بعد مرور عام :
الثلج يغطي الأرض كرداء أبيض ، السماء ممتلئة بالغيوم فحجبت الشمس ، الجو قارص البرودة ، السماء تُمطر ثلجاً خفيفاً يتساقط على أكتاف السكان المتجولين في هذه الشوارع الأنيقة .
المصابيح كانت منارة لعدم وجود أشعة شمس فبدا الجو كأنه مساءً .
وفي داخل أحدى المنازل الفخمة وبجوار النافذة حدقتيها السوداوتين تراقبان الناس من الأعلى .
المدفئة تلتهم الحطب بهدوء وتملئ المنزل بالدفئ . الأثاث راقي تغلب عليه ألوان هادئة متناسقة مع الأبيض وبعض التحفيات تنتشر لتضفي جمالية .
-مياسة .
ألتفت أثر صدوح صوت النداء ونهضت متوجهة للمطبخ تهرول :
-نعم جدي .
-تعالي وساعديني في تقطيع الخضار .
-حاضر .
توجهت نحو طاولة تحضير الطعام وبدأت بوضع الخضراوات داخل صحن .
طوال الوقت يغلب عليها الهدوء ، قليلة الكلام ، ولا زال الحزن يطوق قلبها أثر فقدانها لعائلتها .
لم يعلم الجد شامون أين يبحث أو من أين يبدأ فمكث محتاراً كيف سيساعدها ويجد عائلتها ؟
على الرغم من وجود معارف كثيرة له طلب مساعدتهم لم يتوصل لأي نتيجة خلال هذا العام الذي مضى .
علمها لغة البلد الوافدة إليه وباتت تتقنها قليلاً .
وعلمها كيفية أستخدام الأعشاب والعلاج بواسطتها
فضلاً عن تعليمها الطهو .
لكي تعتمد على نفسها في حال جرى له مكروه فهو رجل كبير جداً في السن وقد يفارق الحياة بعد عام او عامين .
وكانت قابلة للتعليم بسرعة وتكيفت نوعاً ما مع محيطها ولكنها لم تسلم من الكوابيس ولم يغادرها الحزن .
فلا زال جسدها نحيلاً مع القليل من الوزن وأمتلئت وجنتيها قليلاً بشكل غير ملحوظ .
هالات سوداء تنام أسفل عينيها الصغيرتين . فلا تنام الليل أشتياقاً لأمها .
وفي أحيان كثيرة لا زالت تبكي كلما حلمت بهم .
_____________________
في داخل المطبخ في منزل بسيط تعد الطعام تساعدها سهران ، زوجة ساري الحامل التي تعيش مع أم نوران وام مياسة كعائلة واحدة  خلال منتصف فترة الشتاء قرر ساري المغادرة موصياً إياهم أن يأخذوا حذرهم وترك أحد معارفه لينتبه عليهم في فترة غيابه
فلا زالت ام نوران وام مياسة على ذات الحال تنعيان أبنائهما حتى كاد العمى يصيبهما .
غادر على متن سفينة قراصنة متخفياً هو ورجاله ، فخلال العام المنصرم فرض القراصنة سيطرتهم ونهبوا وسرقوا واخذوا ما اخذوا من الأسرى وكان القرصان الذي اصطحبهم على معرفة بساري تمتد لسنوات لذا قرر أن يقله لوجهته .
رست السفينة بعد أسبوعين عند الميناء لتحط قدميه عند هذا البلد الفقير .
سار يغطي رأسه برداء هو ورفاقه .
لم ينجو هذا البلد من الحرب التي لا زالت قائمة لكن على الرغم من ذلك الباعة يبيعون وضجيج الناس سائد في الأرجاء .
حث طريقه ليؤجر عربة هو وأصحابه لتنطلق بهم نحو قرية قريبة من المدينة 
والتي كانت أغلب بيوتها محطمة ومحترقة الا القلة القليلة .
_____________________
بعد أن أستقبله شخص من معارفه ومكث بأحد المنازل حصل على صندوق كامل به خرائط ستساعده على تحديد المناطق المهمة التي ستنطلق منها الحرب التالية التي سيشنها معها مجموعة اوراق وأسلحة .
تأكد من خلو الطريق وحينما أبتعد عن القرية أخذ حصان وغادر مع رفاقه تحت جنح الظلام ليصلوا الى منطقة منقطعة فيها قلعة قديمة محطمة .
السماء صافية غارقة بالنجوم يصحبها القمر .
دلف لداخل القلعة متوجه نحو غرفة نصف محطمة .
بداخلها مشاعل اضاءت للذين ينتظرونه من ضمنهم القرصان الذي أقله وطاقمه .

_____________________
طبخت الطعام برفقته تحتضن نفسها بأرتجاف . على الرغم من دفئ المنزل تشعر بالبرد القارص ينخر عظامها .
جلست عند الطاولة وبقي القليل على الغداء فالظهر بالفعل قد حل .
وهي ساهمة النظر تفكر باليوم الذي ستلتقي فيه عائلتها .

يتبع .......