مؤامرة :
صبيحة اليوم التالي :
كان محل ساري كبيراً ويحتوي العديد من التحف الخلابة ويشرح للزبائن عن كل قطعة لغرض ترغيبهم بشرائها .
يحرك يديه كثيراً ويسحرهم بنبرة صوته الرخيم . ومعلوماته الكثيرة تسحرهم أكثر فأكثر فكان رجل ذو شخصية مؤثرة على من حوله ، حتى مر الوقت وحل المساء كأي يوم روتيني يمر عليه ليرتاح بغرفة داخلية ويطالع كتاباً يرتشف شراباً ساخناً .
وعلى حين غرة دلفت مياسة برفقة نوران وجارهم العجوز ليرحب بهم جميعاً غير متوقع لهذه الزيارة .
جلب بعض الأطعمة وضيف الضيوف وتسامر مع الرجل لكونه لم يره من مدة طويلة حتى أعتذر الرجل ونهض تاركاً الصبية والطفل برفقة ساري .
------------------
نوران يلعب في الارجاء والصبية جالسة قرب حبيبها وفارس أحلامها تبدوا متشتتة وكأنها تود قول أمر مهم او أمر جلل قد حصل معها .
رجفة خفيفة طغت على حركاتها وعينيها أظهرتا خوفاً كبيراً وعبثاً حاولت أن تهدأ .
الرجل لاحظ ما عليها من آثار فزع فجلس قربها سائلاً ويرفع حاجبه بتعجب :
- هل حصل معكِ شيء ؟
ثواني تبعتها لحظات وهي صامتة ثم سحبت نفساً عميقاً وهدأت نفسها لتقول بصوت منخفض راجف :
- أجل.
صمت منتظراً تتمة حديثها لتكمل تحرك يديها والرجفة تزداد بهما :
- البارحة ... أقمنا حفلاً - أبتلعت ريقها - ...ثم أنا تركت المكان و..و جلست بعيداً .
صمتت تلتقط أنفاسها لا تعلم حقاً لما هي خائفة لهذه الدرجة !
ثم أكملت بعد سحب نفس طويل والرجل يطالعها بحيرة منتظراً تتمة كلامها .
:-جلست أسفل شجرة ، ثم سمعت رجلين يتحدثان قال الاول للثاني أقتل الوزير الاعظم والملك سيعيد لك قطعة أرضك والثاني وافق لكنه قال أنا .... أنا لا أثق بكم - نفس آخر سحبته وهو يطالع بدهشة - ثم قال الاول لك ما تريد ولكن اشعل حرباً هذا ما سمعته لكنني لم أرهما وخفت وهربت عدت لمكاني بين النسوة قرب والدتي وأتيتك لتخبرني ماذا أفعل ؟
صمت لوهلات ثم تحدث يطالعها بتركيز :
- هل رأكِ أحدهما؟
صمتت هي الأخرى لكنها أشارت بالنفي برأسها فأقترب منها هامساً :
- إياكِ وأخبار أحد او التفوه بحرف - رفع أصبعه بوجهها محذراً - ستقعين بمشاكل أنتِ في غنى عنها أنسي ما سمعتيه .
قالت تتحدث بصوت عالي خرج لا إرادياً :
-لكنهم سيقتلونه وقت الحفلة وستنشب حرباً كبيرة .
ناظرها قائلاً :
- مياسة الأمر خطير جداً وقد تقعين بمشاكل .
صمتت تناظره بعيون دامعة وراحت تجول بنظرها في الأرجاء .
ستنشب حرباً لا محالة ، ضمها لحضنه ممسداً عليها ثم تحدث :
-هذه الأمور تحصل في كل زمان ومكان يا صغيرتي لو تدخلنا نحن العامة بها فلن ننجو لا تفكري بما سمعتيه سنهرب حال قيام أي حرب .
أستمعت له بصمت لكن رجفة قلبها لم تهدأ .
أبعدها عن حضنه وهي مسحت ما تساقط من دموعها ، سماع شيء خطير كهذا الأمر والسكوت عنه أمر شبه مستحيل ولكن ما باليد حيلة .
عاودت النظر إليه من جديد وقد هدأت قليلاً ومن ملامحها يبدوا أنها أستمعت إليه ولن تتفوه بحرف .
الطفل نوران يلعب قربهما يركض بالأرجاء ويطالع كل شيء بعيون متوسعة وهي تدرس تفاصيل حبيبها عن قرب .
ناظرها ببنيتيه لتتوه بهما وتنسى خوفها والحالة التي مرت بها تواً وهمست له وبدت ساكنة تماماً :
-هل كنتَ أميراً من قبل ؟
مد يده يصبح كفه خلف رأسها بعد أبتعادها عنه ، رأت الدهشة ترتسم على ملامحه الجميلة ليلاحظ أحمرار خدودها وأخفاض رأسها بخجل .
-ما الذي جعلكِ تظنين هذا ؟
نظرت في الأرجاء ويبدوا الأحراج واضحاً عليها ، لتهمس له تداعب أصابعها في حجرها :
-كنتَ تلبس ملابس كخاصة الأمراء حينما رأيتك لأول مرة ، حينما ألتقينا ثانيةً بدوت فقير الحال .
استقرت عينيه عليها فلم ترفع رأسها من الحرج .
-كيف التقيتني سابقاً ؟- مع عقدة بين حاجبيه وعلامات الفضول ترتسم على محياه- ،ساورها تردد أكبر فلفت بصرها ببطء نحوه زالت عقدته ورفع حاجباً يفعلها لا أرادياً كلما سمع شيء أثار فضوله .
بدت محتارة قد تظنه أنزعج او غضب لكونه يحافظ على سرية حياته الشخصية ولا أحد فعلياً يعرف عن حياته السابقة سواه .
لم ينفعل كما توقعته ولم يبدي اي انزعاج فشرعت تقص عليه لقائهما ، توافدت تلك الذكريات بمخيلتها وزار فؤادها الحنين فنست نفسها لوهلات وهي تخبره عن كل شيء .
ردات فعله كانت لطيفة بالنسبة إليها . وحينما أنتهت من سرد حكايتها بانت الدهشة بوضوح عليه ليرد ضاحكاً :
-أ تتذكرين كل هذا ؟
تبسمت بهدوء لتتحدث بعدها ولا زالت تداعب أصابعها :
- راودني الفضول حول ما حصل معك .
-فقدت ثروتي أثر مشاكل كما تعلمين دوام الحال من الحال ، ثم النقود تأتي وتذهب يا صغيرتي المهم الصحة وراحة البال .
صمتت ولم تعلق وبقي نظره معلقاً عليها لتسأله على حين غرة :
-حينما كنت متزوجاً هل كان لديك أطفال ؟
نفى برأسه يشرب من قدحهُ ، ثم ساد صمت لطيف بعدها خجلت من التحديق إليه بهذا القرب ليسألها ويده عادت للأرتكاز على ظهر الكنبة .
-لما لا تأكلين يا مياسة؟ أنتِ جداً نحيفة هذا سيء لصحتكِ .
زادها حرجاً وشعرت بنغزة في قلبها ، تخجل من جسدها النحيف بشدة وهو أمر يؤرقها ، لا تأكل لهذا هي نحيفة كالعصا !
-يجب أن تقوي نفسكِ وتأكلي جيداً أهتمي بصحتكِ لتعيلي والدتك يا صغيرة .
ردت وبصرها لا زال على حضنها :
-هكذا هو جسمي لا أكتسب الوزن مهما اكلت .
في النهاية بات يتحدث عن وصفات للأكل يعرفها من صديق تفيدها وهي استمعت له بغير وعيها فكانت تركز مع حركة شفتيه أكثر مما يقوله مما زادها إحمراراً .
----------------
حلقة من الرجال من ضمنهم ساري جالسين متحلقين حول طاولة من الخشب عليها بعض الطعام والمشروبات الكحولية حولهم صخب المطعم الشعبي والمشاعل تنير المكان كما لو كان الجو نهاراً .
طرق الكؤوس وتحريك الملاعق واصطدامها في الأطباق خلف صخباً ممتعاً أمتزج مع أحاديث الرواد .
وبعد الترحيب برفاقه تحدث بجدية خالفت حالته السعيدة تواً :
- وردني خبر مهم - سحب نفساً قصيره وأطلقه تزامناً مع كلامهُ - سيتم أغتيال الصدر الأعظم خلال حفلة السلام التي يعقدها الملك .
ساد الصمت قصيراً ليتحدث رجل اسمر شعره اسود أختلط بالبياض :
- من أوصل لك هذا لم يردنا أي خبر بخصوص هكذا أمر من جواسيسنا .
رد:
- من طرف فتاة أمها خياطة وهما داخل القصر وما سَمِعَتْهُ كان خطيراً .
علق قائلاً :
- سأستفسر من جواسيسنا لكن عليك معرفة من يكون هذا الشخص الذي يريد الخلاص من الصدر الاعظم . سنحتاج الفتاة حتماً لمعرفته .
- أنها خائفة ولم ترى وجهيهما كانا شخصين أحدهما كلف الآخر بالقتل ، أعطي خبراً لجواسيسنا وأبلغ الرؤوساء بذهابنا لحراسة الصدر الأعظم .
-ماذا تعني بحراسة ؟ نحن مرتزقة لسنا حراساً .
أجاب بعصبية منحنياً يقترب من الأسمر :
-ستشتعل حرباً لا أول لها ولا آخر .
أجاب رجل من الجالسين عيونه خضراء حادة أصلع الرأس ولحيته كثة مع شارب كثيف أسود يعلو شفتيه :
- لن تضرنا المحاولة فإذا ما قامت حرب ما سنتضرر بكل تأكيد .
ثم وجه آخر حديثه لساري قائلاً :
- حاول معرفة من يكونان من الفتاة وسنرى ماذا سنفعل .
ثم تحدث الاسمر :
- اذا وقعت حرب ما سنهرب مع الهاربين لا طاقة لنا بالتدخل بسياسة بلد ليس ببلدنا .
عاود الأصلع بحديث يعقب على حديث الأسمر :
- أنا سأتدبر الأمر وسنهرب في الوقت المناسب .
بعد لحظات من الصمت توادع الأربعة وأنطلق كلاً الى جهته والشك والخوف من القادم يأكل عقولهم .
يتبع .......
الحماقة قد تُحدث حرباً فلا تكن أحمقاً
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro