غيمةٌ تقطنُ بالأرض |٣٨|
فيه رسمه ما اكتملت للڤيمين، اذا لاحظتوا اني اعدت نشر الرواية اعرفوا اني اضفت الرسمة ، الفصل الاخير عبارة عن اربع الاف وثلاث مئة كلمة .. للمرة الاخيره اتمنى تتفاعلون وتقدرون حهودي وشكراً .. واعذروا الاخطاء رجاءً
••••
طوال خمسة اشهر من العلاج النفسي الخاص بتايهيونغ الذي اتضح انه كان مصاباً بالهذيان واحد اعراضه قد كانت الهَلوَسة أو رؤية أشياء غير موجودة .. كان قرار طبيبه النهائي هو ان يبتعد عن الضغوطات والبيئه المحيطة المزدحمة وان يرتاح على الاقل لمدة شهرين في بيئة ريفيه هادئه.. وان يبتعد عن كل شيء يهيّج مشاعره تجاه الامه السابقه،
وأيضاً يجب المحافظة على الحالة العقلية السليمة له..وكان احد نصائح الطبيب بإحاطة تايهيونغ بأشياء مألوفة من منزله.
المحافظة على دورة نومه والاستيقاظ بأوقات طبيعية ومنتظمة...
تذكير تايهيوتغ شفهيا بمكان وجوده دائما وما يحدث من حوله...
كما انه صرف له ادوية لتهدئته ولا يستخدم هذا النوع من المعالجة الا عندما يمر بحالات من الهياج أو التخليط الشديد .. وان يستجمم في مكان يريح عقله وبطبطب على قلبه.. وكان المكان الانسب هو منشأه ..
ولمدة خمسة اشهر كان يقطن لوحده برفقة والده ، كان جونغكوك وجين يزورانه مرةً في الشهر .. ويوري لم تملك فرصةً للقاءه بسبب انشغالها بمشروع المتحف الذي كانت جامعتها تشرف عليه .. وكانت تكتفي بمهاتفته والاطمئنان عليه ..
رغم انه لم يعد يرى سراب جيمين، ولكن هذا ما فرضه عليه الطبيب خوفاً من يعاود رؤيته مجدداً، وفي زاوية ما في قلب تايهيونغ كان يرجوا رؤية سراب جيمين مرة اخرى، ليس ليتعلق به او يطالبه بالبقاء .. اراد فقط معانقته للمرة الاخيره وتوديعه .. ولكن سراب جيمين لم يظهر منذ حادثة سكة القطار .. واخر ما يذكره تايهيونغ هو ابتسامة جيمين البريئه حينما كان يطلّ بناظريه للسماء المزرقّه باسم الثغر .. تلك الذكرى السرابيه كانت مواساة بالنسبة لتايهيونغ .. مواساة بأن صديقه يرقد بسلام .
وبعد مرور تلك الـ٥ اشهر وتحديداً في الرابع من يوليو
كان هناك مسابقة رسمية لطلاب الفنون مع المتحف الوطني .. وكل هذا حصل بفضل جينة الذي يلعب بالخيوط من خلف الكواليس بسبب ثروته وجانبه الجذاب في ادارة العمل والتخطيط المبدئي ..وقرر دعم الجامعة كي يرعاهم فقط لأجل يوري التي لا تعلم انه هو الراعي الرسمي للمسابقة .
وحينما كانت يوري تتمشى برفقة زملائها حول المتحف تراقب تماثيلهم التي قاموا بتصميمها شعرت بإنعدام الثقه فجأةً .. هل ستفوز انامل موسيقارها الثمينه ام ابداعاتهم ؟ .. تخلل الشك في قلبها، ولكنها بددت تلك الافكار وهي تقول في نفسها
" لا يهم، حتى لو خسرت في المسابقة.. ستظل انامل موسيقاري هي الأفضل، وسأشفق على الحكام اللذين لم يروا عمق فني وابداعي ! "
وحينما كان الطلاب يقفون بجانب اعمالهم التي قاموا برسمها وبنحتها والعمل عليها طوال تلك الاشهر تنتصب بجانبهم، وكلٌ يبدو فخوراً في ما قد انجز ..
كانت يوري تقف بجانب عملها، وترتدي بنطالاً اسود ضيق وقميص بنصف كم، بينما شعرها البندقي مرفوع على شكل كعكه، وترتدي نظارات ذهبية ودائرية ..
وتنتظر دخول الحكام الى القاعة، تضم كفّي يديها بتوتر.. حالما دخلوا بدأو بتقييم عمل يوري اولاً لانها كانت في مقدمة الصف .. وحالما سألها حينما كان يتفحص تلك اليد المنحوته بمثالية
" ماذا اسميتِ عملكِ هذا يا سيدة يوري ؟ "
ابتسمت برسمية تحاول قدر الامكان عدم اظهار توترها منه، وقالت
" الموسيقار تاي تاي "
كان يمسح على ذقنه اثناء تأمله لتمثال يد تايهيونغ واعجب بأنامله الطويله والمتقنة النحت.. فسألها بفضول
" وهل يملك قصة ؟ .. اتمنى ان تكون مؤثره كمدى تأثير العمل في فؤادي .. "
تنفست بعمق بعدها استمدت الشجاعة من نظرة الفضول البراقه في عينيه تقول
" عملي هو عبارة عن انامل موسيقارٍ شغوف منذ الصِغَرْ، رُسِمَ له قدر ان يصبح خليفة بيتهوڤن الاصم .. فأصبح موسيقاراً اصم وبائس اعتزل موهبته حين لم يعد يستطيع سماع ألحانِه "
" وهل انتِ على صلة بهذا الموسيقار الاصم ؟ "
قضمت شفّتها السفلى تكبت ابتسامتها متفاجئه من سؤاله الغير متوقع، يبدو انه يشعر بفضول شديد تجاه عملها.. وقالت بثقه
" إنه زوجي واسمهُ تاي جيرالد .. كما أنه لم يعُد موسيقاري الأصم .. لأنه خضع لعملية قبل اشهر و استعاد بفضلها سمعه، ولكنه لم يعد للعزف حتى الان .. "
بزغت ابتسامة غامضه على ثغر الحكم وبعدها رفع حاجباً يبدد ابتسامته يسألها بحرص
" وما سبب اختياركِ له هو خصيصاً ؟ "
أدارت رأسها نحو التمثال الممتثل بجانبها تتأمل عملها .. وقالت مغرمة بأنامل موسيقارها ..
" لأنني وعدتهُ بذلك حين كنا اطفالاً ، حين اكبر سوف اقوم بنحت انامله واسمّي عملي الموسيقار تاي تاي .. "
ضحك الحكم وهو يقرّب رأسه نحو التمثال، وتلمّس الخط الذهبي اسفل التمثال الذي كتب فيه اسم العمل.. وقال
" حب الطفولة.. احببت شغفكِ في عملكِ هذا .. سأعطيكِ صوتي كأحد الحكام الثلاثه"
توسعت ابتسامتها الطفوليه لم تستطع كبحها اكثر من ذلك، وانحنت له بسعادة تقول
" سعيدة لسماع هذا"
ثم استقامت تقول موضّحه
" ولكن سواء افزت ام لا في هذه المسابقة سوف اعتز بهذا العمل الثمين وافخر به "
" مثير للإعجاب .. هذا هو المطلوب يا سيدة يوري .. ان تعتزي بفنّكِ .. يستحق ان تفخري به ايضاً "
وحالما انتهى من المناقشة ذهب الى المحطة الاخرى يناقش طالباً اخر بشأن عمله المتقن ..
وبعد انتهاء مناقشة الحكام فيما بينهم، نهض اكبرهم سناً ونطق إسم العمل الفائز الذي يدعى بِ" الموسيقار تاي تاي "
لم تصدق يوري مسامعها .. لقد فازت انامل موسيقارها في المسابقة التي كانت تعمل لأجلها لمدة ٥ اشهر ! وبسبب تلك المسابقة لم تجد الوقت لزيارة تايهيونغ ، نهضت من مقعدها وسط تصفيق الجميع تضم اناملها ببعض وهي تهمس قائلةً " لقد فزت بفضل اناملك يا موسيقاري تاتا .. كم اشتقت اليك "
بعد مرور شهر ، حيث يقطن تايهيونغ بفندقٍ في باريس .. وفي مساءٍ يلتمسه رونقٌ جذّاب ، موسيقى بيتهوڤن تصدح في ارجاء الغرفة ، وكانتِ الشُرفةُ مفتوحة والستائر البيضاء تتراقص مع الرياح الباردة ، السماء كانت بنفسجيةً مُعتِمة والقمر يسبَحُ وسط الغيوم ، كان تايهيونغ مستلقياً فوق سريره الحريري الواسع ذو لون الأغطية البنفسجية .. ربطةُ عنقه مرخيّه وقميصه الأبيض ازرارهُ مفتوحه ، ذراعٌ معكوفةٌ وراحة يده خلف رأسه ، بينما ذراعه الاخرى تتدلى من فوق طرف السرير .. سترته السوداء ملقيّةٌ فوق البلاط الرصاصي اللون ..
قاطع نومه العميق رنين الهاتف ليتأفف وهو يمرر أنامله الطويلة بين خصلات شعرهِ البندقي .. ادخل يده في جيب بنطاله الأسود واقتلع مفاتيح سيارته من الداخل يضعها بجانبه ، لينهض بطول قامته مترنّح الخطى ، وقف امام الهاتف ورفع السماعة يضعها قرب أذنه اليمنى التي يزينها قرطٌ ذهبي
" تكلّم "
قالها بصوتٍ خشن رجوليّ وبنبرةٍ آمِرَه اثناء ما كانت عينيه مغمضة وكان شبه نائم
" هل أنا أعمل تحت إمرَتِكْ ؟ لا .. انا كأختك الكبرى أيها الناعس "
بزغت إبتسامةٌ جانبيه تعلو شفتيهِ المتورّدتين ، وبعدها قال حينما فتح عينيه العسليتان ...
" لوليتا .. كم الساعةُ الآن ؟ "
" الثامنه مساءً "
" لماذا اتصلتِ ؟ .. لقد كنت نائماً للتو "
" اوه انا لا اشعر بالأسف .. اردت ان اسألك ما اذا كنت تنوي مقابلة يوري ؟ لقد مرت شهور منذ اخر لقاء بينكما .. "
" لوليتا .. انا لم اشفى بعد "
" يوري شفائك .. متى ستفهم هذا ؟ "
" هذا ليس ما قال طبيبي "
" هي لا تتحدث بشأنك ولا تطالبك باللقاء لأنها تراعي ظروفك .. ولكن هذا خاطئ .. متى ستكف عن التهرب منها ومنا ؟ نحن جزء منك .. يحق لك ان تبتعد عنا كما قال طبيبك ولكن الا تنقطع بهذا الشكل .. لقد مرت العديد من الاشهر والجميع يفتقدك .."
تنهدت بضيق حين لم تسمع سوى صوت انفاسه واكملت بعدها
" بالمناسبة .. اناملك المنحوته قد فازت بمسابقة فنون .. "
بلل شفتيه المتورّده بلسانه يبتسم بفخر، وبعدها قال في حين ان عسليتيه لا تزالان ناعستان
" كما هو متوقع من صغيرتي يوري "
" والان اخبرني، متى تنوي الحضور ومقابلتها؟ لماذا اشعر وكأنك تتعمد تعذيبها؟ هي الوحيدة التي لا تعلم بأمر وجودك في باريس .. هناك احتمال ان ينطق هيوجين لها الحقيقه "
شدد على كلماته حين قال مهدداً
" لوليتا .. ان نطق ابنك بكلمة سوف ارسله للفضاء بركلة واحده "
" ايها التسوندري العنيف، فالتفعل ما تشاء انها حياتك العاطفية .. اراك لاحقاً "
واغلقت الخط بوجهه قبل ان ينطق باحدى شتائمه المميزه.. زفر بتملل واعاد السماعه الى مكانها .. ليجلس على طرف السرير ممسكاً بهاتفه .. قام بإتصالٍ ما وخاطب من كان على الجانب الاخر قائلاً
" انا موافق على حضور المسابقة الدولية للبيانو .. ولكنني لا اضمن لك فوزي يا سيد خوسّيه .. "
صمت قليلاً يستمع لكلمات الموسيقار خوسيه حينما سأله متعجباً على الهاتف
" ولكنك شاب موهوب! ألا تملك الثقه بنفسك بعد الان ؟ .."
زفر تايهيونغ بتعب مغمض العينانِ وهو يدلّك جسر انفه .. وبعدها قال
" اناملي لم تعد كالسابق .. لم اعد استحقُّ لقبَ خليفة بيتهوڤن،حصل لي الكثير في تلك السنوات،لهذا تقاعصت عن العزف .. وذَبُل شغفي .. اناملي متصلبه .. "
" المسابقة غداً .. اليس لهذا السبب قد اتيت لباريس ؟ "
" في الحقيقه .. نعم .. ولكن هذا لم يكن السبب الأساسي .. ايضاً لقد وصلت من المطار قبل ساعتين .. واشعر بالتعب . هلّا تحدثنا غداً ؟ "
" على كل حال،لا تفقد الأمل بموهبتك .."
عاد الصمت يحيط بتايهيونغ، وقال بعده ..
" المشكلة تكمن بي انا وليس بموهبتي .. "
ظهر صوت الموسيقار خوسيه المشرق .. عكس تايهيونع حين قال
" سنحل تلك المشكلة ايضاً .. ثق بي تايهيونغ .. ولكن .. هل تدربت جيداً على معزوفتك؟ "
استلقى تايهيونغ فوق حريرِ شرائف سريره يحدق بالسقف باسم الثغر .. وقال بصوت عميق مغمضُ العينانِ ..
" لقد ألَّفتُها لأجلِ محبوبتي يوري .. أنا احفظ كل لحن .. كما لو كانَ إسمي "
ضحك الموسيقار خوسيّه بسعاده لانه سمع جواباً مرضي وقال
" لن يخسرَ موسيقارٌ شغفه ما دام واقعاً بالحب يا تايهيونغ .. "
" انا لم اقع بالحب يا خوسيه .. انا موسيقارٌ لطالما كان بائس فارتفعَ بالحب .. في سماءِ غيمته يوري .. "
وحالما انهى المكالمة قرر الولوجَ الى الحمام، وحينما انتهى من الاستحمامِ خرج مرتدياً روب الحمام الابيض خاصته، شعره البندقي المبلل يغطي عيناهُ العسليّه .. قطرات الماء تنزلقُ برقّه على طول صدغه وصولاً لذقنه ومن ثم تسقط مودّعه، غمق بشرته القمحيه المثيره يتضح في الظلام .. بدى شكله آسراً بتلك الملامح التركية التي تختلط بالجمال الكوري ..
توجه نحو الخزانه ورمى ملابس النوم السوداء الحريريه على السرير.. ومن ثم اخرج من الخزانه صورة تجمع والداه وجدته معاً،التقطوها اثناء ما كانت والدته حاملاً به بالشهر التاسع .. ابتسم ثغره حال رؤيته لجدته الجالسه على الكرسي .. يحدق بملامحها المتجعده والتي تبتسم بينما كان ابوه يعانقها من الخلف وبدى ضاحكاً في الصوره.. وعينا والدته التي تضيء دفئاً .. الوردة الجميله التي تقف بجانب الصبار ..
في صباح اليوم التالي، استيقظت يوري مبكراً وتوجهت نحو جامعتها بنشاط.. وحالما انتهى دوامها عادت الى المنزل حيث تسكن مع والداها .. وحين فتحت باب المنزل صعقت مرعوبه بسبب صراخ والديها المسروران وكانا يعانقان بعضيهما اثناء قفزهما كالاطفال وسط غرفة المعيشه ..
فقالت تخاطب نفسها
" هذه العائلة مجنونه .. يبدو انني اخطأت بعنوان المنزل "
وحين كادت تخرج استوقفها ابيها قائلاً بينما يتظاهر بالجدية محاولاً كبت حماسه وهو يرفع سبّابته
" يوري ! تعالي الى هنا حالاً "
رفعت حاجبها لتشخر ساخره حين رأت تصنع الجدية خاصته، فوالدها ليس من النوع الجدّي لهذا السبب لم يبدو لائقاً تقمصه للدور وقالت بتملل بينما تخلع حذائيها
" مالأمر ؟ .. لماذا تتصرفانِ بهذا الحماس المفرط ؟ "
وقفت امامهما وهي تعقد ذراعيها حول صدرها .. لينظر كلاهما لبعض ويتحدثان بلغة الاعين التي كانت مدركةً لها .. فقالت
" ماذا تخبئانِ عني؟ .. أبي ماذا تخبئ خلف ظهرك؟ "
حين ادرك انها سبق ورأت بطاقة الدعوه للمسرح الموسيقي زفر بتملل ورفع البطاقات الثلاث امام عينيها لتقول والدتها بحماس
" الليلة سيكون موعدنا معاً ! نحن الثلاثه فقط ! "
لتجلس والدتها بجانبها من ناحية اليسار وهي تضم وجنتا يوري قائله برجاء
" هل ستحزنين والدتك ؟ ارجوكِ وافقي ارجوكِ ارجوكِ "
امسكت بكلتا معصمي والدتها وقبّلت باطنيهما وبعدها رفعت عيناها نحو التي تحدق بها متأثره من فعلتها..
" ليحزنَ العالم ولِتبتسِمَ أُمي .. لنذهب لذلك المسرح الموسيقي الدولي "
نفث والدها بسخريه وقال
" ماذا عني انا ؟ هل انا البجعه السوداء بالعائله ؟ "
لتضحك يوري بينما كانت تحيط والدها بين ذراعيها قائله
" ابي يالك من طفولي غيور "
بادلها العناق وهو يقبّل رأسها مغمض العينان، وبعدها رفع الابهام لزوجته من خلف يوري وهو يغمز لتلك التي تراقص كتفيها بسعادة ..
حينما اصبحت الساعه الثالثه عصراً ، نزلت يوري السلالم بعدما سرّحت شعرها البندقي المموج، وارتدت تنورةً قصيره سوداء اللون بتكسير، وبلوزة بندقية اللون ذات ياقة الرقم سبعه الساده والاكمام الطويله .. ترتدي القلادة التي تنتمي لجدة تايهيونغ الراحله على نحرها ذو اللون الحليبي.. ممسكةً بحقيبتها السوداء .. وتنظر مستغربه نحو والديها اللذان يتأملانها كما لو انها لوحة ثمينه ..
" ألن نذهب ؟ "
ليقول والدها وهو يبتسم لها بلطف ..
" بلى يا صغيرتي "
حال وصولهم الى قاعة المسرح، اتخذت مقعدها في الصف الاول والشك يساورها .. تصرفات والداها غريبه .. وشرائهما لتذاكر الصف الاول الغالية الثمن ايضاً زاد من شكها .. حين بدأت الامسية وظهر المذيع امامهم ايقنت يوري انها ليس مجرد مسابقة موسيقية عادية لأن الكاميرات منتشره حول المسرح وموجهه ايضاً نحو الحضور .. هذا ليس مجرد موعد عائلي .. حدسها يواصل اخبارها بهذا حينما كانت جالسة بصمت في مقعدها ..وازداد شكها حينما لمحت جين ولوسي برفقة جونغكوك ولوليتا وايضاً ابنها المتبنى هيوجين .. ايضاً حتى والده كان برفقتهم.. و قد اتخذوا احد المقاعد الاماميه يلوح كل من جين وجونغكوك لها بسعاده .. كادت ان تنهض نحوهم لو لم يقاطعها المذيع الذي وقف وسط المسرح يثرثر ..
استمتع الجميع بالامسية .. اعجبت يوري بأداء المتسابقين ولكن حين اعلن المذيع بآخر اداء وكان لقب الموسيقار هو خليفة بيتهوڤن..
نطق
بإسم معزوفة تايهيونغ وقال
" سيعزف لنا الموسيقار تاي جيرالد معزوفةً من تأليفه وتُدعى غيمةٌ تقطنُ بالأرض "
توسعت عينيها وابتلعت ريقها بتوتر بينما نبضات قلبها في تسارع..
وحالما خطى تايهيونغ يصعد السلالم خارجاً من خلف الكواليس وضعت راحة يدها فوق صدرها .. انه هو بشحمه ولحمه .. يرتدي بدلة رسمية سوداء .. وشعره البندقي يكاد يغطي جمال عسليتيه .. لم تراه لعدة اشهر .. لقد طال شعره .. وبشرته تبدو صحيه اكثر من السابق .. فتلمكها شعور النهوض والانقضاض عليه كالكوالا من الخلف لتعانقه ..
وقف امام الحضور ينحني لهم احتراماً .. وكان الجميع يصفق له .. حينما توقف التصفيق استقام بظهره يرتدي تعابير الجدية .. ليخطوا نحو البيانو الابيض ويجلس امامه بهدوء .. وضع انامله فوق مفاتيح البيانو .. وطوال عزفه كان يغمض عيناه مستشعراً بمسامعه صوت الحانه .. كان عزفه يبدو حزيناً تخالطه البهجة .. تارةً يصبح اللحن حزيناً وتارةً مبتهج .. وحينما انتهى اخيراً من العزف استمر بإغلاق عينيه متناسياً انه في المسرح .. حتى ايقظه من شروده صوته التتصفيق الحار ..
وحالما نهض لينحني لهم بهدوء والبسمه تتضح على سِماه .. الموسيقار الذي كاد ان يعتاد على الصمت المميت .. هاهو ذَا قد حقق وعده لصديقة طفولته التي سقطت عيناه عليها ورأى نظرة الفخر تعتلي خضراوتيها.. ابتسمت لها عيناه ورفع يده المضمومة الانامل سوى خنصره الذي كان دليلاً على الوعد .. حقق لها الوعد.. وعزف لها الحاناً من تأليفه امام العديد من الفنانين وذوي الشأن العالي...
وعاد بعدها الى الكواليس، فحاولت يوري النهوض والذهاب نحوه لو لم تمسك والدتها بمعصمها وتعيدها لمقعدها وهي تقول
" لن يسمحوا لكِ بالذهاب اليه .. العرض لم ينتهي .. سوف يعلنون عن اسم الفائز بعد دقائق "
عادت الى مكانها تضم يديها معاً وهي تحدق بالمذيع الذس تعمد نشر التوتر والارتباك في قلوب الحضور والمتسابقين خلف الكواليس .. وخصوصاً تايهيونغ الذي لم يعد يشعر بالثقه تجاه نفسه من ناحية العزف على البيانو .. لو فاز في هذه المسابقة مؤكد ان ثقته بنفسه لن تتزعزع مجدداً ..
جونغكوك .. جين ولوليتا بالإضافة الى لوسي .. يوري ووالديها .. واخيراً .. والد تايهيونغ .. لقد كان جميعهم يترقبون النتائج على احر من الجمر .. سيعترف الجميع بتايهيونغ مجدداً لو فاز ..
قرر المذيع ان يتحدث بعدما نطق بترّهات غير مضحكة .. تنحنح وهو يبتسم وبعدها قرأ ما في الورقة قائلاً
" الفائز في مسابقة الدولية تحت رعاية الرئيس التنفيذي والموسيقار السابق خوسيه .. هو .. "
صمت وسط قرع الطبول خلفه .. ليعض جونغكوك لسانه وهو يحاول النهوض قائلاً
" سوف اقتل هذا الرجل ! "
ليمسك والد تايهيونغ ياقته يرغمه على الجلوس قائلاً
" انا من سيقتله "
عاود المذيع التحدث قائلاً وهو يشير لسلالم الكواليس
" الفائز هو الموسيقار تاي جيرالد .. الذي قام بأداء معزوفة غيمةٌ تقطنُ بالأرض! "
فقال جونغكوك مصدوماً يخاطب والد تايهيونغ
" ولكن هذا لن يمنعني من قتله "
ليضحك والده الذي نهض من مكانه كما فعل البقية يصفقون بحراره لتايهيونغ الذي ظهر من خلف الكواليس وهو يستمر بالانحناء للحضور يضم كفيه معاً قرب شفتيه يحمل تعابير السعاده الممتزجه بالرغبه بالبكاء .. كما تشعر يوري بالضبط .. اضافةً الى الفخر العظيم تجاه موسيقار القرن الواحد والعشرون خاصتها ..
سلّمه الموسيقار خوسيّه كأساً بلّوري على شكل نوته موسيقيه وهو يبتسم له .. وبعدما عانقه تايهيونغ وقف امام المايكرفون يقول بصوت مرتعش ومتحمس بينما يمسك بِجائزه بين انامله الثمينه..
" شكراً على اعطائي هذه الفرصه العظيمه لأثبت لنفسي انني لم اعد موسيقاراً أصم و بائس .. شكراً خوسيّه "
التفت نحو خوسيه الذي ضحك يتظاهر بالخجل مما اجبر تايهيونغ على رسم ابتسامة طفوليه ..
بدى بعض الحضور مصدوماً من كلمة أصم التي نطق بها للتو .. ليكمل موضحاً وهو مشيراً نحو يوري التي تتأمل بفخر ..
" حين فقدتُ الأمل في ان استعيد سمعي وشغفي تجاه البيانو .. ظهرت هذه المرأه في حياتي .." واكمل يخاطبها بنبرةٍ حنونه جياشه بالمشاعر" أنتِ أخذتني رجُلًا مكسورًا وجعلتني أكتمل. ولن أتداعى بعد الآن"
لتومئ له وهي تغمض عينيها بسرور حينما ذرفت الدموع التي كانت تهدد بالإنهمار ..
ثم اكمل يقول بينما ينظر لأصدقائه وابيه
" شكراً لك والدي .. لأنك لم تسأم مني يوماً حين كنت افعل العكس معك .. "
وبعدها نظر الى صديقيه .. وخفض رأسه يحاول جمع شتاته .. ليرفع عسليتاه نحوهما وهو يقول بصوتٍ مرتعش إِثرَ الرغبه الشديده بالبكاء
" شكراً لصديقاي .. جين .. وجونغكوك اللذانِ قتلا غراب الموت .. غراب الموت الذي سلب مني اعز صديقٍ املكه .. شكراً لأنكما تشبّثتما بي حينما سئمت من نفسي واردت ان اتركها "
بعدها القى نظره نحو لوليتا وقال
" كيم لوليتا .. شكراً لأنكِ كنتِ احد اسباب استعادتي لسمعي .. وانتِ احد اسباب استعادتي لشغفي تجاه حلمي .. شكراً "
ابتسمت له بلطف وهي ترسل قبلةً بين اطراف اناملها .. ليبلل شفتاهُ وهو يقول بعدها
" وردتي أُماه .. وزور الخاصة بي .. جدتي .. كانتا لتكونا فخورتانِ بي اليوم .. انا واثق من هذا .. في اعماق صدري .. مؤمنٌ بهذا .. "
بعدها صمت قليلاً .. من المفترض ان يضع ختاماً لخطابه ولكن يبدو انه لم ينتهي بعد .. خفض رأسه يعقد حاجبيه بضيق .. ثم زفر بعمق وهو يرفع عيناه الغارقتين بالدموع وهو يقول بصوتٍ عميق عنوانه الحزن ..
" جيميناه .. صديقي الملاك .. أُهدي فوزي، وشغفي،وجميع ألحاني لك يا من كنتَ احد اسباب تعلّقي بالعزف .. صديقي الراحل الذي تركني في عمر الـ٢٢ من عمره .. سوف ابقى آسفاً تجاهك حتى مماتي، و قلبي فداءٌ لعزفك الذي لطالما كنت اراه رديئاً .. يُقال ان الانسان يموت حين يتم نسيانه فقط .. ستظل في قلبي وعقلي حياً لا تموت .. إبتسم اينما كنت لعلّ ألحان بؤسي تموت لعلّ قلبي يُزهِرْ مجدداً "
لم يستطع ان يكبح دموعه امام الجميع اكثر من ذلك .. ولم يكن الحضور افضل حال منه .. الجميع قد تأثروا بِخطابه .. البعض قد ابتسموا لمدى تأثرهم بجمال خطابه.. والبعض قد ذرف الدموع .. في كلتا الحالتين اتفق الجميع على التصفيق بحراره لتايهيونغ الذي ادار لهم ظهره كي يمسح دموعه التي ترفض التوقف ..
همس الموسيقار خوسيه لأحد الحرّاس الخاصين به بشيء ما وهو يشير نحو شخصٍ معين ، ليومئ له وبعدها نزل عن المسرح متوجهاً نحو يوري التي تحدق بظهر تايهيونغ عاجزه عن التوجه نحوه ومعانقته .. امسك الحارس بيدها وسألها
" هل انتِ يوري جيرالد؟ "
نظرت الى والديها مستغربه لتومئ له بتردد .. ليسحبها خلفه بلطف وهو يصعد المسرح ..
وحالما صعدت المسرح لتركض نحو تايهيونغ تعانقه من الخلف ووجنتها التصقت بظهره المنحني .. حينما ميّز انامل يديها اللتان تحيطان خصره حاول تجفيف دموعه بكمّ قميصه، ليلتفت نحوها يعانقها بينما يدفن وجهه بين خصلات شعرها مختبئاً عن الجميع .. وعن الكاميرات .. عمن يحدق به ..
فصعد والده واصدقائه المسرح بأمرٍ من الموسيقار خوسيه .. وحالما رأى تايهيونغ والده ابتعد عن احضان يوري بعدما سلّمها جائزته .. وعانق ابيه وهو يبكي كالطفل .. مسح والده على ظهره براحة يده اليسرى، بينما كان يربت باليمنى على رأسه .. وهو يهمس له بعيداً عن مسامع الاخرين .. " انا فخورٌ بكَ دائماً وابداً "
حينما انتهت الأمسية خرج الجميع امام البوابه، قامت يوري بتوديع والديها بعدما اخبرتهما انها ستحتفل مع اصدقائها، وقام تايهيونغ بقول نفس الشيء لوالده الذي اصر على ان يعده تايهيونغ بالعودة الى المنزل سريعاً ليحتفلا لأجل فوزه على طريقتهما الخاصه .. وعاد الى المنزل باسم الثغر لانه استطاع ان يقوم بوعد الخنصر مع ابنه..
حالما صعدوا سيارة جين، قال تايهيونغ الذي يجلس بالخلف برفقة يوري وجين في حينما ان لوليتا وصغيرها هيوجين كانا في المقدمة
" انت تعلم الى اين علينا الذهاب صحيح ؟ "
ليرسل جين له قبلة طائره لمحها تايهيونغ في انعكاس المرآه ليضحك بعفويه ..
وقفوا امام محل ورود واشترىا باقة ورود الالسترميريا الصفراء اللون الذي يعبر عن الصداقه ، طوال وقت قيادة جين للسياره كانت يوري تضع رأسها على كتف تايهيونغ الذي كان يتأمل الطريق من النافذه المفتوحه .. وكانت جائزته بين ذراعا جونغكوك، وتفاجئ تاي بيوري تشبك اناملها بخاصته .. فرفع هو يدها يقبل باطنها وبعدها ابتسم لها بحُلُم .. ليساورها الخجل ولم تنطق بكلمة واحده ..
حين وصلوا الى المقبره نزل الجميع من السياره وصعدو التلال الخضراء وصولاً الى قبر صديقهم .. وقف الستّه امامه ليركع تايهيونغ على ركبتيه وهو يضع كأس فوزه وباقة الورود قرب القبر وهو يقول مبتسماً ..
" لقد فزتُ بالمسابقه الدولية جيميناه .. انتَ ايضاً شغفي الذي لا يموت .. شكراً لأنكَ قررت في يومٍ ان تصبح صديقي .. شكراً لانك كسرت حاجز انطوائيتي في الجامعه وقررت ان تصبح صديقي .. شكراً لأنك لطالما بكيت معي حين ابكي .. وضحكت معي حين كنت اضحك .. ولأنك الوحيد الذي يساير غرابتي ويراعي مزاجي السيء .. شكراً لكونكَ ملاكي الحارس .. تاتا يفكر فيك دائماً وسيبقى آسِفاً حتى مماته "
ونهض وهو يبتسم بهدوء .. ليتفاجئ بأنامل هيوجين التي عانقت انامله .. فخفض رأسه نحو الطفل الذي قال متردداً
" هيوجين .. هيوجين سعيد .. لأن تاي .. سعيد "
ليمسح تايهيونغ على شعر هيوجين يتعمد افساد تسريحته الكلاسيكية، وهو يبتسم للصغير ابتسامةً جانبيه.
وقف جونغكوك امام القبر يضم يداه معاً بإرتباك .. ثم تنحنح قائلاً
" جيمينشي،انا سأصبح مهندساً بعد بضع سنوات.. ولن اسمح لاحد بأن يقطع الاشجار المعمّره .. كما وعدتك .. ثق بي .. ايها الملاك الحارس "
ليقف جين بجانبه وهو يمسح على رأسه .. بعدها تأمل القبر يبتسم وهو يقول
" جيميناه.. لقد تزوجت مجدداً بلوليتا، هل تذكر حينما عاتبتني بعدما علمت بشأن طلاقنا؟ كم كُنتَ تبدو غاضباً مني بشده .. لكن هل تعلم ؟ اصبح لدينا ابنٌ صغير .. انه يدعى هيوجين .. وتصرفاته الخجوله دائماً ما تذكرني بك .. "
ثم التفت نحو هيوجين الذي يواصل الامساك بيد عمه تايهيونغ وقال له
" بُني .. تعال وقابل اخي جيمين "
ليرفع هيوجين عيناه نحو تايهيونغ الذي ابتسم له، فترك يد عمه وامسك بخاصة ابيه الذي امسك بكلتا كتفيه امام القبر.. فلوّح هيوجين نحو القبر يقول بعد صمت ..
" هيوجين .. سعيدٌ لمقابلةِ الملاك الحارس جيمين .. "
ليعبث جونغكوك بشعره يتنهد متتبعاً بعدها بابتسامه .. لتقترب كل من لوليتا ويوري امام القبر وتلقيانِ التحية .. بعدها ركعت يوري امام القبر تتلمس نقش اسمه .. وابتسمت بهدوءٍ تهمس ..
" لم اتذكرك .. انا اسفه لنسيانك .. ولكنني احترمك .. شكراً لكونك كنت صديق،اخ وايضاً ملاكٌ حارِس لِتاتا .. انا ايضاً لن أخرجك من بِئرِ ذاكرتي بعد الآن .. ستبقى انت وقصتك مخلّدانِ بقلبي وروحي ايها الملاك الحارس "
بعدها نهضت بمساعدة لوليتا التي تقدمت امامه وهي تقول
" جيميني .. سأكف عن ضرب تاي فقط كي لا احزنك .. في الماضي كنت انت من يحميه من غضبي العارم .. ولكنني الان اعدك .. بأنني سأضربه مره في الشهر فقط "
وبعدها ابتسمت تقول حينما اكتسح الحزن وجهها
" اشتقت اليكْ .. ايها الملاك الحارس "
وابتعدوا عن المقبره بينما الصمت سيد المكان ... وحينما كان جين يقود بالسياره ابتدأ الغروب حينما مرّوا من ارض يكتسيها العشب الاخضر .. فقال تايهيونغ بحماس
" جين ! جين توقف "
توقفت سيارة جين امام تلك الارض لينزل تايهيونغ المتحمس من السياره كما فعل البقيه والتفت نحو يوري يضم وجنتيها وهو يضحك متحمساً
" لدي سرّ اخبركِ اياه .. إن صعدتِ التل قبلي سوف اخبركِ به "
ليبعد راحتي يداه عن وجنتيها ويركض مبتعداً قبل ان تستوعب انه قد تحدّاها .. لترفع اكمام قميصها وهي تشتم بغيظ طفولي لانه تلاعب بها .. فراحت تركض خلفه وهي تصعد التل وسط ضحكاته الطفوليه المتحمسة .. شعر جونغكوك بالحماس ليضم الجائزه بين ذراعيه وهو يلحق بهما يصرخُ بِ" انتظراني ! "
لينظر جين نحو لوليتا وهو يمسك بيد هيوجين قائلاً بعدما غمز لها
" لنصعد نحن الثلاثه ايضاً "
فأمسكت بيد هيوجين وبدأو بالركض هم ايضاً يصعدون التل الاخضر كي يستطيعون ادراك منظرِ الغروب ..
حينما استطاع تايهيونغ الصعود الى القمة قبل يوري وجونغكوك استلقى ارضاً وهو يضحك لسببٍ لا يعلمه .. هل هو ياترى بسبب السلام الداخلي الذي يسهل اوره؟ .. قاطع تفكيره يوري التي سقطت على العشب بجانبه وهي تتنفس بتسارع تقول بغيظ
" سوف تخبرني بالسر تعويضاً للتعب الذي شعرت به وانا الاحقك "
" فالتشعري قليلاً بالتعب الذي كنت أصيب به بسبب لحاقي بكِ اثناء صِغَرِنا "
ليضحك كلاهما متقطعا الانفاس .. فاستلقى جونغكوك بجانبهما وهو يقول ..
" يا رفاق .. لم اركض منذ مدة .. اشعر بالحماس الشديد! "
وكانت العائله الصغيره اخر من وصل بسبب قدما هيوجين القصيره .. والذي ركض نحو تايهيونغ المستلقي وجلس على بطنه فجأه يعبس في وجهه قائلاً
" هيوجين مستاء من تاي "
فقال تايهيونغ وهو يمط وجنة هيوجين متسائلاً يساير الطفل
" ولماذا انت مستاء مني ؟ "
ليشير هيوجين بإصبعه الصغير نحو يوري يقول
" هيوجين يغار عليك منها "
ضحك تايهيونغ وهو يضم وجنتا هيوجين وبعدها يمطّهما، ليحيط جين ذراعه حول ابنه يسحبه من تايهيونغ الذي كان ينوي عض وجنته المكتنزه .. بعدها نهض تايهيونغ وهو يقف امام يوري المستلقيه يقول بينمل عسليتاه تتأملانها
" تعالي معي .. سوف اخبركِ بالسر "
نهضت ممسكةً بيده وحالما استقامت ليجلس فجأه امامها جلسة القرفصاء قائلاً
" اركبي "
ابتسمت بحماس طفولي لتنخفض لمستواه وهي تحيط عنقه بذراعيها بينما تلصق وجنتها المتورده بخاصته .. ونهض بينما يحبس ساقيها بين ذراعيه كي يوازن جسدها .. ليمشيانِ حيث تغطس الشمس البرتقاليه بطئ في باطن الارض .. وحينما كانا يتأملانِ انعكاس ضيائها في السماء التي تحولت غيومها للون البرتقالي وحيث كان تايهيونغ يواصل المشي وسط الارض الخضراء التي تبذو كالجنة تحدث قائلاً ..
" يوري .. هل اخبركِ ما هو السر الذي كنت اخبئه ريثما افوز بالمسابقه ؟ "
" ماهو ؟ "
" بعدما تتخرجين .. كنت سأسألكِ .. هل ستوافقين على الزواج بي ؟ "
واكمل هامساً بتردد خوفاً من ردة فعلها ..
" نحن متزوجان مسبقاً لكنكِ لا تتذكرين حين اقترحت عليك الزواج ولا حتى حفل زفافنا .. لذا لنقيمه مجدداً ونصنع معاً ذكرياتٍ جديدة .. هل انتِ موافقة؟ "
من شدة صدمتها كادت تنزلق من على ظهره، ورأتها فرصة رائعه لكي تكون قادره على رؤية تعابير وجهه التي يظهرها .. ولكنه تشبّث بها بعنادٍ يقول بصوت منخفض متوتر ..
" انا مُحرَج .. لا استطيع جعلكِ تنظرين الى وجهي .. انه يبدو كالطماطم .. انا اشعر بالخجل منكِ "
ضحكت على ظرافة التسوندري خاصتها، لتقبّل وجنته فجأه ومن صدمته افلتها من بين ذراعيه لتسقط خلفه على مؤخرتها وسط تفاجئه مما حصل، ليسارع في الجلوس امامها على ركبتيه يضم وجنتها براحة يده
" يوري .. لقد كنت متفاجئاً .. اعتذر "
تشبثت بياقته لتسحبه بين ذراعيها تعانقه بينما كانت تتأمل غروب الشمس الخجوله .. كموسيقارها تماماً .. وهمست قائله له ضاحكة السن
" أنا أقبل الزواج منك .. يا موسيقاري "
ارتسمت على ثغره ابتسامةٌ واسعه ليبادلها العناق وهو يهمس ايضاً مغمض العينانِ ..
" كم انا محظوظ بكِ .. غيمتي يوري .. شكراً لجعلي ارتوي بمطر السعاده .. ولأنكِ رسمتي في سمائي الرمادية قوس الوانٍ مبهجة .. أحبكِ "
..
صمتت الأصوات لتترك الموسيقار تايهيونغ، الذي كان يعد من أحد أهم و اشهر الموسيقيين الكلاسيكيين بأعماله قبل ان يصيبه الصمم في مقتبل عشريناته، في عالم من السكون. ولكن الصمم لم يمنع تايهيونغ من الإبداع، حتى أنه كتب في هذه الفترة أفضل أعماله.
شهدت مدينة سيؤل ميلاد الموسيقار العبقري تايهيونغ عام ١٩٩٥. وظهر تميزه الموسيقي منذ صغره، فنشرت أولى أعماله وهو في الثانية عشر من عمره.. واتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكرة، ثم زاد إنتاجه وذاع صيته كمؤلف موسيقى. عانى تايهيونغ كثيراً في حياته، فقد سمعهُ بسبب حادثٍ أدى الى موتِ والدته، وصحياً حيث انه كان الصداع النصفي والهذيان يلازمانه لأنه أصيب بالإكتئاب بعدما خسر سمعه ووالدته وصديقه الذي اقدم على الإنتحار في عمر الـ٢٢ . فبالرغم من أن والد تايهيونغ هو معلمه الأول الذي وجه اهتمامه للموسيقى ولقنه العزف على البيانو والكمان، إلا أنه لم يكن الأب المثالي، فقد كان مدمناً للكحول. بعدما خسر زوجته التي كان يحبها بشدة تاركة له مسؤولية ابنه الأصم،
ترك تايهيونغ العزف بعدما شعر بأن أحلامه وطموحاته اصبحت كالهشيم، ووقف في منتصف الطريق يبكي على نفسه واصبح بائساً، حتى ظهرت صديقة طفولته يوري التي لطالما كانت تقول بأنها ستنحت انامله الثمينه حين تكبر وسوف تتزوجه رغماً عنه، ظهرت في حياته كالنوته السعيدة في منتصف معزوفةٍ حزينه ..كانت كغيمةٍ بنفسجية في بزوغُ الشمسِ البرتقالي الذي يلامسه غيمٌ سماوي بعد ظلمةٍ سوداء قاتمه كئيبه،ظهرت لتريه الجانب الجميل من حياته التي لطالما ظن انها مضيعه للوقت .. ظهرتْ فوق رأسه كالغيمة التي تروي ذبول الوردة الحمراء .. في حين ان غراب الموت كان يقبع فوق كتفه .. شجعته في إكمال مسيرته .. وساعدت برفقة أصدقاءه على قتل ذلك الغراب الذي سبق وان نجح في قتل احد أصدقائهم،ونجح تايهيونغ في إكمال عزف البيانو وارتقى بين الجميع رغم صغر سنه، اثبت نفسه رغم انه لا يسمع جيداً كالسابق .. ألّف معزوفة تدعى (غيمةٌ تقبعُ بالأرض) تشرح سيرة حياته مع كونه موسيقار اصم .. صمْت العالم الذي اُطبق على صدره.. مشاعره بعدما خسر صديقه، معزوفة تشرح حقيقة كونه كان يعاني برفقة غراب الموت الذي كاد ان يتسبب بموته .. تلك المعزوفة تحمل الحزن والصبر والفرح بين طيات نوتاتها المؤثره، كانت تشرح سيرة حياته .نضاله بين نفسه . وتشرح عمق صداقته هو ورفاقه ومدى حبه لغيمته يوري التي انتشلته من حزنه وصمته المميت .
تلك كانت حكاية الغيمه،الماطره ..التي كانت كالضوء المنبثق في اخر النفق وموسيقارها البائس،الأصم الذي كان كالوردة الذابله .
إنتهت رواية موسيقاري الأصم الثلاثاء ٨ يناير ٢٠١٩
جميع الحقوق محفوظة لِلكَاتِبة @nurse_author
شكراً على الرسمة جميلتي 💜💜
Joreval
اشرحوا رسمة الڤيمين من منظوركم ؟ 🎶☁️👼🏻
•••••••••
رأيكم بالرواية عموماً ؟
انطباعكم القديم عنها ؟
اكثر موقف ما راح تنسونه بالرواية ؟
جملة اخيره للشخصيات ؟
جملة اخيره لي ؟
مساحه لله ؟
اتمنى كانت رحلتنا في الرواية ممتعه، واعتذر لكل شخص بكى بسبب حروفي وتضايق واعتذر على تهديداتي لكم⛏⛏⛏،
كنت امزح ولكني ما كنت امزح 🙂♥️
يالله مع السلامه ☁️🥺💜💜💜💜
تم تعديل الرواية ✅✅✅✅✅✅
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro