لغة الإشارة|٣١|
••••
بعد نصف ساعه دخل الطبيب الشاب مبتسماً ينظر الى تايهيونغ الذي كان يحملق بنافذة الغرفه المغلقه وهو يدلّك صدره، فتبددت ابتسامة الطبيب ليتوجه بعدها نحو النافذه ويقوم بفتحها مما جعل نسمات الهواء البارده تصفع وجه تايهيونغ وتعبث بخصلات شعره الحريري ليغمض عينيه شاعراً بالسلام والطمأنينه وبأنه قيد العيش ..
فوقف الطبيب امام تايهيونغ الذي أعاره بصره، ليرفع كفّ انامله المنبسطه قرّب صدغه يقول
" مرحباً "
ردّ تايهيونغ التحية بصوتٍ متعب ودون ان يبدد ابتسامته الذابله
" مرحباً "
صمت الطبيب مرتبكاً وسط استغراب تايهيونغ، ثم رفع يده يشير بسبّابته نحو صدره ثم رفع يده قرب صدغه مجدداً بينما تايهيونغ ينظر .. وبعدها قرّب السبّابه والإبهام معاً يعقد حاجبيه بضيق .. ليقوم بحركة دائريه بسبّابتيه امام تايهيونغ، وانهى جملته بإبتسامه لطيفه ..
لم يستطع تايهيونغ كبح سعادته لرؤية الطبيب يحاول التواصل معه بلغة الإشارة وبدت هذه لفته لطيفه منه ..
فقد قال له الطبيب للتو بلغة الإشارة " أنــا أعرف القليل من لغة الإشارة "
لم تتبدد ابتسامة تايهيونغ وكان قادراً على الحديث ولكنه اراد السير مع التيار برفقة هذا الطبيب اللطيف .. واراد اختبار مدى معرفته بلغة الاشارة
اشار بسبّابته نحو صدره ثم قبض راحة يده بارزاً فقط ابهامه الذي وضع باطنه فوق جسر انفه .. ليعبس الطبيب حين رأى تلك الحركة التي تعني " انــا حزين "
ليبسط الطبيب حواف راحة يده اليمنى فوق حواف يده اليسرى العمودية بشكل متتالي .. وكان يسأل بلغة الإشارة " لماذا ؟ "
بلل تايهيونغ شفتيه يفكر .. يريد ان يجيبه بطريقه سهله لأن الطبيب لا يعرف الكثير من لغة الإشارة ولا يريد منه ان يشعر بالحرج ان لم يفهم لغة اشارته .. رفع كلتا يداه وفرّق انامله قرب صدغيه يحرّكهما دائرياً وهو عابس .. وكانت لغة اشارته تعني " قلِق "
صفّق الطبيب بحماس مما اجبر تايهيونغ على رسم ابتسامةٍ خفيفه .. ليقترب منه الطبيب قليلاً كي يكون تايهيونغ قادراً على قراءة لغة شفاهه
" أنت حزين وقلق بسبب فحص الأشعّه المقطعيه ؟ "
قرّب تايهيونغ سبّابته ناحية شفتيه ثم رفعها لفوق مما يعني " صحيح "
ليبتسم الطبيب فخوراً بنفسه على هذا الإنجاز .. بعدها اشار بسبّابته نحو صدره بعدها بسط اطراف انامل يده اليمنى فوق انامل يده اليسرى يمدّهما نحو تايهيونغ يقول هامساً " سوف اسأعدك "
ليومئ تايهيونغ بصمت بعدها تنهد بضيق ومن ثم بسط راحة يده فوق ذراعه يقول " انا متعب .. اريد ان استريح قليلاً "
ليبرز الطبيب إبهامه راسماً ابتسامه عفويه يقول بلطف
" أتيت فقط كي اطمئن عليك "
هزّ تايهيونغ رأسه بصمت ثم استلقى مجدداً ينظر للسقف صامتاً يفكر، مما جعل الطبيب يجلس على حافة السرير ينظر الى راحتي يداه ويبتسم قائلاً يخاطب نفسه
" انا تعلمت القليل من لغة الإشارة يا اختي .. هل كنتِ لتكوني فخورةً بي يا ترى ؟ "
دخلت الممرضة وقالت تخاطب الطبيب الذي خرج من افكاره يلتفت نحوها بفضول
" طبيب بارك جينيونغ .. لقد خرجت نتيجة الأشعه "
ابتسم لها مضيّقاً عينيه الجميلتين .. وبشكلٍ فاتن ابتسم ابتسامةً جانبيه ساحره وقال يرفع ذقنه بحركة جذّابه بينما خصلات شعره الأسود تغطي جبينه العريض الأبيض
" حسناً ممرضة نانا .. سآتي في غضون دقيقه "
لتخرج الممرضة فور نهوض تايهيونغ من اضطجاعته ينظر نحو الطبيب قائلاً بشك
" هل انت تحبها ؟.. انت شفافٌ للغاية "
لتتوسع عينا الطبيب جينيونغ قائلاً بقلق
" كيف عرفت ؟! "
" لستُ بحاجة لسماع نبرة صوتك وانت تخاطبها كي اكتشف الأمر .. تعابيرك وعيناك تفضحانِ ما يخفيه قلبك "
ليعض الطبيب علوية شفّته بذعر طفولي .. فقال تايهيونغ بنبرة قلق نحو طبيبه فجأه
" هل ستكون نتيجة الاشعه جيده ؟ "
فقال الطبيب الذي وضع راحة يده فوق رأس تايهيونغ يقول ببطء
" لا تخاف .. الإصابه .. لم تكن خطيره "
ليبدد تايهيونغ عقدة حاجبيه بأريحية .. فأبعد يد الطبيب عن رأسه .. مما جعل الطبيب يضعها مجدداً وهو يعثّ بشعره الفوضى متعمداً يبتسم .. وبعدها خرج يضع يديه في جيبيْ معطفه الأبيض .. تاركاً تايهيونغ ذو الشعر الفوضوي وحده يفكر ..
اعترضت طريق الطبيب يوري وهي تمدّ ذراعيها نحوه قائله
" علّمني لغة الإشارة "
أمال رأسه قليلاً ثم غمز باسم الثغر يهمس
" هكذا إذاً .. "
ثم اقترب منها يحيط ذراعه حول كتفيها قائلاً بحماس
" انا أؤيد علاقتكِ مع مريضي .. ليس مع تلك الصغيره المزعجة .. انها تواصل ازعاج مريضي بأحاديث تافهه كعدد الفتية الذين رفضتهم لأجله "
ثم وضع كلتا يديه فوق كتفيها يقول بحزم وسط دهشتها
" آنسه يوري انا ادعمكِ بكل ما اوتيت ! "
عبست تقول وهي تبعد يديه عن كتفيها
" شكراً لك ولكن .. ألن تعلمني لغة الإشارة ؟ "
بلل شفتيه بعبث يقول مضيقاً عينيه
" ايتها المتلصصه .. هل كنتِ تراقبين حديث طبيبٍ وسيم ومريضه ؟! "
ثم حكّ ذقنه يتظاهر بالتفكير وبعدها ابتسم قائلاً
" سأعلمكِ ولكن حالياً .. انا مشغول .. وداعاً "
ومشى كعارضي الازياء لأنه متوجه نحو الممرضه نانا يصفع بأنامله اطراف معطفه الى الخلف بحركة اجبرت يوري على الابتسامه مع عقدة حاجبين طفيفه بسبب غرابة طبيب تايهيونغ ..
لتتوجه نحو غرفة تايهيونغ واقفةً مكانها .. مسحت عرق يديها ببنطالها ثم ابتلعت ريقها تغمض عينيها اثناء زفيرها تحاول تمالك نفسها قبل ان تدخل غرفته .. ليُفتح الباب فجأه الذي كان يفصل بينهما وكان تايهيونغ من يمتثل امامها حالما فتحت زمرّديتيها .. فتوسعت عينيها بدهشه بينما تحملق بعبوس ملامحه الموجهه نحوها ..
" أين كنتِ ؟ .. لقد تركني اصدقائي واختاروا الجلوس بالمقهى بدلاً من الجلوس معي .. "
" ألم اترك شقيقة جين برفقتك ؟ "
دلّك صدغه يزفر بضيق مغمض العينان يقول
" ظننت انني سأموت برفقتها .. شكراً لمن اخترع المدارس لقد ذهبَت اليها وتركتني بسلام .. والآن .. اجيبي على سؤالي .. اين كنتِ ؟ "
قال سؤاله الأخيره وهو ينظر بعمق زمرّديتيها ..
صمتت تحاول ترتيب جملتها، وقالت بعدها اخيراً
" بعيداً عنك.. او بالأحرى .. كنتُ اتفادك "
رفع حاجبيه يقول بإستياء
" لماذا ؟ "
خفضت رأسها، ليرفع ذقنها يهزّ رأسه نافياً .. فقالت بعدما ابتلعت عبرة البكاء التي تواصل منعها من التحدث
" لأنني سبب ما حصل لك "
ليكوّم وجنتيها المتوردتين من شدة البرد براحتي يديه الكبيرتين يقول بصوته العميق.
" انا الذي لم يرى الإشاره الخضراء .. انتِ لا ذنب لكِ .. انا من اختار الركض نحوكِ .. ولو تكرر ذلك المشهد لفعلت هذا مجدداً "
وحالما سقطت دمعةٌ متمرّده تعانق وجنتها اليمنى قام تاي بمسحها بإبهامه يقول مبتسم الثغر
" سأتوجه نحوكِ دائماً غيمتي "
واكمل بعدها يقول بجدية
" لذا لا تؤنبي نفسكِ على ما حصل لي .. هل تعدينني ؟ "
رفعت عينيها الخضراوتين والذابلتين نحوه تومئ ليبادلها الابتسامه نفسها .. ولكنها كانت اكثر دفئاً ..
فظهر شبح جونغكوك والطبيب جينيونغ من خلف يوري وكلاهما يحملان ابتسامةً لعوبه، احدهما يراقص حاجبيه والاخر يبتسم ابتسامةً جانبيه ساحره مستمتعه وهو يضم ذراعيه نحو صدره الصلب.. فارتبك تايهيونغ ليبعد كفّي يداه الدافئتان عن وجنتا يوري التي التفت خلفها بإستغراب .. وحالما رأت غريبا الاطوار لتمسح دموعها مديرةً ظهرها لهما بينما كان تاي قد سبق وقفز فوق سريره يتظاهر بالنظر الى السقف بضجر ..
همهم الطبيب جينيونغ وقال بعدها ليوري
" سوف أعلّمكِ لغة الإشارة لاحقاً .. "
ثم اخرج هاتفه يقول
" قومي بإعطائي رقمكِ.. سأتواصل معكِ حين اجد وقت فراغ "
ليسحب جونغكوك هاتفه من يقول بغيظ طفولي
" انا من سيعلمها لغة الإشاره "
ليضع هاتفه بجيب معطفه الأبيض قائلاً
" على اية حال كيف وجدت وقتاً مناسباً لتعلم لغة الاشاره ؟ "
ابتسم الطبيب جينيونغ وقال
" كان لدي اختاً في التاسعه، من ذوي الصمِّ والبكم .. ولكنها قد توفيت في حادث سيرٍ السنه الفائته.. قبل ان اتعلم لغة الإشاره .. "
شعر جونغكوك بالسوء ليقول بعدما انحنى بظهره بأسف
" اوه .. انا اعتذر على هذا السؤال .. "
ابتسم الطبيب جينيونغ وهو يمسح على رأس جونغكوك برقّه
" لا بأس .. انا موقن بأنها كانت لتصبح فخورةً بأخاها .. ورؤيتي لمريضي تايهيونغ جعلني اتذكرها .. وبفضله استطعت استخدام لغة الإشاره رغم انني كنت اظن انني لن استفيد منها بعد موت اختي .. ولكن ابتسامته البريئه تلك جعلتني اشعر بشعورٍ عميق وحبّ شديد للحياة .. "
بعدها انحنى لهما بإحترام ودخل غرفة تايهيونغ بعدما اغلق الباب كي لا تتلصص يوري مجدداً لحديثهما الخاص ..
بعد نصف ساعه تمّ تخريج تايهيونغ وكان جين قد سبق واشترى له ملابس دافئه من احد المتاجر القريبة من المشفى .. وحالما ارتدى تايهيونغ الملابس وخرج من غرفته ينتظر من يوري ان تبدي استحسانها بكنزة رقبة السلحفاه ذات اللون الاسود والمعطف البندقي ذو الفرو والبنطال الاسود .. ولكنها كسرت توقعاته حين عانقته بطفوليه وهي تتحسس ظهره من الخلف تمسح على الفرو البندقي بسعاده قائله
" اوو .. الدب القطبي خاصتي كم هو لطيــف "
فأضطر كل من جين وجونغكوك اللذان يكبحان ضحكاتهما على سحبها من تايهيونغ الذي يكاد يذوب من الحرج وهو يتظاهر بالغيظ ..
وطوال قيادة جين لسيارته كانت يوري الجالسه بالمقعد الخلفي بجانب تاي وجونغكوك تطبع براحة يدها فوق معطف الفرو الخاص بتايهيونغ الذي سبق وقد فقد الأمل من فرصة ابعادها عنه والكّف عن تلمّس معطفه .. ولا حياة لمن تنادي ..
حين أوقف جين سيارته امام شقة يوري التفت نحوها حالما فتحت الباب مستعده للخروج وقال
" اليوم اعتبريه يوم اجازتك،لا تأتي الى المطعم فلقد خضتما الكثير .. ارتاحي يوري "
لتومئ له بصمت تبتسم، بعدها التفتت نحو تايهيونغ الذي كان يضم ذراعيه حول صدره مغمض العينين.. لتمسح على شعره بلطف وهي تهمس
" شكراً لك ايها التسوندري تاتا "
وخرجت تغلق الباب خلفها وحالما تأكد جين أنها قد صعدت الشقه ابتعد بسيارته عن المكان..
بعد اسبوع، خرج تايهيونغ من غرفته يرتدي بيجاما حريريه رماديه اللون وشعره البندقي الذي يميل للأشقر كان فوضوياً .. وحين كان يمشي بأعين نصف مفتوحه اصطدم اصبع قدمه الأصغر بطرف قدم الطاوله ليقفز حول المكان وهو يرقص بساق واحده تطئ الأرض .. ولم يترك شتيمه الا وقد صرخ بها، بعدها جلس على مؤخرته يكاد يبكي من الألم وهو يرمق ساق الطاوله بغيظ ..
ليخرج جونغكوك من المطبخ يضحك على تايهيونغ اثناء ما كان يمسك بكأسِ ماء بين انامله ..وحالما انتهى من الضحك كان ينوي ارتشاف بعض الماء ،ليخرج جين من المطبخ ويصفع ك مؤخرة رأس جونغكوم بيده من الخلف لينسكب الماء على وجهه فبقي مكانه مصدوماً من الغدر المفاجئ ..
ليجلس جين جلسة القرفصاء امام تايهيونغ الذي كان مغمض العينين من شدة النعاس وهو جالس على الارض .. لينقر جين جبينه كي يفتح عيناه .. وقال بعدها
" هناك موضوع مهم علينا التحدث به بعد العشاء .. انهض عن الأرض هيا "
ليمسك بمعصم تايهيونغ يساعده على النهوض والتوجه نحو المطبخ، وقبل ان يتخطى تايهيونغ جونغكوك ذو الوجه المبلل نفث بسخريه يقول بصوته الخشن الناعس
" طبيبي اخبرني بأن من يغسل وجهه بالماء البارد ستصاب عضلات وجهه بالشلل المؤقت .. لن تستطيع الضحك بعدها لمدة خمسةُ اشهر .. اقصد عشرةُ اشهر .. يا صاحب الترّهات العِفنه "
ودخل المطبخ يحاول كبت ضحكة الشر خاصته بينما هالة سيد الظلام الرماديه تتدفق منه ~ ..
بعدما انتهوا من تناول طعام العشاء وغسل الأواني، جلسوا في غرفة المعيشه وكان جين يجلس بجانب تايهيونغ وقام بضمّ يداه وسط استغراب الأصغر من فعلته .. استنشق جين الأوكسجين قبل أن ينطقَ بجدية وسط صمت جونغكوك
" طليقتي لوليتّا ستصل الى باريس بالغد .. وهي الوحيدة في هذا البلد القادره على القيام بعمليتك بدون اخطاء طبيه .. لن تضطر الى الذهاب الى كوريا لتلقّي العلاج تاي "
هزّ تاي رأسه نافياً يتنفس بتسارع وبعدها سحب يداه من خاصتيْ جين يحاول الفرار لو لم يقف جونغكوك بطريقه،ثم رفع يديه قرب صدره جعل اليمنى مبسّطه واليسرى عموديه والصق انامل يده اليمنى بمنتصف راحة يده اليسرى يقول
" آسف "
زفر تايهيونغ بنفاذ صبر والتفت نحو الأكبر يقول
" ألا تفهم؟ .. أنا لا أريد القيام بالعملية ! انا لم أطلب هذا كله! لماذا تقرران من خلفي ؟! من تظنان نفسيكما؟ "
" لا تقلق تاي، لوليتّا من اشهر الاطباء في فرنسا "
ضحك تايهيونغ بدون فكاهه .. ومن ثم اغمض عينيه بعصبيه لتتبدد ابتسامته يقول بصوتٍ مرتعش من شدة الحزن الممتزج بكرهِ الذات ..
" كوني أصم .. هو عقابي .. وقد قَبِلتُ بِهْ،لأنني قد تركت جيميني يموت وحيداً ليأكل روحه غراب الموت،بينما كان من المفترض ان نبقى انا وهو معاً في السرّاء والضراء .."
إتكئ على الجدار يضم رأسه وهو يهمس بصوتٍ مبحوح مرهق
" أرجوكم دعوني وعقابي وشأننا .. دعوا غراب الموت يأكل روحي المُذنِبَه فأنا استحق هذا .. انا موسيقار لا فائده منه .. صديقي توسّد التراب بسببي .. استحق هذا .. دعوني .. "
كان يتمتم بسبب خَدَرِ الحزن الذي يواصل الهبوط فوق صدره، في ريعانِ شبابهِ قد مر بالكثير .. ولا احد يدرك أن هناك غراباً اسود غير مرئي هابطٌ فوق كتفه .. غراب يمتصّ روحه ببطء شديد وبشكلٍ مؤلم .. يمتص حلمه، ريعان شبابه، أمله ورغبته الضئيلة بالعيش ..
شعر كل من جين وجونغكوك باليأس وفقدان الأمل في أن يوافق تاي .. فهو يعتبر كونه قد اصبح اصماً عقاباً كافي ولا يريد ان يعود الى حلمه لأنه يلوم نفسه ويحتاج الى ان يعاقبها .. وكان عنيداً بشده وقاسياً على روحه الهشَه.. اغلق تاي الموضوع حين دخل غرفته وضل يحدّق بالسقف بنظراتٍ فارغه حتى غرق بالنوم رغماً عنه.
في صباح اليوم التالي، وحيث كان تايهيونغ يستعد للخروج لممارسة رياضة الركض استوقفه جين الذي ناوله كأس خضراوات مخلوطه .. رمق تاي الكأس بشكّ وقال اثناء ما كان منشغلاً بربط اربطة أحذيته ..
" تذوقه انت اولاً .. "
" لماذا ؟ "
" كي امتنع عن شربه إذا متَّ انت "
" ايها الطفل ! يا ناكرالجميل ! "
لينهض تايهيونغ من مكانه يبتسم ابتسامةً جانبيه وخرج من المنزل يركض مهرولاً .. واثناء ما كان يمارس رياضته لنصف ساعه تعمّد الذهاب بعدها من خلف المنزل حيث يقبع المطعم الذي تعمل فيه يوري.. ليمتثل امام باب استقبال الزبائن يتنفس بتسارع وهو يحدّق بيوري بهيامٍ مفضوح وشفاف ..
وكان العرق البارد يعانق صدغيه .. فتبددت ابتسامته فجأه ليعقد حاجبيه بضيق حين أدرك ان بالأمس نسي ان يأكل ادويته بسبب تفكيره بموضوع العملية .. شعر بالدوار وألم شديد في طبلتي اذنيه .. خاف من ان ترى يوري حالته تلك .. لا يريدها ان ترى .. عليه التراجع .. عليه الا يتهاوى امامها .. ستنكسر لإنكساره .. عليه ان يتهاوى بعيداً عن ناظري غيمته .. قام بجرّ قدميه المتثاقلتان بعيداً ولكن يوري سبق وان ميّزت هيئته من الخلف وساورها القلق حين رأت كيف كان ينحني بظهره الذي تقوّس من شدة ألم رأسه واذنيه ..
وضعت صحن الحساء فوق الطاوله وهرعت خارج المطعم تضع يدها على صدرها بقلق .. ليسقط تايهيونغ مفترشاً فوق الارض التي تميد فيه .. السماء تدور حوله .. المباني الشاهِقه قد تقوّست .. عينيه اصبحتا ثقيلتان ولا يقوى على حمل جسده .. كان مستلقياً بضعف على الأرض ، حاول النهوض بيأس ولكنه كان اضعف من ان يفعل هذا .. وقبل ان تصل يوري اليه قد فقد الوعي .
استيقظ ليجد نفسه في سريرٍ أبيض وبغرفة خاصه .. ويرتدي ملابس نوم بيضاء مخططه بالازرق،وهو مدركٌ انها المشفى التي يديرها جدُّ لوليتّا طليقة جين .. هل تم استغلال فقدانه الوعي ليضعوه في هذه المشفى ؟! .. لم يعير احد آراءه اهتماماً .. لم يحترم احد قراراته.. لم يضع له احدٌ اعتباراً، هل لأنه معاق سمعياً؟! .. حتى لو كانت قراراته خاطئه عليهم ان يحترموها على الاقل.. انها حياته يفعل بها ما يشاء.. من هم ليرغموه؟ اصدقاؤه؟! كان يملك واحداً اعتبره توأم روحه ورحل عنه.. ولم يعد بعدها يؤمن بالصداقه.. او على الاحرى يريد اقناع نفسه بذلك كي يضع بينه وبينهم جداراً لربمل تكون وطأة حزنهم اخف حين يبتعد قلبهم عن قلوبهم وتتبدد الألفه .. كان يتمنى هذا....
حاول النهوض من سريره ولكن مصل المغذى كان عائقاً، وحالما اوشك على خلعه فُتِح الباب .. لتستقبلهُ طبيبةٌ تملك ملامح اسيويه لون بشرة كولومبيا الاسمر.. عيناها بندقيتان وكانت طويلة القامه .. ناعسة العينين ساحرة الجمال وشعرها الاسود القصير يصل لذقنها، تضع يديها في جيبي معطفها الابيض القصير في حين انها كانت ترتدي تنورة ضيقه تصل الى ساقيها ..
حالما رآها ليعاود الجلوس مكانه بعدما ابتلع ريقه .. لطالما كانت لوليتّا تتنمر عليه وكاد ينسى عدد المرات التي شدّت فيه شعره او عدد المرات التي قامت بحبس عنقه بين ذراعيها بنية خنقه والتخلص منه .. ضيقت عينيها تعقد ذراعيها حول صدرها وهي تتوجه نحوه .. وقالت بصوت انثوي حاد
" تايهيونغ .. هل كنت حقاً ستقوم بخلع المغذي لو لم ادخل غرفتك صدفه؟ .. "
صمت متوتراً يحاول البحث عن عذر، ليقول بعدها
" لوليتّا انا اصم .. تحدثي ببطء "
اقتربت منه تجلس على حافة السرير وهي تمطّ وجنته بقسوه
" انت فقط تحاول التملص من الجواب .. خططك مدروسه ومتوقعه، لستُ جين لتتلاعب معي .. "
وحالما تركت وجنته ليقوم بتدليكها بعبوس طفولي، بعدها زفر بضيق يقول
" انا لن اوافق على اجراء العملية، لقد أتيتِ من كوريا.. عودي ادراجكِ "
" عزيزي تايهيونغ.. انا لن اعود قبل ان تستعيد سمعك هل هذا مفهوم ؟! "
لشيح انظاره عنها يحاول انهاء النقاش، ولكنها لطالما كانت اعند منه .. لتمسك ذقنه بسبّابتها وابهامها تدير وجهه ناحيتها بينما تقول باسمة الثغر
" كما انني وجدتُ ورقتي الرابحه، آنسه يوري .. فالتدخلي "
•••••
مساحه لله
التعليق اهم من التصويت ترا
والفصول القادمه يبدا الحماس .. والنهايه قربت عشان كذا تفاعلوا = احدّث بسرعه
تم التعديل ✅
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro