• chapter 18 •
~ ما كان مقدرا لك سيأتيك، و لو كان بين جبلين..
و ما لم يكن مقدرا لك، لم يأتيك و لو كان بين شفتيك..~
_________________________
وصلت المنزل بعد أن ودعت كريس شاكرة إياه، ثم ولجت ، أول ما وقعت عيناي عليه هي الساعة الحائطية المعلقة، التي كانت تشير إلى السابعة صباحا، هذا سبب هدوء المنزل الشديد إذا، فكرت..فاليوم عطلة
لم أضيع الوقت و إرتقيت السلالم بسرعة متجهة نحو غرفتي، أو الحجر ، بمعنى أدق..،
شتمت تحت أنفاسي عندما فتحت الباب و ترائت لي الفوضى العارمة ، التي واضح سببها وضوح الشمس، سيندي..
من الجيد أنها لم تقترب من المكتب، أي من الحجر و باقي الأشياء ، وقعت عيني على الصندوق ، يجب أن أجد طريقة لفتحه، فعند تذكري لليندة في منزل كريس، تذكرت أيضا كلماتها الأخيرة، التي أظنني فهمت أغلب ما كانت تشير إليه، كالقبو ، و قد كانت تقصد بذلك الحجر، على ما أظن..
حملت واحدة من القطع الثلاثة التي كانت مستقرة على سطح المكتب، و التي وجدتها في قبو المنزل بالمناسبة، و رحت أتفحصها ببطئ متلمسة الشقوق التي تبدو بالكاد مضيئة، جلست على كرسي المكتب المريح و أخذت القطعة الثانية،التي كانت لدى دانيال و آليا، سأتذكر سؤالهما المرة القادمة عن من أين جاءا
بهذا الجزء.
قربت الجزئين من بعضهما البعض، و لاحظت إزدياد توهج الشقوق، لكن بنسبة قليلة جدا، و قد كان هناك شيء كالجاذبية الخفية تجذب القطعتين نحو بعضهما،لكنها ضعيفة، قربتهما أكثر بغرض دمجهما، و ما إن فعلت ذلك حتى توهجت الشقوق بضوء أبيض ناصع ، أغمضت عيناي لوهلت من شدته، ثم أعدت فتحهما بعد أن خف و عاد لطبيعته، و قد فوجئت حقا عندما نظرت نحو الحجر و قد أصبح عبارة عن قطعة واحدة ، قطعة واحدة إتخذت شكل نصف دائرة تقريبا، فرحت أتفحصها بحثا عن أي كتابات أو شيء كهذا، لكن تلك الشقوق التي أضحت أكثر توهجا، لم تكن تساعدني أبدا ، نظرا لكونها كانت كثيرة و متداخلة، متداخلة بطريقة منظمة..
صيحة متذمرة أفلتت مني بعد عجزي عن إيجاد أي شيء من شأنه أن يثبت صحة ما فكرت فيه قبلا..
لكن لا شيء، و قد بت على مشارف فقدان الأمل،
أمسكت الحجر بغية تأمله لمرة أخيرة، و أنا شاكرة فعلا لتلك المرة، فالأمر الذي حدث بعدها، كان جديرا بمحي كل ذرة شك كانت تخالجني.
كانت بضع من الشقوق المضيئة البيضاء ، في طور الإختفاء..ليحل مكانها وهج أحمر لجزء من الثانية ، ثم ظهرت بعده كتابات بنفس لون هذا الوهج الأخير..
لكنها كانت صغيرة جدا، حيث أني رحت أبحث عن مكبر في أحد أدراج مكتبي من أجل أن أستطيع قراءة ما كتب ، أخيرا وجدته، فوضعته مباشرة فوق الكتابات ، و قد أصبحت واضحة، كانت مكتوبة بنفس لغة الكتاب المقدس ذاك، كتاب مذكرات الفارسة التي سبقتني، اللغة الإغريقية على ما أظن و إستطعت قرائتها كذلك ، لذا لم يدهشني الأمر كما حدث في المرة الأولى..
" في غابة وجد..
و في وكر الساحر حفظ..
دع الجني يقود..
و جد كنزك المفقود.."
كانت الكلمات واضحة وضوح الشمس بالنسبة إلي، فهي و بكل بساطة كانت تشير إلى الغابة، إلى الجنية نيرايدا التي ساعدتنا على الوصول إلى البحيرة الشمالية، أشارت أيضا إلى وكر الساحر روبرت، أين وجدنا ذلك القزم، الذي أعطانا الحجر..الحجر الذي أطلق عليه "كنز"..
لا أؤمن عادة بالصدف، و أشعر دائما أن خلف الصدف قدر كبير، قدر قادر على تغيير مجرى حياة شخص كامل..، و قد أثبت ذلك يوم رحلتي للغابة، لقد كان مقدرا لي الذهاب في تلك الرحلة، وجودي هناك لم يكن مجرد صدفة، تشوش الحاجز الخاص بالجزء المخفي للجنية الذي حدث لأول مرة، دخولي هناك ، و مقابلتي لها..كل تلك الأحداث أبعد كل البعد عن ما يسمى " صدفة "
رغم ذلك، تنهدت براحة، ظننت لوهلة أني أخطئت، و أن لعبة الأحاجي تلك من طفولتي، كانت مجرد لعبة، و أن ليندة لا علاقة لها بعالمهم ذاك..
لكن ، و الآن و قد تحققت من كون ليندة منهم، أو شيء كهذا، هل يمكن أن أحدا من هناك، هو من قتلها!
لقد أصبحت أقل حساسية بشأن مقتلها، لكني أقسمت أني سأذيق قاتلها عذاب شديد، و سأفعلها و أتفرغ لمعرفته ما إن أنتهي من كل هذا..
أبعدت كل الأفكار التي من شأنها أن تشوشني ، ثم أعدت بأنظاري إلى الجزء الثالث و الوحيد من الحجر، أخذته في يدي و قربته من القطعتين اللتان أضحتى قطعة واحدة، فحدث نفس التجاذب من المرة الأولى، نفس الضوء الساطع الذي دفعني لإغماض عيناي ،لكن بعدها مباشرة ظهر الوهج الأحمر ، و لم يتأخر كالمرة السابقة، ثم بدأت الكتابات بالظهور ، فحملت المكبر و رحت أقرأ..
" أعماق البحار تحتظنه..
في كهف عجيب تم دفنه..
إكتمل القمر، و إصطفت توابعه..
إتبع حدسك ، و إكتشف مكانه.."
لم أفهم إلى ماذا تشير الأحجية الصغيرة بالضبط، لكن على الأقل أعلم أن مكان الحجر التالي سيكون في أعماق البحر، على ما أظن ، حسنا، على الأغلب يقصد بالتوابع ، النجوم، هذا واضح..كما كتب أن أتبع حدسي، في الواقع ، لقد جربت من قبل، لكن فشلت.
أظن أن علي المحاولة مرة أخرى، لقد حدثت تغيرات كثيرة منذ آخر مرة..
وصل مسامعي صوت دقدقة على باب غرفتي، و قد عرفت من هو قبل أن ينبس ببنت شفة.
- أدخل..
أردفت ليدخل سام بشعره الأشقر المبعثر و عيناه الخضراوتان الناعستان، و قد أعادت لي رؤيته ذكرى الماضي تلك..
- هل رأيتي حذائي الأبيض ؟ لدي موعد بعد..
قال ، و بالكاد فهمت كلامه المتداخل الناتج عن شدة نعاسه، و لم يكمل كلامه حتى نام واقفا و هو متكئ على حافة الباب ، هو حتى لم يكلف نفسه بإلقاء تحية الصباح، أو الإطمئنان على أحوالي.
هززت رأسي بقلة أمل على هذا الأحمق الواقف أمامي،و سرعان ما لمعت ببالي بعض الأفكار الشريرة، فإقتربت منه، أو من أذنه تحديدا ، ثم صرخت بأعلى صوت أمتلكه.
أجفل سام بقوة لدرجة أنه سقط على مؤخرته صارخا ، ثم راح يشتم بكل أنواع الشتائم ، بجميع اللغات ، و قد بدى لي أنه بدأ يستيقظ لأنه سرعان ما أمسك أقرب شيء إليه، و الذي كان بالمناسبة مصباحا خاصا بالمكتب، ثم رماه بكل قوته..
حسنا ، لم يعد لدي شك بأنه يريد قتلي.
من حسن حظي أن ردة فعلي كانت سريعة و إبتعدت عنه، و إلا لكنت مستلقية في أحد المشافي القريبة..
- حسنا حسنا لنعقد هدنة ، آسفة سامي الأحمق..
أردفت بعد أن فشل في إصابتي و شرع في البحث عن شيء آخر يرميني به..
- أنت الحمقاء ، شريرة ، أنا لا أعلم ما الذي إرتكبته في حياتي حتى يصبح لي أخت مثلك ، أنا أخ مثالي، كل شخص يتمناني.....
قال بتذمر رامقا إياي بنظرات حاقدة، ثم عاد أدراجه متذمرا بكلمات لم أهتم بسماعها حتى...
صوت رنة من هاتفي أخرجني من شرودي القصير بعد ذهاب سام، لألقي بنظرة عليه، و قد كانت رسالة من رقم غير مسجل عندي..
فتحت الرسالة و شرعت في قرائتها
هاي آنا، أنا جوردن، أردنا فقط أن نعرف إذا كنت توصلت إلى شيء من شأنه مساعدتنا على العثور على الحجر ،إذا كان لديك أخبار جديدة إتصلي بي
لم أضيع ثانية أخرى و اتصلت به، فأجاب بعد الرنة الثالثة .
- جوردن مرحبا ، لدي أخبار جيدة، تعالوا جميعا إلى منزلي اليوم لننقاش الأمر بشكل أفضل
أردفت ما إن وصلني صوته الهادئ، بينما أعيد وضع المصباح الذي نجى من الإنكسار بأعجوبة في مكانه
- حسنا آناستازيا، سنكون هناك قريبا
- جيد، إلى اللقاء..
ودعته و أغلقت الخط ، ثم أخرجت ملابس مريحة من الخزانة بعد أن قررت الإستمتاع بحمام دافئ يريح أعصابي المشدودة..
أنهيت إستحمامي و نزلت إلى غرفة المعيشة أنتظر وصول الآخريين إلى هنا، جلست على أحد الأرائك بملل بينما رحت أتسائل عن سيندي، فقد مر وقت طويل منذ وصولي المنزل و لم أراها، يبدو أنها ليست في المنزل من الأول،هززت كتفاي بعدم إكتراث بينما أتابع الأخبار التافهة التي يقوم التلفزيون ببثها في هذا الوقت.
صوت رن جرس الباب الخارجي أجبرني على النهوض لفتحه ، لكن سام الذي كان بدوره خارجا من المنزل تولى تلك المهمة ،ثم رحب بهم ، و قد رأيت علامات التعجب ترتسم لوهلة على وجهه، معه حق في ذلك، فصداقاتي طوال فترة حياتي لم تتعدى شخصين، لذا فرؤية سبعة من " أصدقائي " على الباب في الصباح ، و يوم العطلة، سيبقى شيء يثير الإستغراب، نوعا ما.
دخل الجميع لغرفة المعيشة و التحمس بادي على أوجههم
- إذا ! أخبرينا، ما الذي توصلت إليه ؟
بادر دانيال بالحديث متخذا أقرب أريكة مجلسا له، كما فعل الجميع ملقين بأنظارهم نحوي..
- لقد كان الأمر تماما كما أخبرتكم به، أو انتظروا..من الأفضل أن ترو بأعينكم..
قلت بسرعة بينما نهضت من أجل إحضار الحجر من غرفتي.
بعد دقائق قصيرة عدت متحمسة لأريهم الكتابات الحمراء ، و لم أنسى إحضار المكبر كذلك.
- ها هو، قم بقراءة الكتابات الصغيرة هنا
قدمت الحجر لدانيال بعد أن إجتمعنا جميعا حول الطاولة الزجاجية منتصف غرفة المعيشة..
أعاد دانيال قراءة الأحجية الصغيرة بسهولة و بصوت مسموع، و قد لمحت آثار التعجب ترسم على وجهه كما حدث مع كل من ألقى نظرة على الكتابات
- أنا لا أفهم ! متأكد بأني لا أستطيع قراءة هته اللغة ! كيف و اللعنة فعلتها الآن !
قال جوردن بتشوش ناقلا أنظاره بيننا و بين الحجر في يده، بينما لم أتعجب كثيرا ، الأمر غريب لكن ليس بغرابة ما مررت به سابقا، لذلك هززت كتفاي بخفة بينما أردفت
- لا بأس جوردن، هذا غير مهم الآن، الأمر المهم هو أن نجد المكان الذي كتب هنا
و قد هدء قليلا بعد كلماتي
- الأمر يعتمد عليك الآن، يجب عليك تشغيل حاستك السادسة، و معرفة المكان المحدد، هناك العديد من الكهوف و البحار في العالم.
مالت آليا بجذعها مستندة على الحائط بينما تقول..
- معها حق، الكلام أولا موجه نحوك، نحن هنا للمساعدة لا أكثر..
أردف كريس بهدوئه المعتاد بينما وافقه الجميع بإيمائات خفيفة ، تنهدت محاولة التخفيف من التوتر الغريب الذي زارني الآن،
- حسنا، من الأفضل أن أذهب الآن لأخمن مكان الحجر التالي، و دانيال، لا تقترب من الثلاجة، و إلا
قلت ثم أشرت في آخر كلامي بالسكين المخبئ في طرف كمي، كمحاولة لتخفيف الجدية المملة التي غلفت الغرفة ، و قد نجحت بذلك نوعا ما ، فقد قهقه الجميع على تعابير دانيال المتوترة بعد تهديدي الصريح له، متذكرة أول مرة هددته بهذا السكين قبل شهر من الآن، يوم أسوء حدث في حياتي..
- حسنا، أنا متأكدة أنك ستفعلينها زيا، أنا أثق بك..كلنا نثق بك..
و قد أعادت كلمات روزي الرقيقة، الشعور بالأمان و القوة بداخلي، إنهم حقا دعم معنوي من نوع آخر !
إبتسامة صادقة إحتلت وجهي ، ثم إستدرت خارجة من المنزل، نحو وجهتي التي لطالما ساعدتني في ترتيب أفكاري و أولوياتي، و لطالما قدمت لي الراحة النفسية التي كنت بحاجتها..
بحيرة الغابة خلف منزلي، مكاني المقدس
حثثت خطواتي لاعنة الوحل الذي لطخ حذائي و أسفل سروالي، لكن رغم ذلك، كان منظر الغابة بأوراقها الندية شيء رائعا بحق.
تنفست بعمق عند إقترابي من البحيرة و إزدياد برودة الجو قليلا ، واصلت تقدمي حتى ترائت لي بحلتها البهية المعتادة و العشب الندي المخضر حولها يزيدها بهاء على بهاء..
لقد مرت فترة منذ آخر مرة زرت فيها هذا المكان، حدثت أمور كثيرة ، تغيرات كثيرة طرئت على حياتي بصفة عامة، وعلى شخصيتي بصفة خاصة، لكني لازلت أستمر، أليس هذا هو هدفنا الأكبر في الحياة ؟ محاربة الصعوبات، في طريقنا الشائك نحو البحث عن السعادة، و راحة البال..
إتخذت حجرة مرتفعة قليلا و مربعة الشكل مجلسا لي ، بحيث أعطتني منظرا أجمل للبحيرة، جلست القرفصاء و رحت أصفي رأسي من كل فكرة قد تطرأ لي أثناء قيامي بتلك المهمة، مهمة البحث عن مكان الحجر، أنا حتى لا أعلم كيف أقوم بذلك، لكني سأحاول فقط التركيز على شكل الحجر، و على المعطيات التي لدي ، بحر، و كهف، سأتخيل مكانا يجمع هذه الأشياء الثلاثة.
أغمضت عيناي ثم أخذت نفسا عميقا ذكرني بدروس اليوغا المملة التي كانت سيندي تجبرني على حظورها ، شهيق، ثم زفير ، تنفس بطيء ، ثم هدوء..
هدوء شديد ، لقد إختفت جميع الأصوات ، حتى حفيف الأشجار الخفيف الناتج عن رياح مارة ، إختفى..
كأني في بعد آخر، وحيدة،و بدون أدنى حركة حولي،
أيقنت أني نجحت، عندما بدأ الظلام الناتج عن إغماضي لعيناي، يتلاشى ، الأمر كان أشبه بصورة في عقلي..
أمسكت القلادة بخفة عندما شعرت بحرارة ناتجة عنها تلسع رقبتي ، بينما حاولت الحفاظ على تركيزي في أوجه..
بدأت الصورة العقلية الضبابية تتوضح، لأرى المكان المقصود، كنت في كهف، لكن ليس أي كهف، إنه أشبه بغرفة هوائية، فقد كان يقع في قاع البحر، أستطيع رؤية الأسماك تسبح فوقي، و الرمال تحت قدماي، لم يكن المكان مظلم جدا، فقد إستطعت رؤية كل التفاصيل تقريبا..
أمامي مباشرة كان هناك صندوق يقع فوق تلة صغيرة من الرمل الذهبي الفاتح، عرفت حينها أن ذلك هو مقصدي، ثم ، و بدون سابق إنذار وجدت الصورة تختفي ببطء ليحل الظلام بعدها.
فتحت عيناي بعدها شاعرة بشيء ينزل من أنفي، فوضعت يدي هناك لا إراديا أتفقد ما حدث، و قد كان السائل الأحمر اللزج هو ما قبلني، علمت حينها أني كنت أنزف، لم أهتم كثيرا لذلك، فمسحته بكم قميصي بإهمال، لقد كان لدي الآن شيء أكثر أهمية للإهتمام به، رغبة ملحة في زيارة مكان ما..رغبة لم يكن لي مثلها نظير من قبل..
الأغرب، أني لا أعلم ما هو هذا المكان، أنا فقط أريد ترك العنان لنفسي، لتقودني..
لم أحتج ذكائا خارقا لتخمين ذلك المكان ، إنه مكان وجود جزء حجر البوابة التالي..
عدت للمنزل بسرعة ، غير آبهة بالوحل الذي لطخني، أو بالدم المتخثر في أنفي، كان هدفي الوحيد تلك اللحظة هو العثور على الجزء المفقود.
عندما وصلت، صعدت مباشرة إلى غرفتي ، حملت حقيبة ظهر وضعت بها بضع الأشياء التي قد أحتاجها إذا طال بحثي عن تلك القطعة، ثم غيرت ملابسي بسرعة و غسلت وجهي من الدماء..
نزلت مجددا إلى غرفة المعيشة من أجل إعلامهم بالأخبار الجديدة
- واو، هذا حقا رائع ، لم أتوقع أن تكتشفي المكان بهذه السرعة..
قالت آليا بتعجب و إنفعال نادرا ما يظهر عليها،
- نعم ! اذن، أين يقع ؟
تسائل جوردن واقفا بحماس .
- لا أعلم تحديدا، لكن هناك شعور يريني، و بطريقة ما الطريق نحو المكان المنشود..
قلت بنوع من التشوش،لقد سيطرت على رغبتي تلك نوعا ما ، هي لم تعد عارمة كما كانت عند البحيرة
- حسنا إذن، لنذهب، و ستتولين مهمة قيادتنا
قال دانيال ممرا أنظاره بيننا إلى أن إستقرت علي، لأومئ بخفة موافقة لكلامه
- من الأفضل ألا نذهب جميعنا، ذلك سيجذب الأنظار لا أكثر، خاصة و أننا لا نعلم ما يخطط له نورثن للآن..
تحدث كريس ، و قد كان كلامه منطقيا
- معك حق، إذن من يود الذهاب ؟
تساءل دانيال بعد ذلك
- من الأفضل أن تأتي روز، نظرا لكونها سايرن، و الماء هو بيئتها الطبيعية، أيضا آليا، قد نحتاج سحرها هي أيضا
قلت بعد تفكير دام لحظات، لأرى نظراتهم الموافقة لما تفوهت به
- سأذهب أنا أيضا، لا تستهيني بتنين يحمل دماء ملكية يا عزيزتي
تكلم دانيال بفخر هته المرة بينما يعدل ياقة قميصه أزرق اللون، فأطلقت إبتسامة تهكمية قائلة بنبرة ساخرة:
- نعم نعم ، إذن إتفقنا ؟ سأتصل بسيندي لإعلامها
قلت و أخرجت هاتفي من جيب سروال الجينز خاصتي، ثم أخذت أبحث عن إسمها بين الأرقام القليلة التي أمتلكها ، بينما أخذ الجميع بالخروج من المنزل، من بينهم جوردن، كريس ، و مايك الذين لن يرافقونا في رحلة البحث عن الحجر
- هاي آنا، أنا مشغولة الآن، سأتصل بك لاحقا
أجابت بعجلة و كادت تغلق الخط ، لولا صوتي الذي سبقها
- إنتظري يا حمقاء، لدي أمر مهم يجب عليك معرفته، سأذهب مع أصدقائي في رحلة مستعجلة ، لذا لا تقلقي إذا لم آتي إلى المنزل ، حسنا ؟
صوت شوشرة أتى بينما سمعتها تنادي ب" جوشوا توقف ! بيلا إنزلي من فوق الطاولة ! "
و قد كان صراخها عالي، جدا..
- حسنا حسنا إفعلي ما تريدين ، وداعا !
قالت و الإنفعال بادي على صوتها، ثم أغلقت من دون أن تضيف ولا كلمة، إستغرقت ثواني أحملق بهاتفي في إستغراب، لكني هززت كتفاي بعدم إكتراث و حملت حقيبتي لاحقة بالجميع في الخارج
كانت السيارة أمام منزلي غير مألوفة بتاتا ، إستقر بها كل من دانيال ، الذي كان خلف عجلة القيادة ، بجانبه آليا ، و أخيرا روز في أحد المقاعد الخلفية.
أشرت لهم بأني سأستقل دراجتي النارية التي كانت مركونة جانب المنزل، يبدو أن أحدهم تكفل عناء إعادتها إلى هنا، فأومئ دانيال دلالة على فهمه.
شغلت المحرك و أغمضت عيناي تاركة حدسي يقودني، و قد عاد ذلك الشعور بالإنجذاب نحو مكان ما، فانطلقت ، و تبعني الآخرون بالسيارة.
لحد الآن، كان الطريق مألوفا، في الواقع، تبعد المدينة التي أقطن بها، حوالي مئة كيلومتر على أقرب بحر، لذا لم أستغرب طول الطريق، الذي دام حوالي الساعتين، لكني بت أشعر بتلك الرابطة بيني و بين المكان أصبحت أقوى، حتى أني أستطيع إستشعار ذلك الدفئ الخافت الناتج عن قلادتي، أمر تقلباتها الحرارية هته بات يربكني، خاصة أني لا أعلم إلى ماذا يرمز إرتفاع حرارتها و ما إلى ذلك
بدأت أشتم رائحة البحر، للأمانة، لطالما كان البحر في فصل الشتاء يبعث لي شعورا لا متناهيا من الكئابة الشديدة ، لذا لطالما تفاديت زيارته في هذا الوقت من السنة..
أخيرا، و في منعطف كان آخر منعطف أسلكه في هذا الطريق، أوقفت دراجتي قبل تلامس ذلك الرمل الذهبي الباهت ، كما فعل مرافقيني من ورائي.
نزلت من الدراجة و راحت عيناي تتفحص المكان الخالي من حولي، لقد كان الشاطئ كبيرا، و السماء الغائمة زادته ظلمة ، فأصبح صورة حية للوحدة الموحشة.
- زيا ؟ هل هذا هو المكان ؟
صوت خطوات خلفي تسلل إلى مسامعي ، تبعته كلمات روزي التي إستشعرت رعشة البرد في صوتها
- نعم، أظن ذلك، لكن ليس هذا ما رأيت تماما..
أجبتها بشرود بينما أتقدم لتعانق الرمال حذائي الأبيض..
- ماذا رأيت ؟
تساءل دانيال لاحقا بي
- حسنا، رأيت أنني تحت الماء، لكن و بطريقة ما ، كنت أستطيع التنفس، كأنها حجرة زجاجية أو شيء كهذا..
أجبت بصراحة ثم أكملت طريقي نحو الشاطئ بينما إستطعت إلتقاط أصوات دانيال و آليا يتجادلان حول شيء ما لم أهتم بمعرفته..
وصلت إلى بقعة محددة، و هناك كان الإنجذاب شديدا جدا، حتى أني توهمت سماع صوت ما بداخلي يقول " هذا هو المكان " .
هززت رأسي بخفة و أعدت أنظاري إلى البقعة الرملية العادية التي أقف فوقها
- لماذا توقفت ؟
تسائلت روز بشيء من التعجب
- لا أعلم، شيء يجذبني لهذا المكان بقوة، كأنه المكان المنشود .
زفرت الهواء الذي تشكل على شكل سحابة بيضاء أمامي، ثم أجبت روز و مازلت عيناي مستقرة على تلك البقعة
- آليا ، هل تشعرين بشيء ما ؟ شيء غريب ؟
تسائلت بعد أن أعدت أنظاري إليها
- في الحقيقة، هناك طاقة سحرية، لكنها ضعيفة جدا، تكاد تكون معدومة، لو لم يكن مستواي السحري عالي، لما استطعت الشعور بها..
أجابت بجدية عاقدة حاجبيها، لأقلب كلامها برأسي محاولة تحليله
- يا أصدقاء ، لدينا رفقة..
قال دانيال مشيرا خلفنا، من جهة البحر، فإستدرنا بدافع الفضول، و قد جمدت الصدمة أطرافي عند رؤيتي لذلك المخلوق..
- لا تتحركوا !
همست روز بحدة لم أعهدها منها
- ما هذا روز !
تساءلت بتوتر و خوف، بينما عيناي ما زالتا معلقتان على الوحش الكاسر الذي ظهر فجأة من العدم !
أربعة أعين مستقيمة الشكل ذات لون أحمر قاني، و بدون أي بؤبؤ ، جسم ضخم طويل، قد يبلغ طوله خمسة أمتار ، مغطى بجلد محرشف ذو لون بني مخضر، إضافة إلى ذيله الطويل الشبيه بخاصة الديناصورات ، و قرونه الصلبة السوداء، كان شبيها بوحش قد هرب من الجحيم !
- بروستات، وحش كاسر يوضع لحماية الأشياء الأسطورية المهمة ، لا يتلقى الأوامر إلا من مروضه
إنه وحش بحري، قابلت واحدا في العالم الآخر.
أجابت بهمس ، و قد أثار إستغرابي أنه لم يقم بأي خطوة حتى الآن !
- رؤيته تقتصر على الأشياء المتحركة فقط ، و أيضا حاستي سمعه و شمه ضعيفتين
أضافت مجيبة تسائلاتي الداخلية
لم تطل لحظات السكون تلك، لأن دانيال الأخرق، رأى عقربا يزحف نحوه، فتحرك بسرعة ، وقد جذب ذلك إنتباه مخلوق البروستات هذا، ليتقدم نحونا فاتحا فمه على أقسى حد، ليظهر لسانه الشبيه بخاصة الأفاعي ، و الأسنان الحادة، أنذاك ، لم يكن لدي حل آخر إلا الصراخ..
- إجروووا..
يبدو أن العثور على هذا الجزء، لن يكون سهلا كما سبق، و ها هي أول عقبة حقيقية في طريقي هذا..
__________________
بارت طويل ❤
إنجوووي 😎💖
لوف يو آل 💙
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro