(18)
بقلم : نهال عبدالواحد
فجأة سقطت سلمى مغشيًا عليها ففزع الجميع، أسرعوا نحوها يريدون اللحاق بها قبل أن تسقط أرضًا، لكن للأسف........
وفي بيت عمر
وكانت سلمى الإبنة تجلس متعبة، قد انتفخت بطنها فهي في شهرها الثامن، جلس جوارها زوجها يمسك بيدها، جواره أمه فريدة تمسك بكوب من العصير بإحدى يديها وبالأخرى ترفع خصلات شعرها الذهبية من على جبهتها ببعض التأفف، في حين عمر يقوم بإعطاء سلمى حقنة وريدية.
قال عمر: إهدي كده! شوية والحقنة هتعمل مفعولها.
تألمت سلمى وشهقت: آي آي! يا أونكل بتوجع أوي.
- آي إيه بس! اجمدي كده أمال هتعملي إيه ف الولادة! المهم ريحي الفترة دي لحد ما تخشي في التاسع.
تابع محمد زوجها (ميدو): ما الدكتور قال كده، عايزين نلصّم الهانم.
فتأففت سلمى وهي تمسك بيدها مكان الحقنة وهمست: أوووووووف! كده برضو يا مامي!
سمعها عمر وقال: إيه رأيك ما تروحي تقعدي معاها! واهو تونسوا بعض .
فصاحت سلمى معترضة: نععععععععععم! أروح فين؟!
مش لو كانت أم زي باقي الأمهات، مش رايحة سايباني وقال إيه حامل!
تابعت فريدة بتشفي: فعلًا، عندك حق والله! فاهمة نفسها لسه نغة!
فصاح عمر: جرى إيه انتِ وهي! وانتِ يا سلمى لمي الدور! أمك تعبانة و محتاجة لك.
أجابت سلمى: هي اللي عملت في نفسها كده! كان لازم تحترم سنها، قوللها الحركات دي ما تتعملش عليّ.
فصاح فيها عمر: لاااااا ده انت زودتيها أوي!
تابعت سلمى بحنق: هو اللي يقول الحق............
قاطعها محمد بغضب: سلمى! واضح إني سكتلك أكتر م اللازم، بس بابا خط أحمر وصوتك يوطى و طريقتك تتعدل.
وهنا رن هاتف عمر فأشار لهما أن يصمتوا: شششششششش! آلو! أيوة يا سليم في حاجة! إيه! طب بالراحة عشان أفهم.... طيب طيب... طلبت الإسعاف..... طب أنا جاي فورًا.
وأغلق الهاتف واتجه يأخذ معطفه ليهم بالخروج و خلفه إبنه محمد مسرعًا إليه: في إيه يا بابا! ده سليم مين؟!
فقال وهو ينظر ناحية سلمى: ده ابن عمك، سلمى تعبت وقعت فجأة، عشان حامل وما احترمتش سنها.
سألته سلمى على إستحياء: هي مامي حصلها حاجة!
صاح عمر: وانتِ مالك! ما تسبيها تاخد جزاءها، أقولك خليكِ مرتاحة بكرة إن شاء الله لما تخلفي و ولادك يكبروا مع أول غلطة منك مش هيقطعوكِ، لا هيضربوكِ بالجزم.... سلاااااام!
انصرف عمر، تبعه محمد وقبل أن يغلق الباب ألقى نظرة تأنيب خلفه ناحية سلمى ثم أغلق الباب وانصرف.
فاقتربت فريدة وهي تقدم كوب العصير لسلمى: خدي اشربي يا حبيبتي وروقي دمك! ما تحطيش ف بالك! هي بس متغاظة عشان مقربة لي أكتر منها ولا تزعلي نفسك ميدو ده هشد ودانه هو وعمر كمان.
فأخذت منها سلمى كوب العصير لكنها شردت، فكرت في كلام عمها وفي كل ما حدث، لكنها لم تنكر قلقها على أمها و تود لو تعرف تفاصيل ما حدث.
وصل عمر و محمد إلى المشفى، وجد سلمى في إستقبال المشفى، حولها أولادها الثلاثة في حالة قلق وتوتر، سليم زوجها ممسكًا بيدها ويبكي منهارًا: سلمى! سلمى! فوقي خلاص حقك عليّ، والله ما أقصد! قومي وكل اللي انت عايزاه هعمله، أنا اللي غلطان والله.....
صاح عمر: حلو أوي الحفلة دي!
وانتو كده هتسعفوها إزاي يا دكاترة؟!
(يوجه كلامه إلى سليم الإبن و رقية الباكيين ).
قال سليم الإبن: بلغنا الدكتور وجاي فورًا.
ثم التفت لأمه قال باكيًا: ماما سامحيني أنا آسف! أنا السبب، سامحيني!
صاحت رقية تبكي: ماااااامييييي!
فصاح فيهم عمر: عملتوا إيييييييه!
فدخلت إحدى الممرضات و تحمل عدة حقن مع زجاجة محلول لتقوم بإعطاءها للمريضة فأخذها منها عمر ونظر فيها ثم اتجه ناحية سلمى و دفع ابن أخيه جانبًا وفحص النبض و الضغط و ما إلى ذلك....
ثم التفت إلى الممرضة وقال: بلاش حقنة....... وهاتي........ أحسن.
أخذ منها المحلول ليبدأ في تعليقه وانصرفت الممرضة لتحضر ما طُلب منها، وبعد أن عُلّق المحلول و وضع فيه الأدوية المختلفة نظر عمر لأخيه وكأنه يشبّه على هذا الموقف فنادي عليه و أشار له أن يتبعه، رفض سليم في البداية بحجة أنه يود المكوث بجانبها لكن عمر صمم على ذلك فاضطر ليذهب معه.
وفي مكتب عمر
قال عمر: إيه اللي حصل بأه! عشان أنا شامم ريحتك في الموضوع.
فنظر سليم أرضًا بعض الوقت كأنما يفكر فيما سيقوله ثم قص عليه كل ما حدث.
صاح عمر: وضاقت عليك الدنيا يا سليم!
- هي اللي غاظتني واستفزتني بطريقتها وهي عارفة كويس إن عمري بقبل الطريقة دي.
- بدل ما تطمنها!
إنت لما بتعُك يا سليم بتطيّنها، مش كفاية الظروف اللي بتمر بيها!
- وهي بتمر بيها لوحدها!
- هي أضعف منك، انت الراجل وانت اللي لازم تحتويها.
- طب هي عندها إيه دلوقتي!
- لحد دلوقتي هي لغبطة عامة وخلل فجائي غالبًا من الزعل، و ربنا يستر!
- قصدك إيه! ما تفسر كلامك!
- لا مش هفسر، ويلا عشان زمان الدكتور بتاعها جه و هو بس اللي هيحدد الدنيا هتمشي إزاي .
فاتجه نحو الغرفة التي فيها سلمى، خلفه سليم فوجد الطبيب قد وصل فدخل معه وكان الثلاث أبناء لازالوا بالداخل في حالة بكاء و قلق شديد ربما أهدأهم نسبيًا هو يحيى فأشار عمر لهم جميعًا بالخروج ومعهم أخيه أيضًا.
خرج الجميع و بينما هم واقفون إذ تفاجؤا بمجيء محمد يحيى و يحيى خطيب رقية فما أن وصل حتى ارتمت رقية في حضنه و هي تجهش بالبكاء، ربت عليها و نظر لمن حوله من إخوانها و أبيها ولا يفهم شيء.
تحدث محمد: سلمى مالها يا سليم!
الأول قالوا مش لاقينها و بعد كده تعبت، هي تعبت برة ولا إيه اللي حصل! ومن إمتى سلمى بتخرج لوحدها أصلًا؟!
تابع سليم بصوت متقطع ويشهق من أثر البكاء: الله يكرمك يا محمد سيبني ف حالي الساعة دي اطمن عليها بس.
وبعد فترة خرج الطبيب وهو يشير لإحدى الممرضات و يقول لها: جهزيها!
صاح سليم الإبن: تجهز مين؟! أمي مالها!
أجاب الطبيب: ولادة.
شهق سليم بفزع: ولادة ف السابع!
تابع الطبيب: في مشكلة، ولازم تولد فورًا يا إما في خطورة عليها وعلى الجنين.
صاحت رقية تبكي: يا حبيبتي يا ماااااااميي!
ولازال يحيى الإبن متابع بصمت.
وبعد قليل بدأ يُسمع صوت سلمى في صورة أنين و آهات و وجهها يتعرق بشدة وتكاد تتلاقط أنفاسها بالكاد، عيناها نصف مفتوحة فاتجه جميعهم للداخل وما أن فحصها الطبيب ثانيًا فصاح: ده طلق!
تابع سليم: بس لما كانت بتولد قبل كده كانت بتصرخ صريخ أقوى من ده بمراحل.
- المدام تعبانة لدرجة إن حتى الطلق مش قادرة عليه.
وبدأ صوتها يختفي شيئًا فشيئًا، عيناها لازالت نصف مفتوحة، كأنها تحاول الصراخ فلا تقوى، لا يخرج أي صوت، مجرد فمها يُفتح يحاول الصراخ وكأن هناك ما يعوق خروج الصوت.
فأمسك عمر يدها ليشعر بالنبض فوجم فجأة ونطق بمصطلح طبي فوضع سليم الإبن يده على فمه وتجمد مكانه بينما صرخت رقية و خرت جاثية على ركبتيها تبكي بهيستيريا .
فصاح فيهم عمر: كله يطلع برة، مش عايز أي حد هنا.
ثم صاح إلي مساعدته: جهاز الصدمات بسرررررررعة.
فخرج الجميع بخطوات متباطئة وقد أيقنوا أن القلب يتوقف وبحاجة لصدمات كهربائية.
ثم خرجوا بها مسرعين نحو غرفة العمليات فالقلب لا يقوي على تحمل طلق الولادة.
وظل الجميع واقفين ينتظرون خارج غرفة العمليات بين مصدومٍ ومنهار و صامت.......
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro