Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

١٦

كتابةُ التعليقات و التصويت يبهجانني جدًا

***

كانت عكرة المزاج منذ اخر مرةٍ قابلت فيها ايفان قبل سويعات ، تجلس تولي الباب وجهها و تنظر الى الشجرة العجوز التي بدت لسبب ما تعيسةً بإستثنائية تشد الناظر ، عله لمدى قدمها البيّن ، في الأشياء القديمة التي جار عليها الزمن هالةٌ ثقيلة ، تثقل المرء كآبةً حتى قبل ان يدرك مصدرها ، تشي بحقيقة العالم الذي يتغير بوتيرته السريعة ، ان العمر لا يتريث و لا ينتظر أحدًا ، تعرف هذا جيدًا لأنه لعَّب لعبته الدنيئةُ مع امها ، انصرفت عينيها مبتعدةً عن المشهد الذي خيل لها انه حزين وعاجز ، طوقت ركبتيها بصدرها تضم رأسها و سرحت بالبعيد ، الى أي شيءٍ إلا الشجرة العجوز الكئيبة

رعشة عصبية اجتاحت يد ايلا عندما فكرت في أن كم سيكون جميلًا لو أنها بطريقة ما تعثر على سيجارةٍ لتدخنها سرًا ، سلتها فكرةُ ان تذهب الى الحراس المزعجين بالخارج تسأل إن كان مع احدهم سيجارةٍ ، تخيلت ردات فعلهم و ماذا عساهم يردون عليها ، بطريقة ما يبدو الجميع هنا كما لو انهم مثاليون او يدعون المثالية على اقل تقدير، من تفقدها للمكان أول شيء لاحظته الا منافض للسجائر هنا ، مما أوصلها للأستنتاج ألا أحد يدخن ، على الأقل علانية ، في بيتها كان التدخين امر معتادًا عليه ، زملاء جدتها كانوا يدخنون اكثر مما يتحدثون ، جيرانها يدخنون ، و حتى جدتها ان شعرت انها في مزاج جيد لذلك تدخن ببساطة

فكرت انها هي الأخرى التي لم تدخن سوى مرةٍ او اثنتين تحت اشراف ابوها الروحي و جدتها ، انها تشتهي التدخين لسبب ما يبدوا مبهمًا بقدر ما هو ساذج ، لشعورها ان التدخين سيمدها بالآلفة ، وكأن، عالمها طبيعي ، و ألا هم ينوح فوق رأسها سوى ان تنهي السيجارة اللعينة ، تتذكر جيدًا اول مرة دخنت فيها بعيد ميلادها السادس عشر ، يومها سعُلت بشدة وكادت تختنق حتى الموت وسط الضحكات المستلطفة من حولها ، ضحك ابوها الروحي بخفة و سحب السيجارة منها يناولها الماء ، يده برفق تضغط على كتفها "ليس عليك ذلك يا ايلا ، لا زلت يانعة و بريئة ، كيف لك ان تتجرعي التعاسات يا حلوتي ؟ يخيل لي انك لن تستطيعي التدخين حتى تتجرعيها. ولنأمل الا يحدث ذلك... لنأمل الا تتدخني ابدًا"

همست لنفسها "لكن هذا ما حدث يا عمي ، وانا اريد ان ادخن الآن." ثم شردت في هذه الفكرة الغامضة ، لم تلبث ساكنة الا وهي تحس بحضورٍ ثقيل جعلها متحفزة ، التفتت خلفها ، وبشكلٍ غير متوقعٍ كان ابوها ، رائحة السجائر الخفيفة هي ما استطاعت تمييزها قبل كل شيء اخر ، ظنت ان الرائحة من صنع خيالها ، لكنها ادركت بسرعة ان الأمر لم يكن كذلك لأنه انه كان من البين لها انه حاول تغطيتها بعطره بطريقة فجة لن يلحظها الا مدخنٌ أخر، وجهه جامد حتى بدا لها أيضا انه لم يكن حيًا في أي وقتٍ مضى ، وكأن الصور التي رأتها في وقتٍ سابق ، تنتمي لأي شخصٍ أخر ليس هو ، شخص لا يمت للواقف امامها بصلة

"اين أخوك؟" بدا ضائق النفس ، وكأنه لم يكن يعني ان يطرح السؤال و لا يرغب بأن يعرف حتى اجابته ،بدا مشتتًا وغير واثقٍ من نفسه او مما يفعل، لكنه فعل ، و ايلا بقيت صامتة لهذا ، تتمنى انها لا تهذي وانها تتخيل ذلك ، نفسها اخبرتها انها لم تكن تهذي فالرجل امامها من الجلي انه يفضل أن يكون في أي مكان اخر في هذا العالم على الا يكون بجوارها هي و اخوها ،
ليس هي ، ليكن ، لا تريد ان ترى وجهه ايضًا فهو لا يهمها ، لكن ان يفضل ان يكون في اي مكانٍ على الا يكون بجوار جون اكثر شخصٍ قابلتهُ في حياتها براءةً و دماثة خلقٍ و نقاء سريرة ، وحتى بشاشتهُ ، التي لا يظهرها سوى لمحادثهِ، كائنًا من كان، في خضم تعاسته الخفيّة التي باتت الآن واضحةً لها بقدر وضوح القمر في ليلةٍ خاليةٍ من اي شيءٍ سواه ، يثير قرفها

وميض لذكرى الابتسامة التعسة و النعسة التي رمقها بها جون و صوته في اذنها هادئًا و يائسًا "ما كان عليك المجيئ إلى هنا منذ البداية ، ليس كل شيءٍ كما تتخيلينه يا حلوتي" خيل لها ان ومضة مبهمة صورت لها ابوها الواقف امامها كتجسدٍ لكلامه ، ارتباكها اللحظي لظهوره الفج المفاجئ تلاشى وعادت البرودة و الصلابة يغلفانها ، لكنها اجابته بدماثة و أدب "نائم ، فعل هذا لتو."

"إذن بدلي ملابسك ستأتين معي."

"إلى أين.؟"

"والدك يريد أن يعرِّفك بإخوتك يا صغيرتي."

مع صوت ميرديث الذي قال خلفه فجأةً مع ظهورها أخيرًا ، باغتتها المفاجئة ، كانت تعرف انها لحظة اتية عاجلاً ام اجلًا ، لكنها لم تتوقع ان تكون الآن و حالًا ، وضعت فنجان الشاي الذي كانت تحتسيه و احتفظت بشجاعتها "بالطبع ، أمهلني دقائق لأحضر معطفي." لم يرد عليها حتى سوى بإيماءةٍ خفيضة لا تكاد تُرى و ولاها ظهره ، تنهدت ميرديث ، تصلي الا يفعل أيا من الحماقات أيًا كانت بقصدٍ او بلا قصد ، لأنها حينها لن تستطيع ان تعذِّره ، لم تواتيها الفرصة بعد لتحذره من جديد كما فعلت قبل سنواتٍ عندما انفصل عن زوجته الفرنسية ، وهذه المرة اقسمت في سريرتها مرارًا و تكرارًا انه سيكون تحذيرها الأخير له ، و ليساعدها الله ، لأنه حين يتجاوز حدّهُ هذه المرة ، لن تغفر له  ، نظرت الى الصبية الواقفة تحدق بغموض بظل والدها المتلاشي على الجدار و مسدت على وجنتيها "احظي بوقت ممتع."

ضيقت ايلا عينيها تراقب ظهره الذي يذهب منزويًا الى القسم حيث مكتب جدها ، وتنهدت هي الأخرى غير منتبهةٍ لميرديث التي تراقبها ، سحبت كوب الشاي و تجرعت ما تبقى منه ، كان باردًا أكثر من اللازم و لم تلحظ حتى "استأذنك أن اذهب و أغير ملابسي."

"تفضلي." راقبت حفيدتها تغادر و التفتت الى حيث كانت تنظر الى الشجرة العجوز تقضم شفتيها حتى كاد "لنأمل ان تستمر كاميلا بلعبة الزوجة الصالحة لمرّة .. خيرًا لها ان تفعل او ليساعدني الله" مع ذلك بدا قلقها جليًا حتى لنفسها ، ليس من كاميلا فقط بل من ابنها الأهوج العنيد الذي الله وحده يعلم أي أفكار مظلمة تدور في رأسه

***

اخذت ايلا نفسًا عميقًا وهي تمرر أحمر الشفاه ، عدلت فستانها الأسود و سحبت معطفها البني ، تأكدت من ان قلادتها في مكانها على صدرها تضغط عليها من فوق قماش الفستان برفق بلونها الذهبي الذي بدا مناقضًا تمامًا من سواد شعرها وملابسها ، وتأملت شكلها للحظة في المرآة ، هادئة و جميلة ، لا شيء اكثر من اللازم ، هاتفها القابع على الطاولة حشرته في حقيبتها وهي تعلم جيدًا ان بطاريته تكاد تنتهي ، مشت بخفةٍ ونزلت السلالم ، لم يمضي اكثر من خمسة عشر دقيقة منذ ذهبت الى غرفتها للتجهز ، و لحظتها خرج بلايك هو الأخر من الممر الذي دخل اليه في وقت لاحق ، صامتًا كما هو دائمًا ، لكن هذه المرة التشتت الذي كان يظهر عليه تلاشى وحل محله البرود ، أشار لها بالمضي أمامه ، وهي الأخرى حافظت على المسافة بينهما بتحفظ شديد ، كانت سيارته بالخارج تنتظر ، و فتح احد الحراس الواقفين الباب لآيلا التي اخذت مكانها بروية هناك ، كانت متأكدةً تمامًا انه دخن قبل مجيئه إلى هنا بدقائق ، لأن رائحة الدخان الخفيفة المختلطة برائحة العطر الرجالي فاضحة ، مسحت المكان بسرعة بعينيها ، لا اثر لأيٍّ من السجائر و المطفأة تبدوا نظيفةً للغاية وكأنها لم تستخدم يومًا ، و قطع فضولها بلايك الذي فتح باب السائق و دفع بجسده بالداخل ، كان جو السيارة ثقيلًا مع تجاهله لوجودها و تمسكها هي الأخرى بالهدوء ، و عوضًا عن محاولة فتح أي حوارٍ معه نظرت من اسفل رموشها الكثيفة الى المدينة الحية خارج السيارة ، تتأمل كل شيءٍ قد يشغل بالها عن احساسها المقيت الذي وصل لحلقها ، بأنه غير مرغوب بها.

***

"سأفقد اعصابي .. لقد ذهب دون كلمة حتى ليحضرها الى منزلي .. الى منزلي يا ميلاني!."

تسير ذهابًا و إيابًا في الشرفة الخلفية لمنزلها ، بروية تحاول الحفاظ على ما تبقى من اعصابها التالفة وهي تسمع اختها من الطرف الاخر تلعن بصوت خفيض ، فرنت كاميلا نحو الشرفة تنظر الى الأسفل سارحةً حتى خرج الصوت من الطرف الاخر اكثر هدوءً و رويةً ، كان مقابلًا لها الحديقة هادئة و ساحرة جعلت منها تسكن ببساطة تحت وقع السكينة العابقة بالرائحة الهادئة لاولى أزهار الشجرة الاخذة بالتفتح بين الاشواك ، حتى رغم انهم في اواخر الفصل الخريفي

"هذا ليس شيئًا ، ليكن ، فليحضرها لخمس دقائق لعينة ، تذكري انها لن تبقى اكثر من ذلك ، مجرد مجاملة اجتماعية سخيفة يعتقد زوجك انه مدين لها بها ، لا اكثر.. وانِ ان اردتِ لا تقابليها حتى."

"لن يحدث هذا ، اريد ان اراها و انظر لعينيها ، لن اهرب ، ليس منها هي ،هذا عزائي الوحيد ، انه يمقتهما لكنهما هنا بسبب احساسه اللعين بالمسؤولية ... لن نتخلص من هاذين ابدًا ، ألسنا؟"

"لا يظهر ذلك يا حبيبتي ، لكن ليكن ، وجودهما كالعدم لبلايك نفسه قبل ان يكون لك ، تعرفين زوجك اكثر من أي أحد اخر ، انه يعتبرهما غلطةً ارتكبها تحت تأثير احدى ثوراته الغبية.."

"اوليس هذا ما يخيفني يا ميلاني ، هناك شيءٌ أخر في رأسه ، لا أدري ما هو ، لكنه لا يطمئن قلبي."

لحظة صمت مرة عند الطرف الأخر و اردفت بعدها

"الحال عندي ليس جيدًا انا الأخرى ، لا ادري ما خطب ستيفان شارد الذهن على الدوام و يحبس نفسه بمكتبهِ .. منذ مجيء تلك"

بحذرٍ قضمت كاميلا شفتيها الحمراوين و هي تنظر الى نقطة بعيدة أخرى

"هل تظنين انه ..؟" ثم التزمت الصمت ، جاءها الرد سريعًا من اختها بعصبية

"بالطبع لا ، انه تأثير الصدمة لا شيء آخر ، اعرف زوجي كما اعرف راحة يدي ، لقد اخذ قراره بالفعل منذ زمنٍ طويل وانتهى الأمر... لا تراجع ، تتذكرين؟"

"ماذا عنها ، اقصد ابنة تلك الفاجرة ... ا تعتقدين انها تعرِّف عن امها؟ او ما فعلناه .. ماذا و إن فعلت؟."

"لا يوجد ما يثبت ، لا يوجد اي شيءٍ تمامًا ، و عمي لكن يكون متسامحًا عندما تحاول ان تشعل شجارًا اخرًا بين الأخوة .. هذا اخر شيءٍ يريده حتى ولو عنى ذلك ان يخرسها بنفسه و بطريقته ، حتى لو عرِّف لن يهتم لأن الفاجرة الصهباء لا تهمه و لم تهمه ابدًا، ومع ذلك ؛ خيرًا تفعلين اذا قابلتِ ابنتها ، انظري و جسي النبض ، ربما تعرِّف شيئًا او تملك شكوكًا ، نحن في غنىً عن المشاكل اساسًا."

من جهة أخرى في المنزل كانت اليانور منتصبة امام النافذة منذ ساعتين ، أي منذ خرج والدها ، جاسبر الذي كان يقرأ ببساطة ينظر لها بطرف عينه و يبتسم بين فينةٍ و أخرى ، من اكثر الاشياء التي يحبها في شخصيتها المزعجة جانبها الفضولي الحماسي ، لكنه في أحيانٍ أخرى يمقته بقدر ما يروقه ، بجانبه على الاريكة المشتركة كانت جولييت مشغول البال مثبتةٌ ناظريها على شاشة التلفاز التي تعرض مسلسلاً مبتذلًا بغير انتباه ، فقد فقدت اهتمامها مذ ادركت ان ابوها تأخر وهو الذي لا يتأخر عن أي موعدٍ ابدًا ، و خمنت انهما ربما لن يأتيا الآن ، لكن ذلك لم يمنعها من أن تفكر بالشخص الذي "اختها الأخرى" هي عليه ، اللمحات القليلة لم تكن كافية لترضي فضولها ، إضافة الى ان الوتيرة التي تتحرك فيها اختها امام النافذة بدأت تثير اعصابها الحارّة ، وسط استمتاع جاسبر الهادئ كعادته دائمًا بإنفعالها الغير ظاهري هي الأخرى

"حبًا بالله ، هلا ذهبتي من امام ناظري انتي تصيبينني بالغثيان."

بغير اكتراث بقيت اليانور في مكانها متمتمةً لهما

"الا تظنان انهم تأخروا.. لا لحظة ، ها هي سيارة ابي." في نفس اللحظة هتفت ، بتوتر تراجعت الى الخلف و اصطدمت بالطاولة الخفيضة ، التحفة فوقها ارتجفت و ترقب الثلاثة سقوطها ، لكن يد اليانور كانت سريعة لدرجة ان تثبتها في مكانها و تنتظر لثوانٍ بصبر و توجس تتأكد من ثباتها تمامًا على السطح الأملس الخشبي أسفلها ، اخرجت نفسًا كانت تحبسه براحة

"يا لهذا الحظ ، نجوت من حبل المقصلة بصعوبة." سخر جاسبر

***

نظرت ايلا الى منزل ابيها من النافذة بينما تتوقف السيارة ، خيل لها انها استطاعت ان تلمح حركة خرقاء من وراء ستائر الطابق السفلي لكن صاحبها اختفى كما ظهر، كان المنزل هادئًا ، قصرٌ مكونٌ من طابقين ، حديقة واسعة ،  يحيط حدودها سورٌ حجري و معدنيٌ ، أوقف السيارة خلعا حزام الآمان متزامنين ، خرجا من السيارة ، و توقف بلايك حيث هو في مكانه ينتظرها بصبر ، سارعت بخطواتها لتصل اليه محتفظةٌ بالمسافة بينهما بذات التحفظ المهذب ، وهذا لم يزعجه اطلاقًا

قبل أن يرفع يده لمقبض الباب كانت الضوضاء التي يصدرها ابناءه خلفه بيّنةٌ ، حتى انه هز رأسه بيأس و تذمر ، وحينها فتح جاسبر الباب يوقف النزاع القابع في الطرف الاخر و يسبق قبضة يد بلايك ، و قال بحيوية "والدي ، مرحبًا بعودتك."

نظرة ايلا الى الشاب الأكبر منها عمرًا ، الذي لم يكن شبيهًا لبلايك تمامًا ، لكن ما يزال هنالك ذلك الشبه ، لحية خفيفة تعتلي وجهه تمامًا كابتسامته التي لم تتغير اطلاقًا وهو ينظر اليها بتفقد، مليّح الوجه وفي وجهه شيءٌ يطمئن الناظر و يدعوه الى إطالة النظر ، شيءٌ من الحكمة و الوقار والخفة في الآن ذاته "أرى انكما اتيتما لوحدكما ، مؤسف ، ظننا ان جون آتٍ ايضًا ، مرحبًا ، انا جاسبر."

قالت ايلا تخبر نفسها "انه الطبيب النفسيّ..بهدوء و رويّة يا ايلا.. لا داعٍ للمزيد من الانتباه "

وضعت يدها في يده الدافئة التي ضغطت برفقٍ عليها و قالت "ايلا."

كانت عينيه الواسعتين الخبيرتين ، السوداوين كعيني أي فردٍ في عائلته تنقبان فيها بنظرةٍ ثاقبة ودون شبع ، تنفذان فيها بعمقٍ شديد ، و ظهر اضطرابها الخفيُّ جليًا للغاية امامه ، لكنه من اللباقة الكافية ليشيح عينيه بتحرجٍ عنها يطمئنها من قربه الشديد ، و بخفةٍ شديدة افسح المجال لأبوه ان يعبر ،انساب ابوه بخفةٍ من جانبه تاركًا المجال لهما كشبح ، خلع معطفه و كانت اليانور قريبة لتأخذه منه

لم تكن تستطيع أن تقوم بهوايتها المفضلة عندما تكون متوترة او متململة بتأمل أي مكانٍ تدخل اليه بأدق تفاصيله لأن ازواج الأعين السوداء مثبتةٌ عليها ككائنٍ مثيرٍ للإهتمام يدعوا للعجب ، واشاحت بوجهها عن جاسبر بخجل وتوتر لم تستطع التحكم فيهما ، و لأول مرةٍ ابدا بلايك مبادرةً طيبةً تجاهها ، يده وضعها على ظهرها بحميميةٍ يدفعها بدفء و تشجيع الى الداخل ، تاركًا مسافةً بينها و بين جاسبر الذي كان من الواضح انه سبب توترها ، كانت صدمةً لها أن يلمسها ناهيك عن التصرف بحميمية معها وكأنه ابسط شيءٍ في العالم ، الفتاتين الأخرتين ، لم تبدوان وكأنهما مستنكرتين حميمية ابوهم كما فعلت هي ، كأنهما معتادتين على عطفه و لمساته الحانية بين فينةٍ وأخرى ، هذا ترك في داخلها مذاقًا مرًا قاومته بضراوةٍ معتادة ، كان الآن اقرب لبلايك الذي في الصور اكثر من أي وقتٍ اخر ، الرجل اللطيف كما يقولون ، الطيب و الحاني ، أخبرت نفسها : "يستحسن له أن يكون كذلك"

بإشارة من جاسبر قطع تأمل جولييت اعقلهما التي بادرت بتوتر و خجل "أهلا بك ، انا جولييت."

ردة التحية بإيماءةٍ مهذبةٍ خفيضة ، و نكزت اختها بمرفقها برفق لتنبهها ، قالت الاخرى بسرعةٍ تقطع سيل النظرات الحارق المصوّب عليها من ابيهم و اخويّها

"و انا أكون اليانور ، وهل آخذ معطفك؟"

"ارجوك، شكرًا." عندما خلعت معطفها كان هدوءها في هذه الاثناء قد عاد كما هو ، مشاعرها انبسطت امامها كأنها لم تكن شيئًا و الشعور المر بالنبذ و العجز فارقاها ، و الفضل يعود لهم في المقام الأول ، لم تكن تدري ايلا قبل اشهر وبعد حتى ذلك بكثير كيف هي عائلة ابوها : اخوتها بشكلٍ اصح ، حتى وإن لم تكن لها القدرة على نعتهم بهذا المسمى ولو لنفسها بصوتٍ عالٍ و واضح ، لكنها بطريقة ما وجدت نفسها بينهم ، منسجمة و مطمئنة ، الفت وجودهم وهم ألفوها ، كانوا سهليّ المعشر عكس ما كانت تظن سرًا ، ولم يبدوا أي منهم في موضعٍ لأن يقيمها أو ينتقدها ، هذا ترك شعورًا طيبًا داخلها ، حتى جاسبر التي كانت متوجسةً في البداية منه وجدت نفسها تنساب معه في الحديث بسهولة عن كل شيءٍ و أي شيء ، ليس كما الحديث مع جون المبني على مشاعر عدة منها اللهفة المجهولة ، لكنه ذات الإحساس المقارب تشاركته مع ثلاثتهم ، و كان بلايك الذي تأكد من أنها بخيرٍ معهم اختفى في احد اروقت المنزل مخبرًا إياها انه سيعيدها في وقت لاحق ، كان هذا منذ نصف ساعةٍ تقريبًا ، بدت اللحظات المارِّقة كأنها أخف من الزغب نفسه ، بل كأنها غيمة متموجة و رخوة

"كيف هو جون؟ اللهي لم أره منذ شهرٍ تقريبًا حتى في حفل الشركة." تذمرت جولييت ، هنا ملامح ايلا تحولت الى الوجوم حتى مع محاولتها الا تبديه تمامًا ، اخفضت ناظريها و رسمت رموشها الكثيفةُ ظلالًا على وجنتيها البارزتين و تمتمت ، لنفسها أكثر من كونها تخبرهم

"بخير .. كما أتمنى."

حافظ جاسبر على ملامح بوجههِ بثبات ، بعد ان تشفى الحزن يتشرب في الجو ، لا يستطيع الا ان يفكر في أخيهم ، غير مدرك تمامًا للقصة الحقيقية وراء كل شيء ، تحفظات جديهم ، وتصرفت ابيه ، وحتى تصرفات جون مع ابيهم و العكس ، لكنه مع ذلك يعرف شيئًا الآن ، يعرف أن هناك قصة وراء كل شيءٍ ، وهذه القصة خيوطها متشابكةٌ بعضها البعض ، لكنه لسببٍ ما يحس بنفسه قريبًا أكثر من أي شخصٍ آخر لمعرفتها ، نظر الى الفتاة التي من المفترض بها أن تشاركهم الدم ، الاريك أخبره أنها نسخة أكثر غضبًا و عصبية من أبوهم ، يتذكر ان هذه الفكرة سلته كثيرًا وقتها ، لكنه الآن وهو ينظر إليها ، انها ليست شيئًا سوى فتاةٍ بقشرةٍ صلبه ، داخل عينيها يستطيع رؤية ظل همٍ كبير يجثو كالشيطان في سباته على كاهلها ، و فوق كل شيءٍ ، كانت هشة ، هشة للحد الذي خشي عليها من اليوم الذي ستسقط فيه قشرتها ، رأى فيها كل ما يحتاجه لأن يعرف عنها أي شيء ، و تولدت لديه الرغبة بأن يحمي هذه الفتاة الضعيفة المدعية القوة من اصغر الاشياء حتى

صوت خطوات والديه يسيرين متزامنين شد ناظريه ، رمق بطرف عينه بترقب الباب ، و خلال لحظة كان والديه هناك ، يبدوا ان امه كانت تقول شيئًا لأبيه الذي هز رأسه بإيجابٍ لها ، لا يدري ما بينهما ، لم يكن ابوه يومًا من الاشخاص الذين يسهل استشفاء ما يضمرونه و لم يكن من السهل ان يعرف ما يشعر به ايضًا

نادرًا ما يظهر مشاعره ، لكن من جهةٍ اخرى ، هناك شبحا توترٍ و ترقبٍ يطوفان في وجهِ امه الذي يدعي اللامبالة و الثقة المصطنعين ، كانت تنظر لآيلا الغير منتبهة بهذه النظرات الغريبة ، وكأنها تحمل شيئًا ضدها ، غير نظرات الكراهية البينة التي تحاول تزييفها باخرى اقل عنفوانًا ، امه ممثلة فاشلة ، هو يقرّ بهذا ، لكن بذلها لهذا الجهد كله حتّى وصلت الى هذه الحالة من الإتقان التي لم تجعل لشخصٍ كأبوه ان يلاحظها يدعوا الى العجب و الإعجاب ايضًا

"هذه زوجتي، كاميلا." بدون سابق انذارٍ ابوه تحدث ، وكأنه يرمي بالثقل عن كاهله اخيرًا ، غير مهتمٍ بردة فعل المرأتين ، امه .. و اخته الجديدة ، هذه البنية الهشة صاحبة القشرة القوية ، التي نظرت الى امه تروي فضولها ، و نهضت غير ابهةٍ بفضولها و بتهذيب ، مدت يدها لتسلم "تشرفتُ بمعرفتك."

قالت امهُ تزيف ابتسامة "من الجيد اخيرًا انني قابلتك."

شيءٌ ما في نظرتها ، اخبر ايلا انها اتت من فرنسا لأجلها ، لأجل هذه النظرةِ بالضبط ، سحبت يدها منها ما تزال تشعر بملمس الاصابع الناعمة تضغطان على كفِّها الصغير بشدةٍ محذرة ، هذا التحذير الخفي الذي لم ينتبه له ايًا منهم ، لا تدري اكانت تتخيل ام انها بالفعل تهدِدُها بنظراتها اللاسعة ، تراجعت الى الخلف تبقي قناعًا مزيفًا على وجهها لانعدام الاكتراث تحت وطء نظراتٍ عنيفةٍ من زوجة ابيها ذا الوجه الجميل و القاسي في آن

بلايك قال ، لا يسمح بان يطيل اللقاء اكثر من ذلك ، لا لشيءٍ سوى لأنه تذكر امرًا مهمًا غاب عن باله "هل انتِ مستعدةٌ للذهاب؟ هناك شيءٌ ارغب بالحديث معك عنه."

"...اجل."

عاد معطفها اليها كما أخذ منها ، لكن هذه المرة اعطته لها الخادمة و اردته برويةً تحت نظرات كاميلا الثاقبة ، هاتفها اهتز في حقيبتها و سحبته بغير اكتراث تنظر الى الشاشة ، كانت فايَّ برقم هاتف منزل جدتها الأرضي ، لم تكن واعيةً لمدى قرب بلايك منها ليكون في مستوى كافٍ ليرى الرقم الفرنسي ينير الشاشة ، اغلقت الخط بطريقةٍ تلقائية و حشرت الهاتف في حقيبتها من جديد ، كانت حركة فعلتها كردةٍ فعلٍ بديهية عندها يظهر رقمٌ فرنسيٌ على شاشة هاتِفها منذ مجيئِّها الى لندن عندما يكون احدهم حولها ، لكنها جعلت من بلايك يرفع حاجبه دون تعقيب ، اخذ هو معطفه و تركه في ذراعه يقود الطريق بينما ايلا تودعهم

"نراك في ادنبرة اذن."

"وداعًا ، اتمنى لكم مساءً طيبًا."

و لم تقل كاميلا اي حرفٍ وهي تغادر الفتاة تاركةً اياها وراءها دون كلمة على نهج زوجها ، تبعت ايلا بلايك بسرعة ، و وجدته بالفعل قد وصل الى باب سيارته يفتحه ، سارعت بخطواتها و فتحت الباب ، ما تزال تحس بنظراتٍ تخترق ظهرها ، نظرات حادّة محتقرة وماقتة ، ميزتها تمامًا ، لا تريد ان تظلم احدًا كما هي دائمًا ، لا تدري ا ردة فعلِ كاميلا تجاهها مجرد غيرةٍ نسائية كانت تضمرها تجاه امها ام انها تحمل شيئًا اكبر من ذلك

***

رحلة السيارة كانت صامتة ، يتخللها فقط تأففات بلايك عندما اضطر لتقليل من سرعته ، لكنه عندما قارب الوصول الى قصر والده قلل من سرعته اكثر من اللازم و التفت الى ايلا الصامتة تحدق الى النافذة بسرحان ، ايقظها صوته الهادئ ، و عينه تنظر اليها ثم الى الطريق الذي يكون عادةً ملعبًا لابناء الحي على حين غفلةٍ من اهاليهم"كيف هو جوناثان؟."

بدت مستغربةً تمامًا من سؤاله ، فغرت فاهها من الجدية التي تبدوا على وجهه ، وهو حدق فيها بقلةِ صبرٍ ومنزعجٍ ، حتى هي مستنكرةٌ لسؤاله ، لأي حالٍ وصل حتى تستنكر 'هي' ذلك؟ لم يشاء ان يعقب و انتظر ان تبدي ردة فعل ، مجددًا فتحت فاهها ثم اغلقته ، اخيرًا خرجت "بخير" منها
و بدا منزعجًا لدرجةٍ تمنعه من ان يطرح سؤاله الاخر ، مما جعل ايلا تندم على ردة فعلها ، و قالت بإصرارٍ "انه كذلك حقًا."

"لأي درجةٍ هو بخير؟."

"اعذرني ، لا استطيع ان افهم سؤالك؟."

عبس مجددًا ، لا يدري ما الذي يقوله و يشعر بالبلاهة ، كان يريد ان يعرف اذا ما كان جون مستعدًا لرؤية وجهه ، ان يسمع قصة جدته ، ان يأخذ الأمانة التي معه وما تزال في جيب ستراته الى الآن منذ سلمها اياه جايمس ، و ان يواجه كل ذلك .

لكنه لسببٍ ما احس ان الوقت غير مناسبٍ ، ليس لأنه يتهرب ، بل لأنه لم يمضي اكثر من شهرٍ على عملية ابنه ، وهو لا يريد ان يعيده الى المستشفى مرةً اخرى ، ليس مستعدًا لرؤيته هكذا من جديد ، ليس بقادرٍ على ذلك ، و لا يملك حتى القدرة ان يبدي ردة فعل حانية ، بل اي شيء ، يعلم انه خسر هذا الامتياز منذ زمن ، لكن لا يتذكر متى كان ذلك بالضبط ، دوامة من الافكار السوداء ابتلعته

اوقف السيارة بشكلٍ مفاجئ ، حرر نفسه من الحزام و اقحم يده في جيب معطفه الداخلي يفتش ، اخرج علبة السجائر الجديدة و فك الكيس البلاستيكي الشفيف الذي يحيطها بعنايةٍ باظافره ، حشر سيجارةً بين شفتيه و فتش عن الولاعة بعينيه ، لا يتذكر اين بالضبط تركها في السيارة ، بنفاذ صبرٍ فتح الدرج الامامي ، و فتح حامل النظارات يبحث بعصبية

لكن صوت ابنته اوقفه وهي تقول بهدوءٍ "هنا." اخرجت الولاعة من حامل الاكواب من جهةِ بابها ، و اشعلتها ، امال برأسه ناحية الشعلة و اخذ نفسًا عميقًا من السجارة ليسترخي اخيرًا و يغمض عينيه بإسترخاء ، وضعت ايلا الولاعة في مكانٍ واضح و تكتفت تنتظر منه ان يستجمع نفسه ، بعد عشرة دقائق او حوله ، قال اخيرًا "كنت اقول ... إلى اي درجةٍ تعتقدين انه يستطيع ان يتحمل قصة ماريا و .. جدك ، الوقت ينفذ منه كما تعرفين ، وهو يريد رؤية جون."

بقيت صامته ، ان يدخن احدهم امامها اثار اعصابها ، و بلايك كان يفعل ذلك منذ عشر دقائق ، رائحة السجائر غمرة السيارة حتى مع النوافذ المفتوحة ، اغمضت عينيها و استندت على النافذة تقول بالفرنسية "لا اعتقد انها فكرة جيدة .. جون لا يبدوا لي انه بخيرٍ اصلًا ، ناهيك عن ان يكون بخيرٍ ليصل الى درجة ان يسمع بهذه القصة."

"ليس وكأنني اهتم حقيقةً ، لكن وماذا عن جدك؟."
بدا صوته اكثر خشونةٍ وهو يتحدث بالفرنسية ، لهجته الانجليزية كانت بيّنة بطريقةٍ ما مع نطقه لبعض مخارج الحروف

"سنجد طريقةً ما." اطرقت رأسها ، و أردفت "او لا نخبره بالحقيقة ، اليس هذا اكثر .... آمانًا ربما؟ لا ادري اذا كانت هي الكلمة المناسبة ، لكنها تبدوا كذلك ، 'الحل الاكثر امانًا و الأقل ضررًا' لكل الأطراف حتى.. اعرف ان جدي سيتفهم ذلك."

"ان نكذب عليه؟." شيءٌ ما جعله يبتسم ، هذا ما كان عليه الامر بالضبط قبل سنواتٍ طويلة عندما كان يقنعه بصبرٍ ان امه ماتت و يتحمل بكاءه ، كان يقول انه الحل الاكثر حكمةً ، و ايلا الان تقول ان الكذب الحل الاكثر امانًا و الاقل ضررًا ، لا يدري لماذا وجد ان القدر يحاول ان يجعل الامر برمته نكتةً سوداء سمجة

"لا اقول ان نكذب .. بل اقول ان نخفي الحقيقة ، هناك فرقٌ ان كنت تدرك."

"هما الشيء نفسه بطريقةٍ مختلفة."

"لكنها اذن خيارانا الوحيدين ، اما الكذب او اخفاء الحقيقة ، اختر انت."

"ليكن ..." راقب رماد السجارة يتآكل ، و ضرب طرفها باصبعه لتناثر من النافذة و اعادها لشفتيه ، قائلًا بعد لحظة "لم أسألك .. لم اجد الفرصة لأسألك ، لكن ان لم يكن لديك مانع بأخباري ، كيف ماتت؟."

يدها امتدت لعلبة السجائر القابعه في المنتصف بينهما ، لم تعد تستطيع تجاهل رغبتها في التدخين ، و لوهلة لم يستوعب حركتها بجانبه حتى اشعلت السجائر باحترافية ، نظر لها بعجب ، وكان هذا دوره ليفتح ثمه ثم يغلقه "لم اعلم بأنك تدخنين! بل لم يبدوا وكأنك تدخنين!"

"حسنًا ، ولكنني افعل."

"منذ متى؟"

"السادسة عشرة ربما."

"وماريّا؟"

"هي تدخن ايضًا ،كانت هناك عندما دخنت اول مرة ، في عيد ميلادي."

"ماريا لا تدخن."

"لا تفعل ، بل لن تفعل امامك ولو سألتها ستنكر ، لكنها حينما تكون وحدها تفعل."

نفثت دخان السجائر من النافذة تمامًا كما يفعل هو ، كانت لحظةٌ من الهدوء المحبب لكليهما ، حتى مع نظرات احد سكان الحي المستنكرة ، التي لم يلقي لها بالًا من الاساس بلايك و التي لم تنتبه لها ايلا ، كانت لحظة سلامٍ ان امكن القول ، يمكن ان تسميها ايلا اول لحظةٍ ابويةٍ لها مع بلايك

"من تعني .. كنت تساءل كيف توفت ؟ اي واحدةٍ تقصد؟."

"كلتاهما."

"جدتي .. بحادث سيارة... وامي شيءٌ اخر تمامًا ، لا احب الحديث عنه." لم ترد ان تقول له ان امها ماتت من فرط الإكتئاب وادويته ، ارادت ان تبقي هذه الذكرى السيئة الى نفسها ، و الا تظهر أُمها بمظهرٍ ضعيفٍ امام الرجل الذي ربما كان سببًا في موتها ، و من المؤكد انه الرجل الذي كان ايضًا سببًا في آلمها

قبل ان تستوعب كانت السيجارة قد خطفت من فمها "ليرحمهم الله ، والآن كانت هذه اول سجيارةٍ لك هنا ، و الأخيرة ايضًا ." اخذ العقبين و دفنهما في منفضة السجائر ، رمشت ايلا بغير استيعاب ، و ادار بلايك محرك سيارته ، كانت المسافة اقل من دقيقةٍ قطعاها في صمت ، وسط نظرات ايلا الناقمة لأجل روح السيجارة التي لم تنل شرف انهاءها ، عندما وصلا الى البيت فتح الحارس البوابة الحديدية ، و تقدم احدهم ليفتح باب ايلا ، لكن قبلها قال بلايك "تذكري الا تخبري اخوك بأي شيءٍ عن جدك."

"سأفعل، وداعًا."

***

تذكر النظرات النارية التي كانت مثبتةً على عينيه دون ان ترمش حتى او تتزحزح من مكانها ، حاجبيها الغامقين المقطبين بتكشيرة جعلت ملامح وجهها الناعمة عنيفة و خطرة ، شيءٌ فيهما خيل له انه يشبه شبحًا لخاله بلايك متجسدًا ، مليء بالعنفوان و الغضب، لكن ايلا في غضبها كانت شيئًا أخر تمامًا ، لا تجسد الشر العنيف كخاله عندما تغضب ، مع انها بدت مستعدةً تمامًا لتكون كذلك إن اضطرها الأمر  ،
كان هنالك رائحة الفانيليا الرقيقة أيضًا ، كهالةٍ في الهواء تحيطها، اصابعه انزلقت لتتلمس الجلد حيث حطت عليها الأصابع الناعمة بعنف تجلدها بسرحان ، هز رأسه و دخل ليغير ملابسه لأُخرى منزلية ومريحةً أكثر ، فكر في ان ازعاج تلك الفرنسية الصغيرة وجعلها غير مرتاحةٍ سيكون من أحب الاشياء الى قلبه من الآن فصاعدًا ، ولا توجد متعةٌ تضاهيها ، لذا هو وافق ليذهب معهم الى المزرعة ، مسافة السبعة ساعات التي سيقضيها بالسيارة لا تساوي شيئًا مقابل ذلك

نزل الى الأسفل متوقعًا ان يجد نايت يعبث ، او على الاقل جون ايضًا إن لم يكن متعبًا لكنه عوضًا عن ذلك وجدها ، كانت اول شيءٍ تحط عينه عليه، ورأها هنالك على الأرض الخشبيةِ تجلس و بجوار الموقد الذي يلفح بحرارته الغرفة و يغمرها بدفءٍ محببٍ مع برودة الجو المتصاعدة بالخارج ، تداعب القط و في حظنها ديوان 'أكثر من طريقةٍ لائقةٍ للغرق.' لسيلڤيا بلاث كما استطاع ان يقرأ ، جال بنظراته على الغرفة كلها ووجد جدته على الأريكة لم ينتبه لها لأنها هي الأخرى توليه جانبها ، مشغولة البال على غير العادة و تحدق تنظر من خلال النافذة على الشجرةِ العجوز المنتصبة بعيدًا ، و يبدوا انها تنبهت لوجوده بعد وهلةٍ من توقفه في مكانه بجانب الباب "بُني ، تعال الى هنا يا عزيزي تعال." احس بالعينين الزرقاوين ترمقانه و بصاحبتهما تكشر بعدائية

"مساءُ الخير جدتي ، مساءُ الخير يا ابنة خالي."  لم ترد ايلا على سخريته الخفيّة وتجاهلت امره على الاطلاق مثبتةً نظرها على الكتاب الذي بيدها وموليةً القط اهتمامًا اكثر مما توليه

"مساءُ الخير يا حبيبي ، أيعقل النوم الى هذه الساعة؟"

تقدم الى جدته التي ابعدت الوسادة ليجلس بجانبها "لم اكن نائمًا ، كنت انهي عملي و أحزم حقائبي يا جدتي ، لأذهب معكم." نظر بطرف عينه الى المدفئة حيث ظهرها تصلب ثم استرخى بغير اكتراثٍ ظاهري و متصنع

بدت للحظةٍ غير مستوعبةً ما يقوله "أحقًا ؟ خيرًا تفعل .. جدك و أمك سيكونان سعيدين بذلك." لكن نظرتها تغيرت لأخرى مهددةً "و لكنك لن تحمل هاتفك او تبقيه امام وجهك طوال الوقت كما تفعل دائمًا..لا عمل لك عندما تبقى مع عائلتك سوى عائلتك ، اخبرك بهذا دائمًا انت و ديريك ، و لكن هل تستمعان؟"

"لا يمكننا ان نعدك بشيءً يا جدتي، العمل يبقى عملًا."

"ارأيت ؟ لا فائدة ترجى، لكنني سأفعل شيئًا حيال ذلك ، واخبره هو الاخر ايضًا ، انتما تعرفانني جيدًا على ايةِ حال."

قهقه على اصرارها و استرخاء بجلسته بكسل ، نظر الى ايلا نظرةً خاطفة سريعة ، كانت تتجاهل وجوده تمامًا ، مندمجةً بالقراءة من كتابها و في حظنها القط يهرهر باستمتاعٍ عندما تمرر باصابعها خلف رقبته ، و يتحرك ذيله بانسيابيةٍ و نعومة

لحظتها دخلت اليزابيث التي قالت "الم تسمعي يا امي؟ ايفان سيذهب معنا." ومن خلفها أجاثا التي لاحظت شيئًا لم تلاحظه المرأتان الاخرتين ، توجهت ناحية ايلا تأخذ بمقعدها المعتاد امام الموقد ، عينيها الذكيتين التين تحيطان بهما تجاعيد لمعتا ، و قالت لتقطع خيط الشك باليقين "ايلا يا بُنيتي الحلوة ، هلا احظرتي سلة الحياكة هناك؟ انها بداخل تلك الخزانة."
رفعت ايلا رأسها بانتباهٍ عندما انتبهت انها المعنية ، اغلقت الكتاب لتضعه جانبًا ، جعلت القط ينزل من حظنها ليلتف بغير اهتمامٍ حول نفسه و يسترخي و ذيله ما يزال يلوح في الهواء و يخرخر برضىً و كسل

"بالطبع يا جدتي." نهضت واقفةً و سارت الى الخزانة المقصودة ، بينما عيني اجاثا تبعتها للحظةٍ قصيرة و وجهت انتباهها لهدفها ، كانت عيني ايفانٍ تراقبان ايلا بتلصصٍ مدعيًا الانشغال بهاتفه ، هزت رأسها برضىً من شكها الذي لم يخب هذه المرة ايضًا ، حملت ايلا السلة بعد ان عثرت عليها ملتصقةً بنهاية الخزانة و عادت الى الجدة اجاثا "تفضلي يا جدتي."

"اختاري لونًا يا حلوتي ، سأحيك لك كنزة."

"احقًا؟" ابتسمت بحماس متناسيةً انها أمام ايفان الذي ارادت ان تكون امامه شخصًا صلبًا و باردًا ، هزت اجاثا رأسها راضية

"بالطبع حقًا .. هيا اختاري لونًا."

اختارت كرة صوفية حمراء من بين الألوان المتوفرة ، كان اللون الأحمر يذكرها بباب منزلها الباريسي المتقشرةِ أطرافه ، فتناولتها منها العجوز بابتسامة لم تستطع محوها لما اكتشفته وهي تردد داخل رأسها في استمتاع "انظر الى نفسك أيها الشاب المغرور.. مسألة وقت فقط ، مسألة وقت."

"أمي أنا خارج ، لا تنتظروني على العشاء ، احتاج لأفعل بعض الأشياء أولًا."

"لكن يا حبيبي انت تفعل هذا دائمًا"

"اعذريني يا أمي في وقت لاحق. خرج لدي عملٌ مفاجئ."

راقبته اليزابيث بإحباط و تجهم وجهها الجميل ، بينما ميرديث هزت رأسها و تمتمت "لا يتعلم ابدًا ، وانتِ تسمحين له بالتمادي هذه غلطتك، كان الله في عون التي ستتزوجه." لم تكن اليزابيث مستعدةً لتستمع الى أمها وهي تتحدث عن ابنها بتشاؤم ،فبقيت في مكانها تزفر بيأس وهي تعرف بداخلها انها تقول الحقيقة ، عادت تتكئ على الأريكة بضيق

"لهذا لن يتزوج فتاةً عادية يا ميرديث العزيزة ، تلك التي ستتزوجه ستجعل منه يفي بعهوده أنا أعدك."

"ما ادراك بهذا ، او انك يا اجاثا تعرفين شيئَا لا نعرفه يا عزيزتي؟ هل هناك أحد؟"

جذب هذا اهتمام اليزابيث وايلا التي لوت شفتيها بإشمئزاز تقول في نفسها "كان الله في عونها." و التقطت كتابها تعاود فتحه حيث توقفت ، مع انها لم تكن تقرأ حقًا الحروف المكتوبة أمامها ، كان تركيزها منصبًا على الحوار الدائر حولها

"فتاة بجمال كاترينا لم تلفت نظرهُ ، من يفعل اذًا؟" أصرّت ميرديث تسأل بفضول ، لأنها تعرِّف اجاثا جيدًا وتعرف تمامًا انها الا تتحدث عبثًا على الاطلاق ، وخمنت ايلا ان هذه الكاترينا كانت ذاتها الفتاة من  تلك الليلة ، فسخرت في داخلها انهما يليقان ببعضهما لكن شفتيها لم تبتسمان

قالت اليزابيث تدافع عن ابنها "انه ليس متفرغًا فقط يا أمي ، إن العمل يأخذ حيزًا كبيرًا من وقته."

"ولهذا هو هكذا ، انت من يخلق له الأعذار وتجعلين من عمله عائقًا حقيقي ، حتى ابوك لم اسمح له ان يكون هكذا ولا ايٍ من اخوتك ، و حين يعي ابنك على نفسه يا عزيزتي سيبقى وحيدًا في النهاية وسيكون هذا عندمت يفوت الآوان ، ولنرى إن كان هذا العمل سيدر عليه بالمنفعة حينها."

"هل هنالك حفل زفافٍ قادمٍ يا أمي؟ ايفان و كاترينا , حقًا؟" نايت دخل فجأة ، يكتم ضحكته التي جعلت من ميرديث توجه انتباهها عليه

"ا ترين هذا العابث؟ لو يتقاسم العمل مع أخيه ما كان ليتسنى له أن يسخر هكذا ، ولكان الأخر ليفي بوعوده ، لا الزواج من فتاةٍ سيئة حظ ، لا ينقصنا ان نعيد غلطة بـلايـ." صمتت فجأةً منتبهةً على نفسها، و توجهت بانظارها الى ايلا المحافظة على ملامح وجهها بثباتٍ على الكتاب وكأنها غير منتبهةٍ لما يدور حولها ، ضيقت عينيها بشكٍ و نظرت الى ابنتها التي بادلتها النظرات غير متأكدتين بالضبط إن كانت واعيةً لما يدورُ حولها ، كان نايت يقف هو الاخر مستشعرًا نوبة التوتر التي غمرتهم فجأةً و لكنه لم يفعل شيءٍ ليوقفها ، لسببٍ ما تراء له الا يفعل شيئًا ، لأنه لطالما ما انتابه الفضول حيال ما يخفونه ، عقله أساسا يخبره بأشياء كثيرة لكنه وجد انه من المخجل أن يفكر فيها احترامًا لخاله و لأبن خاله و حتى لآيلا

كانت ايلا واعيةً لما يدور حولها من ترقب ، وانتظرت للحيظاتٍ قليلة قبل ان ترفع رأسه بإستغرابٍ مصطنع تجول بعينيها على وجوههم "ما الذي فاتني؟ معذرةً هل كنتِ تتحدثين إلي يا جدتي؟."

"كانت تقول هل انتهيتِ من حزم حقائبك بعد؟"

"اجل فعلت ، انها جاهزة."

"جيد ، نايت حبيبي هلا ندّهت على جدك إنه في مكتبهِ و قد حانت ساعة العشاء."

اعتدل بوقفته بعدما كان متكئًا على الباب و تمتم "حسنًا يا أمي."

اطبقت ايلا كتابها و حملت القط في حظنها تقبله و تتركه على الارض يعاود الاستلقاء بكسلٍ في مكانهِ "معذرةً اذن .. احتاج لأن اغسل يدي." و خرجت في أثرِّه ، ثم التفت في الزاويةِ عند أصيص الأزهار الكبير و التصقت بالجدار وانحنت في جلسةٍ تدعي تعديل حذاءها لناظر مصادفةً ، يحيث لا ترى من المشهد سوى الجالستين على الأريكة المشتركة ، قالت ميرديث بعد لحظة صمتٍ مرت وكأنهم يتأكدون حقًا من رحيلها "اتظنان انها انتبهت لشيء؟ ماذا لو فعلت و المسكينة ظنت اننا نتحدث بشأنها."

"لا يبدوا عليها ذلك ، برأيي انها لو فعلت لكانت سألت او على الاقل اعطت ردت فعلٍ واضحة."

همست ايلا "ماذا تخفون ايضًا." وفتحت عينها بوسعها عندما رأت قدمين سوداوين صغيرتين امامها ، رفعت رأسه لتجد القط ينظر لها بعينيه المتوهجتين و فجأةً و بدون سابق انذار مواء بصوتٍ عاليٍ

سكتن النسوة للحظة و تبادلن النظرات ، ثم هبطت خطواتٌ تضرب الارض متجهةً ناحية ذلك الأصيص ، عندما نظرت اليزابيث خلفه لم تجد شيئًا
وانحنت لترفع القط الذي كان مستعدًا للركض خلف ايلا في حظنها "لا شك من انك جائع ، الم يطعمك احدٌ بعد؟." مواءَ القط في حضنها يحاول التملص ليركض ، لكنها فور ما وضعت يدها خلف اذنيه تفركهما سكن في رضىً و خرخر

كانت من الجهة الاخرى انفاس ايلا متلاحقةً من ثورة الادرينالين المفاجئة بعد ان حملت حذاءها وركضت لتختفي خلف الجدار ، اخرجت نفسًا عميقًا كانت تكتمته و هي ترى جسد اليزابيث يختفي ، وضعت نعليها على الأرض و لبستهما ودخلت لأقرب حمامٍ منها ، انحنت على المغسلة و لهثت ، فتحت صنبور الماء و غسلت وجهها مرارًا وتكرارًا تعيد اللون اليه وهي تسب فضول القط ، ثم عدلت من ملابسها و خرجت وتركت الكتاب خلفها على احد الطاولات لتذهب الى غرفة الطعام ، وجدت اجاثا وميرديث هناك بالفعل جالساتٌ بينما الخادمة تضع الاطباق ، جلست في صمتٍ تمنع عقلها من التفكير بما جرى ، بعدها انضم اليهما كلٌ من ادوارد و نايت و اخيرًا اليزابيث التي أعلنت بنفسٍ ضائقةٍ "جون لا يريد عشاءً هو الأخر."

"منذ متى ولا احد يجلس على طاولة الطعام في هذا المنزل؟."

قال نايت بسرعةٍ "انه متعبٌ يا جدي ، لقد كنت عنده قبل نصف ساعة اتفقده و اثرّ النوم على النزول معي."

"و اخوك؟."

"لديه عمل على ما اعتقد."

"في هذه الساعة؟."

قالت ميرديث "ليتك كنت موجودًا قبل قليل ، لقد وعد امه وفي ظرفِ ساعتين اخلف وعده وخرج."

"انا سأتحدث معه يا عزيزتي اليزابيث ، لكنني استميحك عذرًا لن اتساهل معه هذه المرة." نظر ادوارد الى اليزابيث و هز رأسه

"افعل ما تراه مناسبًا يا أبي."

***

في تلك الليلة ارادت ان تستحضر ذكرىً جيدة ، لكن ما ظهر لها كان عكس ذلك تمامًا ، وجهٌ متشح بسمرةٍ خفيفة ، عينين سوداوتين داكنتين وحادتين ، انفًا معقوفًا و شفتين شديدتي الحساسية ، صادف كونه بطريقةٍ ما و بنفس الوقت جذابًا ، جذابًا لدرجةِ انها اعترفت لذلك بينها وبين نفسه و شعرت بالخجل جراء ذلك ، اغمضت عينها تطرده بعد ان اقتحم مخيلتها بعنهجيةٍ فجّة تبدوا تمامًا كتصرفٍ قد يقوم بفعله ايفان في العالم الواقعي وليس فقط في دنيا الخيال  ، لكن خطر لها لحظتها وصف معلمتها عندما اخذتهم لمتحف اللوفر في أحد الأيام المشمسة الحارّة ، كانت الأرض الصلبة تحتهم باردة من التكييف المركزي الذي كان تعويضًا مناسبًا بعد رحلة النصف ساعة في حافلة المدرسة ، كانوا وقتها متربعين أمام عدةِ لوحاتٍ لعصر النهضة الإيطالية وكانت معلمتهم جالسةً في منتصفهم تشير الى احدى اللوحات بتكلف ، غالبًا لبوتشيلي بيد انها كانت تحبه كما تذكرت
"تبدوا كواحدةٍ من الملائكة الهابطة على الأرض ، جميلة."

اغمضت عينيها للمرةِ الأخيرة واندست اسفل كومة الاغطية لا يظهر منها الا شعرُها ، استرسلت بالتفكير و احست بالارهاق يجتاحها ، ارهاق الكذب و عدم المعرِّفة و الجهل و حزن اخيها الغير مبرر له، و ذلك الشعور المقيت بالوحشة و الاستيحاش من الوجود في مكانٍ غريب ، حتى مع وجود جون كان هنالك تلك الوحشة التي ليست لشيءٍ سوى لافتقادها لشعور ان تكون بالديار ، انها تفتقد باريس نفسها

القلادة الباردة على عنقها جعلتها تحس الدفء اللذيذ يطرد كل شعورٍ سيءٍ راودها ، سحبت هاتفها بسرعةٍ ، كانت بطاريته تقارب على الانتهاء
لكنها بسرعةٍ دخلت الى محادثاتها مع جدتها و كتبت بأصابع رشيقة "جدتي ، لا تعرفين كم اشتاق لكِ كل يوم ، وكل ليلة منذ ان اتيت الى هنا ، اعذري لي جحودي وعدم اتصالي رغم انني قطعت وعدًا بأن افعل ذلك ، ارجوك لا تكوني غاضبةً مني ، بلغي أحر تحياتي لسيد إيمانويل ، انا احبك و افتقدك و اعرف انك تفعلين المثل ، ليلة طيبة." ضغطت زر الإرسال بسرعة قبل ان تتراجع ، لأنها تعرف هذه العادة السيئة التي عندها ، عندما تفكر بالإفصاح عن مشاعرها تتوتر و تتراجع و تندم لاحقًا ، في ذات اللحظة انقلبت شاشة هاتفها يغشيها السواد ، رمشت بغير استيعابٍ و اصابعها تضرب الشاشة بخفة تحاول ان تتأكد من ارسال الرسالة حتى استوعبت ان بطاريته قد فغرت تمامًا ، فلم تدري اذهبت الرسالة ام لم تذهب ، هذا ترك حزنًا هادئًا في قلبها ، جعلها تفلت الهاتف ليقع على الأرض بلا ضرر ، فإنقلبت على جانبها و تكورت وسط السرير الكبير تعصر القلادة في راحة يدها و تغمض عينيها التي غشتهما الدموع بدورهما

***

ترا البارت ٦٠٠٠ كلمة يا اخوة ، اوكي دوكي نبدأ بالاسئلة المعتادة؟

-لم شمل العائلة؟

-شخصية جاسبر؟ عن نفسي من المفضلات عندي

-برأيكم كيف بتكون علاقة جون_بلايك؟

- رأيكم بآيلا و بلايك؟

-كاميلا؟

-فقرتكم المفضلة؟

- كيف البارت؟

- قيموه من ١٠؟

- طيب ورايكم باقي الاشياء اللي نسيت اسأل عنها؟ (لان مالي خلق اتذكر)

ملاحظة مهمة جدًا جدًا جدًا :
الانسان احيانًا حتى احب الاشياء على قلبه يضعف اهتمامه فيها ، ولو لفترة ، جتني حالة البلوك رايتر لأحب رواية على قلبي ، رغم ان الشخصيات كانت كل يوم معي وسط الكتب اللي اقرأها و الأغاني اللي اسمعها وحتى احلامي في الليل ، الا ان ما كان عندي رغبة اواجهم و اكمل حكايتهم ، مو لشيء الا لانعدام الرغبة نفسه ، اعيذ الله ان يصيبكم ، انا طالبة جامعية ، الحياة بطريقة ما صارت تضغط علي و تنزع مني الرغبة بالاستمرارية ، حتى روح المقاومة عندي شغالة لرمقها الاخير ومقابل لشغلها كنت اتخلى عن اشياء انا احبها عشان بس اعيش وما اخيب ظن ماما و بابا فيني ، لطفًا فيني و معذرةً على الاطالة ، اسفل التعليقات اتمنى الا اجد اسئله عن "متى البارت الجديد" "طولتي." "نزلي." و الخ من الأمثلة ، لأنها تعطيني فكرة ان الكتابة واجب علي و مو مهرب عشان كذا نفسي ترفض و الرغبة تموت ، لطفًا لا تقولونها لي او لروايتي ولو اطلت عليكم دهر

شكرًا ، و ليلة سعيد

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro