقتها الفظيعة، وحضرتك نفسك كصاحبة البيت مش طايقاها، يبقى إيه اللي يخلي حضرتك تتحمليها في بيتك؟!
فتنهدت وجدان وهمست: يا ريت أعرف الإجابة.
ثم قالت: المهم دلوقتي عايزة أعرف حكايتك إيه!
ترقرقت عينا داليا، شردت تنظر إلى اللاشيء قائلة: حكايتي تتلخص في بنت بتحب أبوها جدًا، وبعدين اتوفى في أكثر وقت كانت محتجاه فيه، وأمها كانت أقسى ما يكون في كل شيء حتى في وفاءها لراجلها، فاتجوزت بمجرد العدة ما خلصت، وما اختلفش عنها جوزها في القسوة، اتحرمت من إني أكمل تعليمي، ويادوب أخدت دبلوم صنايع قسم تجميل رغم إني كنت شاطرة على طول، وكأن أمي نسيت إني كنت حتة منها قبل كده.
تبدلت ملامح وجدان طوال إنصاتها إلى ما قصته داليا، ثم تنهدت بحزن قائلة: يا ريتك تنسي كل اللي لاقيتيه من ذل وأسي وإن شاء الله ربنا يعوضك بكل خير، وياريتك تعتبريني في مقام أمك، يلا دلوقتي عشان أوريكي أوضتك.
إبتسمت داليا ممتنة، مسحت وجهها، حملت حقيبتها، ذهبت مع وجدان نحو الغرفة التي ستسكنها، كما عرّفتها على بعض المعلومات حول المنزل وطبيعة عملها ثم تركتها.
أغلقت داليا الغرفة، كانت تتلفت حولها كثيرًا لدرجة أكثر من اللازم، بدأت تفتح حقيبتها واضعة ملابسها، أغراضها بداخل خزانة الملابس، لازالت تتلفت بنظرات مدققة.
خرجت داليا من الغرفة، اتجهت إلى المطبخ، تشغلها تلك المرأة التي اجتمعت فيها كل الصفات السيئة من غلاظة، إبتذال مع شرٍ دفين، بدأت تعرف دورها، وتتعرف على باقي الخدم داخل المطبخ، لم يكونا سوي فردان، أي أن الأمر لا يحتاج لمديرة منزل ورئيسة خدم... مؤكد أن هناك سرًا ما خلفها وعليها كشفه!
بينما كانت داليا مشغولة ببعض العمل إذ إختفت فتحية تمامًا، زاد فضول داليا لمعرفة لأين ذهبت فما أن انتهت بما كُلفت به حتى اتجهت تبحث عنها.
لكنها بمجرد إقترابها من الصالة الخارجية حتى وجدت رانيا قد وصلت توًا من الخارج ورجلًا خمسينيًا يشوب رأسه بعض الشيب، معتدل القامة لم تتمكن داليا من سماع تفاصيل الحوار لكنه يبدو أبيها، انتهى الموقف بدخول الرجل إلى غرفة مكتبه، صعود رانيا مسرعةً لغرفتها متذمرة وثائرة.
وقفت داليا بعض الوقت لا تعرف لأين تتجه! لكنها فكرت بسرعة، صعدت خلف رانيا، وصلت إلى غرفتها، طرقت الباب طرقاتٍ خفيفة ثم دخلت.
وجدت رانيا متذمرة للغاية، فتسآلت داليا: القمر بتاعنا ماله؟!
بدأت رانيا تبكي قائلة بتذمر: بابي دايمًا بيضغطني و يحطني في مواقفٍ غريبة، تصوري إنه عزم أمجد خطيبي وأهله إنهاردة على الغداء ولسه قايلي دلوقتي بس!
- وإيه المشكلة؟!
- إنهاردة عندي تمرين زي ماانتِ شايفة، برجع البيت مجهدة تمامًا، بحلم بشاور دافي وبعدها نومٍ طويل، هعمل ده امتى؟ وامتى هروح للكوافير ولا هطلب الميكب آرتست عشان تجهزني؟!
سخرت داليا من داخلها من تفاهتها لكنها قالت بتفهّم مصطنع: للدرجة دي، مع إنك زي القمر.
- إنتِ شايفة إنه وقت مجاملات؟!
- ولا تحملي هم، خذي الشاور بتاعك وارتاحي شوية عقبال ما اخلص الغدا للضيوف، وبعد كده هجهزك و أعملك كل اللي انتِ عايزاه.
- إزاي؟!
-أنا لولا ظروفي الصعبة كان زماني ميكب آرتست مفيش بعد كده، لكن الحظ والنصيب، وهتشوفي وتتفاجئي بنفسك.
كفكفت رانيا دموعها وأهدرت بسعادة: بجد، لو عملتيها تبقي أنقذتيني بجد، أشكرك جدًا جدًا، اتمنيت كتير إن تكون لي أخت وحاسة إنك هتكوني أخت.
- بس مفيش أخت بتشكر أختها، المهم يلا قوليلي هتلبسي إيه؟!
فركت رانيا أسفل ذقنها بتفكير ثم استطردت: إدخلي غرفة الملابس واختاري ووريني ذوقك.
دلفت داليا إلى غرفة الملابس بالفعل، اختارت لها بنطال أسود وكنزة وردية اللون، نظرت إليها رانيا، ابتسمت وأومأت رأسها.
تركتها داليا، ذهبت لتكمل باقي عملها في المطبخ وإعداد مكان جلوس الضيوف، ثمرعادت إلى رانيا، كانت لا تزال نائمة، يقظتها لتستعد.
بالفعل إرتدت رانيا، جلست أمام داليا والتي بدأت تصفف شعرها، صنعت لها ضفيرة سنبلة متداخلة من أول رأسها جانبًا إلى الخلف ثم لفت بها إلى الناحية الأخرى لتدلّى من الجانب الآخر.
ثم حددت ملامحها، أخفت الإجهاد بالقليل من مساحيق التجميل، بدت رانيا جميلة ببساطة.
بينما داليا متجهة نحو المطبخ إذ تعثرت في شيءٍ ما أرضًا، انحنت أخذته، وكان مفتاح سيارة فدققت النظر فيه كأنها قد رأته من قبل ثم وضعته في جيبها....................
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro