Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

نتائج الرواية الاجتماعية

منذ ثلاثة أشهر تقريبا، انفتحت أبواب "أسوة" للمرة الأولى كي تستقبل بين أسوارها العالية كل الكتاب الطموحين  في منافسة شرسة، بحثا عن أكثر الأعمال تميزا وتألقا في عالمنا البرتقالي البديع هذا.

اليوم نقف عند نهاية هذا المشوار الطويل والمتعب بكل ما حمله من حرارة الانتظار والتشوق والحماس، وما اكتنز به من الجهود العظيمة والعمل الشاق وليالي السهر في سبيل قراءة كل عمل على حدة وتقييمه تقييما نزيها، مرورا بعدة مراحل مختلفة.

أكثر من 500 رواية قد دخلت التحدي الأكبر منذ انبثاق الربيع العربي، وأقل من 30 رواية قد صمدت حتى النهائيات كي تتوج معنا ابتداءً من اليوم بوسام "أسوة" الأول، كأفضل الروايات المشاركة.

بقدر ما انتظرتم بشوق النتائج، انتظرنا نحن كهيئة المشروع بذات اللهفة هذه اللحظة الحاسمة والمهيبة، ولكي تليق بمدى ما تكبدناه من جهد كي نصل إلى هنا، قررنا أن لا يكون الإعلان مقتصرا على يوم واحد إنما عدة أيام، نعلن في كل يوم منها عن فائزي فئة واحدة من فئات المسابقة، لكي تلتهب الأجواء ويشتد الحماس هنا، ولكي تأخذ كل فئة على حدة وكل مجموعة من القصص حظها من الاهتمام.

بالنسبة للجوائز التي قررناها في إطار هذه المسابقة:

سيحظى كل فائز بوسام الفوز على غلاف كتابه وبمقابلة كتابية أو صوتية حسب اختيار الفائز يتم نشرها في حسابنا هذا كي نتعرف بشكل مكثف أكثر إلى الفائزين إضافة إلى نشر القصص في جميع حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلان عنها في الموقع الرسمي لأسوة 2018، وأخيرا إضافة القصص إلى لائحة قراءة ثابتة في حسابنا على الواتباد.

قام جنود التصميم designsoldiers  بتصميم غلاف مميز وأنيق لجميع القصص الفائزة كهدية، في حين قدم فريق النقد CriticsTeam  لكل من الفائزين نقدا شاملا مطولا قد تمت كتابته بإتقان واهتمام شديدين هدفه دعم الكاتب معنويا ومساعدته على التطور والسير قدما نحو نجاح لا محدود.

أما هدية فرسان اللغة LanguageKnights  فتتمثل في تصميم أنيق يحتوي جملة من الملاحظات اللغويّة البناءة تفيد الكاتب وتحفزه نحو كتابة إبداعية أكثر، وأخيرا جائزة فريق الإبداع CreativeTeamas  التي نود الاحتفاظ بها كمفاجأة حتى يوم الاختتام، لأنها الأكثر تميزا والتي نأمل أن تقدم للكتاب المختارين الكثير من الفوائد والمرح.

ننتقل بكم نحو الطبق الرئيسي لهذا الفصل: إعلان الفائزين عن فئة الرواية  الاجتماعية:

نود التنويه أولا أنه لا وجود لمراتب للفائزين، أي لا وجود لفائز من الدرجة الأولى وفائز من الدرجة الثانية إنّما كلهم يجلسون عند كفة الفوز الواحدة، لهم نفس القيمة والتقدير والميزات.

متحمسون لمعرفتهم؟

لننطلق إذا...

***

رواية "المنجد" لكاتبتها ذات القلم الساحر StellaCaelum

مبارك لك فوزك بلقب أسوة لهذا العام!

نقد رواية المنجد:

للألوان أرواحها، وكل روح لكل لون تتماهى مع الروح البشرية وتمنح الحياة نبضاً ... أما إن كانت حياتك ما بين أبيض، أسود ورمادي، فقد فقدتَ نبض روحك أولاً. أن تعيش دون ألوان في حياتك مرادف لأن تعيش في صحراء قاحلة ... كما عاشت بطلتنا سالي في صحرائها، دون أطياف لونية تُراقص قلبها، بل كل ما عهدته هو الوحدة والألم من نفسها ومن رفض مَن حولها، لسبب مرضي هو الشيخوخة المبكرة.

المقدمة هي عبق من شذى أحد اللحظات الحوارية الصغيرة للقصة، وقد كانت تلك الجُمل بالذات اختياراً ذكياً، يترك انطباعاً بسيطا عما يوشك القارئ على الخوض في غماره دون كشف صريح مباشر، بل أشبه بلمسة رقيقة من حسناء تدعونا إلى اللحاق بها واكتشاف قصرها، وهنا كانت دعوة لاكتشاف قصر ماسيّ من الأفكار المتراصفة ببراعة مع توازن رائع بين الثقل والخفة، وهذا حال الحبكة أيضاً.

لم تكن الحبكة معقدة حابسة للأنفاس تخوض في بحار من الصراعات، لكنه ليس بالأمر المهم هنا طالما أن الفكرة التي ابتغى الكاتب حقن عقل القارئ بها قد وصلت بجرعة مناسبة، فكان هدوء الحبكة يخدم الفكرة ببراعة، ولعلنا نكتفي بما تم تقديمه لنا من حبكة وصراعات، حيث سالي وتشابكاتها النفسية وصراعها المعنوي مع مرضها الذي شكّل العُقدة، وظهور الكتاب في حياتها إذ يظنه القارئ لوهلة كتاباً سحرياً، لكن لا فقد كان السحر كامناً في أعماق سالي وتوقها لتلوين عالمها الخاص ... إلا أن هناك سؤالاً يُطرح حول والديها، حين ابتسم كل منهما للآخر مخبراً إياه أنه رائع، عنى هذا بعضاً من التفاهم بينهما، فما الذي أودى بزواجهما إلى منحدر الانفصال آنذاك؟ تم التلميح أن العمل كان سبباً لابتعاد الأم، لكن احتاجت حياة الأم والأب لتفاصيل أكثر، تقويةً ودعماً للحبكة، فامتداد أشرطة الحبكة نحو جدران الماضي يزيّنها أكثر.

الشخصيات، بطلتنا سالي كانت كسراً للنموذج المُعتاد عن البطلة ذات الجمال المُبهر، حيث كانت تعاني من الشيخوخة المبكرة التي أزهقت جمالها مادياً وجعلتها زهرة ذابلة في هيئتها وروحها، توضح بعدها الجسدي في عدة أسطر ولقد كان كفيلاً برسم صورة لها في خيال القارئ، إضافةً إلى مساهمة الحوارات في تجسيدها أكثر. أما أبعادها النفسية كانت متقنة بدورها أيضاً فهي الفتاة التي تعاني من عشق المجتمع وهيامه بالمظاهر مما جعلها عُرضة للتنمر والسخرية، بالتالي الهرب من المدرسة مراتٍ عدة، ونوبات غضب اجتاحتها أحياناً نحو والدها وإن كان كلامه محفزاً ومشجعا،ً إلا أنها كانت تراه بذوراً للأمل في أرضٍ رملية لا تصلح للزراعة، وقد فسرته شفقةً ورأفة بحالها أكثر من كونه حُباً حقيقيا، فالمرء حين يُصادف رفضاً ممن حوله يصعب عليه تصديق ما يلقاه من اهتمام حقيقي في مواضع ثانية.

ثم لدينا شخصية الأب المُحب الذي حاول وبذل جهده لتلوين حياة ابنته إلا أن ما اكتنفها من يأس كان أكبر من أن تمحقه كلماته أو أفعاله التي تنم عن حبه وتقبله لها، كذلك وصفه على الصعيدين الجسدي والنفسي كان كافياً نظراً لكونه شخصية داعمة ثانوية لا أساسية، لكن لربما شخصية الأم هي من احتاجت ظهوراً أكبر في ساحة النص حيث يفترض أن يكون ندمها أعمق مما أظهرته، فهي لم تهجر فتاةً عادية بل مريضة، ولعل ابنتها قد تفكر أن والدتها رحلت بسبب شيخوختها المبكرة وأن حب والأم والحنان منعدمان.

الزمكان ليس عاملا واضحا، لكنه بكل حال لم يكن ليؤثر وضوحه من عدمه فالمقدار الذي أطلّ البعد الزمكاني منه كان مناسباً حيث التجزئة الزمنية من صباح أو مساء، والمكان الذي اتخذ ساحته بين أبعاد صفحات الكتاب، وما نقل سالي إليه من حرب عالمية، مثلث برمودا،......

الواقعية عماد تم تغليفه بحرير شفاف من الخيال، حيث منجدها ومنقذها الكيان الورقي الذي بث فيه عقلها حياةً خاصة وصارت ترى حروفه كما لم يرها أحد من قبل، أضحت تعايشها حقاً وتراها بالألوان المادية والمعنوية، تغرق وتختنق في المحيط، تلفحها حرارة لهيب الحرب وتتجمد في القطب الشمالي، أتبع ذلك تفسير من الطبيب إلى جموح عقلها وإقناعه لجسدها فترك تلك الاستجابات على الجسد، تفسير ذكي يقبع على الحد الفاصل بين الحقيقة والخيال، أما الواقعية في بقية طرقات النص التي سرنا فيها فهي حاضرة بقوة مع وقائع تاريخية معروفة.

الحوار أدى غرضه مندمجاً مع الحبكة ودواخل الشخصيات، يكشف عن المطلوب فكان حواراً خارجياً تماماً، بعبارات قصيرة مناسبة لا تشابكات فيها وفي المواضع الصحيحة مع ردود أفعال حوارية حاضرة مع المنطوقات، فأعطت تصويراً حياً للحدث أكثر من كونه مجرد حديث جامد. السرد والأسلوب هما طائر فرد جناحيه بأبهى صورة، متوسط بين القوة والبساطة يحاكي سلاسة وانسيابية تحليق الطيور المتمثلة في الكلمات في سماء السطور، والراوي هو البعيد العالم بكل شيء وقد ناسب ذلك النص وأعطاه نظرة شاملة عامة.

للعنصر اللغوي نصيب من العناية الواضحة فقد خلا النص من الأخطاء النحوية أو الصرفية غالباً، فقط انتبهي إلى:
-همزات الفصل والوصل والمد، فمثلًا "أكلوا البطاطا" تُكتب: آكلوا البطاطا، "اَنكست" تُكتب: أنكست، "الامتعاض" تُكتب: الامتعاض.
-لا تُتبعي علامة الاستفهام بفاصلة.
-الواو تلتصق بالكلمة التي تليها.
-همزة الاستفهام لا تكون منفردة، فمثلًا جملة "أ كل هذه الدموع بسبب هذه الصورة؟" تُكتب: أكل هذه الدموع بسبب هذه الصورة؟

أخيراً مع الخاتمة التي يفارقها القارئ بمشاعر كثيرة تارةً الحزن على موت سالي وهذا ما يتناسب واقعياً مع مرضها -وأقترح أن يكون موتها ناتجًا عن صدمة نفسية بسبب جولة أخرى في أحداث كتابها المنجد- وتارة أُخرى نفحات من السعادة لأنها في النهاية قد عثرت على رفيقها الخاص، كتابها، منجدها ومنقذها الذي جعلها ترى الألوان ... لكن ليست بالألوان التي تاقت روحها إليها، وهناك كانت تتمنى لو أن الكون يبقى مجهول التفاصيل عديم اللون إن كان مصطبغاً بالمأساة والحزن ... والألوان الوحيدة الجديرة أن يراها المرء هي السعادة، فذات الحزن تجعله أشد وقعاً في النفوس ومن الأفضل لها أن تختبئ وتبقى باهتة.

***

الفائز التالي بلقب أسوة للرواية الاجتماعية هو...

فانوس مهيرة لصاحبتها ذات الفكر المبدع والأنامل المدهشة Lumani

نقد فانوس مهيرة:

إنا لله وإنا إليه راجعون.. بكامل الأسى واللوعة ننعي إليكم ولي العهد الأمير بندر بن سعد.
مع وقوع الخبر كالصاعقة على رأس الأمير فيصل، شقيق الأمير المتوفي، الأمير المتمرد صاحب النرجسية العالية، بدأت الحكاية.. حكاية الأمير الوسيم الذي ينتقل جبراً من الطائف إلى الرياض، ليبايعوه ولي عهد المملكة العربية السعودية، فتبدأ معاناته مع الاكتئاب الذي أخذ يسيطر عليه نتيجة لما يمر به. وفي لحظة ضعف قادته رجلاه والقدر إلى سطح بيت بالقرب من الفندق الذي يقطنه حيث يلتقي بمهيرة، خادمة قام بشرائها وأختها رجل تركي يعاملهما كابنتيه، المهتمة بدراسة علم النفس. كانت علاقتهما بداية قائمة على مصالح مشتركة، تدرس هي حالته لاتمام كتابها الذي يحلل الأمراض النفسية، ويتخلص هو من مرضه بعيداً عن الصحافة والضجة الإعلامية، بعد أن تأكد من عدم معرفتها بهويته. في هذه الأثناء تطورت مشاعره تجاهها وأخذ حاله بالتحسن، لكن وفاة والده أعادته إلى نقطة الصفر لاضطراره إلى استلام الحكم الذي يمقته.. وبعد تأكد مجلسه من عدم تأهله للحكم بايعوا غيره ملكاً وعاد هو إلى البداية، حيث جلس في الفصل الأول مرتاح البال يروي شغفه للرسم، مع فقدان قلبه على سطح منزل في شارع الأجانب.
ثم اختتمت الأحداث مع عودتها إليه، إلى الطائف، بعد أن حررها وطبع كتابها.
البداية كحال الخاتمة، اختيرت المقدمة المثالية لاستهلال الأحداث، فوفاة الأمير كانت الدافع لنشر مشاعر الإحباط التي تشكل حبكة الرواية، إذ يعني هذا الشعور بأنّ شخصاً ما لا يحصل على ما يريده، وهذا ما يجعل الرواية تنجح. فلنتناول المثال التالي:"لو رضي الأمير فيصل بتسلّم الحكم، وتأقلم مع الوضع الذي فرض عليه، لما تجاوب مع الاكتئاب وتركه يسيطر عليه وبالتالي لم يتعرف على مهيرة. لكن ما يتوجب على الكاتب فعله هو توجيه ردة فعل الأبطال بعد هذا الإحباط، وهو ما سيرسم اتجاه الأحداث التالية.. التمرد مع الشعور بالعجز دفع الأمير إلى التفكير بالتخلص من حياته وكره واقعه، لكن الكاتبة لم توفق تماما في وصف مشاعره إلى حد بلوغ القارئ ذروة التأثر أثناء القراءة. المشاعر وحدها ما سيعلق أذهان القراء في زوايا صفحات الرواية فالأحاسيس التي تمنحهم إياها سيسعون لإعادتها والحفاظ عليها.
لكنني وجدت بينهما، بعض الأحداث المنافية للمنطق، فكما ذُكر في بداية القصة تجري الأحداث عام ١٩٦١ ميلادي، لكن بعض التفاصيل لم تكن حاضرة في تلك الحقبة، كوجود المصاعد مثلا فاليابان روّجت المصاعد الأولى إلى الخارج، والتي هي بتطور أقل من المذكور بالرواية بعد حوالي عشرين عاما من الزمن المذكور، كما أنّ السيارات لم تكن متواجدة بكثرة، سوى عند الأثرياء، إذا وجود سيارات أجرة أي "التاكسي" كان غير محتمل. المعروف، أنّ انتشار مدارس الفتيات، كان قبل سنة أو اثنين على الأكثر من عام الأحداث، كما أنه بقي مرفوضاً من الشعب لفترة طويلة نسبياً بسبب العادات المنتشرة، لذا فإن أسفها على رؤية باقي الفتيات متعلمات سواها كان غير منطقي تقريباً. كما أنني استغربت عدم الإشارة مطلقاً إلى التفاوت الطبقي بينهما، وهو أمر تلقي له الطبقة العليا بالاً فكيف لو كانت العائلة الملكية؟! وعند اطلاق مهيرة الرصاص عند لقائها الأول بالأمير، لم لم تتفقدها أختها منيرة؟ بل اكتفت بالقلق والنداء عليها من غرفتها.. ظننتها وقتها عاجزة عن الحراك لكنها ليست كذلك.
على الرغم من جمال اللغة المستعملة في السرد وقلة الأخطاء الواردة فيها، واستعمال اللغة العامية المحكية في الحوار، كان التواصل بين الأخيرين غير موفق، فالانتقال من السرد إلى الحوار تمّ عبر النموذج التالي:
"قال بسخرية"، "أجاب بتوتر".. وعلى هذا المنوال استمرت، على الحوار أن يحمل تلك المشاعر ليفهمها القارئ من دون ذكرها.
إليكم مثلا هذا الحوار ما بين "توم وينغو" في رواية بات كونري في رواية برينس اوف تايلس وهو يحاول رؤية أخته "سافانا" التي حاولت الانتحار، وها هو يحدث طبيبتها النفسية:
سألت ببرود تام "هل القهوة جيدة؟"
"أجل رائعة، والآن بخصوص سافانا.."
تظهر هنا سخريته، غضبه وقلة صبره عند قوله "أجل رائعة" وها نحن نفهم ذلك من دون الإشارة إليه، وهنا لتجنب اللغط يمكن للوصف مساندة الحوار، عبر وصف حركات الجسد مثلا التي هي خير مثال على حالة المتكلم. وعلى ذكر الوصف، قامت الكاتبة بعمل جيد في وصف الشخصيات خارجيا، لكن الأماكن المحيطة بهم بقيت مبهمة قليلاً، كما أنّنا لم ندخل في أجواء المملكة جيداً، فقد زرت على سبيل المثال إيطاليا مراراً عند قراءة رائعة دان براون "الجحيم" حيث قدّم وصفاً جعلني أرى المباني والشوارع متجسدة حولي، لكنني لم أزر السعودية بعد على الرغم من قراءة هذه الرواية، كما أنّ جعل العائلة الحاكمة أساس الفكرة كان سبباً للتوغل في تاريخ المملكة وأوضاعها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية وغيرها.. التي كانت في ذلك الوقت، بالإضافة إلى ذكر دور الملك سعد والأمير بندر والتحدث عن حال المملكة في عهدهم.
من العناصر التي أضعفت السرد كذلك التنقل سريعا بين الأمكنة، في حين كان بالإمكان الاستغناء عن بعض الأحداث، فمشهد دفن الأمير بندر على سبيل المثال لا الحصر، لم يكن بتلك المنفعة التي تدفع بالكاتب إلى الانتقال بين عدة أمكنة من أجله. فالكاتب العبقري هو الذي يجعل من كل أحداثه متاهة تحمل من الرمزيات والمعاني ما يدفع القارئ إلى عصر ذهنه لفهمها، فيتيح له استشراف المستقبل لا معرفة الماضي والحاضر فحسب، وذلك من دون إضافة الدراما المبالغ بها والأحداث التي لا تقدم ولا تؤخر والتي قللت من التشويق كذلك. إلا أنّ اختيار الراوي الغائب كان موفقاً نظراً لتعدّد الشخصيات.

***
أما الرواية الأخيرة الفائزة عن هذه الفئة، رواية رقيقة عذبة هي..

أحتاج سمرا للكاتبة ذات الحس المرهف _MARIANNE_2001_

نقد رواية أحتاج سمرا:

لم يكن للمشاعر يوماً أن تُروى فراداً، بل هي ألق من أطياف لونية عدة تتدرج وبادئ هرمها أحمر الحب ثم ختامه عند عتمة الحزن الأسود، ولا بد من المرور على أعتاب الرمادي الخامل الضائع في اختياره ما إن كان سعيداً أو حزيناً، هذه هي طبيعة الحال. لكننا لا نلقى في أغلب النصوص الكتابية قدرةً على مزج كل المشاعر وألوانها وتقديمها على طبق من عمل أدبي راق،ٍ فيفصلون عادة بينها ويجسدون الحب وحده مثلاً دون صبغه ببقية تناقضاته، لكن هذه الرواية تقتحم عالم المشاعر من أوسع أبوابه ... فالشكر الجزيل للكاتبة، لا بل الساحرة التي مزجت خلطتها السحرية من مختلف المشاعر وبثت فيها روحاً خاصة جاعلةً من عالم الرواية عالماً حياً يتجسد بكافة تفاصيله الحية ويطرق الأبواب على قلوب القُراء، يترك بصمته الخاصة هناك وللأبد، ولعلّنا في يوم ما قد لا يكون بالبعيد سنجد هذا العمل المُتقن يبتسم لنا على رفوف المكتبات مطبوعاً حبراً على ورق.

افتتاح المقدمة والبداية كانت شموعاً مشتعلة صغيرة تهدي القارئ إلى ما سيلقاه لاحقاً من بحر الحب العذري السيريالي بأسمى مفاهيمه وكل الصعوبات التي يفرضها مجتمعنا الشرقي،  مقدمة على لسان بطل يوجهها نحو حبه الأول والأخير الذي اتخذه ملجئاً ووطناً، سمر التي دونها ارتشف شراباً من علقم الغربة حتى أثمله فراق سنوات وقرر استعادة وعيه باستعادتها.

أما الحبكة فهي مسرح أتقنت كلماته تمثيلها بهدوء تام وانسجام مثالي حيث تسريع ما وجب تسريعه والتركيز على ما وجب التركيز عليه من أحداث، وعلى الرغم من الطابع الهادئ والبعض من مشاعر الاكتئاب التي يجد القارئ نفسه يستنشقها من عبق شخصية بطلنا زين ويعايش تفاصيل الأحداث، فهي في الآن ذاته شذت عن المعتاد في بضع مواضع وانحرفت عن المسار الذي قد يتوقعه غالبية القُراء ولم تُشابه أي عمل آخر، فمنذ البداية ترسخ في عقولنا أن زين البطل وجانيت البطلة، وستخلد بقية السطور قصة حبهما كما ظننا أن جانيت ستكون محور الصراع وأساس العقدة، لكن لا. وجدنا أن الحبكة التفت حولنا ببراعة أولاً لتخرج عن المألوف، ثانياً لتخدم الفكرة في الانطباعات المختلفة عن الحب والزواج والخيانة بين المجتمع الشرقي والغربي، وثالثاً ردود أفعال زين إزاء ذاك الموقف عزز رسم حدود شخصيته الهادئة وساهم في التعريف عنه أكثر.

ما رآه زين خيانة لم تكُ جانيت لتنظر له بالطريقة نفسها، إذ هو متعارف في المجتمع الغربي أن يتعامل الأحباء المنفصلون لاحقاً كالأصدقاء أحياناً إن تم لقاء صدفة أو حتى موعد مسبق بينهم، لكن نظرة زين ذات الطابع العربي كانت ترى أن مجرد نظر جانيت نحو زرقاوتي حبيبها السابق يُعد خيانة يصعب عليه أن يغفرها ولأنه ابن العالمين الشرقي والغربي، باريس وبيروت ... ولهدوء شخصيته، لم نلاقِ منه ردة الفعل الشديدة الغاضبة بل سلك طريق الانفصال وحسب بعد أن استعرضت زوجته أمامه مفاهيم الخيانة الفكرية التي يقوم بها باحتفاظه لما يخص حبيبته الأولى سمر.

هكذا اختفت جانيت عن الساحة وندخل بعدها مضمار ذكريات زين في حلبة مفتوحة أمام صديقته الوفية المميزة إيما، ثم عودته للوطن بحثاً عن سمر ورحلة غيرها إلى الشام، عثر عليها أخيراً وقد استطاع القارئ أخيراً أن يتنفس الصعداء، عدا أن سمر قابلته ببرود غير مُعتاد من شخصيتها، وما كان إلا نتيجةً عن سر مرضها الذي تخفيه، استمرت العُقد والأحداث تتصاعد بهدوء كنيران خجولة من مدفئة في ليلة شتوية ساكنة حالمة ولعل العقدة العُظمى كانت العثور على سمر لكنها لم تكن النهاية كما تصورنا، فظهر صراعها الجسدي والنفسي مع المرض، وصراع زين معها كأنهما زوج من روح قد انفصل إلا أن الإحساس لا يزال مُشتركاً.

الشخصيات مثالية الهيكلة والبناء، واقعية التفكير، خلابة في عفوية تصرفاتها تارةً وتعقيدها تارةً أُخرى. حيث زين الذي نشأ بين باريس وبيروت ولكل منهما وقع في نفسه، الكاتب الشاب الموهوب الذي عاش في منزل أعمدة أركانه الحب، فلم يخلق اختلاف الأديان بين والديه أو اختلاف المجتمعات بينهما فراغات أو عُقداً في نفسه بل العكس، امتزج اختلاف الثقافات في نفسه ورسم معالم شخصيته العامة. أبعاده النفسية والجسدية كانت في كمال تامّ.

تتابعت الشخصيات بعدها، جانيت زوجته الفرنسية التي أحبته كما يبدو لكن لم يكن هذا كفيلاً بتغيير طباعها لأجله أو فهم جانبه الشرقي الذي بدا وكأنه يفضل حياة العزلة خاصة مع انكبابه على عمله، ويرفض قضاءها الأمسيات وحدها.

ثم الصديقة الوفية الذكية ذات الشخصية المُحببة جداً، إيما ابنة صاحب دار النشر. وقد تم تطويع فضولها ناحيته ورغبتها في الإنصات والتخفيف عنه لجعله يحكي ماضيه وطفولته.   بعدها ظهرت العائلة، زوجة والده أمل ... المرأة العربية الأصيلة التي لم تُفرق بين ابنتها وابن زوجها وقد بثت فيه ما استطاعت من حنان تعوضه عما فقد، وإن كان لرحيل الأم فراغ لا يمكن تداركه إلا أنها قامت بما استطاعت من واجب. وأخته الصغيرة لماحة الذكاء ذات الردود الفَطنة، ريم والتي بدورها استكملت حلقة الفضول التي بدأتها إيما وجعلت شقيقها يستذكر الماضي أكثر.

ظهرت كثير من الشخصيات كالصديق القديم حسان، ومي. مع كونهم شخصيات ثانوية فقد تجسدوا بشكل مناسب جداً.

أخيراً انفجار القنبلة كان ظهور سمر، سمر هي عنصر التشويق والشد والجذب في الرواية ففي كل فصل ننهيه نرجو ظهورها تالياً. وحين أنارت شمسها الرواية كانت كما هو متوقع شخصية تستحق كل هذا الحب لها من زين. واسعة قلب وطيبة الأفكار والطباع تؤثر مصالح الآخرين ومشاعرهم على نفسها، إلا أنها لم تحتمل الظلم الذي كاد يوقعه والدها عليها، يئست بداية الأمر لكنها نهضت، تمردت وهربت بمساعدة والدتها. تالياً أظهرت البرود والرفض لئلا يتعلق أحد بها فعلمها أنها ستفارق الحياة لم يكن خبراً يمكنها التعايش معه بسهولة، مع ذلك أظهرت صلابة ضد ذلك رغبةً بمواجهة الأمر وحيدةً بادئ الأمر.

الفضاء الزمكاني تشبّع بالمثالية التامة خاصةً المكان وتنقلاته بين الجميلة باريس والحسناء المقاومة لبنان ثم ياسمين دمشق، ولكل منها ظهر بُعد وجداني خاص، ذكريات ووجود مميز بعضها في الطفولة وآخر بالمراهقة والشباب ... باريس الخلابة التي على الرغم من كل سحرها لم تسلب قلب زين لمسته العربية، ولبنان بحاراتها الشعبية وأبنيتها الصامدة كذكرى لصد الحرب. والزمان تحدد في مواضع قليلة كافية جداً، أما تنقلاته ما بين ماضي وحاضر فكانت سلسة سهلة واضحة.

السرد والوصف ظهرا بأبهى حلة كنقوش ذهبية، بتوازن ورشاقة كبيرة فالجمال المُبهر للعبارات التي يصلح غالبها للإقتباس أتى بصياغة مُذهلة حيث الكلمة المناسبة في الموضع المناسب تماماً، فكان القالب السردي بتشبيهاته وتلاعباته اللفظية يجمع بين سهولة الفهم والرقي وقد ساهم في ذلك الراوي الذي هو البطل زين بحد ذاته، تارةً يبدو السرد كحوار داخلي ومونولوج نفسي يُخاطب فيه سمر الكامنة في داخله، وتارة يصف ما حوله بعينيه ونظرته فرأينا العالم بعسليتيه كما يراه.

الواقعية تامة لا شوائب فيها سواء كردود أفعال شخصية أو معلومات عامة حول مرض سمر، والأحداث كافة زينتها الواقعية والمنطقية.

الحوارات توزعت ما بين داخلية وخارجية، كل منها أبدى تميزاً وذكاءً في الأفكار والصياغة.

ختاماً مع العنصر اللغوي وهو الوحيد الذي كان يعاني وسط مثالية عائلة العناصر السابقة،

" اشتاح"  تصويبها " اجتاح "
"فجئة" تصويبها " فجأة "
" إنزعاجه " صوابها " انزعاجه " فهي همزة وصل لا قطع.
" لم ينسى " صوابها " لم ينسَ " فحذف حرف العلة هو علامة جزم الفعل المضارع.
" بأسم، ألسيد وألسيدة " همزات وصل أيضاً.
" سئلته" صوابها " سألته "
" اومئ " تصحيحها " أومأ "
" تحظر " ... " تحضر "
" ايمائتها " ... " ايماءتها "
" سئلت " ... " سألت "

يُرجى التشديد على الانتباه للهمزات بكافة أشكالها " قطع،وصل، متوسطة، متطرفة " وإعادة مراجعة النص بأكمله لغوياً فقد سقطت سهواً بعض العثرات من لوحة المفاتيح أثناء الكتابة.

موت سمر كنهاية عزز فكرة الظلم الاجتماعي فما آلت إليه حالها ربما كان ليتغير لو أنها اكترثت لنفسها أكثر ولم تعش هاربةً غريبة، حتى وإن كانت ستموت في الحالتين بذات الطريقة والمرض، إلا أن الحياة سعيدة مع زين تختلف عن حياتها تلك التي قاست فيها الكثير قبيل موتها، اختلاف الأديان والعادات والتقاليد قتلاها حية قبل موتها حقاً.


هنا نكون انتهينا من إعلان الفائزين عن فئة الرواية الاجتماعية، مبارك للمتوجين في هذه المسابقة وشكرا لكل ما قدمتموه لهذا العالم من  كلمات عذبة تلامس الروح وتداعب دواخل الإنسان. نتمنى لكم باسم الربيع العربي كاملا نجاحا لا حد له في عالم الأدب والكتابة.

سوف تصلكم خلال هذا اليوم عبر الرسائل الخاصة روابط لتحميل الأغلفة بجودة عالية.

هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا الفصل، حسب رأيكم:

ما هي الفئة التالية؟
ومن هم بقية المتوجين معنا؟

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro