جانٍ مَكْشُوفٌ؟
°°°
الليل حلّ والهدوء كان نسبيا، لكنه جيد إذ أنني أكره ألا تحفني الأصوات.
قررت ألا أعود فورا إلى الفندق، مع مرور هذا الأسبوع ذلك المكان أصبح يخنقني.
ذلك البرد الآتي من أشجار بعيدة عني جعلني أشعر بسوء كبير، لأن أشجارنا تأتي إلى هنا مثلا، أو لأن حتى الشعب المسكين هنا لا يستمتع بميزة الخضرة المريحة.
«عمر أنت أحمق فحسب.»
تمتمت ويدي فركت شعري بتلقائية، لا أدري لما أتيت إلى هنا، لكن الفضول عنوان مناسب ربما.
المبنى أمامي كان مهجورا وأطلاله فوق بعضها بحزن، إنها دار نشر لا أعرفها.
أطلت التحديق ثم بدأت أمشي بين أكوامِ الحجارة الساقطة، أتساءل في داخلي لِمَ تلك الطائرة سقطت هنا؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أنني لا أصدق أنها صدفة أو خطأ.
كان هناك الكثير من الرماد عندما دخلت تحت حائط مازال متمسكًا بصعوبة في أساسه، كان مكتبًا.
عندما حدث الانفجار كانت الساعة السادسة، والمكان كان خاليا لذا لم يكن هنالك ضحايا، لكن ما لفت انتباهي أنه لم يحدث زخم شعبي في عاصمة أزهر المدن العالمية والعاصمة الفرنسية، لا أحد اهتم، كما لو أنها تحدث دائما، وبدون ضحايا، ربما.
تمشيت داخل المكتب وقد أصبحت أسعى لإيجاد أي سبب يجعل الحكومة تدمر أحد المنشآت المهمة في هذا العصر، بما أن الأنترنات أصبحت مملة للجميع وأن الكثيرين التجأوا للكتب عندما يكونون جوعى حتى.
أغلب الكتب التي تُباع بزُهدٍ قديمة، وهي تمر إلى دور النشر حتى يتم تدقيقها لتتناسب مع ما تريد الحكومات أن تقرأه الشعوب.
وأنا بشغف أصرح بأنني أحب قراءة كتب السابقينحتى السيئة منها، أولئك الذين عاشوا في القرن الواحد والعشرين كانوا سيئين، هذه نقطة عليهم، لكنهم كانوا يمتلكون فرصة ليعبروا وإن لم يكونوا واعين كفاية حتى يفعلوا، فإن شباب تلك الحقبة عاش في عالم متخبط بين التقلبات والتنافر التام، لكن يمكن القول أن هنالك من منهم بعث برسائل جيدة.
بضعة كتب ترك على أغلفتها احتراق الكربون أسودا صبغ يداي بكل حمقٍ مني.
«من الجيد أنني جلبت معي محفظتي.»
من النادر أن أفعل، لكنني قمت بتحاليل جديدة لمارك، وهذا دعاني لأن أجلب معي النتائج حتى أتفحصها مجددا بتركيز أكبر بعيدا عن أولئك الذين يكرهون حتى النظر إلي أحاول بجد معالجة الطفل.
ليس وأنهم لا يفعلون أو لا يرغبون بذلك، لكنهم حذرون معه جدا، حتى مع العلم بأن مرضه ليس معديا، لكن تصرفه الغريب واعترافاته الصادقة لا تروقهم ولا تناسب ما يجب أن يُصدّقوه.
لم أبقى كثيرا بعد أخذ الكتب ومسح يداي بدون جدوى وعدت إلى الفندق الذي لم أعد أراه مكانا مناسبا للعيش.
.
جسده يضعف أكثر فأكثر كل يوم، والمشكلة الكبرى أنه ليس فقط لا يرغب بأكل الخضروات والغلال، إنها لا تنفعه بل تزيد حالته سوءًا بالأصل.
أشعر بالسوء حياله، يبدو طفلا مشرقا وقليل التذمر، هو ما زال يأمل أنه سيعود أفضل مما كان.
لا أدري حيال شفائه، لكنه لن يعود كما كان.
بينما ما زلت أنظر في نتائج التحاليل وصلتني رسالة على حاسوبي، أحمد بالتأكيد.
أخي؛
هل أنت متفرغ؟
أرسل مباشرة دونما سلام، لقد وكلته بالفعل حتى يبحث في أمر آليكس وما يحيكه من ورائي.
اتصلت به عبر الرقم الذي تكفل هو بجعله خفيا عن أي سلطة مراقِبة فوقه.
«السلام عليكم، أحمد.»
«وعليكم السلام، علمت أشياء غريبة يا عمر، أنا مشتت حقا.»
كان رده عجولا، وكان صوته البارد عادة متوترا ومرتعشا بفشل ذريع في التحكم بأعصابه.
«ما هي هذه الأشياء؟»
ابتلعت ريقي بصعوبة ملقيا سؤالي الذي حللت إجاباته منذ أكثر من شهر مضى علي بين جدران مشفى أقل حركة من مستشفى لأناس ممتنة كنت أحبهم حتى وهم منكسرون.
«آليكس لا يحيك شيئا خلف رئيسه، عمر هو يجعلك طعمًا ليجعل الغافلين عن خططهم يظنون أن الولايات المتحدة ليست شريكة لدول الاتحاد في مهزلة الحرب البيولوجية.»
طعم؟ هل عملي كاستخبارتي لدى آليكس مكشوف لباقي الدول؟ أنا بالكاد أترك ثاني أكسيد الكربون خلفي!
«فسر أكثر.»
هسهست وجلست مجددا بعد أن كنت وقفت من هول صدمة ما قال، أشعر بانقباض أيسري الشديد.
«أنظر، الجميع يعرف عن ذلك الداء، لكن لا أحد يعرف متى وأين سيبدأ، وما إن كان قد بدأ أو لا، لقد فهمت أنك مكشوف لدى مُعارضِي سياسة الاتحاد، وأنت ظاهرا تخدم مصالحهم التي هي نفسها مصالح آليكس الذي يمثل نسبة كبيرة من الجيش الأمريكي، تباعًا فإن لا انقلاب حاصل أو سيحصل أبدا، آليكس وضعك هناك فقط حتى يظهر أنه بطل القصة الذي سينقذ العالم باسم أمريكا، لكن الحقيقة أنك مستهدف حاليا من عدة جهات يا عمر، ونهايتك مع ملايين من سيموت بسبب المرض الذي يستعدون ليسيطروا عليه في الوقت الأنسب لهم.»
زفر بقوة بعد أن سرد مجريات الوضع اللاحق الذي لا أفهم كيف وصل إليه، لكنه فعل.
«كيف علمت؟»
«ألاحق الأمر منذ شهر، تعرفت على أشخاص مثلنا في أعمق نطاق من الأنترنات المظلم، لقد ساعدوني بطريقة ما، ثم قد وجدت رقمه بطريقتي.»
لست مصدوما، في هذا الوقت الأنترنات المظلم أصبح مكانا للأخيار في تشعبات معينة، بما أنهم حاليا لا يستطيعون التقابل على أرض الواقع بعد الرقابة العالمية الشديدة التي أصبحنا نتعايش معها والجميع يدعي الجهل حتى يأكلوا براحة.
«حسنا، أشكرك على تعبك، لكن يجب أن تتوقف على العبث داخل أية مواقع حتى لا تُكشفَ.»
صمتُّ كما فعل، كنت أفكر عن خُطوتي التالية بعد أنني محاصر حاليا، وأخشى أن أخطئ فيُصبح في غنى عني.
«أنا سأواصل التصرف بطبيعية حتى أجد لي مخرجا، دعنا لا نتواصل حتى حين.»
أغلقت فورا، أنا خائف الآن.
يجب أن أخرج من هذه القصة بنجا ح واحد على الأقل، مارك يجب أن يُشفى.
°°°
معرف إذا صدمة أو لا، أو إذا فهمتوا أصلا، لكني تفوقت على نفسي حرفيا بعد ما كملت البارت، وإن شاء الله نلحق الليلة نكتب أكثر من 2000 كلمة باقية:)
دمتم سالمين 🧡
واستغفروا 💛
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro