المرافعة الأولى (الشَّرف)
بقلم نهال عبد الواحد
سيدي القاضي! حضرات المستشارين! السادة الحضور!
أستفتح كلماتي بقوله تعالى: ﴿ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبير﴾، ﴿ألا له الخلق والأمر﴾، فهو الخالق والشارع والأدرى بخلقه أكثر من خلقه.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾
فمن الأمور المتفق عليها بين المسلمين، حرمة الإفتاء بغير علم، ومن أكثر الفتاوي شيوعًا فتوى غسل العار، في ديننا الإسلامي يتوجب قبل أي حكم، إثبات الجرم على المتهم بالأدلة والشهود، ولأن ديننا الحنيف من أسمى التشريعات، فقد حرص تمام الحرص على حفظ العرض والشرف، فحرّم مجرد الاقتراب من الزنا، وجعل عقوبة الزانية الجلد لغير المتزوجة والقصاص من المتزوجة، وذلك في حالة إثبات واقعة الفاحشة من أربعة شهود يحملون البلوغ، العدالة، العقل، الرؤية والإسلام، والتأكيد على المواقعة وليس مجرد حديث، مواعدة، لمسة يد أو مجرد ظن، وذلك حفاظًا على العرض والأرواح.
لذلك لم أقف اليوم بين أيديكم دفاعًا عن من هم خلف القضبان، من لطخوا أيديهم باسم الدّفاع عن الشّرف وغسل العار!
بل دفاعًا عن من توارى جسدها الطّاهر تحت التّراب، من طعنها أقرب الأقربين غدرًا بدلًا من احتوائها ونصحها، طعنوها بظن السوء قبل إراقة دمها، خاصةً ولم تثبُت تهمة الزّنا بإثباتاتها أو حتى بتقرير الطّب الشّرعي، بل ظنّ السّوء الذي سيطر على عقولهم، بثّ سمومه ووسوس إليهم بفعلتهم الشّنيعة.
لم يعملوا العقل ولو لحظة ربما رؤوا الحقيقة! لم يعودوا لكتاب الله وحكمه ربما رؤوا شمس الحق ساطعةً نصب أعينهم!
الحديث، المواعدة أو لمسة اليد كلّها أخطاء دون شك لكن عقوبتها ليست القتل ثم الضّحك على العقول بمسمى غسل العار! يا لكم من قومٍ بهت! أتؤمنون ببعضِ الكتابِ وتكفرون ببعضٍ؟! بل هو قتل مع سبق الإصرار!
فكيف لأبٍ بدلًا أن يكون مصدر الثقة لأبنائه وفارس أحلام ابنته، وطنها الذي تحتمي به والجدار المنيع الذي تستند عليه، من يعلمها معنى الحياة، ينصحها إذا أخطأت ويأخذ بيدها إذا تعثّرت، يسقيها إذا ظمئت ويمسح على رأسها كلما أحسنت! بدلًا من هذا كان قابضًا لروحها وجدارًا هشًّا أسقطها لأعمق قاع؟!
وكيف لأخٍ أقرب من تنتمي إليه، يد عونها في حياتها، كتفها الدّاعم لها يكون هو اليد التي طعنتها ودفعت بها تحت الثّرى؟
أعترض سيدي القاضي! هم ليسوا بآباءٍ ولا أخوة! لن أبالغ لو قلت هم ذراري إبليس وأعوانه؛ طالما أطاعوه واتبعوه.
وألتمسُ من عدالتكم أن توقعوا أشد العقوبة عليهم وأمثالهم إعمالًا بقوله تعالى: ﴿ولكم في القصاصِ حياة...﴾
نريد القصاص العادل ليكونوا عِبرةً لمن يعتبر.
والسلام عليكم ورحمة الله...
الحكم بعد المداولة!
رُفعت الجلسة!
Noonazad💕❤️💕
26th May 2021
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro