Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(35)

بقلم نهال عبد الواحد

دارت عينا هدى بينهم جميعًا وركزت تحديدًا على كارما الجالسة بخجلٍ شديد تتفقدها وتتفقد ملامحها وانطباعاتها، ثم قالت: ودي فيها كلام ولا محتاجة رأي!

فتهللت أسارير الجميع لكنها تابعت قائلة: طبعًا لأ!

فأهدر عمرو بصدمة: لأ!

فصاحت فيهم: أيوة لأ! على آخر الزمن هجوز بنتي واحد متجوز ومخلف كمان!

فتدخل مجدي: كان متجوز ومراته الله يرحمها!

فأكملت: ولو! وبعدين ده مخلف عيل معتوه يعني خلفته كلها هتبقى معاتيه!

فصاح مجدي: جرى إيه يا هدى! إيه اللي بتقوليه ده! كان ربنا إدانا علمه!

- وأنا مش هرمي بنتي حتى وهي مقربة على التلاتين، خلص الكلام ياابو عمرو، لأ يعني لأ! وبعدين ده لا وقته ولا مكانه...

ثم نهضت واقفة قائلة: الساعة عدت ستة والناس على وصول، هدخل أحمّر الموغات وأجهزه، وإنتِ قومي جهزي الفناجين والأطباق عشان الكسكسي.

فتدخلت سمر قائلة: هغسلهم أنا يا طنط.

- خليكِ إنتِ جنب ابنك.

- سيف نايم دلوقتي وماما جنبه شوية وهتغير له، ولو عيط أبقى أدخل أرضعه.

فتركتهم هدى دون أن تلتفت لابنتها بعكس سمر التي تبعت انفعالاتها قبل أن تتبع هدى للداخل.

كانت قولة هدى بالنسبة لكارما هي خنجر قد غُمد في قلبها على فجأة، ظلت واجمة بلا أي انطباعات لكنها لم تبكي، تنهار، تناقش، لم تتساءل أو تنطق ببنت كلمة حتى لم تلتفت لأيهم ربما لم تستمع لكل ما قيل بعد كلمة لا.

بدأ الزائرون بالمجئ وكانت هدى تتصرف بطبيعتها ترحب بالجميع وتحكي، تضحك، تدخل وتخرج من المطبخ لإعداد ما يُقدم للضيوف بل وتنادي على ابنتها لتأخذ منها وتقدّم للضيوف وكأن شيئًا لم يحدث كأن قولتها الهينة بالرفض لم تؤلمها أو تقتلها بدل المرة مرارًا.

رسمت كارما على وجهها ابتسامة مزيفة أمام الجميع؛ لا طاقة لها بأي تساؤلات أو الخوض في مناقشات، لم تعي لكل ما يحدث كانت تتحرك مبرمجة كإنسان آلي تحمل صينية المشروبات وتقدمها ثم تعود لتأخذ الأكواب الفارغة وتتجه إلى المطبخ تغسلها لتملأها من جديد وهكذا تفعل مع الأطباق ولا زالت ترسم تلك البسمة على شفتيها.

لم تنتبه لأحد، لتفاصيل الحفل، حتى لكلمات من حولها ولا تتذكر إن كانت قد أجابت عن كلامهم أم لا، وإن كان هناك ردًا لم تتذكر ما قالته!

فقط تشعر بألم الطعنة، قلبها يؤلمها بشدة تشعر أنها ستلتقط أنفاسها الأخيرة فورًا، تشعر بقلبها ينزف تختلس النظر نحو صدرها من حينٍ لآخر؛ كأنها تنتظر أن ترى بقعة من دمها النازف من قلبها يلطخ كنزتها البيضاء.

اندمج الجميع وسط الناس عدا عمرو وسمر كانا طوال الوقت يتبعان كارما وتأثرهما وإشفاقهما ظاهر عليهما لدرجة جعلت البعض شك أنهما متخاصمان!

وبعد فترة كانت سمر ولمياء تجلسان في إحدى الحجرات لتقوم كلًا منهما بإرضاع طفلها، فتساءلت لمياء: مالكم يا بنتي بوزكم شبرين كده ليه؟! إنتو متعاركين!

- والله لأ! كذا حد سألني السؤال ده إنهاردة هو في إيه؟!

- قولي إنتِ طب في إيه؟ حاسة بشحنة كهربا في الجو، في حاجة مش طبيعية!

- شوفتِ كارما!

- يا بت مااحنا لسه متصورين مع بعض إحنا التلاتة وشيرتها في ساعتها دلوقتي وعملت كمان تاج ثلاثي الأبعاد.
قالت الأخيرة بفكاهة.

- مش واخدة بالك من حاجة!

- كارما الفترة الأخيرة عاملة زي الرجل الغامض بسلامته، لا تعرفي لها فرحانة ولا زعلانة ولا إيه بالظبط، مع إنها جاتلي عند ماما بعد الولادة كنتِ تحسي إن الفرحة بتنط من عينيها.

- فاكرة موضوع مروان؟

- ماله!

- مروان كان كلّم عمرو بالظبط يوم ما ولدت، إنهاردة بأه بيفتحوا الكلام مع كارما يعني عشان عمرو يكلمه ويحدد معاه ميعاد يجي فيه رسمي وكده، جت طنط هدى قالت لأ بالثلث قبل الناس ما تيجي بالظبط!

- وده ليه إن شاء الله؟!

-  عشان كان متجوز ومخلف، وخلفته قال هتبقى كلها مش طبيعية.

- هي قررت وحكمت كده!

- مش عارفة، خايفة على كارما أوي، سكوتها بالشكل ده ما يطمنش، ماردتش حتى عينها ما دمعتش، مش عارفة الموضوع ده ليه بقية ولّا ممكن يتفتح تاني ولّا لأ؟!

ثم سكتتا ولم يُسمع إلا صوت تنهيداتهما مع بعض أصوات للوليدين.

كان مروان طوال تلك الفترة بين عمله وبحثه عن شقة جديدة مناسبة لتكون عش الزوجية لهما، ولازال محافظًا على وعده لعمرو في عدم التواصل بكارما.

أما عن كارما فتابعت عملها، دراستها وجلساتها مع كريم لكن لم تعد كارما، صارت شخصًا آخر بل ربما تحولت لقطعة جماد، تعمل كالآلة بدون روح بدون ملامح بدون حوار، صار الكلام مجرد ردود في أضيق صورة.

ليس لديها أي فكرة عن نتائج المناقشات بين والديها بشأن ذلك الموضوع، ولم تحاول حتى إقناع أمها، الضغط عليها أو حتى مشاكستهما المعتادة، فأمها واثقة أنها على حق وتخاف على ابنتها من التعاسة؛ فكما المثال القائل «وجع ساعة ولا كل ساعة!»

لم تختفي آلامها ولا أوجاعها بل كانت في ازدياد لدرجة ستزهق روحها، كم تمنت ذلك!

في كل ليلة تتمنى أن تكون الأخيرة لكنها تتفاجأ أنها تستيقظ مجددًا في اليوم التالي!

كثيرًا في أشد أوقات ضيقك تشعر أن الجميع ضدك وكل شيء تواجد ليزيدك غضبًا وضيقًا! وكان ذلك متمثّل في المعلمة التي تشاركها الصف هذا العام؛ أسلوبهما مختلفان ولا تتفقان ولا تتقبل من كارما أي نصح أو تعديل، ربما لو كان في أي توقيت كان الأمر سيمر وكانت ستتغافل عنه لكن تلك الأيام كارما لا تطيق حتى طنين الذباب، فربما لو أزعجتها إحداهم لتقاتلت معها!

وذات يوم بينما كانت في الفصل مع الأطفال تتابعهم في كتابة الأحرف الأبجدية؛ فالأطفال الوحيدون الذين تنسى كل شيء معهم وبينهم؛ فمهما نسيت نفسها لم تنسى قط دورها الأكاديمي والتربوي وأن هؤلاء لا ذنب لهم لتنفّس فيها غضبها وألمها، بل لن يستوعبون ذلك، فقط سيظنون أنها تكرههم!

لكنها تفاجأت بصوت تلك المعلمة المصاحبة والتي تصيح في أحد الأطفال وتمزّق إحدى ورقات دفتره وتلقيها في وجهه: ده خط ده!

فاندفعت نحوها كارما بقمة غضبها: جرى إيه يا ميس! إيه الطريقة دي! ده أسلوب ده!

فنهضت واضعة يديها على خصرها وقالت بتهكم: وإنتِ بأه اللي هتعرفيني الأسلوب!

تنهدت كارما بفرغ صبر ثم أهدرت: أنا اتفاهمت معاكِ أكتر من مرة وكل ما أتفق على حاجة لازم تعملي عكسها مفيش ولا مرة نفذتِ اللي اتفقنا عليه! أما بخصوص الأسلوب، فمش هقولك إن أسلوبك مش تربوي، لا! ده مش أسلوب بني آدمين من أساسه!

فصاحت فيها: والله! طب هوريكِ يا كارما!

وتركتها مغادرة الصف بعنف وصفقت الباب خلفها بقوة، فجلست كارما زافرة بقوة متأففة بضيق، ثم تمتمت وهي تمسح وجهها: أستغفر الله العظيم! يارب!

ثم التفتت لذلك الطفل الذي عنّفته المعلمة وكان يبكي في صمت فنادت عليه بصوتها الحنون وهي ترتسم ابتسامة ثقيلة: تعالى حبيبي.

وفتحت ذراعيها فأسرع داخلهما وربتت عليه ومسدت على شعره برفق، ثم قبّلت رأسه وهمست: ما تزعلش، هعملك هوم وورك جديد وهرسملك أحلى رسمة في الكلاس وهتقعد جنبي تكتب زي الشاطر، ماشي يا سكر!

فأومأ برأسه فتابعت: طب روح اغسل وشك يلا.

وبعد خروج الطفل مسحت كارما على وجهها مجددًا تتنهد بمرارة و وجع، فطُرق الباب ودخلت إحدى المعلمات فتساءلت: في إيه يا كارما!

فأومأت برأسها أن لا تعرف، فتابعت الأخرى: طب قومي عايزينك في الإدارة وأنا هستنى هنا.

فزفرت كارما بضيق ونهضت بتثاقل ثم خرجت واتجهت نحو مكتب المديرة المسؤولة عن قسم رياض الأطفال تجر قدميها خلفها، طرقت الباب ثم دلفت وألقت  السلام فأذنت لها بالجلوس فجلست، ثم تساءلت: في إيه يا كارما! الميس بتشتكي ليه؟!

فتنهدت كارما قائلة: ياترى قالت إيه؟! هل قالت إنها مش متعاونة، قالت إن أسلوبها في التعامل لا يليق ولا يرتقي بمعلمة، قالت إنها قطعت الكراسة ورمت الورق في وش الطفل بعد ما صرخت في وشه، ونشوف بأه بكرة ولا بعده أهله هييجوا يشتكوا ولا إيه!

- ده ولد خطه زفت!
هكذا صاحت.

فأجابت كارما زافرة بفرغ صبر: طب أرد أقول إيه!

ثم قالت بتهكم: إزاي سيادتك ما انتبهتيش ولا مرة إن صوابعه ضعيفة! وبدل ما تدربيه عشان تقوي صوابعه بتعنفيه وعايزاه يكتب مظبوط وع السطر كمان! القدرة أولًا سيادتك.

- لا والله! أصل مفيش غيره ف الكلاس! وبعدين ميت مرة قولت لك أنا ما باخدش أوامر منك، إنتِ زيك زيي!

- طب إيه رأيك سبيه خالص الولد ده وهكون أنا اللي مسؤولة عنه.

- هتقسميها حضرتك!

فصاحت كارما بغضب: اللهم طولك يا روح! عايزاني أعملك إيه يعني! عمالة أتحايل عليكِ وأدور لك على حلول وإنتِ مفيش فايدة فيكِ!

فصاحت المديرة: كارما!

فسكتت كارما ثم قالت بهدوء مصطنع: آسفة.

فقالت المديرة للمعلمة الأخرى: إتفضلي إنتِ عل كلاس يا ميس، وبلاش حكاية تقطيع الكراسات دي إحنا مش ف السوق هنا.

فأومأت برأسها وانصرفت بغضب، ثم التفتت المديرة نحو كارما وتساءلت: مالك! اللي أدامي دي مش كارما أبدًا.

فأومأت برأسها وقالت: مفيش يا ميس، مجرد إرهاق.

- بس إنتِ مش عجباني.

فابتسمت بسخرية وقالت: ولا عاجبة نفسي.

- طب أساعدك إزاي؟! نفسي ترجعي مشرقة ومفتحة زي زمان!

- لو عايزة تساعديني بجد، إصرفي البنت دي بعيد عني، خليها ف كلاس تاني، لو مفيش حد أنا راضية أكمل لوحدي، لكن كده هنجلط قريب!

- بعد الشر عليكِ، هشوف الموضوع ده وأحاول أبدل مع حد تاني، وياريت تنفع.

فأومأت كارما برأسها بامتنان ثم استأذنت وأكملت يومها.

أما عن مروان فكان يشعر بضيق تلك الأيام دون سبب محدد، يجئ من عمله يأخذ حمامه، يجلس قليلًا مع كريم إن كان لا زال مستيقظًا ثم ينام أو يحاول النوم، لكن اليوم كان كريم نائم فدلفت إليه أمه وكان مستلقيًا في فراشه فنهض بمجئ أمه.

وتساءل: أخبار كريم إيه؟

فأجابت بتنهيدة: زي ماهو، كارما بتقول كويس وفي تحسن طفيف، بس أنا مش شايفة حاجة.

- هي أدرى بشغلها وأنا بثق فيها جدًا.

فأومأت برأسها فأطال مروان نظره لأمه ثم تساءل: مالك! فيكِ حاجة كده!

- كارما.

فانتفض معتدلًا فجأة وتساءل بلهفة فجائية: مالها!

- متغيرة كده، تحسها دبلانة مهمومة شايلة في قلبها وساكتة، مش عارفة، بس مش عادتها.

فتمتم: كان قلبي حاسس إن في حاجة.

سكت لبعض الوقت يفكر ثم أخيرًا قرر فتح مواقع التواصل الاجتماعي وتصفحها بحثًا عنها، فوجد آخر ظهور لها قرابة أسبوعين، فازداد قلقًا وهلعًا من داخله، فتصفح صفحتها، فوجد صورتها بصحبة سمر ولمياء مع الوليدين يوم حفل السبوع، لكن شتان بين هذه الصورة والصورة الأخرى التي التقطتها يوم ميلاد ابن أخيها التي يحفظها عن ظهر قلب ويحفظ كل تفاصيلها؛ فهو يتفقدها كل يوم وكل ليلة لتكون أول ما يرى وآخر ما يرى.

إنتابته غصة شديدة لا يدري سببها إلا أمرًا واحدًا، إنها تعاني وليست أي معاناة، ترى ما تلك المعاناة التي تطفئها وتذبلها بتلك الصورة، لينطفئ من وجهها نضارته وأي مظهر للحياة، صار أشبه ما يكون بوجه الأموات، وتلك العينان التي تأسراه دائمًا وتغرقه في بحرها لا يقرأ فيهما إلا وجع أليم وعذاب لا نهائي...

...................

.......................................

Noonazad  💕❤💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro