٣٥
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا
لا تنسى الفوت/النجمة
غمغم ايفان بـ"حمقاء." وهو يرى ايلا تنزل من سيارة التاكسي، تتعثر، حذاءها علق في فتحة التصريف، جرته الفتاة وهي تلعن بصوت كافٍ ليستطيع سماعها من نافذة غرفة المعيشة، مجددًا شخر برضى وسخرية. نظرت الفتاة الى حذاءها ثم اليه كما لو أنها شعرت بوجوده خلف الستائر، رغم الظلام الحالك، لكنه شك بأنها رأته، لأنها جرت قدمها من الكعب الذي بقي عالقًا في الفتحة و بدلًا من ان تلتقطه كأي انسان محترم، مشت وتركته خلفها، تعرج نصف حافية.
"همجية." هز رأسه، و بعد دقائق ، وهذا مجددًا وقت طويل جدًا لتفتح الباب فيه وفوق هذا لم تدخل الى الداخل، شك ايفان بأنها فقدت الوعي بالخارج من الشرب، أو انها ببساطة لم تستطع فتح الباب او ربما اضاعت الطريق في الحديقة. مجددًا ابتسم برضى و هز رأسه.
عندما فتح الباب بنفسه وجدها جالسه بمنتصف الدرج، نفس الدرج الذي كانت تقف عليه بين ذراعي أبيها عندما قدمها لهم أول مره، بعيون عارِّفه وقاسية لا تناسب وجهها الجميل. عندما سمعت صوته التفتت اليه بخفة ولوحت ترفع اصبعين كتقليد ساخر لنصف تحية عسكرية "يوو"
رجلها ذات القدم الحافية فوق رجلها منتعلة الحذاء، بساعديها تتكئ على الدرجة خلفها، وشعرها خلف رأسها في نصف كعكة فوضوية. ربما هو سكير هو الاخر، لكنها لأول مرةِ منذ عرفها فيها، بدت ايلا حقيقة كما لم تكن من قبل، بدت كنفسها، كما يتخيلها سرًا ان يمكن ان تكونه خلف قناع الخداع الصغير الذي ترتديه بين فترة واخرى حتى مع جون.
"هل ما زالت هدنتنا الصغيرة تحت العرض؟."
وجد نفسه يحكم بزجاجة البيرة التي يمسكها، اخذ رشفة طويلة و اغلق الباب وراءه ليجلس بجانبها "ماذا؟– اشتقتِ الي لهذا الحد؟ ام خائفة ان اقوم بشيء لا تحبينه."
الضحكة العميقة التي خرجت منها تردد صداها في الحديقة كلها، موسيقية و ذات ايقاعٍ عميقٍ مجنون، شيء يجرؤ على القول رغم مظهره المشؤوم، يملك سحره الخاص، مسحت الدموع من عينيها ونظرت اليه، وجنتيها حمراوين من البرد
"اوه ايفان، حسك الكوميدي لا مثيل له. اعتقد ان كلينا خائف من ان يقوم الاخر بشيء لا يحبه، لا؟."
"افترض ذلك يا ايلا. لكن بجدية لا مناسبة لابقاء عرض الهدنة بينما انتِ يمينًا ويسارًا تبذلين جهدك لكسر خاطر جوني، لاسيما - ولنكن صريحين هذا سيكسر خاطره حقًا- ان جدتك الطيبة حية وترزق."
"افترض ذلك." همهمت بصوتٍ خفيض وهناك في اعماقه شعر كما لو ان هناك امر داكن بخصوصه "ماذا لو اخبرتك انني لا احاول كسر خاطره بقدر ما احاول ان احميه، لاسيما انه يعيش بين قتلة متسللين هنا. اه يا اخي الغبي البريء."
من يده سحبت البيرة واخذت رشفة كبيرة، شاهد السائل من الزجاجة يقل بكميات كبيرة حتى انهت ثلثها وعادتها له، غير مكترث لنظرة الكارهه التي ترمقها به
"اه– الا تبالغين الآن هنا؟"
"في الواقع، عند التفكير بالأمر، انا انظر اليك الآن وارى مدى حمقك واسأل نفسي اذا ما كنت حمقاء انا ايضًا عندما انتظر شيئًا منك، اي شيء، لأنك الوحيد الذي يبدوا كما لو انه يعرف شيئًا ولا يريد اخباري، او يعرف شيئًا لكنه لا يدرك ان يعرفه، الا ترى السخرية هنا؟ انت تريد نفس الشيء مني، لذا لنرى، عندي هدنة صغيرة في جعبتي بل عرض، من خلاله يمكننا ان نرى الامر من منظور الاخر، لا؟"
"ماذا تقولين؟"
"انت تقول الا اعبث مع عائلتك السخيفة الصغيرة، لكن انظر انظر، هم يعبثون معي اولًا." في حمى بحثها عن حقيبتها تساءل عما اذا كانت سكرة اكثر مما يجب، او انه يجب عليه ان يسكرها ويسألها لتخبره بما يريد ان يعرف منها، في كلتا الحالتين رمش بلا فهم وهي تلوح بورقة مجعدة في وجهه "انظر."
خطف الورقة منها وفتحها قبل ان تسحبها من وجهه، ناولها البيرة لتنشغل بها ونهض واقفًا يحدق بالورقة ، ثم انزل نظره لها "ما هذا الهراء؟"
"تحليل دم." قالت ببساطة، تأخذ رشفة صغيرة هذه المرة، ربما لان البيرة بدأت تقل بالفعل "انه لجون وليس لي."
"ادرك ذلك، ما المشكلة فيه؟"
"هممم، عندما يلعب احدهم بأدوية مريض قلب و يغيرها لمنومات، اه اتساءل عما يحدث."
"عما تتفوهين به ايتها المعتوهة."
"اقول انه في البداية ظننت ان هذا طبيعي، اوه بالطبع هو كئيب دائمًا و يجد ان النوم افضل من ان يرى وجه ابينا، ولنكن صادقين، من يلومه هنا؟ لكن مجددًا ركز ركز معي، حدثت حادثة صغيرة جعلتني ادرك ان ما كنت اظنه حقيقي، الخادمة تلك، ما اسم الساقطة؟ هانا اظن؟ لا يهم لا يهم، انها تتبعني كظلي ولكنها ايضًا تتسلل لغرفة جون لتبدل ادويته بمنومات، امام عينيك التين لا تركزان الا علي، وهل تعرف؟ سألت هاري، طبيب جون، الذي اخبرني ان نتاج ذلك فقدان ذاكرة مؤقت و ربما لا ادري – اشياء اخرى، نسيت. انا دخلت غرفته و نظرت الى الادوية بنفسي، بحثت عنها في قوقل، وصورتها لأسأل. لأنني رأيتها بعيني اللعينتين هاتين. ثم ماذا؟ يأتي ايفان ميلر اللعين، ويخبرني انني هنا لاكسر خاطر جوني، بينما في الواقع، ولنكن صريحين، من يكسر خاطره هنا هو انا في محاولتي لانقاذ مؤخرة اخي الاحمق وانت تقف في وجهي تهدد وتلعن."
كان وجهها قريبًا في وجهه لدرجة ان انفيهما يكادان يلتصقان. ولدرجة انه يستطيع ان يرى رموشها السفلى ترفف فوق وجنتيها وترسم ظلالًا خفيفة، يده ضغطت بقوةٍ على رسغها الذي تلوح به امام وجهه في نوبة غضبها، لابد انه عندما يترك ستبقى اثار اصابعه على جلدها، لكن افكاره كانت اسرع من ان يهتم. الاحتمالات تدور في رأسه، واحدًا تلو الاخر، ولماذا عليه ان يصدقها؟ سأل نفسه، اليست هي من يرتدي قناعًا كاذبًا في وجه اخيها و في وجه ما يفترض ان تكون عائلتهم، لكن ماذا لو ما قالته حقيقي.. هذا وحده ترك طعمًا مريعًا في فمه جعله يرغب بكسرها لمجرد انها اوحت اليه بهذا، لكنه مجددًا نظر الى الامر من زاوية اخرى، الى العينين اللازورديتين التين دون ان يدركا اعطتا جون السعادة التي لم يراه يملكها من قبل، الى الفتاة التي دخلت الى حياتهم دون استأذان واخذت مكانها بينهم حتى اصبحت بطريقة ما جزءًا لا يتجزأ منهم، بدونها ستكون الصورة ناقصة، بلا طعم، بلا جدوى، بلا اي شيء. وانه في قرارة نفسه، يعرف ان هذا النقصان سيكون شيئًا سيأخذ شيئًا ما بداخله، ولكن لماذا؟ هو لا يدرك
الجزء العاقل منه، الجزء الذي يرغب بطرد السرطان الغريب الذي انتابه وشل منطقه يخبره ان يركل باب مكتب جده وان يخبره بالأمر، لأن جده قطعًا سيعرف كيف يتصرف، سيأخذهم جميعًا ويحل الامور. لكن جده ايضًا، شيءٌ ما في داخله يخبره انه عندما يصل الامر لهذا الحد فأنه لا يحل اي شيء، لو كان يستطيع حل اي شيء لكان وجد حلًا لحياة جون الكئيبة، لما كان يجبر الأب وابنه -الذين كانا سبب بعضهما لتعاسة- لمقابلة بعضهما رغمًا عن رغبتهما، ان يتصرفا وكأنه لا يوجد اي شيء بينما وكأنهما لا يريدان قتل الآخر. في داخل ايفان، انه يعرف ان لا جده ولا جدته يحلان اي شيء، انهما يعطيان الانطباع بذلك لكنهما يفشلان. ما ينجحان به هو اقناعهم فقط، وكم هم جيدون بذلك.
ماذا لو كان ما قالته صحيحًا؟ الجزء الصغير في داخله يصرخ اليه ان يعطي الامر فرصة، ليس لأنه يحب اخوه الذي لم تلده له أمه، ليس لأنه يهتم به وشاهده يكبر امام عينيه كما شاهد نايت، الجزء الصغير في داخله يؤمن بأن الاخلاص في عيني آيلا اللازوردتين ليس بكاذب، انه سيؤمن به حتى ولو كان كاذبًا. و هذا ... خطأ.
"سأرى بنفسي، وعندما اكتشف انك تكذبين، وليكن الله في عوني يا ايلا، ستجدين نفسك في الشارع لحظتها، سأفعل ما بيدي لأركلك خارج لندن كلها."
"اوه انا خائفة، ميلر قرر ان يكف عن الحماقة. ياللمنعطف المخيف الذي نحن فيه الآن. اترك يدي الآن والا كسرت فكك هذه المرة." افلت يدها ينفض يده وكأنه امسك بنارٍ تحرقه، كان هذا دورها لترسم نصف ابتسامة ساخرة، تسخر وتأخذ رجفة اخرى من الزجاجة التي اصبحت بعدها فارغة
"كلانا نعرف انه عندما ترفعين يدك مرةً اخرى علي ستخسرينها، بالاضافة الى اي شيء اخر ايضًا تهتمين به، اذا كان هنالك شيء اخر تهتمين به في المقام الاول. لكن لا بأس ، ليكن، لندعك الليلة تلهين قليلًا."
"اجل اجل." لوحا بيدها. ثم مجددًا انقلب الجو المشحون لشيء اكثر ظلامًا. حزن ثقيل حط بينهما. او ربما عليها وحدها، تحيط بها هالة تعيسة وهي تنظر الى الاعلى، الى القمر نصف مرتسم في السماء تغشيه الغيوم الثقيلة، لحف الحديقة بلون اثيري و اضفى اليها بعض السحر الحزين.
بديا لحظتها الاثنين ابيضا لونًا مما هما عليه. يحدقان ببعضهما بصمت.
عندما عادا الى الداخل، افترق الاثنين عند الدرج، و جد نفسه يحدق بظهرها تبتعد دون ان تعرج بعدما خلعت حذاءها الاخر وصارت تمشي على البلاط البارد دون ان تستدير، كان من البائس رؤية شبح خاله يلوح فوقها، نفس الحركة ونفس المشية ونفس هذا الغرور اللعين. لكنه بقي ينظر اليها مع ذلك. وعندما استدار، نظرة اليه بطرف عينها وهو يبتعد في الرواق الداكن، يغلق الباب خلفه، بيده فحص جون الطبي. اتكأت ايلا على الجدار تلصق ظهرها به بتعب، تغمض عيونها بشدة و تلعن.
****
مسد الصفحة التي كان يقرأها بوجوم، بعدما قرأ نقدًا عن رواية في موقع مشهور وجد نفسه يبتسم بسخرية لحقيقة ان الأمر اثر به الى هذا الحد. الناقد يخبر قراءه ان الكاتب متوهم، وان شخصياته خاويه وبلا معنى ، يغطيها وشاح الجنون ليعطيها معنى خاويٍّ مثلها. كان هذا اول نقد قاسٍ يأخذه جون في حياته الادبية السرية. وكان الاكثر ظلمًا. ليس ولأنه بنى شخصية دانتي لتكون الشخص الذي يريد ان يكونه. لكنه ايضًا وضع نفسه فيها. كان دانتي هو جون، وكان جون هو دانتي.
كلاهما يعيشان بين الخيال والواقع، ادركا بطريقة ما انهما لم يعدا نفسهما التي يعهدهان. ربما، هو تسائل ان هذا ما يعنيه المرء حقًا عندما يفقد نفسه في الطريق، عندما يريد ان يكون شيئًا ليس هو، عندما يريد ان ينسى او الا ينسى؛ فهو لا يريد ان ينسى حقًا، لكنه ايضًا يريد ان ينسى لأنه يريد السلام الذي لن يصل له ابدًا. تقلب جون مرةً اخرى على سريره، كان باردًا اكثر مما يلزم، يشعر بالخواء يعتصر قلبه و بعقله نشيطًا يشتهي الرد على النقاد وان يخبره بلباقه ان 'ينكح نفسه'
جون يريد اشياءًا كثيرةً لا يمكنه الحصول عليها، لهذا هو يائس، لهذا هو مثير للشفقة و غاضب و كئيب.
شخر بسخرية و نهض، كانت الساعة تشير الى ما بعد منتصف الليل، لكنه لم يأبه، آيلا لم تأتي بعد، او ربما فعلت و بسبب سرحانه لم يقابلها. من وراء الستارة يستطيع رؤية ندف الثلج تتساقط بنعومة من السماء و تحجب ضوء الشارع. الشتاء دائمًا يجعل جون يشعر بالخواء التام، لكنه نوع محبب من الخواء، ذلك الخواء الجائع الذي يطلب منه ان يملئه بما يحب، كالقراءة والكتابة و الاستلقى امام المدفئة وقطه في حضنه.
دانتي، قطه العجوز تسلق السرير و ادخل نفسه في مكانه المفضل بين جون و غطاءه، يخرخر بنعومة "ماذا يا دانتي؟"
لم يجب القط، و ابتسم جون بخفة، يحك رقبته ويسير عائدًا الى مكانه فوق السرير "هل تفكر يومًا في الرحيل؟"
مجددًا لم يجب القط، و ما تزال الابتسامة معلقة على شفتي جون "افكر في الرحيل مثلما فعل سميُّك في روايتي، ان اختفي من الوجود فجأةً هكذا. لا ادري الى اين فقط لأذهب، ولا تقلق، سأخذك معي.. انا اتساءل يا دانتي، هل تعتبر هذه استراحة محارب ام جبنًا، همم؟"
سمع صوت حركةٍ عند الباب، ونهض بخفة يفتحه. هناك كانت يد ايلا معلقة في الهواء، من طرف عينه يستطيع ان يرى كعب حذاءها بيدها، وان الفردة الاخرى لا وجود لها، تنظر اليه بعيون حمراوتين و فاه نصف مفتوح "واو عندما قررت ان استدير فتحت الباب، حظي اللعين."
"ايلا!" كان متفاجئًا ينظر اليها ما تزال مرتدية معطفها المبلل من الثلج، "لماذا تمشين حافية، واين حذاءك؟"
"فتحتُ الصرف." اجابة ببساطة تهز كتفيها غير مهتمة حقًا انه ينظر اليها كما لو ان لديها رأسًا اخر فجأة، ربما عند هذا الحد و بفعل بيرة ايفان اللعين، وجدت ايلا نفسها اكثر صدقًا وشجاعة لأن تخبر احدهم بأن يخرس ويفعل ما تريد "هل ستسمح لي بالاستلقاء في سريرك ام اعود ادراجي؟"
"ما خطب غرفتك؟"
"هذه لا اذًا." استدارت لكن يده قبضة عليها تجرها الى الداخل و تغلق الباب برفق وراءهما "ماذا.. اين كنتِ لتأتي الي هكذا."
"اشرب مع احدهم، اليس من الرائع ان يكون لدي اصدقاء في لندن، لا؟"
"اجل اجل." خلع عنها معطفها والقت هي بكعبها على الارض بلا اهتمام بينما كان يطوي المعطف بعناية جعلتها تسخر بسخرية و تسير الى سريره. انتهى بهما الامر على السرير نفسه، رأسها فوق صدره، وأنفه فوق شعرها، يقبلها بين فينةٍ واخرى، بينهما قطٍ ينظر الى ايلا كما لو انها عدوته اللدودة، رفعت اصبعها الاوسط و هجم عليه، لكن يد جون قبضة عليه هو الاخر قبل ان يلمسها "حبًا بالله ليس انتِ ايضًا. وانزلي اصبعك هذا فعل غير لائق لسيدة."
"تبًا للياقة."
"واو، الفاظك، هل تقضين الكثير من الوقت مع نايت الى هذا الحد؟"
"لا، بلايك يقولها امامي هنا وهناك ولا احد يشتكي منه."
"تبًا له."
"الفاظك" كان دورها لتسخر، و غمر الغرفة هدوء مريح، عدا عن الغرغرة الناقمة لدانتي الذي لا يريد ايلا بالقرب من جون الى هذا الحد.
الشعور الهادئ بالسلام خدر حواسها، لكن عقلها بقي متوقدًا يرصد حركة الثلج الناعم يتساقط بهدوء ويرسم ضلاله ضوء القمر الشفيف، عندما هدأت انفاس جون رفعت رأسها لتنظر اليه، وجنتيه العاليتين يعلم على بشرتها هالات أخف مما كانت عليه قبل اشهر، لكنها ما تزال هالات رغم ذلك، والهالات إن كانت أي شيء— فهي تعني التعب
"لو اخبرك انه يمكننا الرحيل معًا الى فرنسا، الى جدنا وجدتنــا، ماذا تقول؟"
"جدتنا؟" عينه رفرفت مفتوحة ينظر الى السقف "هل ايمانويل متزوج؟"
"همم؟ من يعلم." نبضات قلبها عاليه بما فيه الكفاية لتسمعها في رأسها، صوتها عالق في حلقها، هذه اللحظة... اذا اخبرته ان جدتهم حية، ماذا ستكون ردة فعله؟ هل لديها فرصة لتشرح اصلًا؟ هل سيكون من الحكمة نزع سلاح ايفان من يده كي يفقد قوته عليها.؟ عندما تنظر الى الامر، هي لا تخاف بلايك ولا ادوارد ولا ايًا من الاسماء التي يظن ايفان انها تعني لها شيئًا. لكنها تخاف خسارة جون وحده، هو ومن بعده ليحدث ما يحدث. عندما تخسره، لا معنى لأي شيءٍ آخر.
"ما الأمر؟"
"افكر فقط." همست، خرج صوتها ناعمًا ومثقلًا بالأسى الخفي الذي لو كان واعيًا اكثر لا لاحظ وجوده، يده ارتفعت لتختفي في التموجات السوداء لشعرها. يهمهم بشيءٍ ما عن انه سيحب رؤيته بلونه الطبيعي، أحمر كأشجار الخريف كشعر أمهما، تلك الدرجة الدافئة المحببة.
عيونه اخيرًا رفرفت مجددًا لتغلق. اخذت ايلا نفسًا ثقيلًا واغمضت عيونها هي الاخرى، لا. هذا ليس الوقت المناسب، عليها اخراجه من هنا أولًا، وعندما تبعده ستخبره و ليغضب و ليهدم السماء فوق رأسها؛ ليكن، عليه قبل ذلك ان يكون بخير و صحة ليفعل ايًا من هذا، وهي ستحرص على ان اخوها الأبله سيعيش مهما تطلب الأمر، ومن فعل به ذلك سيندم.
***
في سيارته المتوقفة قرب مقهاه المفضل، غطى عيونه بالنظارة الشمسية، غروب الشمس ناعمٌ في الافق، يعطي طابعًا اثيريًا على المرأة وطفلها الماشيان اسفل شجرة الصنوبر على يمينه. ارجح ايفان قدمه هو يزلق النظارة من فوق جسر انفه بما فيه الكفاية ليظهر عينيه "ما الجديد؟"
القى مساعده عليه نظرةً خاطفة، يفتح سترته و يخرج منها ظرفًا بنيًا
رفع نظاراته مجددًا واخذ رشفة من القهوة ناقصة السكر، يجعد فمها بتقزز، بينما الرجل الاخر يحرك رأسه بغير اهتمامٍ حقيقي "وجدت ان المرأة، هانا سبينسر، ذات الـ ٣٣ عامًا، ام عازبة لطفل، قبل خمسة اشهر كانت تعاني لسداد ديونها و فواتير المستشفى لطفلها التوحدي، لكن، انظر هنا.. قبل ثلاثة اشهر سددت كل مستحقاتها و اشترت لنفسها شقة جديدة في حي محترم قريب من مدرسة ابنها."
عيناه لمعت وازاح النظارة عن وجهه، يتفحص صورة الخادمة التي تتكلم عنها ايلا بكراهية واضحة – والتي تتهمها بتغيير أدوية جون "وبعد؟– ان يسدد المرء فواتيره وان يغير مسكنه لا يعني بالضرورة شيئًا."
"في تحويلات حسابها البنكي، لقد عينت احدهم ليتفقد هاتفها، عمومًا انظر الى ماذا وجدنا– هذه فواتير شراء ادويه بذات الخصائص التي وصفتها، بالإضافة–"
خطف ايفان الورقة منه، يسحب ورقة ما من جيبه ويقارن بين الادوية قبل ان يهمس بصوتٍ خافت غير مصدق "الساقطة، اللعنة– ايلا محقة طوال الوقت، ولكن مهلًا... لماذا عساها تفعل ذلك؟"
"هناك تحويلات من الآنسة ستيفاني توملينسون، الآنسة توملينسون تكون المساعدة الشخصية لكارميلا سالفاتور، زوجة السيد بلايك. وطبقًا لفترة الزمنية، الامر بدأ منذ حفلة السنة."
زج ايفان على اسنانه بغضبٍ عارم. كان الامر اشبه بالمراهنة على شيء مع ضمان فوزه، ثم يصدم بالخسارة. غادر الرجل سيارته و بقي ايفان في مكانه وراء المقود يحدق في العدم، غربت الشمس، ثم اخيرًا نفض رأسه و سحب هاتفه يحدق في رقمها، دقائق قليلة وكان صوتها الناعس يجيبه "من؟–"
"الشمس غربت، هل كنت نائمة طوال اليوم؟"
"هل انت أمي؟ — ومن اين اتيت برقمي على ايةِ حال؟"
"نايت اعطاه لي عندما ظن بأنك ستتاخرين عن الخروج من فيلا المزرعة، كان يخاف ان اترك مؤخرتك الحزينة هناك."
"ليته لم يفعل."
حل الصمت بينهم، نوع من الصمت المحبب الذي لا يخترقه سوى صوت الريح تضرب زجاج نافذة، ومن ناحيتها، صوت القط يهددها
"اكره هذا القط."
"بجدية، اللعين عدواني اكثر مما يجب."
"هل تعرفين ان القطط يمكنها ان تشم الشر؟ لا ريب من كراهيته لك."
"النكتة يمكن اعتبرها تنطبق عليك ايضًا، جون يقول ان يتبول على ملابسك، هل يعني هذا شيء ما يا ترى؟"
"هيه، كنتِ محقة."
"ماذا؟"
"تعالي الى مقهى روبيرسون، انه امام مطعم سوشي و بجانب اكاديمية الموسيقى في الضفة الغربية– هناك شيء يجب ان اخبرك به وجهًا لوجه، والمنزل ليش مكانًا مناسبًا."
نبرته جعلتها تلتزم الصمت، خف صوت القط، وهزت هي رأسها من الطرف المقابل "سأكون عندك في غضون نص ساعة."
"ربع ساعة.."
"اربعون دقيقة اذن."
اغلقت الخط في وجهه، وبدلًا من ان ينزعج، كانت هناك نظرة بلا تعابير في وجهه.
لم يستغرق الامر سوى نصف ساعةٍ تقريبًا، شاهدها تمشي امامه لتدخل المقهى، لكنه اشار لها، وما اثار حنقه انها تجاهلته ودخلت الى المقهى ثم عادة مجددًا بعد عشرة دقائق بقهوةٍ في يدها و كعك.
عندما فتحت الباب حدق فيها بغضب وهي تأخذ مكانها بجانبه "اخبرتك انني سأستغرق اربعين دقيقة."
"ايتها اللعينة."
"هل تريد كعك؟ انه بالزنجبيل– وهو ليس سيئًا. ليس بمستوى الفرنسي بالطبع لكن ليكن، يفي بالغرض كما افترض."
"لا عجب من ان القط اللعين يمقتك، يا مختلة."
تجاهلته واخذت رشفة من قهوتها، "ماذا؟ هل دعوتني لارى وجهك القبيح."
لم يكن الامر بسبب اغاضتها هي تعلم، سبب تغيير الهواء في السيارة مجددًا لابد من ان يكون شيئًا يجعل ايفان نفسه مصدومًا يعيد التفكير بكل ما قد آمن به يومًا. نظرة الى الطرف الاخر، عيونه شبه مغمضة وهناك شيءٌ ما داكن وغامضٌ في وجهه، اتكئ ايفان على كرسيه ينظر امامه "كنتِ محقة طوال الوقت.. كانت الخادمة حقًا تسممه."
تلاشى شبح ابتسامتها الساخرة ليصبح شيئًا قاتمًا و قبيحًا ذكره تمامًا بالغضب العميق الذي يحمله جون في صدره، غضب توارثه من ابوه، والذي ورثته كما يبدوا ايلا ايضًا. تساءل اذا ما كان الغضب حقًا يورث من الاباء الى الابناء كما يورثونهم اسماءهم و شخوصهم ويساعدون بطريقة ما على ان يصنعوا الشخص الذي هم عليه فقط بتواجدهم حولهم.
اخذت ايلا الملف الذي تركه مساعده في مكانها، تقرأ بصمت خلاله خطف ايفان الكعك من يدها واخذ قضمةً منه، لم تتحرك شعرة منها اثناء ذلك، تركز تمامًا في الاوراق امامها، اخيرًا وضعت الاوراق في حظنها "ما الذي تجنيه السيدة سالفاتور من اصابة ابن زوجها بفقدان الذاكرة؟ او بشكل اخر رسم صورة انه شخص لا يؤخذ بشهادته؟" كان سؤالها افتراضيًا، المغزى منه كما يعلمان ليس سؤال نفسها، بل جعله يرى وجهة نظرها، جعله يرى ما ترى. ان هنالك شيئًا مريبًا تحت الامر، شيئًا آثمًا وكريهًا
لم يكن هناك الاتهام الخفي لصورة العائلة المزيفة التي يعتز هو كثيرًا بها، فقط غضب مستحق تجاه كذب هذه الصورة، غضب محق تجاه ان اخوها وضع في موضع شخصٍ مشكوك به
"علينا ان نخرجه من هنا، معك حق."
"علينا؟"
"ليس اخي بالدم، لكنه اخي. شئتِ ام ابيتِ."
"لا اشكك في حبك له، لكنني احب ان انوه انني عندما لمحت فقط باخرجه من المنزل وجدتك تهدد حياتي. الا يعتبر هذا نفاق بطريقة ما؟"
"لا، لانني لم اكن املك الصورة اللعينة الكاملة. وكفِ عن لومي."
الصمت حل مرةً اخرى، خلاله كانت تمسك هاتفها تكتب شيئًا ما الى احدهم
"ماذا تفعلين؟"
"اخطط لتدمير حياة احدهم، اليس هذا واضحًا؟"
"لا حقًا، ماذا تفعلين؟"
"اخطط لتدمير حياة احدهم. اليس هذا واضحًا؟"
"بحقك، ماذا تفعلين.."
"اخطط لتدمير لحياة احدهم، بجدية.."
"وكيف بالضبط تخططين لتدمير حياة احدهم؟— ناهيك عن انني لم اسال بعد من هذا الاحدهم."
"اليس هذا واضحًا؟ ثم اصبر لحظة. ماذا ستفعل انت بهذه المعلومة؟."
كانت لحظة صمتٍ طويلة، ابتسمت خلالها ايلا بحاجبٍ مرفوع وهي ترسل رسالتها الى المحامي. ثم نظرت مجددًا الى ايفان بإتهام "انت تعلم بوقوع ملابسات جريمة قتل محتملة لكنك متردد. الا يقول هذا شيئًا عن اخلاقياتك؟ بل وعن حبك المزعوم، و هوسك عن ماهية العائلة."
"لستُ مترددًا، انا فقط لا اعرف ماذا سأفعل... انا افكر بالنتائج هنا. ثم كف عن محاولات تأويل افعالي لشيطنتي، لست بمناى عن كل هذا كما تتصورين يا كاذبة."
"لماذا تهم النتائج؟ في هذه المرحلة لا يوجد معنى لأيٍ من هذا."
"نعم— لكن انظري من منظوري، هناك جون الذي لم يتجاوز فترة النقاهة اللعينة؟ والذي كان يخلط ادويته بسذاجة مع الادوية التي وضعتها الخادمة، ماذا سيحدث اذا دخل في حالة توترٍ اخرى، في اخر مرةٍ حدث ذلك اصيب بنوبة قلبية، او مهما كان ما اصابه بالضبط، كان سبب اصابته في المرة السابقة هو موضوع شبيه لهذا." لا يمكنه القول انه عرف بالمصادفة من جاسبر الذي بقي يحقق في الموضوع ان السبب كان معرفته المفاجئة لكون امه حياةً طوال الوقت، كانت هذه صدمة من المعيار الثقيل لايفان، ان عائلته كذبت في موضوعٍ كهذا، لكن مجددًا— كان يكتشف اشياء جديدة في كل مرةٍ ينظر الى زاويةٍ اخرى. كل السبل تؤدي الى روما كما يقولون، و ايفان لا يعتقد انه يروق له ايًا من هذا.
التفت اليها ، يخطف الهاتف من يدها و يرفعها بعيدًا عن اصابعها التي امتدت بعصبية لستعيده "رويدك– صبرًا، لنفعل التالي، حسنًا؟"
"ماذا تقترح؟ واعد الي هاتفي."
"انا قلق من ان تتصلي بالانتربول مثلاً، الله يعلم كم انك مجنونة" اجل، كم شخصٌ في العالم مستعد لترك حياته في وطنه الى دولةٍ اخرى فقط ليتأكد من شيءَ او اثنين، لكن مجددًا، هو أيضًا كان ليفعل الشيء نفسه. كان ليكون مدمرًا وغاضبًا اذا تعرض اخوه لنصف هذا الظلم.
"ماذا؟"
"اولًا، لنخرج جون من المنزل— شهرًا او ثلاثة، لا يهم طالما انه بعيد عن الخادمة، ثانيًا؛ سنحقق من فعل هذا،
نعرف بالضبط ان السيدة سالفاتور فعلت ذلك، لكن لماذا فعلت هذا— لماذا جون بالذات. فلننظر الى الاعراض المترتبة ايضًا، هل ترين؟ سألتِ سؤالًا مهمًا، بما انها تحاول التشويش على ذاكرته، هناك اجابة واحدة ، جون يعرف شيئًا لا يجدر بأحد ان يعرفه، وهي تخاف من ان يفلت لسانه في يومٍ ما."
"لذا قررت ان تحوله الى شخصٍ لا يؤخذ بشهادته." اكملت ايلا الجملة بتعابير وجهٍ خاوية، كان من المرعب النظر الى وجهها الجميل يصبح حجرًا من الجرانيت، بلا انسانية
اجابها بصوتٍ خافت، يعيد الهاتف ليدها "نعم.. لستِ وحدك في هذا، اعدك انني سأكون دائمًا وراءك. جون اخي." جون كبر معه، تربى معهم. كان دائمًا جزءًا منهم، موجودًا في الصورة و النص و الحواشي وكل الزوايا.
وايفان لن يسامح نفسه اذا وقف مكتوف اليدين يشاهده يسقط في الهاوية.
****
ابتسم ليام كرجلٍ فخورٍ في مهمة، شيء في هذا جعل صدر بلايك يضيق قليلًا ورغمًا عن نفسه وجد نفسه مستمتعًا بحماس الطفل الذي يسير أمامه، حاملًا قلادة امضى بلايك يومه بالنبش عنها في كوخه المنعزل
كان الكوخ مكانًا سريًا قلة من يعرفون اين يقع، بعيدًا جدًا عن اي شخصٍ قد يعرفه. هناك، سرًا كان يحتفظ بالاشياء التي يرفض لسببٍ ما التخلص منها، كانت قلادة جوليا احدى هذه الاشياء، في اسفل دولاب ملابسه في صندوق خشبي مليئ بأوراق لا معنى لها و مجلدات اخرى، عثر عليها لا تشوبها شائبة، على ظهرها نقش صغير لأول حرف من اسم جوليا، كانت السلسة المكسورة سبب حصوله عليها في المقام الاول، فقد وعد بأنه سيرسلها للصائغ ليصلحها. و قد فعل ذلك، تلمع السلسلة الذهبية الجديدة بنعومة في الغرفة المظلمة عندما كشف الغطاء عنها، تفتقر الى لمسة الاستعمال الدائم التي اضفاها البقاء على رقبة جوليا حتى وهي تستحم، معطيةً اياها مظهرًا باردًا، مظهرًا يقول بصراحة الا مالك لهذه القلادة.
سرًا اراد بلايك يضيف لها قطعةً من نفسه، لهذا كلما سألته جوليا عنها ادعى انه نسي ان يوصلها وانها بقية في حامل الأكواب بسيارته، مما يجعل زوجته السابقة تنظر اليه بغضب صامت، لان هذه القلادة كانت تعني لها الكثير. كان ارثًا من جيلها صنعه لهم صديق والدتها، و الذي يكون ايضًا والدها الروحي.
تلمس الماسة الزمردية المضافة حديثًا و التي لم يسنح لمالكتها الاصلية بأن تراها، درجة اللون بشكلٍ مريب تذكره بعيون جون الداكنة عندما يغضب او يسمع شيئًا لا يعجبه. لكنها درجة محببةً ايضًا، في الشمس ومضت بحماس بينما الطفل يفتح العلبة المخملية الصغيرة ليلقي نظرة عليها بفخر رجلٍ في مهمة ذاهب لإبهار حبيبته.
"هل تعجبك لهذه الدرجة يا شقي؟" سأله بلايك بتسلية، يبطئ خطواته فقط ليستطيع الطفل مواكبتها، هز ليام رأسه، عيونه تلمع بنفس الحماس الذي عادةً ما كان يصيب مجالسيه الصداع، لكن ليس بلايك، ليس اليوم على الأقل، في الواقع عندما ينظر الى الطفل وهو يركض امامه يسابقه بخطواته القصيرة في محاولة فاشلة للوصول قبله ، تومض صورة ضبابية في ذاكرة بلايك، تجعل وجهه يقتم بعبوسٍ كئيب. حسّ الديجا ڤو يعكر مزاجه، و شعر بشيءٍ في الهواء يضيق بالخناق عليه و يلومه. تجاهل الفكرة و عجل بخطواته ليأخذ بيد الطفل بقبضة حازمة، ربما شد عليه بحزمٍ أكثر من اللازم، لان الشقي نظر اليه بعيون كبيرة متفاجئة، لكنه لم يبعد يده عنه من الصدمة ربما، رقق من قبضته المتملكة ليمسك به مجددًا برقة، و عاد الجو خفيفًا كما كان عندما استرخى الطفل في قبضته.
يقع منزل جايمس في نفس الحي حيث منزل والدهم، كان أخوه الأكبر —عكسه— لا يملك سببًا ليبتعد عن أي احد، أما هو ففي كلا زواجيه عرف ان الابتعاد هو الحل الأمثل، مهما كان رأي الاخرين في هذا الامر، ينظر بلايك الآن الى الشارع، و يقرر انه لم يندم على ذلك. رغم كونه كبر هنا في هذا الحي، و رغم كونه يحب ما يتميز به من هدوء وألفه الا انه يعتبر المكان أكثر من اللازم له، أكثر مما يحتمل.
كان لديه منازل عديده، أماكن يفضل اللوذ اليها في حالات غضبه، في الأيام التي لا يشعر فيها انه يريد ان يقابل أحدًا. منذ كان مراهقًا ومنذ ان سمح له عمره بذلك، تبنى هذه العادة التي تثير امتعاض كِلاً من والديه اكثر من أي شيءٍ اخر، عند التفكير بالأمر الآن، يشخر بلايك من انفه ساخرًا. ومجددّا نظر اليه الطفل كما لو ان له رأسًا اخر "انظر امامك والا قبلة الأرض."
كان قد ترك سيارته موقوفه عند منزل جايمس، وقرر اخذ الطفل معه مشيًا على الأقدم الى منزل أبيه، بما انه يبعد فقط مسافةً قصيرة، لقد وعد ايزابيل أيضًا ان يحمل الطفل ويسرع به الا الداخل لتجنب البرد المبكر لفصل الشتاء، لكنه فضل التكاسل تحت النسمات الصقيعية يرقب ليام المبهور والمخطوف الأنفاس يسير (بل يركض بساقية القصيرتين) أمامه ولا يبدوا عليه التعب.
"انت تتصرف بلؤم مجددًا. بلايكي، لن يحبك احد هكذا." توقف الطفل فجأة ونظر اليه بجدية لا تليق.
"انا العم بلايك بالنسبة لك. لا بلايكي."
"بلايكي، الا يعني كونك أخ جدي أنك جدي ايضًا؟"
"قل هذا مجددًا و سأرمي بك فوق سور آل أديسون، كلبتهم ملعونة شرسة."
"جدي بلايكي لن يحبك احد هكذا. وسأخبر جدي انك شتمت أمامي. ثم إن كلبة آل أديسون هي تشيواوا."
"هذا النوع من الكلاب إبليسي، ثم اعطني القلادة أيها الجاحد، انا احق منك بإعطائها لآيلا."
"لا." مجددًا بدأ بالركض الذي كان بالنسبة لبلايك اخرقًا وغير متزن، كان يلهث وهو يبتعد، تسأل بلايك ساخرًا اذا ما كان من الجيد اخذه والركض به بعيدًا وتركه في منتصف الطريق ليسابقه مجددًا.
لكن هاتفه رن في جيبه، مما يجعله يتوقف في مكانه يحدق في رقم سباستيان، يفكر فيما يجب ان يرد او لا. لكن الله يعلم كم ان مساعده الشخصي يتعب معه. لذا توقف في مكانه، و بالمقابل توقف الطفل ايضًا ينظر بقلق الى سور آل آديسون الذي يقف امامه، ما يفصل بينهم وبين منزل السالفاتور سوى منزل اخر، لكن يبدوا انه اجبن من ان يقطع المسافة بنفسه، لذا عاد ادراجه بسرعة اليه
ابتسم بلايك بسخرية و رد على الهاتف "اهلًا."
سكت الطرف الاخر، للحظة اغمض بلايك عينيه بتعب، فجأة يشعر بالملل و الحنق، ربما سباستيان جلس على هاتفه كما يفعل عادةً، او ان طفلته لعبة بالهاتف مجددًا،
قبل ان يقطع الخط سبقه الطرف الاخر يقول بتردد وبنبرةٍ هو يعرفها لانها لا تروق له بالمرة "عندي خبرين."
"وهما؟."
"الأولى، حارس جون يخبرنا انه اخذ لنفسه شقة."
"افترض انه ابني حقًا، هاها. و الاخر؟—"
لحظة صمتٍ طويلة، ضاق فيها صدر بلايك لانه شعر بأن شيئًا ما يحدث.
"تكلم." امره بحده، صوته جعل من الطفل ينظر اليه بخوف، لكن بلايك لم يهتم، احكم قبضته على الهاتف بعصبية "ابصق ما لديك."
"السيد جايك استيقظ."
*****
*كح كح، غبار كتمه، هذيك جثة من بالزاوية؟ قارئة انتحرت لانه زقت معها؟ الله يرحمه
معليش معليش، لسى مو راضية عن الفصل بس نزلته عشان تعليق من (اشلي؟ نسيت اليوزر) تقول ان الاجازة بدت وخلصت ولا شفنا وجهك. وقلت عيب ما انزل المسودة حتى لو اني مو راضية تمامًا عنها
— انا افكر اعدل بالرواية بجدية، فيه اشياء بأحذفها وشخصيات بأحذفها، اذا خلصت التعديل حدثت وقلت لكم ايش الاشياء اللي فاتتكم بالنسخة الجديدة.
امواح، شريت ايباد جديد وهذا الفصل مصحح املائيًا بإشرافه.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro