Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

٣٢

٣٠٠ فوت = البارت الجديد

﴿وَاعفُ عَنّا وَاغفِر لَنا وَارحَمنا أَنتَ مَولانا﴾
****

ركن السيارة، يشعر بوجعٍ في رقبته من القيادة لسبع ساعاتٍ متواصلة دون ان يتوقف، نظرًا الى ان كليهما لم يرغبا بأكل شيء، و لأنه اصلًا كان قد واعد احد اصدقاءه بمجرد ان يصل الى لندن ان يتناولا العشاء معًا و يتحدثا بشأن امور مهمة، التفت لها حيث ترقد بهدوءٍ بجواره، بدت مطمئنة ومسالمة، عكس ما ينظر اليها سابقًا، احيانًا يتساءل عما يدور في رأسه الصغير وعن الشخص الحقيقي وراء هذا الوجه الفاتن.

"غالبًا هذا سيبقى سرًا دائمًا، لا؟."

ثم لمس وجنتها الحمراء بأصبعه، مسحورًا رغمًا عن أنفه بجمالها. تحركت ايلا بانزعاج، وفجأةً كانت العيون الخضراء العميقة تنظر اليه الآن بلا فهم ، مقطبة الحاجبين، ابعد ايفان يده بسرعة وقال بغير اكتراثٍ ظاهري "اخيرًا استيقظتي، هل اعجبك النوم بسيارتي الى هذه الدرجة؟."

"لم احس بنفسي." تمتمت، متجاهلة رغبته الغير وجيهه في ازعاجها "ظننت اننا في هدنة او شيء ما." نظرت له ممتعضه، و مدت بيديها تتأوه، تشعر بألمٍ رهيبٍ في رقبتها و بالصداع يضغط على رأسها.

"فقط غادري سيارتي حبًا بالرب، انا مستعجل."

"لوهلة اعتبرتك ادميًا." تأففت وفتحت الباب، تسحب اغرضها معها، كبس ايفان على احدى ازرة السيارة وخرج بدوره من السيارة، حيث فتحت الحقيبة، اخرج حقائبهم بينما وقفت هي فوق رأسه بكل تنتظر حقيبتها، نظر لها ساخرًا "هناك من يحملها كما تعرفين." واشار الى الحارس الواقف بعيدًا عنهما.

بإمتعاض خطفت ايلا حقيبتها بعناد
"انا مستقلة بطبيعتي، لا اتكل على احد ولا احتاج الى احد، تعلم هذا مني."

اشار بيده مستخفًا
"اجل اجل ايًا يكن." وانحنى يخرج الحقائب.

اخذ الحارس الحقائب التي ناولها ايفان له. و هزت ايلا رأسها تخبر نفسها مبتعدة عنهما "متناقض ونرجسي، ما خطبه الآن؟."

سمعت صوت احدهم يصفر لها فجأةً، ورفعت رأسها، ورأت الوجه المليح لكريستيان كان خارجًا لتو من منزله. كان يرتدي ملابس رياضية ، قميصًا قصيرًا اخضر و بنطالًا اسود، لا شيء فيهما يبدوا وكأنه قد يرد البرد عنه، لكن الشاب غالبًا لم يكن يبالي ولا يشتكي بهذا الخصوص.
قفز الدرجات بسرعة، وهتف "مرحبًا بعودتك."

افلتت ايلا حقيبتها حيث كانت تقف، و سارت اليه، يفصل بينهما السور الذي يصل الى اعلى صدر كريستيان حيث يتكئ بيديه، مقابل رأس ايلا فقط، سحبت نفسها لتصعد فوق الدرجة الوحيدة فيصبح وجهها كاملًا واضحًا له "مرحبًا لك ايضًا، هل كنت تنتظرني؟"

"لا، لستُ يائسًا الى هذه الدرجة، لكنني صادفتك.."

"هذا لطيف نظرًا الى انك تخرج الي من اي مكان انظر اليه"

"هذا لحسن حظك طبعًا، ليس الجميع محظوظًا لرؤيتي على الدوام." كان وجهيهما الان قريبين بما فيه الكفاية لتشم رائحة السجائر وعلكة القرفة منبعثة منه. وهو استطاع ان يرى كيف تلتقي رموشها السفلية الكثيرة بأعلى وجنتيها، وكيف ان هذه الرموش نفسها اطول من رموشها العلوية قليلًا، بطريقة ما، كان هذا جميلًا. ربما للحظة، كما إيفان، تأثر برقتها وكم انها قابلة للكسر. لدرجة ان كف عن العبث معها واطال النظر اليها، كعادة ايلا التي لا تفهم كيف يكون تأثيرها على الرجال حولها كما أمها. تابعت "ما سبب هذه النرجسية حتى؟."

ايقظته من تأمله في محياها الوسيم ، وابتسم
"هل تريدين حقًا ان تعرفي؟."

"هل ابدوا وكأنني مهتمة لهذه الدرجة اصلًا؟."
استغرب ثم انفجر كريستيان ضاحكًا مميلًا رأسه الى الوراء، مستوعبًا انها تقلد تصرفاته معها، وابتسمت ايلا برضى

"اعتقد اننا سنتفق كثيرًا انا وانتِ، اخبريني ماذا حدث لقدمك ورأسك؟."

تنهدت ايلا "لنقل انها حادثة مؤسفة لا تستحق الذكر، نلت كفايتي منها على ايةِ حال."

"اوه آسف لذلك، هل لازلنا على موعدنا؟."

فكرت للحظة، كان جون من جهةٍ يؤرقها، ومن جهةٍ تذكرتها التي تنتظر الى فرنسا، واخيرًا ابوها، الذي بطبيعة الحال تريد ان ترى ما هي ردة فعله بالضبط تجاه ما اخبرته به.
"لا اعلم بهذا الشأن، الوقت لا يناسبني حقًا."

"عندما تخرجين معي لن تكسري ضلعًا كما فعلتِ في رحلتك الصغيرة مع عائلتك..انها مجرد عشاء صغير."

"حسنًا ايًا يكن، راسلني اذن..اما الآن احتاج بجدية الى الاستحمام والنوم."

"موعدنا اذًا غدًا مساءًا."

لوحت له، نزلت من الدرجة الصغيرة وسحبت حقيبتها الثقيلة، ألم خفيف اصابها في قدمها بسبب الضغط المفاجئ، فلعنت ايفان ، والذي بمجرد ان صعدت الدرجات كان الآن امام وجهها عابس الوجه ، بحدة قال "ما كان هذا؟."'

"ما كان ماذا؟ الم ترى يومًا انسانًا مستقلًا يحمل حقيبته بنفسه؟"

"لماذا كنتِ مع سولديري ذاك؟."

"سولديري من؟."

نظر لها ممتعضًا الآن، ظن انها تسخر منه، لكن الفهم فجأة لاح على وجهها "تعني كريستيان؟."

"نعم كريستيان، حتى لا تعرفين اسم عائلته وها انتِ ذا متعلقة برقبته"

"مهلًا، انتبه لكلماتك معي، اتذكر اننا خضنا نقاشنا الصغير في كيف تتكلم معي و واعتقدت انك فهمته جيدًا.." كانت تعني ببساطة انها صفعته على وجهه عندما اساء لها، و ستفعل ذلك مجددًا لو اضطرها الأمر، و لم يفت ايفان ذلك، الذي ابتسم الآن ساخرًا و مستخفًا "طبعًا لا تعرفينه، كان يجدر بي توقع هذا على اية حال.. ابتعدي عنه."

"لست أبي لتأمرني."

"يمكنني ان اخبرك ابوك ان اردتِ.."

رمشت ايلا بصدمةٍ للحظة، ليس وكأنها ستلقي بالًا لرأي بلايك بالموضوع اصلًا فهذا شرف لم ينله أبوها بعد، لكن ان يخبرها ايفان ببساطةٍ بهذا اثار حنقها "تبًا لهذا، افعل ذلك."

تنهد ايفان اخيرًا، لوهلة ظنت ايلا انها مجرد طفلة صغيرة امامه، وهو الكبير العاقل يخاطبها ليفهمها الا تلمس النار لأنها ستحترقها
"لأجل جون اخبرك، عندما تتأذين يتأذى هو، كريستيان سيؤذيك بطريقة او باخرى، او على اقل تقدير سيكسر قلبك ربما....حتى انتِ لا تستحقين ذلك."
ثم تجاوزها بلا اكتراث. نظرت الى ظهره يغادر مبتعدًا، و لعنته ثم صرخت بصوتٍ عالٍ "سأخرج معه غدًا على اية حال، ليس وكأنني القي بالًا للهراء الذي تقوله."

ظهر امامها الحارس فجأة ينظر باستغراب الى ايفان الراحل ملوحًا باستهزاء وبآيلا الحانقة وقال "هل احمل حقيبتك؟."

التفت اليه هو الاخر بحدة وهسهست "لا." تراجع الحارس بدوره مستغربًا منها ورفع يديه باستسلام يغادر، صعدت ايلا الدرجات بصعوبة ، بسبب ثقل الحقيبة، لوهلة تمنت لو انها لم تزجره هكذا او انها لم تخجل من طريقة ايفان بالاستخفاف بها و سمحت له بأن يناول الحارس حقيبتها

لكن ما نفع التمني الآن، لم تفلت حقيبتها وتحاملت على نفسها حتى وصلت الى غرفتها، تركت الحقيبة تهبط ارضًا، و القت بنفسها على السرير دائخة. تهمس مجددًا لنفسها تلعن ايفان و تفكر بكلامه. عنادها لم يسمح لها بأن تتراجع عن موعدها مع كريستيان حتى رغم شبح الظنون الذي ارسله ايفان فوق رأسها. غمرت وجهها في الوسادة واغمضت عينيها تسمح لنفسها اخيرًا بالانزلاق بكسل الى عالم الأحلام.

*****

شيء ما كان يذكرها بأهم حدث صار في الثلاثين سنة السابقة، عندما قاده ويليام خارج المنزل تحت انظارها بدا كسجينٍ يؤخذ ليؤدي محكوميته، لكن شيء في هيئته ، التي لحظتها شابهت هيئة والده، اخبرها تمامًا ان جون لن يدع هذا يمضي.
ربما اخيرًا الولد قرر ان يتصرف بعد ان ينتهي من فحوصات المستشفى. حدقت أجاثا في الشجرة المتعرية من أوراقها، بالريح يهزها عميقًا.

و تذكرت ذلك المساء، كان في احدى الأيام الصيفية الحارّة، يوم أحدٍ ربما. كان صدر ايفان يعلوا ويهبط من البرد الذي يشعر به متأصلًا في عظامه، وجهه محمر، و يشعر بالتعب والملل والنعاس ينتابه ايضًا مثقلين جفونه، وربما يعود السبب بشكلٍ اساسي للدواء كريه الرائحة والطعم الذي اعطاه له الطبيب مع تربيتةٍ ودودة مزعجة على رأسه تركته دائخًا فوق الوسادة.

مع ذلك، لم يكن من السهل جعل ايفان يبقى وحيدًا بالغرفة لوحده، كان بين فينةٍ واخرى يبكي او يفزع من نومه، لا تدري اليزابيث هل العمة اجاثا محقة او لا في تشخيصها لحالته بنظرةٍ واحدة؟ لكنها تساءلت في نفسها بجدية هل الاطفال الرضع يرون كوابيسًا حقًا؟. اخيرًا انتهى الامر بالسرير المتنقل الهزاز في غرفة المدفئة، يقابل اجاثا تمامًا التي قضت مساءها تقرأ لإليزابيث الطالع، و بينهما كان ايفان يهتز في سريره الخشبي برفق و سكينة بعد ان اشارت اجاثا لهم بطوي البطانية مرتين ووضعها فوق جسده كي يشعر بالأمان، سواءًا كانت محقةً او لا، لكن الأمر في النهاية فلح. وهذا هو المهم بالنسبة لأمه.

كان ايفان ما يزال في سنته الأولى من عمره، شعره الاسود الكثيف يغطي عينيه و اخيرًا بدأ يسكن جسده، راقبته اليزابيث بهدوء و هي تجلس على الاريكة الأقرب، تنظر الى بكرها يطفوا برفقٍ في دنيا الأحلام.

كان اسبوعها حافلًا و صعبًا، ليس نفسيًا فقط.
قبل ساعةٍ قد طمئنت زوجها ان ابنهما الوحيد بخير، مجرد حمى بسيطة، وهو الذي كان في اليابان حينها اخذ بكلمتها على محمل الجد، رغم ذلك كان كل ساعتين يتصل ليتأكد من انهما بخير، كانت اتصالاته مبهجة و مرحة. اشبه بنسمة هواء ربيعية تهب فجأةً من العدم في وسط قيِّظ.

لكن مع ذلك، لم تفلح كلماته الناعمة بطمئنة اليزابيث كما يظن، ما يميز اليزابيث عن غيرها انها تتنبأ بالمصائب و حين تقول ان شيئًا سيحدث فغالبًا ما تصيب. لم تكن قلقةً بشأن بكرِّها النائم بسكون الآن. ترتجف شفتيه قليلًا فيما يبدوا كردة فعل صغيرة على ما يراه في عالم أحلامه، بل قلقها كان يشمل عائلتها كلها، ما سيحدث لاحقًا، علاقة اخوها بأبويهما، بأبيهما بشكلٍ أدق

"لا تقلقي يا بنية، ليس عليك ان تقلقي بشأن اي احد الا ابنك و زوجك، اما هذين الاثنين، فهما دائمي الشجار، انهما لا يرضيان ابدًا مهما فعلا، كالزيت والماء، نعم كلامي يحزنك قليلًا لكن عي جيدًا ان لا شيء بيدك..لا شيء بيدنا كلنا، الأمر متروك للسماء لتصلح بين هذين الإبليسين."

"أتمنى لو كنت بمثل هذه البلادة كما بلايك لكيلا أحزن على احد أخر."

"اين ابوك على اية حال؟."

"انه في مكتبه منذ الظهيرة."

"هل اتاه احد؟"

"لا، كان لوحده طوال اليوم.. شرب قهوته في الشرفة، وعاد الى الداخل."

"ذكريني ما تاريخ مولد بلايك؟."

"هل تصدقين حقًا ان تاريخ ميلاده سيخبرك ماذا سيحدث؟ هذه هرقطات يا عمة."

"سنرى بهذا الخصوص، دائمًا ما يكون لدى السماء ما تقوله، علينا ان ننصت فقط."

اخبرتها اليزابيث، متنهدةً بملل
"الخامس و العشرين من اكتوبر."

"عقرب، حسنًا حسنًا.. لنرى."
و تركتها وراءها للحظة، تصعد السلالم بحثًا عن أمها تريد ان تتفقد الاحوال، لم تكن في مزاجٍ جيدٍ لمراقبة ابيها، او حتى سؤاله و الحديث اليه، كلماتها صباح اليوم لم تتعدى سوى عن طمئنته عن حال ايفان، و قد وقف فوق رأسه اقناظ فحص الطبيب اليه على اية حال ثم عاد وانزواء الى جحره دون كلمةٍ اضافية، مع ذلك كان هذا المساء هادئًا بصورةٍ استثنائية، يبدوا وكأن الزمن توقف في القصر فجأة، و كل ما يحدث لا يعدوا سوى مشاهد روتينية عاشتها حياتها كلها، الفرق هو شعورها بالغصة عالقًا في خلقها لا يتركها ولا يسمح لها بالتنفس.

تهاوى صوت وقع اقدامٍ مألوفة وعثرت على امها امامها موشكةً على السير في الاتجاه نفسه

"ليزي، كيف حال ايفاني."

"العمة اجاثا تخبرني انها مجرد كوابيس، لكنه الآن حاله افضل قليلًا الحمدلله، وانتِ يا آماه! وابي؟."

صمتت ميرديث، بدت اعصابها لحظتها مشدودة والغضب يعترمها "يشرب قهوته، العاصي بلايك لا يرد علي."

"اتركيه للحظة، دعيه ينفس عن غضبه، لا خيار لدينا سوى انتظار ذلك."

"الولدين! انهما ابنيه! كيف يجروء على ان يفعل بهما هذا؟..نعم، كاميلا لا تكف عن البحث وراءه وهذا امر بغيض وغير مقبول منها، لكن ماذا عن الولدين! انه أب بحق الرب، كان يمكنه ان يحتوي كل هذا."

مشين معًا، تفكر اليزابيث في كلام امها اللائم بإمعان، كانت توافقها وفي الآن ذاته تحمل في جوفها رأيًا مخالفًا لما تقوله.
اطلت امها اولًا على حفيدها تداعب شعره الكثيف، ثم جلست على الكنبة الفردية تتكئ و تتنهد

قالت اليزابيث الواقفة محدقة في طفلها "لكن، لا يجدر ان ننسى انه تحمل بما فيه الكفاية، اليس كذلك؟ نعم، انه اب وعلى الأباء ان يضحوا دائمًا لاباءنهم، ولكن.. انظري، انتم الذين اجبرتموه" جملتها بدت غريبة في فمها، غريبة و لائقة ، شيء ارادت قوله منذ زمن بعيد لكنها التزمت الصمت و انشغلت بحياتها الخاصة مع زوجها.

"وهل تظنين انني كنت موافقة في المقام الاول؟ انا رفضت قبلكم جميعًا. نعم انها غلطة وادرك ذلك جيدًا، لا ارضى ان ارى ابني تعيسًا، شيئًا ما في داخلي كان يخبرني، بل كان يتمنى ان عناده سيذوب و سيحبها، كان يحبها على اية حال سابقًا، ماذا تغير الآن؟."

اخيرًا تدخلت اجاثا الصامتة تحدق في الخريطة أمامها حيث اوراق التاروت مصطفة فوق بعضها البعض بترتيب معين "مشكلة بلايك ليست مع كاميلا نفسها، مشكلته هي في كل ما اوصله الى كاميلا. والفتاة صعبة المراس اصلًا، انها تحبه و تغار عليه وتكره ان تراه حول نسوة اخرين، وهو، ربما حماقته تمنعه من رؤية ان الأعين دائمًا عليه في اي مكان يدخله.
ان تطرد كاميلا السكرتيرة كان امرًا متوقعًا كان لأي امرأة أن تفعله لو حدث لها أمر مشابه، ولم يكن لأي احد، ولا الزوج نفسه ان يشتكي او يغضب، لكن هنا، ما حدث بالضبط هو الضغط الذي حط على بلايك جراء ذلك، شعوره بالمسؤولية لأنه في قرارة نفسه يعلم الا شيء بينه و بين سكرتيرته الا اوهام زوجته الغيورة، و بكلمته تكسر للمرة الثالثة، وهو شخص ذو كبرياء عظيم كما تعرفون ، لا يرضى بأن يذل بعد ان اعطى المرأة كلمته بأنه سيعيدها الى وظيفتها، من جهة والده فوق رأسه يثني كل كلمةٍ يقولها، هل سيوصل الامر الى الطلاق حقًا؟ اجابة هذا السؤال فيماذا ستكون ردة فعل ادوارد عندما يتواجه معه. اما ان يحتويه و يخفف من غضبه او ان يزيد الطين بلة، لكن ابدًا لا تتوقعوا من بلايك رغم حبه لطفليه ان يرضى بأن لا يستخدم ورقة ضغطه الوحيدة لثني والده، الطلاق، لأنه سيفعلها، و لن تكون لديه اي مشكلة في ان يعيش منفصلًا على زوجته وابنيه في سبيل ذلك ولو عنى ذلك ان تحصل كاميلا على الحضانة كلها."

كانت محقةً في كل كلمة تقولها، ميرديث لم تحتج الى اجاثا لتخبرها بما هو واضح لكل الاعين رغم كونها ترفض تصديق ذلك علنًا و لنفسها، كان صراع القوى بينهما اشد من اي وقت مضى، اشبه بمعركة حاسمة لرسم الحدود بعلاقتهما المتوترة على الدوام، في مناطق النزاع هذه التي تمثل خصوصية بلايك وحياته و فيما يراه ادوارد صحيحًا ومناسبًا لهم كلهم.

"يعني يأخذ الطلاق كلعبة؟." استنكرت اليزابيث

وقالت اجاثا ، وهذه احدى لحظات جديتها القلال التي شهدتها اليزابيث في حياتها "نعم، ليس وكأنه رجل عائلة بعد كل شيء، انه يفعل ما يملى عليه الا اذا لم يعجبه ، هذا النوع من البلادة حيث يمانع شيئًا ما دام لا يضره او لا يتعارض مع مصالحه حتى لو كان كبيرًا كالزواج مثلًا، و لنكون صادقين، ليس وكأن كاميلا مهمة بالنسبة اليه، قد يكون احبها ولو قليلًا، لكنها غالبًا مجرد بيدق في يده ليخضع والده، حتى لو كان هذا البيدق خطرًا بدوره و ليس بالشخص الهين الذي يتلاعب به، فإدوارد دائمًا في صفها مهما فعلت او جنت، حتى أمك في صفها احيانًا كثيرة... رغم انه تزوجها مرغمًا، لكن في النهاية اقتنع بهذا الزواج ليستغله كوسيلة ضغط، سواءً لاحظ ذلك بعد او لا."

لم تفتح ميريديث فمها بكلمة، كان المساء هادئًا، ثلاثتهم يفكرن بما قالته اجاثا لتو، و التي كانت الآن تحدق بأوراقها بإمعانٍ متجهمت الوجه، انزوت الشمس ببطءٍ شديدٍ وراء الأبنية القريبة، لكن ظلال برتقالية و بنفسجية ما تزال مختلطةً في السماء بحسية إللهية.

تكتفت اليزابيث امام النافذة التي فتحتها و الستائر الشفافه تتحرك بإنسابيه مع هبوب النسائم الحريرية الدافئة، حاملًا معه رائحة مألوفة للعشب الذي دفأته الشمس. شعرها كان محبوسًا في ظفيرة سميكة سوداء تتدلى فوق كتفها، بينما كتفيها كانا منحنيان في استسلام تام و يائس تفكر في كلام عمتها، مع ذلك بقيت واقفة أمام النافذة كتمثال جرانيت لا تتحرك، تنتظر ما تعرف انه قادم لا محالة، وانها مسألة وقت فقط حتى يظهر من العدم عاصفًا.

في غمضة عين، حانت اللحظة التي كانوا ينتظرونها بصمتٍ جنائزي بمجرد ان سمعوا صوت احتكاك اطارات السيارة بالأرض، صوت لعنات بلايك وشتائمه متطايرة لتشمل الجميع بلا تمييز، دفع بالحارس الذي وقف امامه بغضب و استحقار معهود عنه وكأنه حشرة، قبل ان تبتعد عن الستائر كان قد عصف الى الداخل "اين هو!" زمجر بحدة

فزت ميرديث تمشي اليه، تضع يديها على صدره لتهدأه كما تفعل دائمًا "بني.. تمالك أعصابك اولًا."

"تبًا لهذا، اين ذلك الوغد!." ازاحها عنه بعنجهية و صعد السلالم، مخمنًا ببديهية انه بالطبع سيكون منزويًا في مكتبه ينتظره، انقبض قلب اليزابيث وهي تتبعهما، لكن امها نهرتها "اتصلي بجايمس حالًا." كانت هذه فكرة جيدة، لا احد يعرف جيد يضع بلايك تحت السيطرة سوى اخوه الاكبر، لذا قفزت الى اقرب هاتف تكتب رقمه بيدين مرتجفتين وهي تسمع بكاء طفلها من الصراخ المفاجئ

بينما اجاثا، التي كانت تعرف ما سيحدث على ايةِ حال راقبت المشهد بغير اهتمام، دون ان تتصرف او تتحرك.

فتح بلايك الباب عنوةً. كان ظهر والدها واضحًا تمامًا ينتصب هو الاخر امام النافذة بلا اي ردة فعل "انا سئمت منكم جميعًا." صرخ بلايك "انا اكتفيت و ذقت ذرعًا بتحكمكم بحياتي! انها حياتي اللعينة أنا! من يعيشها أنا لا أنت. و لا يمكنك ابدًا ان تفرض اي هراءً اخر علي يا أبي.. ليس بعد اليوم"

بهدوء قال ادوارد "ستذهب الآن الى منزلك. ستدخل حفيدي الى سريرهما بعد الرعب الذي سببته و ستعتذر الى أمهما، لكن قبل كل شيء، ستمزق ورقة الطلاق السخيفة وتتخلص منها..اتصل بروس الآن واخبره بقرارك."

تلاشت تعابير بلايك للحظة، ينظر الى والده بخيبة أمل حقيقية، لكن هالة الغضب الخالصة لم تخمد بعد. تستطيع اليزابيث ان تدرك هذا من هيئة ظهره دون ان ترى وجهها، فشُلِّت في مكانها.

قال بلايك بصوتٍ اكثر رزانةٍ اخيرًا "هذه حياتي أنا يا أبي..لا أنت و لا أي احدٍ اخر سيعيشها بدلًا عني من الآن فصاعدًا، ستةٌ و عشرون عامًا كانت كافيةً بالفعل، ولن اسمح لك بسرقة المزيد من الأعوام."

"ستعود الى منزلك يا بلايك.." قال ادوارد بنبرةٍ تحذيريه باردة. غير مبالية كما يظهر، لكن زوجته ترا عكس ذلك في وجهه.

قاطعة بلايك
"لا."

رقع ادوارد حاجبه ببرود "حقًا؟ اذ لم تفعل، هذه المرة ستخسر كل شيءٍ حقًا، لا تفكر بسيارتك الفارهة و لا الفيلا. انسى ايضًا امر سفراتك السنوية التي لا تنتهي و اجازاتك الطويلة. انسى امر الأموال التي تصرفها، وانسى امر الشركة."

نظر بلايك الى ابيه بلا تصديق "هل حقًا تفعل ذلك؟."

دار حول مكتبه يتمتم
"سمعتني." واخذ مكانه جالسًا، بدا المشهد لبلايك مشابهًا بشكل مثير للسخرية، وكأنه ما يزال نفس الفتى في الاعدادية وقد تشاجر مع احدهم وها هو الآن في مكتب والده ينتظر اصدار الحكم عليه، هذه المرة قد بلغ بلايك اشده، شاب متخرج من الجامعة بمعدلٍ عالٍ، ورجل متزوج بأبناء. سواءًا رضي ادوارد ان يراه هكذا او لا.

ابتسم بلايك اخيرًا، بشيءٍ من السخرية و عدم التصديق "انا ابنك يا هذا.. ابنك! لحم و دمك، مع ذلك انظر اليك ايها الوغد تدمر حياتي برضاك." ثم خلع ساعته ورمى بها لتضرب الجدار وتتهشم "هاك هذه الساعة اللعينة ايضًا، انها بأموالك اللعينة هي الاخرى..رغم كوني- وانت تعرف، عملت لاجلها بجهدي وتعبي كأي موظف، لكن طبعًا لن ترى ذلك" ثم دس يده في جيبه ورمى مفتاح السيارة ايضًا ومحفظته التي فتحها ليأخذ منها هويته فقط ، طار المفتاح بجانب رأس ادوارد و وقع هو الاخر ارضًا لكن بلا ضررٍ حقيقي، ورغم ذلك لم يتحرك ادوارد من مكانه.

"خذ السيارة اللعينة، خذ الساعة و الفيلا والأموال و كل شيء يمت لك بصلة، لأنني لم اعد اريد اي صلةٍ بك بعد اليوم.لا الآن ولا لاحقًا، ضقت ذرعًا."

"جيد، في هذه الحالة غادر منزلي. لا تتصل بأي من ابنائي، ولا تحلم بلمس أي من احفادي، اما كاميلا فهي راضية.."

نظرت ميرديث بصدمةٍ الى زوجها، الصدمة شلتها للحظة، و شعرت بحلقها جافًا، لأنها لأول مرة تشهد شجارهما يصل الى هذه الدرجة، الى درجة اشهار الاسلحة و السبّاب بشكل علني. خاصة من جهة ادوارد، الذي غالبًا ما كان يكتفي بكلمة او اثنتين. و همست بصوتٍ خفيض لا يكاد يسمع "ادوارد!" لكن كليهما سمعاه، وكليهما تجاهلاه

"انهم ابنائي انا! ليسوا ملكك لتأخذهم و تلعب بهم كما تريد ايها الوغد الخرِّف."

"لست اهلًا لتربيتهم ولم تكن يومًا أهلًا لتربيتهم، ايها الجاحد العاصي. سمعتني. لن تلمسهم وسأحرص على ذلك، عندما يعود عقلك الى رأسك تعال الي حينها، اما الآن.." و فتح درج مكتبه حيث ترقد الورقة التي كانت قد وصلت قبل ساعتين، بمجرد مكالمة سريعة لم تدم طويلًا بينه و بين ابنة اخيه، سحبها، وشاهد التوقيع الرقيق للحظة يتأمله، ثم دفع بها عبر المكتب راميًا بالقلم فوقها باستحقارٍ تام ، بإشارة منه تقدم بلايك و سحب الورقة التي بمجرد ان قرأ عنوانها الاساسي فتح عيونه بوسعها

"ما هذا؟" قالت ميرديث، تستفهم من ادوارد بقلق من صمت بلايك المفاجئ، والذي كانت عيونه تتجول على الاسطر يقرأها بعناية

"هل تظن حقًا انني سأتركهما لك بلا قتال؟ أن اتركهما لك لتمسخهما كما مسختني؟ هل اصابك الخرف اخيرًا ايها الوغد؟."

"إن لم يكن بإرادتك فبالقوة ، يمكنني ان انتظر العمر كله، تحت امرتي جيش من المحامين..اليس هذا ما اردته اصلًا؟ الا يكون لك علاقة بأي احد الا نفسك الأنانية المنبوذة؟ نفسك الانانية التي تضع عائلتها في الخطر لأجل اهواءها و شهواتها، لست كفوًا لتربيتهما ، لأنك معنِف بطبيعتك، لم تؤذي امهما جسديًا لكنك تفعل نفسيًا، وهل رجل كهذا اهلٌ ليكون رب أسرة؟"

"هل انا المعنف اللعين الآن؟ ماذا عنك ايها الوغد! لا تلبسني تهمتك، انا لم افعل اي شيء لها، انا انتبه لفمي معها لأجلك وأجلها، رغم كم الاشياء التي تجبرني عليها لأنك فقط تريد ذلك الا انني بقيت البي كل اوامرك، حتى وصل الامر الى ادراكي بأنك تفعل ما اردتَ فعله دائمًا منذُ كنت مراهقًا، ان تصيغني كما تشاء، ان اصبح نسخةً مقيتة منك بلا عقل ولا مشاعر ، تحركها كيفما تشاء وقتما تشاء! لكن حزر ماذا؟ انا لست دميتك السخيفة اللعينة، انا لست عبدًا و لا ملكًا لك لتحركني كما تريد. لن يحدث هذا، لم يحدث هذا سابقًا ولن يحدث هذا الآن، ادرك هذا جيدًا الآن اكثر من اي وقت مضى، عندما اغادر عن عنها، اعلم انك ستنزوي في ركنك مصدومًا من انك لا تملك اي قوة علي بعد اليوم، سيأكلك الذنب والندم حيًا لأنك قررت التفريط بس سواءً اقتنعت بهذا ام لا، هذا هو انتصاري الوحيد حتى لو كان مقابله ان اخسر ولديَّ ، والذين بالمناسبة انا عائد لأجلهما ولن يقف بيني وبينهم ورقة سخيفة." و سحب الورقة بتهور و غضب، وصل ادوارد الى ما يريده اخيرًا وهو يراقب بلايك يسحق الورقة تحت ضغط القلم يوقع، رغم كونه قد تأثر بلا تعابيرٍ بما قيل له، لكن صلافة وجهه بقيت كما هي، بلا تعابير و صارمة.

هسهس بلايك يتابع، يرفع رأسه اخيرًا
"هذا هو الشيء الوحيد الصحيح الذي قلته، انا سأغادر من هنا، سأترك لك كل شيء، لست خاسرًا بعد كل شيء فإبتعادي عنك ، بل عنكم جميعًا، يكفيني... فتبًا لكم."

وخرج من المكتب يصفع الباب بقوةٍ وراءه، كانت اخته الكبرى تقف امامه مرعوبة من غضبه ومما سمعته من كليهما، قالت بصوتٍ مرتجف "بلايك.." وركضت وراءها

دخلت غرفته حيث كان يبحث بالأدراج بعشوائية وعصبية تهمس"بلايك.. ارجوك انه لا يعنيها حقًا." نهض بلايك الى درجٍ اخر متمتمًا "هراء."

"عن ماذا تبحث؟"

انحنى يفتش بين كتبه الجامعية التي لم يتخلص منها بعد، حيث انه لا يمضي اي وقتٍ طويل في منزل والديه على ايةِ حال، حيث كانت الكتب ترقد. اخيرًا وجد الجواز الذي تركه سابقًا وراءه ليسحبه و يتفقده. ثم هب واقفًا. التفت وراءه ليجد اخته تنظر اليه بعينين مليئتين بالدموع و الادراك

"ليزي.. لا تبكي."

"انه لا يقصد ذلك.. لا تذهب، الى اين ستذهب اصلًا؟"

سحبها في عناقٍ عميق يدفن أنفه في كتفها، يحرص على ان يغمرها تمامًا، لأنه يعرف انه قد يكون الاخير لفترة طويلة، كان دوره الآن ليرد اعتبره من ابوه، سيذهب من هنا، سيغادر و يحرق روحه برحيله عنهم ليغرق العجوز في بؤسه لوحده، استحقها، هذا ما اقترفته يده، و في الواقع، بلايك ادرك انه تأخر كثيرًا، سواءً كان يعني هذا ان يكون بلا عائلة او لا. انه راحل حتى لو نام لبقية حياته في الشارع

"انتظر جايمس آتٍ سنتكلم معه، انه لا يقصد ايًا من ذلك، هو يحبك."

"لا اريد حبه، ليزي..انتهى الأمر، انتهيت انا، لا يهمني ما سيقوله، انا دائمًا سأكون جزءًا من حياتك وسأحبك مهما كان الأمر، و اعرف انك ستحبينني ايضًا مهما فعلت، لطالما فعلتِ ذلك على ايةِ حال، الآن احتاج الى ان اغادر من هنا قبل ان ارتكب جريمة، لا شيء يبقيني هنا، لن اعود ابدًا لأنظر الى وجهه.. ارتكبت اثمًا عظيمًا في تنازلاتي له في المقام الاول، الآن اصحح خطائي...اعتني بإيفان لأجل نفسك، اخبريه ان خاله كان ليلعب معه الكرة بمجرد ان يكبر لكن ذلك لن يحدث كما ترين."

ابتعد عنها وكوب وجهها يطبع قبلةً على جبينها "الوداع يا ليزي... ربما ستكون هذه اخر مرةٍ اراك فيها لفترة." سخر

ثم ابعدها عنه وخرج يضع يديه في جيوبه. تشيعه نظراتها المرتبكة، عرفت انه يقصد كل كلمة يقولها. انه يعنيها حقًا، وانه ذاهب بلا عودة. و حدثت بظهره، تحفظ شكله من الخلف، وقفته الحازمة و رأسه المرفوع بخليط من الكبرياء و السخرية، وكأنه خرج منتصرًا من معركة. لن تنساها يومًا

نزل بلايك الدرجات قفزًا ، يحاول ان يعصر ذاكرته ليتذكر اين ترك شهادته الجامعية، فهو لا ينوي ان يبقى في الشارع حقًا على اية حال، سيستخدمها ليحصل على نفسه على حياةٍ افضل- وإن لم تكن افضل من حياته الحالية من حيث المعيشة لكنه سيكون بعيدًا، و البعد هو كل ما يريده الآن والى الأبد ، فُتح باب القصر و دلف جايمس هو الاخر يهتف فورًا عندما رأه "بلايك مهلًا." امسك به كتفيه و ابتسم بلايك في وجه أخيه الأكبر بسخريةٍ معتادة

"فاتتك الحفلة يا أخي..انتهى كل شيء الآن ولا عودة بعد اليوم."

"ماذا؟." لم يفهم جايمس ما يعنيه ونظر الى اليزابيث يستفهم منها، قال بلايك ينفض يدي جايمس عنه "ابوك تبرأ مني، يالسعدي.. وداعًا الآن، انني تارك لكم هذا المنزل البائس و مغادر بلا عودة، حظًا موفقًا." ورفع صوته بما فيه الكفاية ليصل الى ادوارد في الطابق الثاني "الآن ستلومونني، لكن قريبًا، جميعكم ستلحقون بي، لأن لا احد يستطيع ان يعيش مع هذا الوغد. اتسمعني؟ ستموت وحيدًا."

لحقته ميرديث، تمسك بكتفيه "يا فتاي، ارجوك.. سيحدث كل ما تريد، لا تغادر، الى اين انت ذاهب على اية حال؟."

وضع يده على كتفها، كان ليبتسم بسخرية لو لم يرق قلبه على ملامح وجهها الباهتة، و اخبرها يطبع قبلة على وجنتها هامسًا "تأخرتي يا أمي."

وربما كانت هذه الكلمة هي اكثر ما تردد في مسامع ميرديث منذ تلك الليلة. وصمة تخبرها انها نجحت في تربية كل ابناءها الا هو. الوحيد الذي لم تقف لأجله، الوحيد الذي لم تكن أمًا له كما كانت أمًا لغيره، على الاقل ليس بالشكل الذي اراده بلايك منها. ليس بالشكل الذي احتاجها ان تكونه.

ثم خرج من المنزل. يتابعونه جميعًا بصدمة، حتى ستيفان الذي شهد الموقف بمجرد دخوله فتح عيونه بوسعها، كان يوشك على الالتفاف للحاق بأخيه، ليوقفه، ليخبره انه هنا معه، ربما ليهدأ من روعه ايضًا ويعيد اليه رشده. لكن صوت ابوه، من اعلى الدرج ينظر اليهم بلا اكتراثٍ قال
"دعه.. لا تذهب وراءه."

"أبي ما هذا! ماذا حدث؟."

"اخوك الغر يفعل ما يفعله دائمًا..سيعود و ذيله بين قدميه إن طال الزمن او قصر."

"لن يفعل." قالت اجاثا، تحدق في النيران بسرحان "لن يعود بلايك الى هنا ولو على جثته، ليس هذه المرة."

ولم يدرك احد انها كانت محقة طوال الوقت. من جهة اخرى كان ادوارد ينتابه غضبٌ بارد، ليس آسفًا على اية حال، فهذه ليست المرة الاولى التي يتشجاران فيها الى هذا الحد و ليست الاخيرة، هذا ما اخبر نفسه به، و في ذلك اليوم نظر الى الاوراق حيث وقع بلايك بالبنط العريض بسخريةٍ متعمدة على ورقة الطلاق التي وضعها امامه ببنود مجحفةٍ بحقة راضيًا يتحكم به كبرياءه وغضبه.

دفع كل ما يملك لأخر بلدٍ زاره، فرنسا، في قلب العاصمة. متجاهلًا الاتصالات والرسائل، حتى في النهاية انتهى به الأمر يلقي بهاتفه في نهر السين، كما اخبرها بلايك لاحقًا بعدها بسنوات يضحك و ابنه اسود الشعر كشعره في حظنه يلعب، فما كان من اجاثا الا ان تبتسم.

ربما حقًا حانت اللحظة المشابهة، التي سيتصرف فيها جون كما تصرف والده، ربما اقل عنفوانًا واكثر تعقلًا. لكن ردة فعله قريبة للغاية

****

عندما فتحت ايلا عينيها، كان ضوء خفيف يسترسل من النافذة، شعرت بنفسها دائخةً من الجوع والكسل. حاولت ان تجذب نفسها خارج السرير لكن الكسل والنعاس كانا اقوى منها، فاستدارت الى الجهة الاخرى واغمضت عينيها. لحظات قلال قبل ان يتلاشى النعاس ببطءٍ عنها. عندها استوعبت الوضع الذي هي به. ملتفة بين البطانيات مرتدية ملابسها الكاملة و معطفها. تنهدت ورفعت رأسها اخيرًا عن الوسادة. تخلع معطفها وتلقي به جانبًا، ثم انحنت تتفقد الرباط المطاطي على قدمها، كان الطبيب قد اخبرها الا تعتمد عليها في علاج قدمها. بل يجدر بها ان تدلكها والا تضغط عليها، وهذا عكس ما فعلته ايلا بالأمس بحملها حقيبتها بنفسها.

دلكت قدمها برفقٍ تشعر بتورمٍ خفيف بعيدًا عن الالتواء وهذا ما طمأنها. حررت نفسها من الاضمدة تمامًا، و دخلت الى الحمام لتأخذ حمامًا سريعًا.

كان غسل شعرها من الدم القليل المتيبس صعبًا دون استخدام الشامبو، لكنها في النهاية استطاعت التعامل مع الامر بسلاسة. عندما خرجت ادركت كم احتاجت هذا الحمام حقًا.
و عندما نظرت الى الساعة فغرت فاهها، كانت تشير الى السادسة مساءًا. اي انها نامت ما يقارب التسع عشر ساعة متتالية، دون احتساب نومها في السيارة ايضًا "ربما اصبت بالاعياء بسبب الجوع." اخبرت نفسها. وضعت جهازها على الشاحن و غيرت ملابسها. كانت اكسل من ان ترتدي شيئًا لطيفًا لأجل موعدها، لكنها وعدت نفسها انها بمجرد ان تأكل ستفعل ذلك. خرجت من الغرفة بعد ان لفت الضمادات مجددًا على كاحلها، هذه المرة كانت تمشي برفقٍ اكثر و حذر.

نزلت السلالم وقادة نفسها الى المطبخ، تعد شطيرة بأي شيءٍ أمامها، ثم جلست على المقعد و حشرت الطعام في فمها عنوة تأكل بسرعة. نظرت لها الخادمة من الباب حيث كانت داخلةً للتو "هل تحتاجين شيئًا؟."

"لا." اخبرتها ايلا، دون ان توليها انتباهًا حقيقيًا، تمضغ الطعام بسرعة وتبتلعه، لأن شعور سد جوعها كان طيبًا حقًا، ولم تدرك كم كانت جائعة حتى انهت الشطيرة.

"هل تريدين ان احضر لك انتِ قهوةً ايضًا؟."

"من طلب القهوة؟"

"السيدة ميرديث و السيدة اجاثا."

"اجل، لطفًا."

سحبت نفسها من المطبخ، لأنها شعرت بطريقة ما انه غير مرحب بها هناك، او على اقل تقدير غير مناسب بالنسبة للخادمتين التين كانتا تحدقان بها، وكأنهما متحاملتين عليها ويراقبانها ليتصيدا أخطاءها. ساقت نفسها الى غرفة الجلوس حيث تخمن انهم هناك على اية حال. لم تجد سوى العمة اجاثا مستندة على كرسيها تنظر الى الخارج بشرود "مساء الخير." اخبرتها

التفتت العمة لها، وابتسمت بوجهها المجعد الطيب مشيرة لها بالجلوس بجوارها "مساء الخير حلوتي، اين كنتِ طوال اليوم؟."

"نائمة..لم استيقظ سوى الآن."

"هذا يذكرني بفتاي جوني، لم يكن ينام كثيرًا هكذا سوى اذا كان محبطًا."

"و هل يحبط كثيرًا اذن؟."

"اذا ما ارغم على شيء لا يريده مثلًا، و قِلَّ ما يحدث هذا لأن ادوارد لا يجبره على شيء، لكن هو نفسه يجبر نفسه، لانه طيب جدًا واحمق جدًا لدرجة تمنعه من كسر خاطر احدهم. لا تكوني كجوني، كوني كبلايك يا حلوتي، قاتلي وازبدي وارعدي.. هذا افضل لك مئة مرة من استرضاء احدهم."

"لماذا تقولين هذا الآن..هل حدث شيء؟." بشك سألت، اكثر ما تمقته في هذه المرأة الطيبة هو طريقتها الغامضة في الكلام، تشعر بأنها تدس شيئًا في كلامها، لكن قلة خبرتها جعلتها لا تدرك عماذا تعنيه بالضبط.

"لا، فقط اقول."

"اين جون؟."

"قبل نصف ساعة اخذه ويليام معه، لا يريد ترك الفتى لوحده مجددًا بسبب ما حدث ، يريد ان يجري فحوصات او شيء ما ..وانتِ، هل ستفعلين شيئًا اليوم؟ الاحظ انك لا تخرجين كثيرًا."

"في الواقع لدي موعد مساءًا، هذا إن لم اغير رأيي."

"وهذا الموعد مع؟."

"شخص ما تعرفت عليه في تلك الحفلة، مجرد عشاء صغير و سريع ثم سأعود."

"جيد جيد..استمتعي في وقتك، لازلت يافعة و جميلة على امور الكبار اصلًا."

ضاقت ايلا ذرعًا بها، و بالطريقة التي تلمح فيها لأشياء عديدة لا تستطيع ايلا فهمها تمامًا، فقالت بجدية و تعابير مقتبضة
"ما كان هذا مجددًا؟."

"ماذا؟."

"اشعر انك تقولين شيئًا وفي الآن ذاته لا تفعلين..لكنني اعلم انك تفعلين."

"و هل افعل؟."

"نعم، كما فعلتِ في اسكوتلندا عندما اخبرتني عن أبي وأمي وكما تفعلين الآن، لستُ بليدة."

"لا لست كذلك يا حلوتي، حاشاك، يتهيأ لك." ابتسمت اجاثا و نظرت لها ايلا بغير تصديق. فكرت للحظة، تدرك جيدًا ان الهجوم المباشر لن يفلح معها، و قالت
"هل عندما اكون صريحةً معك ستكونين صريحة معي؟."

فجأةً نظرت اجاثا حولها تصغي السمع، ثم اقتربت من ايلا حتى استطاعت الفتاة المصدومة ان ترى وجهها عن قربٍ تمامًا، بأدق تفاصيله وهمست
"هذا يعتمد على ما تملكينه بجعبتك الصغيرة من معلومات وعلى ماذا انتِ مستعدة لتقديمه لي، عدا ذلك ان ما بيننا قضية خاسرة."

ابتسمت ايلا من طريقة اجاثا في الكلام، كانت طوال الوقت محقةً بشأنها في النهاية. عرفت منذ البدأ انها داهية تدعي البلادة

"لا لا، انا وانتِ سنكون ثنائيًا عظيمًا.."

"اولًا لنتفق على انك ستفعلين ما اريد منك ان تفعليه، بلا سؤال لماذا. اذا اردت اخبارك فسأخبرك بنفسي دون ضغط منك في الوقت الذي اراه مناسبًا في المكان الذي اراه مناسبًا."

تحمست ايلا، التي كانت تضحك الآن بشدة من غير تصديق "حسنًا، اعدك، وانتِ في المقابل ستعديني بالصراحة المطلقة، اي شيء اسألك اياه ستجيبينه، هاه؟."

"عادلٌ تمامًا."

"لنبدأ اذن.." اقتربت منها تمامًا، و همست "كيف ذهب بلايك الى باريس وقابل أمي؟."

"طرده ادوارد، تشاجرا و غادر بلايك البلاد عنادًا فقط."

كانت تعرف ذلك سلفًا. جدتها اخبرتها، فيما يبدوا ان بلايك اخبرها هي وأمها بما حدث. اي انه لم يكن يكذب عليهما "طيب، وما سبب الشجار؟."

"دورك لتخبريني شيئًا يجعلني ابقي على اتفاقنا."

"ماذا؟ هذا ليس عادلًا."

"لا اعتراضات."

فغرت ايلا فاهها بغير تصديق، بقدر ما تسليها اجاثا الا انها الآن بدأت تشعر بالحمق، ثم قطبت حاجبيها تحاول التفكير بمعلومة سريعة، قالت بتردد "انا ضربته."

"من؟."

"بلايك..."

كان هذا دور اجاثا لتحدق بتفاجئ، اخر اجابة توقعتها تمامًا. "ماذا؟."

"نعم. تشاجرنا وصفعته، لأنه كذب علي." و اشاحت يوجهها بعيدًا تكتف يديها. فجأة انفجرت اجاثا ضاحكة بقوة.
"عرفت انني سأحبك حقًا."

فما كان من ايلا الا ان تمحوا عبوسها وتبتسم.

****

جلس جون قبال سرير جايك ، متجهم الوجه ومتعبًا مما جعله ويليام ان يعيشه. كان قد انتهى للتو من سماع محاضرة مملة من طبيبه هاري، و من ويليام لاحقًا. والذين فقط اتفقا على لومه دون ان يسمعا منه. لذلك قرر جون ان يريح رأسه بتأمل حذاءه حتى ينتهي كل شيء، وعندما انتهى بالفعل غادر دون كلمة يسوق نفسه الى غرفة اخيه. كان جايك يرقد على السرير بسكون يحسد عليه، لحية خفيفة سوداء نبتت على وجهه، لمسها جون بأصابعه بخفة "الا يحلقون لك يا أخي؟."

لا رد. كان هذا متوقعًا بالطبع، لكن جون يحب ان يتصرف كما لو ان جايك مستيقظ و يتجاهله كما كانا يفعلان وهما صغيران، حيث يكون جايك عكر المزاج و جون ودودًا طوال الوقت. مال على وجهه و قبل جبينه "احيانًا اكثر ما اكرهه هو تجاهلك لي على الدوام. ربما عليك ان تتعلم من ديريك ولو قليلًا."

ثم تناول على يده يضغط عليها بقوة. يديهما لم تكونا متشابهتين، كانت يد جايك أكبر وانعم من يده، لأنه لم يضطر لإستخدامها كثيرًا كما يبدوا، اما يده هو فكانت اصابعها ناشزة طويلة كما لو انه فزاعة. عروقها كبيرة و بارزة، خضراء و زرقاء. كيد ميت، كما تحب العمة اجاثا ان تصفها. الفرق بينهما كان مختلفًا تمامًا، لكن جون يحب ان يتخيل ان هاتين اليدين تحكيان قصتين مختلفتين، يداه ويد اخيه، بل يده ويد اي احد اخر. يستطيع ان يتذكر حتى يد ايلا الناعمة بأصابعها الطويلة و اظافرها المطلية تمسك بيده، او تناوله شيئًا، او تبعد الشعر عن وجهها

"نسيت ان اخبرك، هل تعلم ان لدينا اختًا الآن؟ يظهر ان امي في النهاية قررت ان تفسد سكينتهم بطريقة او بأخرى، وها نحن ذا، ثلاثة شوكات في خاصرتهم. انها تشبهه ، نسخة اخرى منه، لكنها تشبه أمي ايضًا- او هذا ما احب التفكير به، تقول انها كانت صهباء لكنها مع الاسف غيرت لون شعرها، وهذا اكثر ما احزنني منذ فترة طويلة، او ربما انا حزين على الدوام لدرجة الا ادرك متى اكون حزينًا ومتى لا اكون، يصعب حقًا القول. ركز معي الآن، اسمها آيلا، عاشت في باريس معظم حياتها ولا تعرف اي شيءٍ عن بيروج. لم تجرب لا لياليها ولا الأعياد فيها. إنها جميلة ايضًا ، ليس كأمنا لكنها كذلك، اخبرتك انها تشببها قليلًا، طباعها كطباعه، لكنها اكثر عطفًا منه. عندما تغضب فإنني ابعد نفسي عنها تلقائيًا لأن غضبها مخيف. لكن دعني اخبرك، انها اعظم من دخلت حياتي مؤخرًا. شعرها طويل، بشرتها بيضاء محمرة، انها طويلة ايضًا بدورها، اطول من أمنا، واقصر مني بعض الشيء. قطعًا ستحبها، لن تكونا على وفاق لأنكما ستكونان ندين، كليكما مخيفين عندما تغضبان، لكنكما قطعًا ستحبان بعضكما فوق كل شيء، اعرف ذلك.

أنت تحب الحديث و كأن العالم كله يضمر شرًا لنا. بدأت اقتنع بكلامك نوعًا ما، من يصدق؟ يبدوا انك نجحت في تغيير تفكيري بعد كل تلك سنين اخيرًا. لكن مع ذلك ما زلت ضعيفًا. نعم اغضب، لكنني ارضى بسرعة، لا ادري كيف يحدث هذا، ام هل تعودت؟ او انني انسى حقا؟ يا أخي ان اكثر ما يخيفني الآن هي ذاكرتي، اشعر انني انسى اشياء كثيرة، و صرت احمل معي دفترًا لعينًا يذكرني بكل ما امر به. و لكنني صرت حتى اشك بالمعلومات التي اكتبها. يبدوا انني بدأت اجن اخيرًا. انها مسألة وقت ربما. من يعلم، لا؟ تذكر ان أمي كانت تنسى اشياء ايضًا. تنسى على الدوام كل شيء، بلايك كان يذكرها بتواريخ ميلادنا وبكل شيء. ربما هذه فائدته الوحيدة بعد كل شيء، تعرف انني عادل ولا يمكنني ان اتغاضى عن محاسنه القليلة.. هل تسمع؟"

وابتسم جون، يحك ما وراء رقبته وينهض ليقف قبال النافذة بشرود يخبر نفسه بكآبه "ليس وكأنك تسمع على اية حال.."

قاطع شروده اهتزاز هاتفه بمعطفه، اخرج وحدق بالشاشة ثم اجاب "جون.."

"مرحبًا، هل انت متفرغ لنلتقي؟."

"نعم لما لا؟ مر وقت طويل منذ اخر مرة رأيتك فيها."

"هل أتيك انا ام ستأتي انت بنفسك الى مكاننا؟."

"لا سأتيك أنا..لست في المنزل اصلًا." والتفت الى اخيه، اغلق الخط ومشى اليه يقبله ثم يودعه "اراك لاحقًا، ربما انجح في سحب ايلا معي لرؤيتك غدًا. لكن لا وعود كبيرة."

عندما خرج من المستشفى استعجل في السير. لانه لا ينوي ان يصادف احدًا يعرفه و لا ان يتحدث مع اي احد. كان مزاجه عكرًا جدًا، بالاضافة الى انه لم يأتي بسيارته لذا انتهى به الأمر يصفر ليلفت انتباه التاكسي. ربع ساعةٍ وكان في منتصف المدينة بالفعل. خرج من السيارة ودخل في الجموع سارحًا، قادته قدماه بإنسيابيه الى المقهى الصغير في الزاوية، بطرازه الصيني الناشز عن المدينة. حيث رأى دينيز يدخن ، سحب الكرسي أمامه، ونفث دينيز الدخان بعيدًا يبتسم لوجه صديقه، قال جون
"مر وقت طويل منذ اخر مرةٍ رأيتك فيها."

"كان هذا في باريس قبل شهرين ربما، لا؟."

"لا اتذكر صدقًا.. ذاكرتي رديئة مؤخرًا."

"عرفت هذا منذ زمن طويل، في الجامعة كنت اخبرك لكنك تظن انني اسخر منك."

"انت كنت تسخر بالفعل. كان نسياني للمفاتيح يسليك، حتى اني بدأت اشك انك كنت تسرقها متعمدًا او تغير اماكنها."

ابتسمت دينيز اخبرت جون انه كان يفعل ذلك بالفعل، وقال دينيز بسرعة يغير الموضوع
"ايًا يكن، هل تواصلت مع خالي مؤخرًا؟."

"لا..في الواقع مر وقت طويل جدًا من اخر مرة رأيته فيها، ربما رأيته في سنتي الثانية من الجامعة، لكنني ايضًا لم اتواصل معه واذا تواصل معي فغالبًا لم ارد لأن هاتفي مغلق اغلب الوقت.. كيف هو؟."

"لا جديد. سوى انه يدفنني اسفل اعمال لا تنتهي. ينوي ان يسلمني المكتب لكن قبلها قرر ان يجعلني اكرهه بكل إنشٍ فيني."

"هل سيتقاعد بهذه السرعة؟"

"لا، ربما. من يعرف. انت ابنه بالمعمودية اسأله، انه لا يجيبني انا.. لكن يبدوا ان الفكرة تروقه، صار يذهب في رحلات صيد كثيرة في تركيا ويعود الى لندن بعدها بيومين. ثم ان رجل مثله لا يمكن ان يبقى عاطلًا. سيقتل نفسه على هذا المنوال. افترض ان للأمر شأن بأزمة منتصف العمر.. انه يريد ولا يريد بنفس الوقت.."

"اوافقك، لا اظن ان العم روس سيتقاعد، ليس الآن على الاقل."

"ماذا عنك، كنت مختفيًا حتى في باريس؟ ثم عندما عدة الى لندن انقطعت اخبارك مجددًا."

"كنت اعمل على كتابي، ثم قررت عكس ذلك. لا ادري ، اظن انني فقدت الشغف للفكرة، في الاسبوع المنصرم وجدت نفسي اكمله لكنني مجددًا توقفت. سلواي الوحيدة صارت اشبه بثقلٍ يضغط على صدري و يسحقني تحته يا دينيز."

"ماذا كان اسمك المستعار مجددًا؟"

"كان ثيو كولفيلد."

"من اين اتيت به؟"

"ثيو ، لا ادري وجدته على غلاف رواية ما، اسم مصمم الغلاف ربما. نسيت، اما كولفيلد فهو شخصية سالينجار من روايته الحارس في حقل الشوفان، الم اعطك اياها لتقرأها اصلًا؟."

ابتسم دينيز "سأقرأها هذا المساء اذن."

****
لا تنسى الفوت حبي.

ايفان وايلا👀؟

برأيكم ليه ايفان ما يبغاها تقعد مع كريستيان؟

ادوارد؟

بلايك؟

اجاثا؟

كلام جوني لجايك؟

من لاحظ ان جون كان كاتب طوال الوقت🥺😂؟ الموضوع انذكر اكثر من مره في اسكوتلندا و مره في الفصل ٢ كتلميح، بس محد انتبه

توقعاتكم للفصل القادم؟

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro