Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

ما بعد الفراق

بقلم نهال عبد الواحد

إن الفراق كالعين الجارية الّتي بعد ما اخضرّ محيطها نضبت، هو القاتل الصّامت والجرح الّذي لا يبرأ، لسانه الدّموع، وحديثه الصّمت، ونظره يجوب السّماء.

داخله آلاف الكلمات، دائمًا هائمًا صامتًا قد نال منه الفراق ووجع بعاد المحبوب، محدّثًا نفسه: كيف لي أن أُخفى لَهفّة ملامِحي واشتياقي حِين أمرُّ جوار بيتك القديم، فالفراق نارٌ ليس لها حدود، لا يشعر به إلّا من اكتوى بناره وقمة العذاب أنّك تشتاق لشخصٍ وأنت تحاول أن تنساه، لكنّه لا يُنسى! وكيف أنساكِ ليلى؟

أَمُـرُّ عَلى الدِيارِ دِيـارِ لَيلـى
أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا
وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي
وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

لهذه الأبيات وقع عظيم عليّ منذ أن قرأتُها ذات يوم، كم تأثّرتُ بها! -رغم أنّي لم أتوقع مُعايشتها-

وها أنا وعلى مدار سنواتٍ أمرُّ على بيت ابنة عمي ليلى مشتاقًا، أطوق لرؤيتها بل حتى مجرد لمحة، وكأن لسان حالي يردّد نفس الأبيات؛ فالبيت قد صار مهجورًا!

لم يتبقّى سوى هذه الأريكة سيئة الحال، أمسح الغبار من عليها ثم أجلس متذكّرًا منذ أعوام، وقت عودتي من عملي، حيث عملتُ كمدرسٍ للّغة العربية في مدرسة القرية وهي قريبة من بيت عمي، فسمح لي المرور من جوار بيتهم بشكلٍ يوميٍّ، متأمّلًا رؤية حبيبتي، ساكنة فؤادي.

كانت تعرف موعد مروري فأجدُها في الشّرفة أو عند مدخل بيتهم تتصنّع فعل أي شيء لنتبادل نظرات الحب العفيفة خاصةً باحتشامها المعتاد وهي متوَّجة بحجابها الرّائع، فأغرق في جمال عينَيها السّوداءتين خاصةً عندما تبتسم على استحياء فيستنير وجهها الأسمر فيصبح كالبدر ليلة اكتماله، بل أنا البدر وأنتِ شمسي، من أستمدُّ منكِ كلُّ شيءٍ، وعلى استعداد فعل أي شيء، فقط لنصل معًا إلى يوم زواجنا.

أخمدُ نار أشواقي الملتهبة حتى تنتهي من اختبارات آخر العام، وبعدها سأجئ إلى عمّي خاطبًا؛ فأنا ابن عمّها وأولى بها، لا زلتُ أتذكّر عندما كانت طفلة تلعب في الطّرقات شعثاء مثل غيرها من قريناتها، كنتُ أكبرها بأعوامٍ، لكنّي كنتُ أشتري الحلوى لها من مصروفي ليس لأي شيءٍ إلا لتترك اللّعب في الشّارع وتجلس معي في مندرة البيت بالطّابق الأرضي نأكلُ الحلوى معًا، كم أسعدني هذا كثيرًا وقتها!

وعندما كبرتِ وتفتّح جمالك للحياة وصرتِ مخفية عن الغالبية بفعل العادات تحرّكت كل مشاعري إليكِ دون شريك، ورغم أنّي لم أبوح لكِ بأي حرف لكنّي تفاجأت بكِ حبيبة الفؤاد تبادليني أجمل المشاعر دون حوارٍ أو كلماتٍ.

ظللتُ أعدُّ الأيام صابرًا مستعدًا لكلِّ شيءٍ، حتى قد أعددتُ شقتنا المستقبلية في بيت عائلتي وادخرتُ مبلغًا لشراء الذّهب أغلى من أي فتاة بالعائلة! بل من القرية كلّها!

حتى أنهت اختباراتها فازداد توتري وارتباكي؛ كيف أبدأ بالأمر؟

لجأتُ إلى أختي التي مجرد أن رأتني زائرًا لها وقد قرأت بين ملامحي السّمراء شغفي، وَجْدي، كَلَفي، عشقي وهيامي.

ولما سألتني مستفسرةً أجبتُ: أجل أحبُّ وأعشق حدّ الجنون.

فعقدت حاجبيها الكثيفين متعجبةً وقالت: ومن تكون يا بدر؟

ارتبكت كثيرًا، تلاحقت أنفاسي ونبضاتي وبلغت الفوضى مبلغها داخلي كأنّها أمامي، بل إنّي أراها دائمًا، فمسحتُ وجهي ولحيتي مستجمعًا ما تبقى من رجاحتي وأجبتُ: إنّها ليلى، ابنة عمّك يا سعاد.

فتلاشت ابتسامتها فجأة وصارت ملامحها الهادئة غير مفسرة، فاستطردتُ: أجل يا سعاد أحبُّ ليلى، ظننتُ أنّي أحببتُ عندما ذقتُ في قربها الهوى، فمال قلبي إليها وهل لحبيبٍ عتابٍ لمن أحب حد الهوى؟ ثم صبا هذا القلب في حبها لا يرجو الشّفاء، فلامس ذا الحب شغاف القلب وصار هو الحاكم المتحكمَ، ولما ابتعدتُ ازداد وجدي وصرتُ سقيمًا لا أجدُ الدواء، فاعتراني شوقي إليها فكدتُ أَهْلَكَ من الكلفِ ممزّقًا، ترددتُ في عشقي نشرًا وبوحًا، فكدتُ أنسحق شوقًا وعشقًا، وكفاك يا قلب ألمًا أن تموت وصبًا، فاستكنتُ إليها محتلتي عشقًا، كفاك يا قلبي حرمانًا فقد صار لك مباحًا وحِلّا،
سأهدي إليها وحدها كل الحب ودّا، لم يعد لقلبي سلطانًا غيرها بعد ما أصبح عاشقًا وأمسى مغرمًا، أهيم بها أشد ما يكون ولن أحيد عنها مطلبا.

فأطالت النّظر إليّ دون أن تعقّب ثم تعلّلت بانشغالها بأبناءها فانصرفتُ دون أن أشكَّ في أي شيء، لكن مجرد أن أصبحت، وقد ساء صباحي وكل أيامي التّوالي.

تفاجأتُ بأعمامي في بيتنا وأصواتهم عالية غاضبة، لم أفهم الأمر وجالستهم فتفاجأتُ بصياحاتهم: كيف تجرؤ على اقتراف فعلتك؟

نظرتُ إليهم جميعًا دون فهم وأجبتُ: ماذا فعلتُ يا عمّاه؟

-كيف تجرأتَ وذكرتَ ابنة عمّك؟

- ليلى!

- إياك ونطق اسمها بين شفتَيك!

- أنا لم أذكرها سوى لأختي منتويًا خطبتها، ألستُ ابن عمّها وأولى بها؟

- هل تنكر حبّكَ لها؟

- وما العيب في ذلك؟ أجل أحبها وسأجئ لخطبتها وتنفيذ كل شروطك عمّاه.

- لن يحدث هذا أبدًا ما حييت!

قالها بصياحٍ ارتجت له جدران البيت، فاستجمعتُ قوايّ وتساءلت بصوتٍ مختنقٍ: لماذا؟

- من يذكر فتاة لا يحلُّ له الزّواج منها.

- لكنّي لم أذكرها، فقط أحببتها وكتمتُ عشقي منتظرًا حتى أنهت تعليمها.

- كأنّك قد نسيتَ العادات!

- لكنّها مجرد عاداتٍ جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان.

فطرق عمّي بعصاه على الأرض بقوة زلزلت المكان وصاح بصوتٍ أجش: حُرّمت عليك ليلى وسأزوجها لأول مَن يتقدم إليها خاطبًا!

ارتجف جسدي بشدة وتلاحقت نبضاتي وصحتُ بكل ما أوتيت من قوة متوسّلًا: لكن يا عمّي...

فقاطعني وصاح: قُضيَ الأمر وانتهى حتى لو اضطررتُ لدفنها لو خالفتني أو عصت لي كلمة!

ثم انصرف الجميع بعد أن سرقوا حلمي، سعادتي وحبي، التفتُّ نحو أختي معاتبًا لها بنظراتي المنكسرة؛ فهي من نشرت خبر عشقي لليلى في العائلة كلها، حاكمةً على هذا الحب بالوأد، فما ذنبي يا ابنة أبي إن كنتِ غير سعيدةٍ في حياتك؟ فكثيرًا ما نصحتك بعدم التّسرع بهذه الزّيجة، لكنكِ لم تسمعي لي!

واليوم حصلتِ على المركز الأول في الأنانية، الغل والحقد، كرهتِ السّعادة لي مع ليلى!

وما كانت أسابيعًا حتى زوّجها أبيها لأول خاطبٍ لها وذبح أجمل حب، وبعدها بسنواتٍ تُوفّى عمّي وامرأته وصار البيت خربًا، فقد حُرّمت عليها العودة كما حُرّم علينا اللّقاء.

وكأنّ أي حبٍّ عميق كُتب عليه الفراق، وكأنّ تعلّقي بحكاية مجنون ليلى أصابتني بنفس المصير!

وبعد هذه السّنوات لا زلتُ وحيدًا حتى لا أدري إن كنتُ سألمحكِ يومًا أم أكتفِي بطيفك السّاكن عقلي وكل وجداني، صرتُ بالفعل لا أملك إلا المرور على دارٍ مهجور مستحضرًا حال قيس بن الملوح قلبًا وحالًا.

وها أنا جالسًا على أريكتها لا أجد إلا أن أتمتم في نفسي كلمات ابن الملوح:
وقالوا لو تشاء سلوت عنها
فقلـتُ لهـمْ فإنِّـي لا أشَـــاءُ
وكيــف وحبُّهـا عَلِـقٌ بقلْبـي
كمـا عَلِقَـتْ بِأرْشِيَـــــةٍ دِلاءُ
لهــا حُــبّ تنشّـأ في فؤادي
فلـيس لـه-وإنْ زُجِرَ- انتِهاءُ
وعــاذلة تقطّعنـــي ملامًـــا
وفـي زجر العواذل لي بلاء

كم شاق هو الفراق الأبدي! ومع ذلك علينا أن نتدرّب على النّسيان لنستطيع العيش لكن لا خلود يطفئ فواجع البعاد، وإنّ أصعب شيء على المرء أن يربط ذكرياته بحبيبٍ بعيد فيصبح الفراق حالة من فقدان الذّاكرة، لكن ذاكرتي لم أفقدها بعد، فلا زلتُ أعيش كل ما مضى.

وأصعب ما يمكن أن تفارق من تحب دون أن تودّعه، ودون أن تعلم بموعد رحيله، وبالرّغم من معرفتي بموعد رحيلك لكني لم أتمكن من توديعك.

تُرى حتى لو ودّعتكِ فلا سبيل إلّا لنفس النّهاية، أقسى كلمة وأسوأ شعور، الوداع، حيث لا رجعة ولا أمل، حياة ليست حياة، وكأنّه لا بقاء في هذه الحياة سوى للموت والفراق.

هل أعيش على أمل لقاءٍ لا أدري كيفيته؟ أو أتوقع أن يُجمع بيننا في طريقٍ عابر دون قصد؟ لكن أعمق جُرحٍ لي هو أن أشتاق إليكِ ولا أستطيع رؤيتكِ أو سماع صوتِك، وأن أعشقكِ وأنتِ لستِ لي، ولم تكوني إلا غيري.

ستبقِى بقلبي يا ليلى وسأبقى هائمًا بعشقكِ مهما أبعدتنا الأيام وفصلت بيننا المسافات، فلو فصل الزّمان بيننا وأبعدنا عن بعضنا فالذّكريات الّتي كانت بيننا حية لا تموت.

وتأكّدتُ أنه لا دوام لأي حال، فلكلِّ شيءٍ نهاية حتى العشق له نفس النّهاية الحزينة مثل كثير من العشاق روميو وجوليت، قيس وليلى ألّا يمكن لتلك النّهايات أن تتغيّر ولو مرّة؟! خاصةً لو كان عشقًا جارفًا كهذا.
يبدو أننا ركضنا فقط نحو تجرّع الألم ومزيدًا من الأوجاع، ليعيش كلانا الوحدة وسط الجميع بعد الفراق.

تمّت 🌷
2021

Noonazad 💕💖💕

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro