الجزء الثاني
الزمن يسير ولا يستطيع أحد ايقافه وحتي لو استطعت ايقافه ، حاول ألا تنسى أن الجميع وأولهم أنت يحتاجون من الزمن أن يسير بلا توقف ، ففي حياة كل منا أحلام وأشياء ننتظرها كي تتحقق ، ومعنى أنك تنتظر هو أن عقلك الباطن يتوسل إلي الزمن ويقول له: أرجوك لا تتوقف.
أخذت الأعوام تمر عام تلو الأخر حتى تحولت إلى عقود ، ومرت العقود أيضاً حتى تحولت إلى قرون ، وأخذت هي الأخرى تمر حتى وصلنا إلى ما قبل اليوم الموعود.
--------------------------------------
شمس يوم جديد تشرق لتعطي ضوئها وحرارتها للجميع للصالح والطالح والأعجم والجامد ، تتعامل بتواضعها ولا مبالاتها المعتادة فى نسق دورتها اللا متناهية بدون كلل او ملل ، وقد دخلت أشعتها الذهبية إلى داخل القصر ، وبالأخص إلى داخل الغرفة الملكية ، بعد أن فتح الملك النافذة وعاد ليجلس على كرسيه محدقاً بزوجته النائمة على السرير بجانب خصلات شعرها الأسود الممدود على الوسادة البيضاء بجانبها ، والتي فتحت عينيها بمجرد شعورها بنظراته إليها.
-------------------------------------
_"صباح الخير أندرو"
_"صباح الخير يا عزيزتي ، كيف حالك اليوم ؟ ، أمازلتي تشعرين بالتعب من الحمل"
تحدثت الملكة وهي تتكأ بيدها على السرير ، لكي تسند ظهرها وتجلس.
_"نعم ، أشعر أنني سأضع عما قريب"
وقف الملك وهو يبتسم ، ثم اقترب منها ، وأنزل رأسه حتى لامست أذنه معدتها.
_"نعم ، فلقد أصبحت أسمع صوت ولي العهد وبطل النبوئة وصانع مجد ايستر"
ابتسمت الملكة ابتسامة شديدة ، ثم قالت.
_"الجميع حقاً ينتظرونه بفارغ الصبر"
قام الملك بتقبيل وجنتها وقال.
_"سوف أذهب أنا الأن يا عزيزتي"
_"إلى أين ؟"
تحدث الملك وهو يدير ظهره.
_"إلى المكتب ، هناك بعض الأمور على أن أنهيها"
لوحت له الملكة مودعتاً اياه وهو يغلق باب الغرفة من خلفه.
ذهب الملك للحمام بعدما خرج من الغرفة ليستحم ويرتدي ملابسه الرسمية ، أخذ الملك المنشفة بعد أن استحم ليجفف شعره الأشقر المبلل ، وأخذ بارتداء الملابس والسترة التي تحمل شعار مملكة ايستر من الجهه اليسرى ، وهم بالخروج ليرى أحد الخادمات قادمة تجاهه ، والتي سرعان ما قامت بالانحناء له ثم قالت.
_"مساعدك الملكي ينتظر في مكتبك منذ حوالي ساعة سيدي"
_"حسناً أنا قادم"
وصل الملك إلى المكتب ، ثم دخل وأغلق الباب من خلفه ، وعندما دخل وقف الأخر ليحي الملك وقام بالانحناء له"
_"صباح الخير سيدي"
_"صباح الخير يا رودجر"
ثم أكمل حديثه بنبرة ساخرة ، وهو يجلس على كرسيه أمام المكتب.
_"ليس من عادتك أن تأتي مبكراً يا رودجر ، أم أنك سوف تصبح أكثر نشاطاً من اليوم"
أخذ رودجر يضحك ، وهو يحك رأسه.
_"لا سيدي سوف أبقى على عادتي متأخر دوماً ، ولكن يبدو أنك نسيت أنك قلت لي بالأمس أن أتي مبكراً اليوم"
قال الملك ، وهو يشير إلى الكرسي الذي أمام مكتبة.
_"نعم لقد تذكرت"
ذهب رودجر وجلس على الكرسي أمام مكتب الملك ، وقال مبتسماً.
_"كيف حال ملكتنا وولي العهد الجديد ؟"
تحدث الملك ، وقد ظهرت عليه ملامح السعادة.
_"انها بخير ، أخبرني الطبيب أنها ستضع هذا الإسبوع ، وأن الطفل أيضاً بخير"
_"يبدو أنك سعيد جداً يا سيدي ، أحب أن أخبرك أن المملكة كلها سعيدة ومتشوقة جداً لسماع خبر ولادته"
_"حقاً"
_"نعم ، أنظر ماذا اشتريت من السوق اليوم"
أخذ الملك القلادة التي أخرجها رودجر من جيبه ، ليقرأ ما عليها بصوتٍ واضح.
_"اشتقنا لك يا صاحب النبوئة ، ويا صانع المجد"
إعتدل الملك في جلسته بعد أن قرأ الكلمات المحفورة على القلادة ، وأخذ ينظر لها باهتمام ، وعلى وجهه ابتسامة عريضة ، وأخذ يقلبها يميناً ويساراً وهو يقول.
_"انها رائعة ، سوف تفرح زوجتي كثيراً عندما تراها"
_"لم أنساك أنت أيضاً يا سيدي ، لقد أحضرت لك واحدة أخرى ، لتصبح واحدة معك والأخرى مع الملكة"
وضع رودجر الأخرى أمام الملك ، الذي إبتسم ابتسامة عريضة وقال.
_"شكراً لك ، أحسنت صنعاً يا فتى"
إستئنف الملك حديثه ، بعد أن أسند ظهره ووضع ساقاً فوق الأخرى.
_"هل جهزت لي التقرير الذي أخبرتك به ، لقد كان يتعلق باختيار الفارس الأول للفرق الأربعة الأولى"
تحدث رودجر ، وهو يشير بإصبعه.
_"نعم لقد أحضرته ، ها هو أمامك على المكتب ، لقد جمعت لك ثلاثة من أقوى وأشجع الفرسان في الجيش لتختار واحداً منهم"
أخذ الملك أندرو الأوراق من أمامه ، ونظر فيها بتمعن ليقول.
_"هل إخترت روس وماثيو وكيفن"
تحدث رودجر بنبرة ظهرت فيها الثقة.
_"نعم ، ف روس يجيد استخدام السيف ببراعة ويجيد التصدي له بسرعة ايضاً ، وله ضربة بالسيف يمكنها كسر أي درع ، غير أن له حصان أسود وقد أشرف على تدريبة بنفسه ، أما ماثيو فهو غني عن التعريف ، فلقد قاد الجيش ف معارك كثيرة ، ويجيد استخدام الرمح بمهارة وله رمية لا تخيب ، وهو سريع جداً ويمكنه حمل راية المعركة في أي وقت"
تحدث الملك متسائلاً.
"وماذا عن كيفن ؟"
رد رودجر وهو يشرح ما يقوله بكلتا يديه.
_"كيفن فتى صغير في السن ، لكنه يجيد استخدام السيف والسهام ، ويجيد وضع الخطط وتغيير الخطة في أرض المعركة إذا لزم الأمر ، وأظن أنك تعرف كثيراً من المعارك التي قادها وانتصر فيها بعد سقوط قائد الجيش ، فهو دائماً يقول أنه مستعد لحمل المسؤلية في أي وقت وتحت أي ظرف ، وهو يعرف أيضاً كثيراً من الأمور الطبية ، ويجيد التعامل مع أي حصان"
_"سوف أختار كيفن"
صمت رودجر قليلاً ، ثم قال.
_"هذا اختيار جيد سيدي ، ولكن أعذرني ، أريد أن اعرف ما الحكمة في اختيار كيفن ، فأنت لم تتردد لحظة في اختياره ، وأنا الذي كنت أعتقد للوهلة الأولى أنك سوف تقوم باختيار روس او ماثيو"
تحدث الملك بعد أن ارتشف رشفة من قدح القهوة الذي أحضرته له احدى الخادمات منذ قليل ، وقد ظهر عليه الإعجاب بمذاقها.
_"ولماذا إعتقد ذلك !"
أجاب رودجر قائلاً.
_"لأننا جميعاً نعرف أن ماثيو وروس أقوى من كيفن"
وضع الملك أندرو قدح القهوة ، ثم ابتسم إبتسامة جانبية.
_"إن القوة ليست كل شئٍ يا رودجر ، فالقوة بدون قليل من الذكاء حتماً ستؤدي بصاحبها إلى الهلاك ، أما الذكاء مع قليل من القوة يمكنه أن يفعل المستحيل ، وكيفن ذكي جداً وسريع البديهة ويمكنه تعلم أي شئ بسهولة ، بالاضافة إلى قوته في القتال التي لا يستهان بها ، هو فقط ينقصه عنصر الخبرة وهذا سيأتي مع مرور الوقت"
وبينما رودجر يفتح فمه لكي يتحدث ، تحرك مقبض الباب ودخلت منه الخادمة ومن خلفها رجلٌ صاحب قامة طويلة يرتدي ملابس ملكية وله شعر أبيض كثيف ، لاكن يبدو من ملامحه أنه صغير على ذلك الشعر ، وله ايضاً عينان رماديتان ذات لونٍ مميز.
سرعان ما تحدث ذلك الرجل بنبرة قوية فيها قليلٌ من العنف ، دون أن ينظر لأي شخص داخل الغرفة سوى الخادمة.
_"هيا خذي قدح القهوة ، واخرجي على الفور"
حملت الخادمة القدح ، وقد ظهر عليها الارتباك والخوف ، وهمت بالخروج مسرعة لاكنها أسقطت القدح ، نظر إليها ذلك الرجل ، لكنها إلتقطت القدح من على الأرض وخرجت مسرعة ، وأغلقت الباب من خلفها.
أطلق الرجل تنهيدة طويلة تدل على انزعاجة ، وهو ينظر إلى الأرض.
قرر رودجر بتردد التحدث ، ليقطع الصمت الذي احتل المكان.
_"مرحبا ، مرحباً سيد إيكر"
رفع إيكر رأسة ونظر إليه نظرة قوية.
_"اصمت"
ثم حول نظرة إلى الملك ، الذي كان هادئاً وهو يضع ساق فوق الأخرى وعلى وجهه ابتسامة خفيفة.
_"مرحباً أندرو ، أم أقول سيادة الملك أندرو"
تحدث الملك وملامحة لاتزال ثابتة.
_"قل ما شئت ، فليس بيني وبين أخي الصغير ألقاب"
إبتسم إيكر ابتسامة جانبية ، وقال.
_"لا أحب تلك العواطف فالعواطف دائماً تغطي على الحقيقة ، فحتى بعد حديثك هذا ماذلت أنت الملك وأنا أخاك الأصغر إيكر ، هذة هي الحقيقة أليس كذالك"
استئنف إيكر حديثة بدون إنتظار سماع رد الملك.
_"هل قمت باختيار الفارس الأول أم لا ؟"
رد عليه رودجر بدلاً من الملك ، وهو يبتسم.
_"نعم ، لقد اختار كيفن"
لم يلتفت إيكر إلى رودجر ، لكنه صمت قليلاً ثم قال إلى الملك وهو ينظر إليه.
_"لن أجادلك في اختيارك لأني أعرف أنك لا تعود في قراراتك ، لاكني أريدك أن تعرف أني لست راضياً عن اختيار كيفن"
ابتسم الملك بإعجاب وهو يقول.
_"لقد أصبحت تعرف طباعي جيداً يا أخي"
إبتسم إيكر بسخرية بعد سماع حديث الملك ، لكنه تحدث قائلاً.
_"دعنا من هذة الأمور ، هل تحدثتم أيضاً بشأن الرحلة التجارية ؟، أظن انني أعمل هنا قائداً للجيش"
تحدث الملك ، وهو ينزل ساقه من فوق الأخرى.
_"لا ، لم نتحدث في ذلك الأمر ، لقد كنت أنتظرك ، هيا اجلس ، وأنت يا رودجر أحضر لي الخريطة"
أخذ إيكر الخريطة من يد رودجر الذي كان يمدها إلى الملك ، ووضعها على المكتب أمام الملك ، ثم رفع قدمه اليمنى على أحد الكراسي ، وإتكأ بيديه على الزجاج الذي يحيط بالمكتب ثم قال.
_"أي طريقٍ سوف تسلك الرحلة ، براً ام بحراً ؟"
قال الملك وهو يشير على جزءٍ في الخريطة.
_"براً ، سوف تسلك طريق غابة الأمراء"
تحدث رودجر ، الذي كان ينظر إليهم.
_"أحسنت سيدي لعدم اختيارك الطريق البحري ، هكذا سوف نتجنب المرور بجانب تلك الجزيرة"
قال الملك بسخرية ، وهو يطأطأ رأسه.
_"عن أي جزيرة تتحدث !"
أجاب رودجر بنبرة عميقة.
_"أتحدث عن تلك الجزيرة الملعونة ، الجزيرة التي يطلق عليها جزيرة القيامة"
عندها اعتدل الملك في جلسته ، وأنزل إيكر قدمه من على الكرسي ، ونظر الإثنان إليه بصمت ودون التفوه بأي كلمة.
حتى تحدث مرة أخرى.
_"ماذا ألم تسمعوا عنها ، يقول البحارة اللذين مروا من تلك المنطقة ، انه عند الإقتراب من هذة الجزيرة يمكنك أن تسمع عويل وصراخ جماعي يأتي في وقتٍ واحد لمجموعة من الكائنات الغريبة ، وكان يسُمع منها دوماً في الليل صرخات يقشعر لها الأبدان ، ويرى فيها ف الليل أجسام ضخمة تتحرك مثل الأشباح ، وقد سميت تلك الجزيرة بالقيامة لأنها تعتبر النهاية لأي شخص ططأ قدمه أرض تلك الجزيرة"
تحدث الملك ، وهو يفكر فيما سمع.
_"نعم لقد سمعت عنها ، ومن ف الممالك الأربعة لم يسمع بتلك الجزيرة"
ثم نظر إليه وأكمل حديثة.
_"ولكني لم أختر الطريق البري بسبب تلك الخرافات ، بل لأن لنا رجلاً يسكن في غابة الأمراء ، سوف يساعدنا في طريق الرحلة"
تحدث إيكر بنبرة أكثر عمقاً ، بعد أن استدار ليخرج من الغرفة.
_"لا أعتقد أنها مجرد خرافات"
قال الملك وكأنه يحدث نفسه ، بعد أن وقف هو الأخر.
_"لا بأس ، ففي يوم من الأيام ، سوف يستطيع شخص ما معرفة سر تلك الجزيرة ، جزيرة القيامة"
انتظروا الفصل الثالث قريباً.
وأحب أعرف رأيكم في البارتي دة؟
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro