• chapter 5 •
~ كل منا جميل ، بطريقة ما ~
_______________________
كنت أشعر بكسل شديد و رغبة عارمة في العودة الى للنوم و اكمال الحلم الذي أحببته ، لم أود الذهاب للثانوية و مقابلة دانيال بعد كل الكلام الغريب الذي قاله يوم أمس ، لكني كنت مجبرة ، فغيابي المتكرر يؤثر على علاماتي ، لذا قمت أخيرا من السرير و ارتديت أول ما وقعت عيني عليه ، و قد كان سروال داكن ضيق ، و قميص قصير أخضر لبست فوقه سترة جلدية .
التقطت هاتفي و انتبهت توا للتاريخ ، انه عيد ميلاي الثامن عشر ، لم أكن من محبي أعياد الميلاد على كل حال ، أعني لماذا يحتفل شخص ما بنقصان عام كامل من عمره ، ربما يراها البعض وجهة نظر سلبية ، لكني لا أستطيع تغييرها للأسف ، الأمر السيء هو أن سام و سيندي سيقومان بواحدة من حفلاتهما السخيفة المليئة بالضجيج ، و التي لا يكون فيها عادة شخص أعرفه بسبب انعدام أصدقائي .
نزلت الى الأسفل لأقابل التوأمان بينما يعملان جاهدا حتى لا أكتشف المفاجأة في رأيهما ، رغم أنهما يكرران نفس الأمر كل عام ، الفرق الوحيد هنا ، ليندة غير موجودة لتحتفل معنا ، كانت قد وعدتني أني عندما أبلغ الثامنة عشر ، سيكون هناك شيء كبير في انتظاري لتخبرني به .. كانت في كل عام تجلب لي هدية مميزة و تحتاج للتفكير ، افتقدتها حقا .
- صباح الخير أختي اللطيفة ، كيف حالك اليوم !
قال سام بابتسامة حماسية كبيرة بعد أن اتجهت للمطبخ أتناول فطوري ، إنه عاشق للصخب و الحفلات ، فأجبت بسرعة بعدما أدركت أني تأخرت حقا :
- صباح الخير ، أنا جيدة ، سأذهب الآن و أدعكم تجهزون كما تشاؤون ، أحبكم !
اتسعت عينا كل من سام و سيندي و نظرا لبعضهما بدهشة ، قبل أن يقولا في وقت واحد :
" لقد إكتشفت مفاجئتنا !
هززت رأسي بقلة حيلة على الغبيين و أسرعت الى الثانوية ، لقد عاد نشاطي فجأة ، لحسن الحظ وصلت مباشرة قبل أن يدق الجرس معلنا بداية الدروس ، كان لدي رياضيات في الحصة الأولى ، فدخلت الى الفصل لأجد الأستاذ غرين قد ولج قبلي مباشرة ، لحسن الحظ أنه لم يكن متشددا جدا ، فأومئت له كتحية و جلست في مكاني ، لم يأت دانيال هذا اليوم أيضا ..
- و أخيرا ، عندما ننقل هذا الطرف من المعادلة الى هنا ، نستطيع حلها بكل سهولة ، انتهى درسنا لهذا اليوم ، أحسنتم ، آناستازيا ، هل تمانعين لو مررتي على مكتبي بعد انتهاء حصصك ؟ .
لا أصدق أني شردت طوال الحصة ! لم أنتبه الا على صوت الأستاذ غرين ينهي الحصة و يناديني الى مكتبه ، شعرت بالحرج نوعا ما ، لكنني أومئت رغم ذلك ، في الواقع ، الأستاذ تايلور غرين شخص رائع ، سواء خارجيا ، حيث تمتع ببشرة سمراء اللون ، تلائمت مع عيناه العسليتان و شعره الأسود اللامع ، و كذلك جسده الممشوق ، أو داخليا فأخلاقه العالية و حسن تأديته لوظيفته ، جعلا منه محبوبا لدى الجميع حقا .
حاولت التركيز في الحصص القادمة ، و قد نجحت في ذلك نسبيا ، حتى دق الجرس معلنا استراحة الغداء ، فتوجهت مباشرة الى مكتب الأستاذ غرين بعد أن جمعت أغراضي .
دققت الباب فسمح لي بالدخول ، كان جالسا على مكتبه منهمكا في تصحيح بعض الأوراق ، ثم رفع أنظاره الي و ابتسم ابتسامته تلك التي أوقعت الجميع في حبه ، دون مبالغة ، و قال :
- مر وقت طويل منذ تحدثنا ، تفضلي بالجلوس .
فعلت ذلك رغم أنه لم تكن لدي أدنى فكرة عما سيتحدث ، ثم أضاف بوجه جدي :
- في الواقع ، أنا قلق نوعا ما عليك ، فأنا دائما أراقب طلابي و أعرف متى لا يكونون بخير ، و قد بدأت ألاحظ هذا منذ وصول الطالب الجديد ، دانيال .
ابتلعت ريقي بخفة ، لا أريد من أحد أن يعلم عن المأساة التي حدثت في منزلي ، و رغم أني لا أثق في دانيال ، الا أن حدسي يخبرني أنه لن يؤذيني ، رغم أنه أحمق كبير ، كنت أفكر فيما سأجيبه دون أن أضطر للكذب ، فهذا الشخص هنا حاصل ايضا على شهادة في علم النفس ، و كوني كاذبة فاشلة سيكشفني لا محالة ، فقلت :
- إنها مجرد مشاكل صغيرة في المنزل أمر عبرها ، لا داعي للقلق .
بالطبع ، قتل شخص عزيز علي من طرف مجهول ، و أصبح فجأة قادرة على قراءة لغة اندثرت منذ زمن ، و أجد قلادة غريبة تتحكم في و تقودني للقبو ، كل هذه الأشياء هي مجرد مشاكل صغيرة ، السخرية واضحة هنا .
حملق بي للحظات ثم زفر و قال بهدوء :
- المهم بالنسبة الي أن لا تتراجع علاماتك ، و أن تكون نفسيتك مستقرة ، ففترة المراهقة فترة حساسة كما تعلمين ، ظننت أن ذلك الفتى قد قام بأذيتك .
لم أكن أعلم أني أبدو مكتئبة لهذا الحد على كل حال ، ربما علي التوقف عن الشرود بكثرة ، لذا قلت منهية الحديث حتى يكمل عمله و أحصل على غذائي :
- سأحرص على أن أكوني بخير أستاذ غرين ، شكرا على اهتمامك ، سأذهب الآن .
أومئ هو بابتسامة خفيفة ، لأخرج أنا متوجهة نحو الكافيتيريا .
لابد أن اليوم هو اليوم الذي تقوم فيه بريتني بتجاهلي كأني غير موجودة ، المسكينة تظن أنها تستطيع استفزازي بهذه الطريقة ، لا أعلم حقا لما يجب أن تكون هناك فتاة عاهرة متسلطة تشبه بريتني في كل مدرسة ، أهو قانون أو شيء كهذا !
مرت فترة الغذاء بسلام ، و من حسن الحظ أن حصص هذا المساء كانت خفيفة، و قد مرت مرور الكرام هي الأخرى ، ثم عدت للمنزل سريعا بسبب اتصالات سيندي و رسائلها الكثيرة التي لم أقرأ معظمها ، من الواضح أنها ستقول أن علي العودة و الاستعداد للحفلة التي بعد أربع ساعات ! أعني أنا أرتدي ملابسي في عشرة دقائق ، حرفيا ، ماللعنة التي سأقوم بها في كل هذا الوقت المتبقي !
تنهدت بخفة على الضجيج الصادر من المنزل ، يبدوا أن سام قد جلب أصدقاءه للمساعدة ، ولجت و صعدت بسرعة لغرفتي حتى لا تمسكني سيندي و تجعلني أمر بالعذاب المعتاد خاصتها ، و المدعو " الإعتناء بالنفس " ، لكن لسوء الحظ ، وجدتها منتظرة أمام باب الغرفة تماما ، مع ابتسامتها المخيفة النامة عن أنها صبرها على وشك النفاذ ، لتتحول بذلك الى أسد جائع ، و لكي أتفادى هذا ، كان علي أن أنفذ كل ما تطلبه مني ، فقالت :
- الى الحمام ، و لا تتأخري ، لدينا عمل كبير ! يجب أن تخطفي الأنظار هته الليلة !
أومئت بسرعة حتى أتخلص منها و من نظراتها المخيفة ، ثم أخذت حماما جيدا ، و بعد أن خرجت ، كانت جالسة على السرير لا تزال تضع نفس الابتسامة ، و بالقرب منها ، أستطعت لمح فستان أحمر قاني ، ثم قالت بأمر :
- إجلسي هنا ، سأصفف لك شعرك و أضع قليلا من المكياج ، لا تتحركي كثيرا .
و بالفعل ، بدأت عملها كمصففة شعر ، بينما أخذني تفكيري مرة أخرى الى الحلم من ليلة أمس ، بدى واقعيا جدا هو الآخر .
- أنهيت ، لقد أخذ هذا وقتا أقصر مما توقعت ، ارتدي الآن فستانك ، و احذري أن يصيبه خدش ، لقد كلفني ثروة ! لو كانت ليندة هنا لاستعملتني كهدف للتدرب على رمي السهام ، يوجد هناك حذاء أيضا في تلك العلبة و بعض الاكسيسوارات ، سأنزل لأرحب بالضيوف .
هل تمازحني ! لقد مضت أكثر من ساعتين ! ، تنهدت بعمق و شرعت في ارتداء الفستان الثقيل ، لكنه راق لي نوعا ما ، فقد كان ذو كتفان منخفضان ، يضيق عند الخصر ثم يتسع حتى يصل الى منتصف الساق تقريبا ، ذكرني بالأميرات في أفلام الكرتون ، ارتديت الحذاء الأسود المرفق ، و زوج من الحلق البسيط ، و اكتفيت بالقلادة المتوهجة فقط .
رميت نظرة على النافذة لأصدم بعدد الوافدين الى المنزل ! هذا حقا كثير ! هل قاما بدعوة الجامعة كلها أم ماذا !
خرجت من غرفتي على أمل أن لا يصيبني الصداع بسبب صوت الموسيقي المرتفع و الروائح الغريبة، لحسن الحظ أن الجميع كانوا منشغلين بأشياء أخرى أغلبها لا أخلاقية ، و لم ينتبهوا لوجودي حتى ، فأخذت ركنا قريبا من الحديقة الخلفية حتى أحصل على الهواء النقي و جلست هناك ، أحيانا أشعر أني حقا مصابة بالتوحد ، لكني لا أمانع هذا على كل حال.
بعد مرور وقت قصير ، بدأت أشعر بالملل ، لكن فجأة ، أصبحت أنظار الجميع تتجه نحوي تدريجيا ، تبعها اقتراب سام مني مبتسما حاملا كعكة كبيرة كتب عليها الرقم 18 ، ليبدأوا في غناء أغنية عيد الميلاد ، فما كان مني الا أن أبتسم ، لا أعلم حقا ان كان سام و سيندي يعلمون أني أفضل حفلة صغيرة نقيمها مع بعضنا نحن الثلاثة ، في مكان بسيط أو منزلنا ، على حضور كل هؤلاء ، و الفستان الباهض ، و الكعكة الكبيرة ، ليس كأني لا أقدر هذا ، بل العكس ، أنا حقا محظوظة لامتلاكي شقيقان مثلهما ، لكن هذا الجو مزعج حقا .
بعدها ، شرع البعض في تقديم الهدايا الي ، فطلبت منهم وضعها على الطاولة رغبة في التملص من محاولات الشباب الغبية للتقرب مني ، أعني ، واضح أني لا أريد الحديث معهم و تلك النظرات الغريبة على وجوههم ، فحملت نفسي و فستاني الثقيل الذي لا أكاد أنتظر متى أنزعه ، ثم خرجت الى الحديقة ، و قد كان الجو هنا هادئا ، عدا من قلة قليلة من الأشخاص الذين يتبادلون أطراف الحديث بهدوء .
شعرت أنني مراقبة من شخص ما ، لذا التفتت ناحية الغابة ، ثم شعرت بدفئ في عنقي ، و قد كان مصدره البلورة الصغيرة التي كانت تتوهج للحظات ، ثم اختفى الوهج مرة أخرى ، ازداد شعور كوني مراقبة، خاصة بعد أن سمعت صوت تكسر غصن ، فتبعت الصوت مباشرة بينما أحاول سماع أي صوت آخر ، لكن لا شيء ، و البلورة عادت مجددا للتوهج بشدة ، ثم اختفى الوهج كالمرة الأولى تماما ، بدأ القلق يتغلغل في داخلي ، فقد ابتعدت نسبيا عن المنزل ، و هذا الفستان و الحذاء يعيقانني عن التحرك بحرية في حال اذا ما واجهت شخصا ما .
كنت واقفة أمام شجرة ضخمة أحاول التركيز على أي صوت يصدر ، الى أن سمعت وطئ أقدام تقترب مني ، يوجد أكثر من شخص هنا ، أخذت وضعية دفاعية استعدادا لأي هجوم ، لكن ما أن رأيت الشخص ، حتى تنهدت بعمق و كدت أشتمه ، لقد كان دانيال من البداية ، و معه فتاة جميلة ذات شعر أشقر فاتح قصير ، لا ليس أشقر ، بل أبيض !
- مرحبا مجددا ، آسف على اخافتك .
بادر دانيال الحديث بشيء من المرح ، فأجبت :
- لا لم تخفني ، ثم ماذا تفعل هنا ؟ أأنت مصر على إثارة شكوكي نحوك أم ماذا ؟
لم يكن هو من أجاب هذه المرة ، بل الفتاة ذات الشعر الأبيض ، فقالت بنبرة رسمية جادة :
- لقد جئنا لمقابلتك ، و لم نستطع بسبب الأجواء الصاخبة .
أومئت آنا بحيرة ، ثم تسائلت :
- لماذا تودون مقابلتي ؟ و من أنت ؟
أجابت الفتاة مرة أخرى بنفس النبرة :
" أنا آليا ، ساحرة متمرسة من الدرجة الحادية عشر ، جئنا حتى نقدم لك هذا "
ثم أخرجت من كيس قماشي غريب الشكل ، به أشكال معقدة ، قطعة حجر شبيهة بالتي وجدتها في القبو ، و ما إن فعلت ذلك ، حتى عادت البلورة الى التوهج بقوة و ازدادت درجة حرارتها ، هل يعبثون معي ؟ ساحرة متمرسة من الدرجة اللاأعلم ماذا !
التفت ناحية دانيال و قد كان جادا لا يبدو أنه يمزح هذه المرة ، كما كانت المدعوة آليا ، فقلت :
- هذه حقا مزحة سيئة ..
- نحن لا نمزح ، أردنا تقديم حجر البوابة لك ، يبدوا أنك عثرت بالفعل على قلادة الروح ، هذا سيسهل مهمتك ، ستعلمين أكثر عن ما أنت بصدده مع مرور الوقت .
أجابت آليا مرة أخرى مقاطعة دانيال ، و قد شعرت بالنصر عند رؤية ملامحه .
- قلادة الروح ؟ حجر البوابة ؟ ساحرة ! ما اللعنة التي تحدث هنا !
أردفت محاولة التحكم بغضبي المتفاقم ، هل أنا مغناطيس مجانين أم ماذا ! ، أجاب دانيال قائلا بدرامية :
- مرحبا بك في عالمنا ، أيتها الفارسة التاسعة !
ثم اختفيا مباشرة ، تاركين وراءهم الحجر مرميا على الأرض ، فانحنيت لالتقاطه ، و ما ان فعلت ، حتى توقفت القلادة عن التوهج ، و عاد كل شيء لطبيعته، لكن كلمات دانيال الأخيرة ، ظل صداها يتردد في أذني ، و لا أعلم لما أشعر بقوة أنهما لا يكذبان .
عدت للمنزل أخيرا بينما انشغل عقلي بتفسير ما حدث آنفا ، هذا لا يبدو طبيعيا بتاتا ، كان قد بدأ يخلوا من الناس نسبيا ، و يبدو أنه لا أحد لاحظ غيابي ، حتى سام و سيندي ، لو علما أني دخلت الغابة في هذا الوقت ، لأعطياني درسا آخر أنا في غنى عنه ، لذا صعدت الى غرفتي و نزعت الفستان مباشرة ثم ارتميت الى حضن سريري الدافئ، و قد كان همي الوحيد هو أن أحضى بنوم هانئ دون أفكار كثيرة لا طائل منها ، و قد قررت التفكير في كل ما حدث اليوم ، ما إن أستيقظ ..
_____________________________
• الصورة فوق هي صورة آليا تقريبا ..
أتمنى أن يكون البارت قد نال إعجابكم ❤
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro