الفَصل السادِس - الجولة الأولى.
《الوصول إلى قلب الغابة》
•••
"- لقد وصلنا أيها المُتسابقون، يَبدو أن الجَميع حَصَل على رِفاق وصَنَع صداقات جيدة.. تُجيدون كَسر القوانين، أتمنى أن تُجيدوا كَسر الصداقات أيضاً قبل أن تُكسر أغصانكم في هذه الحياة اللطيفة".
انتشر صوتٌ مُشفر -صوتٍ آلي- في أنحاء القفص الذي يتوسط سفينة تبحر مُنذ ثلاث ساعات تقريباً وقد توقفت في محطتها أخيراً.
"- يحب الكلام المنمق".
تمتمت فيكتوريا التي اعتدلت بعدما كانت مستلقية بإهمال ورأسها حط على فخذ مارسلين التي تتفقد ذراعها منذ ساعة.. تفكر في مكان جديد للوشم القادم الذي ستحصل عليه فور خروجها فائزة من هذه اللعبة التي كما يبدو لا يوجد فائزٌ بها!
قد يبدون مثل قطيع خرفان خرقاء، لكنهم بالفعل مدركون ما هم خائضين فيه، تتم معاملتهم بشكل جيد تمهيداً لما سيقابلهم فور بدء اللعب.
هم على علم بأن مجزرة سيصنعوها بأنفسهم، ببعضهم البعض!
"- كل مع رفاقه سيكوّن فريقاً لإكمال اللعب. ما من داعٍ لتكافؤ الأعداد أو حتى تكوين الفرق، يحق لمن يريد البقاء منفرداً أن يبقى لوحده".
ظهر ذلك الصوت مجددًا وبالفعل صاحبه لن يفوّت مشهد قتل الأصدقاء لبعضهم ولا الدراما التي سيستحدثها مرهفو القلوب الذين من السَهل تحديدهم.
"- إذن هل نبقى معاً أم نفترق ؟".
تساءلت مارسلين موجهة أنظارها نحو البقية منتظرة آراءهم.
"- أنا لا أمانع أن نكّون فريقاً معاً".
نطقت داميون وقد تزامن قولها مع ارتفاع وانخفاض كتفيها.
"- أنا مع داميون".
هتفت هيومين رافعة ذراعها وكأنها تحيي داميون.
"- أنت مع كريستوفر".
كان لسيهون رأي آخر لم يتردد بقوله هامساً وقد تجهز بالفعل لصّد ضربات هيومين.
"- حسناً إذا لنبقى معاً".
قال كريستوفر عندما لم يجد الرفض في ملامح أي منهم.
"- مرحى! حقاً تروقني هذه الفتاة".
هتفت مارسلين محاوطة ذراع داميون التي بدأت تتساءل عن مغزى هذا الكلام رغم ذلك ابتسمت للإطراء.
"- لنتجنب المكاسب الخسيسة يا رفاق".
نطقت فيكتوريا وهي تناظر سيهون وكأنها تحدثه وكلامها كان القشة التي قصمت ظهر سيهون.
"- عذراً يا آنسة، لم توحين لي بما ليس له صحة ولا داعٍ؟!".
بعدما تمالك نفسه سأل بنبرة توحي بانزعاجه وتلبد خاطره تجاه هؤلاء الرفاق الجدد.
"في الواقع لم أقصدك حرفياً، لمَ تشك بنفسك أيها السيد؟".
ابتسمت بعجرفة مطلقة ردها الذكي ولكن كما العادة لسيهون رأي آخر.
"- لم أفعل لكنك تحتاجين إلى دروس في فن الإلقاء إن كنت ستنوبين عن رفاقك في الكلام".
غيمة متلبدة حطت فوق هواء تلك المجموعة وكلمات بأطراف حادة تبادلها الإثنان بغيظ لا سبب له!
"- رفاق ما خطبكم؟ فلنكن على وفاق أو لننفصل منذ الآن!".
ظهر صوت ناعم خافت مصدره ذات الشعر البني قصيرة القامة التي تجعدت ملامحها بغضب أظهرها كما لو أنها هامستر منزعج لأنه لم يحصل على وجبته في وقتها!
" -عودا إلى القتال أريد المزيد من صوت ميريل صغيرتي!".
نطق كريستوفر بذلك مبعثراً شعر ميريل المزعجة مطالباً بكلمات أكثر فهي وبشكل خطير لا تتحدث كثيراً!
"- أوقفوا هذا الهراء إن لاحظتم أن الجميع خرج وفقط نحن هنا".
وبخت ميريل وهي تزيل كف كريستوفر العابثة بشعرها وقد توجهت نحو مخرج القفص الذي احتواهم طوال ثلاث ساعات.
كانت قد أشرقت الشمس بالفعل، مذ أنهم أبحروا في عتمة ما بعد منتصف الليل حيث نجوم تشع بخفوت وقمر اختفى نصفه إثر غيمة حجبت ضوءه كما هي خيمة اللامبالاة التي حجبت أبصار من استضافتهم سفينة بأناس مقنعين، بهويات مجهولة، اقتادوهم نحو شيء بسيط يدعى الهاوية.. حيث سيعبثون مع الموت مستمتعين برائحة الدماء كما قيل لهم من قبل أحد أولئك المجهولين.
تبعها البقية بصمت وآخر من خرج كان سيهون الذي تجاوره فيكتوريا وهما بالفعل يقتلان بعضهم بتلك الإشعاعات التي تقابل بعضها بعنف، شعرت به هيومين التي عادت مصطحبة سيهون خارجاً بخطوات سريعة بعدما تشبثت بذراعه قائلة بمرح زائف 'لنذهب..عنصري'.
سيهون فكر؛ ما خطب العنصري تلك؟! ه
و ليس عبنصريا ،فقط يتبع أسهل الطرق متجنباً ضربات مجهولة قد يوجهها أقرب الأشخاص لهم، هذا ما يسمى حذراً وليس عنصرية!
قد يكون بالغ بأظهاره الأمر، إلا أنه مدرك أن هلاك بعضهم لا محالة ولا مهرب منه!
قد يكونوا مستمتعين وهم محاطون بهذا الجو المثير والنشوة الزائفة، إلا أن التمتع بما حُظر على الكثير من الناس مؤكد ولا محالة يعني أمرين اثنين.. وهما وجود ميزة سيئة به أو ربما كارثة تم التخطيط لها بشكل متقن.
"- هيومين، توقفي عن التصرف بهذا الابتذال".
خطى متجاوزاً الجسر الذي تم مدهُ من السفينة الضخمة إلى المرسى حيث نصف جسر خشبي قطعه من سبقهما متجمعين حيث شيء مشابه لرمال الشاطئ الذي يحاوط قفصا كبيرا جداً وعنيتها حرفياً..
داخله مغطى بالأشجار الضخمة وكافة أنواع النباتات، أقرب لأن يكون 'مصغر غابة'.. او بالأصح هو يبدو كغابة!!
"- أنت تُهينني سيهون!".
بحدة وبملامح مقطبة نطقت هيومين التي توقفت متمعنة بما قاله سيهون الذي استدار نحوها ناطقاً بصوت خافت لايسمعه إلا كلاهما:
"- أنتِ من بدأت الأمر.. لا أعرف إن كان الرجال الآخرون يشعرون بالمثل، لكنني أرى الفتيات ذوات ما يشابه أفعالك منذ سويعات يسمى رُخص، تسترخصين نفسك بطريقة مبتذلة أمام ذلك الأجنبي.. إنها نصيحة وانتقاد".
أنهى قوله مربتاً على كتفها بعدما لاحظ هدوء ملامحها متفكرة في كلماته التي بدت تحوي من الصحة ما أقنعها وأشعرها بالذُل، وقليل من الأسف نحو ذاتها التي غفلت عنها.
"- آسفة هون، أكرهك".
قالت بتأثُر بعدما مرت دقائق يحدق بها وكأنه ينتظر انتهائها من تحليل أقواله..
'لا بأس أنا أيضاً أحبك'
نطق بها بشكل خافت وهو يحاوط رقبة هيومين ساحباً إياها حيث بيكهيون الذي استعجلهما بهتافه طالباً حضورهما.
_
"إذا أيها اللاعبون، سيبدأ القتال.. ستبتلعون بعضكم باستمتاع فور عبوركم هذا الباب، أتحت لمن اهتز قلبه الفرصة بالانسحاب مسبقاً، لكن اليوم وبما أنني بمزاج عالٍ سأتيح فرصتين.. الأولى كانت الانسحاب والثانية اختيار سلاح موتك".
أنهى الرجل الملثم كلامه بقهقه مشيراً نحو المنضدة الخشبية الطويلة، حيث تصطف أنواع الأسلحة المختلفة من السكاكين حتى الرشاشات الرماية ذات المدى البعيد.
الأمر يشبه أن يتم تخييرك بين الجحيم والجحيم، خوض محاولة أخيرة بخسارة محتمة!
" الوقت شارف على الإنتهاء، ألن تشبعوا رمالنا الذهبية بزُمُردات حمراء؟!".
سأل بعد دقائق من الصمت الذي تخللته الهمسات الخافتة ولم يتقدم نحو تلك المنضدة أي مُنسحب -مُنتحِر-.
"- كما توقعت، لا تخيب اختياراتي أبداً.. أيها اللاعبون يمكنكم الدخول الآن وفور سماع طلق ناري اعلموا أن جولتكم الأولى قد بدأت.. وأن الموت أقرب إليكم من ثيابكم!"
أعلن بصوت جهوري عالٍ وهو يفتح باباً ما يشبه القفص الذي تتوسطه شبه الغابة تلك، حيث ستُزّين تربتها الخصبة بزمردات حمراء كانت يوماً تُنعش عروق أحدهم.
..
"- هذا جميل أحببت المكان".
قالت هيومين التي كانت هي ومجموعتها آخر من عبر تلك البوابة الضخمة التي اُقفِلت من قِبل مُلثَم آخر لوح لهم وقد تقوست عيناه بشكل يوضح ابتسامة رسمت على ثغره، وهيومين لم تجد مانعاً من مبادلته لذا فعلت وأكملت طريقها خلف مجموعة اللاعبين غريبي الهيئات كما هي الهالة المحيطة بكل منهم، متقدمين عميقاً في شبه الغابة وقد انبثقت بعض المجموعات في أعماق واتجاهات أخرى بين الأشجار الضخمة والتربة الرطبة.
"- يا رفاق لسنا في عطلة صيفية أو وفد استكشافي لذا كل واحدٍ منكم، لينتبه على ما يحاوطه جيداً".
قالت فيكتوريا التي كانت متقدمة على مجموعة الرفاق المتفقين معها.
"إذن لنتقدم بحثاً عن ماهية الجولة الأولى".
ربطت مارسلين رداءها حول وركها لتبقى بالقميص الذي يظهر عضلات معدتها التي لمستها داميون قائلة:
"مؤكد عانيتِ في بنائها".
"أسوء سنتين في حياتي".
أجابت مارسلين وهي تخفض نظرها نحو معدتها ذات العضلات المصقولة بشكل مبالغ بالنسبة لفتاة إلا أنها بدت جميلة بنظر داميون على أية حال، ذلك الوشم الذي التف حول نصف بداية وركها من الخلف إلى ما يقرب سرتها بجملة طويلة صغيرة الأحرف، هذه الفتاة تملك أكثر من عشرة وشوم!
"- جميل على أي حال".
قالت داميون بابتسامة بعدما قرأت الجملة التي حاوطت منتصف جسد مارسين التي تضمنت:
'فيكتوريا ذات كلام الجدات وشوارب نابليون زوجتي وميريل اللطيفة كالأرنب هي ابنتنا'.
لطالما كانت هذه الجملة سبب عراك فيكتوريا ومارسلين وسبب الندبة التي غطاها وشم ذو شكل شفتان حمراوان على كتف مارسلين التي تم رميها بقدح زجاجي في إحدى نوبات غضب فيكتوريا التي كان الوشوم سبباً بأغلبها.
"- لكل وشمٍ قصة إذا خرجتِ حية سأخبرك بها".
نطقت مارسلين بابتسامة وداميون بادلتها أخرى جانبية قائلة :
"- أخرجي أنتِ أولاً وسأستمع لكِ بانتباه".
"- كفاكما عبثاً ولنلقِ نظرة على المكان، نحن لا نعرف ماهية الجولة الأولى حتى".
نطق سيهون الذي قطب ملامحه بملل وهو يغير نظراته حول المكان في محاولة استكشاف ما يحاوطهم.
"- مرحباً مجدداً أيها اللاعبون.. اشتقتم إلي، صحيح؟! وأنا اشتقت لقطراتٍ زُمردية تُضخ بوفرة في هذه اللحظة داخلكم، الجولة الأولى قريبة جداً، ها قد بدأت اللعبة والموت قد نصب فخاخه بالفعل، احذروا ما حولكم،
الجولة الأولى تقتضي ما كُتب في ظرفٍ أحمر يطير عالياً في كل مكان ويناهز طول الأشجار في قلب الغابة.. بالتوفيق".
انقطع ذلك الصوت الذي أوصلته مكبرات صوت ضخمة عُلقت أعلى قمم الأشجار أدركها رفاقنا بعدما تلفتوا باحثين عن مصدر الصوت الذي قهقه وأكمل كلماته التي زامنها طلق عيار ناري دوى في أنحاء المكان معلناً بدء الجولة الأولى والتي كشف عنها بأحجية سهلة مذ أن بيكهيون أشار إلى شجرة لا تبعد الكثير من المترات عن موقعهم الحالي وكريستوفر تسلقها بخفة ساحباً الظرف الأحمر الذي وضع في جحر أحد السناجب الذي تراجع إلى مؤخرة الشجرة حيث صغاره يحميهم بخوف من الحركة التي حدثت في جحره.
"الجولة الأولى:- تجمعوا في قلب الغابة عندما يكون عددكم عشرون لاعباً، استخدموا ما وضِع في حقائب ظهوركم".
هذا ما كُتب وسط ورقة أخرجها كريستوفر من داخل ذلك الظرف قارئاً إياها، وقد أدار سيهون حقيبة الظهر التي سُلمت شبيهاتها لكلٍ منهم عند دخولهم شبه الغابة المُحاطة بقفص ضخم يفصلها عن ما يُسمى عالماً خارجياً.
"- سكين!".
نطق سيهون مخرجاً ما توسط حقيبة الظهر الخالية من كل شيء عدا سكينة قتال تبدو حادة وقطعة معدنية صُلبة صُنعت لِحَد نصل السكين.
"- هذا رائع!".
نطقت مارسلين مُعبرة عن إعجابها بتلك السكين التي توسطت حقيبتها أيضاً، مررت إصبعها متلمسة نصلها الذي جرح إصبعها لحدته، أطلقت تأوهاً متذمرا إثر اللسعة التي شعرت بها عند اختراق قمة النصل طبقة جلدها بخفة دون الضغط حتى.
" -هذا يعني أننا يجب أن نقتُل، العدد الكُلي تسعة وثلاثون يبتغي عبورنا هذه الجولة نُقصان تسعة أشخاص، هل حقاً سنفعلها؟، نقتل!".
نطقت ميريل ذات الملامح المرتجفة مستنتجة ما يتحتم عليهم فعله لتجاوزهم هذه الجولة.
"- نعم بالتأكيد، يا فتاة من المؤسف إحضارك إلى هنا وأنت بهذا القدر من البراءة".
أجابتها داميون بابتسامة وهي تجلس متكئة على جذع إحدى الأشجار القريبة.
"- في الحقيقة ليس هناك من داعً لأن نقتُل".
قالت فيكتوريا بعد ثوانٍ من الصمت الذي حل فورما سمعوا صوت صرخةٍ مكتومة وأخرى مُتألمة ليست ببعيدة عن موقعهم الحالي.
"بالضبط.. هناك من بدأوا بتنفيذ الشرط لذا لننتظر انتهائهم ونخرج نحو قلب الغابة".
أكمل بيكهيون ما كانت ستقوله بعد نظرات تبادلاها معاً مدركان أنهما متفقان على ذات الفكرة.
"- عظيم.. سأتفقد المكان لن يسُرني فقدان أحدكم منذ البداية رفاق".
قالت مارسلين بابتسامة وهي تتشبث بجذع الشجرة متسلقة إياها بعدما قامت نظرياً بقياس طولها الذي سيمكنها من مسح المكان ومعرفة مكان الموت الذي يعبث حولهم خلسة.
"- أعتقد أن لا أحد قريب لكن هناك شخصان يحومان حول المكان وسكاكينهم مُستعمله بالفعل، الأرض ليست آمنة..
أقترح أن نبقى فوق الاشجار إن أردنا البقاء أحياء كما أنه لا يمكننا المخاطرة والتوغل في الغابة".
بعد دقائق من التلفت ومسح المكان بنظراتها وضحت مارسلين ما تراه واقترحت ما هو منطقي لتنصاع كلاً من داميون وفيكتوريا لها بتسلق الأشجار القريبة وداميون احتاجت دفعة من كريستوفر الذي أنقذها من السقوط وكسر عظامها..
ميريل وكريستوفر شاركا داميون ذات الشجرة الضخمة، شديدة الثبات والعلو، بما أن الفتاتين لم يقوين على تسلق شجرة بذلك العلو وصولاً لأحد تفرعاتها القادرة على حملهما.
مارسلين وفيكتوريا تتحرك شفتاهن بهمس، نظرات فيكتوريا المنقلبة موبخة لمارسلين التي مدت يدها بغية رفع فيكتوريا حيث تجلس على فرع شجرة ضخم و قوي.
كلٌ من بيكهيون و سيهون ساعدا هيومين ذات جسد العجوز الهلامي على تسلق الشجرة التي احتوتهم الثلاث معاً.
_
"هل ننزل؟ لقد مرت ساعتان، هذا الجذع غير مريح البتة".
استفهمت هيومين بعد مرور ساعتين على بقائهم معلقين أعلى تلك الاشجار مختبئين خلف أغصانها وفيرة الأوراق، يكتمون أنفاسهم ويحدون من تحركاتهم عند مرور ملطخَّي اليدين بسائلٍ أحمر كل مدة.
"قليلاً بعد وسأرى ان كان بأمكاننا ان ننزل".
أجابت فيكتوريا التي أشارت لمارسلين بالنهوض بهدوء ومسح المكان، امتثلت بطواعية واقفة مديرة نظرها إلى أبعد بقعة تلتقطها حدقتاها الرماديتان.
"- لا أحد، أعتقد أن المتبقين أكملوا نحو قلب الغابة".
أدارت أنظارها نحوهم قائلة ما رأته لي،نزل الجميع بحذر عندما بادر سيهون بذلك أولا ملتقطاً هيومين التي رمت بنفسها خوفاً من النزول.. او بالأصح بيكهيون دفعها بعد إشارة من سيهون الذي كان مُتأهباً لالتقاطها وكأنها علبة مشروب معدني لخفة وزنها.
"- لنتقدم معاً ولكن بحذر".
نطق بيكهيون مخرجاً سكين القتال خاصته بغية تأمين ذاته بما انه تقدم ذلك الجمع.. لم يفكر فعلياً بتلطيخ نصل تلك السكين وهذا خلق تشتيتاً ذهنياً له، كيف سيحمي شخصاً نفسه من القتلة في حين يرفض استخدم ادوات الدفاع عن النفس المُقررة؟
تبعاً لقوله امتثل البقية وشقوا طريقهم بحذرٍ وانتباه تقدموا وكلهم متأهبٌ لما قد يواجهه من متاعب ومباغتات.
..
"- سُحقاً!!".
بجزعٍ وهلع هتفت ميريل التي خطفت من جانب رأسها سكين محلقة لو تحركت إنشاً واحداً لكانت تحط وسط وجهها!!
"- بحق السماء!! هل أنتِ بخير؟!".
سألت فيكتوريا الأخرى بانفعال وهي تتفقد وجهها بهلع.
"- بخير بخير، فقط تفاجأت".
أجابت ميريل وهي تحاول الإبتسام بينما تخفض كفي فيكتوريا المشددين على كفيها ما في محاولة طمأنة الأخرى.
"- بأي لعنة تحاول العبث يا أنت؟".
التفتوا نحو صوت كريستوفر الذي شد على ثياب صاحب السكين المحلق ذاك.. مُلثم الوجه بعينين ضيقة توحي بكونه آسيوي، هو على علم بأنه لم يقصد ميريل بل من كان يقف خلفها منتظراً فرصة لمباغتتها كالذئب منتظراً فريسته إن قدمت نفسها له ولكن يجب الحذر مذ أنه يلاحظ هذه الهيئة حولهم بكثرة في هذه الرحلة.
"- أنت تعلم بأني لم اقصدها".
بصوت متحشرج صعب تحديده بشكل كامل إثر اللثام الجاثم أعلى فاهه نطق ذاك الرجل مبعداً كفي كريستوفر الذي كانت تسحب لثامه بخفه، آخر ما قد يريده هو أن يتم كشفه.. ليس الآن على الأقل..
"- رائع ها نحن ذا تسعة عشر لاعباً، أحبك عندما تكون كريماً".
من خلف شجرة ضخمة خرج رجل آخر بذات البنية الضخمة، هو الآخر يغطي وجهه بلثام، وجه كلماته للملثم الأول الذي اطلق قهقهة ساخرة مجيباً إياه قائلاً:
"- ما كنت سأفعل لو لم يستهدف فتاتهم اللطيفة".
أنهى حديثه مشيراً لميريل التي ما تزال مضطربة الشعور والرجل الذي توسط رقبته سكين المُلثم التي نحرته تاركة عيناه مفتوحتان.. قد يكون أكثر سعادة منهم ققد رحل ولم يذق الكثير من الألم.
"- هذا شكرٌ لا أكثر".
قالت داميون التي كانت قد تقدمت نحو ذلك الأجنبي ذي الوشم على رقبته مخرجةً السكين التي توسطتها لتنظف ما لطخها من دماء في قلف الشجرة المجاورة معيدة إياها رمياً لصاحبها.. بدوره كان سريعاً كفاية للإبتعاد عن مسار السكين التي اخترقت الشجرة بجوار ولو لم يبتعد لغرست عميقاً في كتفه.
أعادت داميون نظرها للمقتول خلفها متأملة نزيف رقبته الحاد الذي يخرب شكل وشمها العرضي، في ذهنها عزمت على أن تحصل على وشم جميل كالجميع هنا، حتى هيومين تملك واحداً يزين منطقة ضلعها.
كما بدت -داميون- أكثر إدراكاً لما يجب عليها فعله كالجميع هنا، ليكونوا بخير عليهم ألا يترددوا في إراقة الدماء ومع نقصان عددهم سيتوجب على الجميع نيل شرف المبادرة ليس الاختباء لحين تحقق ما تنصه شروط الجولات كالجولة الأولى.
"- مرحباً أيها اللاعبون.. ها نحن ذا، الأمر سهل، مقايضة بسيطة سائل زمُردي في وقت أقل مما توقعت مقابل مساعدة لكم و جولة أخرى، اتجهوا شمالاً ستجدون ما يلزمكم في قلب الغابة وغداً ستبدأ جولة أخرى، متطلع لها.. بالتوفيق".
ذات الصوت اخترق مسامعهم بفعل مكبرات الصوت وحديث بنبرة خبيثة قيل من قِبل شخص يجهلون هيئته لكنهم مدركين بالفعل لمبتغاه، اختفى صوته ليمتثلوا لما قاله بهدوء ولم يبدُ عليهم الردع وعدم الرضى حول الملثمين الذين انضما دون دعوة، للمرة المليون سيهون يتأمل تلك الهيئة ذات السكين المحلق مستذكراً أي رآها مسبقاً.
_
"أسلحة!! ماذا يوجد في هذه أيضاً".
تقدمت مارسلين بحماس نحو المنضدة الخشبية الطويلة حيث أسلحة نارية قد رأتها سابقاً قبل دخولهم شبه الغابة المُحاطة بقفص.
"أعتقد أنها من أجل الجولة الثانية، لنتفقد ذلك المنزل".
قال بيكهيون الأخيرة مشيرًا إلى منزل خشبي بعدما استنتج أنه، بما ان الجولة الأولى انتهت، لذا ليست بهم حاجة -حالياً-لما اصطف على تلك المنضدة، تقدم هو وسيهون مستكشفين إياه..
منزل توسط بقعة خالية من الأشجار تمثل قلب الغابة أو وسطها، لا يبدو أنه قد بُني منذ مدة طويلة فقد كان شكله الخارجي نظيفاً ولا يعاني تصدعات سببها البيئة التي تحيطه مذ أنها منطقة رطبة.
"- المكان آمن، يوجد من وصلوا قبلنا.. يوجد طعام وثياب وبعض الحاجات اللازمة يبدو أننا سنبيت هنا".
قال سيهون مُحدثاً من في الخارج بعدما أطل عليهم من إحدى نوافذ المنزل، لتُشرع كل من ميريل وهيومين برفقة كريستوفر بالتوجه نحو المنزل.
"- ماذا تفعلن؟".
سألت داميون فيكتوريا ومارسلين اللتين كانتا يعبثان قرب منضدة الأسلحة لتجيبها فيكتوريا وهي تعيد تركيب مخازن الرشاشة في يديها قائلة :
"- زيادة مدى اختراقها وعدد مخازنها".
قالت الأخيرة وهي تزيح السلاح أمام كتفها وكفيها تمسكه بإحكام مسددة نحو إحدى الأشجار البعيدة وقد جفلت مارسلين فورما دوى صوت العيار الناري قريبا منها لتوجه مسدسها نحو فيكتوريا التي ظنتها شخصا غريباً لكن الأخرى ضحكت قائلة :
"- حسنا لقد علّى صوتها ايضاً ".
"- أنا حقاً نادمة على تعليمك.. سافلة".
تذمر وشتيمة أطلقتها مارسلين وهي تعيد انتباهها نحو السلاح الذي فككته بشكل كامل مضيفة بعضاً من أجزاء سلاح رشاش بعيد المدى ليزيد من سرعة الإطلاق والإختراق.. مذ أنها استبدلت مخزناً ذخيرته الصغيرة بأخرى أكبر حجما وأكثر تدبباً من تلك المحدبة.
"- سأعلمك بعدما أشعر بالنظافة لندخل".
قالت مارسلين موجهة حديثها إلى داميون بعدما عرفت رغبتها بمجرد لمحة بسيطة في بريق عينيها، أراحت المخزن في مكانه لتضع المسدس على المنضدة وانصرفت نحو المنزل ذو السقف الخشبي بطراز أمريكي وقد تبعتها الفتاتان بعد مدة قصيرة.
قد تكون الجولة الاولى انتهت بخسارة الموت أمام أبطالنا، لكنهم لم يروه منذ البداية لذا لا يحتسب انتصاراً لهم، بل انتصار خوف صغير نمى داخلهم جنباً إلى جنب مع إدراكهم ماهية الأمور لذا عزم الجميع على التصرف بما تقتضيه شروط الإنتصار على الموت حتى لو استدعى الأمر نحر رفاقه!
•••
انتهى.
لا تنسوا ترك انطباعكم عن الفصل ورأيكم به مع أي نقدٍ بناء تودون طرحه،
لا تنسوا الدعم بفوت وتعليق فضلاً، ♡.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro