حديث مع وزير !
منذ أيام ومياسة تزاول ذات المكان لتلتقي بصديقتها فانا بنت الوزير .
أحياناً ترسم وأحياناً تقرأ كُتباً وروايات برفقتها لم تحسد صديقتها على ما تمتلكه لأن بالرغم من الثراء والقصر فانا وحيدة وسرعان ما تعلقت بمياسة كما لو كانت طفلة والأخرى التي تظهر بوجه بارد فهي تمتلك قلب أم حنون وقدمت كل حبها لهذه الصداقة .
وفعلاً فانا كما في الروايات التي عكفت مياسة على قرائتها كانت أميرة والدها المدللة لكنها كانت تعيسة حبيسة قصرها وتعاني من الوحدة .
والأخرى كانت فقيرة تطمح لأن تُصبح ذات شأن يوماً ما وتمتلك مال كثير وخدم وحشم كما لو كانت أميرة !
مختلفتان برغبتيهما لكنهما متشابهتان بوحدتهما وحبهما للقطط والهدوء والقراءة والأهم حُب العزلة .
--------------------------
أنقضى النهار وأرادت فانا أن تعزم مياسة لكي تعرفها على أبيها ولتضمن مقعداً مع طلبة الفنون أمثالها لكن في بلاط القصر حيث أفضل الأساتذة وأحسن الأدوات وعالم آخر تلج إليه .
وكم كانت خائفة لأن ما حدث حدث سريعاً ولم تستطع حتى أخبار أمها عادةً ما تُسر كل شيء لها لكن فانا كانت سعيدة ومتحمسة زيادة عن اللزوم لترمي بمياسة وسط عائلتها من الطبقة العليا .
رافقها خادم فانا المخلص وحاولت لبس أفضل ما عندها من الفساتين ولو كانت قليلة وطيبت نفسها ورتبتها .
وكانت ترتعش كورقة في مهب الريح مخافة أن تتحدث بما لا يجوز أي حديث أغتيال الوزير على الرغم لو كونها صمتت فستكون مشاركة في الجريمة وتخون أقرب وأوفى صديقة لها وبدت هذه فرصة ذهبية لأتباع ما سيمليه عليها ضميرها .
-------------- --------
-أنه الوزير تنتشر الأقاويل بكونه يثير الفوضى بقراراته ويملك قدرة كبيرة على الأقناع لذا هو أفعى مرقطة تلتف حول كرسي الحكم .
رفع حاجباً يتفحص الجاسوس ليتنهد مُعلقاً :
-كالعادة طاموش من يملك زمام الأمور صار من غر صغير الى وزير يتحكم بالملك .
والمعني كان مشتبه به بكونه ينوي الخلاص من الصدر الأعظم رجل ذو سحر خاص يجعلك تؤمن بأعتقاداته يخاف إذا وجد شخص بدهائه ومكره لديه هوس بالنجاح والتفوق بأتفه الأمور حتى ، رجل عبقري له خطط حربية عظيمة محبوب لدى الملك .
-راقبه جيداً وأرسل لي أدق تحركاته .
-أمرك سيدي .
ثم أختفى في الظلمة وغادر عبر دهاليز أخرى ليخرج من القصر بأكمله .
-------------
مَكَثت طوال وقتها هادئة تتبادل مع الصدر الأعظم وزوجته كلام قليل بدى رجل من طراز رفيع لكنه يتسم بحلاوة الكلام والذكاء وشخصيته حكيمة ويملك القليل من البساطة .
زوجته أمرأة طيبة رحبت بمياسة على الفور لكونها أول صديقة لفانا من العامة .
-بخصوص الأحتفال الأسبوع القادم أنتِ مدعوة .
قالتها فانا بضحكة وشرقت مياسة بالعصير وراحت تسعل بقوة لتطبطب عليها تضحك .
سكتت وأرتجفت وشحب لونها أتخذت قراراً بأخبار والدها كل شيء .
كانت شبه مخفية لكون الابنة تتبادل الحديث مع والديها وهي تستحي من المشاركة معهم خافت أن لا يتقبلوها لكنها كلما نظرت لضحكتها البريئة تشعر بذنب أكبر لتنطق بعد تردد :
- أ .. أيمكنني طلب طَلباً صغير .
سكت الثلاثة لتكمل :
- أود الحديث مع سيادتك عن أمر ..- قاطعتها فانا بحماس - أجل أبي مياسة رسامة ما رأيك لو تضمها لصف الفنانين .
رحب بالفكرة وتبسم وسط تيبسها عن الحركة :
- طبعاً طبعاً عليكِ بالتحدث مع الأستاذ ليرى رسمكِ
- ليس هذا ما أردت الحديث عنه .
تكلمت بثقة ممسوحة بعجرفة تخفي رجفتها حتى كادت تتقيأ قلبها المرتعد :
-أود الحديث بموضوع خاص مع حضرتك لو سمحت .
ساد الصمت وبان الأستغراب على الثلاثة ليبتلع لقمته مجيباً :
- لكِ ذلك .
------
بعد العشاء دعاها لمكتبه ولمحت ظلاً أسفل الباب فخافت وأشارت عليه على الفور ليفتح الباب ويجد وحيدته التي أبتسمت ومكثت تطالع أباها الذي طردها بود ومزاح وكم بدى حنوناً عليها مما أثار غيرة اليتيمة الأب لكنها تتمنى لها السعادة ولم تحسدها او تنوي شراً ولا للحظة واحدة .
رجع لمكتبه وجلس أمام الصبية التي زاد شحوبها مما أثار الريبة بداخله وهي علمت من عينيه أنها تركت أنطباعاً لربما ليس بالجيد كثيراً .
- تفضلي يا بنيتي .
- يا حضرة الوزير أنا لدي حديث مهم أنوي قوله وأتمنى أن تعطيني الأمان وتصدقني ولا تدخلني بالأمر .
ولتعلم لأبنتكَ معزة خاصة بقلبي صحيح تعرفنا قبل أيام لكنها صديقتي الوحيدة أضافة لقطتها .
صمت وأستمع لها لتبتلع ريقها تهمس بعقلها :
-" اعتذر على عصيانك يا ساري " .
بلعت ريقها ثم سحبت نفساً وتحدثت :
- يا حضرة الوزير قبل فترة قبل أن التقي بأبنتكِ أقمن الجواري لنا حفلاً وأنا حضرت نصفهُ ثم أنصرفت .
سحبت نفس آخر توترت من عينيه المركزتين عليها فتمالكت نفسها مكملة :
- جلست في المكان الذي ألتقيت به بفانا ليلاً وهناك سمعت رجلين في الجهة الخلفية من الشجرة يتآمران لقتلك .
لحظة صمت أعقبها سؤاله :
- يتآمران لقتلي انا ؟
ردت :-أجل
وبلغ منها التوتر كل مبلغ لتكمل :
- قال أحدهما للآخر "الملك سيعطيك قطعة أرضك لكن عليك بقتل الوزير الأعظم وأثارة الشبهات حول الوزراء وأشعل حرباً .
لكنني لم أرهما بل خفت من رؤيتهما لي وهربت .
اتكئ على كرسيه وأكملت :
- سيقتلونك ليلة الأحتفال الملكي .
رد :
- اي بعد أسبوع .
اومأت وشعرت براحة نفسية ولكونها فعلت الصواب هدأت وزال عنها خوفها .
وهو تنهد ليقول والعصبية ظهرت بحركته :
- طيب هل يمكنك التعرف على صوتهما ؟
تنهدت تخرج ما بقلبها من ضيق ثم ردت :
- ربما لستُ متأكدة .
- أي ملك هذا الذي يود قتلي ؟
بدى حائراً وصمت كلاهما وهو مسح بكفيه على وجهه لتسأله تشاركه همه :
- طيب أليس لديك حراس او ما شابه سيحمونك بالتأكيد .
رد : - هناك طرق بشعة للتخلص من أحدهم لربما حتى أقرب الناس إلي سيقوم بقتلي .
صمتت ولم تجد ما تقوله لتواسيه لتهمس ناهضة :
- أستأذنك بالرحيل .
تنهد معلقاً :
- شكرا لك.
أبتسمت مجيبة تشابك يديها أمام بطنها :
- أنت والد صديقتي لن أتحمل رؤيتها تتيتم .
أبتسم لها ليشير لها قائلاً :
- أحسبي بدأً من الغد ستدرسين مع نخبة الطلبة في البلاط ومع أبنتي أيضاً كما ترغبين في مجال الفن .
ضحكت بأتساع تشكره ليقول ناهضاً :
- أنتِ بحسبة فانا - وقف أمامها - من الآن وصاعداً أنتِ أبنتي الاخرى .
-شكرا لك لا اعلم كيف ارد جميلك .
-مصاريف معيشتك ودراستكِ كلها علي ما فعلتيه الآن شيء عظيم .
شكرته وخرجت مودعة إياه .
---------------
عند منتصف الليل تمشى ساري حول المكان فوق سياج قصير يحيط بالحديقة ثم نزل وسط الظلام الدامس ليرتطم بشيء ويسقط أرضاً !
نهض يسب ويلعن ومزاجه قد تعكر ليجد نفسهُ ملطخ بسائل ما شمه فوجد رائحته معدنية
نظر ليجد جسداً فسحبه حتى مصدر الانارة وأخفى وجهه ثم أبعد الغطاء عن الجثة مرتاعاً ...
-مياسة !
حملها بين يديه !
كانت مطعونة و ثيابها ملطخة بدمائها النقية !
ضمها لصدره صارخاً بأسمها يشهق باكياً كطفل صغير :
- مياسة مياسة ..
لا ما الذي جرى - ضمها إليه وبكى بمرارة ثم نظر حوله .
لم يجد أحداً حوله ! صرخ عالياً على رفاقه علهم يسمعونه ثم حملها بين يديه فأسبلت يديها .
لم يأبه بتنبه الحراس له ومطاردتهم له بل حملها باكياً صارخاً غير مستوعب لما يراه .
يتبع .......
صحوة الضمير تقودك لقبرك .
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro