" تاي تاي .. هل أنتَ بِخَيْر ؟ "

رفع تاي عينيه الغارقتين بالدموع نحو يوري الواقفه امامه حيث يجلس ، متكئاً على جذع الشجرة وهو يضم ساقيه نحو صدره ..

فهزّ رأسهُ نافياً ، ليقول بصوتٍ مرتعش

" يوري .. جدتي ميلا نُقِلَت للمشفى صباح الْيَوْم .. أنا خائفٌ من أن اخسرها .. "

جلست بجانبه وهي تحيط ظهره بذراعها قائله بإبتسامةٍ متفائلة

" الجدةُ ميلا ليست ضعيفه يا تاي .. ستخرجُ قريباً من المشفى وتعِدُّ لـنا الأومليت "

رمش لتسقط دموعه العالقه ثم حدّقَ بإبتسامتها التي طمئنته .. ليومئ باسم الثِغرِ .. وقال

" أنتِ مُحِقّه .. جدتي ليست ضعيفه ، ستتغلّب على المرض لأجل حفيدها "

" الجدة ميلا هِيَ زورو الخاص بِنَا ، دائماً ما تنقذنا من عقاب والِديْنا .. اليس كذلك ؟ "

ابتسم وهو يمسح دموعه بكمِّ يدهِ ويقول

" لأنها تعرف كم أنتِ مثيرةٌ للمتاعب ، بالطبع ستتخذ جانبنا لكي تنقذ حفيدها "

نفثت بغيظ طفولي وهي تضرب جبينه بإصبعها الأوسط قائله وسط تألمه مصدوماً

" جدتي ميلا تحبُّ كِلانا بنفس المقدار ! "

حكّ جبينه وهو يضحك وسط استغرابها .. فقال بعدها بوقار

" وانا احبكِ وجدتي بنفسِ المقدار .. لا استطيع تخيُّلَ حياتي بدونكما "

نفخت وجنتيها المتورده كي تكبح ابتسامتها ولكنها غرقت بالضحك رغماً عنها وسط استغرابه .. لتقترب منه وهي تهمسُ في أذنه  واضعةً يدها قرب شفتيها

" أنا أُحِبُّكـ أكثر من الأومليت التي تُعِدُّه الجدة ميلا "

لتبزغ ابتسامةُ فخرٍ على شفتيه ،. وبدى راضياً عن جوابها .. فهو يعلم كم تعشق يوري الأومليت ..

~~

تذكّرت يوري أولَ اعتراف لها حين كانت طفله .. وتاي تاي كان ذلك المحظوظ الذي سرق قلبها البريء . . كانت تغسل الأواني وهي تتأملُ من النافذه طفلين يلعبان بالحديقة ..

ثم تنهدت بضيق وهي تغلق صنبور المياه .. فقالت مخاطبةً نفسها

" أشعُرُ بالحنين الى حُبِّ طفولتي .. منذُ أن قابلتُ تاي جيرالد وذكريات الماضي  تجتاح عقلي .. "

قاطعها رئيس عملها حين قال لها من الخلف

" يوري .. لدي ما اتحدث معكِ بشأنه .. على إنفرِاد "

فقالت بارتباك

" ولكن .. الأواني "

" دعي الأواني .. هناك امرٌ اهم منها "

شعرت بالغرابة من صوته الهادئ ، فهو بالعادة يصرخ ..

كان المطعم فارغاً لأنه يوم اجازة ، جلسا على احدى الطاولات فتنحنح محتاراً أمامها لا يعرف كيف يخبرها .. فقالت مبتسمة برسمية

" شيف .. ما هو الامر المهم ؟ "

" انتِ مطرودة "

لا يعلم الشيف كم لبثت يوري وهي تحدّق به مصدومه .. حكّت صدغها بحركة اضطرابيه ومن ثم قالت بتئتئه

" ولكن .. رسوم دراستي الليلية .. انت تعلم أني لا استطيع إيجاد عمل جزئي صباحي بسهوله .. ماذا فعلت ؟ سأصحح خطأي .. انا أعدك شيف "

" الأمر ليس خطأك .. المطعم في هبوط اقتصادي وعلي طرد بعض الموظفين لأنني لا استطيع تحمل الدفع لهم "

نهض باستقامة مما جعلها تنهض خلفه حين كان ينوي الدخول

" ماذا عن راتبي هذا الشهر ؟! .. لقد عملتُ بجد .. هل ستطردني دون ان تدفع لي ؟! "

تنهد بتملل ومن ثم اخرج ظرفاً ابيض من جيب مئزره الأبيض ليمدّه لها قائلاً ببرود

" انه النصف ، بسبب تكاسلك قمتُ بخصمه "

حدّقت بالظرف بعصبية .. لقد تحملت مزاجه طوال تلك المدة ، والآن يطردها دون سابق إنذار ويخصم من راتبها بتهمة التكاسل ، علماً بأنها اكثر موظف مجد في المطعم رغم انها طالبة ..

دفعت يده بعيداً تقول بغضب

" لقد تعبت طوال تلك المدة ! وتحملت صوتك المزعج .. هل هذا ما استحق ؟! "

نفث بسخرية وبدى غاضباً من اسلوبها معه ، ليقترب منها قائلاً اثناء ما كان يضرب رأسها بالضرف بتكرار مستفز ..

" هل خرج لسانك الوقح بعدما طردتكِ ؟ اعرفي مقامكِ ايتها الطفله الناكرة للمعرف قبل ان تتحدثي معي "

كان يتنمر عليها امام الموظفين الذين اختاروا تجاهل ما يحصل خوفاً من الطرد ، ولسوء حظ احدهم  والتوقيت المفاجئ ..

دخل تايهيونغ المطعم مرتدياً سماعات الرأس وخلفه جونغكوك الذي كان يتثائب وفِي المؤخرة جين يعبث بهاتفه مبتسماً .

التفت تايهيونغ لتقع عيناه على  ظهر رئيس يوري الذي يضرب رأسها بظرفٍ ابيض وهو يتحدث .. رغم ان تاي لم يفهم ما يقول لأنه كان مديراً ظهره ولكن من الواضح انه كان يسيء اليها بالنظر الى تعابيرها الحانقه والمُهانه ..

لم يتمالك تايهيونغ نفسه ، فقد توقف مكانه وسط استغراب صديقيه ، ودنى نحو قدمه يخلع حذائه ! تسمّر الرئيس مكانه بسبب الحذاء الذي ارتطم برأسه من الخلف !!

لتتوسع عينا يوري التي كانت تنظر مذهوله بإتجاه تاي الذي بدى غاضباً بشدة .. وقدمه اليمنى عارية ..

سقط الظرف من يد رئيس يوري والتفت متأججاً غضباً يحملق بتاي.. نظر الى قدم تايهيونغ العارية وعلم انه الفاعل ليصرخ بعصبية وهو يتوجه نحوه

" كيف تجرؤ؟!! "

رغم ان كل من جين وجونغكوك لم يفهما سبب عصبيته وهو يتوجه نحو تايهيونغ ولكن سرعان ما وقف جين امام تايهيونغ يقف امام رئيس يوري الذي يتهدد ، بينما جونغكوك لم يدرك نفسه حين احاط ظهر تاي بذراعه ليحميه وهو يرمق الرئيس بغيظ  ..

فقال جين وهو يدفع صدر الشيف بكلتا يديه

" ما خطبك ايها الرجل ؟! "

" لا شأن لك ! ايها الجبان تقدم ولا تختبئ خلفهما !! "

ليتفاجئ بيوري التي ضربته من الخلف بحذاء تايهيونغ وهي تقول بغيظ

" إياك ان تلمس تاي تاي ايها السمين !! "

التفت نحوها وسط صدمة جين وجونغكوك وخصوصاً تاي من فعلتها الجريئة .. لتنخفض وهي تمسك بالظرف وتصفع رأسه المدوَّر به قائله بحنق

" هل كنت تظن انني طالبة ضعيفه ستأكل حقها ؟! انا لدي اصدقاء يدافعون عني .. لذا لا تجرؤ على خداعي مجدداً ! .. هل تظن انك شيف مهم ومشهور فقط لانك ظهرت في دعاية أطفال ؟ صديقي موسيقار مشهور وثمين ! لذا إياك وايذائه "

كان جين باسم الثغر وجونغكوك مذهولاً من جرأتها المثيرة للإعجاب ، بينما تايهيونغ يحدّق فيها بوقار .

بعد دقائق كانت يوري خارج المطعم بملابس العمل تقف وحدها ، بينما جين وصديقيه بالداخل بتناقشون مع رئيسها .. خرج جين وخلفه تايهيونغ يبتسم ليوري قائلاً

" لقد حللنا مشكلتك بالكلام .. يبدو ان رمي الأحذية لم ينفع "

أمالتْ رأسها نحوه وفمها منفرج غير مصدقة ، ليمد تايهيونغ ظرفاً ابيض لها وهو يتحاشى النظر اليها .. فضحك جونغكوك على تصرف تاي ، نظرت اليه يوري بعيونٍ متأثره وبدت شاكره لذلك الشاب الذي يتحاشى النظر اليها .. استلمت يوري الظرف منه واغرورقت عينيها بالدموع، بعدها قالت

" انا شاكرةٌ لكم .. لا استطيع التعبير عن امتناني "

بلّل جين شفتاه بإستمتاع ومن ثم قال لها وهو يحيط رقبة تاي بذراعه

" أنا شيف وأملك مقهى في الطابق السفلي من منزلي .. لكني لم أفتتحه بعد ، ما رأيكِ أن تبدأي العمل فيه ؟ "

حاول تاي ابعاد ذراع جين عنه منزعجاً ولكنه تفاجئ بجونغكوك يفعل نفس ما فعل الأكبر فقط ليعاند تاي .. فابتسمت يوري برضى وهي ممتنه لهم .. ولا تعرف ماذا كان سيحصل لها لو لم تصادفهم بالمطعم ..

لتقول بابتسامة متفائلة بعد تنهيدة راحة اطلقتها

" أنا سأبدأُ العمل غداً .. "

ثم نظرت نحو تاي الذي كان يتأفف بضيق من صديقيه  ، ليتفاجئ بيوري تركع امامه وهي تعدّل أربطة حذائه الذي رماه على رئيسها ، ومن ثم استقامت أمامه تقول اثناء تحديقها المُسرَف في عينيه العسليتين

" حُب طفولتي الذي أراهُ في عيناك كان سيفعل تماماً ما فعلته لأجلي بالمطعم .. يا تاي تاي الراشد "

___

رأيكم بالفصل ؟

أفضل موقف ؟

كيف تشوفون شخصية تاي ؟

تم التعديل ✅