• chapter 2 •
~ من انت ؟
- أنا السيء الأسوء و أنتم ملائكة السماء ~
__________________
إستيقظت كالعادة ، لكن بنشاط هذه المرة ، و بعد أن قمت بروتيني اليومي توجهت للثانوية ، تفاجئ الكثيرون برؤيتي ، ربما ظنوا أني غيرت المدرسة أو شيء من هذا القبيل ، أكاد أجزم أن بريتني رقصت فرحا عند ظنها أني لن أعود ، أحترق شوقا لأرى ردة فعلها عند رؤيتي ، حقا أنا على استعداد لأخد صور لتعابير وجهها .
دخلت الفصل ثم جلست في مكاني المعتاد، لحظات و دخل دانيال أيضا ، يمكنني القول انه سعد لرؤيتي حقا رغم أننا بالكاد أقمنا حوارا كاملا ، فهو غير إسمه مجهول تماما بالنسبة لي .
لم تطل مدة الصمت بيننا ، لأنه سرعان ما بادر بالحديث قائلا :
- مرحبا أناستازيا ، كيف تشعرين ، أنا حقا آسف بشأن ما حدث لمربيتك زال البأس .
كيف علم بأمر ليندة ! لقد حرصت على أن يبقى الأمر سرا ، لا أحتاج شفقة من أحد .
لم أتمالك غضبي بينما انحنيت ناحيته ، و همست في أذنه بحدة و غضب ، قائلة :
- أنا لن أسألك كيف علمت بشأن ليندة أو حتى لما كنت تتبعني ذلك اليوم ، صدقني دانيال أنا لا تهمني نواياك ، لكن توقف عن التدخل فيما لا يعنيك .
حسنا، حاولت أن أكون لطيفة ، لكن ها هو ذا يجبرني لأخرج جانبي السيء ، اضافة الى أن أمره غريب فعلا ، و لدي ما يكفي من الغموض في حياتي في الأونة الأخيرة ، لا أحتاج أكثر .
- أنا فعلا آسف ان كنت أزعجت..
حاول أن يعتذر ، لكني قاطعته قائلة :
-كف و اللعنة عن الاعتذار ، و نعم لقد أزعجتني و كثيرا و الآن أصمت دعني أركز مع الأستاذ .
قلتها تزامنا مع دخول أستاذ الرياضيات ، أظنني قسوت عليه بما فيه الكفاية ، انا متأكدة أنه لن يقترب مني ثانية...
و كان ذلك ، فرغم شكله الذي يوحي أنه لم يتأثر أبدا بما قلت ، الا أنه لم ينبس ببنت شفة طوال اليوم ، انهيت جميع الحصص و شرعت ألملم حاجياتي بسرعة رغبة في المغادرة لأستطيع قضاء أكبر وقت في المكتبة لعل و عسى أجد شيء قد يساعدني
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فها هي ذا بريتني الحمقاء قادمة مع أتباعها جهتي، زفرت بعمق آملة فقط أن لا تطيل حديثها التافه الذي أعلم فحواه مسبقا .
بادرت الحديث بنبرتها المتعالية المعتادة :
- أوه آناستازيا عزيزتي، اشتقت اليك كثيرا أين كنت ؟ آه ، لا تخبريني أنا أعلم..لقد كنت مشغولة بالأعمال الفاسقة ، لا تخافي لم أتفاجئ، فهذا عادي بالنسبة عاهرة مثلك .
قالتها و ضحكت ضحكة ماجنة رفقة صديقاتها ، لقد بدأت أتخيل أفضل الأدوات لتعذيبها، هل أقطع يدها أولا ؟ أم لسانها الذي ما لبث أن أزعجني...
-لا تخافي، لن أسرق مهمتك فأنت تقومين بها على أكمل وجه ، أه و أيضا، لقد تركت العهر للمحترفين أمثالك
رميت عليها تلك الكلمات ثم إبتسمت بانتصار عندما استدارت تكاد تنفجر غيضا ، و لم تنسى رمقي بنظرات الاستحقار القاتلة ، كالمعتاد .
خرجت مسرعة ، لحسن حظي كان سام قد أصلح عجلات الدراجة النارية ، لذا ركبتها و توجهت نحو المكتبة، وصلت في غضون دقائق كونها قريبة من الثانوية .
- يبدو أن عملي سيطول هنا..
تمتمت و أنا أناظر المكتبة الواسعة ذات الرفوف التي تلامس السقف ، لطالما اعتبرت القراءة أو المطالعة جزء لا يتجزء من حياتي، خاصة كتب الأساطير ، رغم أني لا أؤمن بها، لكنه حب التطلع و الاكتشاف .
مررت على قسم الكتب و الروايات الرومانسية فابتسمت بسخرية ، حقا لا أعلم لما يضيع الناس وقتهم في قرائتها، انها محض تفاهات ، فقصص الحب الخرافية السعيدة التي تنتهي بزواج الفتاة الفقيرة بالأمير الوسيم ، لا وجو لها في الواقع..
أخيرا وصلت الى وجهتي، قسم التاريخ و الحضارات القديمة، حسنا ، وجدت عدة كتب تتحدث عن اللغة الاغريقية لكنها ليست ما أحتاج ، و بعد بحث طويل مكثف أوشكت على الاستسلام و كنت قد قررت أن أعود أدراجي ، الى أن لفت نظري كتاب قديم، كان متواريا عن الأنظار و لولا كوني كنت متخذة الأرض مجلسا لي لما رأيته، فحملته مباشرة و شرعت أتفحص غلافه ، الغريب في الأمر أنه كان بنفس لون الصندوق من غرفة ليندة ، مكتوبا بنفس اللغة التي لم أفهمها كذلك ، انتبهت فجأة أن الليل بدأ يسدل ستاره ، و لم أخبر شقيقاي أني سأتأخر، فبعد ما حدث أصبحا يخافان علي كثيرا ، فاذا كانت ليندة التي تتقن كل فنون الدفاع عن النفس ، لم تستطع الوقوف في وجه ذلك القاتل ، من أنا لأفعل ذلك .
قررت استعارة الكتاب لأنظر في أمره في المنزل،
فتوجهت نحو أمينة المكتبة ، ثم قلت بعد أن وضعت الكتاب فوق الطاولة أمامها :
-مرحبا آنسة إيزابيل، أريد استعارة هذا الكتاب من فضلك
قلاحظت نظرات التعجب و الاستغراب على وجهها ، قبل أن تقول و هي تتفحصه :
-أهلا أناستازيا، المعذرة لكني لم أر هذا الكتاب من قبل، هل أنت واثقة أنك وجدته هنا ؟
أصابني الاستغراب كذلك ، لكنني أجبتها مشيرة الى الرف الذي احتوى الكتاب :
- نعم واثقة لقد كان هناك بالضبط .
عقدت حاجبيها ثم أردفت :
-غريب ، على كل حال لقد تأخر الوقت، أنت خذيه معك تبدين مهتمة به، و سأنظر في مشكلته لاحقا ، مع أني متأكدة ، فمكتبتنا لا تحوي هذا النوع القديم جدا من الكتب .
لقد بدأت الأمور تزداد غرابة.
- حسنا، شكرا لك..وداعا
ودعتها ثم ركبت دراجتي النارية و عدت أدراجي ناحية المنزل فوجدت سيندي و سام في انتظاري ، و قد بدت علامات القلق على وجهيهما ، فبادر سام بالحديث معاتبا إياي :
- أين كنتي، ألا تعلمين كم كنا قلقين !
أجبت بشيء من الأسف قائلة :
- آسفة ، لقد كنت في المكتبة فقط ..
أنا حقا أكره الاعتذار، لكني أعلم أيضا مدى القلق الذي أسببه لهما لذا لا بأس ، ثم قالت سيندي و قد توجهت الى المطبخ :
- حسنا ، لكن المرة القادمة احرصي على اعلامنا ..
-سيندي معها حق يا أنستازيا، قد نكون مهددين بالقتل في أي لحظة .
أضاف سام بجدية غير معهودة منه ، لذا تسائلت رغم أني أعلم الاجابة مسبقا .
- ماذا تقصد ؟
تنهد بثقل ، قبل أن يقول :
- من الواضح أن مقتل ليندة كان متعمدا ، فهي ليست عملية سرقة أو شيء كهذا ، هكذا أثبتت تحريات الشرطة على كل حال ، لذا علينا أخذ حذرنا فهناك مجرم طليق في الأرجاء .
و ها هي مشكلة أخرى انضمت لقائمة مشاكلي التي لا تنتهي، بالمناسبة، تذكرت أمرا غفلت عليه، يوم مقتل ليندة أحد ما ثقب إطارات دراجتي ، لا أظن أنها بريتني فاذا ربطنا الخيوط نجد أن القاتل أراد تعطيلي ، وقد نال مراده ، إضافة الى أن بريتني و رغم وقاحتها و طول لسانها ، الا أنها أجبن من أن تقوم بهذا
أومئت بخفة و أجبت بابتسامة مطمئنة :
- حسنا سآخذ حذري لا تقلقا !
صعدت بعد ذلك مباشرة الى غرفة ليندة و أحضرت الصندوق ثم توجهت الى غرفتي ، أين وضعت الكتاب و الصندوق أمامي ، حسنا هناك حقا شبه كبير ، أكاد أجزم أن صانعهما واحد !
شرعت أقلب الكتاب بين يدي ثم فتحته، و المفاجأة لقد أصبح كل شيء واضح بطريقة ما، هل جننت ؟
هذا حقا أغرب من الخيال، كيف لي أن أستطيع فهم و قراءة لغة اندثرت منذ الأزل، و لا أعلم عنها غير اسمها ! ، قرصت نفسي لعلي أحلم لكني بدل ذلك تألمت، فعلمت أن هذه حقيقة و ليست محض خيال ، و أخيرا تخطيت الصدمة بصعوبة و هممت بقراءة الكتاب لكن الباب فتح فجأة و بقوة ، و الوحيد الذي يجرأ على فعل ذلك ، سام .
-صباح الخير ، شقيقتي العزيزة العشاء جاهز هيا لتتناوليه معنا
قالها مباشرة بعد اقتحامه لغرفتي كأحد الجنود في جولات تفتيش، بأغبى إبتسامة رأيتها في حياتي ، أرجوكم أخبروني ، هل هذا حقا نفس الشخص الذي كان يؤنبني كالراشدين قبل أقل من نصف ساعة !
بدأت أشك في كونه يعاني من إنفصام في الشخصية أو شيء من هذا القبيل .
-أولا نحن في المساء ، ثانيا و اللعنة اذا اقتحمت غرفتي ثانية بهذه الطريقة صدقني لن يبقى لك جزء سليم في جسدك ، و أنا أعنيها .
قلت متأكدة من إعطائه أرعب نظرة أملكها، أنا حقا لدي موهبة في إخافة الغير ، أمر رائع !
أومئ بطاعة ، و سرعان ما انتقل نظره الى الكتاب بيدي ، قال :
-حسنا حسنا أنا آسف ، مهلا ما هذا ؟ يبدو قديما جدا من أين لك به ؟ أه ، هل هذا هو الذي ذهبتي لاستعارته من المكتبة ؟ أنت غريبة من يفهم لغة كهذه ؟ يا إلاهي لا تخبريني أنه كتاب شعوذة ! هل ستلعنينني ! أنا حقا آسف لن أزعجك مجددا أعدك ! أرجوك أبعديه عني ..
جديا ، أنا الآن على حافة الانفجار من الضحك ، قد أبدو شريرة لكن رؤيته بهذه الحالة ، يا إلاهي أنا حقا لدي أحمق و أغبى أخ في العالم ، في الواقع ، هو يمتلك تقريبا فوبيا من الأشياء الماورائية ، كالسحر و الأشباح و ما الى ذلك ، لذا كانت ردة فعله مبالغة نوعا ما ، و رغم ذلك ، حاولت الحفاظ على تعابير وجهي المخيفة بصعوبة كوني كتمت ضحكة عالية ، ثم قلت بينما أصطنع التفكير :
-همم، لا أدري..لقد كنت أخطط فعلا لوضع لعنة تمنع الفتيات من الانجذاب اليك، لكني ربما سأفكر في ابطالها اذا توقفت عن اغضابي ، ربما ..
في تلك اللحظة كان سام على وشك البكاء ، فبغض النظر عن تفاهته و شخصيته الغريبة ، الا إنه حقا زير نساء ، و يظن أن بجاذبيته سيوقع كل نساء الكرة الأرضية في حبه، و أنا استغللت هذه النقطة أحسن استغلال ..
-أرجوك الا سحري و جاذبيتي التي لا تقاوم ! سأفعل أي شيء تريدين..أي شيء ، لكن أخبريني أولا ، من أين تعلمت السحر ؟
- ستفعل أي شيء ؟
تسائلت بمكر متجاهلة سؤاله ، ليومئ دون تفكير قائلا بعجلة :
- نعم نعم و الآن أنا ذاهب ، و لا بأس ، لا أظنك جائعة ، لا تأتي لتناول العشاء ..
هل أخفته لهذا الحد ؟ خرج هو ، و انفجرت ضاحكة بكل قوتي، منذ زمن لم أضحك هكذا ، أضنني تحسنت قليلا عن الأيام السابقة ، أعدت بصري الى الكتاب ثم تذكرت سؤال سام عن كيف بامكاني فهم هذه اللغة، هذا يعني أن الآخرين لا يستطيعون ذلك ، الأمور تزداد غرابة حقا مع مرور الوقت
تجاهلت أفكاري المنجرفة و ركزت بكل حواسي على الكتاب أمامي، لم يحوي الغلاف أي كتابة عدى النقوش الذهبية ، لذا انتقلت الى الصفحة الأولى و هناك قرأت..
مذكرات الينور غراي
____________________
ما رأيكم في البارت ؟
من الينور غراي في رأيكم ؟
أتمنى أن يعجبكم ❤
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro