ستسبحُ وربّما تُصبحُ منقذًا!
الخِتامُ!
°°°
وجهة نظر الكاتب:
بعد مرور شهرٍ:
«تبًّا لحمقك هذا! عمر أنت لست مجبرًا على أن تكون بطلًا! ليس عليك تركي بمفردي دائمًا!»
صرخ الأصغر بفمٍ مرتجفٍ وصوتٍ متحشرجٍ، الآخر لم يواتيه تأنيب الضمير لأن أخاه سيفهم في وقتٍ ما أنه ليس يدّعي ذلك، لا أحد يموت لأجل أن يُشكر.
«لن تعيش زيادة عن عشرة أيّامٍ! تعرف هذا أفضل مني!»
لقد كان صدره يكتنز الكثير من طفولته البائسة، هل سيخسر أخاه الوحيد كما خسر أمه وأباه؟ ليس مستعدًّا لهذا.
مرّ شهرٌ مذ بدأت محاولات العلاج، لقد تعرّض للإشعاع بصفة مباشرة ولمدّةٍ طويلة جدا، لو لا ضعف إشعاعات بيتا وغاما وقِلّتها لكان جلده ذاب بعد ساعة أو اثنتين من وصوله.
لكن النتيجة كانت مرضية، وجد أشخاصًا تعيش، أشخاصًا وجدوا طُرُقًا للتقليل من الأضرارِ والعيش، لأنهم كانوا على مدار أجيالٍ تحت وطئة تلك الإشعاعات البعيدة والقريبة، وثلاث مئة سنة كافية لشعوبٍ حتى تعتاد، ومع ضُعفِ تلك الأسلحة استطاعوا حقًّا تدارك الكارثة، لكن عمر لم يفعل.
الترياق كان بعضًا من الحمض النووي الخاص بالناجين ونفحة من الفيتامين داء وبعد فحص تركيبة الخضروات التي كانت تنمو في تلك الأماكن وجد أن فيها خصائص تقاوم الإشعاعات المترامية وجعل تلك الخصائص في ترياقه.
«هذا كافٍ في سلامٍ.. أخي، لنذهب إلى البحر.»
أحمد كان يبكي بشدّةٍ حينها، يقعد ضامًّا ركبتيه إلى صدره أمام سرير أخيه المريض، كان يفكر حيال أن عمر ليس قاسيًا هكذا، عمر لا يؤتي لموته أهمية وربّما هذا عادي، لكنه سيبقى لوحده على ضفاف بحر الحياة كثير الهيجان والتقلّبات! هل الآلات التي اخترعها هو لتنظيف البحار قادرة على جعل العالم مكانًا أفضل يعيش هو فيه بدون أمٍّ أو أبٍ أو حتى أخٍ كبير؟
«الأمر ليس جيدًا! أنت ستموت، البحر لن يجعلك أفضل، أنا لا أستطيع العيش هكذا! كيف سأشغل وقتي الآن؟»
وقته الضائع كان أشبه بساعات تعذيبٍ لذاته، الأفكار السوداء والضياع المهيب الذي هو فيه لم يصلحه إلا العمل مع أخيه، ربّما إشغال نفسه دائمًا بتلك الآلات والحواسيب والبرامج هو الذي عزّز فيه عبقريته، خلافًا فهو خاوٍ جدًّا وضعيف.
«أمي كانت تقول أن الدنيا ليست حياتنا كلّها، نحن لم نتعلّم هذا جيدا، ولا أدري إن كنت سأنال خيرًا في الحياة الحقيقية، لكنني في كل مرّةٍ حاولت إصلاح شيءٍ في الأرض كنت أشهّد وأحتسبها لله، اجعل وقتك لله بطريقةٍ أفضل مني، لأنك شخص أفضل مني بكثيرٍ يا أخي، أنت جيّدٌ جدا، والحياة لن تصبح جيّدةً مثلك مهما نظفت البحار، ومهما كلّفت نفسك حتى تصبح، لذا فلا تحاول أكثر، اعتني بمارك فهو وحيد أكثر منك حتى، وتوكّل كثيرًا، الأرض ليست مكانًا يستحق الحزن فيه يا أحمد، أنت تستحقّ أن تكون سعيدًا.»
كان يعني كلامه جدًّا.. أحمد اُنتُشِلَ من بكائه وسمع، كما أنّ يد أخيه التي ضغطت بقوّته الممكنة حول ذقنه حتى يرى وجهه الحزين وهو يلقي خطابه القصير جعلته يؤتي تركيزًا أكثر ممّا كان يفعل.
«لن تخاف السباحة بعد اليوم؟»
نفى ذلك وشعر أنه لمن السخيف أن هذا الذي يعشق أمثلة البحار لن يتسنى له تجربة الشعور مجدّدًا.
«لن أخاف، سأسبح حتى أصل إليك.»
ببحّةٍ أجاب الأصغر ليترك عمر ذقنه ويبتسم بعد أن اغرورقت عينيه هو الآخر.
«أرجو أن تكون رحلتك طويلةً وممتعةً.»
ضحك إثر تصويره لرحلته إلى الموت كشيءٍ من الممكن أن يسعد به، لكنها النهاية ما إن كنا راضين أو لا، سعيدين أو لا، خائفين أو لا، حذرين أو لا! ما المهمّ إذًا؟
يجب إذا أن نعيشها بطريقة جيّدةٍ ومُرضيةٍ للحدِّ الأقصى، الموت ليس نهايةً حزينةً إلا لمن يحبّنا، غير هذا فنحن نستطيع الموت ونحن سعيدون.
«لنذهب إلى البحر.»
وقف أحمد ماسحًا دموعه وتأكّدَ قبل قول جملته أن عينيه لم تعودا حمراوتين كما السابق، ثم راح ينادي مارك حتى يذهب معهما فيما تحامل عمر على نفسه ونهض من سريره.
.
«سنركب الحافلة؟»
أومأ له عمر بينما أحمد رغم أنه لا يريد لذلك أن يظهر بدا كما لو أنه يحدّق نحو ابن التسعة أعوامٍ بحقد الطفل داخله، كان هو أول دفعةٍ لأخيه حتى يخاطر تلك المخاطرات.
«أليست الحافلات سيئةً؟»
تساءل كعادته، وبين طيّاتِ ذلك عمر تذكّرَ أنه أحبّ الفتى لأنه كان يشبه أحمد في كثير الجوانب عندما كان طفلًا، هذا ما لم يلاحظه الشارد الجالس على مقعد الانتظار الذي يجاور الصغير المتحمّس.
«أجل، لكننا نستعملها هنا، ربّما سنستبدلها يومًا ما.»
نظر إلى أحمد والآخر فعل كما لو أنه يسمع أخاه يندي بشيء من الممكن أن يعمل عليه بما أنه يخشى ألا ينتج بعد موته المحتوم.
ابتسم أملس الشعر وحدّق في الطريق الواسع أمامهم، من النادر أن ترى فيه سياراتٍ لكن الحافلات وسيارت الإسعاف والشرطة واردة جدًّا.
«إن شاء الله.»
ضحك عمر بصمتٍ بعد أن نطق صغيره بذلك، يشعر بشيءٍ جميلٍ لأنّ هذا الطفل إلى جانبه تعلم منه كثير الكلمات، حتى أنه يفهم كثيرًا من كلامهم ولم يعد يحتاج الفرنسية كثيرًا لمخاطبته.
«شكرًا لأنك ساعدتني لكل هذا الوقت.»
ذلك الصغير قالها كثيرًا، لم يكن يشعر بالإحراج أو بأنه يُثقّلُ على الأكبر، كان فقط ممتنًا ويشكره حبًّا لا غير.
«لم أكن أنا، كان دعاءك، كما أنك لست بخير تمامًا، يجب عليك دائما الحفاظ على صحّتك وأكل طعامٍ صحي، ربما يومًا ما حينها ستمشي بدون هذه الأشياء.»
أومأ الصغير وأتت الحافلة لاحقًا، عمر استند على أخيه ومارك حاول المساعدة لكنه كان قصيرًا ويحوم عولهما حتى ركبوها وانطلقت تعرض عبر زجاجها منظر البلد الذي اشتاقوا.
الأمور تتحسّنُ رُويدًا.. آليكس سمح لهم بالعودة رغم غضبه الشديد من هرب عمر إلا أنه فور امتلاك العلاج بين يديه هدأ وأصبحوا أحرَارًا والآن كُلٌّ يسبح في تيّارٍ معاكس.
بينما يظن آليكس أن المضخات تنشر المرض هي لا تنشر شيئًا، فقط تلقي بالنفايات المتكدّسةِ في البحار إلى الشاطئ، ومع مرور السنواتِ دون مجازر وصناعات ملوّثةٍ البحر سيصبح مجددا صالحًا للسباحة.
عندما وصلوا إلى وجهتهم مارك نزل يهرول حتى يرى المشهد الذي اشتاقه كثيرًا ليلحقه الأخوان، أحدهما مسرورًا والآخر يداري خيبته.
«لنجلس على الرمل.»
كانت المرّة الأولى لأحمد، الجلوس على الرمال بينما نسائم الربيع تلفح وجهه بنعومة، كان شعورًا مذهلًا.
«أحمد..»
همهم له كإجابة بينما ظل عمر يُحدّقُ في ملامح مارك الذي اتكأ على ساقيه وظل يراقب موج البحر يتلاطم.
«آليكس يظنّ أنه الآن يمتلك اللقاح وحده، عليك أن تنشر الكتاب، حينها ستجد طريقة لإنتاجه بطريقة واسعة وستستطيع الوصول لكل مريض بإذن الله، هل أثق بك لتفعل هذا؟»
انتظر هذا الوقت منذ فترةٍ، لم يستطع نشر الكتاب لأن ذلك سيجعل بلبلة تحلّ دون أن يكون لديه دليلٌ أو حل، لكن الآن كل شيء واضحٌ والعلاج موجود.
«في من ستثق إذا يا هذا؟»
رفع حاجبًا وتساءل بعجبٍ مزيّفٍ.
«بأخي طبعًا!»
أجاب فورًا ليبتسم أحمد ويكمل عمر كلامه السابق:
«كن متيقّظًا، لم ينتهي شيءٌ بعد، لن ينتهي شيء بالأصل، آليكس وأشباهه سيحاولون الوصول إلى حلٍّ آخر دائمًا، قف دائما في وجوههم، أنت ستستطيع.»
مارك نهض يجلس مثلهما ثم قطع حبل الصمت القصير الذي تلى حديث عمر الجاد.
«سابقًا كان البحر يبتلع مئات الناس سنويًّا.»
علّقَ متوقّعًا أحد تبعات عودة الشواطئ مزدحمة، تلك لم تكن أحد النتائج التي سينظر إليها شخص غيره، لكنه باح بما خطر على باله وحسب.
«صحيح.»
أحمد نبس وقد استحضروا جميعًا تلك المقاطع الكثيرة التي تحدّثت عن الأمر، ربّما ليجعل صورة البحر أقل لمعانًا.
«لكنّك لن تغرق حتمًا بعد كل ما عشت، لن يغلبك البحر، ستسبح.»
عمر مسح على شعره بلطفٍ مبتسمًا له أكثر ابتسامة تبعث الطمأنينة في العالم، ثم هزّ كتفيه يقول آملًا:
«وربّما تصبح منقذًا؟»
•
صغار ولكن تجاوزنا مرحلة خوض التجارب، كان علينا منذ نعومة أضفارنا أن نحسن اِتّخاذ القرارات، لأن العالم كان يقبع بين ارتجاف أيدينا، ودعواتنا الغير متقنة القول، القليل من الكفاح والكثير من الاستجابة، ها نحن نتجاوز نكسةً كهذه.
°°°
تمّت بحمد الله ♡
حرفيًّا خربتها في آخر فصول ಥ╭╮ಥ
على كل.. إذا عندك تعليق سلبي أو إيجابي قوله رجاءً
(・-・) \(・◡・)/
هو أحس إن إذا في جزء ثاني لأحمد ومارك حيكون أجمل من هذا، لكنه حيكون أقصر غالبا، ربي يسهل
وإن شاء الله تكون فادت حدا بشي، أو حتى إنها كانت ممتعة وما أكون قلت فيها أي شي غلط، من منحى معلومات أو أفكار، إذا كان في قولولي حتى أصلح من نفسي رجاءً ♡
كونوا بخير🧡
واستغفروا برشا 💚
~
إضافة:
فازت في المسابقة:(
رغم إني كنت مضغوطة ومقتنعة إني خربتها وفعليا كثير أفكار ضاعت مني إلا إن الفوز فرحني، وإن شاء الله ملحمة بيولوجية حتظل ذكرى جميلة جدا لي، وإن شاء الله لكل إلي وصل لهذي الملاحظة، حب لكم💙
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro