٢٤
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
****
أضواء النيون الخضراء المخترقة الستائر كانت تزعجها، ابقت ايلا رغم ذلك عينيها مسلطتين على السقف، تشعر بالألم يقل قليلًا ، لكن مع كل حركةٍ تأخذها كان ظهرُها يبقيها حيث هي، تعرف ان الوقت تأخر كثيرًا وتساءلت كم الساعة الآن.
لكن كان من الصعب ان تنهض وتعثر على هاتفها وسط حاجياتها حيث تركتهم الممرضة، عوضًا عن ذلك استسلمت وبقيت في مكانها تنظر الى السقف، يديها فوق صدرها تعلوان وتنخفضان مع كل نفسٍ تأخذه ، تتمتم لنفسها "هل اخفقتُ يا تُرى." وسرحت مجددًا في صور الظلال التي ترسمها اضواء المنيون حتى باتت تزعجها ، اغمضت عينيها بقوةٍ ، صورةُ أمها واضحة تجلس قرب النافذة المغبشة بالضباب ووابل المطر اللطيف ، هادئة وحزينة ، حزنٌ اثيرٌ وعميق لم تفهمه ايلا يومًا ولم تستوعبه حتى تلك اللحظة التي اتضح فيها شيءٌ عن ماضي أمها وعائلتها ، كان هنالك ظلٌ مقيت شوه وجه أمها في ذاكرتها ، حيث لم ترى ايلا أمها سوى إمرأةٍ جميلة حالمة وهادئة ، صاحبة الضحكات الخفيضة و القصص المعبرة ، لكن الآن اصبح وجه أمها ساكنًا ، في اسعد لحظات حياتها هذه الظل المشؤوم الثقيل للحزن يغشي عينيها ، فلم تعد تراهما ايلا منيرتين كما ظنت انهما كذلك.
انتابها احساسٌ بالفراغ، ثقيل جدًا ، و تذكرت انها لم ترى جايك اصلًا ، لم تسأل عنه و لم يخطر في بالها ولو للحظةٍ واحدة. كأنه لم يكن موجودًا ، ماذا كانت تفعل هنا وهناك؟ انشغلت عن كل شيءٍ تضيع وقتها ونسيت هدفها ، وفكرة خسارة المعركة قبل ان تبدأ تثير أعصابها اكثر
تردد في رأسها صوتٌ حزينٌ أخر ، يخبرها "اعدتي الي الرغبة بالحياة."
لم تسمح للألم الجسدي ولو للحظة بأن يحبط أفكارها ، عقدت يديها فوق صدرها تضغط بأصابعها الناعمة على يديها بقوة اكثر من اللازم تركت اثرًا احمرًا خفيفًا على جلدها ، و فكرت جيدًا ، كانت العلاقة بين الاثنين مريبة ، بين أبيها و جون ، وعندما تسأل الأخير يتهرب ، ولكن بلايك من جهةٍ اخرى كان يلتزم الصمت بدوره ، يسألها فقط عنه دون ان يتحقق من جون نفسه. كان هناك شيءٌ بينهما ، يمنع الأب وابنه من النظر في وجهيّ بعضهما ، يعيشان في منزلٍ واحد. لكن كل واحدٍ فيهما يتجنب الأخرى، وهي اصلًا لا تريد التفكير حتى بوعكة أخيها الصحية.
تنهدت ، و اغمضت عينيها مجددًا تنقلب على جانبها الأخر ، متجاهلةً آلم ظهرِّها تمامًا. متكورةً في السرير، الأفكار تأخذها بعيدًا.
****
الفندق الذي عثرا عليه كان مبنيٌ بطرازٍ قوطي ، الأرضية الخشبية تصدر صريرًا خفيفًا اثناء مشيهما لم يمانعه ديريك عكس ابريل التي بدأت تنظر حولها بريبة، ادخل زوجها المفتاح بالقفل واداره، يفسح المجال لها اولًا والتي فور ان دلفت للغرفة التي بدت اقل تكلفًا خلعت حذاءها ذو الكعب العالي "ياللهذا.." تمتمت ، تشعر بألمٍ خفيفٍ معتادٍ فور ان تحررت من الحذاء و لمست قدمها الأرض المستوية ، ثم جلست على طرف السرير و كتفت يديها تنظر لزوجها الواقف في مكانه بعد ان اغلق باب الغرفة واستند عليه
"اتسائل كيف لم يلحظ احدٌ غيابها، هي ليست شخصًا عاش معهم في البيت عشرين سنه لكي لا ينتبهوا لوجوده كل هذه المدَّة. اين كانوا عنها..؟"
"ديريك. حبيبي ، إهدأ.. انظر إلي، لحسن الحظ اننا عثرنا عليها قبل ان يحدث ما هو اسوأ يا حبي."
"معك حق، على ايةِ حال، انا مضطرٌ لجسِّ النبض..الوقت تأخر بالفعل وربما يكونون قلقين." قال جملته ، لا يستطيع التفكير حتى بحال جون الصحية
اتصل على جاسبر اولًا، والذي لم يرد ، تبادل انظاره مع زوجته الجالسة على السرير تراقبه ، وبدأ هو يسير بالغرفة ذهابًا وايابًا ، يبحث في ارقام من يتوقع انهم هناك ، اتصل بنايت الذي لم يرد هو الأخر "ما خطبهم... جاسبر نعم قد يترك هاتفه، لكن نايت لا يهمله للحظة، هل اعتبر هذا انهم نيام؟."
"ماذا عن جون..او والدك؟."
"لا، جون خيارٌ سيء. لا اريد ان اصيبه بسكتةٍ قلبية ، ما هذا، عندما احتاج نايت لا اجده..لا خيار أخر الا أبي اذن.."
جلس بجانبها على السرير ، وبترددٍ ضغط على اسم والده لينتظر في صمتٍ يقاطعه فقط صوت الإنتظار من الهاتف
****
كان بلايك الذي اجبر نفسه بدافع واجب الأبوّة ان يبقى بالغرفة حتى يتأكد من سلامة ابنه ، جالسًا على المقعد مقابل السرير، يتكئ و ينظر فقط بصمتٍ الى الظلال الخفيفة اسفل عينيّ جون الساكن هو الأخر نائمًا بعمق بسرحان ، صدره اقل ضجيجًا على ما كان عليه منذ نصف ساعة، وهذا ما اعتبره تقدمًا ، كان يحاول ان يتذكر متى كانت اخر مرةٍ رأه فيها بملامح أقل تعبًا ، بل بصحة جيدة، لكن كل ما يظهر في ذاكرته هو جون نفسه، بيد انه لم يلحظ اي شيءٍ من قبل لقلة إهتمامه و لظنه ان محيا جون يبدوا هكذا اصلًا. امسك بهاتفه ودخل على البوم الصور، متجاوزًا صورًا كثيرةً يبحث عن اي صورةٍ لديه لجون. كان يتذكر واحدةً بالفعل ارسلتها له اليانور في وقتٍ ما. قبل سنةٍ او سنتين و لا يتذكر هل احتفظ بها ام حذفها كما يفعل بالصور عادةً. وقعت عينه على صورة الثلاثي أخيرًا، يحضرون مباراة كرة قدم. هي التي ذهبت اصلًا لتروي فضولها كما تقول عن سبب حماسهم ، جون المبتسم بحماس ينظر بخفةٍ الى الكاميرا التي التقطت وجهه، وثالثهم ديريك الذي لا يظهر منه سوى جانب وجهه فقط لأنه لم يكن ينظر للكاميرا من الأساس و يولي انتباهه الى اللعبة ، يعض على شفته كما هو ظاهر بحنق، كان الإستاد مزدحمًا و اثنيهما يرتديان ثياب النادي الأبيض الذي يشجعانه ، نظر جيدًا الى وجه ابنه مليئًا بالحياة ومحمرًا قليلًا من اشعة الشمس و نظر اليه على السرير شاحبًا بهالاتٍ سوداء كئيبة. اغلق الشاشة ورمى بالهاتف جانبًا يزفر غضبًا مكبوتًا
سمع صوت خطواتٍ خفيضٍ يمشي ناحيته ، وقال دون ان يلتفت "اليزابيث .. لا اريد التحدث."
"العمة إليزابيث ليست هنا." قال ليام الذي واجه صعوبةً في اكمال الطريق الى بلايك بعد سماع طريقته النزقة بالحديث، ببطءٍ إلتفت بلايك له ينظر بطرَّف عينه ، كان سيتجاهله ، لكن شيئًا ما اوقفه ، نظرة في عيني الصغير المتئلقتين و المتعلقتين به ،التين كانتا كتصويرًا لشيءٍ من الماضي جعله يحبس أنفاسه للحظةٍ ثقيلة كادت تخنقه، تخلص من التأثير وهمس بصوتٍ ثقيل "تعال.. لا ادري لماذا انت متعلقٌ بي هكذا ، لكن تعال.. كان الله في عوني، لم يكن ينقصني الى انت اصلًا."
مشى ليام إليه بتردد ، لم تتغير ملامح وجهه المرتبكة ، انفعال بلايك جعله اكثر توترًا حتى، فبقي واقفًا على بعد عدةِ خطواتٍ منه ينظر له ثم لجون الساكن في مكانه دون حراك ، رمقه بلايك بطرف عينه و زفر متمتمًا بصوتٍ خفيض "يا اللهي.."
ومد يده التي كانت طويلةً بما فيه الكفاية لتمسك بقميص ليام وتسحبه اليه بسهولةٍ دون مقاومةٍ من الطرف الأخر ، اجلسه في حضنه و وضع ذقنة على كتفه ليتجنب النظر الى عينيه "ما الذي يبقيك مستيقظًا، انها الواحدة بعد منتصف الليل، يفترض بك ان تكون نائًما الآن."
استرخى الطفل في حضنه ، ينشغل بمحاولة العبث بما على الطاولة القريبة لولا جسد بلايك الذي يحكم الامساك به
"لا تحاول، لن اسمح لك بأن تعيث فسادًا."
فإستسلم ليام ووجه انتباهه له يحاول ان ينظر بوجهه
"لماذا انت مستيقظٌ يا بلايكي؟."
"لا ترد على سؤالي بسؤال، انا افعل ما يحلو لي، عكسك انت..ولا تقل لي بلايكي."
"وانا اريد ان افعل ما يحلو لي ايضًا."
"حسنًا، كنت لأشجعك على الاستقلالية لكن جدك لن يعجب بهذا كثيرًا و سيلومني كما يفعل الجميع اصلًا ، لذلك اخرس.."
"لا.."
"'لا'ماذا؟."
توتر الطفل من نبرة بلايك ، وقال بحذر
"سأفعل ما اريد ، مثلك."
ابتسم بلايك بملل
"لا تفعل، لا تكن مثلي ، انا اسوأ مثالٍ لك ؛ لكن إن اردت واحدًا فخذ جدك.. لطالما كان افضل مني على ايةِ حال، ثم ليكن بعلمك إن سألتك واجبتني بسؤال ركلتك خارجًا، حسنًا؟."
لم يرد ليام ، وكرر بلايك بتأكيد يضغط بذقنه على كتف الطفل الصغيرة "حسنًا ياولد؟."
"حسنًا.."
"جيد.. لنرى ، لماذا انت مستيقظ الآن؟ الساعة تعدت منتصف الليل بالفعل." بنظرةٍ خاطفةٍ رمق الساعة المعلقة على الجدار يتأكد
"لا ادري.. لا اريد ان انام."
"وحسنًا ، ماذا نفعل بخصوص هذا؟."
"سأبقى معك حتى تنام.."
"انت لست مسؤولًا عني."
سكت ليام. وابتسم بلايك الذي تابع "لا بأس ستبقى، انت تنفعني على اية حال."
"كيف ذلك.؟"
"إنك تشتت ذهني ، شتت ذهني والا رُكلت خارجًا."
"كيف اشتِتُ ذهنك؟."
"لا ادري، اخترع شيئًا .. قصة او اي شيء..لكن لتكن جيدة."
نظر ليام الى الطاولة من جديد و حاول ان يتحرر من حضن بلايك "اقرأ لنا هذه." لمس طرف الكتاب القرمزي بأصابعه الصغيرة لكنه لم يستطع ان يسحبه لأنه كان بعيدًا جدًا ، وبلايك لم يخفف قبضته عليه اصلًا
"يفترض بك ان تسليني الا انا الذي اسليك."
"لا اعرف القراءة."
"اذن لا فائدة منك."
عاد ليام ليسترخي بحضن بلايك مجددًا يائسًا من لمس الكتاب وتنهد ، مما سلى بلايك ، قال الصغير "لماذا نحن هنا؟."
"انت تسألني اسألة لا احبها، افعل شيئًا لتسليتي و إلا اذهب لتنام.."
"لنقرأ الكتاب." اصرّ ليام يائسًا من ارضاءه ، و ابتسم بلايك مجددًا بملل ، نظر الى الطاولة القريبة حيث اشار ليام واختطف الكتاب "لننظر ماذا لدينا هنا..انت وغد صغير يفترض بك ان تسليني لكن انظر الى اي حالٍ وضعتني فيه."
بلا اكتراث فتح الكتاب و بغير استيعاب حدق بالأربعة الواقفين بالمرج الأخضر الندي ، خلفهم الكنيسة والمقبرة ، عيونه توسعت بينما ليام الذي لم يلحظ الشبه بين الرجل بالصورة وبلايك قلب الصفحة بعشوائية و اخذ يقلِّب بعبث ، نبضات قلبه تسارعت في صدرِه و يده ارتجفت ، راحتي يديه تعرقتا و اخذته الصدمة ، بعصبيةٍ وضع يده على الكتاب يوقف ليام عن قلب الصفحات ونظر الى صورة المقهى الفرنسي حيث يجلس اسفل اشعة الشمس الدافئة، عينيه ضيقتين و يمسك شيئًا ما بيده ليس واضحًا ما هي هيئته، لكن بطرف الصورة كان هناك جايك يحاول خطف الهاتف من يده ، يتذكر ذلك اليوم جيدًا بأدق تفاصيله ، القهوة اللاذعة و رائحة السجائر تملئ المقهى، المرأة الأربعينية التي تقرأ الطالع، و الرجال القرويون الذين كانت تسليتهم المقدسة مشاهدة مباريات كرة القدم في المقهى أو الحانة التي كان بلايك يعمل فيها في وقتٍ ما من عمره.
بالجهة الأخرى كان يستلقي جسده على الأريكة في شقتهم الباريسية. قبلها بعدة اشهرٍ كان قد اشتراها بعد ان استجمع نفسه و تواصل مع صديقٍ له عثر له على عملٍ في شركةٍ مرموقة و براتبٍ ممتاز ومميزات كان بلايك ممتنًا لها. تلك السنة كانت جوليا حاملًا بجون لذلك بذل جهده ليحسن من وضعهم المعيشي و نجح، حصلا على المنزل الدافئ الذي اراداه مع طفليهما، وبدأ حياتهما حقًا هذه المرة ، دون مساعدةٍ من ماريا أو عراب جوليا الصائغ الطيب ، كان في الصورة مطمئن البال ، جايك الذي كما يتذكر كان يلعب لحظة التقاطها مع ابن الجيران في الشارع ، وجون صاحب الستة أشهرٍ يغفو بسكونٍ على صدره ، يفتح عينيه الواسعتين ليحدق بالفراغ شاردًا ثم يعود للنوم ، كان لسببٍ ما يحتاج لشخصٍ يمسك به ليغط بالنوم ، بينما هو يولي تركيزه على الأوراق بيده. يتذكر جيدًا انه بتلك السنة سدد ديونه لمديره السابق الرجل الطيب صاحب الحانة الذي اقرضه عشرين ألفًا. في تلك السنة ، اصبح بلايك حرًا حقًا
جف حلقه ، وقال ليام يستوعب أخيرا "بلايكي.. هذا انت."
ورفع الطفل رأسه ينظر الى وجه بلايك الذي كان منحنيًا يحدق بالصور دون ان يرمش، بوجه كالحٍ و مغموم "بلايكي .. ما الأمر.؟"
"كنت سعيدًا جدًا يا ليام ..." كان بلايك شاردًا في وجه المرأة المتكئة على صدره صاحبة النظرات الحالمة
"من هذه؟" استعاد وعيه و اقفل بعصبيةٍ الآلبوم الذي اعاد له افكار حاول مسحها— وظن انه نجح، لكن اتضح ان ذلك لم يحدث، ووضعه في مكانه على الطاولة "لا احد يا ليام.."
"هل انت حزين يا بلايكي.؟"
"في أيام كهذه اعتقد ذلك .. أحيانا اصدق ان السعادة امتيازٌ لا استحقه." ونظر الى جون ، غرقًا في الصمت ، بينما الريح تدفع جذع شجرةٍ على خدش زجاج النافذة جذبت انظار ليام الذي ينظر اليها بخوف ، صوت هاتفه قاطع الصمت. لم يكن ليلمسه لولا انه لاحظ حاجبي جون ينعقدان مجددًا منزعجًا. فبحث عنه و التقطه ، يرى اسم ديريك يضيء الشاشة ، ورأى أيضا ان الساعة تقارب الثانية بعد منتصف الليل ، فتح الخط ووضع الهاتف قرب اذنه دون ان يرد منتظرًا ، و فقط يحدق بالجدار ، جاء صوت ديريك حذراً "أبي؟"
همهم بلايك مشيرًا له ان يتابع ، تلقى ديريك هذا الرد محتارًا ، زم شفتيه و سأل "لماذا انت مستيقظ؟"
"اسألك هذا أيضا." أخيرا نطق بلايك
"هناك شيء ارغب بأن أقوله لك." نبرة صوته جعلت من بلايك يعدل من جلسته و يهب واقفًا يسير ناحية النافذة يضع يده على الزجاج البارد ، يتمتم بضيق "أخبرني.."
"أولاً لا تقلق ، من نبرة صوتك اعرف انك لا تعرف عن هذا، لكن ايلا معي."
فتح عيونه بتفاجئ ثم قطب حاجبيه "لا ليست معك، انها .." وسكت عندما ادرك انه لم يراها منذ الصباح ، احكم قبضة يده الحرة بقوة و سأل "ماذا حدث؟"
"عثرت عليها عند الطريق عندما كنت آتٍ، مصابة قليلًا برأسها لكن الطبيب يقول انها بخير .. لقد تعثرت بالطميّ عندما كانت تتمشى واعتقد انها اضاعت الطريق أصلا. لكن أؤكد لك .. انها بخير يا أبي." كان بلايك غاضبًا مجددًا ورغب بتحطيم أي شيءٍ أمامه ، غاضبٌ من نفسه ومن كل شيء ، اغلق الخط في وجه ديريك الذي تنهد وتمتم لزوجته "اعتقد انه تقبل الأمر."
ونظر بغضب الى الريح تحرك الأشجار ، و الى البومة التي حلقت بالقرب من الشجرة ، يزفر بغضب و يردد لعناتٍ أسفل أنفاسه، خرج من الغرفة بتعابير مظلمة وترَّت ليام ، ذاهبًا الى غرفته. فتح جون عينيه بتشوشٍ يرى ظهر والده يبتعد ، ورفع رأسه من الوسادة للحظة، ينتبه لليام الذي يبدوا فزعًا، بصوتٍ مبحوحٍ غشيه النعاس "ليام.. ما الأمر معك."
انتبه ليام لوجوده، لكنه نظر له ثم نظر للباب المفتوح حيث خرج بلايك وهمس
"بلايكي غاضب."
"بلايك دائمًا غاضب، لا تقلق ستعتاد على ذلك." زفر، ونظر الى الساعة الوضاءة بقربه ليجد انها تشير الى الثانية و من النظر الى النافذة ادرك انها الثانية بعد منتصف الليل.
"تعال.. لا ادري لماذا انت مستيقظ لكن لا يجدر بك ان تفعل..تعال الى هنا."
صعد ليام الى السرير واخذ مكانه بجانب جون، يضع رأسه على الوسادة الأخرى، غطاه جون بالغطاء وحدق بصمتٍ في السقف قبل أن يسأل "ماذا كنت تفعل هنا يا ليام؟."
"بلايكي كان هنا."
"وماذا كان يفعل هنا؟." كشر جون و انقبض فكه
"كان يلمس جبهتك، ثم كنا ننتظر ، بعدها طالعنا الصور، بعدها تحدث بالهاتف وبعدها خرج وبعدها انت استيقظت."
توتر. جون ، وبعدما استوعب ما قاله ليام وانتفض من السرير كمن تخبطه الشيطان من المس، يبحث في الطاولة المكتضة بجواره، حتى لمح في طرفها آلبومه مرميًا، التقطه بسرعة يتفقد الصور واحدةً تلو الأخرى، يقلب الصفحات محمومًا مرارًا وتكرارًا. بشك اغلق الكتاب غير متأكدٍ اذا ما كانت الصور كامله، لكن على الأقل الآلبوم كان سليمًا.
جلس على سريره بشرود يمسك الآلبوم بقبضةٍ قوية ، نظر لليام الذي ينظر اليه بعينين متوسعتين يحاول ان يفهم ما خطبه "ماذا كنتما تفعلان بالآلبوم..هل انتزعتما شيئًا منه؟."
"لا."
"ليام هل انت متأكد؟."
"نعم، رأينا بعض الصور واغلقه بلايكي بعدها."
"فقط؟ اغلقه دون ان يأخذ شيئًا؟."
"اجل.."
عاد الى سريره يستند عليه دون ان يستلقي، النعاس طار من عينيه بسبب انفعاله، و اطفق يفكر ، قال ليام الذي نهض بدوره "اريد ان ارى شيئًا يا جون."
غمغم جون وسمح له ان يفتح الصفحات يقلب فيها كيفما يشاء وهو يتأمله بشرود، توقف ليام عند صفحةٍ معينةٍ تحمل صورةً واضحة لجوليا وحدها "من هذه؟."
نظر جون الى أمه الحلوة، تقوست شفتيه، ثم ارتسمت ابتسامةً حزينةٌ عليهما "هذه أمي.."
"لكن انت تقول للعمة إليزابيث أمي؟." بحيرةٍ حقيقية سأل ليام، وتوسعت ابتسامة جون، يأخذ الآلبوم و يحشره اسفل وسادته و يستلقي. "هذه قصةٌ طويلة — انظر، في الواقع هي عمتي أنا ايضًا، بلايك يكون .. أبي، لكن افترض انك تعرف ذلك، انا اقول لها أمي بحكم العادة فقط ، لكن أمي .. هي من رأيتها توًا."
بدا ليام محتارًا من المعلومة الجديدة ، سأل مجددًا "وأين هي الآن؟."
"إنها ميتة."
قول هذا بدا غريبًا في فمه رغم انه كبر وهو يقولها في كل مرةٍ يسألُ فيها عنها، اخفض عينيه وشعر بيدين على وجنتيه "جوني لا تحزن، أنا أسف." نظر جون لشفتيه المتقوستين و حاجبيه الصغيرين المعقودين وابتسم "لا تتأسف ، ليس عليك ذلك.." ثم قبل عينيه و جره ليعيده على الوسادة و يغطيه "عليك أن تنام الآن يا ليام."
استلقى هو الأخر ، يضع قدمًا فوق الأخرى ، يشعر بصدره ثقيلًا قليلًا و بآلمٍ خفيفٍ يحسه مع كل نفسٍ يأخذه ، سحب البطانية الى ذقن ليام يهمس له "لا نريد ان تصاب بالحمى أنت الأخر.. هيا نم."
بقي ليام ينظر اليه بعينيه الفضوليتين السوداوين بحذر ، و جون يعرف جيدًا كما يعرف راحة يده انه لن يدع الأمر يمر مرور الكرام و سيسأل مجددًا بمجرد ان يرفع رأسه عن الوسادة أول شخصٍ يقابله ، وهذا سيجلب فقط الحرج و يزيد الطين بلَّه ، قال بجديةٍ لليام"لا تخبر أحدا عن أي شيء حدث الليلة، حسنًا؟"
"حسنًا."
"كاذب، اعلم انك ستخبر وتسأل اول شخصٍ تراه غدًا، لكن ارجوك لا تفعل، عندما كنت بعمرك كنت العب. ارجوك العب وانسى الأمر."
"حسنًا."
"اعلم انك ستفعل على ايةِ حال. لا ادري لماذا اتعب نفسي معك، لكن نم فقط الآن. اغمض عينيك."
ابتسم ليام مما جعل جون يبتسم بتعبٍ منه بدوره، و راقب بصمتٍ جسد الصغير يبدأ بالغرق بالنوم بسكون. نهض من السرير بعدها ، يسير بكسلٍ الى النافذة العاتمة. الجو كئيبٌ بالخارج. ويحاول ان يتذكر لماذا كان يشعر بشكلٍ سيءٍ صباحًا. و قطب حاجبيه. كانت دقائق قبل ان يرى سيارةً تعبر الطريق مضيئةً ما بين جدار الأشجار العملاقة حولها.
توقفت أمام الفيلا السيارة المألوفة، وترجل منها إدوارد و ميرديث يتحادثان فيما بينهما. يبدوا ان ادوارد استشعر وجوده ليرفع رأسه ناحية النافذة. لم يتزحزح جون من مكانه. لا يدري كيف كانت تعابير وجهه ويعرف جيدًا انه غالبًا لا يراها لكن ادوارد ضيق عينيه و تابع سيره. بقي جون في مكانه يعيد بنظره الى الأفق البنفسجي الداكن، يستشعر نفس الفجر بخشوع ناسك.
بعدما اتت سيارةٌ اخرى تحرك عن مكانه الى الأريكة يستلقي عليها ، و يسحب هاتفه يتفقد الرسائل و يرد على بعضها. طمئن أصدقائه القانطين منه برسالةٍ سريعةٍ و مختصرة، يعرف جيدًا انها ستغضبهم أكثر. و سيغضبهم اكثر انه ارسلها ليلًا حيث يعلم جيدًا انهم سيكونون نيامًا. ولكنه احتاج لأن يقضي وقته بعيدًا عن جميع الملهيات، يحتاج ان ينغمس في نفسه و يواجه مخاوفه.
اغلق هاتفه مجددًا. يستشعر انهاكًا بسيطًا بسبب الحمى التي اصابته بالأمس. و مدد ساقيه على الأريكة يغمض عينيه دون أن ينام. لكن ذكرى الشعور السيء داهمه ، فرفع رأسه على الأريكة وجلس فقط بصمتٍ في مكانه يحدق في الظلام
****
ضجةٌ خفيضة غمرت البيت، احاديثٌ خافتةٌ و اقدامٌ تضرب الأرضية. توجه نايت الى الويسكي الأسكتلندي يسكب لنفسه. نظر بطرف عينه للباب الذي يفتح ثم بجسد ايفان يدخل ناعسًا من البقاء كل هذه المدة مستيقظًا، لكن عينيه المتيقظتين حطتا على اخوة ، ومن النظرة التي يعرف بها جيدًا ، فهم نايت انه يريد الحديث معه.
رمى ايفان بجسده على الأريك الكبيرة يخلع نعليه ثم يمدد ساقيه وقال "اسكب لي." كان أيضا يراقب بطرف عينه منتظرًا ان يبقى منفردًا مع أخوه الأصغر ،لاحظ نايت ذلك ودفع بأقدام ايفان ارضًا ليجلس ويتمتم "اخبرني ماذا لديك؟"
"للآن.. اريد ان اركلك فقط." وأعاد بوضع قدميه فوقه. اراق بحركته الشراب على كليهما فلعن و ضحك نايت "فعلت ذلك بنفسك.." اعتدل ايفان بجلسته عابسًا ، يمسح الشراب عن بنطاله وبطنه بظهر كف يده ، شرب ما تبقى في كأسه وابتعد في اللحظة المناسبة قبل ان تصل له قدم ايفان التي كانت ستركله
"انتهى وقت العبث .. أجلس مكانك." همس ايفان بجدية، لايزال يمسح البقع على يده ببنطاله المبتل بالفعل
"ما الأمر؟"
"احتاج منك ان تخبرني شيئًا... عندما كنت بعيدًا ما الذي حدث في المنزل بالضبط؟"
تلاشت ابتسامة نايت للحظة، ينظر بعيدًا ثم نظر مرةً اخرى لأخوه "ما الذي يجعلك تسأل الآن؟."
"تعرف انني سأُلاحظ في النهاية، أليس كذلك؟"
"سأخبرك ، لكن ما ستسمعه من شأنه ان يعكر مزاجك قليلًا."
"مزاجي معكرٌ بالفعل.. انطق."
"حدث أن خالي بلايك و جون تشاجرا، لكن قبلها تشاجر جون مع زوجة خالي، ميلاني، كنا أنا وهو بعدما انتصفت الأمسية صاعدين الى غرفنا. اوقَفته ، تحادثا للحظة وباللحظة التالية سكبت النبيذ عليه. كان ردة فعلِ جون بارده كشخصٍ يتوقع ما سيحدث على ايةِ حال، لكنه قال شيئًا فصفعته."
"صفعته؟." استنكر ايفان، يشد على اسنانه وهو يتميز من الغيض
"اعلم! لقد فعلت ذلك حقًا.. توالى كل شيء ، ثم جاء عمي بلايك وقال له ان يعتذر مما تفوه به، لأنهم اخبروه أنه شتمها، وهو لم يفعل بالمناسبة، لكن جون رفض واشتد نقاشه مع ابوه، تدخل جدي و ارسل جون لغرفته..."
"هذا فقط..ارسل جون لغرفته؟"
"ماذا تتوقع ان يفعل اصلًا؟ كان خالي بلايك غاضبًا حقًا، لم يغادر الضيوف بعد، وما يفصل بيننا سوى جدارٍ واحد. جيد ان الأمر انتهى دون شجارٍ حقيقي بين الاثنين و لم نخرج بفضيحة ..في صبيحة اليوم التالي ، كان جون قد حزم حقائبه و غادر خلسةً دون كلمة، لكن خالي بلايك امسك به و اعاده، كان الاثنان يتشاجران مجددًا، حتى ان اصواتهم وصلت الي في غرفتي ، لم ارى جون عصبيًا هكذا من قبل ، لقد قال شيئًا عن انه سببُ ما اصاب جايك ، يقصدُ بهذا عمي بلايك، تشاجر مع جديَّ وأمي ايضًا ، يسألهما لماذا كذبا عليه بشأن أمه، بطريقة ما اتضح انه عرف ان امه كانت حية طوال الوقت، زلةُ لسانٍ فضحت الأمر برمته، ثم قال شيئًا اخر مهمًا ، لكن قالها بسخرية ، وجه خالي انقلب، و أمي فقدت توازنها وتدخل جديَّ اخيرًا ، تشاجر الجميع مع بعضهم، لكن عندها جون—
وضع يده على صدره بألم ، وانتهى بنا الأمر في اروقة المستشفى."
بقي ايفان صامتًا، فكه منقبضٌ بعصبيةٍ ، ولم يشأ نايت ان يقاطع أخوه، لأنه يعرف تمامًا ما يشعر به و يتفهمه. نظر لقعر الكأس الفارغ يتأمله ، وعندما طال الصمت رفع رأسه مجددًا، كان الآن ايفان ينظر بعيدًا يفكر بعمق، يخطر له كلام آيلا في وقتٍ سابق "كانت طوال الوقت حية! وهم كذبوا عليه." هز رأسه غير مصدقٍ، يشعر بالفضاعة و الاشمئزاز، لا يصدق أن أمه فعلت ذلك، جديه الذين يصورهما دائمًا كشخصين شريفين.
"اعلم." همس نايت
نظر لأخوه بطرف عينه وسأل "قلت انه جون قد قال شيئًا بسخريه، ماهو؟."
اصبحت شفتي نايت كخطٍ نحيل وهو ينظر الى اخيه بحذر ويهمس "كان يقول هراء ما ، عن ان أمه كانت تخون والده— مع خالي ستيفان . وقال لكلوديا انهما قد يكونان اخوين، لكن كل ما قاله كان بسخرية، كأنه يستهزأ بالأمر أو يستهزأ بماذا يعتقده خالي بلايك ، وأمي اكدت لي ان هذا هراء، جون اصلًا لم يأتِ الى لندن الا بعد ان أتم الخامسة." قال جملته الأخيرة بتردد، هذه المعلومة التي كان كليهما يعرفانها جيدًا
كان المنعطف الحاد الذي آلت اليه العلاقة بين خاله وابنه شيئًا جديدًا عليه، ايفان يعي بأمر الجفاء بينهما. يعي وجود حاجزٍ غير مرئيٍّ يفصل هذين الاثنين عن بعضهما، لهذا كان يساعد بتخفيف اصطدامهما ببعضهما، لذلك سارع بتوظيف جون عنده فور تخرجه قبل ان يفعل خاله ما هو متوقع منه، وهما بدورهما. بسبب تأثرهما بهذا الحاجز ربما. قررا التصرف وكأن مقابلتهما لبعضهما ما هو الا محض واجب على كاهلهما لا بد منه. كان لهذين الاثنين كبرياءً لعينًا، لكن يعرف جيدًا ان خاله بلايك يتفوق على جون بكبرياءه و برودة أعصابه. ومن البين ان جون مسالمٌ أكثر. أقصى ما يفعله هو ان يقصي نفسه بالزاوية عندما يحس بأبيه يزحف إلى مساحته الشخصية ولو بنوايا طيبة.
عندما أخبرته آيلا بما في جعبتها. فكر بهذه العلاقة السامّة. يعترف انه أهمل التمعن فيها. لأنه لا يستنكر ما اعتادت عينه على رؤيته منذ الصغر، لم يفكر يومًا ما سبب هذه العلاقة بين الأب وابنه، سبب وجود هذا الجدار اللامرئي الصلب و سبب هربهما من بعضهما حتى ولو كانا تحت سقفٍ واحد. الآن فقط استوعب انهما لا ينظران الى بعضهما الا بدافعٍ من أحدهم — إما جديِّه أو أمه أو أي احدٍ آخر
اصبح وجهه كالحًا و ومض في رأسه كلام آيلا الذي رفض تصديقه، تمتم يشد على شفتيه بعصبية
"اعلم ذلك، كيف وصل اللأمر الى هذا الحد. انا ذقت ذرعًا من خالي بلايك هذا."
لقد كان يتذكر جيدًا وجه جون وهو يريه صور أمه، يتذكر ابتسامته الحزينة وعينيه المطفئتين، يتذكر السنوات السابقة حيث كانت صور أمه تختفي رغم تخبأته لها، كانوا يأخذونها ولم يسأل ايفان يومًا لماذا، بل انه كان حتى شريكًا بالجريمة يخدمهم ويلزم الصمت عندما يسأله جون ، وكم يشعر بالدناءة والحماقة الآن. "لمصلحته." لطالما قالوا ذلك و يبررون افعالهم بها. وهو صدق ، او لم يرد ان يجادل حتى.
احتشد الغضب في صدره وانعكس على وجهه ، قال ايفان يزمجر هامسًا "وكيف لا يكون لي علم بأي شيء يا نايت! لماذا لم تخبرني؟."
"ان هذا الموضوع حساس لجون، أنا نفسي لم استطع ان انظر بعينه واسأله، ولا فرصة للحديث عنه مع أي احد ، حتى امي عندما فتحت فمي لمجرد التعليق فقط غضبت مني.. وجاسبر وأنا منذ ذلك اليوم لم نستفرد ببعضنا على أيةِ حال.. أما أنت فقد كنت بعيدًا على ايةِ حال، لا يستطيع المرء ان ينظر بوجهك قبل ان تخنقه بالأوامر.. لماذا وجهك يبدوا كالحًا هكذا؟ هل حدث شيء؟"
حاجبي ايفان الكثيفين كانا ملتقيين الآن في تقطيبةٍ قبيحةٍ ، و فكه متصلب وقال "هل تعرف ماذا قال لي جون صباحًا؟ كان يخبرني عن جدته لأمه ، التي اخبرته ايلا انها ميتة ، هذه قصةٌ أخرى ، لكن هل تعرف ماذا قال لي؟ قال انه حزين لأن اخر فردٍ من عائلته مات قبل ان يراه ، لا يزال كلامه يتردد في رأسي يا نايت ، يقول عنها 'آخر فردٍ من عائلتي' ماذا عسى هذا ان يعني؟ ما نكون نحن له اذن؟."
"هذا ما يسمى في التحليل النفسي بـ (التكاثف)" قال جاسبر الذي سمع ما قاله مصادفةً اثناء بحثه عن هاتفه الذي عاد ليأخذه ، وتابع يتقدم ببطءٍ منهما ، ويديه يحشرهما في جيوبه "عند فرويد في تحليله النفسي ثلاثة طرائق يمكن معها اكتشاف رغبات الإنسان اللاواعية، وهي : الأحلام، المزاح، وزلات اللسان، ومنها غالبًا تنكشف رغبات الإنسان المكبوتة التي يخفيها وراء كلمات وتعابير محددة يفعلها، إن قال ما قاله ، فهو يعنيها حقًا. إنه يعتقد انه ليس من العائلة ، لم أظن يومًا ان الأمر قد يصل لهذه الدرجة لأكون صادقًا."
"غلطة من هذه؟." سخر ايفان مشمئزًا
"اتفهم، انت غاضب .. انا ايضًا كذلك، لكن ان كنت اعرف أي شيءٍ عن جون ففعلك لأي شيءٍ بخصوص ما قاله، محاسبته، ترديد ما قاله علنًا على مسامعه ، أؤكد لك سيزيد الأمر سوءًا.. جربتها قبلك، حاولت مرةً ان اوجهه وانتهى الامر به يبني حاجزًا بيني وبينه بالكاد استطعت تجاوزه، لكن ما زال يترك بيننا مسافةً امنه تأكد جيدًا من انني لن اتجاوزها معه، فعل ذلك مع جدي ايضًا وجدتي ، وأبي، كانت عمتي إليزابيث الناجية الوحيدة لأنها لا تجبره ، خذ الأمر معه بروية ، انا اعرف انك ستفرض نفسك مثلهم، لكن إياك ، لا تفعل."
"هل كنت تعرف بكل ذلك؟."
"لا، اعرف ما تعرفه بالضبط لا اكثر، لكنني كنت واعٍ من قبل لوجود مشاكل الثقة لديه بسبب خذلان حدث له بعمرٍ مبكر ، ناهيك عن العلاقة السيئة بينه وبين أبي.. كان من الصعب علي مساعدته في الأولى قبل ان يفسد كل شيءٍ مجددًا عندما قالوا له انهم اخفوا عنه ان أمه كانت حية."
نهض ايفان دون كلمةٍ يوليهما ظهره ، وهتف اخوه من وراءه "الى اين؟."
"سأنام."تمتم، وتجاوز جاسبر دون كلمة.
****
الملعلومات النفسية المذكورة أعلاه من حصاد دراستي لسمستر كامل عن مبادئ في علم النفس ومادة (زقه) ثانية علت كبدي أسمها علم الاجتماع ، المادة الاولى اموري طيبه معاها بس الثانية بسبب الدكتورة علت كبدي (رغم تكرار المعلومات اصلًا) + طبعًا استعنت بقوقل قليلًا لتأكد من ما ذكرته ، اذا شيء غلط فالشرهه على الدكتورة مو علي
— اعلم ان البارت اقصر من المعتاد وانكم توقعتم شيئًا عظيمًا بعد كل هذا الانتظار لكن احمدوا ربكم بس وخلوا عنكم البكبكة
الآن عندي استبيان مهم لأسباب علمية بحتة ، اجيبوا على الاسئلة التالية بتأني وكأن حياتكم متوقفة عليها :
* لحظتكم المفضلة في هذا الفصل
* لحظتكم المفضلة من بين كل الفصول
* فصلكم المفضل
* ايلا؟
* جون؟
*ديريك؟
*بلايك؟
*افضل غلاف؟
*الغلاف الجديد؟
— اذا كان يوجد اي غلط، ارجوكم، خلوه
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro