Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

٢٢

‏{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

رَبَّنا وَلا تُحَمِّلنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

‏وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا

فوت ، تعليق ، تعليق بين الفقرات ، دعمكم يسعدني💜.
***

اخذت ايلا نفسًا عميقًا و دفعت بجسدها بعيدًا عن صدرِّه الصلب ، نظرت بعينين قاسيتين جفت الدموع فيهما ، كليهما كانا يشعران بالقنوط من الأخر ، ايفان الذي اظهر وجهًا خالٍ لمعت عينيه شيءٍ عرفته ايلا جيدًا ، كان يستحقرها ، يمقتها ، ومهما فعلت او قالت فإنه لا يعطيها الحق لأيٍ مما تفعل ، وهذا ترك شعورًا مقيتًا ينتابها ، فوق شعور المرارة الكريه الذي داهمها لأنها بكت و أمامه ، كانت ايلا من أولئك الأشخاص الذين لا يظهرون مشاعر الضعف الحقيقية أمام أي أحد ، و ما جعل الأمر صعبًا عليها أكثر انها اظهرتها أمام شخص كإيفان ، بلا شفقة أو رحمة ، انقلبت ملامحها الناعمة لأخرى صلبة ، حاجبيها انعقدا معًا في غضبٍ بارد ، و قالت بصوت خفيضٍ وهادئ ، مليئٌ بالغضب

"هل ستخبرهم؟ اخبرهم! والا فعلتُ أنا...لن أعيش في خوفٍ منك."

"يفاجئني ان ضميرك استيقظ الآن ، لأنه لم يكن كذلك قبل ان افتح فمي." سخر منها ، لا يستطيع تجاوز الأمر تمامًا ، وكأن هنالك حجرًا وهميًا يقع كعقبة تمنع ذلك ، وهو لا يستطيع تخطيه ، إن صدقت فيما قالته ، فإنهم في خضم مصيبةٍ كبيرة ، اخذه التفكير بعيدًا لإبن خاله و خاله ، لعائلته ، وللجميع بدون استثناء ، ومن معرفته كان موقنًا بأنها تختلق أشياءً أو لا تعرف أي شيءٍ بالمرة ، لكن مع ذلك ، بقي شبح الشك في الزوايا يتربص بأفكاره و ذكرياته التي بدأت تظهر أشياء لم يلحظها من قبل ، كان من السهل جيدًا والأكثر امانها أن يعتقد انها كاذبةٌ او قد تم الكذب عليها

من جهةٍ أخرى ، كان جهله بكل شيء وعدم فهمه لأي شيء كان يثير حمقها ، ليس فقط لأنه جاهل بالقصة برمتها ، بل لأنه متعنت ، لم ولا يريد ان يصدقها من الأساس ، و ينظر اليها باستحقار و استصغار لم تشهده من أحد طيلة حياتها ، عضت على شفتيها و لم تستطع أن تكبح سيل من الكلمات ما انفك الا و قد انزلق من بين شفتيها مندفعًا بعنف و ممتلئًا بكل تلك المشاعر الثقيلة الجاثمة على صدرها و روحها منذ فترةٍ طويلة ، تكرر مرةً أخرى ، ومفصحةً عن كل ما بجعبتها

"انت لا تفهم ، ولا تعرف شيئًا اطلاقًا ، والدتي ماتت بسبب أحدهم، والدتي! ، تقول انها لم تفعل شيئًا يسترعي ان تتطلق كالخيانة التي الصقت بها ، ناهيك على ان يتجرأ احدهم ويحرمها فوق هذا من ابنيها لينتهي بها الأمر في النهاية بلكتينا ، انا و هي، ان تخفيني نفسي عن الرجل الذي يكون أبي ، انا عشت حياة ليس من المفترض بي ان اعيشها ، ماذا عني أنا؟ ما ذنبي أنا؟ لماذا اضطررت لأن اتعايش مع كل هذا لوحدي؟ موت أمي ، و ظهور عائلة من العدم ،  لماذا اضطررت لأعيش كل هذا اصلًا؟ تريد ان تخبرهم؟ هيا اذن .. لنخبرهم."

"اخرسي." تلفت حوله من جديد ، غير متأكد ما اذا كانا لوحدهما ، و مذهولًا من الكم الذي تفوهت به ، مرةً اخرى حاسته السادسة اصابت بالشك فيها و مع ذلك ، لم يكن يشعر بالرضى من نفسه ، شيءٌ ما في داخله قبض على قلبه ، و تجاهله إيفان ، كما يفعل في اكثر اللحظات حساسية و صعوبة ، لأنه تعلم أن يحكم عقله لا قلبه ، و زمجر بتهديد

"ستصيبين جون بسكتة قلبية لعينة أخرى ، اطبقي فمك اللعين للحظة." نظر وراءها الى ظلال الأشجار ، و اصغى السمع ، الى هدير الماء و حركة الرياح متخلخلةً الأشجار و الأغصان ، لا يزال غير متأكد ، نظر لها "لنمشي معًا."

كانت تنظر اليه بغضب ، تشعر بالحرقة و الرغبة في اذاء احدهم ، لكن بمجرد ان ذكر جون شعرت بروحها تهوي في القاع ، و بنفسها عاجزة و مقيدة ، هي التي كانت دومًا كل شيء و أي شيء الا هذا ، سارا معًا ، يقود هو الطريق ليأخذها بعيدًا ، يتقد امامها ببعض خطوات فقط ، ليسمح لنفسه بالتفكير بعيدًا عن هالتها القوية المؤثرة ، و توقف امامها اخيرًا ، ينظر وراءها من جديد الى الفراغ ثم الى عينيها الغائمتين الغاضبتين والخاليتين من الدموع الآن، التين تحدقان فيه ببرود لم يرى مثله من قبل ، كأنها لم تذنب ، وكان هذا أكثر ما يثير جنونه

"سأقولها لمرة واحدة ، و لنأمل انكِ ذكية بما فيه الكفاية لتستوعبي ما أقوله دون تكرار ، جون أخي انا ، من دمي ، تربينا معًا وعشنا معًا و كبرنا معًا ، لن أسمح لأي شيء و لا لأي احدٍ بأن يؤذيه او يمسه بسوء ... لا الآن و لا لاحقًا.." انقبض فكه وهو يصر على اسنانه يعني كل كلمةٍ يقولها "اعلم انك ستذهبين الى فرنسا عما قريب .. و عندما تذهبين لا تعودي ابدًا مجددًا."

"اذا ذهبت لزيارتي القصيرة تلك فستكون زيارتي قصيرة ، اذا ذهبت يا ايفان، فأعلم انني سأعود ايضًا." قالت بعناد ، تصر على اسنانها في نهاية كلامها ، و تبادله النظرات الحادة

"هذا خطأ ستدفعين ثمنه."

"كل اخطائي مدفوعة الثمن بالفعل ، لا شيء لدي لأخسره حقًا، لكنني أيضا لن اسمح بأن اخسر جون مهما كلفني الأمر."

برودة اعصابها جعلته يشعر بالقنوط اكثر ، حتى و رغم جملتها الغامضة التي جعلته للحظة يفكر فيها  "ستذهبين .. صدقيني ستفعلين ، لا خيار لديك ، استمتعي بهذا الاسبوع القصير ، لأنه الأخير لك هنا."

"انت حتى لم تسمع ما لدي."

"سمعت بما فيه الكفاية لأقرر بأنك بلاء عظيم حل علينا ، لا اريد ان اسمع شيئًا اخر منك ، لا تفسدي طمأنينتنا يا ابنتي ، بمجيئك وانتِ تلوحين بما لديك هنا وهناك ستفككين العائلة"

"انها مفككةٌ ، لكنك الاعمى الذي يرفض تصديق ذلك ، هذا إذا كنت طبعًا تعتبر جون من العائلة ، تعرف جيدًا انها تعيس ، يكره كل لحظةٍ يمضيها هنا ، أرى ذلك جيدًا لأنني لست عمياء مثلك."

"هذا هراء ترغبين بتصديقه لتبرئي ذمتك."

"لو كان هراءًا لما انفعلت هكذا ، انت تعرف في قرارة نفسك اذن انني محقة."

تجاهلها متعمدًا ورفع اصبعه في وجهه ، يزمجر كل كلمةٍ على حده "ستذهبين شئتِ أم أبيتِ."

"لن أذهب." قالت كلمتها ، واستدارت لتغادر ، تشعر بانقباضةٍ حادةٍ في قلبها ، و الدموع التي رقرقت في عينيها تؤلمانها بشدة مطالبةً بالخروج ، لم تلفتت وراءها عندما تلفظ ايفان عليها و لعنها يخبرها بأنها ستغرب عن هنا ، كانت تعطيه الحق في قرارة نفسها ؛ لكل فرد حق الدفاع و حماية عائلته ، مهمًا كانت هذه العائلة. كما تفعل هيا هنا بمجيئتها الى لندن لتكشف عن غطاء الغموض المقيت لتعرف حقيقة أمها وتبراءها ، كانت تعرف في قرارة نفسها ان أمها بريئة ، مهما قال اي شخصٍ عكس ذلك ، و ستفعل ما يلزم ، و لو عنى ذلك ان تدهس على قلبها ، لتكشف هذه الحقيقة أمامهم وتجعل من تسبب بالأذاء لها يدفع الثمن غاليًا ، ستجعل ايفان ايضًا يبتلع كلامه و يدفع الثمن هو الأخر ، لن تسمح لنفسها ان تكون الضحية في القصة، سالت الدموع باردةً على وجنتيها و شهقت تبكي نفسها وأمها و أخويها، كانت السماء الملبدة بالغيوم تنذر بتوقف عن نفث الهتان وبدأ هطول رذاذ خفيف من المطر البارد ، اشتدت الريح قليلًا بعد ، و احتضنت ايلا جسدها تتمالك نفسها و تسير مبتعدةً عن اي عين قد تراها فقدت السيطرة على نفسها ، تاركةً كل شيءٍ وراءها

****

رفع جاسبر عينه الى السماء الغائمة ، يغلقها قليلًا ليصد ضوء الشمس المتسرب من كتل الغيوم التي بدأت تتكتل و تشتد منذرةً بقدوم المطر ، يشعر بالكسل ينتابه بعد ان نام ما يقارب ثلاثة عشر ساعةً متواصلة بسبب انه خرج من عمله و ركب سيارته مباشرةً ليلحق بعائلته ، فأتكئ على السياج الخشبي الصلب يراقب الجياد تروح مجيئًا و إيابًا ، و كريتسوفر بالإسطبل يسرج حصانه ، صعد على السياج و جلس فوقه وهو يداعب خطم جوادٍ اقترب منه ، يتأمل سواده الفاحم الأخاذ "هل هذا جديد؟"

نظر نايثان الذي يلوك في فمه شيئًا ما نظرةً خاطفة "غالبًا ، لم اره يومًا.." كان نايثان يشعر بالكسل الشديد و الملل ، يراقب ما حوله بذات الملل و يستمتع فقط بالشعور العذب الذي تعطيه الريح عندما تندفع وتلامس وجهه

"إنه خاطف للأنفاس ، احسّن جدي باختياره." غمغم جاسبر ، الذي مد يده ليلمسه و يمسح عليه

"اين اخوك بالمناسبة؟ كيف نجى؟"

ابتسم جاسبر ابتسامةً كسولة ، و ترك الحصان ليبتعد "تعرفه ، ديريك لا يترك عمله في المنتصف ، لا بد ان شيئًا ما طرأ له.. لكنه غالبًا سيأتي ، عليه ان يفعل."

"لماذا؟"

"لم يقابل ايلا بعد ، عندما اتت كان في شهر عسله ، و عندما انتهى شهر عسله طرأ امر موت احد افراد عائلة زوجته. كان عليه ان يكون بعيدًا لفترة ، لكن ها هو ذا."

"انا ايضًا لم اقابلها بالمناسبة، كيف هي؟"

اخذ جاسبر لحظة صمت يفكر فيها ، بالقشرة الهشة للشخصيتها المستقلة القوية ، لنظرت عينيها الغامضة التي اثارت فضوله ، و لاحتشامها المبدئي المفرط قبل ان يشعر بها ترتاح لهم وتسقط هذا القناع "مبدئيًا لن تستطيع معرفتها حقًا حتى تطمئن لك ، وهذا قد يأخذ وقتًا نظرًا لأنني انا نفسي لم اصل بعد ، لكن ما تظهره جيد للغاية."

"هل هذا رأي جاسبر المختص ام جاسبر الأخ؟ تعلم هناك فرق بين هذين الاثنين."

"كليهما ، هذا لا يمكن ان يستغني عن رأي هذا..لكن لا ، اعتقد ان جاسبر الأخ هو من يتحدث هنا في هذه الحالة ، جاسبر المختص كما تقول يعطي تعليقاته فقط."

استدار فإذا به يرى ليام يجرّ بنطاله أبوه و يشير الى شيءٍ ما ، و أبوه يوليه اهتمامًا حقيقيًا

"عمي ضحية ليام الجديدة." ضحك نايثان الذي لوح له ليام ثم قال شيءً لبلايك عنه ، عرف ذلك من النظرة اللئيمة التي اظهرها على وجهه الصغير ، فنظر له بلايك بدوره بحاجبٍ مرفوع جعلت من نايثان يحك رقبته بتوتر ، ويهمس لجاسبر الواقف بلا فهم "اللعين اخبر والدك شيئًا عني..عند اللعين طريقته في السيطرة على العقول ، لست متخصصًا مثلك لكنني اعرف."

ضحك جاسبر، وهز رأسه "أبي قد يكون شرسًا احيانًا، ايًا كان ما قاله له ليام ارجوا ان يكون يسترعي ان يوبخك كما سيفعل الآن غالبًا." لكن جاسبر مع ذلك نظر الى ابوه جيدًا بعينيه الخبيرتين ، كان هنالك شيئًا مختلفًا به ، تلك الهالة المظلمة الكئيبة و المتحفظة التي تنفر الناس منه عندما يكون غاضبًا و بمزاجٍ سيء كما هو حاله معظم الوقت كانت قد تغيرت ، بدا وجهه اقل ارهاقًا و اكثر تصميمًا ، يبدوا بطريقة ما وكأنه امسك بشيء لا يراه احد سواه ، كمنتصر ، عقد جاسبر حاجبيه مبتسمًا و فضوليًا تجاه ما قد يغير أبوه بين ليلةٍ و ضحاها

"لن استطيع النفاذ بجلدي،أليس كذلك؟" قال نايثان الذي وقف بتململ ، يفكر بالانسحاب بروية قبل ان يصل عمه اليهم

"بلى، ابقى حيث انت ، خيرًا من ان توبخ امام احدٍ اخر..ثم لا اعتقد انه سيوبخك بحدة ، مزاجه جيد كما ارى..غالبًا سيسكت ليام بكلمةٍ او اثنتين."

"هذه هي المصيبة ، لا اريد ان ينال الطفل انتصارًا اخر علي."

بدون اي كلمةٍ اضافية او ايماءه ، قرر بلايك بجدية "ان ازعجت ليام مرةً اخرى في حياتك او وعدته واخلفت ستجدني امامك ، هل تفهم؟."

تأفف نايثان ، ضجرًا ، وقال "امرك يا عمي."

ابتسم ليام ابتسامته المنتصرة ، و رفع يديه لبلايك الذي تنهد بملل و حمله ، كان المشهد يسلي جاسبر كثيرًا الذي يعرف جيدًا علاقة ابوه المتوترة مع الأطفال ، فبالعادة يهابونه و يخشونه وهو في المقابل لا يتقبلهم بسهولة ، و يظهر ان ليام كان الحالة الاستثنائية الوحيدة

ظن نايثان انه شاهد رأسًا اسودًا يبتعد ، صاحبته اختفت في ظلال الأشجار بركضها السريع ، لكنه عندما امعن النظر مجددًا لم يجد شيئًا ، فتح فمه ظانًا منه انها ليلي تعبث في الارجاء وتتجول ، لكنه اغلقه مجددًا ، إن كانت ليلي فهي على الأرجح تعرف جيدًا الطريق و سترى انها سوف تمطر و ستعود من فورها، كان السماء قد تعكرت و ابتسم براحةٍ وانتصار لأنه سمع ليام يتذمر ، و لن يستطيع ركوب الأحصنة كما يدعي انه سيفعل

قال بلايك يخرسه "انظر الى السماء! ستمطر و الجياد متوتره ، ان ركبتها ستقذف بك بعيدًا ، ها قد رأيتها ، لنعد الآن."

"لن تفعل اذا ركبت معي." عاند ليام ، وابتسم جاسبر لملامح أبوه ، الذي بدأ يفقد صبره الآن ، مع ذلك قال برفق

"لكنني لن اركب ، ليس والسماء تهدد بالهطول ، هيا سريعًا المس الحصان لنذهب."

تأفف ليام غاضبًا ، و كاد يلمس الحصان الأسود القريب منهم بخفة بأصابعه الصغيرة المرتجفة، لكنه كان مرعوبًا ايضًا في الآن ذاته ، عالق بين شعوره بالإثارة و الرعب ، فمد بلايك يده ولمس خطم الحصان يشجعه "انظر ايها الجبان الصغير ، انه لا يؤذي ، جميل ، أليس كذلك؟"

لكن ليام ضل نافرًا من الأمر برمته ، فغمغم بلايك بتأفف "هل هذا ما ازعجتني لأجله؟ حقًا؟." و امسك بيده يسرعة يضعها على خطم الحصان ، صرخ ليام و دفن وجهه في رقبة بلايك ققهقه الأخير محررًا يده من قبضتهِ اخيرًا ، سامحًا للحصان ان يغادر في صمتٍ مهيب

"اياك ان تهددني ابدًا مرةً اخرى.. وايضًا لا تطلب شيئًا لستَ أهلًا له ، هذا يضعك في موقفٍ أحمق يا صغيري."

***

عندما ادار ويليام باب غرفة جون ، سبقه الأخير واغمض عينيه مدعيًا النوم لأن لا رغبة لديه لمقابلة احدٍ الأن ، رغم انه كان ناعسًا بالأساس ، الا انه لم ينم كما كان يخطط أن يفعل ، بقي جسده متكاسلًا على السرير ، و رأسه يدعوه للبقاء أطول مدةٍ ممكنةٍ على الوسادة ، الا ان عقله الذي يكان بدوه يسبح دائخًا ، كان متيقظًا في الآن ذاته ، وجد نفسه كما المسحور يقرأ صفحاتٍ عشوائية من رواية أمه المفضلة ، الضاحك الباكي ، التي في قرارة نفسه يعتقد ان امه تفضلها لأنها تعتبر الوحيدة من روايات هوغو ذات نهايةٍ سعيدة ، حيث يجتمعون في النهاية معًا بلا أي شيءٍ سوى أنفسهم ، وهذا ما كانوا جميعًا يريدونه ، او على الأقل هذا ما يعتقده ، يقرأ الجملة إن اضطر مرةً او حتى عشرة ، حتى يعمل عقله على ترجمة معناها و يستنبط ما خلفها و ماذا يمكن ان يكون خير بديل لها في هذا الموضع او ذاك ، و في كل مرةٍ يجد فيها منعطفًا حادًا او عبارة ملهمة ينظر الى صورة أمه في الطرف الأخر تبتسم له مشجعة ، و هكذا انتهى به الأمر راضيًا بعد ساعةٍ من القراءة كانت لتمتد أكثر لولا ان الجهاز اللوحي انتهى شحنه ، فأستلقى على سريره ، قبل ان يأتيه ويليام ليتفقده الآن ، لا يتحرك من مكانه عند الباب ، و من وراءه يتسللل النور و الضجيج "جون .. هل أنت مستيقظ؟" سأل بصوت خافت ، غير متأكد من ذلك لأنه رأى الجسد يتحرك حركةً خاطفة قبل ان يفتح الباب كله

امسك جون لسانه بالقوة كيلا لا يقول لا ، و شعر بنفسه ان هناك احساسًا حلوًا و غريبًا من الحماس ينتفضه و يبقي عقله صحوًا ، ويليام لاحظ انه مستيقظٌ رغم صمته ومحاولته ادعاء عكس ذلك ،فنظر ويليام الى الرواق الخاليي خلفه ، يسمع ضوضاءً خفيفةً ، و دخل واغلق الباب و قال بحزم "انهض." ضغط زر الانارة ليغمض جون عينيه من الضوء المفاجئ و يفتحهما مجددًا ببطءٍ ، يقابل وجه ويليام الصارم

"استيقظ .. اذهب و اخرج ، سِّر في الخارج و خذ نفسًا عميقًا في الهواء الطلق ، ماذا قلت لك؟ هذا اكثر ما تحتاجه في هذه الفترة الحساسة ، لا هذه الغرفة الكئيبة."

"فعلت ذلك قبل ساعة الآن ارغب بالاستقاء و عدم فعل أي شيء."

"هل من سبب؟ الادوية حتى لا تسب النعاس لهذه الدرجة."

رفع حاجبه ، يعرف جيدًا الإجابة ، هذا جعل جون يزم شفتيه غير مرتاحٍ الى ما آل اليه الأمر ، و تململ في مكانه ، ينظر جانبًا الى النافذة حيث الاشجار الخريفية البرتقالية تداعبها الريح و يُسمع صوت هسيسها و زقزقة العصافير التي احست بمجيئ العاصفة وبدأت تتطاير هنا وهناك مبتعدةً "ليس كما تظن.. انا وحدي لأنني ارغب بأن أكون وحدي ، احتاج لذلك، و لا اتهرب من احد إن كان هذا ما تقصده ، هناك فرق إن كنت تدرك ما اعني ، احتاج لأن افكر"

لا يدري حقًا من صحة هذا الكلام من عدمه ، هل هو يهرب حقًا؟ هل ما يفعله يسمى هربًا؟ ذلك جعله يغرق في اللحطة متجاهلًا نظرات ويليام الباردة الثقيلة ، لكنه كان مرتاحًا لأنه صدق ، انه يحتاج لأن يفكر في حياته دون تدخل اي احد و لا وجود اي ضغطٍ حوله ، يريد ان بفكر بكل شيءٍ على حده وإن كان عليه ان يأخذ ما يسميه بالـ'خطوة التالية' لكن وجود ايلا جعل هذه الخطوة التالية تضعُف ، لا قيمة لها ، لا مغزى من وراءها ، وما إن كان قد فعلها ، فسيؤدي ذلك الى عواقب وخيمة ، فكر بتلك المدينة البعيدة التي اراد الذهاب اليها مرةً ، و غرق في الصمت

تنهد ويليام ، ونظر في عمق عينيه عندما تلاقت أعينهما مجددًا
"أمل الا احتاج لأن أكرر ذلك للمرات عديدة اكثر مما قد كررته بالفعل، يبدوا انه شيءٌ في جينات هذه العائلة ، بلادة لا يستصيغها المرء ، اكرر واكرر لكن لا اذن تسمع ، لكن ، اعلم جيدًا يا فتاي الطيب ، انا معك ضد الجميع حتى ، إن اردت شيئًا ، إياك ان تتردد للحظة ، هل تفهمني؟ ثم لا تحتاج لغرفة كئيبة لتفكر بالمناسبة.. لا زلت عند رأيي بأن عليك تخرج في وقت ما."

ابتسم جون له بعينيه الغائمتين ، ممتنًا كما كان دائمًا لهذا الرجل الطيب "اعرف.. و أنا ممتن لذلك ، صدقًا."

بعدما خرج ويليام واغلق المصابيح وراءه كما اشار له جون ان يفعل ، عاد هو ليغرق في افكاره الخاصة ، في الاشياء التي لم يتممها بعد ، بالرواية التي لم ينتهي منها ، و بأخته التي اتت متأخرةً لكنها على الاقل اتت ، التفكير بها جعله يبتسم وسط ضبابية افكاره القاتمة.
كانت النور الذي احتاجه ليتجاوز اسوأ المشاعر واكثرها انهاكًا ، كانت كل من يحتاج اليه وأكثر ، بطريقة ما ، ملئت معظم الفراغ الذي كان يأكل روحه وجعلته يشعر بأنه حيٌ من جديد بعدما كان يعيش في حياته بلا هدفٍ او مغزىٍ حقيقي ، لم يكن هنالك اي شيءٍ يؤنسه و يقتل اشد افكاره ظلمةً حتى اتت ، كان وجودها هي اشبه بالنفس الأول الذي يأخذه من مكث في عتمة الماء غريقًا ، شاهد جون من مكانه المطر يسيل باردًا كالدموع على زجاج النافذة، تضربه برفق وترسم خطوطًا كالعروق ، افلت ما بيده ، كالمسحور نهض من السرير يمشي للمطر، حاول فتح الشرفة الموصدة ، التي مضى زمنٌ طويلٌ منذ اخر مرةٍ فتحت فيها ، في المرة الاولى والثانية عاند الباب العتيق ، لكن جون كان اعند ، فشده بقوة اكثر من اللازم حتى شك بأنه كاد يخلعه ، وانفتح ، نفض يديه من الآلم اللاذع في اصابعه ، و شد على يده ماضيًا في الشرفة الضيقة ، ينظر الى السماء التي تخرج ما في جوفها ، يغمض عينيه تاركًا البلل يخترق ملابسه لجسده و يوجه نظره الى السماء.

***

كانت السماء تلفظ هتانًا في البداية ، و مشى الثلاثة رابعهم الطفل في النسيم البارد المشبع بالمياه الذي يلفحهم يمنةً و يسرة ، عندما رفع ليام رأسه الى السماء الغاضبة ، شاهد الرجل الأشقر المتشح بالملابس السوداء ، ملابسه ملتصقةٌ به من البلل ، و عينيه تنظران في الأفق الاسود الذي اخذ يشتد ، تتبع بلايك نظراته و شاهد جون الشارد في الفضاء ، و كمن تعكر مزاجه جراء شعور الواجب الثقيل و مع ذلك الذنب الذي اصبح اثقل من ذي قبل مع ادراكه الجديد لفداحة اخطاءه اصبح وجهه اكثر قتامةً ، و مزاجه عكرًا ، لأن اكره ما يكون عنده ان يوضع في موضع الجاهل ، الذي لا يعرف اين هو مكانه في اي مكان ، هل أبيضٌ أم اسود ، هذه الحيرة المقيتة كانت دومًا جهنمه

وكمن شعر بلسعات النظرات اخفض جون عينيه للأسفل ليشاهد ليام الذي يحاول جذب انتباهه منذ ساعات الصبح و الآن ملوحًا ، لم يرفع يده ليبادل التلويحة ، و استدار مغادرًا بمزاجًا اكثر قتامةً من مزاج والده ، تبادل كيلًا من نايثان وجاسبر النظرات الصامتة و لم يعلِّق احد ، لأن بلايك نفسه تجاهله ايضًا

"لما يتجنبني جون، يا بلايكي؟

قال نايثان بسرعة "انه لا يتجاهلك ، انه لم يرك فقط."

"هل اصعد له اذن؟."

"لا."

***

صفعة الريح وجهها ، و اختلط المطر بالدموع الحارة من عينيها ، الآلم المقيت اشتد بها عند التفكير بمحادثتهما الأخيرة ، و لعنت ايفان للمرة الآلف ، تبكي معركتها التي خسرتها قبل ان تبدأها بعد "ماذا افعل .. اللهي .. ماذا افعل، سيكرهني ، انا كذبت عليه ، انا نظرت لعينيه وكذبت عليه ، جرحته و كسرت قلبه و ايفان سيأخذه مني ، اللعين"  هرولت اكثر ثم ابطئت سيرها ، الى ان توقفت تمامًا
تتذكر كلام جدتها التي نظرت لعينيها واخبرتها ان ما هي مقدمةً عليه ضربٌ من الجنون ، لكننها تتذكر جيدًا كيف تجاهلتها ، كيف حاولت ان تتملص من النظرات اللائمة و المتهمة و نجحت في ذلك ، كان هذا جزاءها

ركضت مجددًا عند هذه الفكرة المقيتة ، لكن الرؤية اختلت عندما علقت قدمها في جذع شجرةٍ و وقعت على الأرض ، و ارتطم رأسها بصخرةٍ مدفونةٍ بين اوراق الاشجار البرتقالية المتساقطة و الطميّ العميق ، وسال الدم باردًا قبل ان تدرك حتى ما أصابها و تلاشت الرؤية ليستحيل كل شيءٍ فراغًا مظلمًا

***

كانت ميرديث تقف قبال النافذة تنظر للمياه المتساقطة كالعروق ، قد بدأت تخف ، وسألت "هل سنذهب؟."

"هل تريديننا ان نذهب؟."

"ليلي تحتاج لتسلية .. حتى ارى والدها ، لا ضير ما دام المطر قد توقف قبل المغيب."

"لحسن الحظ اذن .. لما لا؟"

"سأخبر اليزابيث اذن."

كان المنزل مليئًا برائحة المطر و الحطب ، كاميلا مقابلةً للنيران المشتعلة تتأملها في صمت ، سارحةً ، لم تشعر حتى بيد ابنتها التي حطت على كتفها تسألها عن شيءٍ ما ، اما العمة اجاثا ، فكانت مقابلًا للنيران تقلب اوراق التاروت تتمتم لنفسها

دخل ستيفان حليق الذقن ، الذي صار وجهه اكثر حيويةً بعد ان تمالك نفسه اخيرًا و عاد لسابق عهده خفيف ظل و سهل معشر "مساء الخير." تمتم ، يتلفت باحثًا بعينيه عن زوجته التي لم يعثر عليها هنا ايضًا ، فلوى شفتيه

نظرة له كاميلا بطرف عينها تدرسه للحظة ، كان يثير تساؤلها وحيرتها انقلاب حاله المفاجئ ليعود لسابق عهده ، وردت متمتمةً "مساء الخير."

ثم نظر لعمته التي لم ترد ، تصب جام تركيزها على الأوراق القديمة التي عثرت عليها هنا بعد ان اضاعتها مند سنتين او أكثر ، يهز رأسه مستمتعًا

"يا عمتي ، اين زوجتي بحق الاله.؟"

همست لنفسها بصوتٍ خافت
"لا احتاج لتاروت أن يخبرني لأعرف انها تحيك شيئًا ما في مكان ما."
وظنوها تتحدث مع نفسها بهمسٍ عن الأوراق ، فأجابت جولييت "انها عند ليلي في غرفتها، جدتي اخبرتهم اننا سنذهب لحفلة الجيران."

زم شفتيه متسائلًا عن اي جيرانٍ بالضبط ، لأنه تأكد اثناء مروره بالطريق من كون المزارع المجاوره خاويةً من ملاكها ، مع ذلك لم يعلِّق ، و عاد بادراجه ، في اللحظة ذاتها دلفت كلوديا حمراء الخدين من البرد ، فأستوقفها بيده ، ناظرًا لمحياها العذب الذي اخذ يسترخي اكثر مما كان عليه في اخر مرةٍ تحادثا "يا حلوتي .. منعنا القدر مرةً اخرى من الحديث."

ابتسمت كلوديا لأبوها بتوتر ، تحبه ، لكن تكره انه صار يضغط عليها بطريقته التي تجدها اسوأ الف مرةٍ من طرق أمها ، ترى الاهتمام يلمع في عينيه يصيبهما بالتوتر أكثر ، و قالت "لاحقًا يا أبي ، السماء تمطر ، وامامنا الأسبوع كله."

"ليكن خيرًا ... هل ستذهبين الى الحفلة يا حلوتي؟."

ميلت شفتيها و ونظرت له بترقب ، فتنهد ، واخبرها "ليكن ، افعلي ما يحلو لك ، لكن ليكن بعلمك انني لفضلت ان اراك امامي هناك تستمتعين بوقتك."

"لا بأس ، لا احب التجمعات كثيرًا كما تعرِّف.. افضل ان اقضي امسيتي في مشاهدة فيلم او لعب العاب الفيديو ، لم افعل ايًا من هذا منذ وقتٍ طويلٍ  بسبب الجامعة."

"هل يعني هذا ان امسيتك ستكون ممتعة؟ إن لم تكن ، لا بأس بأن ابقى للرفقة."

"لا ، عندها سأشعر بالذنب ، اريدك ان تذهب حقًا.. لنقصي كلينا الليلة كما نريد."

"ما دمتِ تقولين ذلك."

سمعوا صوت الباب يفتح ، و بضجيجٍ خفيض بسبب الاحذية والمعاطف المبللة التي تخلع ، ثم دلف بلايك اولًا يسير وراءه ليام عابس المحيا ، وخلفهما جاسبر ونايثان المستمتع بسوء مزاج الطفل ، بدون كلمة صعد السلالم يشق طريقه الى غرفته. ووراءه تتبعه النظرات الغامضة لستيفان ذي المحيا المتصلب للحظاتٍ قلال قبل ان يسترخي مجددًا ، مشى ليام الى الاريكة التي تجلس فيها كاميلا ليجلس بجانبها في صمت ، ابتسمت ومسحت على شعره تجذبه ليستلقي على فخذها "اخبرني .. هل وبخك بلايك؟."

همس بصوتٍ خافت "لا."

"اذن ماذا فعل؟."

"لم يفعل شيئًا."

"لماذا انت حزينٍ اذن؟."

نظر لها قليلًا ، مترددًا في اخبارها ، لكنه غير رأيه و هز رأسه "لا شيء."

دلف بلايك الى غرفته ، رمى بمعطفه على الأرض و خلع حذاءه ايضًا ، ثم ارتمى على السرير يضغط برأسه ضد الوسادة ، متنهدًا بعمق ، دقائق قلال قبل ان يسمع صوت الباب يفتح و يغلق بهدوء "بلايك؟." زوجته قالت ، منتظرةً منه ردًا ، لكنه لم يرد ، بقي صامتًا مسدلًا رموشة

"اعلم انك مستيقظ ، هل هو الصداع مجددًا؟."

همهم دون ان ينطق بحرف ، واعتبرت هذا ردًا ، فقالت تجلس أمام المرآة لتخلع اقراطها و تنظر لظهره الصلب الذي يوليها قائلةً "هل ستذهب؟ أبوك دعاه السيد ويليامز لحفلتهم."

"لا."

"ظننتك ستفعل ، لأن روبرت سيكون هناك."

"لا رغبة لدي."

"كما تشاء، ماذا سأقول لأبوك؟."

"اي شيء." قال ببرود معتاد ، و غرق في الصمت.

كانت الغرفة تغرق بدورها في الصمت و البرودة ، لولا حركات كاميلا المشغولة بالتزين هنا وهناك ، اعادة وضع مكياجها بعد ان رتبت ملابسها ، و مررت المشط مرةً اخيرةً في شعرها ريثما تنظر الى زوجها الذي ما يزال يوليها ظهره ، و زفرت تهز رأسها يائسةً منه و تحمل معطفها ، واغلقت الباب وراءها

***

كانت ميلاني في الغرفة المشتركة لليلي و آيلا ، تمسك بالمعطف الأسود على طرف سرير آيلا و ترمي به جانبًا بتأفف ، لكن عينها رغم ذلك حطت على أغراضها ، الى الحقيبة النصف مفتوحة القابعة ارضًا كحال حقيبة ليلي ، زمت شفتيها ، توشك على ان تفعل شيئًا ، لكن ليلي خرجت من الحمام و نظرت لتجد أمها هناك في منتصف الغرفة "أمي.؟" ظنت ان جدتها اخبرت أمها بالحوار بينهما ، فوقفت في مكانها بتردد

التفتت ميلاني اليها ، تتجاوز الحقيبتين اليها
"ليلي .. حلوتي، ماذا تفعلين بهذه الغرفة؟."

نظرت لها ليلي باستغرابٍ و غير فهم "ماذا أفعل؟..انا دائمًا هنا يا أمي."

"لماذا لستِ بغرفةٍ وحدك؟."

"هذا امتيازٌ لا يمكنني ان احصل عليه كما ترين..لكن لا بأس ، أحب غرفتي."

"بلى ، ان كانت ابنتي انا تريد غرفةً لوحدها ستحصل على غرفةٍ لوحدها."

"الأمور لا تجري هكذا هنا بسبب جدتي." ابتسمت ليلي ، ورمت بالمنشفة على شعرها ارضًا امام ناظري امها التي هزت رأسها من افعال ابنتها الفوضوية المعتادة

و جلست ليلي على السرير ، بشعرها المبلول تلعب به بأصابعها ، قالت أمها تجول بانظارها مجددًا للغرفة التي اجتاحتها رطوبةٌ باردة "هل ستذهبين الى الحفلة الليلة؟"

"لا ادري بهذا الشأن ، ربما نعم وربما لا." فكرت للحظةٍ في قضاء الليلة بمفردها امام التلفاز لمشاهدة مسلسلها ، متجاهلةً وعود اليانور لها بأنهم سيستمتعون هناك مع رفيقاتها

قبل ان تفتح ميلاني فمها كان الباب الموارب قد طرق بخفةٍ ، والتفتا معًت لتجدا ستيفان هناك على وجهه تعلو الابتسامة الحلوة المعهودة "عن ماذا تتحدثان انتِ وابنتك بعيدًا عني.؟"

"لا شيء." قالت ليلي ، التي نظرت بفضولٍ له ، كان مثيرًا لعجبها ان حاله تغير من الإنتكاسة الغريبة التي كان غارقًا بها ليعود كما كان ، رجلاً بلا هموم و محيًا مبتسم ، لكنها أيضا نظرت بسرعةٍ لأمها التي تنظر الى زوجها بإبتسامة لكن متعجبة فيهما شيءٌ من الراحة ، قبل خد زوجته و لف ذراعيه حول خصرها ، وقال لإبنته دون ان يشيح بنظره عن عيني زوجته بإفتتان "هل حقًا لا تفعلان شيئًا؟ لأنني اعرف امك عندما تخطط لشيءٍ ما."

"اخطط؟" رفعت ميلاني حاجبها تنظر في عمق عينيه بذات الابتسامة المتعجبة ، وتابع ستيفان متجاهلًا إياها هذه المرة يولي الانتباه لإبنته "لكن أيا يكن ما هي تخطط له..ابوك هنا ليصد زوجته و يمسك بها جيدًا."

"لا تتغازلا في غرفتي ، هذا مقزز، انا انام هنا بحق الله" قالت ليلي ، رغم انها كانت مرتاحةً في اعماقها لأنها رأتهما منسجمين مجددًا ، أيا كان ما بينهما سابقًا ، فكما قالت جدتها ، لقد تجاوزاه كما سيفعلان دائمًا

ضحك ستيفان و افلت خصر زوجته ليجلس على السرير مع ابنته "ما خطب بناتي مع الاكتئاب ، أولاً كلوديا و الآن انتِ." وامسك بيديها الاثنتين ، كان يمازحها ، لكنه كان جادًا في الآن ذاته ، و نظر لزوجته بذات الجدية نظرة خاطفة ينشدها العون ، بالرغم من ان ميلاني الواعية لمشاكل بكرها ، لكنها ولت انتباهًا كاملًا للأمر ، إن عرِّف ستيفان ، لا تعلم ماذا عساه يفعل. و هذا وحده جعلها تشعر بالتهديد.

قالت ليلي بسرعةٍ مستغلةً بالفرصة التي واتتها على طبقٍ من ذهب "كلوديا مشاكلها في القلب، إن كنت تفهم ما اعني..." و غمزت في نهاية كلامها ، و فكرت بأن عمتها اجاثا ستكون فخورةً بها ، لكن أمها في المقابل نظرت لها بحدة و لم يفت الأمر ستيفان المتعجب لنظراتها الغاضبة و للكلام نفسه ، قال وهو ينظر لزوجته "ماذا تعني.؟"

"لا تعني شيئًا ، الا تعرفها ، تحب الثرثرة التي لا قيمة لها ..  أيًا يكن ، عليك ان تغير ملابسك وانتِ أيضًا."

سحبت زوجها من ذراعه لخارج الغرفة، تتوعد ليلي في سرها ، و نظر ستيفان لإبنته ينطق بلا صوت "هذا لم ينتهي بعد."

قبل ان يغلق الباب وراءه ، قهقهت ليلي و كتبت بأصابع رشيقة لجولييت "لقد قمت بمهمة انتحارية ، ابي صار يعرف." و أرسلت ، قبل ان تنهض لتسرح شعرها و تغير ملابسها

قادة ميلاني زوجها وراءها الذي خمن شيئًا او شيئين من كلام أبنته ، الذي قال "انتِ تعرفين شيئًا لا اعرفه ، هذا لا يفوتني بالمناسبة."

"مشاكل نساء .. لا تتدخل بها." قالت بسرعةٍ ، تضع يديها على كتفي زوجها و تلصق جسدها بجسده ، طريقتها في تغيير الموضوع و تشتيت انتباهه ، رغم استنكاره ، لكنه كان مبتسمًا بذات الافتتان ، حتى انهما لم يلحظا اليانور و جولييت التي رأوهما ، و اغمضت الأولى عينيها تغطيهما هامسةً لأختها "لم يعد البيت مناسبًا للمراهقين." جرتها اختها الى الغرفة اخر الرواق حيث تقبع ليلي موصدين الباب خلفهم ، ارتدت ليلي ملابسها بسرعةً وهي تهتف "هيه! الم تسمعا بطرق الباب؟."

"وكأنك انتِ تطرقين!." سخر اليانور

وقالت جولييت بسرعة "اخرسا..الموضوع مهم." ثم نظرت الى ليلي "هل اخبرت عمي حقًا؟."

"لا..لكنني سأفعل..أبي يدعم الحب و الاحباء ، مثلي تمامًا."

سخرت اليانور مجددًا "هذا واضح بما انه يتشارك الحب في الرواق."

"اعلم! فعلا هذا لتو امامي ولا اعرف ماذا اقول بهذا الشأن."

"كفا عن السخرية ، الموضوع جدي ، هذه المرة كلوديا حقًا ستقتلك."

"انا لم اخبره بالأمر حقًا ، كل ما في الأمر انني لمحت ببساطة."

فتحت الدرج ، حيث وضعت حقيبة مكياجها الصغير ، تفتش داخلها ، و استلقت اليانور على السرير ، تنظر الى الاخر الفارغ "واين ايلا على ايةِ حال؟."

"لا ادري ، استيقظت ولم اجدها ، لا شك بأنها ترى الأرجاء..ستمل بسرعة كما أامل وستعود سريعًا."

"هل ستذهبن لهذا العشاء؟"

"انا ذاهبة لهناك لأن – لا اعلم ، لا سبب يمنعني من عدم الذهاب و امي تريدني ان اذهب ايضًا." مررت الفرشاة بخفةٍ على آنفها ، بينما تنهدت جولييت بملل وهي تحدق بالسقف "لن اذهب ، لا رغبة لي .. اعتقد أنني سأنام"

"انا ذاهبةٌ ايضًا ، لكن اولًا سأعثر على آيلا لأخذها معي."

**

بعد ان لفظت السماء بعضًا مما في جوفها ، غط الأفق غيوم بدأت تتبدد شيئًا فشيئًا ، قاربة الشمس على الغروب ، وكان ادوارد اول من خرج الى المنزل يتحدث بالهاتف مع احدهم تتبعه زوجته المشغولة بابقاء معطفها فوق كتفيها ، راضيةً ، عندما رأت ستيفان عاد كما كان و زوجته بجانبه ، و حفيدتها راضية بهذا. وكان الأمر وكأن جزءً من الهم قد انزلح عن كاهلها ، هم سعادة ابناءها.

إليزابيث قررت ان تلزم غرفتها لأنها ما تزال متعبةً من الطريق كما تقول ، الا انها في الأصل ارادت البقاء عندما عرفت ان جون لم يذهب مقررةً ان تبقي عينها عليه وان تحاول اذابة الجليد بينهما ، و تحت رعايتها ايضًا كان ويليام النائم الآن على طرفِ سريرها ، اما بلايك فقد قالت زوجته ان الشقيقة قد افتكت به مجددًا و هو ملتزمٌ سريره منذ الصباح وكذلك فعلت جولييت التي قضت المساء كله تطالع كتابًا عثرت عليه ملتزمةً غرفتها ، اما كلوديا لم يعثر عليها احد بالجوار فظنوا انها مع ايلا ، كما ان اجاثا كانت هي الأخرى تطالع التاروت امام نيران المدفئة ، سارحةً في البعيد و تستعد هي الاخرى لدخول الى فراشها بعد سويعةٍ او اثنتين رغم ان المساء في أوله

عدا ذلك كان البقية ذاهبون بالفعل وقد سبقوهم بوقتٍ كثيرٍ الشبان ، الا ايفان الذي اخذ يتلكئ قليلًا ينظر حوله قبل ان يركب سيارته ، تتبعه نظرات كاترينا الجميلة.

حرِّص ادوارد على ان يركب سيارته لوحده مع زوجته بجانبه ، ليبادلها اطراف الحديث خلسةً دون ان يقلق من ان احدهم يستمع "اذن ماذا لديك؟."

"كنتُ موشكةً على ان اسألك السؤال نفسه ، هل تحدثت الى ستيفان؟"

"لا.."

"اوه حقًا؟ هذا غريب ... ظننتك فعلت، لا فكرةَ لديك عما مررتُ به اليوم ، كانت ليلي المسكنية تبكي ظنًا منها ان والدها وأمها يتطلقان او شيءٌ ما ، لا اعرِّف ما الخطب معه ، لكنها تقول انها تشعر بشيءٍ بينهما و قد شعرت انا بالشيء نفسه بالأمس ، حال ابننا يقول الكثير اصلًا ، تلك الهالات وهذا الشحوب و الشرود و التعب ، لكن انظر اليهما الآن.. بغمضة عين كان كل شيءٍ قد أصلح بطريقةٍ ما.. وعاد ستيفان الى ما كان عليه دائمًا."

"لاحظتُ هذا ايضًا..مع ذلك من الجميل الا تفرحي انهما كانا متشاجرين." داعب ادوارد ، يتكئ على النافذة لينظر الى الطريق الذي تحاوطه الأشجاز

"انت هنا تظلمني يا عزيزي ، بالطبع لن احتفل بتعاسة ابني و بتشتيت عائلته ايًا كانت مشكلتي مع زوجته ، ولو لم نكن متفقتين أنا وهي ، سعادة ابنائي اولًا وبعدها ليأتي ما يأتي، هؤلا الاولاد لن ننتهي منهم ابدًا ، ارتحنا من واحد بقي الأخر."

***

انتابني النعاس وانا اكتب فتوقفت هنا ، ٤٩٠٠ كلمة تقريبًا ، اعتبرها انجاز قيم

— لا تنسى تصوت ، وتترك تعليقًا طيبًا او انتقادًا محترمًا الاثنين قيمين جدًا

يلا نبدأ بفقرتي المفضلة (طرح الاسئلة التي لا قيمة لها)

* ايييييه ، تبون تسبون ايفان😍؟

* آيلا 🥵🥺 تخيلو اسويها و اموتها😂

* توقعاتكم بعد ما عرف ايفان عن ايلا ايش بيسوي؟

*جونييي

*بلايييك؟

*الشخصيات الاخرى؟

*ايش تتوقعون للمستقبل او البارت القادم؟

*سر تماسك ستيفان؟

* شخصيتك المفضلة بالبارت كله؟

*تقيميك للبارت؟
-عن نفسي ما احسني راضية تمام الرضى ، البارت كان شتات جمعته وكنت اكتبه في البريكات وخيط الافكار كان منفلت لكن اضطريت اغصب نفسي على الكتابة عشان استعيد نفسي🥺🌚

ما راجعت البارت ترا ، اذا صحيت شطبت عليه ، اللي يشوف غلط يقولي

اخيرًا طلبي الأخير ؛ ابغا اغير وصف الرواية ، احس من كثر ما قرأت ذا صابني ملل ، اي عبارة او جملة او نص اعجبكم في الاجزاء السابقة وتحسون لايق اقترحوه علي واكون لكم من الممتنين


**** ملحوظة جدًا مهمة يا اعزائي القراء وحتى الصامتين منكم الاعزاء ايضًا ، الله سأل في كتابه الكريم "هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون؟" فكروا جيدًا بهذا السؤال العظيم العادل ، انا اقدر قراءتكم لروايتي الحبيبة ، لكنني ايضًا لا اسمح لأيٍ كان ، خاصةً من قارئ لم يدعم بحرف او كلمة ، ان يتأمر علي وكأن الكتابة واجب اؤديه لوجهه الكريم ، احترِم تُحترم 💜

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro