لحظات جميلة
كل ما خرج تبقى في المنزل تنظف وتراقب الناس من خلف النافذة ، ترسم قليلاً وتكتب في مذكرات عن كل ما تتعلمه حولها كبعض الكلمات التي تنساها بأستمرار أو عناوين الأماكن التي قد تضطر للذهاب إليها .
وطبعاً لا تخرج لوحدها بل يرافقها الجد شامون كالعادة .
حياتهما معاً تتسم بالهدوء ولكونه يشغل وظيفتين فيعود متأخراً بحدود المساء او منتصف الليل .
مر فصل الشتاء بسرعة وحل الربيع الذي كان في هذا البلد منعشاً معتدل البرودة ومعه بدأت حساسية الجد وملازمته للفراش أثر حمى خفيفة وسعال مستمر لم تنجح الأدوية بإزالتهما .
لم تكن على دراية كاملة بكيفية التعامل مع هذه الحالة فكان يوجهها لصنع أعشاب تخفف عنه الحرقة الموجودة في صدره ويقضي باقي الوقت نائماً .
أما مياسة فكانت تقرأ بملل كتب الطب لديه تدون ما تحتاجه . او تمكث عنده تشخبط بدفتر صغير تحاول رسم الأشياء الموجودة في الغرفة .
حتى تغفو وتنام على الكرسي بجانبه .
طوال شهر كامل كانت هذه حالتهما ، ووضعه أثر حساسيته الغريبة لا يتحسن بتاتاً .
حينما يكون بحال أفضل يروي لها قصصاً من حياته الماضية ، يسليها بحكاياته الغريبة ، فتستمع له بأهتمام كبير وتطرح عليه الكثير من الأسئلة .
ومع أقتراب نهاية الربيع غادرته الحساسية أخيراً وتماثل للشفاء وبات يصحو للتحدث معها بشكل أكثر .
كان بداخله يتعاطف معها . يرى الحزن بوضوح في سوداوتيها ، لا يخفى عليه الورم أسفل عينيها ولا أحمرار أنفها .
تبكي كلما سنحت لها الفرصة لذلك ، تعد الأيام والأوقات بدقائقها وساعاتها وثوانيها . متى سترى عائلتها من جديد ؟
لذا قرر السفر والبحث بنفسه ! مخاطرة كبيرة أقدم عليها .
كيف سيجدهم في بلاده ، أرض غوفان المحطمة التي لا زالت الحرب تشتعل بأراضيها وتملك مشاكل مع الممالك المجاورة لها .
أين سيجدهم وأين سيسأل عنهم ؟
كان حائراً بينه وبين نفسه ، قد تطول رحلته لشهور أو حتى لأعوام ولا يستطيع تركها لوحدها .
أعدت له بعض الطعام وأخرجته من حيرته بوضع الصينية في حجره قرر البحث من خلال معارفه من جديد فصحته لا تحتمل السفر .
تناول وجبته ناظراً إليها ، عادت للمكوث فوق الكرسي تحتضن جسدها تنتظر منه تتمة القصة .
فأبتسم بهدوء وبعد بضعة لقيمات شرع بحكايته لتتكأ بذقنها على ركبتيها وتستمع له .
وقد أخذ على نفسه عهداً بإعادتها لعائلتها مهما تطلب الثمن .
في فصل الخريف أكتست البلاد بالحمرة فأشجارها تيبست ومالت للصفار المحمر وبدأت بالتساقط . كان منظراً جميلاً لعينيها وهي تتجول معه وسط الطرقات أشترى لها ملابس ووشاح وبعض الكتب . ذهب بها لأماكن جميلة تراها للمرة الأولى .
دفع عنها حزنها وسلاها وإن كان بشكل مؤقت ، ثم مكثا مساءهما على البحر يراقبان السفن القادمة ذهاباً وإياباً .
ولأن هذا أعاد لها ذكريات قديمة فقد أمتلئت كمداً وأبتعدت مسافة عن الحافة بعدما تذكرت شعور الدوار والغثيان اللذان لازامها .
وكلما التفت إليها زيفت أبتسامة غير راغبة بأفساد هذه اللحظات الهادئة .
_____________________
حول طاولة عليها خرائط تجمع الرجال تنير لهم المشاعل ، أشار ساري بيده فوق الخريطة قائلاً :
-السوق نقطة جداً حيوية في المدينة سيكون محطتنا لأطلاق الشرارة الأولى .
ثم أشار بقلم حبر أحمر اللون على مناطق معينة :
-هذه المدن ستكون التالية على خريطتنا أغلب ساكنيها تجار وأثرياء سيوفرون لنا الدعم المادي .
تنهد واقفاً يضع يديه على خاصرته :
سنعمل مع أشخاص من المدن السفلى ليمدونا بالاسلحة والذخيرة سنحتاج ثلاث سنوات لنقلب الأمور ونعلن حكماً أهلياً .
يتبع.....
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro