خِتام العهد
×××
"كنتُ أختنق، مغمورًا في جوّ من الغمّ واليأس، بفؤاد واجمٍ مضطرب. اتّخذت الانعزال مسكنًا ومسكِّنًا، لكنه لا يصلح للأمد البعيد، فما كان مني سوى الخروج بعد يومين إلى مخبز السيدة وودفيل بذاتِ الابتسامة المعهودة، وبنفس جودة العمل، إذ أنّني لا أطلب الشفقة من أحد.
تشاجرت مع والدتي، لكذبها بالكذبة المشؤومة قبل عامين، كنا سنتشارك سعادتنا لعامٍ ونصفٍ إضافيين، وبرفقة ماريو، إلا أنّها اتّخذت طريقًا معتمًا لكلينا.
استطعتُ نهايةً سماع سببٍ معقول، قيلَ أنّ زوجة تشابلن ما عادت تنجب بعد حصولها على طفلتين، لكنّ زوجها - الدوق جيمس تشابلن كان يحبّ الأطفال، واستطاع العثور على طفلين صدف وأنّهما أكبر عمرًا من طفلتيه، لكنّه لم يرفض؛ وإنّما اتّخذهما ولدين تحت جناحي أسرته مبهمة الأصل. ثمّ لمَ أكتب إليك التفاصيل؟ أنت أعلم بكلّ شيء. لكن وبعد تفكيرٍ مطوّل، عرفت أنّه أراد ضمّي تحت جناحيه كذلك، في أول يومٍ التقينا به على الرصيف، كنتُ متكئًا على صندوقي وأبحث عن زبون ما. لكنّ بعضًا مني يخبرني بألّا أصدّق.
سبب حيرتي الأكبر هو لمَ انضمّ ماريو إليكم كذلك؟ أعني، لمَ لم يحافظ على أصله فستيورات كذلك أحدى العائلات النبيلة!، حتى وإن فقد إحدى والديه.
كنتُ قد قابلته منذ أسبوع في زقاق ما قرب ساعة البرلمان الإنجليزي بعد افتراقنا لأكثر من خمس سنوات!، ولم أفعل مجدداً لأنني لمحت التردّد -في إخباري عمّا حلّ به- يتملّص من حدقتيه، فلم أُرد الإصرار عليه، مذ أنّني ما عدتُ أعرف لقلبه قُربًا.
وإنّني ألومك أيضًا، فبعد الحرب كنت قد انتقلت للعيش في القصر المنطفئ المطموس بالدّجى، لكنّك لم تعُد مطلقًا لتجعلني مطمئن النفس، حتى وإن كانت قدماك ترتجف ذعرًا من موقف والدتي حين رؤيتك، كان التفكير بطريقةٍ ما سهلًا يسيرًا.
ألم تظنّ يومًا أنّني سأكون أسعد إنسان في هذا المستنقعِ الدنيوي حين أراك بعد محاولات أمي الفاشلة بإقناعي بوفاتك؟.
ثمّ حين بدأتُ بالعمل لدى الدوق جيمس، كنتُ أرى أملًا رديئًا في لقياك، رغم مجهود جميع من حولي في طمسِه، كنتُ مصرًّا، وكانت الموسيقا الكلاسيكية دائمة الهطول على مسامعي تزيدني ثقةً، فإنّني أذكر عزفك إياها مرّة في مكانٍ ما، كانت دليلًا على وجودك هناك ذات يوم، ولستُ أدري لمَ أرتبطت المعزوفة بكَ شخصيًا فلستَ خالقها ومنشِئ أصلها.
وكنتُ كلّما أرى البنية المجهولة المصقولة طولًا كطولك، أزداد ثقةً على ثقة زائفة.
إلى أن عرفتُ أنّها تُعزف لإحياء ذكراك، ولستَ صاحب البِنية الغامضة.
كنتُ أشعر بعاصفةٍ مضطربة في صدري على الدّوام منذ انتهاء الحرب، وسطها فارغٌ من أيّ مشاعر، قد تكون صخرةً تتوسّط صدري.. لا أفقه من أين جيء بها. فما أشتكي منه دومًا، هو أنّ جميع من يشعرون بمثلِ ما أشعر -ولستُ متأكدًا من وجود أيّ منهم- يفعلون لفقدانهم أعزائهم إثر الحرب، لكنّني لم أعرف بعد سبب الثقب في روحي! أكانت الحرب أم فقداني والدي، أم اختفاء صديقي أم أنّني قد تهت؟ حاولتُ خياطته يومًا بعد يومٍ بالترفيه عن نفسي، لكن عبثًا.
إذن، لا بدّ أنّها مصادفة، ويالها من مصادفة، امتلاكك لاسم عائلة يطابق اسم والدك في عمر التاسعة عشرة فحسب! فحتى بعد تبنّيك ظللتَ ابن والدك!.
ما زلتُ أشعر بفقدانِ قطعةٍ ما لم تخبرني عنها والدتي، ولم اشأ سؤالك عنها في سنٍ صغير لاحتمال حزنك على وفاة والديك - قبل أن تعيش معنا.
كنتُ أهرب من شظايا روحي كل ليلةٍ بكتابة بعضِ الرسائل عن آخر أخباري، لكن وبما أنّك لم تكن تقرؤها، لعلّي أجد طريقة جديدةً لذلك.
واعلَم يا صديقي، أنّ الرسائل وإن لم تصل، أقوم بحفظها جميعًا حتى الوقت المناسب، بالرغم من أنّ نصفها قد انبثق من ثقب ذاكرتي، لكن لا يهم.
ولم أعي منذ متى وأنا بهذه الحال، لكنّني أفتقدك.
ويالَ حظي السعيد! انتهت آخر أنفاس الحبرِ عند الكلمة الأخيرة.
أراكَ لاحقًا! - هوسوك درايدن."
طوى الورقة المكتظّة بكلماتٍ واهية ودسّها أسفل قطع الخشب في زاوية غرفته ذاتها.
ثم استلقى على سريره المهترئ مصدرًا صريرًا خفيفًا، مكملاً الفصل الأخير من كتابه "لوندرس" مع كوب قهوته المعتاد؛ ليعيده للسيدة وودفيل غدًا صباحًا.
لكنّ الاختلاف الوحيد في مسائه، القطعة الخشبية التي تحملُ اسمه مع أخيه في غيمة أعلى المنزل المنقوش عليها، معلّقةٌ في مرمى بصره فور استيقاظه.
كان لا بدّ أن يحيي ذكراه بطريقته الخاصّة كذلك.
×××
مرحبًا!.
على شوي ما بصدّق إنّي كملت لوندرس! 😂
بتمنى صار كل اشي مفهوم؟
في أي سؤال؟ ؛-؛
طبعًا شكر كبير وقلوب كثيرة لكل اللي قرأ القصة وتفاعل وحمسني أكمّل بسرعة، بما إنها أول رواية أنزلها بدون ما أفكّر بأي شيء فيها ولا أي حدث جانبي؛-؛، 🤷🏿♀️💛.
آراءكم وتعليقاتكم على لوندرس؟🕯.
وعلى النهاية تحديدًا؟!
التصرف اللي اتخذه هوسوك بعد ما تأكّد من وفاة جين؟.
والوضع اللي قالته أمّه عن جيمس تشابلن؟ بتتوقعوا تكون صادقة ولا بتكذب مثل المرة اللي فاتت؟
و
ماريو الغامض؟!
بالمناسبة، بدي أحكي شوي عن القصة من وجهة نظري والشعلة اللي خلتني أكتبها.
بدايةً أنا جدًا مهتمة بفترة القرن العشرين وخصوصًا الحرب العالمية، وكتبت القصة بس عشان يكون الها علاقة بالموضوع لول.
شخصية هوسوك بالبارتات الأخيرة فجأة حسيته كثير بشبهني، عشان هيك كمّلت على أساس أنا بمحله وما كنت أحاول أحس بمشاعر مغايرة إطلاقًا، مع إنه كان يهرب مني مرات.
بالنسبة لفكرة فقدانه أعز صديق، -موضوع حساس 🤪-، كنت مقررة يكون جين موجود، حتى إني لمّحت للموضوع بس الكل فكّر إنه هوسوك مش جين، عشان هيك قتلته 🙂، بالإضافة لأنه أنا نفسية وحسيت لو كان ميت أحسن، وبتمنى لو لامست قلبكم لو بقدر أنملة.
على كلٍ، بتمنى إنكم استمتعوا بقراءة لوندرس، لأني جد استمتعت بكتابتها.
تمّت يناير ٢٥، ٢٠١٩م.
🍒.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro