غريقٌ.
يومٌ موالٍ و لايزال يرقد في منزلٍ مجهولٍ بالنسبة له، حينما لاحظ أنه ينام على أرضية خشبية و ليس على سرير مريحٍ، وقف على عجلٍ ثم نظر للخارج عبر النافذة.
كانت الشمس على وشك أن تُسقط ضوءها على الأبنية الاسمنتية و الأشخاص الذين يتجهّزون من أجل الذهاب لأعمالهم. حدق في الأفق ثم أرتفعت شفته بابتسامة جانبيّة ثم نظر نحو الشخص الذي كان ساكنًا جانبه.
نظر إلى أفعاله التي لا يُمكن أن تكون من تخطيطه أبدًا ثم أعاد نظره للخارج و حينما لاحظ أن الشمس قد سطعت غادر المنزل نحو منزله، اتصل على رقم الطوارئ ثم قال بصوتٍ خافتٍ "أريد التبليغ عن جريمة قتلٍ في عِمارة بداخلها منزلٌ واحدٌ فقط."
ثم أغلق هاتفه و وضعه في جيب سترته ثم خلع القُفازين و رماهما في سلة المهملات ثم أزال السُترة عنه و وضعها فوق الرصيف، بعد ذلك عدّل شعره ثم أعاد السترة إلى يديه و أوقف سيارة أجرة.
لم يترك أي مجال للشخص لأن يتحدث، لأنه لا يرغب في إعطاء تفاصيل أخرى، حين وصوله إلى مكانٍ قريبٍ من منزله طلب أن يتوقف ثم دفع ثمن الإيصال و وقف بترددٍ أمام الباب.
عشر دقائق حتى فتح الباب ثم صاح على عجلٍ "لقد عُدت.." انتظر أن يجيب أحد لكن لا رد لذلك خلع حذائه ثم سار حتى المطبخ، والدته لم تكُ هناك و لم يسمع صوت الده أبدًا، أين من المفترض أنهما قد ذهبا؟
صعد إلى غرفته المشتركة مع شخصٍ ما ثم فتح الباب ببطء، فجاءه صوته يقول "لقد تأخرت، والداي ذهبا في رحلة و عليكَ الاعتناء بي." كان يجلس على سريره و يقلب في صورٍ له بين يديه.
يتفحّص الصور بدقةٍ ثم يبتسم بشرورٍ، كان يقلب الصور بيديه العاريتين تارةً و ينظر نحو المُتجمد عند الباب تارة أخرى، أمّا ذاك الأخر لم يستطع فعل أي شيء سوى إغلاق الباب على مهل ثم التوجّه نحو دورة المياه.
لم يحصل على أي ملابس نظيفة، فقط دخل على عجلٍ إلى هناك و اتكأ على الحائط الذي يجاور المِغسلة، أفكارٌ شتى تملئ عقله، العديد من السيناريوهات قد تشكلت داخل عقله حول ماالذي عليه فعله أو قوله له.
ذلك الشخص الذي دخل حياته على غفلةٍ، قلبها رأسًا على عقِب دون أن يعي ذلك حتى، فمنذ أن بدأ في استيعاب الأمور حوله و هما يعيشان معًا و يفعلا كل شيء سويًا.
ابتعد عن الحائط ثم راح يسير نحو البانيو وضع السدادة حتى لا يتسرّب الماء ثم بدأ في ملئه بأكمله بالماء، خلع سترته ثم الكنزة حتى تجرّد من الملابس عدا قطعتين ثم دخل إليه و غاصَ به حتى ما عاد يظهر منه أي شيء.
أغمض عينيه و ابتسم ببهوتٍ، لا يريد أن يسمع أي شيء أو يرى أي شيء حتى و إن كانت عائلته؛ ثوانٍ، دقيقة و أكثر حتى ما عاد بمقدوره التنفس، فانتفض بخوفٍ ثم وضع رأسه فوق الرِخام الأبيض.
كان قلبه يشبهه تمامًا لكن ذلك الفتى قد شوهه و جعله أسودًا تمامًا، كان مختلفًا عنه كالماء و النار، كالخير و الشّر بالضبط؛ كانا مختلفان في كل تفصيلة و هذا الاختلاف جعل علاقتهما صعبة.
حدّق في السقف طويلًا ثم نظر حوله كل شيء يكسوه البياض عدا قلبه و يديه المليئين بالسواد و الإحمرار، توقف قليلًا ينظر نحو يديه ثم راح يفركهما على عجلٍ في الماء حتى تحوّل إلى اللون الأحمر.
فما كان منه سوى أن ابتعد عنه بسرعةٍ فوقع على الأرض و راح يبكي بصوتٍ عالٍ، يتردد صدى شهقاته في جميع أرجاء المنزل، كان جسده يؤلمه كثيرًا؛ يؤلمه لدرجة أنه يرغب في الموت على عجلٍ دون أي صوتٍ.
قلب جسده ليصبح رأسه للأعلى ثم نظر نحو السقف مجددًا، ثم راح يبتسم و يبكي في آنٍ واحدٍ، لا يعرف ماالذي عليه فعله؛ أيبقى هُنا أم يُغادر و يقابله في الخارج؟... هو حقًا لا يعرف.
أثناء شروده المستمر سمع طرقًا على الباب و صوتٌ يقول "أتريد البقاء في الداخل، أم تريد الخروج لنتحدّث؟" أغمض عينيه قليلًا ثم قال بصوتٍ خافتٍ "سأتي.."
طرق الباب مجددًا ثم فتحه و رمى ملابس جديدة للفتى الراقد على الأرض و صاح "لا تتأخر.." همهم لكلامه ثم حاول الوقوف و بصعوبة فعل ذلك ثم التقط الملابس عن الأرض و وضعها في مكانٍ نظيفٍ ثم أخذ حمامًا دافئًا و ارتدى ملابسه ثم خرج.
كان ينتظره في الغرفة ذاتها، بيديه يحمّل الصور و ينظر نحوه بابتسامة هادئة للغاية، وقف هو عند باب الحمام بالضبط و لم يتحرّك خطوة واحدة بعدها، يحدق في وجهه فقط.
ثوانٍ ربما أو دقيقة حتى قال الجالس على السرير "لما بلّغت؟" رمى الصور على الأرض ثم التقط مصباحًا كان يتواجد فوق منضدة صغيرة كان قد وضعه مسبقًا جانبه ثم رماه حتى ضرب رأسه ليسبب له نزيفًا.
مشى بهدوء نحوه و هو يقول "لما بلّغت؟.. ألم أخبركَ أن تفعل كل شيء بسريّة تامة؟... لما أنتَ عنيدٌ للغاية، هل ترغب في الموت.." و مع كل جملة كان يرمي نحوه ما تطاله يده من أشياء حتى سبب له جروحًا بليغة في أماكنٍ واضحة.
و الشاب الأخر كان صامتٌ طوال هذه الفترة، لا يمكنه أن يتحدث و إلا سوف يُعاقب أشد عقاب، وصل إليه ثم دفعه حتى سقط على الأرض و داسَ على يده بقوةٍ ثم قال "سوف أقوم بكسرها حتى تتعلم مرة أخرى أن تفعل شيء لم أخبركَ به قطْ."
استمر في الضغط عليها حتى سمع صوتَ تحطيم عظامه فابتعد ثم قال "تجهّز لديكَ بروفة قريبة، و بعدها عليكَ أن تقوم بمهمة و لا تُخطئ هذه المرة حتى لا أجعلكَ مشلولًا." أومأ لكلامه بصعوبة ليغارد تاركًا الفتى يصارع الألم.
بعد عدة محاولات وقف ثم توجه لمعالجة جراحه و بعدها توجه للأسفل بعد أن حصل على ملابس جديدة و مشى نحو السيارة حيث كان بانتظاره، صعد على الفور و انطلقت بهما نحو المسرح.
كان يتجنب النظر إليه و ذلك الشاب كان يضحك بخفوتٍ نحوه، لكن عليه أن يبقى هادئًا حتى لا يُقتل على يديه، عليه فقط أن يصبِر لبعض الوقت، ربما سنة أو سنتين أو ربما أكثر لكن الأهم من ذلك عليه أن يتحمّل جنون هذا الشاب.
وصلا إلى المسرح و على الفور توجه نحو غرفته لبدء البروفة و الذي جاء معه كان يتبعه في كل خطوة يخطوها، انتهى من التحضير بعد ساعتين و نصف ثم حان الوقت لبدأ الليلة.
تجهّز على الفور و ذلك الشاب كان قد سبقه، و عاد سيناريو الليلة الماضية إلى عقله، هو سئم من الأمر بأكمله لكن عليه أن يصمِد حتى لا يُكشف سره من قبله.
عليه أن يتحلّى بالقوة لبعض الوقت.
تَـمَّ...
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro