Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

١٥

-( تصويت ، تعليق ، تعليق بين الفقرات )

( استغفرالله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزينة عرشه ومداد كلماته )

***

كان ضوء الشمس يزعجه ، و الهواء البارد الذي يلفح وجنتيه و ذراعيه العاريتين يثير رغبته بحبس نفسه في غرفته و اغلاق جميع المنافذ و البقاء تحت الغطاء حيث يشتهي ان يكون ، لكن جدته في وقتٍ لاحقٍ من خروج جده ومعاودة النعاس اللذيذ بصورةٍ مؤلمةٍ للسيطرة عليه داهمت الغرفة عنوةً ، و سحبته منها مهددةً انها ستنادي الحرس بالخارج لجعله يمشي في الحديقة ، وها هو ذا ، نعس و متعب و يقف في منتصف الحديقة يشعر بالملل و يسخر من نفسه لأنه اضاع جواز سفره الآخر مفتاح فراره من هنا ، وخطر له لحظتها انه غالبًا لن يعثر عليه لان احدهم اخذه ، و لا يريد ان يفكر بهوية هذا الشخص

دس يديه في جيوب بنطاله يأخذ نفسًا عميقًا ، اغمض عينيه و سمح لقدميه بأن تقودانه ، ازعجته نظرات الحارس التي تجلد ظهره وتتبعانه اين ما حل اكثر من أي شيءٍ آخر ، يعرف انه حتى رغم كل شيءٍ أنهم يبقون أحدهم وراء ظهره ، و في هذه اللحظة بالذات في كل مرةٍ يلتفت فيها يقبض على عشرات الأعين ترمقه خلسةً ، لم يكن لديه ما يقوله او يفعله بهذه الخصوص ، هو منزعجٌ جدًا ، لكن ماذا عساه فاعل؟

طوال الفترة السابقة كان يفكر بشأنهم ، كيف عرف بلايك انه في المطار؟ و هكذا استنتج انه بالفعل قد يكون كان مراقبًا منذ البداية وليس مؤخرًا كما ظن لوهلة ، شد على قبضة يده مانعًا نفسه من التسبب بالأذاء ولكم الاشياء حوله او حتى الصراخ ، نعاسه تحول لغضبٍ شديد و رغبة ملحة بترك كل شيءٍ وراءه بأي طريقةٍ كانت، لكن ايلا كانت هنا ، اخر ما تبقى له من امه دون ان يُمس بأذاء هنا ، ولن يجروء او يفكر مهما اشتدت الايام عليه ان يتركها خلفه و يذهب ، ولا حتى أن يجعلها تشعر بأي شيءٍ مما يدور حولها ، معظم عمرها لم يكن لديها - ولديه... عائلة ، لكنهما الآن لديهما بعضهما البعض ، و عائلتهم هذهِ بغرابة اطوارها ، جمودها و خفتها ، هي كل ما لديهما أيضا ، ولن يسمح لنفسه أن يحرم آيلا بأنانية فجة من هذه العائلة التي حصلت عليها بعد سنوات من الوحدة

تذكر كلامها له و أحس بنفسه بلا حول ولا قوة ، كشخص يقف على حافة النهاية ، قدمٌ معلقةٌ في الهواء تتأرجح و الأخر بضعف تقف على الأرض ، اطلق تنهيدة خرجت من أعماق جوفه

قبضتهُ يده خفّت واستعاد صدره اتزانه ، وشعر بغضبه يستحيل عجزًا مقيتًا و مخدِرًا ، هذا العجز الذي كان يلفه كله كان لطعمه مذاقٌ كريهٌ في الفم ، وهو اسوأ مئة مرة من شعور ان يكون متروكًا و منسيًا كما يحس في أحيانٍ كثيرة ، هذا جعله يحس بالدوار و يرغب بالجلوس بدلًا من المشي ، ملامحه سكنّت ، و رفع رأسه عندما سمع صوتًا ناعمًا يهمس بقلق "جون هل انت بخير؟."

عندها انتبه لآيلا التي تضم جسدها و تنظر له بعجب و قلق ، و يدها كانت تحمل معطفه الأسود و تضمه الى صدرها ، و استوعب انه كان يصرّ على اسنانة بعصبيةٍ من فرط الغيض و يحكم قبضته ، فلت قبضته ببطء. كان هنالك آلم هادئ في مفاصله تشكل و اخذ ينزوي شيئًا فشيئًا كأنه لم يكن ، لكنه بالفعل وشى عن كم يتحمل
سيطر على نفسه و رد بنبرة الصوت ذاتها ، يرمق بطرف عينه الحارس الذي اشاح بوجهه عندما تلاقت اعينهما "سأكون كذلك."

"الا تشعر بالبرد؟ انا افعل وانا ارتدي ضعفيّ ملابسك ، هاك." ناولته معطفه وابتسم وهو يدفع بذراعيه فيهما و يستمتع بالدفء المفاجئ و برائحتها الملتصقة بمعطفه و التي غمرت انفه ، رائحة الفانيليا الطيبة ورائحة الديار ، رائحة فرنسا و قريته بيروج حيث اسعدُ ايام حياته كانت هناك وحتى .... رائحة أُمه

هذا جعله يغرق في مزيجٍ من التعاسة و السعادة ، هذان الضِدان الذان يؤلمان صدره و يبهجانه في الآن ذاته

ابتسم ابتسامة غريبة جعلتها تعقد حاجبيها "هل انت حقًا بخير؟ لأنك لا تبدوا كذلك."

"انا بخير الان لأنك معي .. هل نمشي؟" لم ينتظر منها اجابةً حقًا ، كل ما يرغب به ان يختفي عن الاعين المتلصصة وان يسير بعيدًا حيث الهواء البارد يلسع وجهه و الشمس تعيد اللون اليه ، اراد ان يفعل هذا معها رغم الدوار الذي يلعب بنظرِّه ، ضم المعطف اليه اكثر و استدار يسبقها بخطواتٍ مستعجلةٍ تدعوها للحاق به ، كانت ايلا من اليد الأخرى مشغولة البال به ، لم تكن تعرفه حق المعرفة التي تشتهيها ، كيف هذا وهي لم تقابله سوى منذ فترةٍ بسيطة ، وحتى مع شعورها بالألفة تجاهه وكأنها تعرفه مذ كانت طفلة ، الا انها كانت تشعر انه يخفي شيئًا ما بجعبته ، وهذا الشعور جعله يبدوا لها بعيدًا جدًا عن متناول يدها ، وكأنها لا تستطيع لمسة مهما مدت يدها و حاولت ، اوجست في نفسه حزنًا ثقيلًا و كآبة يستحيل التعايش معها اسفل وجهه المسالم ، هذا جعلها حزينةً ايضًا

سارعت بخطواتها إليه عندما توقف فجأةً و التفت اليها مستفهمًا،  و دست يدها في يده تشُد على اصابعه بدفء ، لم تُرِّد سؤاله لتجعله يخبرها بما يحس به فهي لا تريد ان يسترجع ولو للحظةٍ معها أيًّا مما يحط بغمامة البؤس على قلبه ، حتى مع رغبتها الملّحة للمعرفة ، لأنها لم ترد ان يكون تعيسًا معها ، بل ارادت ان تستمر راحة البال التي تراها في عينيه عندما يراها و الا يعكر أي شيءٍ صفو مزاجه ، ولو كان هذا للحيظاتٍ معدودة ، و بداخلها احست بكآبته الخفية تتسلل اليها ، شعور غير مألوف و مرير ، أن ترى من تحب يعاني بصمت

"أنا متحمسةٌ لذهاب لأُسكتلندا .. اتصدق؟ في مثل هذا الوقت قبل سنوات عندما كنت طفلة و انتظر جدتي في بيت الجيران لتعود من عملها ، كان جاري قارئًا جيدًا.. هو في الواقع من علمني كيف اتحدث الإنجليزية و تولى مهمة تحسِّينها أكثر مما فعلت المدرسة لأكون صادقة، كان يقرأ لي قصص أجاثا كريستي و آرثر كونان ، وانا اسمعها مبهورة ومخطوفة الأنفاس و كل ما رغبته منذ ذاك الحين هو أن ات إلى هنا ، إلى لندن ، حتى رغم صعوبة المجيء إليها آنذاك، إلا أنه ضل أكثر ماكنٍ رغبت بالمجيء إليه في العالم كله."

ابتسم جون "آمل ألا يكون قد خيب ظنك.."

"قليلًا .. كنت أتوقع ، تعرِف ، شيئًا كما تصوِّره الأفلام ... ضبابيًا وأسود.."

"هذا يبدوا مبالغًا فيه قليلًا ، الا تظنين؟ ثم لماذا عساك تتوقين لمكانٍ كهذا؟."

"لا أعلم .. تأثير شارلوك هولمز كما أفترض."

"حسنًا، لكي لا يخيب ظنك ، اجل لندن ضبابية و سوداء لكن ليس في هذا الوقت من العام ، سيكون عليك أن تنتظري قليلًا بعد لتعيشي ذلك، يؤسفني انك وقعتِ بالفخ. ما كان عليك المجيئ إلى هنا منذ البداية."
لم تفهم ، اكان يلقي دعابةً أم انه جاد ، وجهه كان ينظر الى الناحية الاخرى ولم تستطع سوى رؤية فكة الذي ارتخى فجأةً و اعاد بنظره اليها ، ابتسمت مرغمةً ، لا تعجبها طريقة حديثه التي تحمل مرارة الدنيا كلها بين ثناياها ، و قالت متجاهلةً الشعور السيء الذي دب في قلبها

"لا يسعني الانتظار لأندم ، على الاقل حينها سأكون قد رأيت بعيني - كما تعلم الافضل من التخيل ، الحصول على اجابة."

هو ايضًا لم يستوعب لوهلة ، اتغيرت نبرة صوتها للحظةٍ عندما نطقت جملتها ، وكأنها فجأةً اصبحت اكثر عدائية مما يمكنه في يومٍ ان يتخيل سماعها من شخصٍ ضئيلٍ مثلها أم ان هذا من عمل مخيلته المرهقة من فرط التفكير و مقاومة النعاس ، لم يلقي للأمر أي اهميةٍ حقيقية على ايةِ حال

تبسم قليلًا "أتعلمين ما أكثر مكانٍ رغبت طوال السنوات السابقة بالذهاب إليه أكثر من أي شيءٍ آخر؟."

"ماذا؟"

"بيروج..قريتنا القديمة ، أجمل مكانٍ بالدنيا كلها و لن تستطيع كآبة لندن ان تجاري دفء أشعةِ شمسها و أزقتها الضيقة ، عندما كنت صغيرًا كنت اترجى جدي أن يأخذني إليها ، هو لم يفعل ، اخبرني بأن هذا شيءٌ افعله بنفسي عندما اكبر فكففت عن ذلك حين خطرت لي فكرة غريبة و خفّت رغبتي بالذهاب الى هناك حتى كادت تنعدم مع مرور الوقت ، وحين كبرت ومع ذلك، بالطبع بطبيعة الحال صار بمقدوري الذهاب الى هناك .. لكنني في كل مرةٍ أذهب فيها الى فرنسا لا أتجرأ على فعل ذلك."

"لماذا؟."

"شيءٌ ما يمنعني..لم أرد الذهاب الى ما كنتُ اعتبرها دياري لأجدها فارغةً من عائلتي ، شيءٌ كهذا يا ايلا."

".....انا آسفة لذلك."

"لا تكوني ، لم يكن هذا خطأك ، بل لم يكن خطأ اي احدٍ منا..و لا يوجد شيءٌ لتعتذري منه ، ثم انني لم اقل لك انني لم اذهب الى هناك ، فأنا ذهبت مرة ، مرة واحدة فقط واخيرة."

"لماذا هي آخيرة اذن؟."

"حدث انني ذهبت فعلًا مع صديقٍ لي ، لا تعرفينه وسأكون سعيدًا بأن اعرِّفك به ، عمومًا ذهبنا الى هناك و وقفت تمامًا امام المنزل الذي تربيت فيه معظم طفولتي عندما يتركني والدانا عند جدتي ، وقفت في مكاني لوقتٍ طويل ثم اخيرًا قرعة الباب ، لكن بطبيعة الحال لم يجب احد. فذهبت...هكذا فقط."

لحظة صمتٍ مرت بينهما ، احست بأنه يحتاجها اكثر من اي شيءٍ اخر ، رغم انها كانت كئيبةٍ الى حدٍ ما ، عندما استوعب جون ذلك استعاد نفسه و ابتسم في وجهها

"هل هذا يبدوا حزينًا؟ لا عليكِ ، فهو ليس كذلك من منظورٍ اخر ، فقد كان المنزل عرضةً للإيجار كما علمت ولم يأخذه أحدٌ وقتَها، لكن أبي اشتراه و كتبه بإسمي و في وقتٍ لاحقٍ عرفت بشأن ذلك ، مكاني المفضل في العالم أصبح ملكي مجددًا."

ابتسامته الصادقة طمئنت قلبها و جعلتها ترغب فقط بمعانقته و تخبئته عن العالم كله ، وعندما أحست به لوهلةٍ تعبًا اشارت له بأن يجلسا على حافة النافورة الباردة ، في مكانهما السابق

كان الجو يتشح بشيءٍ من البرودة المحببة و الهواء اللطيف يحرك سطح الماء و يشكل تموجاتٍ ناعمةٍ أحبت تأملها ،
و اخذت تداعب سطح الماء بأصابعها و ترتعش لبرودته ، وقد أحبت ملمسه ضد بشرتها وكم كان منعشًا و يعطي شعورًا جيدًا ، ثم اخرجت تنهيدةً كسولةً مستمتعه

بعد لحظاتٍ عندما انتابها البرد ، اخرجت يدها و استرقت النظر إلى جون فإذا به ضامًا حاجبيه بعقدةٍ قبيحة ، و رموشه مسدلةٌ بإرهاقٍ ظاهِر ، وكأنه في مكانٍ آخر .. عينيه المغمضتين و تلك الظلال الداكنةُ حول جفنيّه

فإعتدلت بجلستها بحذرٍ و ندّهت بقلق عندما لم يتحرك بعد وهلة
"جون ، أ تشعر أنك بخير؟"

همهم دون أن يبدي ردًا حقيقيًا ، كانت همهمته كما لو انها آتية من مكان بعيدًا فارغًا من جوفه ، قطبت ايلا حاجبيها هي الأخرى و اقتربت منه تضع يدها على ذراعه ، أرادت هزّة ، لكن صوتًا ثقيلًا أوقفها "ماذا يحدث هُنا؟"

كان ايفان الذي راقب كل شيءٍ من بقعةٍ بعيدةٍ غاضبًا بقدر ما هو قلق ، قطع المسافة الفاصلة بينهم و ربض عند ركبتيه ينظر الى وجه جون الشاحب وكرر ما قالته ايلا "هل أنت بخير؟"

ضغط برفقٍ على ركبته القريبة منه ، وجهه في مستوى وجه ايلا و بدا لحظتها متقاربين ، لكنها لم تهتم .. بقدر غيضها منه الا ان جون كان يأخذ كامل انتباهها الآن ، عندها فتح جون عينيه بتشوشٍ و بدا وكأنه لا يدرك كيف ظهر ايفان امامه وجهه ولما هما يحدقان به هكذا وقطب حاجبيه ثم قال بإحراجٍ حينما انتبه تمامًا لما حوله

"ماذا؟ آجل ... انا كذلك ، فقط شردت لوهلة ، أعتقد أن جدتي لم تفعل خيرًا بإرسالي خارج غرفتي." وحكّ خلف رقبته بإرتباك

"ايها أحمق ، هل هذا يتكرر معك؟"

"....لا."

كان هنالك نظرةُ شكٍ في عيني ايفان ، حتى جون المعتاد ان يقابل رداة فعلهِ العصبية بغير اكترثٍ حقيقي تحاشى ان يلاقي نظراته
"أعتقد ان نزهتك انتهت عند هذا الحدّ ، عليك أن تعود الى غرفتِك الآن."

تنهدّ جون بعبوس ، لكنه مع ذلك ابدا انصياعًا لآمر إيفان ، و نظر إلى آيلا معتذرًا "يمكننا أن نمشي في وقتٍ لاحقٍ ، هاه؟."

"آجل بالطبع ، في آي وقتٍ تشاءُه."

سحب إيفان يده ليقف ، بدت قبضته ضد قبضة جون متسلطةً ، تشيّ بالشخص الصارم الذي هو عليه ايفان ، و الذي امتدت سلطته لتأخذ جون منها ، و قد رمقها كما لو انها هي من اودى به إلى هذه الحال ، كانت نظرةً مهينةً أنانية

لكن من جهةٍ اخرى ، جانبٌ منها ابتهج ؛ لأنه كان هنالك من يظهر اهتمامًا حقيقيًا بجون ، الجميع يفعل حتى الآن ، وهذا طمئن قلبها

راقبت جون يسير بخطواتٍ بطيئةٍ بعد ان حياها برأسه ، و شاهدت جسده يختفي و بأعين الحراس تشيِّعه حتى دلف الى داخل القصر ، عندها نظر ايفان لها بحدةٍ و عصبية
وقال "سيكون من الجيد أن تستوعبي أن جون مرهق و لا وقت لديه للهو معك."

"انا اعرف هذا تمامًا ، ما سيكون جيدًا هو ان تعرِّف كيف تتحدث معي وأن تحترمني يا هذا."

نهضت واقفةً بعصبية وهي بالفعل سئمتٌ منه و لا ادنى رغبةٍ لديها بأن ترى وجهه حتى ، فتخطته بخطواتٍ رشيقة ، لكن يده قبضة على ذراعها توقفها عن المسير وتسحبها إليه ، كذا جسدها يرتطم بصدره لولا اللحظة الأخيرة ، بغير تصديقٍ نظرت الى يده التي تمسك بساعدها بقبضةٍ محكمة و وجهت بنظرها بعدها الى عينيه بحنق و زمجرت "اترك يدي."

"لا انتظر من فتاةٍ لا تفرق بين الجيد و السيء ان تخبرني ماذا افعل وكيف أتصرف ، لاسيما من واحدةٍ كاذبِّة." أفلت ذراعها و نفضها منه وكأنها حشرة يحتقرُها.

يدها بتلقائيةٍ إرتفعت و صفعته ، كانت صفعةً قويةً لدرجة ان الحارس الذي يقف منشغلًا ينظر الى زاويةٍ اخرى بعد ان ذهب جون الذي كان مكلفًا بمراقبته التفت اليهما بإنتباهٍ ، فتح ايفان عينيه بوسعها بغير استيعاب و سمعها تهمس بالفرنسية كلماتٍ لا يدري ما هي ، لكنها قالت مجددًا بانجليزيةٍ ركيكةٍ من فرط الغضب

"انا من سيعلمُك كيف تحترمني و تذكر هذا ، و في المرة القادمة التي تلمسني فيها هكذا ستُكسر يدك." اعمى الغضب بصيرته ، وكان هذا جليًا على محياه ، ايفان بهيئته الغاضبة دائمًا ما يكون منفرًا و مخيفًا كحال البقية ، حتى ان الحارس وقف بتأهب عندما رأى النظرة في عينه ، لكن ايلا لم تتزحزح من مكانها ،هي الاخرى كانت تشتعل غضبًا وكانت تنتظر اي فعلٍ لتنفجر حقًا

ملامح وجهه القاسية سكنت ، وحلت نظرةٌ لا تقل قسوةً عنها في عينيه اللتين بدتا لحظتها انهما قد فقدتا اخر بصيص رحمةٍ فيهما "حسنًا اذن.. انتِ من أردتِ ذلك ، تذكري هذا جيدًا عندما أُنهي امركِ."

"سنرى."

***

نظر نظرةً أخيرةً إلى الملف في يده و أكمل تدوين الملاحظة التي كان يكتبها جانبًا ، ثم اغلق الملف و ضربة مرتين على سطح المكتب ليساوي الأوراق بعضها ببعض و استند على كرسيه يغمض عينيه ويحرك رقبته بكسل ، اخذ نفسًا عميقًا و طويلًا ، كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة صباحًا و ما يزال لديه القليل قبل ان ينهي دوامه الرسمي و يعود الى المنزل ، لكنه قرر اليوم ان يخرج قبلها ، كان على الطرف الأخر من الطاولة يركن ملف اندرييه ايمانويل ، جد ايلا ، يحكي له الكثير الذي رغب بمعرفته و بالتفصيل الممل ، تلك التفاصيل الكبيرة التي لم يلقي اهتمامًا بها تتحدث بإسهاب عن الثروة الفاحشة ، بقدر اهتمامه بالتفاصيل الصغيرة والتي برأيه لا تقل أهمية عن شخص السيد اندرييه ايمانويل هذا ، اهو شخصٌ خير أم سيء ، ماذا فعل وكيف جنى ما بيده ؟

بدت الأعمال نظيفة إلى حدٍ ما ، ليس الجزء الذي خدع فيه زوجته بالطبع ، لكن الباقي كان مرضيًا لدرجة لا تسمح له ان يعطي حكمًا عن رايه ، فرأيه مقارنةً برأي أصحاب الورث لا يهم

ومع ذاك قإن الحذر المتطرِّف ، المرضيّ في أحيان كثيرة ، و المرافق لجايمس على الدوام كسمةٍ من سماته دائمًا ما يحرض جايمس على البحث و التقصي عن جميع الذين يعمل معهم و هذه المرة لم تكن استثناءً ، اخذ يقرأه صباح اليوم بتمعن و اقفله بحياد تام ، كان هنالك ايضًا نسخةٌ من وصيته أستلمها بالأمس يدًا بيد من محاميه ، تذكر بشكلٍ تفصيلي حصص كل فردٍ من الورث، حتى جايك ... الميؤوس من أمره

وقد نتج أيضًا عن  أخر لقاءٍ جمعه ب المحامي الفرنسي بأن يخبره أن رغبة موكله الوحيدة هي ان يقابل أحفاده ، و في حالتهم ، لا يوجد إلا جون ، جون الذي لا يستطيع أي احدٍ التنبؤ بردة فعله خاصةً بعد آخر مرة ، كان الأمر اشبه بمراقبة قنبلة موقوته بلا حول و لا قوة ، وكان رد جايمس على المحامي ان الامر متروكٌ لجون حده ،و ليس على سيده ان يضع امالا عظيمة ، ليس مع جون على الاقل، و قد اوجس جايمس من الكفة الأخرى ردة فعل بلايك الذي يبحث عن رضى الأخير بطريقة أو بأخرى

الامر دائمًا ما يبدوا وكأنه بمثابة نزوةٍ غير مفهومةٍ لتقلب الاراء عند بلايك ، وحتى لنفسه المعتادة على ان تكون صريحةً و قاسيةً على الدوام وعلى حدٍ سواء ، او بالنسبة لجون الذي شكل الامر له برمته نتوءً بقي في اعماق روحه ، كانت تجربةٍ خام ومن دون اي استعداد لفكرٍ مرير ، اليم في اغلب الاحيان لكل الاطراف ، مولود من تجربة طويلة في التوحد و الانعزال تجاه بعضهما البعض بصفةٍ خاصة ، حتى مع محاولات التدخلات الخارجية لكل من اليزابيث و والديه وحتى هو الذي لا يحب ان يتدخل كثيرًا في الشأن العائلي فعل، لكن ايًا من ذلك لم يفلح حتى الآن ، يبدوان الاثنين وكأن بينهما اتفاق ضمنيّ سري بالا يرضيا عن بعضهما بأي شكلٍ من الأشكال

صار بلايك الذي اظهر نوعًا ما نيةً صالحة أكثر حذرًا في تعامله مع جون هذه المرة ، ليس فقط انه يتحاشه كما لو انه الطاعون نفسه خوقًا من أن يفسد الأمر بقصد او بدون قصد ، بل و حتى مستعد لفعل العديد من الأشياء المجحفة و الغير منطقية ليصحح خطأه الذي حتى لا يعترف به.

فكر جايمس ، كيف يصحح خطأً لا يعترف بوجوده من الأساس ، و عبس وجهه

طرقٌ هادئ و معتاد حط على باب مكتبهِ جعله يستفيق من سرحانه و يرفع رأسه بإنتباه ، دخلت سكرتيرته بالشاي الذي طلبه في وقت لاحق "تفضل يا سيدي"

أحس بجسده يسترخي عندما دخلت الرائحة المنعشة أنفه ، و قبض على الملف الذي كان يرتب أوراقه بشرودٍ ظاهري وناوله لها "شكرًا لك ، اريه لحضرةِ المحامي ليتفقده مرةً أخيرة.."

شاهد وجه بلايك يدخل من خلفها دون ان يدق الباب كعادةٍ سيئة تحصل عندما يجد بابًا مفتوحًا ، وسأل سكرتيرته دون ان يشيح ناظريه غن أخيه حين خطر له شيء كان يعتمل في ذهنه منذ الأمس "اه ، هل أتى ستيفان اليوم؟"

"السيد ستيفان لم يحضر اليوم يا سيدي ، ولم يتصل ايضًا."

"حسنًا اذن"

و التفت الى بلايك الذي يقف خلفه ينظر الى المدينة صامتًا "الا تعتقد انه من الغريب لأخينا أن يتغيب في يوم مهم كهذا؟."

"بالأمس كان هناك سهرة يا جايمس ، الرجل مرهق.." كان صوت الأخير يبدوا غريبًا وكأنه هو الاخر يضمر شيئًا في جعبته ، لكنه احتفظ بنبرته الهادئة رغمًا عن الثعالب التي تتجول في رأسه حتى تشابكت ذيولها منذ أيام، بلايك كان مشغول البال مؤخزًا ، كان هذا جليًا للغاية ، لكنه لم يكن مشغول البال الا بشيءٍ سيءٍ خطر في باله بالأمس وقد أيقظه جايمس بحديثه وجعل فجأة من مزاجه المتقلب بطبيعته أسودًا ، اسوّد وجهه تحت حاجبيه الذين التقيا بتقطيبة قبيحة وغاضبة ، الشك الذي ضل شبحه يحوم و يحوم حول رأسه منذ سنوات طِوّال اخذ يتضاعف حجمه ، و انبسط حاجبه مرة أخرى بتصنعٍ يخفي وجومه ليستدير جسده مشيحًا بوجهه عن المدينة الغارقة في اشعةِ الشمس البهيجة و البرودة الخفيفة بإشمئزازٍ مجهول

جلس في المقعد امام أخيه و دعك المنطقة بين حاجبيه بتعب بينما جايمس ارتشف من شايه و تمتم لنفسه "لكنه كان بهذه الحال في السهرة وهذا ما يزعجني ، أتمنى ان يكون بخير ، اتريد شايًا؟"

لو علم جايمس انه كان يذكي النار التي كانت مشتعلة في عقل بلايك و حولها تتراقص الثعالب متشابكة الأذيل ما كان نطق من الأساس ما نطق به ، احكم بلايك قبضته على المقعد بقوةٍ حتى أبيّضت مفاصله ولم يعي على نفسه ، اخفض رأسه المظلم و ضيق عينيه لوهلة لم تفوه به الجالس امامه "لا."

"أتيت في وقتك ، أنا كنت انوي ان اتحدث معك عن شيءٍ بالغ الأهمية."

استعاد بلايك نفسه من جديد من دوامة غضبه السوداء التي يذكيها الشك ، برويةٍ خبت وخبت معها شدةُ قبضه ، و نظر الى اخيه الاكبر بإهتمام
"أ هو عن الصفقة الجديدة؟."
حك حاجبه الكثيف و دعك صدغه مستعدًا لنقاشٍ طويلٍ و صعب سعيدًا بأنه سيشتت باله عن هذه الفكرة المجنونة الذي بدت له الآن غير معقولة و لا منطقية الآن ، لكن جايمس اخذ رشفةً اخرى من شايّه و قال "لا...دعك من العمل الآن ، اريد ان اتحدث معك بشأن ابنك."

الحديث عن جون الان لم يكن خيارًا جيدًا يشتهيه بلايك ، ليس مستعدًا لأي كلامٍ لاذعٍ مع احد ولا للنظرات اللائمة و المنتقدة ، حتى ورغم ان جايمس لن ينظر له هكذا ابدًا ، ليس بالطريقة هذه على الأقل ، لأنه يعتبر نفسه رغم فارق العمر بينهما و عمرهما الكبير نفسه مسؤولًا عن الجميع ، بمن فيهم بلايك ، و بلايك يشعر بالأمتنان احيانًا تجاه ذلك
ارخى جسده على الكرسي بتضجر يحدق بزوجيّ أحذيته يتأملها ، هز اخوه رأسه واخرج تنهيدة "شئت ام ابيت يا أخي ، هذا ليس موضوعًا تهرب منه."

"انا لا اهرب ، انا لن أهرب .. خاصةً من شيءٍ كهذا ، لكنني لا احتاج لك ولا لأبي لتخبرانني كيف اتصرف مع ابنائي."

"عندما تتصرف بطريقةٍ خاطئة و فجة ، اعذرني يا اخي الصغير ، انا وابي مضطران للتدخل..تعلم ، لم ارغب يومًا في ان اضغط عليك بأي شكلٍ من الأشكال ، انا دائمًا في صفك سواءً كنت على خطئٍ أم صواب وحتى ولو كان ذلك ضد والدنا ، دائمًا ما اصحح اخطأك و اقف وراءك و سأفعل ذلك الى أخر يومٍ في عمري لأنك أخي ، لكن هذه المرة الموضوع لا يتعلق بحياتك وحدك ، نحن هنا نتحدث عن حيواتٍ اخرى لا تقل اهميةً عن حياتك."

تنهد بلايك ، أخفض رأسه المظلم و ارتخى حاجبيه المعقودين على الدوام "..أعلم."

"جيد.." سحب الملف و فتحه بعشوائيةٍ يبحث عن ظرفٍ كان مدسوسًا في ثناياه ، و دفعه تجاه اخيه الذي نظر له بإستغرابٍ و سحبع يقلبه في يده "ما هذا..؟"

"لا تفتحها ، انها رسالةٌ من السيد ايمانويل لجون."

"وماذا يفترض بي ان افعل بها؟."

"ماذا تحسب انك ستفعل بها؟ ستؤدي الأمانة بالطبع."

"لا اعتقد انه سيكون مناسبًا لي ان افعل ذلك ، ثم الا تعتقد انها فكرةٌ سيئةٌ ان يعرف اشياء كهذه وهو في حالته هذه؟ نحن حتى نعرف مالذي يقوله ذاك في رسالته."

"لا شأن لنا بما يقوله ، ليقُل ما يقل انت ستعطي الرسالة له ، هكذا ببساطة ، اختر الوقت الذي يناسبك حتى ، لا يهمني ، فقط تحدث مع ابنك و لا تطِّل الأمر."

"هذا ما كنت سأنوي فعله اساسًا."

***

كانت ايلا في الطرف الأخر من الحديقة ، حافية القدمين مرة أخرى ، و غاضبة ، لا شيء بإمكانه اخماد غضبها أكثر من الهواء المنعش و الشمس الدافئة ، و أيضا التفكير بجون ، كانت محادثتها التي تجريها منذ نصف ساعة تقريبًا مع فايَّ تدور بشكلٍ خاص حول حالتها النفسية ، موضوع فايَّ المفضل على الاطلاق و الذي بقدر حبها له الا ان ايلا تكرهه و تمقته ، كانت نظراتها متململة وهي تسير في دوائر بالحديقة بينما الهاتف محشور بالقرب من اذنها تستمع لحديث صديقتها الممل ، والذي ختمتهُ بسؤال مفاجئ

"هل تعرفين ماذا يحدث للشخص المكبوت؟"

"هل ابدو لك كشخصٍ مكبوت؟ أقول لك انني صفعته ولا أزال اشعر بكفة يدي تحترق.."

"هذا ما كنت اقصده يا عزيزتي ،ثم الهذه الدرجة؟ هل هي حمراء جدًا ام وردية؟ صوريها."

"ما الفائدة من هذا السؤال الأن.؟"

"لا شيء ، أنا فقط اشتت ذهنك لأن هذا مفيد لك كما تعلمين ، الأمور لا تسير بشكل جيد عندك كما أخشى."

"من قال انها لا تسير بشكل جيد؟ انا مسيطرة على كل شيء ، عندي كل ما اريد و اشتهي تمامًا و الباقي غير مهم"

"الباقي الغير مهم هو ابن عمتك هذا الذي اقسم بأنه سينهي أمرك ، الباقي الغير مهم هو والدك الذي لم تجلسا معًا لخمس دقائق ناهيك عن البدء المتأخر في بناء الرابطة التي تكون عادةً بين الأب و البنين ، هذا فقط ما سأذكره لأنني لا أحبذ ان اقحم أخويك في القائمة ولا حتى اخوتك الآخرين ،ايلا انت لستِ بخير حتى و إن قلت عكس ذلك.. احس بك مضغوطة و قلقة حتى مع الآف الاميال الفاصلة بيننا."

شدت على شفتيها و قررت بإصرار "انا بأفضل حال واحس بنفسي قوية كما انا دائمًا ، شكرًا لك."

"اعلم هذا جيدًا بل انني اكثر من يعلم هذا في الدنيا كلها لهذا انا قلقة ، دائمًا ما تكون سقطتُ الأقوى أعنف ، وانا اريدك قطعة كاملة."
قابلت فايَّ الصمت ردًا لها ، من الجهة المقابلة كانت ايلا قد توقفت عن الخوض في المحادثة منذ زمن و اخفضت الهاتف ضد صدرها تغمض عينيها و ترفع رأسها شطر الشمس تستمتع بالسكينة المؤقتة و تبدد غضبها ومللها في لحظات الاسترخاء التي لطالما كانت تغرق فيها وكثيرًا في محلها في باريس ، اه من باريس  ، أعادة الهاتف الى اذنها و سمعت فايَّ تتنهد ثم تقول بنبرة لطيفة و ناعمة "اصدقك ، ستكونين بخير ، اعرف هذا جيدًا و اتمناه من كل قلبي ، ابتسمي ارجوك و في هذه اللحظة يا ابنتي الجميلة"

"انا ابتسم."

"لا ، لا تفعلين ، ابتسمي بقوة حتى يظهر سنك الأخير."

"سيكون هذا مريبًا."

"من يهتم ، ليذهب الإنجليز إلى الجحيم."

قهقهت ايلا ، احست بخطوات تسير خلفها ، نظرت من فوق كتفها ، كانت هناك فتاة بعمرها او اصغر ، بشعر أسود بهيج يحيط وجهها الأبيض كغيمة و ابتسامة واسعة كانت تصفها للتو بالمريبة ، قالت لفايَّ "حلوتي، هل نتحدث لاحقًأ؟"

"بالتأكيد ، علي ان اخبز كعكًا لزميلة أمي ، أي بلاء عظيم هو هذا، على كلٍ مع السلامة"

"وداعًا، اقبلُكِ."

"اقبلُكِ."

اخفضت الهاتف ، و دست قدميها الحافتين بحذائها ، كانت الطرف الأخر تنظر لها بفضول حقيقي و بابتسامة واسعة لم تتغير ، كان بابتسامتها براءة ملموسة جعلت من ايلا تميل لها

"مرحبًا ، لم اقصد ابدًا التنصت عليك ، لكن كلامك الفرنسي شيء ساحر حقًا ، أنا احب عندما يتحدث جون بالفرنسية حتى لو كان يقرأ نشيدًا وطنيًا او يقول كلمات عشوائية ليخرسني ، لكنه لا يحب التحدث كثيرًا في المنزل  ، اردت تعلمها لكنني اخذت مقبولًا و كانت تجربة سيئة مع تلك الأستاذة المجنونة ، لكن ليكن ، سأحاول مرة أخرى ، انا ليلي بالمناسبة ، اردت لقاءك منذ وقت طويل جدًا ولم يتسنى لنا الوقت ، انا ابنة عمك ستيفان." كان كم المعلومات الذي تفوهت به جعل من ايلا تفغر فاهها ببلادة ، و قالت أول شيء خطر في بالها بتلقائية

"و انا ايلا."

"بالطبع اعرف يا سخيفة ، انظري كيف تنطقين اسمك .. حتى انجليزيتك فرنسية .. هذا ساحر."

رمشت عينيها باستغراب ، الابتسامة البريئة جعلتها تتقبل نعتها اياها بالسخيفة عن طيب خاطر ، كانت الفتاة امامها بهيجةً لدرجةِ انها لم تحب ان تجرحها حتى ، تتكلم معها وكأنها تعرِّفها منذ زمنٍ بعيد وانهما التقيا للتو بعد عطلةِ اسبوعٍ قصيرة ، هذا جعل ايلا تظهر ابتسامةً محببةً للدفء الحلو المنبعث من محادثتِها الغريبة

"ا يعني هذا انك لا تفهمين ما أقوله ، هل انجليزيتي سيئة؟"

"بل هي من أجمل الأشياء التي سمعتها في حياتي ، ماذا تفعلين بالخارج بالمناسبة؟ جدتي اخبرتني انني سأجدك هنا وجون. لكنني ارى انكِ لوحدك"

نظرت حولها نظرةً خاطفة تشيع المكان بسرعةٍ ولم تجده وهكذا اعادة عينيها السوداوين مرةً اخرى لآيلا

"اه ، انه في الداخل ، كنا نمشي لكنه تعب وعاد لغرفته."

رأت خيبة الأمل في عينيها وترأى لها انها احبطت نوعًا ما ، هذا جعلها ترفع حاجبها بعجب متسائلةً عما بين الاثنين ، سرعان ما استعادة الاخيرة بهجتها و نشاطها، يد ليلي خطفت ايلا و سحبتها ببساطةٍ خلفها وكأنه ابسط شيءٍ في العالم لتفعله ، خاصةً انها لتو تعرفها

"جدتي ارسلتني لأحضركما ، لكن بما انه بالداخل بقي انتِ."

"على رسلك." عدلت بوقفتها و سارت بجوارها ، هنا ابطئت ليلي خطواتها لتواكب خطوات ايلا تتحدث بعشوائية "هل قابلتِ احدًا بعد؟."

"بأحدٍ تقصدين؟."

"لا أعلم .. اي احد ، تعلمين انتِ هنا منذ فترة ، لابد من انك تعرفتِ على أحد."

شيعت آيلا القصر الكبير بناظريها "عداً عن أصحاب القصر ، لا."

"حين نذهب لأسكوتلندا اذًا." كانت ليلي خائفةً من ان تتخذ اليانور موقفًا من ايلا و تتبعها جولييت ، الأمر بدا لها محزنًا أن يحدث شيءٌ كهذا ، إن لم يكن لأجل ايلا فلجون اذًا

عند دخولهن ، اول شيءٍ رأته ايلا هو شعرٌ طويل أسود يستريح على كتفٍ بيضاء عارية ، صاحبتها كان يخيل لها ان طويلةٌ ذات جسدٍ متناسق توليها ظهرها ، و تقابل جدتها التي كانت تتمتم بشيءٍ ما حتى رأتها و ليلي مقبلتين "ايلا بنيتي ، ارى ان هذه الشقية عثرت عليك لحسن الحظ."

"هذا ما حدث يا جدتي."

"و أين جون؟.." تقدمت ايلا ، هنا حطت انظار الأعين السوداء عليها ، وجه صاحبتها الجميل والناعم عند ذكر اسم الأخير توهج بحماس ، حماس افضى بسهولة عما يحمله قلبها لولا ان أحدا لم يلاحظ هذه التغيرات الهشة التي تضربها بين حين وحين بمجرد ذكر اسم شخص واحد ، لم ترد ايلا ان تحكي لها ما حدث بالضبط ، خاصةً انها واعيةٌ للأعين الحماسية التي تلتهمها بترقب ، لذا قالت ببساطةٍ "لقد تعب من المشي و عاد الى غرفته."

خاب امل كلوديا و بهتت نظراتها ، وكذلك وجه ليلي الذي صار مشفقًا الآن ، كان هذا واضحًا لآيلا الواعية لما يدور بين الاثنتين ، تابعت ميرديث بغير انتباه و بشرود ، حتى بدا وكأنها تتمتم لنفسها

"اهٍ منه ، اخبرته ان طبيبه يريده ان يبقى تحت الشمس لأطول فترةٍ ممكنة ، لكن ماذا يفعل اخوك؟ يوصد النوافذ و يندس تحت الأغطية.. لكن لينتظر ما انا فاعلةٌ به ، سيرى."

قالت ليلي "ليكن هو رجل كبير يا جدتي ، يعرف ما يفعله .. ايلا هذه اختي ، كلوديا."

"تشرفنا." حررت قبضتها من قبضة ليلي المتحمسة و صافحت اختها التي كما يظهر اكثر هدوءً و عقلانية من الأخرى ، والتي حاولت رغم الإحباط و الحزن الذي لملم فيها الا تظهر شيئًا "انا من تشرفت برؤيتك ، كان سعيدًا ان التقي بك أخيرًا."

***

حين خلت ساعة الأصيل ، كان ادوارد قد عاد بالفعل الى قصره ، قدماه قادتاهُ بشكل تلقائي الى المصعد الكهربائي الذي اخذه الى مكتبه متجنبًا مقابلة أحد ، نظر حوله الى الغرفة التي يسودُها الصمت و الظلام ، و تحسس الجدار ليضغط على زر الانارة الذي يعرف مكانه عن ظهر قلب ، كانت النوافذ مفتوحة دلالة على ان الخادمة قد قامت بواجبها الأسبوعي بتفقد الغرفة ، قام بنفسه الى المدفئة و انحنى يذكي نارًا فيها ، عندما انتصب قائمًا لم يفته ان ينظر الى صورة عائلية حملت فيها وجوه ابناءه الأربعة من بين العديد من الاشياء و الصور ، كانت لسببٍ ما اول شيءٍ يراه دائمًا عندما يقوم بإشعال النار ، اليزابيث يافعة وجميلة ، قبل زواجها بأشهر ، و يستطيع رؤية الخاتم يلمع في اصبعها حتى مع الظلام السائد ، تقف بمنتصفهم بابتسامةٍ واسعة هي و جايمس الذي يبدوا كحاله دائمًا ناضجًا لكن نعسًا في هذه الصورة لسبب ما ، عله ضوء الشمس الذي غشي عينيه على حين غرة ، بلايك كان بلايك ، بلا تعابير يحملها في وجهه لكنه بدا متململًا و مهتمًا بأن يبدوا بمظهر جيد في الآن ذاته ، اما ستيفان فكان يحدق بقامة جايمس بغير انتباه لما يدور حوله ، بقي يتأمل ابناءه الأربعة بأختلافاتهم و تصرفاتهم العجيبة و جنونهم في أحيان كثيرة ، يفكر في كيف ليده أي دخل بخلق شخصياتهم والى اين اخذ منحنى هذا الاختلاف نفسه ، كل ما فعله في حياته كان لأجل عائلته ، لا لشيء أخر ، وهم يومًا ما سيفهمون هذا أيضًا

عند هذه الفكرة خص أحدهم بنظره و استدار الى المكتب الفارغ ، شعور سيء يداهم قلبه لكنه جمده في الآن ذاته ، توقف للحظة أمام النافذة ، سماء الأصيل ترسم خطوطًا برتقاليةً و قرمزيّة ، و الغيوم الخريفية متكومةٌ تحيط القمر الذي بدا يظهر نفسه ، هناك بالحديقة تحت الشجرة العجوز يرى ايلا تُسحب من قبل ليلي ، ونايت هناك كما يظهر عائد لتو من عمله الذي طال يتسلى وتقف بجواره كلوديا يتحادثان ، منزله عامر بالحيوات الكثيرة و الأحاديث الخافتة التي لا تصل اليه في البقعة التي يقف فيها ، هذا ادفئ قلبه ، بقي للحظة أخرى ينظر مطمئن البال ، و اخرج تنهيدةً ثقيلة يتلمس بعدها صدره الذي انقبض . عليه ان يتمم عمله ، عليه ان يفعل ذلك ، و نظر الى الصورة مرةً اخيرة.

***

اربعة الاف و سبعمئة كلمة ، اقل من المعتاد لكن واتايفر!
عذرًا على التأخير ، غالبًا ليس ببارتٍ مرضي كما تتوقعون لكن عاد وش تتوقعون مني يعني ، خاصةً انا امر بفترة محورية في حياتي يعني لا تتوقعون مني الوفاء بالمواعيد ، انا بجد اقدر و أحب تفاعلكم مع روايتي و يحسسني اني اكثر شخص محظوظ في الدنيا ، لكن كثرة السؤال بشكل يومي تضايقني (خاصةً في الفترة هذي) اتمنى تتقبلون الموضوع بصدر رحب وتقدرون حالتي

البارت رقم ١ بيصير فيه تغيير محوري بالاحداث ، لأني اعتقد انه من غير المعقول بلايك يفك رقبة ولده ومحد يقطه بشهار (مستشفى مجانين بالسعودية) ، التغيير الجديد يمكن يكون مفاجئ ومتوقع بالآن ذاته ، اذا حدث و عثرتم على اشعار السحب و الاعادة ادخلوا اقرؤه من جديد :
- تقييم البارت :

- توقعاتكم :

- ايلا :

- جون :

- بلايك :

- ادوارد :

- اي شخص آخر :؟

- شيء تقولوه لي :

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro