حين أدرك ما تنطق به شفتاه .. حين ادرك بأنه يوشك على كشف ستار حقيقته أمامها بحماقة انجرافه لمشاعره اطلق سراح أناملها وهو يبتعد بخطى مترنّحه بصمته المخيف وسط صخب الاطفال الضاحكين ..
كاد يترنّح حين اجتاح الألم والصداع رأسه ليتصل بحواس أذنيه اللتان كانتا مضغوطتان والطنين يجتاحهما، تسللت ذراع المقنع الأرنب الذي تمسك بكتفيه قبل ان يسقط ، أدار تايهيونغ عينيه الذابلتين اللتانِ تهددانِ بالإنهمار نحو الأرنب المقنع ..
وأبعده عنه بحركة كسولة يمشي مبتعداً وسط استغراب المقنع القط الذي خلع قناع الرأس واتضح انه جين ..
ليضع قناعه فوق رأس الطفل هيوجين وخلع الزيّ ليتركه أرضاً يلحق بصديقه الذي يمشي بضياع عن العالمين .. عن صخب الكون ومسامعه..
توجه نحو الزقاق الذي في الجهة اليسرى من دار الأيتام وهو يتكئ على الجدار يضم كلتا أذنيه براحتيّ يداه .. فجلس جلسة القرفصاء مصدوماً ينظر للفراغ بينما يسترجع ذكريات لقاءه مع يوري للمرة الأولى بعد غيبوبتها الطويلة.
لقد عاملها ببرود مصطنع وقلبه كان يتكسر لآلاف القطع ..
ورغم انها لا تتذكر من هو فلقد حاولت اختراق جداره مجدداً رغم انه شدد بناءه .. كما كانا أيام الصِغَرْ ..
لقد ركبت فوق ظهره الْيَوْم كما كانت تفعل يوري الصغيره ..
لطالما كانت هي حبه الاول .. تلك التي وعدها بأنه سينشئ معزوفة خاصه لها ، التي وعدها بأنه سيتزوج منها .. تلك التي اقسم على ان يقطع علاقته بها بسبب موت جدته دون ان يجد المقدرة على توديعها ..
يوري .. طالبة الدوام الجزئي المزعجة .. هي تلك الطفله التي انتشلته من وحدته حين كان طفلاً .. هي التي لوّنت رماديّة طفولته .. هي يوري التي كانت احد أسبابِ ابتسامته الْيَوْم . وهي زوجته التي لا تتذكر هوية زوجها الموسيقار الأصم، والذي قطع على نفسه وعد ألا يقحمها بدوامته وبؤسه .. ولكنه يشتاق اليها بشدة ..
ذُعِرَ من فكرة اكتشافها لحقيقة كونه اصبح موسيقاراً اصم وبائس اعتزل موهبته .. فكم سيخيب ظنها وكم ستشفق على حاله حين تكتشف ان مُسيقارها المفضل أصمّ ..
خاف ان تلاحظ إعاقته .. هو لا يريد ان يشعر بالخزي أمامها بل بالفخر .. يريدها ان تفخر به لا ان تُشفِقَ عليه ..
وبسبب خوفه الشديد وتوتّره ازداد ألم أذنيه بسبب الضغط النفسي وتسبب هذا بطنينٍ مزعج اجتاح مخارج السمع المفقود ..
إنتشلهُ من أفكاره المرعبه جين الذي ربت على ظهره يجلس على ركبتيه بجانبه ، فانتفض مرعوباً لانه لم يسمع خطى أقدامه من الخلف .. وحين رفع عينيه الذابلتين الجميلتين بعسليّتيهما كان يغطي أذنيه بكلتا يديه مما جعل قلب جين ينقبض حزناً على حال صديقه ..
" مالخطب تاي ؟ .. لماذا هربت فجأه ؟ .. الأطفال يبحثونَ عنك "
لم يرغب تاي بمعرفة اشياء لا يكترث بشأنها في الوقت الحالي ، فأشاح أنظاره ينظر للفراغ .. ليضع جين كلتا يديه فوق يدا تاي ويجبره على النظر الى وجهه مباشرةً يقول بجدية
" تكلم معي حتى افهم ما خطبك ! لا تشيح بنظرك عني أفهمت ؟! "
استشعر تاي غضب جين منه بمجرد النظر الى تعابيره القلقه .. ليرتجف ذقنه مهدداً بإنهمارِ دموعه الساخنه التي انزلقت على وجنتيه الباردتين اثناء ما كان يتلفظ بكلماتٍ بنبرةٍ منكسره لا يسمعها حتى ..
" أنا متخم بالكثير من المشاعر،أشعر بالذنب لأني أخفي عن يوري حقيقة كوني زوجها، وأشعر بالخزي وانعدام الأمان خوفاً من أن تكتشف اني أصم، وأشتاق اليها كثيراً "
أومئ له جين يسايره خوفاً من ان يعود تاي لحالته البائسة تلك ، لا يريد ان يرى صديقه يغرق بحزنه على نفسه مجدداً ..
نطق تايهيونغ بصوتٍ مبحوحٍ يتخلل زواياه الحزن الشديد وهو يضرب أذنيه بحركة خفيفه كمّن ينتظر سماع شيء ..
" يوري .. يوري ستقول مشفقةً ؛ موسيقاري الأصم خسر موهبته .."
تساقطت الدموع من عينيه المحمرّتانِ وزفر بضيق ليبعد يداه عن أذنيه المعطلّتين يقول ساخراً من حزنه
" ستبكي على حالي البائسة وستصيبها عدوى حزني ، بدلاً من ان تبكي فخورةً بصديق طفولتها وزوجها وهي تصفق على أدائه في المسرح الذي لن يقف فيه مجدداً .. "
شعر باليأس الشديد لدرجة انه تشبّث بياقة صديقه يقول
" جين ساعدني .. لا اريد ان اصبح بنظرها شخصاً بائس .. على يوري ألّا تلاحظ إعاقتي .. ارجوك ساعدني "
قال جين وهو ينظر مباشرةً لوجه تاي الذابل حزناً
" لنذهب من هنا .. يوري تشكّ بك منذ اول لقاء بينكما .. إن بقيت اكثر ستتأكد أنك تاي تاي نفسه الذي شاطرته ذكريات طفولتها .. وحينها ربما ستكتشف حقيقة كونك زوجها "
فأجبره جين على الوقوف بيبتعدان عن المكان .. عن يوري وشكّها .. عن صديقة الطفوله التي لا تعلم ان زوجها الموسيقار خسر سمعه .
في المساءٍ المُكفَهِرّ ، حيث انسابت قطراتُ الندى من فوق سقيفة شرفة تايهيونغ الذي كان يجلس فيها مع صمته .. غير مدركٍ لظهور جونغكوك من خلفه يجلس بجانبه ينظر اليه بقلق صامت .. ليتنهد تايهيونغ بتملل قائلاً
" منذ متى وانت تعرف بشأن هذا الأمر ؟ "
ارتعب جونغكوك لوهله ثم تنحنح بارتباك يقول حين نظر اليه تاي بحاجبٍ مرفوع ..
" جين لا يغلق فمه ! انت تعلم بأنه ثرثار جداً ! لم استمع اليه لأني فضولي بل لأني املك فتحتا أذنان .. صدقني .. "
ابتسم تايهيونغ بشحوب ثم اطرق قائلاً اثناء ما كان يتأمل النجوم المضيئه والمنتشرة في عتمة صفحة السماء ..
" لقد اشتقت لسماعِ صوته الثرثار .. كم انت محظوظ جونغكوك .. "
عبس جونغكوك لسماع ما يتلفظ به صديقه مجدداً .. فقال جونغكوك وهو ينظر الى تاي ذو التعابير الحزينه الذي يتأمل صفيحة السماء بإبتسامةٍ مصطنعه
" لو بمقدوري .. لأعطيتكَ حاسة سمعي دون تردد .. فقط لو بمقدوري يا صديقي .. ولن أندم حتى .. فقط لو أنني استطيع "
في صباح يومٍ جديد ، مشرقٍ بضياء أملٍ متجدد .. كانت يوري منشغلة بتنظيف الأرضية في المطعم اثناء ما هي تتثائب لأنها لم تنام جيداً بالأمس .. بينما كان تايهيونغ يراقبها اثناء تظاهره بالإنشغال بهاتفه .. حيث يجلس على الأريكة السوداء وساقيه متباعدان .. وكانت في كل مرةٍ تدير ظهرها له كان يرفع مقلتيه نحوها بحذر مضيقاً عينيه .. وحين تلتفت مجدداً له كان يعاود التظاهر بالإنشغال على هاتفه ..
أمالتْ رأسها باستغراب من تصرفاته المشكوكه ، ووضعت العصا جانباً تتوجه نحوه حين كان يتظاهر باللعب بهاتفه .. طرقت بحذائها الأرض كي يسمعها فرفع ظهره لأنه احس بظهورها وقال متظاهراً بعدم المعرفة
" ما بالُ هذه التحديقه المريبه آنسه يوري ؟ "
بلّلت شفتيها اللتان كان ينظر إليهما منتظراً ان تتكلم .. لتجلس امامه جلسة القرفصاء وهي تعيد خصلات شعرها التي تمردت فوق جبينها .. وقالت آمِرَه
" أعطني يدك اليمنى "
حين قرأ لغة شفتيها إهتزّ شعوره .. وتظاهر بالجدية يقول
" لما عليّ إطاعة موظّفةٌ تعمل لدى صديقي ؟ "
لتسحب يده بتملل وتشبك أنامله النحيلة بخاصتها البيضاء وسط ذهوله من فعلتها .. لترفع خضراوتيها تقول ساخره
" لقد امسكت يدي هكذا "
سحب انامله بإنزعاج لتضحك بعفوية قائله
" انت تتصرف بغرابة منذ الأمس .. و منذ الصباح عيناك العسليه هذه لا تفارق هيئتي .. هل انت تراقب عملي كي تقرر ما اذا كنت ذات مؤهلات عاليه .. ام انت تشعر بالفضول تجاهي كما اشعر تجاهك ؟ "
كانت كمّن يلمح لشيءٍ يعرفه هو ايضاً ، كمّن يحاول رمي فرصة جاهزه امام أقدامه .. ولكنه ركل تلك الفرصه بخوف بقوله بلكنة رجولية استفزتها
" بالطبع اراقبكِ كي ارى مؤهلاتك .. واكتشفت أنكِ متكاسله "
اغلق هاتفه ونهض لتنهض قبالته لترتطم انفاسها بذقنه مما سبب له رعشة غريبه ليشيح رأسه للجانب الآخر بإرتباكٍ طفيف .. ابتسمت ابتسامة جانبيه لمقدرتها على جعله يرتبك هكذا ..
وقال بصوتٍ خافت كمّن يحاول إنهاء الأمور لان لا وقت لديه
" هل لكِ أن تبتعدي عن طريقي ؟ "
همهمت بفضول ، ثم قالت اثناء ما كانت تستغل فرصة كونها قريبه منه وهي تتأمل تفاصيل بشرته الجميلة
" انت خجولٌ جداً امام الفتيات .. تُذكِّرني بشخصٍ ما "
لتبتعد عنه فزفر بأريحية يتنفس الصعداء وسط ابتسامة المتعه خاصتها .. وخرج من المطعم لتجلس فوق الأريكة خاصته وهي تعبس قائله
" أحمق "
" من الأحمق ؟ "
قالها جونغكوك الذي تسمّر مكانه اثناء نزوله السلالم فور قولها لتلك الكلمة .. فالتفتت نحوه وهي تقول بضجر
" لقد نظفت كل شيء رغم ان لا زبناء هنا بعد .. أردت التحدث قليلاً مع صديقك تايهيونغ ولكنه تجاهلني وخرج لتوّه "
مشى بخطى سريعه نحوها وجلس بجانبها يقول بحماس
" سوف اخبركِ بسرٍّ خطير عن تاي تاي وجين "
اعاراته اذنها ليهمس لها بخفية فور نزول جين الذي كان يحكّ عضلات بطنه من أسفل كنزته الحمراء وشعره الاشقر فوضوي بجمالية ..
" من سمح لهذان المهرجان بالبقاء وحدهما معاً ؟ "
هذا ما قاله جين بصوته الكسول الناعس اثناء ما كان ينظر لجونغكوك ويوري اللذان كانا يضحكان وحدهما .. وقف امامهما متجاهلاً كونه يبدو رثّ المظهر رغم ان هذا لم يؤثر بوسامته قط ..
" مالأمر المضحك ؟ "
مسحت يوري دموع الضحك بينما جونغكوك تظاهر بأنه لم يكن السبب ، فقالت وهي تصفع ظهره من شدة الضحك
" لو أخبرتك سوف أتسبب بوفاة جونغكوك ! "
فقال جونغكوك متظاهراً بالرزانه والهدوء يخاطب يوري برسمية وهو يعض على شفته
" سأقتلكِ ان اخبرتي هذا الثرثار .. سوف ينتشر الخبر حول باريس بأكملها ما إن يسمع ما قلت لكِ ، وسوف يعلّقني تايهيونغ رأساً على عقب بسببكِ "
لتغلق يوري فمها بيدها وهي تنظر مصدومة نحو جين الذي أغتاظ من جونغكوك واقترب منه يعصر رأسه بين يديه كطريقة تعذيب اثناء ما يقول
" إلى أي درجة شوّهت سمعتي عند يوري ؟! "
فقال ليوري اثناء ما كان يعصر رأس جونغكوك الذي يتأوه متألماً
" مالأمر المضحك ؟ اخبريني وسوف ارفع من راتبك "
لمعت عينيها بطمع وحين كاد جونغكوك ان يهددها اغلق جين فمه وهو يبتسم لها قائلاً
" أنا أعدكِ "
فرقعت أناملها تقول وسط محاولة جونغكوك للإفلات
" جونغكوك قال أنك عبد تايهيونغ الخاص وأنك تهابه ودائماً ما تلبِّي طلباته خوفاً من شتائمه اللا متناهية ، وان تايهيونغ تسونديري احمق يمشي اثناء نومه "
قالت جملتها فور دخول تايهيونغ الذي كان يحمل معه كيس رامين سريع الطهي وهو ينظر للفوضى امامه مستغرباً .. ابتلع جونغكوك ريقه يحاول الهروب لو لم يتشبث به جين قائلاً يبتسم بمكر
" الى أين تنوي الهروب ايها الحمل الصغير ؟ "
اقترب تايهيونغ نحوهم وقال بتساؤل وهو ينظر الى يوري التي كانت تحاول كبت ضحكتها الموجهه نحو جونغكوك الذي يهمس لها مهدداً تحت انفاسه المخنوقة بسبب جين الذي يجلس فوقه
" مالذي يحصل هنا ؟ "
فقال جين ليوري وهو يغلق فم جونغكوك الذي كاد ان يصرخ
" أخبريه بما قال لكِ جونغكوك وسوف انفّذ الوعد بزيادة راتبك ! "
فنهضت تقف امام تايهيونغ وهي تقول بحماس بينما كان يحاول تمالك نفسه ومشاعره أمامها .. و
" جونغكوك قال أن جين عبدكَ الخاص وأنك متسلط لا تحترم من هم اكبر منك ودائماً ما تشتمُ اكثر مما يشتم الرابر إيمينيم ، وانك تسونديري احمق تسير اثناء نومك "
كاد فكّ تايهيونغ يسقط مصدوماً مما قرأ من شِفاهِ يوري المتحمسة بحديثها ، ليفسّر عن اكمامه وهو يسلّمها الكيس و يتوجه نحو جونغكوك المحاصر من قِبَلِ جين يقول
" هذا التسونديري سوف يجعلك تبلع لسانك ايها الثرثار الماكر "
فغرقت يوري بالضحك على صراخ جونغكوك الذي كان يتم تعذيبه من قبل صديقاه اللذان شوّه سمعتهما أمامها .. فقالت ضاحكة بمكر تخاطب نفسها بصوت خافت
" يا رفاق . . الثرثار الحقيقي والماكر هو انا "
في الظهيرة ، نزل تايهيونغ السلالم حين شعر بالضيق .. لم يعد يحتمل البقاء في غرفته وسط الصمت بين أربع جدران .. جونغكوك لا زال في الكلّية وجين في عمله الأساسي ..
وقف وسط الشارع ضائعاً .. يريد الهروب الى أي مكان .. رغم انه مهما هرب والى أين ذهب .. لن يجد الصوت ابداً .. لم ولن يعتاد على الصمت المخيف والغراب الاسود الذي يعانق ظهره مِن الخلف .. زفر بضيق وهو ينظر الى خلفية شاشة هاتفه التي كان وجه جيمين الباسم الثغر والفخور بتاي يجتاحها بينما يضع رأس تايهيونغ فوق كتفه ويده فوق رأسه وكلاهما يبتسمان و ينظرانِ لجونغكوك الذي التقط تلك الصوره لهما قبل سنتين خلف الكواليس بعد انتهاء حفل تايهيونغ الموسيقي والأخير قبل الحادث الذي غير حياته وحياة جيمين بأكملها ..
انقبض قلب تايهيونغ وكاد يختنق من عبرة البكاء ..
شعر بالإشتياق لذلك الصديق الراحل ..
الذي مات وحيداً دون ان يلحظ أحدٌ حزنه ..
شعر برغبة جامحه لرؤية قبره والتحدث معه عمّا يُطبِقُ على قلبه ..
ويخبره بما حلّ فيه بغيابه .. وبأن تأنيب الضمير يقتله بصمت ، كصمته المميت ..
وقف امام قبر صديقه وجلس على ركبتيه يلمس رقعة تاريخ وفاته بأنامل مرتعشه ، اطلق تنهيدةً علّ ألم قلبه يهدأ قليلاً .. وقال بصوتٍ مرتعش
" إني يائِس يا صدِيقي جيمين ، لا نجَاه من هذا اليأس، حين أخبرتهم بأني تخطيت موتك ، تلك كانَت كِذبه, لَست بِخَير أنَا أنزِف ، لَم أتخطى الأمر بَعد .. لم ولن أتخطّى رحيلكَ القاسي هذا "
إستلقى بجانب القبر فوق العشب الرطب ينظر للسماء الشاسعة ونفث ساخراً يبتسم بهزو وقال
" أنا حقاً لا ألومك ، لإختياركَ الموت سبيلاً للخلاص من هذا العالم البائس .. لا أسمعك ، لا اسمع ! .. خائف جداً بدونك يا جيمين .. كوني لا أزال أتنفس حتى الآن .. مُعجِزَه .. يوماً ما .. سوف أتشجع مثلك .. يوماً ما سأتخذ مثل قرارك هذا وأجعلهم يعانون مثلهما فعلتَ بي "
إهتزّ هاتفه وخرج من أفكاره الإنتحارية ، ليخرج هاتفه من جيبه ويجيب على اتصال الفيديو من قِبَل جين الذي قال مرعوباً
" أين انت ؟ ماذا تفعل ؟ "
ابتسم تايهيونغ دون فكاهه ورفع الكاميرا ليُظهِرَ قبر جيمين بجانبه .. لتتسارع دقات قلب جين الذي جفّ حلقه وهو يفكر بكل احتماليات أسباب ذهاب تاي الى هناك .
" تاي انظر الى شفاهي .. ارجوك "
كان تاي يتعمد إغلاق عينيه وهو يبتسم ساخراً بقسوة ، واغلق الخط عن جين ينهض من استلقائته ينظر للفراغ الشاسع ..
" جيمين .. انا اكرهك .. لقد جعلت بؤسي يتضاعف من هذه الحياة "
لينهض بتثاقل مبتعداً عن قبر جيمين بخطى مترنّحه من شدة حزنه ..
لم يدرك أين جرّته قدماه .. حتى لاحظ انه يقف امام مبنى مسرح الموسيقى الكلاسيكية التي لطالما أقام حفلاته فيها ..
شعر بأنه من الخطير ان يبقى هنا ، الصحافيين يملؤون المكان .. وان لمحه او ميّزه احدهم لن يستفيد شيئاً سوى البؤس والضغط النفسي .. لهذا تراجع مبتعداً ، لو لم يستوقفه صحفي من الخلف وهو يمسك بمعصمه قائلاً
" الموسيقار تاي جيرالد ؟ "
التفت مرعوباً من تلك اليد التي فاجئته ، وتوسعت عينيه حين رأى بطاقة التعريف الخاصه بالصحفي الذي يحدق فيه مركزاً .. ليضحك بحماس قائلاً
" انت هو الموسيقار تاي جيرالد ! انا متأكد "
ليهز تايهيونغ رأسه نافياً بينما يخفض رأسه بخوف ، وهو ينفض يده ينوي الابتعاد لو لم يسمع الصحفيين الآخرين كلام ذلك الصحفي الصاخب .. وبلحظة خاطفة وجد نفسه محاصراً وسط الصحفيين الصاخبين والذين يرمون عليه اسئله لا يستطيع سماعها .. حاول التنفس وسط هذا الجمع الذي يخنقه ولكنه لم يستطع .. يشعر بالضغط الشديد والخوف المميت .. افواه الجميع البكماء تتحرك ولكنه لا يستطيع قراءتها .. لا يستطيع الخروج ووقع فريسةً لهم وهو في حالة نفسيه حاده .. قبل دقائق كان يفكر بالانتحار .. هم لا يعلمون بأنهم يزيدون حالته سوءاً وحتى لو كانوا يدركون حالته النفسيه ما كانوا ليتركوه وشأنه بكل الحالات ..
لم يكن يعلم بأن يد احدهم ستنتشله من هذه الفوضى .. لم يكن يتوقع ان تعانق يوري يده بخاصتها وهي تدفن رأسه وتخفي ملامحه على كتفها ..
ولَم يكن يتوقع ان يظهر جونغكوك وهو يوجّه كاميرا هاتفه نحو وجوههم وهو يقول بصوتٍ صاخب
" كيف هو احساس ان تُرفَع كاميرا في وجوهكم دون إذن منكم ايها الحثالة ؟ "
ولَم يضع تايهيونغ بالحسبان ان يظهر جين من العدم وهو يدفع كاميرات الصحفيين عنه وهو يضع سترته حول كتفيه ويهرب مع يوري وهما يختطفانه عن أنظار الصحفيين ..
وحين وصلوا خلف احد الازقّه اجلسا تايهيونغ على الأرضية اثناء ما كان يرتجف وهو يضم نفسه بين ذراعي يوري التي لم تتردد بمعانقته علّه ارتجافه وخوفه يتبددان ..
فقال جين يخاطب يوري
" يوري ابقي معه ، سوف ارى ماذا فعل جونغكوك المجنون بالصحفيين .. اتمنى الا يكون قد قام بتكسير كاميراتهم "
بقيت يوري بجانب تايهيونغ الذي كان متكئاً برأسه على كتفها ينظر للفراغ متوسع الاعين .. وحين رفع رأسه لتلتحم عسليتيه بخضراويتيها الدافئةُ التحديقه .. ليبتسم لها بشحوبٍ وهو يهمس بعد تنهيدة راحه
" يوري .. يوري بجانبي .. لم أعد خائفاً "
لتومئ له وهي تبتسم بلطف .. ابعد رأسه عن كتفه وهو ينظر بعمق بعينيها الحانية ، ليغطي اذنيها براحتي يديه وسط استغرابها وهو يقول بينه وبين نفسه بينما وجدت دموعه طريقها على خط وجنته بعدما الصق جبينه على جبينها
" لماذا أرى إنعكاس نفسي السعيدة في عينيكِ ؟ .. ولماذا لا استطيع سماع صوتكِ الحنون مجدداً ؟ هذا غير عادل ، .. انا لا استطيع سماعكِ .. انا صديق طفولتك .. موسيقاركِ الأصم .. انا البائس "
••••••
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro