Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(47)

بقلم نهال عبد الواحد

كانت لزيارة أم كارما الأخيرة انطباعًا ما داخل ابنتها، لقد فتحت أبواب يتسلل منها شعور جديد وحلم أنثوي أزلي، حلم الأمومة.

لا زالت تتذكر تفاصيل كلمات أمها بالإضافة لبعض تصرفاتها التلقائية التي لا مفر منها، فكانت كارما يومها تُصر أن تصنع لأمها مشروب آخر دون رغبة أمها وما أن تحركت بثقة نحو المطبخ لتصنعه وتضع أمها أمام الأمر الواقع حتى فوجئت بفردة من نعال كارما المنزلية (شبشب) التي كانت مجاورة لهدى قد صُوبت بمهارة في منتصف ظهرها فتوقفت كارما متأوهة ثم التفتت إليها وهي تدلك ظهرها: ليه كده يا ماما؟ أنا كبرت عل حدف الشبشب ده خلاص!

- كبرتِ على مين يا عين أمك! وريني هتصممي إزاي وتشربيني على مزاجك عشان الفردة التانية تحصلك!

ضحكت كارما وقالت بمزاح: نفسي أعرف بتنشني كده إزاي؟!

- طول ما إنتِ مش عارفة تنشني فردة شبشبك على عيلك، يبقى أحسن لك ما تخلفيش!

- بالظبط كده! أنا مستنية أتعلم الضربة الجوية دي...

وتفيق كارما من ذلك الموقف وتضحك منه وتتمتم: مفيش فايدة فيكِ يا هدى، الحمد لله ماحدش شاف الفضايح دي لا كريم ولا مروان...

ثم تابعت ضحكها، كان يومها طويلًا وتشعر بالإرهاق لكنها جمعت كتبها ومراجعها، جلست في ركن المعيشة لتذاكر قليلًا.

وضعت الكتب فوق تلك المنضدة الصغيرة، افترشت الأرض فوق بعض وسائد الأريكة بمنامة شتوية واضعة على كتفيها شالًا ليدفئها وبدأت تذاكر وتكتب، وبعد فترة شعرت بتعب في ظهرها فتمددت أرضًا جوار المنضدة فوق تلك الوسائد لتريح ظهرها لكنها غطت في نومٍ عميق.

وصل مروان ليلًا؛ فهو اليوم يصور حلقة من برنامجه في القاهرة ويعود البيت في حدود العاشرة مساءً.

دخل الشقة والتفت حوله يبحث عن زوجته ثم اتجه لحجرة كريم فوجده نائم فقبّله وخرج، ثم نظر ناحية المطبخ وكان مظلمًا، فدلف إلى حجرة النوم وبدّل ملابسه وبحث عنها في الحمام وفي حجرة الملابس، لكنه لم يعثر عليها...

اندهش كثيرًا؛ فليس من عادتها الخروج ليلًا ولا بدون إذنه، فوضع هاتفه على أذنه ليتصل بها وهو متجه نحو ركن المعيشة فلفت انتباهه تلك الكتب والمراجع فاقترب مع رنة هاتفها المكتومة القادمة من وسطالكتب، فوجدها نائمة أرضًا جوار المنضدة.

ابتسم مروان بتعجب وجلس أرضًا جوارها وهو يجمع تلك الكتب وينحّيها جانبًا، ثم تلمس إحدى وجنتيها بدلال ولا زال ينادي عليها حتى تململت في نومتها وفتحت عينيها ونهضت جالسة بتعب.

فتساءل بدهشة: إيه النومة دي؟

- مش قصدي أنام، أنا بس بفرد ضهري عيني راحت في النوم.

ثم ابتسمت قائلة: حمد الله على سلامتك!

وقبلت وجنتيه ثم تأوهت تمسك بظهرها وكتفيها فجلس خلفها يدلكهما لها ويتساءل: عملتِ إيه بس تعبك كده؟!

- أصل كريم رجّع جوة فنضفت ومسحت وغيرت الفرش كله.

- تعبك إنهاردة جامد!

- عادي!

ثم التفتت إليه فجأة وقالت بسعادة: بس نطق يا مروان، إتكلم!

فصاح بسعادة: بجد! يا الله! يا ما أنت كريم يارب!

- بس طبعًا لسه مجرد كلمات بيرددها مش لغة توظيفية هيستخدمها، بس على كلٍ دي نتيجة هايلة وفي وقت قياسي، إحنا ما كملناش سنتين تدريب وقدر ينطق كلمات! الحمد لله!

قالتها كارما بسعادة شديدة فضمها مروان إليه ثم أطال النظر وقال: إنتِ بتتعبي أوي، وبجد بآيت مشفق عليكِ من كم المجهود...

فوضعت سبابتها على شفتيه وهمست: ما تكملش، مش هجيب حد برضو؛ وده مش تنشيف راس وعِند والسلام، إنت فاهم إنك لما تجيب واحدة شادو ولا أخصائية تخاطب هتخفف الحمل كده! دول شغلهم بالساعة والحمل برضو هيفضل عل بيت، دورنا يا مروان! دورنا مع بعض! نفسي بجد أحس بيك قريب منه ولك دور واضح معاه، كده هتكون فعلًا بتشيل معايا الحمل، بدل ما أنا مقصرة معاك في حاجات كتير!

قالت الأخيرة وهي على استحياء، تشير إلى تقصيرها في حقوقه الزوجية من شدة التعب والإنهاك.

فتابع وهو يمسد بظهر يده على خدها: ومديكِ عذرك لأني بشوفك تعبانة بجد ومش قادر ألومك، بس برضو مش قادر ما أشتاقلكيش!

ثم تنهد قائلًا: طب خلاص، يبقى أجيبلك واحدة تقوم بشغل البيت، اللي بتيجي لماما إتفقي معاها تعملك كل اللي إنتِ عايزاه وتاخد اللي تاخده، المهم تشيل عنك شوية وألاقيكِ بأه، أنا مش عايز آخد قرار إنك تقعدي م الشغل!

- لا كله إلا الشغل! خلاص هخلي طنط سلوى تتفق لي معاها، بس إنت كمان قرب منه وخليك في الصورة شوية، حاول تتقبل غضبه وتصرفاته المستفزة.

فأومأ برأسه مبتسمًا ثم قال: حاضر يا قلبي، والله لو أمه كانت عايشة ما كانتش هتعمل كده!

ورغم أنه قالها بتلقائية إلا أنها ترجمتها بداخلها أنه لا زال يتذكرها ولم ينساها بعد، ويبدو أنه لن ينساها، فابتلعت ريقها وقالت تخفض عينيها المغرغرتين بالدمع محاولة الهرب من عينيه وقد اختلفت نبرة صوتها: أنا أمه يا مروان، صحيح ما ولدتهوش، لكن تعبت وسهرت وربيت ولسه الطريق طويل...

لم يعقب مروان، فهو يشعر بما يدور داخلها ويسارع دائمًا في احتواءها وإمدادها بالمزيد من المشاعر والحب، يريد أن يثبت لها أن قلبه الآن قد صار لها وحدها بالفعل وأن كل ما سبق لا يتعدّى الذكرى التي يذكرها العقل ويرددها اللسان دون أي سلطة من القلب، فسلطة القلب خضعت واستكانت لها وحدها.

أما كارما فبمجرد ضمته لها يشعرها كأنها لم تحبه بعد وهاهي ستبدأ تحبه من البداية، وكأن كل ما سبق لم يكن حبًا ولا عشقًا ولا هيامًا!

وبعد فترة من الصمت قال: عيد جوازنا الأول قرّب وداخلين على أجازة نص السنة، ونويت نروح أنا وانتِ يومين عسل كده عل ماشي، هه! نفسك تروحي فين؟!

فابتعدت قليلًا وأمسكت بوجنتيه وابتسمت بعشق قائلة: أي مكان يا حبيبي، المهم نكون مع بعض.

فضمها إليه مجددًا، كم يعشق بساطتها ورضاها الذي لا حدود له، فهي لا تكثر من الطلبات والشروط وترضى بأي شيء، سعادتها بالفعل في قربه هو أيًا كان المكان.

ثم قالت: بس يا ريت لو يومين قصادهم ويكون كريم معانا، لازم يحس بجو الأسرة.

فأومأ برأسه وتابع مبتسمًا: حاضر، وكمان فكرت إن كل جمعة آخده ونلعب سوا كورة.

فاتسعت ابتسامتها وقالت: فكرة هايلة! بس خلي بالك، مهما كنت بتدرب أطفال وبتلاقي صعوبة معاهم، تدريب كريم قصة تانية تمامًا.

فتنهد وأومأ برأسه فتابعت بدلال وهي تعبث في لحيته: طب هقوم أسخن الأكل، عاملة مكرونة بالبشاميل هتاكل صوابعك وراها، شكلك واقع يا قلبي.

قالتها ونهضت واقفة فتبعها واقفًا هو الآخر وجذبها إليه من خصرها وهمس بين شفتيها بعشق: من جهة واقع فأنا واقع.

وحملها بين ذراعيه على فجأة فصدعت ضحكتها الرنانة ثم تعلقت بعنقه وقبلّتها، فسار بها في موعدٍ مع إبحارٍ جديد في بحر العشق والهوى وأمواج الهيام والغرام...

سارت الأمور بعد ذلك نحو طريقٍ أفضل، اقترب مروان من كريم وإن كان لا زال لا يجيد تقبل وضبط انفعاله تجاه نوبات غضب كريم وسلوكياته خاصةً المستفز منها.

ذهب مروان وكارما بالفعل إلى مكانٍ هادئ وقضيا بضعة أيام رائعات بل أشد روعة من أيامهما الأولى، ونفّذ مروان بعدها رغبة كارما في اصطحاب كريم إلى مكان ما للترفيه.

انتهت كالعادة إجازة نصف العام سريعًا وعادت كارما إلى عملها وكريم إلى صفه، وكانت قد اتفقت سلوى مع خادمة لتجئ في أيامٍ منتظمة لتنظيف وترتيب البيت لكارما فيُخفف العبء عنها قليلًا.

مرت بضعة أسابيع وذات يوم خميس كانت كارما خارجة من المدرسة ممسكة بيدها كريم وترى مروان ينتظرها على الرصيف المقابل بسيارته ليذهبا معًا عند بيت أهلها، بل تعلّق عينيها إليه وتتسع ابتسامتها له، فاعترض طريقها فجأة ذلك الشاب ابن صاحب المدرسة الذي لا تتذكره كارما من الأساس ويثير غضب وغيرة مروان، فأهدر قائلًا: إزيك يا ميس كارما عاش من شافك؟!

فالتفتت إليه بفجأة وضيقت عينيها أسفل نظارتها الشمسية بتعجب قائلة: مين حضرتك؟!

لكن قبل أن يجيبها وجدت مروان يتصدر المشهد وعلى وجهه كل إمارات الغضب والغيرة، فمد بيده إليه مصافحًا بالنيابة عنها مبتسمًا بضيق: أهلًا وسهلًا!

لكن الغريب أن كارما ارتمت فجأة في حضن مروان ودفنت رأسها في صدره تستنشق عطره وتتنفسه بعمق كأنما اشتاقت لذلك العطر، أو كأنها لم تراه من زمن ولم تنتبه لكونها في الطريق وأمام الكثيرين.

تفاجأ مروان بردة فعلها المبالغ فيها على غير عادتها وتلجّم قليلًا فنسي الزمان والمكان، حتى نسى كونه كان غاضبًا أو حتى سبب ذلك الغضب! لكنه فسّر فعلتها أنها طريقة لتمتص بها غضبه فراقت له كثيرًا، خاصةً وهو متأكد تمامًا أنها لا تذكر ذلك الشخص المتطفل نهائيًا.

تركوا المكان واتجهوا بالسيارة إلى بيت والديها، وكالعادة جلس مروان مع مجدي وعمرو يتشاركون أطراف الحديث المختلفة، وكريم يجلس جوارهما ويتفقده سيف الصغير البالغ من العمر عامٍ ونصف بلهو، فهو حديث عهدٍ بالمشي، وبالطبع تتفقدهما عيون مروان، عمرو ومجدي؛ لينقذوا ما يمكن إنقاذه إن تطور الموقف بين الطفلين.

أما كارما فقد كانت بصحبة أمها وسمر في المطبخ، وفجأة اشتمت رائحة ما فتقلّصت ملامح وجهها باشمئزار وقرفة وصاحت: إيه الريحة دي؟!

فتابعت هدى وهي تقلّب ما تفعله بجوار الموقد: دي تقلية القلقاس، قربي شوفيها عشان تعمليها عِدل... ده ورق السلق بس من غير عيدان ومقطع، بتقلبي في السمن وتهرسي بالمعلقة كده، لازم كله يدوب عشان ما يكلكعش وتبقى كلها صلصة واحدة و...

فقاطعها وضع كارما ليدها على فمها وركضها خارج المطبخ ثم صدع صوتها يتقيأ، فزمت هدى شفتيها بتأفف وأكملت ما تفعله، ثم فجأة نظرت نحو سمر التي نظرت إليها في نفس اللحظة وإبتسمتا معًا، فتمتمت هدى: يا رب يكون اللي في بالي!

خرجت كارما من الحمام وأبت أن تدخل المطبخ مجددًا؛ فلم تعد تطيق تلك الرائحة التي لا تصدق أنها رائحة الطعام، حاولت إخفاء تعبها المفاجئ هذا عن مروان، رغم أنها بالفعل صارت تعاني منذ فترة من التعب والإرهاق دون جهد ورغم وجود خادمة تخفف عنها!

وبعد فترة ليست طويلة تم إعداد الغداء وجلس الجميع يتناول الغداء في جوٍ أسري حميمي، ورغم ضيق كارما برائحة الطعام إلا أنها لا تزال تجاهد نفسها وتتصنع الأكل خاصةً أمام مروان لألا يقلق عليها، وكان يقطع الطعام ويضع في فمها من حينٍ لآخر، فكانت تلوكه بقرفة شديدة وتبتلعه بصعوبة، كانت بالطبع تتابعاها هدى وسمر بوجهين متهللين دون أن تعقّبا أو أن يلحظهما أحد، لكن بعد مرور بعض الوقت لم تستطع كارما الصبر والمثابرة وانطلقت من جديد نحو الحمام لتتقيأ فانزعج مروان وقلق بشدة وتبعها.

بعد أن انتهت كارما وغسلت وجهها وفمها، خرجت وجدت مروان ينتظرها بقلق فأمسكها من طرف ذقنها يتفقدها لكنها أسرعت باحتضانه مجددًا ودفنت وجهها بداخل صدره تتنفس عطره بعمق!

فهمس إليها: مالك يا قلبي!

فابتسمت وهي تومئ أن لا تدري، فتابع: طب لو فاكرة إسم علاج المعدة أجيبهولك عشان تعبك ما يزيدش.

فأومأت برأسها قائلة: حاضر، هدور عل روشتة.

لكن قد سمعتهما هدى، انتظرت هدى بعد أن نظفت مكان الغداء، غسلت سمر أواني الغداء وجلس الجميع في مجموعات، اقتربت هدى من ابنتها التي تشرب كوب من اليانسون الدافئ.

وتساءلت: هه! حاسة بإيه؟!

فأومأت برأسها قائلة: أحسن الحمد لله!

- ما تجبيش علاج ولا تاخدي برشامة واحدة.

- إطمني يا ماما، أنا بآيت كويسة ومش محتاجة لعلاج، مروان بس بيقلق عليّ بسرعة وبيكبّر المواضيع، شكله دور برد في معدتي.

- إسمعي الكلام، حتى لو رجّعتِ تاني، ما تاخديش أي علاج ولا برشامة لحد ما الدكتورة تديكِ حاجة مظبوطة.

- يا ماما دكتورة إيه! الحمد لله معدتي هدت وبأيت أحسن!

فنظرت هدى إلى سمر وتمتمت لها: والله قلت هبلة ما حدش صدقني!

فأكملت سمر: طنط قصدها تحللي تحليل حمل.

فوجمت كارما قليلًا ثم تابعت بصدمة: لا لا، مش معقول!

فهمست إليها هدى وهي تحاول كتم غيظها: هو إيه اللي مش معقول يا موكوسة إنتِ! مش راجل اللي قاعد ده ولا إيه!

وهنا لم تتمالك سمر نفسها وانفجرت ضاحكة بملء صوتها فرمقها عمرو فوضعت يدها على فمها بحرج لتكتم صوتها.

فقالت كارما: عجبك الفضايح بتاعتك دي! هي زغزغتك ولا إيه! وبعدين يا ماما إيه الكلام ده!

فتابعت سمر: ماليش دعوة هجيبلك اختبار وتحللي الصبح بدري وتتأكدي، ومستنية أول آلو...

فقاطعتها هدى قائلة: أول آلو بإمارة إيه! أنا أمها ولازم أطمن...

فنظرت بينهما كارما ثم قالت بخفوت: لا إنتِ ولا هي، أول واحد ده حد تاني خالص.

وثبتت نظرها نحو زوجها وتنهدت بعشقٍ كبير، فزمت هدى شفتيها بعدم رضا و تمتمت: يووه!

.................................

Noonazad  💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro