حزينة وسط الحفل :
في مساء ذات اليوم :
تم إيصال اللصين الى بناية الضيوف وعلى عكس توقعهما لم يتعامل معهما الحراس بخشونة بل بكل هدوء وأحترام تمت إعادتهما .
ووسط البناية سادت ضجة تُشبه خاصة السوق بين النسوة الخياطات والجواري ونساء الرجال المهمين في الدولة ممن كُن بسيطات في التعامل غير متعجرفات .
وتمت دعوتهن لحفلة صغيرة خاصة فقط بهن للترويح عن النفس .
-----------------
طال السهر وساد الهرج ومياسة تراقب الأجواء من بعيد لعدم قدرتها على الأنسجام مع الفتيات اللاتي ماثلنها عمراً وكانت الحفلة في جزء بعيد من القصر في حديقة غناء واسعة وسطها مخيمات فخمة ترفيهية .
صُبت موائد العشاء وحملت ما لذ وطاب من الأطعمة . ثم أقمن الجواري عرضاً راقصاً غنين به النساء ورقصن كذلك .
وكأن جميعهن داخل حلم جميل او فردوس لم يحلمن بدخولهُ يوماً !
الكل في وادي ومياسة في وادي آخر جالسة بعيدة عن الجميع تراقب نوران الذي يلعب مع أطفال الخدم وتراقب الفتيات اللاتي نبذنها وكَون مجموعات يتسامرن فيها !
لقد كانت بائسة وحيدة تحسد الفتيات لمُقتها لنفسها وعدم رضاها عنها .
------------------
مياسة :
انا زدتُ أنطوائية فوق أنطوائيتي ! أشعر بالوحدة أينما ذهبت وعلى الرغم من جمال الحفلة وصخبها وكثرة الناس من حولي أنا لوحدي لا يرغبن الفتيات بمحادثتي ! أم أنا التي لا تعطي أهمية لأحد لكونني مسترجلة لا تفقه شيئاً في أمور الفتيات !
او السبب الحقيقي هو السؤال المطروح دائماً علي :" لما أنتِ نحيفة هكذا ؟ لما لا تأكلين ؟ وجهكِ أصفر اللون " والكثير من التعليقات الجارحة التي لا أحتاج لمعرفتها فأنا أملك مرآة وارى نفسي فيها كل وقت .
أحمل خوفاً من المستقبل لكوني أقع بالمصائب وكلما فكرت أن الجنود قد يعودون للبحث عني امتلئ رعباً مخافة أذيتي او أن يطال الأذى عائلتي .
نظرة الناس وتعليقاتهم منعتني من الأستمتاع بالحفل أشعر برغبة للبكاء لأن لم تتم دعوتي من طرف اي من جاراتي او اللاتي أعرفهن ! لربما لكوني لستُ سطحية، بل عميقة التفكير صاحبة عقل يحب الفلسفة أحياناً أفرح بوحدتي ولكن في أغلب الأحيان وحدتي تقتلني .
تمنيتُ لو أصبحتُ جميلة مثلهن ، مليحة ، عذبة اللسان ، أجذب الناس إلي ويحبونني ويتمنون الحديث إلي !
نوران هو صديقي الوحيد ، ذكي وحنون أعتبره أبني لا فقط أخي الصغير .
مع ذلك يبقى طفل لا يفهم الكثير من الأمور مما أشعر به او أفكر به انا العجوز ذات التسعة عشر خريفاً .
ساري لوحده قصة تأخذ حيزاً كبيراً مني ، هو أول شخص أنبهرت به لسبب ما ، أُعجبت بطيبة قلبه وأشعرتني حنيته بالأمان ،كل عيوبه وخصاله الجميلة يحبها قلبي . أكثر ما يؤذيني هو حبي الذي نما وكبر ويبدوا أنه سيرافقني لمدى عمري . مررتُ بالكثيرين لكن هو وحده من أمتلكني .
أجاويد ليست المرأة الوحيدة التي تعرف إليها كرجل قارب على الأربعين عرف الكثيرات ، وأغلبهن قد يكن أجمل منها وأكثر ثقافة .
لكن فرصتي التي خسرتها آنفاً هي ما تسبب لي كل هذا القهر لست فقط أرغب برد الجميل له بل أود مرافقته حتى يُفنى عمري بين يديه .
كل هذا الصخب لم يلهني عنه وتمنيتُ عودتي أكثر الى السوق لمحله كي أراه
-------------------
نهضت وخرجت من المكان بأكمله ثم تجولت في الحديقة حتى لمحت ركن مظلم وجلست أسفل شجرة .
مكانها مظلم بأكمله بحيث لا يراها أحد ثم وعلى حين غرة تناهى لسمعها صوت خطوات تدهس العشب تقترب منها من الجهة الخلفية للشجرة المتكأة عليها فلم تهتم ولم تتحرك بل بكت حزناً بكل هدوء تعانق جسدها .
حتى سمعت توقف الخطوات وقدوم شخص آخر ! شخصان ألتقيا وسمعت أصواتهما بوضوح وهما يتكلمان بهدوء :
- تخلص من الوزير الأعظم وستتاح لك الفرصة لأستعادة أرضك وأحرص على الأ يكتشف أحدهم الأمر ليبدوا وكأن أحد الوزراء من فعل ذلك وهناك مشتبه بهم بالفعل ستتوجه لهم الأنظار .
رد صاحبه :
- سأفعل ما علي لكنني لا أثق بكم .
ثم تنهد مكملاً :
- "الملك " شخص غدار كما أشيع عنه لذا سيعيد أرضنا اولاً وله ما يريد .
تحدث الآخر بكل هدوء :
- لك ما تريد فأنت بأعيننا ووجودكَ مهم لنا لذا تخلص من الوزير بليلة الأحتفال ودع الحرب تشتعل .
ثم أرهفت السمع وجمدت بحركتها ليتحدث الشخص الذي على يسارها من الجهة الخلفية للشجرة مناولاً صاحبه شيئاً :
-هذا ثمن أتعابك وأرضك ستعود لك كما وعدناك وسنغرقكَ بالذهب فالملك لا يقطع وعداً لن يفي به .
تناول الآخر المال على ما يبدوا ثم توادعا تاركين الفتاة بقلب مضطرب ترتعش من الخوف .
الشجاعة قد تكلفك ثمناً غالياً لكن الجبن سيكلفك كرامتك
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro