• chapter 23 •
~ و تأكد يا صديقي ، ما لم يقتلك ، سيقويك ~
__________________
(تابع للفلاش باك )
- شارل ، شيء ما ليس على ما يرام..غريزتي تنبهني ، و ذئبتي لا تتوقف عن العواء منذ حلول الليل
كانت تلك جاسمين ، التي أيقظت شارل من غفوته القصيرة على الأريكة ، هو قد أحس بنفس شعورها ، لكن من أجل طمئنتها ، قال :
- لا تقلقي جاسي ، ما دمت معكم ، فلن يصيبكم مكروه .
أومئت جاسمين بخفة و عادت الى غرفتها أين قبعت جوانا نائمة بعمق ، بينما بقي شارل و قد فارق النوم عينيه ، يفكر في أسوء الإحتمالات حول المصيبة التي ستعكر صفو حياتهم .
فجأة ، و بدون سابق إنذار ، بدأت أركان المنزل بالإهتزاز بشدة ، مما دفع جميع من في المنزل إلى النهوض و إكتشاف الأمر ، و قد كانوا شبه موقنين بكونها مجرد هزة أرضية عنيفة
- جاسمين تعالي معي ! أوليفيا ، جيمس و سيلا خذوا الأطفال و اختبئوا في القبو و لا تفتحوا حتى تسمعوا صوتي حسنا !
صاح شارل مسرعا ، ثم إنطلق خارجا المنزل و تبعته جاسمين دون النبس ببنت شفة ، و قد أخفى وجهها أنذاك ، مشاعر كثيرة..
- خالي ، ماذا يحدث هنا ؟
تحدثت آنا بنعاس ، كحالة جميع الموجودين .
- لا أعلم آنا ، لا أعلم..
أجاب بحيرة و خوف ثم قادهم ناحية القبو ، و بالتحديد تلك الغرفة السفلية المهجورة التي لا أحد يعلم عنها الا أصحاب البيت نفسه..
في تلك الأثناء ، كانت جاسمين قد حصنت البيت ضد أي تدخل سحري خارجي ، لكن ما لم يكن في الحسبان ، أن تأتي الضربة من الداخل ، فأثناء قرائتها بعض الطلاسم المعينة ، أحست بطاقة سلبية شريرة تنبعث من خلفها ، لم تستطع إلا أن تلتفت لترى ، و هنا كانت الصدمة..
فوق البيت مباشرة ، فُتِحَت بوابة سوداء قاتمة شبيهة بثقب أسود ، و إشتدت الرياح و كذا الإهتزازات الأرضية العنيفة ، بينما وقف شارل عاجزا أمام ما يحدث .
ما لبث أن ظهر من تلك البوابة أشخاص ذو لباس أحمر موحد ، و وجه بلا ملامح ، و أخذوا يرددون كلمات مبهمة مُزْعِجَة ، في تناغم مستمر ، إشتد الصوت و الأخوان لم يعلما ما هما بفاعلان ..
لم يطل الأمر كثيرا و أخذت كرات نارية ، ذات لون أزرق ، تُقْذَف نحوهم بسرعة ، منيرة سماء الليل كالح السواد ، فانتهت أخيرا دهشتهم و بدآ القتال بشراسة
تحت الأرض ، في الغرفة المُحَصَّنَة ، لم تستطع أوليفيا التحمل أكثر و قد تفاقم قلقها على زوجها بشكل مبالغ ، فتمتمت باعتذار الى جيمس و إنطلقت خارجا ، لم يستطع أحد اللحاق بها خوفا من ترك الأطفال بمفردهم بلا حماية ، عدى آنا..
إنْسَلَّت من بينهم لاحقة والدتها ، و يا ليتها لم تفعل..
وصلت أوليفيا إلى أرض المعركة مباشرة فوق حديقة المنزل الأمامية ، حيث كانت جاسمين محلقة و قد غطى البياض عيناها ، تحارب بسحرها و طلاسمها تلك المخلوقات التي لا زالت تطلق عليهم الكرات النارية ، و التي هي بالمناسبة عبارة عن كرات طاقة هائلة ، اذا أصابت القلب أو الرأس فإن الْمُصَاب مَيِّت لا محالة ، بينما شارل كان في هيئة ذئبه، ذئب كبير ذو لون يميل إلى الإحمرار ، لكنه أدرك مؤخرا أن فكرة التحول الى ذئب لم تكن صائبة ، فالمعركة ليست على الأرض حتى ، لذا أخذ يعود إلى شكله البشري ، ثم إلتقط سروالا شبه ممزق ، كان ملقى على الأرضية المحترقة.
أثناء ذلك ، إنتبه أحد من ذوي الرداء الأحمر إلى آنا و أوليفيا ، فابتسم في شر و شكل كرة طاقة أكبر بشكل ملاحظ من سابقاتها ، و رماها تجاه آنا ، الهدف الأساسي من البداية ، لكن أوليفيا إنتبهت ، و كذلك جاسمين ، تحركت غريزة الحماية و الأمومة لدى أولي و أحاطت إبنتها بين ذراعيها بكل ما أوتيت من قوة ، بينما حاولت جاسمين تشكيل درع حامي مؤقت ، لعله يخفف من حدة الضربة القادمة .
تشتت إنتباه الجميع لعدة ثواني ، إنطلقت كرة الطاقة العملاقة باتجاه آنا و أوليفيا ، و قد أحدث إصدامها مع الدرع السحري دويا لا مثيل ، لكن للأسف فقد نجحت في إختراقه ، لتستقر أخيرا داخل جسد الأم المسكينة ، التي كانت أمنيتها الوحيدة و الأخيرة ، أن تعيش إبنتها بأمان..
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل إن جاسمين أيضا نالت حصتها من الألم بطعنة سكين سامة ، أردتها أرضا ، لا أحد بعالم أهي حية..أم الحياة غادرت هذا الجسد..
أدرك شارل عندها ، خسارته أكثر شيئان أحبهما في هته الحياة ، زوجته و شقيقته..لم يتحمل الصدمة و أغمي عليه تزامنا مع إنغلاق البوابة ، و عودة كل شيء كما كان..عدى الأرواح المفقودة ، و القلوب المكسورة في هته الليلة...
( نهاية الفلاش باك )
صدمة..
هذا كل ما شعرت به في تلك اللحظة
شيء غريب ، سائل يتدفق من عيني ، صور كثيرة و مشاعر أكثر ، كأن أحدهم ضغط على قابس بداخلي ، أيقظ مشاعر عفى عنها الزمن..
تحركت عيني بلا وعي مني على من في الغرفة ، أشعر بالدم يتدفق في عروقي ، لن أنهار هته المرة..إنه الغضب .
زمجرة عملاقة صدرت عني ، لم أكن لأعرفها قبل نصف ساعة ، لكني أستطيع الآن ، لقد إستيقظت ذئبتي .
شعرت بفوران دمي مرة أخرى ثم بآلام شديدة لا أعلم مصدرها ، كل ما أتذكر هو قفزي باتجاه أحد نوافذ الغرفة ، محطمة إياها ، ثم الرياح الباردة التي صفعتني بقوة ، هذا قبل أن أسمع صوتا قويا أشبه بتحطم العظام ، و ازدادت الآلام بشكل كبير حتى لم أعد أقوى على تحملها.
لكن كل هذا ، توقف فجأة تزامنا مع نزولي على الأرض..نزولي فوق أربعة قوائم .
لوهلة نسيت كل الكلام الذي قيل لي قبل قليل ، و أنا أراقب العالم بعينان مختلفتان ، بجسد مختلف ، و بعقل آخر يشاركني أفكاري و قراراتي ، عقل ذئبتي .
أشعر أن حواسي مضاعفة عشرات المرات ، أستطيع حتى سماع دبيب النمل على الأرض !
- أناستازيا..
قاطعني ذلك الصوت المألوف بطريقة غريبة
- إشتقت إليك..
تحدث مجددا ، و قد أيقنت صاحبته ، إنها ذئبتي..فلوغا .
لا أدري حتى كيف أعلم إسمها ! لكنه فقط قفز الى رأسي بطريقة غريبة .
- فلوغا..
رددت صوتها داخل عقلي مستشعرة لذة لا مثيل لها ، و كذا حنين غريب .
- آنا..سلميني السيطرة ، فقط أغلقي عيناك و ارتاحي عزيزتي .
قالت فلوغا مرة أخرى لأنفذ بدون نقاش ، أغمضت عيناي بهدوء ، و انسحبت ، إلى مكان يكون حتما أهدئ من واقعي الأحمق المرير .
( وجهة نظر الكاتبة )
بعد أن سلمت أناستازيا التحكم الكامل لفلوغا ، إنطلقت الذئبة ذات الفراء الذهبي النادر ، و العينان السوداوتان ، تعدو بسرعة جنونية ، فأصبحت لمن يرى كأنها شعلة من ضوء ، و هذا هو أصلا أصل إسمها ؛ الشعلة .
إستمرت في العدو إلى غاية شروق الشمس ، أين وقفت على تلة بعيدة نسبيا عن منزل جيمس ، فانعكست الأشعة الذهبية على فروها الذي نافس الشمس بهاءا و لمعانا ، كانت فلوغا حزينة على حالة رفيقتها ، صحيح أنها لم تظهر إلى الآن ، لكنها عاشت داخلها طيلة فترة حياتها و أحست بجميع مشاعرها ، سواء كانت سلبية أو إيجابية ، حتى هي أحست بالصدمة ليلة أمس ، فهي لم تكن تدري شيئا عما تفوه به جيمس
طوال تلك الفترة ، لطالما تَسَائلت عن مدى قوة هته الفتاة ، متى ستُكْسَر و كيف لشخص أن يحتمل كل هذه، الأحداث الصادمة المتتالية التي لم تترك لها الوقت حتى للتنفس و ترتيب أفكارها ، لكنها و في نفس الوقت أحست بالفخر الشديد لأن شريكتها في هذا الجسد بتلك القوة ، و معا ، هما حتما لن تهزما.
- فلوغا ، أنت هنا ؟
جائها صوت آنا من داخل لرأسها ، لتبتسم شاعرة بفرح شديد .
- نعم آنا ، هل إرتحت قليلا ؟
أجابت فلوغا بصوت بصوت حنون لطيف .
- بخير شكرا ، أشعر كأني وُلِدْت من جديد بعد ليلة البارحة .
قالت آنا بصدق ، ثم أردفت :
- أتعلمين ، لطالما شعرت أن هناك شيء غريب يحدث في حياتي ، بعد معرفتي بكل شيء تقريبا ، خطر على بالي هذا السؤال .
ثم صمتت لوهلة جاعلة من فلوغا تتسائل عن السبب
- العائلة ، كانت ليندة التي تبين أن اسمها الحقيقي ميريدا ، إضافة الى سيندي و سام ، عائلتي الوحيدة لقرابة الخمسة عشر عاما ، لطالما ظننت أنهم قدموا لي الحب و الرعاية التي أغنتني عن تذكر عائلتي الحقيقية ، لكن بعد المشاعر التي خالجتني ليلية أمس ، أدركت أنه من المستحيل ذلك !
فلوغا أنا عشقتهما ذات يوم ! كيف لي نسيان ذلك الحب و التصرف بلا مبالاة تجاههما طوال تلك الفترة ! أنا و اللعنة لم أتسائل و لو لمرة عن مكانهما !
صرخت بقهر آخر ، لتعقد فلوغا حاجبيها في حزن ، لم تنبس ببنت شفة تاركة آنا تعبر عما في داخلها ، لأنها تعلم جيدا أنه لأمر نادر أن تُصَرِّح عما يخالجها ، فتركتها دون مقاطعة .
- فلوغا ، أشعر أني خنتهما ، لقد ضحيا لإنقاذي !
أضافت و قد إختنقت بعبراتها ، تركتها فلوغا تبكي و ظلت متخذة الصمت ملجأ ، ثم استدارت عاقدة العزم على العودة بها الى منزلها ، أين بدأ كل شيء
لم يطل الطريق كثيرا بسبب سرعتها الكبيرة ، كما أنه لا أحد متواجد خارجا في هذا الوقت الباكر من الصباح ، و يوم العطلة أيضا ، لذا لم تضطر للقلق بشأن اخفاء نفسها.
وصلت أخيرا و قد أحست بهدوء آنا و استرجاعها إتزانها الداخلي ، فخاطبتها قائلة :
- أناستازيا ، يجب عليك العودة الآن ، يجب عليك العودة للمواجهة ، لن تتركي لهم الساحة فارغة ، أليس كذلك ؟
شعرت بموجة القوة التي اندفعت لها عبر آنا ، فابتسمت داخليا لنجاح خطتها ، هي تعلم جيدا أنه لو كان هناك شيء لا تستطيع آنا مقاومته ، فهي التحديات .
- هه ، بالطبع لن أفعل ، أوَظَنَنْتِني هُزِمْت لمجرد دمعات عابرة ؟ اعلمي يا فلوغا أني عدت ، و سأدفعهم ثمن دم ليندة و أمي ! ثمن دم جاسمين ! سأنتقم ، فليخشوني فأنا لن أرحم..
أجابت بفخر ، ثم شرعت تعود لجسدها الأصلي ، أجفلت بشدة من البرد القارص ، و لسوء الحظ لم يكن لديها حتى قطعة ملابس تستر بها جسدها العاري ، فاضطرت للإختباء خلف أحد الأشجار لاعنة فلوغا على حالتها هته .
بعد أن اطمئنت أن لا أحد يراقبها الآن ، أخذت مفتاح المنزل الاحتياطي من تحت أحد الأحجار مميزة اللون ، و فتحت الباب راجية ألا يكون هناك أحد مستيقظ ، و كان ذلك .
صعدت بسرعة البرق الى غرفتها ثم وجلت مباشرة الى الحمام المرفق أين استحمت ، و قد أخذت وقتا طويلا نسبيا في ذلك ، ساعدها على الاسترخاء و استرجاعها لكل تلك الأحداث ، بداية من لقاء والديها ، إلى غاية الليلة المشؤومة ، أما بالنسبة لكون جوانا قريبتها ، فهته صدمة أخرى تماما ، ثم أخذت الأسئلة اللامتناهية تتدفق إلى عقلها واحدة تلو الأخرى ، قاطعة بذلك خلوتها الصغيرة .
شعرت بشيء مريب يحدث في غرفتها ، فأسرعت بِلَفِّ المنشفة حولها و خرجت تتفقد الوضع ، كل ما وجدته كان صندوقا صغيرا ، و بداخله وُضِعَت حجر البوابة مع الجزء الأخير الغير مركب ، و الذي عزمت على تركيبه لاحقا ، مع ملاحظة صغيرة تقول :
" آسف كان يجب أن تعرفي الحقيقة عاجلا أم آجلا .. خالك المخلص ، جيمس "
زفرت بهدوء بعدها ، ثم إنتقت من ملابسها لباسا رياضيا مريحا ، و نزلت باحثة عن التوأمان ، غير منكرة لحقيقية أنها إشتاقت لهما كثيرا !
- سامي ، سيندي ! أنتما في المنزل ؟
نادت بعد ولوجها المطبخ تلبية رغبة معدتها ، لكن لا رد ، أو هذا ما ظَنَّتْه قبل سماعها صوتا صاخبا قادما من الأعلى ..
- ماذا ! أنت هنا ! لوهلة ظننتك مت أيتها الحمقاء الغبية !
و بالطبع ، كان سام ، ابتسمت آنا و همت لمعانقته لكن ولوج سيندي قاطعها .
- أخيرا ! لا أصدق أنك كبرت يا طفلة و صرت تغادريننا ، آه ، الوقت يمضي بسرعة .
قالت بدرامية ليومئ سام متفقا معها ، أما آنا فقد قلبت عينيها بملل ، لكنها لم تمتنع عن إحتضانهما بقوة ، لطالما كانت هي مصدر قوة الجميع ، لكن الآن حان وقت سداد الجميل .
- اذا ، متأكدة أنك لا تودين إخبارنا ؟ و لا تلميح ؟
تسائل سام للمرة العشرين أو أكثر بعد جلوسهم لتناول طعام الإفطار كأي عائلة عادية ، لتزفر آنا بنفاذ صبر ، أما سيندي فقد كانت مشغولة بمراسلة جاك مع إبتسامة واسعة احتلت وجهها .
- إذن ، متى ستقام الخطوبة ؟
تسائلت آنا
- من المفترض أنها بعد أسبوع من الآن ، لقد جهز حبيبي كل شيء تقريبا !
أجابت سيندي بهيام ثم واصلت العبث بهاتفها ، و في تلك الأثناء ، وصلت آنا رسالة على هاتفها المحمول ، ففتحته لتفقدها و قد فرحت كثيرا كونها من روز ، فأخبارهم انقطعت مؤخرا .
" هاي زيا ! أتمنى أن تكوني بخير ، تعالي إلى هذا المكان حالا ، لقد عدنا و نحمل أخبارا مهمة ، إلى اللقاء ، أحبك ! "
ما إن قرأتها حتى همت واقفة مودعة شقيقيها بسرعة ، أرادت إلتقاط مفاتيح دراجتها النارية ، لكنها تذكرت أنها تركتها عند جيمس ، فكرة قيادة السيارة لم ترق لها ، لذا قررت فقط أخذ أحد دراجاتها الهوائية كون المكان ليس ببعيد إلى ذلك الحد .
- ها هي ذا !
هتف دانيال ما ان رآها مقبلة على الحديقة الشبه مهجورة التي إتفقوا على التجمع بها ، و لم يخفي أحد بهجته بعودتهم إلى جانب بعضهم مجددا .
- أرى أني آخر الواصلين .
تحدثت بنوع من المرح ليبتسموا معانقين إياها ، دانيال ، آليا ، روز ، سارا ، جوردن ، كريس و أخيرا جوانا.
- لقد حدثت أشياء جنونية منذ إفتراقنا يا رفاق ! لن تصدقوا حتى !
أضافت بعدها بحماس غير معهود .
- لا تقلقي نحن نعلم كل شيء ، لقد وضعت آليا أحدهم ليراقبك في حال اذا حدث مكروه ، أنا حقا عاجز عن الكلام ، لم أتوقع أن تظهر بتلك السرعة .
أجاب كريس بحماس يضاهي خاصتها .
- نعم ! هذا رائع ! أصبح لدينا مستذئبان في الفريق الآن !
قالت روز ، و أحست آنا بالفخر لذلك ، كونها مستذئبة أعطاها حقا نوعا من الشجاعة للحرب على الأبواب .
- جو..جوانا ؟
قالت آناستازيا بنوع من التردد ، لتنظر نحوها جوانا بابتسامة مطمئنة فحواها ، لنتحدث لاحقا ، و قد فهمت آنا الرسالة الصامتة و أومئت بدورها .
- إذن ، ماذا حدث عندكم ؟
تسائلت آنا لتلاحظ تغير ملامح الجميع في غضب و إشمئزاز .
للأسف ، الأمر صحيح ، لقد إنظم اللايكنز لنورثن ، و الأفضل من ذلك ؟ أوهمونا أنهم إلى جانب الشعوب المظلومة ، فقط كي ينقلوا له نقاط الضعف..
أجاب كريس بغضب إستطاع السيطرة عليه ، و قد بدى مجروحا و غاضبا أكثر من الجميع هنا ، الأوضاع تؤول إلى الأسوء و يجب عليهم التحرك ، هكذا فكرت آنا قبل أن تصرح بفكرتها :
- على الأقل نحن نمتلك الحجر كاملا الآن ، بقي فقط أن نحدد مكان البوابة .
هنا ، عادوا و ابتسموا بقوة بينما أردفت آيلا :
- فعلنا ذلك مسبقا ، بقي علينا التحرك فقط
- حسنا ، هذا خبر يستحق الذكر .
أجابت آنا بسعادة .
- لكن ، هناك أمر صغير جدا قد يعيقنا .
قال جوردن بعد برهة مشاركا في الحديث لأول مرة ، ثم أضاف :
- لدينا الحجر نعم ، و استطعنا تحديد المكان إجمالا لكن المكان بالتحديد ، طريقة فتح البوابة لازلت مجهولة.
- لا بأس ، نحن نقوم بعمل جيد إلى غاية الآن ، و سنكتشف ذلك كما اكتشفنا ما سبق .
أجابته بشيء من التشجيع الموجه للجميع ، لكنها لاحظت الآن خلو الحديث من تعليقات سارا الساخرة المعتادة ، فنظرت نحوها باستفسار ثم أعادت نظرها ناحية دانيال متسائلة ، فهالة الكآبة الغريبة المحيطة بها تبعث للقلق .
فهم دانيال ما دار ببالها لكنه هز كتفيه دلالة على جهله السبب هو الآخر ، لتعقد حاجبيها قبل أن تلقي نظرة أخيرة عليها ، ثم استدارت مشاركة إياهم الحديث حول الخطة المحكمة التي شرعوا بوضعها ، و التي لو إلتزموها جيدا ، ستجلب لهم النصر برأي جوردن .
- إذا ، مكان البوابة يقبع في صحراء الجنوب ؟
تسائلت آنا مرة أخيرة كتأكيد ، بعد اتفاقهم على كافة التفاصيل الجانبية تقريبا .
- نعم ، صحيح أنها بعيدة جدا ، لكن لا تنسي أن معك ساحرتان و تنين رائع ، و عملاق غير مفيد ، و حورية بحر جميلة !
أجاب دانيال مستفزا جوردن الذي رمقه بطرف عينه ، غير راغب الدخول في صراع الأطفال هذا ، أما روز فكانت حالتها كأي مرة يتحدث دانيال ؛ واقعة في الحب.
- آسفة لا أستطيع المشاركة في نقلكم ، طاقة السحر خاصتي متدنية جدا حاليا .
أردفت جوانا في شيء من الخجل ، فتمتمت آنا ب " لا بأس" ثم قالت متسائلة :
- لكن ألستم تستطيعون التنقل إلى آي مكان ؟ كالمرة الفارطة على الشاطئ ؟
- لا ، نستطيع ذلك في عالمنا فقط أو بين العوالم ، حتى أنا لن أستطيع ، فرغم كل شيء ، سحر الانتقال يحتاج طاقة كبيرة جدا ، و عددنا كبير نسبيا .
أجابت آليا بهدوء ، فأخذوا يفكرون في طريقة تمكنهم جميعا من الذهاب إلى الصحراء التي تقع تقريبا على بعد أكثر من ألف كيلومتر
- وجدتها ! لما لا يتحول دانيال و يأخذنا كلنا ؟
أردفت روز بعد دقائق ، ليجيب دانيال ساخرا :
- نعم نعم ، و نترك للبشر الحمقى فرصة تعقبنا ، لا أقصد الإهانة آنا .
أنهى كلامه بابتسامة متوترة بعد تحديقة آنا القاتلة به .
- هناك شيء يدعى الطائرة ، إختراع ليس بجديد إذا لم تسمعوا به .
أخيرا تدخلت سارا بسخريتها اللاذعة المعتادة ، لينتبهوا الآن فقط لكونهم فعلا حمقى.
- حسنا ، في النهاية ، قد لا يحل السحر كل المشاكل ، بل البشر يفعلون .
قالت آنا بابتسامة مستفزة ناحية دانيال الذي اختبئ خلف دانيال هامسا ب
" إنها حقودة "
- رائع ، سأهتم بكافة تفاصيل الرحلة ، فقط أحضروا جوازات سفركم ، ملتقانا الليلة عند المطار القريب من هنا .
ختم جوردن اللقاء مودعا إياهم من أجل الاهتمام بالإجراءات القانونية ، ليتفرقوا هم أيضا ، عدا جوانا و آناستازيا .
- أخبرتك أنك ستعلمين كل شيء ، قريبا .
بدأت جوانا الحديث بشيء من المرح ، لتومئ آنا مضيفة :
- نعم ، لكن لدي العديد من الأسئلة التي أريدك أن تجيبيني عليها ، بدون تهرب .
أجابت آناستازيا خاتمة كلامها بنوع من التحذير ، لتبتسم الأخرى بسخرية مردفة :
- حسنا ، اسئلي ما تريدين .
- أين ذهب أب..أبي بعد وفاة والدتي و والدتك ؟
هنا ، تغيرت ملامح وجه جوانا مائة و ثمانين درجة ثم هتفت بغضب :
- من أخبرك أنهما توفيتا ! لقد دخلتا فقط في غيبوبة طويلة..طويلة جدا .
أحست آنا بالحزن الشديد على عائلتها ، لكنها تماسكت مردفة :
- لا تقلقي ، لكل معضلة ، حل بالتأكيد ، ماذا عن سؤالي الأول ؟
- آنا ، ذلك اليوم ، ظن شارل أن أمي و أوليفيا قد غادرتا الحياة ، لذا بعد إستاعدة وعيه و من شدة صدمته و بدون تفكير حملك مغادرا ، لكن قبل أن يذهب..وصلت أنا و خالك و باقي أفراد العائلة ، منهم سام و سيندي ، فأخذكم أنتم الثلاثة في تصرف أناني منه..
ثم توقفت مختنقة غير قادرة على الكلام ، متذكرة أحداث ذلك اليوم، و كيف أن الشخص الذي إعتبرته أبا لها ، غادر دون حتى أن يلقي نظرة أخيرة..
لكنها تابعت رغم ذلك :
- حاول جيمس اللحاق به ، لكنه استعمل سرعة مصاص الدماء ، أخذكم الى واحد من أقوى السحرة على الأرض ، روبرت ، تعرفينه على الأرجح ، ثم طلب منه أن تمحى ذاكرتكم أنتم الثلاثة ، و أن تبقى قوتك مخفية الى غاية الثامنة عشر من العمر ، إضافة الى وضع جني حارس عليك ، يقوم بتضليل كل من يبحث عليك ، و لا تهم نيته ، صحيح أن روبرت كان ساحرا طيبا ، لكنه لم يكن أبدا ليفعل كل ذلك بلا مقابل ، لذا ، قدم له شارل جزءا كبيرا من قوته .
في ذلك الوقت ، وصلت ميريدا إلى الأرض ، بعد أن تخلت هي الأخرى عن قوتها لأسباب مجهولة.
صمتت مرة أخرى تراقب ملامح آنا الساكنة ، ثم أضافت :
- شاءت الأقدار أن يلتقي شارل بميريدا ، أخبرته عن كونك الفارسة المنتظرة ، فقد كانت جنية تتنبأ بالمستقبل ، لذا ترككم هناك عندها بعد أن قدم لها ذهبا قد أحضره معه من العالم آخر ، لتستطيع اعالتكم .
كانت ميريدا تجهزك و تدربك جسديا و نفسيا ، حتى تصبحين جاهزة لهذا الوقت ، و للأمانة ، لا أرى أن تدريبها ذهب سدى .
ختمت جوانا كلامها بابتسامة مشجعة تجاه آنا التي بدأ عقلها يحلل الأمور بعد استوعابها ، طالت فترة الصمت و هي على نفس الحال الى أن قالت بخفوت:
- أين هو الآن ؟
- لا أحد يعلم ، غادر منذ خمسة عشر عاما و لم يعد...
أجابت للمرة الأخيرة قبل أن تنهض من مكانها ، مودعة آنا ، تاركة إياها غارقة في بحر جديد من المتاهات..
عادت آنا الى منزلها الذي كان فارغا في هذا الوقت ، و شرعت تجهز نفسها لرحلة الليلة ، سقطت عينها على الحجر فقامت بتركيب جزئه النهائي ، ليعود الى طبيعته بعد ذهاب الخطوط الوردية ، لكن لك يحدث شيء آخر غريب ، كان الحجر مستديرا ، ذو فجوة في المنتصف ، فحملته واضعة اياه في حقيبة ظهرها ، و تابعت تجهيزاتها ، و لم تنس ترك ملاحظة للتوأمان فحواها :
" سيندي ، سام ، أنا ذاهبة من جديد ، قد تكون الرحلة طويلة هذه المرة ، لذا لا تقلقوا علي ، أنا فقط أسدي خدمة للبشرية "
حل الليل و اجتمع السباعي بعد جلب عدة من الأشياء التي قد يحتاجونها في هته السفرة .
- يا جماعة ، سأسبقكم الى هناك ، أستطيع توفير الطاقة المناسبة لانتقالي بمفردي .
أردفت آليا بينما هم في طريقهم الى ردهة المطار ، ليافقوا على ذلك ، فذهابها قبلهم اختصار للوقت .
ركبوا الطائرة المتجهة الى هناك ، و قد كانت شبه فارغة ، فذاك البلد الصحراوي يتفادى الجميع زيارته في فترة الشتاء ، نظرا لقساوة المناخ أكثر .
كانت روز التي لم تركب طائرة في حياتها ، لكن ركبت تنينا ، و صارعت عدد لا نهائي من الوحوش ، خائفة جدا عند اقلاع الطائرة ، حتى أنها كادت تنزع يد كريس بالضغط عليها ، بينما هو مستمر في استفزازها كالعادة .
كانت الرحلة هادئة لا تخلو من الأحاديث الجانبية اللطيفة المتبادلة بينهم ، الى أن وصلوا مقصدهم أخيرا .
- حسنا إذا ، سنحتاج سيارة رباعية الدفع على ما أعتقد .
قالت آنا بعد أن خرجوا أخيرا من المطار و أمتعتهم .
- إهتممت بالأمر مسبقا .
جائهم صوت آليا الذي فاجئهم ، و قد كانت تقف أمام سيارتين رباعيتا الدفع ، باللون الأسود اللامع .
- أنت رائعة ، هيا سأقود .
أجاب آلفن ، ليتخذ بعدها مباشرة مقعد القيادة مكانا له ، بينما قادت سارا السيارة الأخرى .
وصلوا الى الأرض المطلوبة بعد أكثر من ساعة و نصف من القيادة المتواصلة ، كثبان رملية عالية ، سماء ملبدة بالغيوم ، و نوع من الرطوبة الغير مريحة، هكذا كانت الأجواء هناك .
- لقد جئت مسبقا الى هنا ، حاولت استشعار أي نشاط سحري غريب ، لكن لم يحالفني الحظ في ذلك ، أظن الأمر عائد لك في نهاية الأمر .
أردفت آليا موجهة كلامها لآنا في الأخير ، التي لم يكن هناك خيار أمامها الا إخراج كل ما جنته من بين هته الأحداث الغريبة ، بداية بالصندوق .
كانت على يقين أن أي شيء له علاقة بالسحر ، قد يساعدها ، فجلبت الصندوق ، و بالطبع حجر البوابة ، إضافة الى قلادة الروح التي لها مدة شبه طويلة لم تتوهج.
في البداية ، حاولت التركيز على شيء ما قد يدلها على المكان بالتحديد ، لكنها فشلت ، فكل ما تراه ضوء أبيض شديد ، ثم تختفي الصورة من ذهنها تماما .
- آنا..الحجر !
فتحت آناستازيا عيناها على صوت روز الحائر ، لتلاحظ أن الحجر المستدير قد بدأ يرتفع شيئا فشيئا في الهواء ثم إنطلق بسرعة ناحية الشرق ، لم يضيعوا فرصة أخرى و أسرعوا بلحاقه ، كان أمرا صعبا فهو يطير متوهجا بسرعة كبيرة ، و هم في أرضية صحراوية صعب المشي فيها حتى .
كان الحجر كلما قطع مسافة معينة ، يزداد توهجه بشكل ملحوظ ، الأمر الذي أعطاهم جرعة أمل قوية أنه يذهب بهم الى المكان الصحيح .
و كان ذلك ، فبعد قيادة أكثر من نصف ساعة ، سقط أخيرا على الأرض و هو يشع ، كان المكان الذي توقفوا به عبارة عن ستة أعمدة ذات تصميم يوناني محض و متفرقة بشكل عشوائي لا معنى لها ، ذكرتها نوعا ما بما وصفت إلينور في البداية ، حول مدينة الملائكة ، حيث قالت أنها أيضا ذات تصميم يوناني قديم.
- على الأرجح هذا هو المكان الصحيح .
قال دانيال ملتقطا حجر البوابة من الأرض ، بينما اقترب كل واحد منهم متفحصا أحد الأعمدة ، لعل و عسى أن يكون هناك شيء يدلهم .
- مهلا ، أستطيع رؤية شيء ما !
هتفت روز ، فاقتربوا جميعا من ذلك العمود الذي لم يختلف عن البقية في شيء ، عدى كتابة صغيرة جدا، كانت عبارة عن جملة واحدة باللغة اللاتينية ، لم يفهمها أحد ، عدا آنا ، كانت الجملة تقول
" الدم على البداية ، مهد طريق النهاية "
قالتها بصوت عال نسبيا ، فأخذوا يحاولون وضع الاحتمالات التي قد تعنيها الجملة .
كانت آنا تفكر بعمق بينما تابعوا هم جدالهم العقيم.
- وجدتها ! آمل فقط أن يكون الأمر كما خمنت..
صاحت بعد تفكير مطول ثم أضافت متسائلة و هي تخرج الصندوق ، تبعه سكينها الصغير المعتاد
- إن الحل يكمن في الصندوق أنا متأكدة ، فهو كان بمثابة بداية الأحداث الغريبة بعد مقتل ليندة .
اتخذت الأرض مجلسا لها و وضعت الصندوق أمامها ثم تابعت قائلة :
- أما بالنسبة للدم ..
توققت عن الحديث تزامنا مع جرح راحة يدها ، ليسيل خط دماء خفيف مباشرة فوق الصندوق .
- الدم دمي ، بما أن هته الأحداث كلها تدور حولي أنا الفارسة المنتظرة
- أأنت متأكدة من نجاح ما قمت بفعله الآن ؟
تسائل دانيال في شيء من القلق و التعجب ، لتهز كتفيها دلالة على عدم علمها .
- مهلا ! إنه يحدث حقا !
هتفت روز فجأة مشيرة ناحية الصندوق الذي يبدو كأنه امتص كل الدم الذي كان فوقه ، أو أنه امتصه فعلا ، أما النقوش ذات اللون الذهبي فقد اختفت تماما ، حتى القفل الذي من المفترض أن يفتح الصندوق منه ، اختفى ، فأصبح مجرد علبة متوسطة الحجم ذات لون بني محمر.
- يا جماعة ، سأفتحه الآن..
أردفت آنا بشيء من الفضول لمعرفة ما داخله .
فتحته ، و كل ما كان موجودا ، هو ورقة عادية ليس بقديمة جدا ، واضح أنها رسالة أو شيء كهذا ، أما الغرض الثاني فقد كانت كرة صغيرة بحجم كف اليد أو أصغر بقليل .
- آناستازيا ؟ ماذا كتب هناك ؟
تسائل جوردن بحيرة .
- رسالة..من ليندة و أبي !
أجابت بدهشة بعد لمحها الإسمين أسفل الورقة ، لم تضيع وقتا و شرعت في قراءتها بصوت مرتفع..
" اذا كنتي حاملة هته الرسالة بين يديك الآن ، في الصحراء ، أمام عدد من الأعمدة ، فاعلمي أنك تخطيت المرحلة الأولى بنجاح..
عزيزتي آنا ، ما سأخبرك به الآن ، طبيقيه بالحرف الواحد كي تفتح البوابة ، و أي خطأ صغير..ستدفعين ثمنه بحياتك .. مستعدة ؟ "
كان هذا هو الجزء الأول من الرسالة ، تبادل الجميع نظرات القلق على اثر التنويه الأخير ، لكنهم عادوا و تشجعوا ، أما آنا فقد كانت أكثرهم حماسا..
أخيرا و بعد طول انتظار و صدمات كبيرة ، هي على بعد خطوات من تحقيق هدفها الأول..مدينة الملائكة
____________________________
مرحبا من جديد 🌚😍
كيف حالكم جميعا ؟ أتمنى أن تكونوا بخير ❤
إذا ، عدت و معي بارت طويل نسبيا أتمنى أن ينال اعجابكم بعد التأخير الذي قمت به 🙈 و أن يكون عند حسن ظنكم
هذا البارت بمناسبة إقتراب العام الجديد ، و أيضا بمناسبة العشرة آلاف قراءة ! 😮
أردت شكركم أيضا على تعليقاتكم الحلوة جدا جدا جدا 💜 إنها حقا تدفعني للكتابة بشكل غير طبيعي أشكركم لكونكم كيوت هكذا 😍😭
إستمتعوا ❤ و خمنوا ما قد يحدث في البارت القادم 😈 لنرى من صاحبة أقرب تخمين 😆
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro