(36)
بقلم نهال عبد الواحد
في اليوم التالي ذهبت كارما إلى المدرسة وبدأت دوامها مع زميلتها المعلمة المخالفة لها طوال الوقت.
مر بعض الوقت ثم جاءت إحدى الموظفات من الإدارة واستدعت تلك الزميلة فغادرت الصف وأكملت كارما عملها دون أن تأبه لشيء ولا حتى أُثير فضولها!
لم يمضي الكثير من الوقت حتى استُدعيت كارما هي الأخرى، وقد لمحت وجه تلك المعلمة وهي في طريق عودتها إلى صفها وكانت غاضبة متذمرة؛ والذي إن دلّ فإنما يدل على أنه قد قُدمت شكوى فيها.
طرقت كارما الباب وقد بدأت تشعر بالإرهاق ولا زالت في أول اليوم؛ تبدو أنها ليست على ما يرام بشكل أكثر وضوحًا اليوم.
أُذن لها فدلفت وكانت مديرة القسم الخاص برياض الأطفال جالسة على مكتبها وعلى يمينها سيدة أنيقة لم تدقق النظر في ملامحها، لكنها تبدو ولية أمر لأحد التلاميذ.
سمحت لها المديرة بالجلوس فجلست كارما ثم وجهت إليها الكلام قائلة: أقدم لحضرتك ميس كارما، لو قلت عليها أحسن مدرسة عندي هيكون شوية عليها...
ثم أشارت نحو السيدة وأكملت: حضرتها مامي الطفل مالك.
فأومأت كارما بابتسامة باهتة وقالت: أهلًا وسهلًا.
دققت السيدة فيها بعض الوقت ثم تساءلت: حضرتك (ميكب آرتست) مش كده؟
فأومأت كارما برأسها نافية، وأجابت: لا يا فندم، أنا يادوب بجامل أصحابي وقرايبي.
- بس إحنا اتقابلنا قبل كده.
فنظرت إليها كارما ولم تعقب سامحة لها باستكمال حديثها؛ فهي لم تتذكرها وليس لديها أي طاقة لذلك: اتقابلنا في خطوبة ابن خالتي.
- وده كان من إمتى؟
- كان من يجي سنتين، وكان في المحروسة.
فأومأت برأسها قائلة: أيوة كانت خطوبة بنت عمتي.
- بصراحة شغلك هايل وبروفيشنال جدًا، وإنتِ كمان كنتِ زي القمر!
فأجابت كارما محاولة تصنّع اللطف: شكرًا.
- بس إنتِ ليه وشك فاضي؛ مش حاطة ولا حتى كحل!
كانت كارما قد ضاقت بها تلك الثرثرة الفارغة المضيعة للوقت وشعرت بفرغ صبر ولا زالت تحاول جاهدة لألا تتحول لكائن عديم الذوق، فأجابت بجدية شديدة: عشان ده مكان شغلي مش فرح ولا سهرة، أصلي عملية و وقتي ضيّق...
ثم تنحنحت وقالت بجدية: تحت أمر حضرتك.
فقالت السيدة: زي ما حضرتك عرفتِ، أنا مامي مالك.
- وأنا بعتذر لحضرتك عن اللي حصل إمبارح وأنا راضيت مالك وصالحته.
- مالك بيحبك وبيموت فيكِ، وحكالي عنك كتير، مش من إمبارح وبس، لكن التانية دي بصراحة لا تطاق، بس أنا وريتها مقامها.
- وبعدين!
- حضرتك عارفة مالك كويس، إحنا بآلنا شهر وزيادة ولسه مش بيعرف يكتب بخط حلو ولا على السطر، وبضطر في الآخر إني أمسك إيده عشان يخلّص الهوم وورك بشكل كويس.
- عارفة، واضح جدًا!
- أنا عارفة إن الميس التانية عندها حق، لكن أنا اعترضت عل أسلوب.
- كلنا هنا يا فندم اعترضنا عل أسلوب، لكن هي ما عندهاش حق ولا حاجة... ولا حضرتك كمان!
- أفندم!
قالتها السيدة بحدة.
فتابعت كارما بدبلوماسية وهدوء: شوفي يا مدام، في حاجة اسمها القدرة أولًا، يعني لازم يقدر يمسك القلم وبعد كده يكتب مظبوط، الأطفال عمومًا بينمو النمو الحركي لهم من العام إلى الخاص، بمعنى إننا بنلاقيه أول ما بيحرّك بيحرّك دراعه بالكامل وبعد كده بتظهر قدرته على الإمساك بالأشياء الكبيرة، وقتها التحكم بيكون في الكف كله، بالنسبة لعملية الكتابة واللي يبان إنها حاجة سهلة، في حين هي عملية معقدة جدًا، بتحتاج انتباه وتآزر بصري وعصبي وحركي...
لاحظت وجوم الأم فتنهدت ثم قالت: نركن الكلام العلمي ده، الطفل عشان يقدر يمسك القلم، وبقول يقدر يعني مسكة الصوابع بتحكم أكتر مش مجرد ماسك القلم وإيده سايبة.
فتابعت أم الطفل: بصراحة هو فعلًا إيده سايبة، حتى وديته لدكاترة وعملت أشعة قالولي ماعندوش حاجة!
- مش هغلّط حضرتك إنك لجأتِ للطب، في الآخر زيادة اطمئنان، لكن الموضوع بيجي بالتدريب، بيكون غرض التدريب ده تقوية العضلات الدقيقة للطفل واللي موجودة في صوابعه وده من دوره يديله القدرة على مسك القلم بتحكم أكبر.
- وده يبقى إزاي؟
- الأنشطة الفنية والحركية هي المسؤولة عن ده.
- أخليه يرسم ويلون يعني!
- التلوين هو أضعف نشاط فني، صحيح هو سهل عليّ لكنه في النهاية مش فعّال بدرجة كبيرة، وهرجع لنفس النقطة مسكة الألوان زي مسكة القلم، وحاجة كمان، أغلب كتب التلوين اللي بتجيبوها للولاد غير مناسبة لسنهم، طفل عمره أربع أو خمس سنوات لما يلون، يلون عنصر واحد وكبير، يعني الكتاب مثلًا يكون كل صفحة فيها ثمرة فاكهة أو خضار واحدة بس لكن كبيرة في الحجم، أو صورة لقلم، لكرة،... أي حاجة بشرط تكون تكون حجمها كبير ومافيهاش تفاصيل كتير، لكن اللي بيحصل إنكم بتجيبوا كتب فيها تفاصيل كتير وعناصر كتير، بالتالي بيتحول الكتاب لصفحات من الشخبطة.
- تمام، يبقى أجيبله كتب تلوين الصفحة فيها رسمة واحدة وكبيرة.
- التمارين الأكثر فاعلية واللي بشتغلها هنا وأتمنى إن حضرتك تكملي معاه في البيت، تقطيع الورق، أنا مثلًا بديله ورقة فيها رسمة معينة كبيرة، و أديله ورق أعمال ملون وأخليه يقطعه بإيده بمعنى أوضح يفتفته ويلزقه بداخل الشكل كنوع من العمل الفني حاجة اسمها (الكولاج) ممكن كمان بورق الكوريشة يقطعه وبعدين يكوره كور صغيرة ويلزقه، ممكن بالخرز أو الرز أو بذر الثمار بتغسليه وتصفيه كويس وتنشفيه ويبدأ يمسك واحدة واحدة ويلزقها، تقطيع الورق بالصوابع بشكل مطلق، مع إن وجود عمل فني بيخليه يحس بالإنجاز أكتر، التشكيل بالصلصال والعجائن المختلفة، التقاط الحاجات الصغيرة زي الكور الصغيرة أو الخرز بس يكون في حجم خرز السبحة، إنه يمسكها واحدة واحدة ويفضل ماسكها في وسط لعبة حركية معينة، ده نوع من التحكم في صوابعه، لأنه ماسك الخرزة وحسب شروط اللعبة المتاحة لو بيجري أو بيحجل، أو مثلًا في تعليمات يروح على رجل ويرجع على التانية، القفز بأنواعه لأعلى، والطويل، قفزة الأرنب والضفدعة،... وحركات كتير بيستفاد منها الطفل حركيًا وبتخلي اللعبة فيها حركات أكتر وتعلم المهارات المختلفة مش مجرد خرزة ماسكها، وكون أصلًا أي عمل في تعليمات، يعني بقوله اعمل كذا وبعد كده كذا و... وممكن أزود أكتر من مهمة بالتدريج، ده بيساعد على تقوية الانتباه، يبقى بنّمي كذا حاجة من خلال لعبة واحدة.
- جميل جدًا، حبيت أفكارك، وياريت لو تعملي لي جدول بالأفكار دي سواء في كراسة (النوتس) أو حتى ورقة وأنا هخليها عندي، أو ممكن في رسالة.
- تمام تحت أمرك، بس في حاجة مهمة، بعد كل ده هيقدر يكتب وهنحاول نخليه يكتب صح، لكن مش هنعاقبه على خطه لو مش حلو وهكافؤه لو خطه جميل، بس النقطة دي في المرحلة دي وبس، لكن مش هيكبر وتعامليه بنفس الطريقة أكيد! حاجة كمان، لو الطفل حب يكتب بخط كبير هتسيبيه براحته، مش ضروري يصغّر خطه لأن حجم خطه ده إشارة لطبيعة ثقته بنفسه.
- حقيقي حقيقي، مش عارفة أقولك إيه! أنا استفادت منك جدًا، فعلًا الكلام والتعامل مع حد متخصص مختلف تمامًا، وأتمنى إننا نكون على تواصل.
هكذا أردفت أم الطفل بسعادة وامتنان، فتابعت كارما بهدوء: ميرسيه لذوقك، وتحت أمرك في أي وقت، ورقمي مع حضرتك أي سؤال تقدري تسأليني.
فتدخلت المديرة قائلة بفخر: ميس كارما متخصصة فعلًا ومعاها ماجستير وبتحضر دكتوراه.
فأومأت أم الطفل بانبهار: واو!
فتابعت كارما: في الحقيقة هي الدُبلوما في طرق التدريس، لكن الماجستير والدكتوراه في فئة من الأطفال ذوات الفئات الخاصة.
فنهضت أم الطفل تصافح كارما بسعادة قائلة: أنا سعيدة جدًا إني اتعرفت وقابلت حضرتك، وإن شاء الله نتعاون مع بعض...
ثم صافحت المديرة وقالت: ميرسيه أوي لذوق حضرتك ولاهتمامك.
فأجابت المديرة بابتسامة: تحت أمرك يا فندم في أي وقت، شرفتينا.
وانصرفت السيدة بينما أمسكت كارما برأسها، تشعر بإرهاق شديد، وقد لاحظتها المديرة فقالت: كارما، إنتِ كويسة!
فأومأت برأسها بهدوء، فتابعت المديرة: شكلك تعبان ووشك أصفر، إنتِ ما فطرتيش ولا إيه!
فأجابت ببعض الإعياء: لا كلت، ماما مش بتنزلني من غير فطار.
- يا حبيبتي لو تعبانة خدي أجازة، ما ينفعش كده، لو بكرة لاقيتِ نفسك كده ما تجيش وهعملك أجازة.
- ربنا يسهل!
قالتها وهي تنهض واقفة، بينما بدأت تشعر بألم داخل معدتها مصاحب لليّة شديدة.
فقالت في عُجالة: بعد إذن حضرتك يا ميس.
ثم انصرفت مسرعة خارج الغرفة واتجهت فورًا نحو الحمام، فدخلت وما لبثت حتى تقيأت كل ما في أحشائها.
انتهت وغسلت وجهها وهي تلتقط أنفاسها المتلاحقة وبحالة من الإعياء تزداد؛ فهي منذ يومين وهي على هذه الحالة، لا تدع شيئًا في معدتها، بمجرد أن تأكل أي شيء حتى تتقيأه.
ذهبت إلى الصف لتكمل عملها، لا تدري كيف ستكمل اليوم ولا حتى كيف ستنفذ طلب المديرة في إجازة للراحة؛ فمنذ رفض أمها لتلك الخطبة وهي لم تعد ترغب في المكوث بالبيت على الإطلاق!
أنهت اليوم الدراسي بأعجوبة واتجهت لتذهب إلى كريم؛ فاليوم موعد جلسته، لكن صداع شديد بدأ يغزو رأسها ويزداد.
قاومته في البداية وشغلت نفسها مع كريم، لكن فاق الوضع تحملها فالألم يشتد، كما أن التعامل مع كريم كطفل توحدي يحتاج لطاقة كبيرة وقوة تحمل لتقبل مواقفه وتصرفاته المختلفة والمستفزة أحيانًا.
بدت جالسة لا تقوى على أي شيء، فاقتربت منها سلوي؛ فهيئتها تثير الشفقة لأقصى درجة.
-مالك يا حبيبتي! شكلك خلصانة! ما كنتيش جيتِ والله! يا بنتي حرام عليكِ نفسك.
أغمضت كارما عينيها تفكر في إجابة مناسبة، أو حتى ماذا ستفعل أو كيف ستعود للبيت وهي بتلك الحالة؟
لقد شردت واخترعت سيناريو خاص بها وهي تعبر الطريق بتلك الحالة فجأة تصدمها سيارة مسرعة وتصيبها تلك المرة بحق حتى تنهي حياتها.
لكنها أجابت على نفسها في نفس اللحظة تتهم نفسها: يالكِ من ساذجة تافهة وضعيفة، تريدين الهروب من مشاكلك بدلًا من حلها!
لكن! من أين يأتي الحل؟
رفض أمها واضح دون نقاش، أما هي فقد خارت كل قواها وإرادتها فجأة فلم تدري من أين تأتي بحل؟ أو حتى كيف تصمد وتواجه وتدعّم موقفها وتدافع عن حبها واختيارها؟
فأتاها صوت سلوى بخوف: كارما، يا بنتي ردي عليّ، فيكِ إيه!
فأفاقت فجأة ثم أجابت ببطء: مصدعة أوي، لو تسمحي كوباية نسكافيه مع قرص مسكن!
- حاضر، بس هجيبلك حاجة تاكليها عشان ما تاخديش المسكن على معدة فاضية.
- معلش مش هقدر آكل حاجة.
- حاجة بسيطة بس، طب حتى طبق رز بلبن.
فاضطرت كارما للموافقة؛ فهي بحاجة فعلًا لتناول أي شيء، ستفقد وعيها من شدة الإعياء والألم.
كانت جالسة على حافة فراش كريم فعادت بظهرها للخلف واستندت برأسها وضغطت عليها بقوة من شدة الألم وهي مغمضة العينين؛ فحتى ذلك الضوء يؤلمها، تكاد تصرخ بحق، تشعر أنها بحاجة لشخص يحمل رأسها عنها!
وبعد قليل جاءت سلوى تحمل صينية بها كوب من النسكافيه وطبق من الأرز باللبن وعلبة من الدواء المسكن.
وضعت الصينية أمامها وقالت بأسى: إتفضلي يا حبيبتي.
فحرّكت شفتيها: شكرًا!
بدأت كارما تتناول كوب النسكافيه ثم تناولت من ذلك الطبق رغمًا عنها، تشعر أنها لم تعد تجيد البلع كيف يكون وكأن حلقها قد تشنج، لكنها لا زالت تقاوم حتى ابتلعت ذلك القرص وأسندت برأسها للخلف وهي مغمضة العينين.
عزمت أن تغفل ولو للحظات؛ ظنت أن في ذلك راحتها، لكن مالبثت أن هاجمها وجع آخر من معدتها مع لهيب واحتراقٍ شديد، وكأنه قد نُشب حريق بالداخل.
وضعت يدها على فمها وأسرعت متجهة نحو الحمام، دلفت وتقيأت كل ما تناولته ثم غسلت وجهها.
أسندت على حوض الحمام ربما تتماسك قليلًا، تريد حتى أن تفتح عينيها لكنها تشعر برؤية ضبابية، ربما بسبب الدموع التي سالت منها أثناء تقيؤها!
حاولت التحرك وجرّ رجليها خلفها، لكن بمجرد خروجها من الحمام حتى خانتها قدماها وخرت جاثية أرضًا فاستندت على الحائط يداهمها الألم من كل اتجاه.
ربما هذه هي النهاية، ليتها تكون بحق النهاية، لكنها تذكرت مروان والذي بالكاد قد تخطّى صدمته من فقدانه حبه الأول، ماذا سيحدث له لو فارقت الحياة هي الأخرى؟!
فتحت عينيها قليلًا فتفاجأت به أمامها يبدو أنه كان ينادي عليها مرارًا ولم تنتبه إليه، لا تدري كيف ذلك؟!
ربما فقدت الوعي للحظات، أم ربما تعاني من سكرات الموت!
هكذا يُقال أن من يعاني سكرات الموت يتذكر كل لحظات حياته حلوها ومرها، ويفقد بينها الوعي، وهذا ما يحدث معها الآن!
وماذا فيها يعني؟!
قد انتهى الأجل فلن يتقدم ولن يتأخر الموعد.
فصاح مروان وهو يرج فيها بكلتا يديه ويهزها بشدة: يا كارما! فوقي! فيكِ إيه؟!
فبكت بشدة وارتفع نحيبها، ذلك البكاء المخزّن منذ يوم رفض أمها قد حان موعد تساقطه.
مهما تساءل مروان لم يجد إلا بكاء وصريخ، حتى لا ترفع وجهها إليه وتغطيه بكلتا يديها.
وفجأة شعرت بليّة أخرى شديدة تجتاحها فحاولت النهوض، لكن قدميها لا تسعفاها، فأشارت بيدها نحو فمها فأسندها مروان وأدخلها الحمام.
لم يكن يشعر أنها تسير بقدميها بل كان هو من يحملها ويدفعها دفعًا للداخل!
انحنت تتقيأ من جديد، لكن تلك المرة أشد، خاصةً ولا يوجد إلا عصارة معدتها، كان مروان يشعر بتيبس جسدها وانتفاضته، كان يمسكها بقوة من خصرها ويشعر أن معدتها هي التي ستقفز خارجًا، بل إن قوة ذلك أشعره أنها تتقعقع أنفاسها الأخيرة، وكأن روحها تنازع لتخرج فيضغط علي خصرها بكلتا يديه وكأنه سيمنعها، فتجئ انتفاضتها بقوة لتصطدم بصدره.
وهو يصيح بخوفٍ وهلع: كفاية! ما بآش في حاجة، خلاص! خلاص!
فجذبها نحو الحوض وفتح الماء وأخذ يغسل وجهها وقد استندت بظهرها على صدره وأرجعت رأسها للخلف تسندها عليه أيضًا، لكنها تنتفض للأمام بنفس حركة التقيؤ لاإراديًّا ثم تعود للخلف مصطدمة بصدره.
كان ينظر لوجهها ولتقعقع أنفاسها عبر تلك المرآة التي أمامه، لم يكن يرى إلا وجه أمنية يوم ولادتها بنفس تقعقع أنفاسها وشحوبها الشديد وانعدام الحياة من وجهها وبرودة أطرافها.
أسندها وخرج بها من الحمام وشعر بها بلا حراك فخذلته قدماه هو الآخر وهبط أرضًا بها، يخبط على وجنتيها برفق وقد غابت تمامًا عن الوعي.
صاح بملء فمه: لا يا كارما، لا أرجوكٍ، بلاش تسيبيني، مش كل شوية تعمليها فيّ، كارما، كارما، فوقي!
كان يخبط على وجهها ويضمها إليه بشدة وبدأ يجهش بالبكاء، ثم يتحسس رقبتها يتفقد نبضها، لكنه لم يجد شيئًا.
برودة جسدها، عدم شعوره بنبضها، لا يقر إلا أنها قد فارقت الحياة...
.....................
.......................................
Noonazad 💕❤💕
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro