• chapter 21 •
~ هدفي ليس أن أكون أفضل من شخص آخر ، و لكن ، أن أكون أفضل مما كنت ~
_____________________
حملقت فيه لعدة دقائق غير مستوعبة ما تفوه به جيمس ، بينما إلتقط زاك الحجر من بين يدي والده بسرعة شارعا في تفحصه .
- مستحيل..لعنة عجوز الجبل !!
أضاف زاك بدهشة بعد تفحصه الشبه دقيق للحجر ، بينما أومئ والده بخفة تأكيدا على كلامه ، أما آناستازيا، فلم تستطع تبين عما يتحدث كلاهما.
- ماذا تقصدان ؟ عن أي لعنة تتحدثان ! و من هي عجوز الجبل !!
قالت بعد أن طفح بها الكيل من كلامهم الغامض ، ليتنهد جيمس بخفة ، ثم أشار على أحد كتب المكتبة الحائطية ، ليرتفع الكتاب ببطئ متجها نحوههم ، سلكت دهشة خفيفة طريقها على وجهها ، لكن سرعان ما أخفتها مركزة على الكتاب الذي إستقر بهدوء بين يدي خالها ، حيث إنتبهت للكتابة العريضة على غلافه الذي يبدو سميكا ، " تاريخ اللعنات " .
- ها هي ذي ، لعنتنا المطلوبة .
قال بعد تقليب عدد لابأس به من الأوراق ، فاعتدلت أكثر في جلستها بعد أن بدأ شعور الملل يتسلل إليها ، ، بينما كان زاك قد إتجه ناحية المكتبة ، ثم جذب كتاب ما ، لتتباعد الأرفف ، سلك الطريق بينها إلى تلك الغرفة ، نفس الغرفة التي دخلها جيمس في أول لقاء بينهما .
- آنا ، هناك ما لا يعد و لا يحصى من اللعنات في كل من العالمين ، و هي مختلفة من حيث مدتها ، خطورتها ، و قابلية كسرها ، من بين هته اللعنات ، هناك لعنة عجوز الجبل ، هي بالمناسبة لعنة قوية جدا ، إذا تم إلقائها على شخص فهو يموت مباشرة ، أما عند إلقائها على الأشياء ، و خاصة السحرية منها ، فهي تجعلها غير قادرة على القيام بعملها ، مثلا ، دور الحجر هنا هو إرشادك ، لكن و بما أنه ملعون بها ، فأنت لن تستطيعي الإستعانة به ، لا أعلم حقا من الذي قام بلعن هذا الجزء ، أو كيف ، لا أريد إحباطك ، لكني غير متفائل بشدة من ناحية فكها..
أجاب جيمس بدون أن يبعد أنظاره عن الكتاب ، و رغم إهتمامها الحقيقي بكلامه ، إلا أنها لم تتستطع إخفاء عبوسها الملحوظ ، و تقوس حاجبيها دلالة على إحباطها .
- الأمر المحير أكثر ، هو أنه لا أحد من أنصاف السحرة ، حتى رؤساء المعشر ، لا أحد يجيد إلقاء لعنة كتلك ، فهي تستنفذ من الشخص قوته الروحية ، و بذلك أعني ، كأنها تستمد القوة من روحه ، لقد كنت أبحث بين كتب فك اللعنات ،
تدخل زاك العائد من الحجرة السرية تلك جاذبا إنتباه والده ، و آنا، و قد كان حاملا كتابا بيده هو الآخر ، لكنه أصغر من خاصة جيمس ، ثم أخذ يقلب الأوراق بسرعة بينما يواصل حديثه .
كنت رأيت ذات مرة في كتاب ما ، جرعة تساعد على فك لعنة عجوز الجبل ، لكني أتذكر يوم سألت أستاذا لي في السحر ، أجابني بأنها محض خرافات، و أن هته اللعنة تحديدا ، لا يستطيع أحد فكها ، إلا إذا كان ساحرا كاملا ، و في الدرجة الثانية عشر ، و لمعلوماتك، لا أحد يصل هته الدرجة، إلا ملكة السحرة طبعا .
أومئت ثم إلتقطت الحجر المتموضع على الطاولة المقابلة ، و أخذت تتفحصه ، كأنها بذلك ستكون قادرة على فك المعضلة التي هي بصدد مواجهتها ، صحيح أن كلام خالها و إبنه ، لم يكن محمسا على الإطلاق ، لكنها و رغم ذلك، هي لطالما آمنت بأن لكل مشكلة في هذا العالم ، حل ، كلمة " مستحيل " هي أكثر كلمة كرهتها ، على العكس ، من منظورها الشخصي ، كانت تعتبر المشاكل خلقت لسبب معين ، كالحزن تماما ، و هو جعلنا أقوى ، و أكثر قابلية لمواجهة الصعوبات .
- هناك آليا ، هي ليست في تلك الدرجة، أظن بإمكانها مساعدتي..لكنها مشغولة الآن ، لقد حدث أمر خطير طارئ في عالمهم ، و قد ذهبوا جميعا إلى هناك ، يجب علي التعامل مع المشكلة بمفردي إذا..
أضافت بعد صمت شبه طويل ، حيث غادر جيمس متجها نحو مكتبه الخشبي، بينما بقي زاك يقلب صفحات كتابه القديم باهتمام شديد .
- من هي آليا ؟
تسائل زاك ، بعد أن أغلق كتابه زافرا بقلة حيلة .
- أظنك تعلم بالفعل أمر المساعدين ذاك ، آليا هي واحدة منهم ، ساحرة في الدرجة العاشرة .
أجابت بدون إهتمام بعد أن نهضت تتجول في المكان ، إلى أن لمحت ذلك الكتاب البارز قليلا ، و بذلك أعني ، الكتاب الذي يعتبر المفتاح لدخول الغرفة السرية .
رمقت زاك بطرف عينها و قد كان شاردا يحدق في الفراغ ، كذلك خالها الذي كان مشغولا ، فجذبت الكتاب بخفة و تباعدت الأرفف بدون إصدار أدنى صوت
ولجت آنا ، فسمعت الصوت الخافت الناتج عن رجوع الأرفف مكانها ، ثم شرعت تتفحص المكان الذي صدمها نوعا ما ، فهي لم تكن تتوقعه بهذا الحجم على الإطلاق ، كان عبارة عن حجرة دائرية الشكل ذات مساحة أقل ما يقال عنها ، واسعة جدا !
حيث كانت حجمها يعادل أضعاف الغرفة الأولى ،
بداية ، أول ما لمحته عيناها ، تلك اللوحات الزيتية المنتشرة هنا و هناك ، و أيضا مكتبة عملاقة شملت الآلاف من الكتب التي واضح أنها قديمة ، من رائحة الورق المنتشرة في الغرفة ، شملت أيضا عددا من التماثيل الرخامية غريبة الشكل ، التي لم تستطع فهم أغلبها ، كذلك العديد و العديد من الجرعات و الأشياء الغريبة التي تموضعت على الأرفف و حتى على الأرض .
لكن و رغم إعجابها بالمكان ، هي لم تستطع التأمل أكثر به ، بسبب ولوج جيمس بسرعة مقاطعا خلوتها
- لن تصدقي ما حدث !
قال بحماس كبير و نوع من التوتر ، ثم سحبها قبل أن تنبس ببنت شفة متجها بها نحو مكتبه ، أين كان زاك واقفا يحدق بإنشداه في شيء سرعان من عرفته ، و لم تتوقع رؤيته مجددا بعد إختفائه المفاجئ من غرفتها .
- الكتاب المقدس ! ظننته عاد لمكانه الأصلي !
قالت بشيء من الدهشة و السعادة ، فإذا كان هنا ، هذا يعني أنه سيساعدها بطريقة ما ، الأمر الذي هي بأمس الحاجة إليه الآن .
- أهذا هو حقا !!
أردف زاك بصوت ينفجر فرحا، دون أن يقطع تحديقه المتواصل بالحجر
- نعم هو ، و الآن آنا ، إقرئيه ، لا نملك وقتا لنضيعه
أجاب جيمس بجدية لتومئ آنا ، اقتربت من الكتاب ثم همت بفتحه ، كانت الصفحة الأولى تحتوي على ثلاث كلمات ، فقط ، إستطاعت قرائتهما بسهولة..
"الحجر يفك السحر "
كانت باقي صفحات الكتاب هذه المرة فارغة ، على عكس المرة الأولى ، حيث إمتلئت الأسطر بكتابات باللغة الإغريقية ، الأمر الذي جعلها تعقد حاجبيها بشيء من الإستنكار.
- ماذا كتب ؟
تسائل جيمس بتعجب
- الحجر يفك السحر ، هذا فقط..
أجابت بشيء من الإحباط من الجملة الغريبة ، فقد ظنت أنها على الأقل ستجد شيئا يمكن أن ينفعها حقا..
- أنظرا !
قطع الصمت صوت زاك العالي مشيرا بيده إلى الكتاب ، فالتفت كل منهما بسرعة ، منصدمين بما رأوه.
فأسفل الجملة المبهمة مباشرة ، بدأت كلمات أخرى في الظهور ، لكنها بلون أحمر قاتم ، و قد بدت مشعة نوعا ما .
- إنها تعويذة..!
قال جيمس ما إن إنتهت الكلمات من الظهور ، بينما أومئت آنا موافقة ثم أضافت .
- نعم ، أظنها كذلك ، إنها باللغة اللاتينية ، كالتي أعطتها لي نيرايدا في الغابة .
- لكن لم يسبق لي في حياتي رؤية تعويذة كهته !
أضاف زاك بشيء من التعجب مبدلا أنظاره بين الكتاب و والده
- و لا أنا ! يجب علينا زيارة الأستاذ مارفن ، فاختصاصه هو دراسة التعاويذ ، من شأنه أن يفيدنا .
قال بسرعة ملتقطا مفاتيحه من المكتب بعد أن أشار لهما بأن يتبعاه ، ثم هب خارجا ، دون أن يعطي لهما فرصة للكلام، بينما حملت آنا الكتاب واضعة إياه في حقيبة ظهرها ثم لحقت خالها متسائلة عما إذا كان أمرا عاديا ، أن تري تلك التعويذة ، أو الكتاب إجمالا ، لشخص لا تعرفه ، و قد يكون غير موثوق ، لكنها عادت و طمئنت نفسها أنه إذا كان جيمس يثق به ، فالأمر على ما يرام .
- إذا ، إلى أين سنذهب ؟
تسائلت بعد أن ركبت السيارة رباعية الدفع التي سيقودها جيمس ، متجاهلة حقيقة أنها لم تكن هنا عندما وصلت.
- في هذا الوقت من النهار ، من المفترض به أن يكون في الأكاديمية..
أجاب مشغلا السيارة ، ثم إنطلق بسرعة مخلفا زوبعة رملية خلفه
- أكاديمية ؟ هل عددكم كبير إلى هذا الحد ؟
تسائلت بحيرة ، بينما رمقها زاك ، الذي جلس بجانب مقعد السائق ، بطرف عينه من المرآة الأمامية مجيبا:
- بالطبع ! هل ظننتنا مجرد حمقى قرروا فجأة تعلم السحر ؟ نحن لدينا أكاديميات و مدارس في مختلف أنحاء العالم ، و أيضا نظام خاص ، و قوانين صارمة ، نحن مجتمع وسط مجتمع أكبر
أومئت آنا بشيء من الدهشة ، فهي لم تتوقع أن يكون عددهم كبيرا حقا
- و أين تقع هته الأكاديمية ؟
- إنها قريبة من مدينتك .
أجابها جيمس ، ثم حل صمت من شأنه مساعدتهم على ترتيب أفكارهم المشوشة
أخيرا توقفت السيارة بقوة ، لتجفل آنا بسبب كونها كادت أن تغفو
- هذه هي ؟ أكاديمية أنصاف السحرة ؟
تسائلت باستنكار ما إن خرجت من السيارة و وقعت عينها على البناء العصري الضخم ، هي تعرفه جيدا ، فهو مجرد مدرسة داخلية خاصة للأغنياء المترفين !
حسنا ، هي كانت على الأقل تتوقع قلعة مرعبة كالتي نراها في أفلام الرعب ، مع أشخاص مرعبين و جماجم ، لكن هذا ! حطم كل توقعاتها !
- نعم ، المدرسة الخاصة مجرد تغطية فقط ، إنها أكاديمية السحر .
أجابها زاك بشيء من الفخر ، و لم تستطع أن تغفل على الهالة الغريبة المحيطة بالمكان
كان المكان من الداخل جميلا بحق ، فبعد أن تَخَطَّوا البوابات الحديدية الخارجية ، بدأت معالم المدرسة تتضح أكثر فأكثر ، و كذلك بعض الطلاب ذوي اللباس الموحد باللونين الأسود و الأحمر ، مع شعار المدرسة في ستراتهم من الخلف ، و الذي كان عبارة عن نجمة خماسية تحيط بها عدة أيادي متصلة بشكل جميل .
- ماري ، إنتظري !
قاطع تأملها صوت جيمس ينادي ، فالتفتت فتاة ذات شعر أسود قصير ، و ما إن وقعت عيناها عليهم حتى إنفرجت أساريرها بابتسامة كبيرة ، و حثت خطواتها ناحيتهم ، و قد إنتبهت أناستازيا إلى لون عيناها المتضاد ، فقد تلونت إحداهما بأزرق هادئ ، و الأخرى باللون البني القاتم .
- هاي جيمس ، هاي زاك ، كيف حالكما ! إشتقت لكما حقا ! لماذا لم تزورانا منذ مدة !
تحدثت بحماس و شيء من اللوم في آخر كلامها، بعد أن أعطتهما عناقا قصيرا ، بينما إبتسم كل منهما
- آسف أيتها المشاكسة ، تعلمين أنني مشغول جدا ، و كذلك زاك بالتجهيز لترسيمه
- آه ، لا أصدق أنك ستغادرنا حقا زي !
أجابت بإحباط بعد كلام جيمس .
- آسفة ، لم ألحظك ، مرحبا ! أنا ماري ، و أنت ؟
ثم أضافت بعد أن لاحظت أناستازيا الواقفة بملل تنتظر إنتهاء حديثهم الغير شيق
- آناستازيا ، و الآن ، جيمس هل يمكننا زيارة الشخص الذي جئنا لأجله !
أجابتها بإيمائة و ابتسامة صغيرة ثم وجهت كلامها ناحية جيمس الذي علت الجدية تقاسيم وجهه من جديد
- صحيح ماري ، هل والدك متفرغ ؟
تسائل رافعا رأسه إلى إحدى النوافذ الزجاجية العاكسة .
- نعم ، أظن ذلك ، هل تودون لقائه ؟
أجابت ماري بتسائل ، ناقلة أنظاره بينهم ، إلى أن استقرت على أناستازيا .
- نعم ، أخبريه بقدومنا ، الموضوع لا يستحق التأجيل .
أجاب زاك بنفس جدية والده واضعا يداه في جيب سترته الجلدية
- لكن ، تعلمون أنه لا يحب الغرباء .
قالت بتردد مشيرة إلى أناستازيا
- لا تلقي بالا لذلك ، لديها أمر سيهتم له كثيرا .
قال جيمس ، لتومئ بتردد ثم أشارت لهم أن يتبعوها.
صوت طرق على الباب قطع أفكار ذلك الشخص الجالس متئملا كتابه ، ليجيب ب " تفضل " سامحا لها بالدخول .
- أبي ، هناك من يود زيارتك .
قالت ماري بهدوئ عاقدة يداها خلف ظهرها .
- من ؟
تسائل بقلة إهتمام دون أن يبعد أنظاره عن الكتاب بيده
- الأستاذ جيمس ، زاكاري ، و فتاة أخرى ، يقول جيمس أن لديها ما سيهمك .
أجابت بنفس الهدوئ و الأحترام
- حسنا ، أدخليهم .
قال قبل أن يترك مكانه ليرحب بضيوفه ، و في تلك الأثناء ، دخل الثلاثة بعد أن إنصرفت ماري مغلقة الباب الكبير خلفها .
- صديقي القديم ، كيف حالك !
بادر جيمس بالحديث بعد أن تصافح الإثنان بحرارة .
- بأحسن حال ، على كل ، لنتخطى المقدمات ، أنت لا تأتي الى هنا الا إذا كنت تحمل خبرا ، أو تحتاج المساعدة بشدة ، فماذا هناك ؟
رد مارفن و قد عادت الجدية و إحتلت تقاسيم وجهه من جديد ، ثم أشار الى ركن الغرفة أين تواجدت عدة أرائك تقع طاولة صغيرة بمنتصفها ، فتوجه الجميع للجلوس هناك .
- حسنا ، في الواقع ، نحن هنا كي تساعدنا ، واجهتنا تعويذة لم نرى مثلها من قبل ، و بما أن هذا إختصاصك ، فأنت الأمثل لهته المهمة .
بادر جيمس بالحديث مجددا ، و قد جذب كلامه انتباه مارفن ، فاذا كان هناك شيء لا يستطيع مقاومته ، فهو التعاويذ الغير معروفة بعد .
- أثرت فضولي ! هل لي برؤيتها ؟
- طبعا !
تسائل ليجيبه جيمس ، ثم أخرج من جيبه ورقة عادية ، و كانت التعويذة موجودة هناك ، فتنفست أناستازيا الصعداء أنذاك ، فهي غير مضطرة للكشف عن الكتاب المقدس لهذا الشخص الآن .
أخذ مارفن الورقة و شرع في قرائتها بعد أن ارتدى نظارته ، بينما أخذ الثلاثة يراقبون تغير تعابير وجهه بتركيز .
- في الواقع ، لم تصادفني في حياتي كنصف ساحر، هته التعويذة تماما .
قال بعد فترة لتتحول ملامحهم الى إحباط شديد .
- لكن ، رغم ذلك ، أظنني رأيت واحدة شبيهة لها في أحد كتب أرشيف الأكاديمية ، لأُصدِق القول ، لا أنصحكم بالبحث عنها ، جيمس ، أنت تحديدا تعلم أن أصغر تغيير في أي تعويذة، يسبب بدوره تغييرا جذريا في فحواها، لقد خُضتَ في هذا مسبقا يا صديقي .
ثم أضاف بهدوء بعد أن أعاد الورقة الصغيرة إلى صاحبها ، الذي تجلت معالم الحيرة على وجهه ، فاذا كان أكثر شخص عالم بالتعاويذ ، و قد كرس معظم حياته لدراستها ، لم ير تلك التعويذة في حياته ، فمن بامكانه المساعدة إذن ، هته هي الأفكار التي جالت عقول الثلاثي أنذاك .
- حسنا سيدي ، نشكرك على المساعدة ، و عذرا على إضاعة وقتك .
رددت أناستازيا باحترام بعد فترة الصمت القصيرة ، ثم إستدارت لتغادر الغرفة ، و لحقها زاك بعد أن تمتم بكلمات شكر صغيرة ، فبقي جيمس و مارفن يناقشان أمرا ما يتعلق بالأكاديمية ، أكاديمية أنصاف السحرة.
- إذا يا قريبتي ، ماذا سنفعل الآن و قد ضاع أملنا الأخير هباء ؟
تسائل زاك أخيرا ، بعد مرور فترة من نزولهما و استقرارهما على العشب الندي في حديقة الأكاديمية.
- سهل ، سنردد التعويذة و نرى ما سيحدث..
أجابت و قد عادت لا مبالاتها المعتادة ، و هي ترسم دوائر وهمية على العشب ، بينما فغر زاك فاهه في دهشة .
- مهلا ، أنت لا تنوين فعلا جعلنا نردد تعويذة مجهولة المصدر و التأثيرات ! قد تكونين لا تعلمين أضرار ذلك ، لكون مخزونك حول المعلومات السحرية محدود جدا ، لكن صدقيني ، فكرتك ، و مع احترامي ، لا منطق لها .
قال ، بسرعة و شيء من الدهشة ملوحا بكلتا يديه في محاولة يائسة منه لشرح خطورة الفكرة ، فهربت ضحكة خافتة من أناستازيا ، ثم وقفت و أخذت تستنشق عبير الأزهار الخافت ، مع رائحة التراب ما بعد المطر
- زاك ، زاك ، زاك ، هل تريدني أن أبدأ بشتم المنطق الآن ؟ أنا حذفت هته الكلمة من قاموسي منذ مدة طويلة ، كما أني لم أطلب منك أن تتلو التعويذة من أجلي يا عبقري زمانك ، سأقوم بذلك بمفردي .
أجابت بهدوء بارد و بدأت بالسير مبتعدة عنه ، و قد لمح الإثنان جيمس متجها نحوهما .
- آنا ، آنا ، آنا ، أولا ، هناك ما يدعى بمنطق السحر ، أو منطق الخيال ، و هو مختلف تماما عن المنطق البشري ، الذي تعتمدون أنتم عليه ، و ثانيا..
قال زاك لاحقا بها ، و توقف عند الكلمة الأخيرة أين إنفجر ضاحكا بلا سبب ، تحت نظراتها المتعجبة .
- كيف يمكنك ، يا عبقرية زمانك ، أن تقومي بالقاء تعويذة ؟ بدون إساءة ، لكن هذا خارج نطاق صلاحياتك .
ثم أضاف و هو يمسح الدموع الوهمية ، لترمقه بطرف عينها ، ثم زفرت بنفاذ صبر .
- فعلتها مسبقا ، أنت لا تعلم شيئا عن صلاحياتي ، لذا لا تتحاذق ، أحمق .
قالت بنبرة تدل على إنتهاء النقاش تزامنا مع وصول جيمس إليهم .
- حسنا ، كي أختصر ، خلاصة القول أني قررت أن أقوم أنا ، و ركزوا على كلمة " أنا " ، بإلقاء التعويذة ، و لا تجادلني أنت أيضا جيمس ، أصابني صداع من ثرثرة إبنك .
قاطعت جيمس الذي كان بصدد لفظ كلماته الأولى ، و لم تغفل عن النظرات الحقودة التي تخترق ظهرها، و التي مصدرها معلوم طبعا .
- في الواقع ، لقد كنت على وشك إقتراح نفس الفكرة ، قبل أن تتم مقاطعتي بشكل فظ ، على كل، لقد أخبرني كريس يوم يوم الغابة ، حين أعطتك نيرايدا تعويذة الإستدعاء و قمت بها بشكل صحيح ، لذا ، سنذهب لمكان خالي ، من أجل السلامة ، و قومي بفعلها ، لقد فكرت ، و في رأيي هذا هو الحل المثالي ، لقد أظهرها لك الكتاب ، و متأكد أنك تستطيعين فعلها .
قال بابتسامة هادئة و إتجه قاصدا الخروج من الأكاديمية ، لتومئ آنا ، ثم تبعته بدورها ، بينما وقف زاك ينقل أنظاره بينهما ، لكنه سرعان ما زفر باستسلام ، و تبعهما هو الآخر جارا خطواته ، متحسرا على تجاهله كقطعة أثاث قديمة وُضِعَت في خزانة بيوت أحد الجدات .
- لنعد الى تلك الأنحاء أين يوجد مخبأك السري ، لا أستطيع تخيل مكان قاحل أكثر من ذلك المكان .
قالت آنا ما ان ركبت السيارة ، بعد أن ودعوا ماري ، و غادروا الأكاديمية .
- حسنا ، لك ذلك .
أجاب جيمس من خلف مقعد القيادة قبل أن ينطلق بسرعة عائدا أدراجه الى المكان الذي جاؤوا منه .
- أبي ، أأنت متأكد أن باستطاعتها النجاح في ذلك؟ تحدث زاك هامسا ، بعد أن وصلوا الى المكان المنشود ، و قد كانت الساعة أنذاك تقارب السادسة مساءا ، و الشمس قد غربت قبل مدة قصيرة ، نظرا لكونه فصل الشتاء ، فأصبح المكان مظلما ، عدا من ضوء خافت ناتج عن شعلة سحرية قام جيمس بإشعالها .
- هل تشكك في قرارتي الآن ؟
أجاب جيمس بعد أن رمقه بنصف عين ، بينما كانت أناستازيا بصدد إخراج الكتاب المقدس من حقيبتها .
- حسنا إذا ، سأفعلها الآن .
قالت ، ثم فتحت الكتاب لتظهر التعويذة المتوهجة ذات اللون الأحمر ، ثم أخذت تردد :
" كاتو أبو تو فنوجاري كاي أنامسيا سيتا أستريا ميس ستا سكوتينا أكرا كالو نو أنوكساي "
توقفت عن القراءة قليلا عندما بدأ المكان حولهم يضاء بشدة، و لم يعرفوا مصدر الضوء ، فأكملت قراءة التعويذة :
" أي بيلي تون كسمون كاي نا أيمفانيستاي أي فاسيليا تون ماجيستون "
بدأت الضوء يشتد شيئا فشيئا إلى أن توقف تماما ، و ظهر أخيرا مصدره ، و قد كان عبارة عن صندوق نحاسي صغير ، بلا أي رسومات أو نقوش .
تقدم زاك نحوه مبتلعا دهشته من قدرة أناستازيا على القاء التعاويذ ، لكن ما ان لمسه لإلتقاطه ، حتى ظهرت حوله هالة وردية ، دفعت بزاك بعيدا ، فطار و وقع على الأرض .
- ما الذي حدث للتو !
تسائل بدهشة متحسسا مؤخرته التي آلمته من شدة السقطة .
- لا أدري بالضبط ، آنا ، جربي أنت .
أجاب جيمس ، فاقتربت أناستازيا بتردد غير راغبة بجولة تحليق هي الأخرى ، لمست الصندوق ببطئ ، فظهرت الهالة الوردية نفسها ، لكن لم تدفعها بعيدا ، إنما سُحِبت الى داخل جسدها ، بطريقة جعلتهم يفغرون أفواههم في دهشة عارمة .
انحنت أكثر بغية فتح الصندوق ، و فعلت ذلك بسهولة تامة ، فلم تكن هناك أي أقفال عليه .
- مستحيل !
همست ما إن تراءى لها ماذا إحتوى الصندوق النحاسي ، بينما إقترب جيمس و زاك متسائلين عن سبب تيبس جسمها بتلك الطريقة .
- أهذا هو..!
قال زاك بدهشة هو الآخر ، فأومأ جيمس مؤكدا .
- نعم..القطعة الأخيرة من الحجر ، و ما سيكسر اللعنة ، بين أيدينا الآن..
أجابت أناستازيا غير مصدقة ، ثم التقطت القطعة الأخيرة من حجر البوابة ، و عيناها تلمعان فرحا ، لم تذقه منذ وفاة ليندة .
- الحجر يفك السحر ! إذا هذا ما عناه الكتاب !
أضاف جيمس بحماس فاق حماس أناستازيا .
- لا أصدق أن الأمر كان بهته البساطة !
أردفت آنا ، في هته الأثناء ، هي علمت حقا أنه يمكن لبعض الأشياء التي نصنفها في خانة " الأسوء " ، أن تجلب لنا ما لم نكن نتوقعه أبدا ، فالحياة إختبار ، لعبة ، لا أحد يستطيع توقع ما سيحدث لاحقا ، فصباح هذا اليوم فقط كان كل شيء يسير عكس الإتجاه المراد ، و الآن ، و قد شارف النهار على الإنتهاء ، تغير كل شيء..الى الأفضل
- المغامرة الحقيقية ، قد بدأت الآن . .
أضافت بابتسامة تشق وجهها ، بعد لحظة السكون المريحة للأعصاب ، و لم يلحظ أحد أنذاك ، إختفاء الكتاب ، و عودته الى مكانه الأصلي ، بعد أن أدى غرضه ، و سهل طريق الفارسة الأخيرة..
_________________
هالاو ماي بيوتيفول ريدرز 😍
بداية أنا حقا خجلة بسبب الغيبة الطويلة هذا الشهر ، لكن أخبرتكم مسبقا أنني في سنتي الأخيرة في الثانوية ، و ينتظرني إمتحان البكلوريا أيضا 😭
لذا سأضطر في كثير من الأحيان الى الإبتعاد عن مصدر تشتيتي الأول ، الواتباد طبعا 🙂
سأواصل التنزيل على فترات قد تكون متباعدة نوعا ما ، لكني سأستمر على كل حال ❤
إستمتعوا 💙
لوف يو 💖
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro