• chapter 27 •
~ كان شغوفًا بالكتب ، أكثر من شغفه بالحياة .. ~
- كارلوس زافون -
______________________________
نزلت الدرج ببطئ و حذر ، فهذا مكان مشبوه في النهاية ، تشيبي لا يزال يمشي قبلي ، أنا حقا شاكرة لعثوري على هذا الكائن اللطيف ، إنه مساعد بشكل كبير !
الدرج طويل حقا ، و ضيق نوعا ما ، إضافة الى أنه مظلم ، فلولا توهج تشيبي المستمر ، لسقطت هنا حتما .
مرت بضع دقائق و المكان بدأ يصبح أكثر اتساعا شيئا فشيئا ، الى أن وصلت الى أرض مستوية رأيت في آخرها ضوءا ، على الأرجح غرفة أو شيء كهذا ، فحثثت قدماي على الاسراع و لم أمنع نفسي من تفقد الحائط و السقف بسرعة ، فالأماكن مثل هذه ، تكثر بها الأفخاخ القاتلة.
بعد أن تأكدت من سلامة المكان ، واصلت طريقي نحو مصدر الضوء ، لأصل بعدها الى غرفة واسعة كما توقعت تماما ، منارة بالعديد و العديد من المصابيح الزيتية ، و قد كانت كبيرة حقا ، في منتصفها قبعت طاولة مستديرة مسقولة بعناية ، تلتف حولها كراسي غريبة الشكل ، أظنها كانت غرفة اجتماعات أو شيء كهذا يوما ما ، و في زاوية الجانب الأيمن تواجد مكتب فاخر نوعا ما ، و استطعت لمح عدة أوراق متناثرة ، لأتجه ناحيتها لا إراديا .
كانت تبدو كرسائل كان كاتبها مستعجلا لإنهائها ، و في الواقع ، أستطيع القول أن معظمها ليس كاملا ، بل مجرد كلمات متناثرة لا معنى لها ، لا بد أن هذا الشخص كان يتمتع بعقل فوضوي حقا .
قلبتها قليلا لتقع عيني على واحدة بدت من الوهلة الأولى مميزة ، فعلى عكس الرسالات السابقة ، كانت هذه مكتوبة بخط واضح منمق ، و بتنظيم مثالي ، فحملتها متفحصة الورق الخشن الذي كتبت عليه ، ثم جلست على الكرسي ، لأشرع في قراءتها ..
" أنت يا من تقرأ رسالتي ، أنت مجهول بالنسبة لي ، لكن السبب الوحيد الذي يجعلك تحمل هذه الرسالة بين يديك ، يعود الى كونك ذو دم ملكي ، أو تتمتع بقوة لا مثيل لها ، و أنا أرجح الاحتمال الثاني ، هذا الأمر مكنك من دخول الغرفة الخاصة ..
على الأغلب أنه في هذه اللحظة بينما أنت هنا ، مدينتنا الحبيبة قد أضحت خاوية على عروشها ، و الأوان قد فات بالنسبة لنا ..
على الأغلب أن ألفيات مضت و هذا الشعب العظيم فقد الأمل في أن يتحرر يوما ما ، على عكسي ..
يا أيها الغريب ، أنا ماريان جانماس الثالث ، و الإبن الوحيد لعائلة جانماس ، أؤمن أنك بقوتك هذه ، ستحررنا جميعا ، و لو طال الزمن ..
سأترك برفقتك بعضا مما قد يساعدك على فهم ما أنت به ، المفتاح في الدرج سيدلك على كل شيء .
و تذكر ، مدينة الملائكة هي عالم بحد ذاته ، و ليست مجرد معبر من عالم لآخر "
تمالكت رغبتي في الرقص فرحا بينما أكرر قراءة الرسالة ، لست فرحة بسبب الشعب المفقود طبعا ، بل لكون نظريتي صحيحة ، لا بد أن ألفيات مضت حقا ، لذا لا أحد يتذكر من سكن مدينة الملائكة قبلا ، لكن هذا غريب ، فسكان عالم الأساطير خالدون ، لذا لا يعقل أنهم لا يعلمون حقا شيئا ، لابد أن أحدا ما تلاعب بالتاريخ يوما .
لكن هذا الأمر وضع على عاتقي مسؤولية أكبر بمئة مرة ، فبدل البحث عن بوابة العالم الآخر و الذهاب لمقاتلة نورثن مباشرة ، سيتوجب علي أولا اكتشاف ما حدث هنا ، في مدينة الملائكة .
هل يعقل أن السكان الأصليين كانوا ملائكة ! لا أستطيع تصديق شيء كهذا !
انحنيت قليلا أتفقد اذا ما كان المكتب يحتوي على أدراج ، و قد وجدت درجين ، أحدها كان فارغا ، و الثاني حوى مفتاحا برونزيا عادي الشكل ، لكن ثقيل نوعا ما ، رفقة ملاحظة صغيرة تقول :
" استعمل قوتك للبحث عن خزنة صغيرة تحت هذه الأرضية ، ستعثر بها على ما تحتاج "
نقلت نظري الى أرجاء الغرفة الواسعة ، و تحديدا أرضيتها ، على الأغلب سأكرر ما قمت به قبل أن أدخل هذا المكان ، فانحنيت واضعة راحة يدي على الأرض ، و أطلقت العنان للشعور الجميل بالقوة المتسربة عبر جسدي ، و بعد مدة قصيرة فتحت عيناي ، لأجد المكان عاديا لم يتغير به شيء .
- اذا تحرير الطاقة فقط لا يكفي ..
تمتمت بحيرة ، ليصلني صوت فلوغا داخل رأسي قائلة :
- لا تنسي أنك بصدد البحث عن خزنة ، هذا هو هدفك ، ركزي عليه فقط .
معها حق ، لذا في محاولتي الثانية ، حرصت على أن أضع ايجاد الخزنة كأولوية تقود طاقتي ، فتنفست بعمق و أطلقت الأشعة الصفراء الجميلة التي كانت واضحة بسبب لون الأرضية الغامق .
في البداية ، انتشرت الطاقة في جميع الأرجاء عشوائيا ، لكن سرعان ما عادت و تجمعت في مكان واحد ، مكان الخزنة التي ستقودني لمعرفة الحقيقة ، حقيقة مدينة الملائكة .
توجهت نحو المكان المطلوب كلي أمل في إيجاد شيء يساعدني ، و من النظرة الأولى ، لاحظت وجود اختلاف طفيف بين البلاط هنا ، و في باقي الأنحاء ، فانحنيت رغبة في نزع البلاطة التي تجمعت أكبر قدر من الطاقة فوقها ، و قد كانت كلمة ثقيلة ، قليلة في حقها ، عانيت حرفيا لنزعها لكني نجحت في نهاية الأمر.
مازلت فكرة أني أتعامل مع أشياء يعود أصلها الى أكثر من عشرات آلاف السنين ، تثير الحماس بداخلي ، و تحثني على المضي قدما ، بعد نزع البلاطة الكبيرة ، ناديت تشيبي كي ينير المكان بالأسفل ، فالظلام دامس ، و بعد أن قام بذلك ، تراءى لي صندوق متوسط الحجم ذو لون أبيض ناصع ، و يبدو مصنوعا من الرخام ، لا أدري حقا ما قصة الناس هنا مع هذه المادة ، ستراها حرفيا في أي مكان تذهب إليه ، و كالعادة ، واجهت صعوبة لا مثيل لها في حمل الصندوق الثقيل ، حتى أني رغبت في تركه يقع لينكسر ، ففي النهاية أنا لا أحتاجه ، بل ما بداخله ، لكني تجاهلت تلك الفكرة و واصلت حمله من الحفرة الصغيرة الى أن وصل السطح .
جلست لفترة ألتقط أنفاسي الضائعة ، ثم نظرت ناحيته متسائلة عن ماهية المعلومات التي سأجدها هنا ، لذا أخذت المفتاح من الدرج بسرعة ، فقد كان متطابقا مع الفتحة في الصندوق ، ثم هممت بفتحه دون انتظار .
كمية الغبار في الداخل كانت رهيبة ، لكن رائحته جميلة بشكل ما ، أشبه برائحة تركيبة معينة من الزهور ، لا أظن هذا مجرد غبار ، فابتعدت بسرعة خوفا من أن يكون ساما أو منوما ، لكن فات الأوان ، فأنا بالفعل كنت قد استنشقت الكثير من هذه المادة ، و كل ما كان بيدي أنذاك هو انتظار مصيري ، لكن بعد مدة قصيرة ، لاحظت تشيبي يشير الى الصندوق و ينفي برأسه ، فتسائلت قائلة :
- ليس خطيرا ؟
أومأ عدة مرات ، لأزفر براحة ، لابد أن هذا الغبار ذو الرائحة الجميلة هو حافظ أو شيء كهذا ، فاقتربت مجددا بعد أن نلت كفايتي من الرعب لهذا اليوم .
احتوى الصندوق على عدة أشياء ، أخرجتها جميعا و فرشتها على الأرض أمامي ، أولها و أكبرها كان كتاب صغير الحجم كثير الأوراق ، و قد بدا قديما بصفة كبيرة حقا ، فقررت تركه للأخير ، كانت هناك أيضا ورقة ثخينة ، فتحتها لأجدها خريطة مشابهة للتي أملك ، لكنها تحتوي تفاصيل أكثر و ليست صماء ، كأسماء الأماكن هنا و أشياء كثيرة أخرى ، و قد كانت هذه الخريطة فقط ، شيئا أكثر من رائع .
تواجد أيضا شيء يشبه الساعة اليدوية ، لكنه غريب الشكل ، كان صغيرا مستديرا و له أحزمة جلدية لربطه على المعصم ، و في مكان العقارب و الأرقام ، شيء يشبه المؤشر و فوقه شريط صغير بألوان متدرجة ، تراوحت بين الأبيض ، الوردي و البنفسجي و كانت أيضا هناك ملاحظة مرفقة بهذا الجهاز الغريب ، كتب فيها :
" مؤشر الخطر ، كلما اقترب السهم من اللون البنفسجي ، كلما زاد احتمال وفاتك ، و العكس صحيح عندما يقترب من الأبيض "
اذا كلما اقترب المؤشر من البنفسجي ، تقترب نهايتك أيضا و نسبة خسارتك في المعركة ، أو حتى موتك ، لكن أريد أن أفهم على أي أساس يعمل ، الشرح هنا مبسط جدا ، لكني لا أظنه شيئا مساعدا بدرجة كبيرة ، فأي شخص يمتلك عقلا يفكر ، و حدسا جيدا ، يمكنه معرفة و تقييم مدى خطورة وضعه ، و ليس بحاجة لجهاز كهذا ، لكن رغم ذلك ارتديته ، و أمسكت آخر غرض كان في الصندوق ، و هو عبارة عن علبة صغيرة بحجم كف اليد تقريبا ، و عندما فتحتها ، أول ما قابلني كان ملاحظة صغيرة ، مرة أخرى ، كتب بها :
" خاتم إيريس ، وجه قوتك نحوه ، و اكتشف السحر بنفسك "
كان خلف الورقة خاتم أسود جميل ، تتخلله نقوشات حمراء بأشكال مبهمة ، فارتديته بجانب الخاتم الخاص بأمي ، الذي قدمه جيمس في بداية رحلتي هذه ، ثم حررت قوتي مرة أخرى لهذا اليوم ، و قد بدأت فعلا أشعر بالإجهاد ، فلازلت غير قادرة على السيطرة على حجم الطاقة التي أحررها ، و بالتالي فحتى اذا كنت أحتاج كمية صغيرة ، فأنا أقوم بتحرير الكثير و الكثير ، مما ينعكس علي سلبا .
بعد عدة ثواني ، شعرت بلسعة بسيطة مكان الخاتم ، تلاها ظهور سحابة سوداء من العدم ، أحاطت بي كليا و قد ذعرت حقا بسببها ، و سرعان ما شعرت بأني أحمل شيئا ، و قد كان ثقيلا حقا ، لتختفي السحابة المجهولة أنذاك ، مخلفة وراءها .. سيف !
حرفيا ! اختفت السحابة و الخاتم ، و وجدت نفسي أحمل سيفا كبير الحجم ، و لا يمكن أن أنكر كم بدى فخما و رائعا ! لابد ان هذا هو السحر الذي تحدث عنه صاحب الملاحظة ، أظن الخاتم تحول الى سيف بفعل قوتي ، وضعته على الأرض و تمعنت فيه باعجاب ، كان مقبضه يشبه الخاتم تماما ، أسود كالح مع نقوش حمراء غريبة ، و كان حادا لامعا استطعت رؤية انعكاسي به .
كنت مندمجة مع السيف ، حتى أتى تشيبي حاملا معه نفس الملاحظة المرفقة ، ثم قدمها لي ، فقلت :
- ماذا هناك تشيبي ، لقد قرأتها مسبقا .
نفى برأسه و دفعها ناحيتي أكثر بإصرار ، لأزفر آخذة إياها من بين يداه الصغيرتان ، و عندما فتحتها ، فوجئت بالكتابة تغيرت ! ليظهر مكانها :
" السيف أصبح ملكك و تحت إمرتك ، الآن هو يستطيع فهمك و الشعور بك ، حافظ عليه فسيكون رفيق دربك "
كان هذا غريبا حقا ! كيف يمكن لجماد أن يشعر ، فقررت تجربة ما اذا كان الأمر حقيقيا ، فقلت و أنا أشعر بالغباء بسبب هذا :
- تحول الى الخاتم .
و لم تمضي أكثر من ثانية ، حتى أحاطت نفس السحابة من المرة الأولى السيف ، و سرعان ما عاد كونه خاتما ! أكاد أبكي من الفرح ! آخر شيء توقعت أن يواجهني هو سيف حي ..
لم أمانع تكرار ذلك مرة أخرى ، فقلت :
- تحول !
و كالمرة الأولى حدث نفس الشيء ، لأصبح حاملة بيدي ذلك السيف الرائع ! الذي عزمت على تعلم إستخدامه في أقرب وقت ، نظرا لعدم وجود أسلحة نارية هنا أو في العالم الآخر .
- تبقى فقط الكتاب .
قالت فلوغا بحماس ، لأرد :
- نعم ، لكن يجب علينا الذهاب الآن ، سيقلق كل من روز و جوردن اذا تأخرت كثيرا .
أعدت كل شيء الى مكانه بعد أن وضعت الكتاب في حقيبتي ، أما ذلك الجهاز و الخاتم فأنا بالفعل لم أنزعهما ، ثم قطعت الدرج صعودا و قد أنهكني ذلك حقا ! و في النهاية لمحت أخيرا ضوء الشمس المتسلل ، فعرفت أني وصلت الى السطح ، لكن حظي الرائع قرر التدخل الآن ، فبدون سابق إنذار ، بدأ الشق الذي دخلت منه يغلق شيئا فشيئا و التمثال يعود لمكانه الأصلي ، سأموت إذا بقيت في هذا المكان أكثر ، و من المستحيل على روز و جوردن أن يعثرا علي .
الحل الوحيد هو الجري ، فأخذت أركض كما لم أفعل من قبل لدرجة أني أقطع أكثر من خمس درجات في خطوة واحدة ، و قبل أن يغلق الممر تماما عبرت بسلام ، ليس كثيرا في الواقع فقد لويت يدي بعد أن علقت و سحبتها بقوة ، لحسن الحظ هي ليست مكسورة .
لم أضيع وقتا آخر و حثثت قدماي على المضي قدما و العودة للقصر ، لا أعلم كم مر من الوقت و أنا بالداخل ، لكن في منتصف الطريق تقريبا ، سمعت صوتا ينادي إسمي من بعيد ، فالتفتت لأرى روز قادمة ناحيتي تجري ، و على وجهها علامات الخوف و سرعان ما حضنتني قائلة :
- يا الاهي أين كنتي ! لقد بحثت عنك في كل مكان !
- آسفة على قلقك ، لكني وجدت أشياء تستحق كل هذا التع..
لم أستطع إكمال جملتي بسبب الدوار المفاجئ الذي هاجمني ، فلم أستطع مقاومته و وقعت ..
وجهة نظر الكاتبة :
- جوردن تعال لقد وجدتها !
صاحت روز مخاطبة الذي وصل الى هذا المكان توا بعد وقت طويل من البحث حول و داخل القصر ، فهم لم يتوقعوا أن تبتعد هكذا بعد أن تتدرب على استعمال قوتها ، لأنه أمر مجهد جدا ، خاصة بالنسبة لمبتدأة مثلها .
- ماذا حدث لها ؟
تسائل جوردن بعد أن حملها بين يديه متجها نحو القصر ، لتجيب روز :
- لقد عرضت نفسها لضغط كبير من خلال استعمال قوتها ، ففقدت الوعي ، لكن على الأرجح هي وجدت أشياء مفيدة ، فقد كانت متحمسة حقا .
تنهد بخفة قبل أن يحدق في آنا قليلا ، ثم قال :
- هي ليست مجرد فارسة روز .. أنا عندما أنظر الى عيناها الصفراوتين ، يراودني شعور غريب حقا لا أستطيع وصفه ، القوة الهائلة التي تحملها ، ليست قادرة فقط على تدمير نورثن ، بل عالمنا بأسره اذا لم تستطع التحكم بها .. هي بمفردها تعادل تقريبا الياقوتة السوداء .
أجابت روز :
- أتفق معك في الجزء الأول ، لكن لا أظن قوة آنا تعادل ربعا واحدا من طاقة ياقوتة الظلام تلك ، حتى نورثن لا يستطيع تحمل طاقتها الكاملة ، بل جزء منها فقط .
أومأ جوردن مضيفا :
- نحن هدفنا واضح الآن ، القضاء على نورثن و استرجاع موطننا منه ، لكن ذلك الشعور بأن هناك شيئا أكبر بكثير ينتظرنا ، لا يفارقني أبدا .
لم تجد روز كلمات مناسبة تطمئن بها جوردن ، فهي لديها نفس الإحساس ، و قد تحدثت عن هذا مسبقا مع دانيال و آليا و كريس ، ليأكدوا لها قلقهم حول وجود عقبة أكبر من نورثن ، لكن هذا غير منطقي ، فمن هو الشخص التي سيتخطى ذلك الطاغية المدمر ، ففضلت الصمت غارقة بأفكارها هي الأخرى.
و بعد مدة ليست بطويلة وصلوا الى القصر ، فوضع جوردن آنا في إحدى الغرف الفارغة القريبة و ذهب هو و روز النوم كذلك استعدادا لتبادل المعلومات الكبير الذي سيحدث غدا ..
بنفس الوقت في عالم الخيال ، و تحديدا مملكة التنانين :
اجتمع كل من دانيال ، الأمير الثاني لهذه المملكة ، كريس ، إبن بيتا جماعة المستذئبين ، و آليا ، الساحرة صاحبة أقرب درجة الى الملكة ، الدرجة الحادية عشر ، مناقشين الأمور التي حدثت مؤخرا في عالمهم ، لقد مضى أكثر من شهر على مغادرة آنا و جوردن و روز ، واضح أن الوقت هنا و بمدينة الملائكة مختلف تماما ، و في هذه الفترة حدثت عدة أشياء غير محمودة ، من بينها ،مجزرة القتل التي أقامها جنود نورثن في حق المعالجين ، بعد أن رفضوا الإنضمام لهم ، و أيضا هجمات اللايكنز المستمرة على المستذئبين من أجل دفعهم للإنضمام لنورثن ، و أشياء كثيرة أخرى .
- اذا حتى الآن ، الأجناس التي مازالت صامدة هي التنانين ، السحرة ، المستذئبون ، العمالقة ، المعالجون و السايرن .
قال كريس ، لتضيف آليا :
- على الأغلب أن المعالجين سينظمون بعد الفاجعة الأخيرة ، فهم لا يهتمون الا بأنفسهم ، و الجنيات لا تمتلكن القوة لأي مواجهة كبيرة ، على الأغلب انظممن بالفعل .
وقف دانيال و راح يجوب أنحاء الغرفة بتوتر قبل أن يردف :
- لو فقط كانت لدينا القدرة على تدمير الياقوتة الملعونة تلك ..
ابتسمت آليا بسخرية بينما رد كريس :
- لا أحد يستطيع الاقتراب منها حتى ، فما بالك لمسها و محاولة تدميرها ، هذا انتحار..
- أعلم هذا مسبقا ، اذن كل ما بمقدورنا فعله الآن هو الدفاع عن ممالكنا ، و الدعوة لأن تصل آنا الى هنا بسرعة ، و تكون قادرة على السيطرة على قوتها ، فلو استطاعت ذلك ...
قال دانيال ، لكن كلامه قطع بشخص ما فتح باب الغرفة بقوة ، فتاة سمراء بجسد رشيق ، عينان خضراوتان ، شعر أسود ، و ملامح قاتلة ، ثم قالت :
- إنهم يحاولون اختراق أسوارنا ..
عودة الى مدينة الملائكة :
بعد وقت طويل من الراحة ، استيقظت آنا على صوت شخص ما يسير في الغرفة التي هي بها ، و قد ظنتها روز ، فلم تلقي بالا لذلك ، و نهضت من السرير بشعر منكوش متجهة نحو الحمام .
- صباح الخير ..
صوت رجولي وصلها ، لتوقن أنها ليست روز أبدا ، و لا حتى جوردن ، فالتفتت بسرعة ليقابلها نورثن صاحب العباءة التي تخفيه ، و عندما لاحظ تجمدها ، أردف :
- آنا ؟ ماذا بك ؟
- ماذا تفعل بغرفتي بينما أنا نائمة ؟ هل أنت معتوه !
هتفت بغضب جعله يجفل قبل أن يجيب مبررا :
- الأمر ليس كذلك ، لقد اشتقت لرفقتك فقط ، و مراقبتك و أنت نائمة تعيد إلى ذكريات دافئة .
ابتعدت عنه بضع خطوات متمتة :
- أنت فعلا معتوه ! و منحرف ! لم أظن أن الأرواح أيضا منحرفة هكذا .
- أنا لست منحرف آنا ، و لست روحا أيضا .
رد بقلة حيلة ، فسألت آنا بفضول :
- اذا ما أنت ؟
لكنها سرعان ما أضافت :
- آه تذكرت ، السيد غامض لا يجيب أبدا على أسئلتي المهمة .
ابتسم بخفة و قال :
- يمكنني إجابتك عن أي سؤال ، عدى الأسئلة التي تدور حولي .
- لكن لماذا !
تذمرت آنا مقتربة منه ، فأجاب بنبرة يائسة :
- لأني سأختفي ..
- كيف تختفي ؟ أنت بالفعل تفعل هذا دائما ؟
- لا ، اذا أخبرت أحدا ما عني ، سأختفي تماما من الوجود ، هذه هي لعنتي الثانية .
رد بحزن محدقا في السماء ذات الزرقة المميزة ، و لما استشعرت آنا حزنه ، أرادت حقا التخفيف عنه ، فقالت :
- لا تقلق ، أعدك أني عندما أهزم نورثن الآخر ، سأكتشف كل شيء و أنقذك ، لا أعلم كيف لكني سأفعلها ، فأنت رفيق طفولتي في النهاية .
و غمزته في نهاية حديثها قبل أن تتوجه مجددا الى الحمام ، سيكون اليوم يوما آخر مليئا بالأحداث ، لكن قبل أن تدخل ، التفتت مجددا و قالت :
- بالمناسبة ، شكرا على مساعدتك لي .
أومأ هو و مازال يتأمل سماء مدينة الملائكة ، حتى عندما أنهت آنا حمامها و ارتدت ملابسها ، كان لايزال في مكانه .
- أمازلت هنا ؟
تسائلت بحيرة ، فرد قائلا :
- لقد شردت ، سأغادر الآن ، اذا احتجت الي ، كل ما عليك فعله هو مناداتي ، الى اللقاء.
ثم اختفى تماما كأنه لم يوجد قط ، فزفرت آنا بسبب غموضه الغريب ، هذا الشخص لديه سر خطير ، و اذا كشفه سيختفي من الوجود ، و هي بطريقة ما ، اعتادت عليه ، و لا تريده أن يختفي أبدا ، لا تعلم حقا اذا كانت جديرة بالوعد الذي قطعته عليه ، لكنها ستحاول الوفاء به ما دامت حية .
بعد وقت قصير من التفكير ، تذكرت ما حدث لها قبل أن يغمى عليها ، فتفقدت يدها لا إراديا لترى الخاتم المستقر في أصبعها السبابة ، فاعترتها موجة حماس مرة أخرى و قفزت باتجاه حقيبة الظهر لتخرج الكتاب الذي وجدته رفقة الخاتم و ما الى ذلك ، لكنها فضلت عدم قراءته الآن ، على الأقل حتى تطلع جوردن و روز على ما وجدته ، فخرجت من الغرفة مباشرة لتتجه الى المكان الذي يجتمعون به عادة ، و قد وجدتهما بالفعل هناك ، فبادرت بالحديث قائلة :
- مرحبا جميعا !
أبتسمت روز و ردت :
- أهلا ، أرى أنك إسترجعت عافيتك .
- بالطبع ! لدي الكثير من الأشياء الرائعة لأريكم إياها.
قالت آنا بعدما وقفت مقابلة إياهما ، فأضاف جوردن:
- نحن أيضا وجدنا ما قد يساعد ، إبدئي أنت .
أومئت آنا و بدأت تشرح لهم كيف استطاعت التحكم بالأرض و الماء ، لكنها احتفظت بجزء نورثن لنفسها ، ثم انتقلت الى التمثال و كيف استعملت قوتها لفتح الأرض ، و ما جاء في الرسالة ، الى غاية الصندوق الرخامي و الأغراض التي وجدت به .
- و في النهاية ، عثرت على هذا .
أشارت الى الخاتم ، ثم تمتمت ب ' تحول ' ، لتحيطها الساحبة السوداء و تختفي تاركة السيف الرائع بيدها ، و قد كان كل من روز و جوردن أنذاك في حالة من الصدمة التي لا مثيل لها ، فلم يقدرا على النبس ببنت شفة ، بينما واصلت آنا قائلة :
- لا أطيق صبرا حتى أتعلم استخدامه ، أعتمد عليك في هذا جوردن .
- مهلا لحظة ! اذا أنت حرفيا تقولين أن واحدا من سكان مدينة الملائكة المختفين و الذين لم نكن متأكدين حتى ما إذا كانوا موجودين حقا ، قد ترك لك رسالة يطلب منك فيها إنقاذ شعبه من شيء لا نعلم عنه مقدار ذرة ، و ترك لك سيفا من سيوف الخاتم الأسطورية ! و استطعت أيضا تعلم التحكم في الأرض و الماء في يوم واحد !
قال جوردن بجزع بينما يقطع المكان ذهابا و إيابا ، و قد استطاعت آنا استشعار نسبة توتره الكبيرة بسهولة ، بينما روز لازلت في صدمتها ، فمنذ أجيال كثيرة جدا ، لم يذكر أحد شيئا عن من سكن مدينة الملائكة يوما ما ، بل هي باختصار مجرد جسر غريب يربط العالمين .
- أنت تعرف هذا السيف إذا ؟
تسائلت آنا بحماس مضاعف ، ليزفر جوردن مجيبا :
- بالطبع أفعل ، سيوف الخاتم الأسطورية هي ليست مجرد سيوف ، بل شيء أكبر بكثير ، لا أحد للآن يعلم قدرتها تحديدا ، كما أن مصدرها ، أو صانعها مجهول تماما ، و لم يوجد منها في التاريخ المذكور كله إلا إثنان ، الأول كان خاصا بأحد ملوك العملاقة منذ وقت طويل جدا ، و الثاني كان للملك الأول تياروس الذي أوقف الحرب بين الأجناس قبل مئات آلاف السنين .
قاومت آنا رغبتها في إطلاق صيحة من الدهشة بينما حملقت في سيفها بحب قائلة :
- أنا أحمل الآن سيفا أسطوريا بقوة مجهولة و لا يوجد منه الكثير ! لقد أطلق عليه صاحب الرسالة إسم خاتم إيريس .
- بالتحديد ، و اذا تعلمت استخدامه جيدا ، فالقوة الناتجة عنه و عنك لن استطيع وصفها بالكلمات المجردة ، أما بالنسبة لإيريس ذاك ، لم أسمع عنه مسبقا .
قال جوردن محدقا في السيف هو الآخر ، لتردف روز أخيرا بنبرة غير مطمئنة :
- يا رفاق نحن ندخل الآن أمرا أكبر منا بكثير .
- أعلم هذا روز ، نحن سنقوم بشيء أشبه بالجنون ، و لكن اذا كان هذا الشخص المدعو ماريان جانماس يمتلك سيف الخاتم ، و طلب مساعدة آنا ، فيجب علينا تلبية ذلك ، سنفقد كثيرا من الوقت أعرف ، لكن يجب علينا فعلها .
قال جوردن و قد غير رأيه السابق تماما حول ضرورة إيجاد البوابة و الذهاب لعالم الخيال بسرعة ، فأضافت آنا مؤيدة إياه :
- تغيرت الخطة يا رفاق ، سنعثر على شعب مدينة الملائكة و ننقذهم ، ثم نذهب لركل مؤخرة نورثن ذاك ، من معي في هذا ؟
- أخبرتك سابقا أني معك .
أجاب جوردن بحزم فماكان من روز إلا أن زفرت و قالت :
- لا أزال غير مقتنعة تماما ، لكن ليس لدي خيار آخر على كل حال ، ما التالي إذا ؟
إبتسمت آنا و أخرجت الكتاب من حقيبتها قائلة :
- هذا سيكون دليلنا للإنتصار ..
__________________________
أولا سأبدأ بالاعتذار 😆
آسفة على تأخري الكبير في التنزيل ، أعدكم بالتعويض عن هذا 💖
إذا ما رأيكم في البارت ؟
من ، أو ما هو الخطر الأكبر الذي يراودهم ؟ 😈
ما هو السر الذي يخفيه نورثن الذي يزور آنا 🤔
و ما علاقته بنورثن الطاغي في رأيكم ؟
أتمنى أن يكون البارت قد نال اعجابكم ، ترقبوا بارت جديد عن قريب ❤
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro