Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

٢٥

١٥٠ صوت/ فوت = بارت جديد

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي.

‏﴿﷽﴾
‏﴿قل هو الله أحد۝الله الصمد۝لم يلد ولم يولد۝ولم يكن له كفوًا أحد﴾

لا تنسى التعليق، والأهم متابعة الصفحة الشخصية لمعرفة أخر التحديثات ولتقليل نسبة طرح السؤال المزعج "متى البارت؟." 😘

****

تفقد شاشة هاتفه التي تشير الى الثالثةِ والنصف أو حولها بعد ان كان يقضي السويعات السابقات مستلقٍ على الاريكة يحدق بالقصيدة الإيرانية بنظراتٍ خاوية، كانت افكاره تأخذه بعيدًا، بضيق اطفق يهز قدمه بعصبيةٍ ، يتأمل هزها حينًا و حينًا اخر يوقف هزها ليتأمل سكونها. كان رؤية ذلك من طرفٍ أخر ، طرف يألف جيدًا القابع بعالمه الخاص على الأريكة بقصائد غير مقروءةٍ في حضنه، و بقطٍ يتربص به في الزاوية الأخرى بسكون سلالة السنوريات حين يتربصون بالفريسة و التي ينتمي إليها. كان يذكره بفعله وانشغاله هذا بالطفل الذي كان جون عليه دائمًا ، متصوفٌ صغير كما يحب ان يسخر منه في سالف عمرٍ اغبر عند جدته التي تهب لتدافع عنه ، لكنهما في النهاية يبتسمان وينظران اليه بحب ، نظرة الأب المحب ، ونظرة الجدة الفخورة على الدوام مهما كان حفيدها ومهما فعل.
تأمله بلايك للحظةٍ اضافية، يحكم الامساك بالرسالة، وكارهًا حقيقة انه موشكٌ على مقاطعة سلامه المضطرب. لكن فور ان ينطق بشيءٍ ، وكأنه احس بحضوره اخيرًا يخترق مساحته الشخصية و يتطفل عليه، رفع جون عينيه التي لا تحملان شيئًا، والتي لم يعتد بلايك عليهما خاويتان، دائمًا ما كانتا هاتين العينين حييتين بالمشاعر، بالحب والاحترام وحتى الكراهية والاشمئزاز، كانت عينيه اشبه بمرآة تعكس ما بداخله ، والتي لا تعكس الآن سوى الخواء والعدم. في اللحظة ذاتها، اقسم بلايك يمينًا انه سيغير ذلك، سيسحق نفسه إن اضطره الأمر و يعيد الأمور إلى نصابها، حتى إن عنى ذلك ان يخرج نفسه من الصورة

"كيف تشعر الآن؟."

"عشت أيامًا افضل، او ربما، يصعب علي قول هذا الآن في حين ادرك ان معظمها كانت كذبة، أليس كذلك؟."

"اوه جيد، انت بخير.. سعيد بذلك."

"حقًا؟." سخرية اخرى تجاهلها بلايك، وتقدم منه، لكن جون لم يغير بوضعيته الكسولة اللامبالية وهو ينظر بعينين تسخف بالرجل أمامها ، اخذ المقعد المقابل، مقدرًا وجود طاولةٍ قصيرةٍ تفصل بينهما

"نحتاج الى ان نتحدث."

"لا رغبة لي.. غادر ، اريد ان اطالع كتابي." ورفع الكتاب حد وجهه، ينظر الى الكلمات بلا فهمٍ حقيقي، ليس وكأنه يتوقع ان يغادر بلايك بسهولةٍ دون قتال، لن يفعل ذلك، وجون يعرف جيدًا انه يفعل ذلك، ويعرف ايضًا ان اكثر ما يثير حفيظة بلايك ان يستخف به احد ويعامله وكأنه لا شيء، هذا الرجل المملوء بنفسه

اخذ بلايك رشفة صغيرة من الويسكي، بشبح ابتسامةٍ ناقمة لكن في الآن ذاته واثقةٍ قال
"ان انتهيت من التصرف بطفولية وادعاء قراءة هذا الهراء المتصوِّف التافه الذي يحشو عقلك الصغير بخزعبلات الاجانب مدخني الماريجوانا.."

اخفض جون الكتاب ونظر له مجددًا ، فأكمل "يمكنك ان تعود الى العالم الحقيقي حينها ومواجهة مشاكلك."

اغلق جون الكتاب بقوة "مشكلتي هي انت، وانت تعرف هذا جيدًا على ايةِ حال.. ليس وكأنك تهتم اصلًا."

"بل أنا اهتم ، لهذا انا هنا جالس اتحمل طفوليتك بصمت، سئمت من وضعكم للكلام في فمي وافتراض ما تريدون ان تفترضونه عني ، ما دمتُ مشكلتك واجهني اذن.. قل لي شيئًا ، افعل اي شيء."

اعتدل جون بعد ان كان مستلقٍ ينظر اخيرًا في عيني أبيه ، وجهيهما متقابلين في مستوىً واحد وما يفصل بينهما فقط هو الطاولة القصيرة "اواجهك؟ اتقول هذا الآن؟ ما الفائدة اصلًا .. اخذت مني أمي وأخي، اخذت مني طفولتي وحياتي كلها سواءً تقصد او لم تقصد ، انت افسدت كل شيء، تريد مني ان اوجهك لتشعر بالتحسن قليلًا عما فعلته. لكنني لن افعل ، لمرة واحدة تحمل عواقب افعالك.. لن اكون متنفسك لتشعر بشعورٍ افضل حيال نفسك."

"هل هو سهلٌ حقًا لهذه الدرجة؟."

"ماذا؟."

"لومي كل هذا اللوم؟ جعل كل شيءٍ وكأنه غلطتي اللعينة، احزر ماذا يا جوناثان، انا كنت هنا لأجلك دائمًا لكنك فقط لا تراني او لا تريد ان تراني ، كنت احاول ولازلت احاول لكنّك كالعادة ترفض رؤية هذا.. لم اكن ابدًا من اخطأ في حقك منذ البداية، كل شيءٍ حملت لومه معي دائمًا لأن لومي كان يشعرك انت بالتحسن، تحملت ان اكون الشخص السيء دائمًا لأسعدك، فأنت تمقتني على اية حال ولا فائدة من القاء اللوم على صاحب الغلطة الحقيقي في النهاية ، لان هذا ما اردته، لا تريد رؤيتهم آثمين، تريد رؤيتي انا فقط.. انا هو المضحي هنا"

"رائع، الان تتملص من هذا ايضًا، بالطبع بلايك سالفاتور لا يخطئ ابدًا، من انا لأشكك به؟ العالم كله يمكن ان يكون على خطأٍ إلا بلايك سالفاتور اللعين."

"انتبه للسانك، انت تتحدث مع ابيك."

"الذي اتمنى لو لم يكن أبي."

استشعر القط وتيرة التوتر المتصاعدة بينهما، جون الذي شعر بالانتصار عندما وضع يده على جرح بلايك، قال ما قاله بفعل الغضب لكنه ايضًا كان يعرف في اعماقه ان التشكيك بأبوة بلايك له او رميها بالكلام تجعل الطرف الأخر عاجزًا ، وبلايك الذي ينظر الآن فقط بخواءٍ الى هذا الشخص الغريب الذي لم يكن يظن يومًا ان جون سيصبحه لم يبدي العصبية المتوقعة منه، لأنه قبل أن يدخل جهز نفسه جيدًا لما سيواجه ، ثمن قطع الوعد على نفسه كان كبرياءه و اعتزازه العظيم بنفسه ، فلم يكن يتجرأ اي احدٍ كائنًا من كان ان يتحدث اليه هكذا حتى لو سمح له هو بالتمادي ، لأن هيبته الطبيعية، التي ولد به ، والتي تشكلت وصقلت بسبب كلا من الاعتزاز والكبرياء العظيمين هذين جعلت من الصعب ان يستصغر نفسه او ان يستصغره أحد

كان مفاجئًا لجون ان يرى بلايك يتنهد ببساطة وكأنه لم يقل شيئًا مهمًا ، و قال له وهو يبتلع اخر رشفةً من الويسكي الذي يحمله ويضع الكأس الفارغة على الطاولة
"هكذا اذن.. يؤسفني ان اخبرك اننا لا نحصل على ما نريد في النهاية، هذه هي الحياة اللعينة. يومًا ما سيدرك احدنا ما هية هذه الأمور ، ربما تكون نهايتنا مرّة كما تتوقع، لكن ليكن في علمك انني حاولت وتراجعت مرةً وربما يكون ندمي الأكبر والأعظم انني ضعفت و تراجعت ، لكنني عدت لأحاول ولازلت احاول، لأنك لست أي احدٍ بالنسبة لي، انت من صلبي انا ، انت إبني سواءً شئت ذلك أم أبيت ، و سأكون دائمًا هنا لأجلك ، مهما كانت نهاية الأمر ومهما كانت مشاعرك تجاهها ، فلتعرِّف بأنني سأسعى لأفعل ما هو الأفضل لك ، وهذه المرة بطريقتك انت ، اعدك. بالمناسبة، اعتذر على الصفعة، انا حقًا نادمٌ على ضربك كما ندمي على العديد من الأشياء ايضًا. اعدك أنني سأعوضك بطريقة ما."

ختم كلامه و رفع الرسالة أمام مراءً من جون الذي ينظر له بعجب ، مصدومًا اولًا من عدم استجابة بلايك لإستفزازه كما توقع ، و ثانيًا من الصدق الذي استشعره في كلماته ، وضع بلايك المغلف حيث يحمل الرسالة على الطاولة بجانب الكأس ودفعها برفق ، يده ما تزال تضغط على سطحها بأصبعه

"جدك الأخر يريد ان يقول لك شيئًا كتبه لك هنا، إن كنت مستعدًا لذلك طبعًا، لا تعتبر الأمر وكأن احدهم يضغط عليك، أنا لا اعتقد انني الشخص المناسب لأجيبك عن اسألتك عنه، على عكسي آيلا تعرف بعض الاشياء فإذا اردت اسألها،  واذا لم ترد فهما -جدك واختك- يتفهمان ذلك جيدًا ، انه خيارك و ليس من المتوقع منك ان تفعل ما يعتقد اي شخصًا انه الشيء الصحيح .. ليلة طيبة لك." نهض واقفًا ، وذهب كما اتى ، بصمتٍ شبحيٍّ موصدًا الباب وراءه ، بقي جون يحدق بالبقعة التي اختفى فيها جسده ، بعينين متوسعتين ، كان يتوقع ان يخرج من نزالهما الصغير بلكمةٍ تكسر فكه ربما ، واخر شيءٍ توقعه ان يسمع اعتذارًا منه.

خرج القط قافزًا من الظلام الى مالكه وتمدد في حضنه، حمله جون بشرودٍ يمسح على ظهره ويدفن ذقنه في رأسه "احدُنا جن اخيرًا، لا ادري من، هل هو أنا يا دانتي؟."

غرغر القط مستمتعًا بملمس اصابع جون على فروته ، و الذي همس لقطه "لا تصدق وعوده ابدًا، سيخذلك كما خذل أمي وخذلني." وعاد نظره ليتسلط على المغلف، نهض واقفًا ينظر اولًا للباب المغلق ثم للمغلف، و سحبها ، كان المغلف البني مجعدًا مراتٍ عديدة مما يثبت ان الايدي قد تناقلته، ملمس ما بداخله ثخينًا كدفترٍ صغير ، قبل دانتي وتركه ينساب ليجلس بجواره على الأريكة ويلعق يديه بكسل، بينما جون يحاول فض المغلف، قلبه وسقط الدفتر الصغير، عندما نظر الى الاسفل وجد جواز سفرٍ انجليزي، التقطه متعجبًا وفتحه ، كان الجواز ينتمي له، لم يستوعب الأمر وهو يرى صورته الملتقطة قبل سنتين ربما ، نظر الى الباب حيث اختفى بلايك، ثم دس يده في المغلف يبحث جيدًا وعثر عن الرسالة المعنية ، ترك المغلف الفارغ جانبًا بعد ان تأكد من خلوه تمامًا ، كانت الرسالة بدورها ثخينةً ، أي انها عدة اوراق ، من ملمسها تأكد من انها لم تفتح من قبل ، فضها هي الأخرى بعجل ، غير آبهٍ بعدم افساد ورقها او احداث الضرر به

واخذ نفسًا عميقًا قبل ان ينظر الى الكلمات الفرنسية المكتوبة بخط يدٍ مرتجف على الورق الأبيض ، لاحظ اختلاف الخطوط في اكثر من موضع ، عل شخصًا او اثنين ساعدا في كتابة الرسالة ، كانت بقعة حبر قد ضخت على احدى الكلمات فقط دون غيرها، مما خمن ان من كتبها ركن كثيرًا على القلم وهو يفكر بماذا يكتب ، تمدد على سريره بجوار ليام ، يغطي نفسه بلحافه ويقرأ ما انتظر منذ زمنٍ ان يقرأ

"العزيز جوناثان :

اكتب اليك الآن من صقليه الحارة ، الجو قائظ كحاله دائمًا هنا، اتساءل اي شخصٍ عليه هو حفيدي في هذه الظهيرة التي اقضيها وحيدًا كما فعلت دائمًا اغلب حياتي ، لكن هذا ما صنعته يدي ، وعلى كل امرئٍ ان يحاسب على الوزر الذي اقترفه.
انني اكتب لك كما اكتب لرفيقٍ قديم، لأنني لا اعرف كيف سأكتب لك غير هكذا ، بأعتبار اننا لا نعرف بعضنا البعض ، ولا تعرف من هو هذا الرجل العجوز الغريب الذي خرج فجأةً في حياتك يعاملك كما لو انك شخصٌ يعرفه او يعرف والدتك، لكن لا خيار لدي هنا الا الافتراض والتخيل و القياس على ذلك.
سأبدأ بأول سؤالٍ قد يخطر في بالك : اين كنت طوال هذه المدة؟

انا ايضًا اسأل نفسي هذا السؤال كثيرًا ، اين كنت انا؟ اين كنت انا عن ابنتي و عن زوجتي وعنك واخوتك، انا كنت افني حياتي في الوهم ، اطارد المال وابني سلالتي الخاصة، انا تركت المرأة التي تكون جدتك وهي حبلى بطفلتنا الوحيدة والتي هي والدتك الحبيبة جوليا ، كانت جوليا تتجنبني دائمًا كأنني الطاعون نفسه، لقد تواصلت معها مرةٍ او اثنتين ، و بدافع المسؤولية و لأخلي نفسي من اي ذنب ، دبرت لها منحةً دراسية لتتبع شغفها دون ان تعلم انها مني ، لأنه حينها لم تكن لتقبلها ، وربما كانت تعرف انها مني انا لهذا قبلتها، كإشارة لأن ابذل جهدًا وابادر لكنني لم افعل ، من يعلم، كانت امك امرأةً حلوة رقيقة، يصعب على المرء ان يتخيل انه من الممكن الا تغفر ذنبًا مهما كان كبيرًا لذا لا استبعد هذا التخمين ، في سنواتٍ لاحقةٍ علمت ان امك تزوجت بمحض المصادفة، ولم اهتم ايضًا ، ولم اهتم بتتبع اخبارها او السؤال عنها، فلم اكن ابًا لها عندما احتاجت ابًا ، و لن اكون ابًا لها وهي امرأة كبيرة وقوية. لم اسأل ايضًا عن من هو الرجل الذي يكون زوجها ، وغالبًا تعرف هذا ، كبرت انت بعيدًا عني وكذلك اخوك واختك ، والذي لأكون صادقًا معك ، كما اريدك ان تعهدني صادقًا ، لم اعرف بأمركم سوى بعد ان تقصيت عنكم قبل سنة ، موت أمك شكل صدمةً مرةً لي ، لكن بصيص الأمل الذي رأيته في هذه العتمة هو معرفتي بأن لديها ابناء ، انت وجايك ، ثم لاحقًا عرف عن ايلا ، كان العثور عليك واخوك سهلًا نظرًا لوضعكما الاجتماعي ، لكن البحث عن اختك كان كالبحث عن ابرةٍ في كومة قش، علك تتساءل ايضًا ، لماذا، لماذا بعد كل هذه السنين اتيت من العدل بحثًا عنكم؟
هذا سؤال جيد ، لكن اشعر بإجابته مرةً وهي تخرج مني، حتى كتابتها تجعل يدي مرتجفةً لا تحمل القلم كما يجب، انا افعل ذلك لأنني نادم، كأي آثم يرى النهاية قريبة

لعل اسوأ ما مررت به حقًا ليس فقط موتها، بل معرفتي بأنكما في طفولتك فرقتما عن بعضكما، لست الشخص المناسب ليتحدث عن ذلك، انا لست اهلًا له ، لكنني أبٌ يا جوناثان ، حتى ولو شعرت بأبوتي متأخرًا ، لا اظن ان أي أبٍ قد يرغب بأن تفترق ابنته الوحيدة عن ابناءها، حتى لو لم يكن هذا الأب كفوًا ولا اهلًا بالأبوة مثلي

انا نادم كما لم اكن يومًا في حياتي، انا الذي لطالما آمنت بأن شعور الندم ليس ضروريًا ولا مغزىً من وراءه ، فما الفائدة على الندم على شيءٍ فات؟ لكن ها انا ذا، يسخر مني القدر ويستهزئ بي ، عقابي الدنيوي هو الندم الذي عشت طيلة حياتي احتقره واسخر منه، هذا الشعور الذي بلا مغزىً يؤرقني ليلًا ونهارًا ، يجعلني متيقظًا في الليل، وهاجس يعذبني في النهار

كوني أحتضر -وهذا ما يحدث الآن وانا استشعر دنو النهاية الحتمي- جعلني افكر بحياتي، جعلني ارغب بأن افعل كل ما بيدي لأكسب رضى طفلتي التي لم اكن يومًا ابًا لها ، جعلني هذا الموت الذي يتربص بي اريد ان اصلح اخطائي

إن اكثر ما اتمنى يا حفيدي الحبيب -اذ تسمح لي ان ادعوك بذلك- ان تحدث معجزةٌ إلهية و يعود الزمن بي كي ابقى هناك مع والدتك وجدتك، ان اكون ابًا وزوجًا كما يفترض بي ان اكون، و ان اكون جدًا لك ولأخوتك ، لكن دائمًا ما تكون آمانيّ المذنبين والآثمين النادمين هي العودة الى الوراء. لكن ما الآماني الا آماني ، والآماني لا تتحقق

انا نادم على اشياء كثيرة ، على اعياد الميلاد التي فوتها، عن رؤية امك تكبر ، وعن رؤيتكم انتم تكبرون، عن اللحظات التي كان يمكن فيها ان تجلس في حظني ، او ان اعلمك خدعةً صغيرة ، او ان اكون في صفك في حين وبخك والداك، لأنني سمعت دائمًا ان الاحفاد والأجداد هما حليفين آزليين طبيعيين ضد الوالدين، من يعلم كيف كان من الممكن أن اكون حيواتنا معًا ، من يعلم كم كان من الممكن أن تحبوني ثلاثتكم او ان احبكم.

في الأعمال لا اؤمن بالفرص الثانية، لأنني لا أحب ان الدغ من الجحر مرتين، لكنني الآن اطلبها منك، واطلب الغفران ايضًا، حتى ولو ظننت ان طلبهما منك جشعٌ وان الآوان قد فات بالفعل، لكن يا فتاي، ما دمت حيًا لم يفت الآوان على أي شيء، ما دام قلبك ينبض في صدرك فإن الفرص ما تزال سانحةً أمامك لإقتناصها ، لا احد يعرف هذا اكثر مني انا الذي تدنوا النهاية مني ولا يفصل بيني وبينها سوى مقدار شعرةٍ ، بهذا القدر تخيل

لعلني لا استحق قول هذا، وقبل ان تجعد الورقة وترميها في القمامة، دعني اخبرك بشيءٍ اخر ابقه في عقلك دائمًا ، لأن اثمن ما يمكن تمريره للمرء هو حكمةٌ اعتصرها من الحياة بيديه العاريتين في خضم النزاع معها

ليس من السهل المغفرة لذنوب ولا ايتاء فرص اخرى، لكن فعل ذلك يجعب من الصدر خفيفًا ، انا لم اعطي احدًا فرصةً ثانية من قبل ، لكنني اعرف الشعور الجيد الذي تعطيه المغفرة للشخص، وافترض ان الامر مماثل لإعطاء الفرص ، فكر بكلامي جيدًا و ستعرف لاحقًا انني لا اقصد نفسي.

اعتني بنفسك وبأختك دائمًا

المخلص : جدك."

****

لم يرّف جفنٌ لآيلا منذ ان استفاقت أخر مرةٍ، اخبرتها الممرضة انها ستكون بخير، لكنها كانت تشعر بالغثيان و بألم في ظهرها وقدمها، نظرت الى كاحلها الملفوف بالضمادة المرِّنة و شريطٍ رياضيٍّ لاصق ، بينما تبقي يديها على صدرها لتمسك باللحاف الأبيض، كان للطبيب من اللباقة الكافية كي لا ينظر اليها سوى مرةٍ او اثنتين ليتأكد من انها فهمت ما يقوله ، أخبرها للمرةِ الأخيرة وهو يشد على رباط كاحلها بخفة "اذا شعرتِ انك لستِ مستعدةً للتمارين بعد، احصلي على حذاء المشي لتثبيتها اثناء تعافي الوتر، دلكيها بين فينةٍ واخرى.. الأمر ليس سيئًا كما تعتقدين ، فقط ثلاثة أسابيع او نحوها. لكن توخي الحذر."

"رائع."

حالما غادر دفنت وجهها على الوسادة لتوقف شعور الغثيان، الذي كان سببه كما تعرف، رهبتها من مقابلة بلايك وجون في في حال اخبرهما ايفان. وهو غالبًا ما حدث. لا تريد ان تخسر ما حصلت عليه بعد صبرٍ طويل او على الاقل ما تظن انها حصلت عليه.

ضمت ساقيها الى صدرها تسحب الغطاء لتستر نفسها ايضًا ، وتحدق بسرحان براحةِ يدها الحمراء من فرط الضغط عليها، لم يكن الألم الجسدي شيئًا مقارنةً بالعذاب النفسي الذي ينهشها حيةً. قضمت شفتيها تلململ شتات نفسها ، عليها ان تقاتل للرمق الأخير. هذا اقل ما يتوجب عليها فعله لأجل أمها. لكنها مع ذلك لن تسامح نفسها على إهمالها، ولعل ردة فعليِّ جون و بلايك التي تتوقعها هما خير جزاءً على فعلتها

كان الاقتراب من النار الى هذا الحد هو التعبير المجازي الذي استخدمته جدتها لوصف فعلت ايلا ، تؤكد لها مرارًا وتكرارًا بثقةِ العارِّف الا تلعب بها، لكن كان دائمًا من السعا لآيلا ان تنصاع لغضبها ورغبتها الخفية السرية بأن تمتلك عائلة، وغضبها في ذلك اليوم الذي قررت فيه ان تذهب الى لندن كان عظيمًا، أعظم مما يمكنها ان تتحمل.

نظرة لهاتفها تريد الاتصال بروبيرو ، لطالما عرف روبيرو ماذا يفعل، على الأقل منذ ان قابلته وهو يعرف ماذا يفعل، و لأنها احتاجت للحديث مع شخصٍ عارِّف بالأمر و يعرف كيف يتصرف ضغطت على رقمه، لكن لحظتها فُتح الباب عنوةً لترى المرأة في الطرف الأخر تبتسم بحرج "صباح الخير.. آسفة ظننتك نائمة."

اغلقت ايلا الهاتف من فورِّها قبل ان يرن على بيير و يوقظه في هذه الساعة المبكرة جدًا من الصباح، و سحبت الغطاء تغطي نفسها بحرجٍ مرةً اخرى، فلم تكن سوى بملابسها الداخليةِ السوداء منذ ليلة أمس

"صباح الخير." تمتمت بصوتٍ خرج متحشرجًا وخشنًا، تنتظر في اي لحظةٍ دخول ديريك وراء زوجته.

لكن آبريل سارعت برفع الكيس الورقي ليكون على مراءً من أعين آيلا "لن يأتي لا تقلقي انه بالخارج ينتظر، اجبرته على ذلك. احضرنا لك شيئًا، فطور وملابس. افترض ان طعام المستشفى مقرف كحال أي مستشفى.."

"ليس لديك اي فكرة عن مدى سوءه."

اغلقت ابريل الباب وراءه، كانت الغرفة ضيقة بسريرين، تشغل آيلا احدهما، اما الاخر فوضعت فوقه آبريل كيسها الورقي تخرج منه بنطالًا كاكي اللون و قميصًا ذي أكمامٍ قصيرةٍ أبيض، جرت الستائر احتياطًا في حال دخل زوجها او احدهم ووقفت وراءه لتمنع آيلا بعض الخصوصية "انظري، لم اجد محلاتٍ مفتوحةٍ في هذه الساعة، لكن توقعت ان مقاسينا متقاربين."

ثم نظرت الى جسد آيلا وزمت شفتيها متراجعةً عن كلامها، كانت ايلا أنحل منها و اقصر قليلًا، فإضطرتا لطي البنطال مرتين على الأقل. أما القميص فقد ناسبها تمامًا

حاولت ايلا ان تساعد نفسها بربط رباط حذاءها ونجحت، الا ان الآلم ظل يلسعها في كل حركةٍ تقوم بها ، كوخزٍ خفيف يذكرها بحماقتها

"ممرضتك قالت الا تضغطي عليها." ذكرتها إبريل التي نظرت من وراء الحاجز ، وهي تعبث بهاتفها و تمسك بمعطفٍ بني اللون اخرجته من الكيس الورقي لتناوله لها، لولا انها سرحا برسالةٍ وصلتها ، جلست ايلا على طرف السرير مرةً اخرى تدفن رأسها بين يديها وتتنهد بصوتٍ مخنوق، تشعر بهاتين اليدين تتعرقان وبأصابعها ترتجف قليلًا

"هيه! ما الخطب؟." رفعت رأسها عن هاتفها بتنبه

همست ايلا "اعتقد انني اخفقت."

"ماذا؟ لماذا؟."

"لا عليك، آسفة.. دعينا نخرج فقط من هنا اشعر بأنني سأختنق، انا اسفة."

نهضت من السرير واخذت المعطف تدفن نفسها به، المعطف جعلها تشعر بأنها اكثر امانًا واعطاها القليل من الثقة.

كررت ابريل ، تنظر لها بعجب و بقلق "الأمور بخير، لا تضغطي على نفسك دون سبب."

كانت ايلا ممتنةً لها على كلماتها الطيبة لكن ابريل لم تكن تعرف شيئًا، لذلك اكتفت بنظرةٍ ممتنةٍ صغيرة تطمئنها. جعلت من نظرات ابريل اقل عجبًا ، سارتا معًا في الممر الضيق، تستطيع ايلا من النظر الى النوافذ الجانبية ان تدرك بأن الصبح بدأ يفسح حديثًا. والمستشفى الصغير ليس ممتلئًا بعد سوى بالموظفين والقليل فقط من الأشخاص، فور خروجها من المبنى الكئيب ورائحة المعقمات المزعجة شعرت بالهواء البارد يلفحها، ورأت اضواء النيون الخضراء المزعجة التي كانت تعكس على وجهه في المبنى المقابل تومض لها.

رأت ايضًا السيارة السوداء تقترب منهما و بديريك يترجلُ منها "صباح الخير، امل انك افضل حالًا الآن."

يده امتدت لمسك بيدها المرتجفة، يضغط عليها ظانًا منه انها ترتجف من الطقس ، لا تدري كيف كانت نظرة ابريل التي اعطتها لزوجها، والذي لسببٍ ما وبطريقة ما فهم ان عليه ان يطمئنها، ضغط على يدها أكثر ، مجبرًا اياها ان تنظر في عينيه، الشبيهتين بعيني أبيهما جدًا "هل يؤلمك اي شيء؟"

"انا بخير حقًا، شكرًا لكما." اردفت تبرر وهي تختطف يدها برقةٍ من يده الدافئة "اشعر فقط بالبرد... والجوع."

"جيد، احضرنا فطورًا..."

الطريق في السيارةِ كان صامتًا، ايلا تدفن نفسها في المعطف وتتكئ على النافذة دون ان يدخل شيءٌ فمها، رغم ابريل التي علقت عن ذلك مرةً او اثنتين، وحتى ديريك الذي ضل يراقبها من المرآة الأمامية في صمتٍ قلق. حاولت ان تحشر شيئًا في فمها لكنها شعرت بالغثيان فتوقفت عن اجبار نفسها على شيء، وعادة لتتكئ الى النافذة، تنظر بشرود الى زخات الهتّان الناعمة تنتشر كما العروق على الزجاج ، في الأفق كان ضبابٌ طفيف ينتشر حتى لا يكاد المرء يرى الجبال البعيدة. لم تألف ايلا الطريق رغم تركيزها فيه حتى رأت المنزل يلوح بقبابه بين الأشجار البرتقالية التي راحت اوراقها المتطايرة تحك الساحة الطوبية الصغيرة، أوقف ديريك سيارته ، الشمس بدأت اصلًا بالشروق ، ومن النظر الى ساعة السيارة عرفت ان الساعة تشير الى السادسة تمامًا.

"قد تكون ردة الفعل حادةً قليلًا، انهم هكذا عندما يقلقون صدقيني."

ارسلت ابريل لديريك نظرةً نارية، والذي قال بسرعة "طرق اظهار الاهتمام غريبة الاطوار قليلًا في هذا المنزل يا اختاه."

وفتح الباب يخرج، تنهدت ابريل تهز رأسها "ستعتادين عليه يومًا ما." وفتحت بابها هي الاخرى، تمط جسدها مستمتعةً بالبرد الذي يلامس بشرتها و بالأشعة الخفيفة لضوء الصبح، فتح باب المنزل ورأت ايلا من حيث هي بلايك يخرج ، ابتلعت ريقها تنظر اليه بحذر، كان حاجبيه معقودين كما كرهت رؤيتهما هكذا ، لم يبتسم للحظةٍ وهو يسلم على ابنه، بل عينيه مثبتتٌ على السيارة المظللة

"عل هذا ينتهي سريعًا." قالت لنفسها وفتحت الباب تخرج ، عندما حطت قدمها على الارض واغلقت الباب وراءها استقرت عيني بلايك عليها اخيرًا ينظر اليها من الاعلى الى الاسفل بتفقد ، وقطع المسافة بينهما بخطواتٍ واسعة، اغمضت ايلا عينيها عندما اقترب بما فيه الكفاية ليأخذها في عناقٍ قوي حصر جسدها الصغير ضد جسده "فتاة بلهاء، كيف تتجولين هنا وهناك وانتِ لا تعرفين شيئًا وفوق هذا لم تخبري احدًا و لم تتصلي حتى." فتحت عينيها بوسعها من العناق المفاجئ، ثم وضعت رأسها على صدره تتكئ وتشد على عينيه بقوة ، ابتعد ينظر الى وجهها و يعاين الاضرار "جعلتني اقلق بما فيه الكفاية." لم يفته جفولها تجاهه اول الأمر عندما اقترب منها ولا ايضًا الدموع العالقة في رموشها ، ضيق عينيه وسأل "هل يؤلمك شيء؟."

"لا ، أنا اسفة لجعلي إياك تقلق."

لم يرد الضغط عليها ، وهمس "حمدًا لله على سلامتك." مع ذلك نظر بعبوس الى قدمها الملفوفة بالضماد المرن الظاهر من اسفل حذاءها الرياضي

احتضنت جسدها ومشت بجانبه ، لأنه لم يتحرك حتى فعلت، اهتمامه بها جعل شعور الذنب يتفاقم ، لكن في الآن ذاته انزاح همٌ عن كاهلها، كانت تظن ان ايفان اخبرهم بما يعرف بالفعل وان ما ينتظرها هو بلايك الغاضب الذي لا يريد اي شيء سوى ابعادها عن هنا. لانت ملامحها قليلًا رغم الفكرة المخيفة بأن تخسرهما ، أي أخوها وحتى بلايك.

كان المنزل مضاءً عندما دلفوا اليه، بلايك وديريك بدأ يتحادثان عن العمل فجأةً ، وابريل نظرت لهما بتململٍ ثم لها هامسةً "هذا ما اعيشه كل يوم منذ ان تزوجت اخوك."

ابتسمت ايلا، وهزت رأسها هي الاخرى، تنبهت ان المنزل هادئ وان المدفئة موقدة، امام طاولتها الصغير قدح نصف ممتلئٌ من الويسكي كان غالبًا يعود الى بلايك المستيقظ الوحيد

نظر لها والدها نظرةً خاطفة ، وقال وهو يلتفت لزوجة ابنه وابنه "خذا اغراضكما لغرفتكما، لا اعتقد ان احدًا سيستيقظ الآن."

"جيد لأنني اريد ان انام اصلًا." تمتم ديريك ، الذي ارسل ابتسامةً سريعة لآيلا و قاد الطريق

"بالأمس اخبرت جون عن جدك، تراء لي انه من الأفضل ان يعرف قليلًا عن الأمر ، لكنه سيسألك لذا لم ارد ان يكون الأمر مباغتًا لك أو له- لا اظن انه سيثقل عليك في حالتك هذه على ايةِ حال." ونظر الى قدمها بحاجبٍ مرفوع

"التواء." قالت بسرعة، وعرجت لتجلس على اقرب اريكة ، بقدر ما كان الأمر مفاجئًا الا انها سألت بسرعة "ماذا قال عن جدي؟."

"لا شيء، افترض انه ربما قراء الرسالة الآن او سيقرأُها لاحقًا، اعطيتها له لأنني احتجت لأن افعل ذلك."

"اعطيتها له دون ان تقول شيئًا؟ اي انه لا يعرف؟." استنكرت بشدة، فما كان عليه الا ان ينظر لها بصمتٍ بلا تعابير واضحة وقال "الأمور لا تبدوا كما ترينها، احتجت لأفعل ذلك لأثبت نفسي بطريقةٍ ما له، انه يعتقد بأنني متسلط واتحكم به ، ترين علاقتي ليست جيدة معه و غالبًا لاحظتي هذا اصلًا، اريد ان اصلح الأمور معه."

"و هكذا تصلحها؟"

"انتِ ستساعدينني ان ارى الأمور بطريقته، هناك اشياء تجهلينها علي ان اخبرك بها، لكن انتِ ايضًا تستحقين معرفة الحقيقة."

في اذنها تسمع دقات قلبها المتسابقة، كان وجه بلايك يبدوا خاويًا بلا ملامح، لكن بريق هادئٌ وحزين في عينيه جعلها مكتئبة ، تكدر الاثنين في لحظةِ الصمت القصيرة ، ومشى بلايك يوليها ظهره يقف مواليًا للنافذة ينظر الى الاوراق البرتقالية المتطايرة ، يحدق في الأفق البنفسجي حيث بدأت اشراقة الصبح تنشر ضوءها في الارجاء، ضواءً خفيفًا يخترق رؤوس الأشجار البرتقالية العملاقة ، ذكره الطقس فجأة بالخريف الباريسي و بدايات الشتاء ، حيث يعتكف جايك اليوم كله ملتفٌ ببطانيته حول النار حتى يعود احد والديه لينهض ويحشر جسده الصغير بين جسد احدهما ، اما جون الذى اتى بسنواتٍ بعدها ، كان يتعامل مع الشتاء طريقةٍ مختلفة ، ينظر في صمت الى الطريق الذي يغطيه الثلج والى المارة ، في الشتاء يكون اكثر نشاطًا عكس جايك الذي ككل سنة يبقى معظم الوقت خاملًا قبالة الموقد يرمي الحطب و يعانق القط ، لكن القاسم المشترك بينهما هو حماسهما عندما تأتي جدتهما من القرية لتخبز البسكويت وكعك الليمون ، حتى محاولات امهما التي غالبًا ما تكون فاشلةً بتقليد كعك أمها تثير حماسهما

لم يكن الشتاء الباريسي يومًا باردًا لأربعتهم، كان دافئًا ، مفعمًا بالحياة و الاصدقاء ، برائحة كعك الليمون واللحم المحترق اذا ما تركته جوليا في أمانة بلايك ونسي الأخير أمره لمشاهدة مباراة او ليفض نزاعًا بين ولديه ، او ليحاول اسكات جون الذي يبكي لأن القط صعد الشجرة لأن جايك طرده. كان يثير حنقها وسخريتها و امتعاضه ان الأمر يتكرر كل سنة، كتقليد عائلي لم يقصدا يومًا ان يكون تقليدًا ، لكنهما فوق كل شيءٍ كانا سعيدين وهما يأكلان ذلك اللحم المحترق

لم يرد بلايك ان يشوه صورة جوليا في عيني ابنته، كرمى لسعادته تلك ، و لأنه يعرف ان ذلك سيدمرها ولا فائدة من البوح به الآن ، فكر للحظة يختار كلماته بعناية

"عندما انفصلنا انا وأمك ، عادة هي الى فرنسا، اما جون الذي بقي معي كان متعلقًا بها، لم يتحمل فكرة ان يفترق عنها، كان ايضًا يعتقد انه بصومه عن الطعام والكلام سيحصل على ما يريد، كلينا عرفنا اننا لن نرى بعضنا مجددًا ولا تسألي لماذا ، ما كان بيننا لم يمكننا اصلاحه ابدًا ، هناك نهايات حتمية لأغلب العلاقات ، نهاية لا رجعة منها ، وكذلك كان زواجي بأمك ، حدث لنوقف جون عن صيامه ونعوِّده على فكرة انه لن يراها مجددًا - اننا اخبرناه انها ميتة."

حبست ايلا انفاسها عند هذه الكلمة ، كانت تعرف ذلك ، تعرف كل شيء ، لكن ان يصارحها بلايك نفسه جعلها متصلبةً في مكانها حابسةً انفاسها ، سمعت نفسها تقول "لماذا؟."

وحل الصمت مجددًا

""لا يمكن بشكلٍ آخر، الطلقة الواحدة هي الحل القطعي..انتِ مثلًا ، ولدتِ في بلدٍ اخر ، بعيدًا عني وبلا علمي، الا يخبرك هذا بشيءٍ عن سوء علاقتنا ولو قليلًا؟.. لا ابرئ نفسي من الذنب ، تعلمت الا افعل ذلك منذ كنت يافعًا ، لكن كلينا اخطئ بحق بعضنا البعض ،المهم هو ان نحاول ان نصلح اخطائنا ، او على الاقل هذا ما قاله لي شخصٌ حكيم."

كانت تعرف انه يتهرب عن اجابتها، عن ان يخبرها انه يظن ان امها خانته لتهب وتدافع عنها، ان تخبرها بأن امها عاشت سنواتٍ طوال وهي تقول الحقيقة لكن الذنب ذنبه هو الذي لم يصدقها او حتى يسألها ، كان ذنبه هو وحده، الآثم الوحيد في قصتهما

لم يفتها انه يحاول حمايتها بألا يخبرها بما يعتقده لكي لا يجرحها او يسيء لأمها ، كانت تشعر بالعجز والألم ، العجز من الا تبرأ امها رغم ان الجميع هنا يبدون وكأنهم يعرفون شيئًا ويخفون شيئًا، والآلم على والدتها وعائلتها و هذا الرجل المخدوع المنكسر، الذي ربما عندما يعلم عن الأمر سينكسر شيءٌ داخله لا يمكن اصلاحه ، نهضت واقفة و تنبه لحركتها ليستدير بعد ان كان يوليها ظهره ليراها تغادر بخطواتٍ سريعةٍ متعرجة تاركةً اياه وراءها يحدق بظهرها ، مشى الى كأس الويسكي و دفع كل ما به في حلقه دفعةً واحدة ، ثم قذف بالكأس بعنفٍ ضد الجدار لينكسر ، وهمس "تبًا." يشتهي قذف شيءٍ اخر

كانت اجاثا قد شهدت كل شيءٍ منذ البداية ولم تشاء ان تتدخل، ارادت ان يفعل كل شيءٍ بنفسه وتتأكد من صحة رهانها عليه، شاهدت جسد ايلا يبتعد متعرجًا ونظرت اليه تتكئ بعصاها وهي تقترب "لقد فعلت ما هو صحيح رغم صعوبته ، انا فخورة بك يا بلايك، لكن لا تكسر الأثاث مع ذلك، انه ليس فداءً لعصبيتك ، ابتعد عن هذا الكرسي بالذات فأنا احبه."

التفت لعمته وتنهدت بعصبية

"ستتفهم، لكن المرء يحتاج وقتًا ليتقبل.. وانت ستكون صبورًا عليهما."

****

تحررت الدموع من عيني ايلا وهي تصعد السلالم بصعوبة، غير آبهةٍ بالآلم الجسماني ، عل نظرتها لبلايك قد تغيرت، ما خرجت به ايلا من هذه التجربة المؤلمة التي لا تريد تكرارها انه كسب احترامها بألا يخبرها عما يظنه عن والدتها - عدا ذلك ، بقيت تكرر "احمق ، ايها الاعمى الاحمق.. انظر ماذا فعلت بنا."

دخلت الى غرفتها المشتركة مع ليلي ، اوصدت الباب ورمت نفسها على السرير دون تفكير ، الضوضاء الخفيفة جعلت ليلي تخرج من الحمام مبلولة الشعر بعد ان كانت تأخذ حمامًا ، ابعدت المنشفة عن رأسها وقالت بكسل ولا اهتمام "اوه هذا انتِ! اين كنتِ طوال الليل، بحثنا عنك ولم تكوني معنا او بالعشاء ، فاتك الكثير بالطبع.."

ثم نظرت لها لأنها لم تجد ردًا ، لفت انتباهها كاحلها و ملابسها ثم سكونها المفاجئ "ياللهي، ما الخطب؟ هل هي مكسورة؟."

رفعت ايلا رأسها عن الوسادة وهمست "لا." دون ان تلتفت لها، جلست ليلي على طرف السرير، تمسح على شعرها وتسأل مجددًا "ما الأمر معك اذن؟.. عدا كاحلك المكسور ربما، و .. هل هذا جرحٌ في رأسك ايضًا؟."

"انا بخير."

"ايلا، ماذا حدث بالضبط؟." ضيقت عينيها ، انقلبت ايلا على ظهرها تحدق بالسقف المقبب ، وقالت "خيم الليل واضعت الطريق، لقدكانت الارض زلقة ووقعت، وديريك عثر علي."

"يبدوا هذا فضيعًا."

لحسن حظها ان ليلي فكرة ان هذا كافيٍ لتبدوا ايلا بهذه الفضاعة ، اغمضت عينيها لبرهةٍ وهمست "لا تيقظوني ايًا كان السبب."

"الآن تتحدثين كسالفاتور حقيقي ايتها الفرنسية، لك ذلك، لن يوقظك احد ما دمت في هذه الغرفة..اتعلمين! انا ايضًا سأنام لذلك لنقفل الباب فقط وننام كلتينا."

ابتسمت ايلا، وشعرت بجسد ليلي ينهض عن السرير لتأخذ ملابسها تغيرها بعد ان كانت برداء الحمام، نهضت ايلا بعدها لتغير ملابسها هي الاخرى، احتاجت ان تضع رأسها على الوسادة دون ازعاج احد وتفكر بصمت، احتاجت للبقاء مع نفسها ، ليست مستعدةً لمقابلة احد او تحمل سؤالٍ اخر ، لحسن حظها ان ليلي سهلة المعشر، مزاجها يقارب مزاجها. وكلتاهما لم تجدا صعوبةً في تقبل الاخرى، كشخصين يعرفان بعضهما منذ زمنٍ بعيد ولا يحتاجان لبذل المجاملات او قضاء مزيدٍ من الوقت لتقوية علاقتهما، كانتا واضحتين وصريحتين وعلى طبيعتهما، وكان هذا هو اكثر ما يحبانه في بعضهما

شعرت بجسد ليلي يسكن على السرير بعد ان تركت هاتفها، وضلت هي تنظر الى السقف المقبب حتى اغمضت عينيها

****
١٥٠ صوت/فوت = بارت جديد
*تجربة علمية ، محاولة لإمساك العصا من المنتصف

ايييييه كيف البارت عساه زين؟

تقييم البارت؟

الحدث المفضل؟

الشخصية المفضلة؟

بلاييكي؟

جونييي؟

ايلا؟

اشتقتم لأيفان🤷🏻‍♀️؟ بتشبعون من ايفان البارت الجاي

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro