(12)
بقلم : نهال عبد الواحد
في اليوم التالي ذهب الشباب إلى الشركة لم تذهب أميرة ولا شفق.
تابعوا العمل ولاحظ عز عدم مجيء أميرة فسأل عنها أدهم أخبره أنها مريضة فوجد نفسه بمجرد أن جلس بمفرده اتصل بأميرة للإطمئنان عليها، فأجابت وهي لا تعلم هوية المتصل فالرقم غريب: أيوة! مين؟
- أهلًا! إزيك يا ميرا؟ أنا عز عوني!
- آه! يعني عايز إيه! وجبت رقمي منين؟!
- هي الناس بتكلم بعض كده! مفيش حاجة إسمها إزيك؟ أهلًا!
- آه! ده انت بتتصل عشان تعلمني الأدب بأه!
مش كفاية إنك السبب إني اتحبس في البيت كمان بتتصل عشان تكمل عليّ!
- والله يا آنسة أميرة ماقصدت حاجة، أنا سألت عنك سيادة الرائد فقالي إنك تعبانة فقلت اتصل اطمن عليكِ.
- لا فيك الخير، شكرًا!
- أرجوكِ.. استني استني ما تقفليش!
- خير! في حاجة!
- إنتِ بجد مش جاية تاني!
- مش ده اللي انتو عايزينه!
-لا والله! كل الحكاية إن دي أول مرة نتحمل مسئولية مشروع زي ده وملزومين بموعد معين وانتو مش عايزين تفهموا بسهولة ولا تتعاونوا معانا.
- طب إحنا ما بنفهمش! في حاجة تانية عايز تقولها!
- يا بنتي اهدي! أنا مش قاصد كده، وبعدين بصراحة الشركة دمها تقيل أوي من غيرك و.....
وسكت عز وتوتر بشدة كما توترت هي أيضًا وحدث ذلك الإنجذاب المفاجيء وتلك الأخذة التي تخطف القلب فجأة فتلجّم اللسان.
وبعد صمت لفترة، تحدث عز: أميرة! إنتِ لسه ع الخط!
أجابت أميرة بشرود: هه! آه! إنت عايز إيه بالظبط!
قصدي...
- ممكن نعرف بعض أكتر!
فابتلعت ريقها ببطء ثم قالت متلعثمة بعكس طبيعتها تمامًا: نتعرف!
بدءا يتحدث كل منهما عن نفسه، ربما كان الوضع متوترًا في البداية لكن بعد فترة وجيزة صار كل منهما على طبيعته حتى أن وقت المكالمة امتد وامتد حتى أنذرت الهواتف بفراغ البطارية.
في المشفى كان سليم قد صار أفضل نوعًا ما، بدأت الزيارات تتابع عليه من الأهل و الأصدقاء، وبالطبع جواره سلمى لا تفارقه.
كان وليد عوني وشادي في زيارته تحدثوا في أمورٍ شتي حتى وصل الحديث عن الشركة وسير العمل فيها.
قال وليد: على فكرة يا سليم، البنات مش نافعة في الشغل في الشركة.
تابع شادي: إمبارح مسكوا في خناق بعض.
عقد سليم حاجبيه بانزعاج: معقول وصلت للخناق!
أجاب وليد: مش خناق بمعنى الكلمة، لكن تقدر تقول البنات مش فاهمة والولاد ماعندهمش صبر يفهموهم.
أومأ سليم بتفهم: كنت عارف إنهم مش هينفعوا بس ما رضيتش أحكم إنهم ما يجوش عشان ما يبآش في تفرقة.
تابع وليد: لا هم مش نافعين في شغل المقاولات نهائيًا، إيه رأيكم يكونوا مع شفق في المدرسة وأهي هتبقى معاهم!
تابع شادي: فكرة حلوة، بس أسأل سي أدهم الأول.
ضحك وليد بتسآل: اشمعنى!
أجاب شادي: هو شد مع اخته إمبارح، فرض عليها الإقامة الجبرية وحكم عليها ما تخرجش .
تابع وليد: لا بلاش الحاجات دي يا شادي، إنت أبوها و ولي أمرها مش هو.
أهدر شادي: بس هي زودتها وتستاهل بصراحة.
قال سليم: أدهم عاقل وبثق في تصرفاته زي يحيى بالظبط، بس ممكن تكلمه بينك وبينه يهدي اللعب شوية، البنات محتاجة لحنية وطبطبة من جوة البيت عشان ما تدورش عليهم في حتة تانية، أنا طبعًا ما قصدش حاجة.
أومأ شادي: عارف، بس أدهم غالبًا هيصالحها إنهاردة مش هينفذ العقاب بحذافيره يعني، تحسه بيضرب ويلاقي...
ثم أكمل بمزاح: بيطلع شغل المخابرات بتاعه علينا.
سأل سليم: طب نظامه إيه؟
وغمز له.
فضحك شادي: ياعم انت في إيه ولا في إيه!
قال سليم: عمومًا أنا مستني آخر الأخبار.
نظر وليد بينهما وقال بعدم فهم: وأنا مش فاهم حاجة.
ضحك شادي وتابع: هبقى أقولك بعدين مش عايزين نتعب الباشا.
أهدر سليم بمزاح: لا والله لسه فاكر!
فضحكوا، ثم قالت سلمى: على فكرة أنا قولت لسلمى تمسك شغل الأتيليه بدالي عشان لو في حد من البنات ليها ميول في الفاشون والديزاين.
أومأ وليد: هنشوفهم الاول... نستأذن بأه.
قالها وليد وهو ينهض واقفًا، وقف شادي هو الآخر قائلًا: أيوة يادوب، عمر هيجي يطردنا عل قعدة دي كلها.
واستأذن الرجلان وانصرفا.
بينما هما يخرجان من باب المشفى إذ جاء أدهم و يحيى لزيارة سليم، تقابلوا جميعًا عند المدخل، وقفوا بعض الوقت ثم اتجه الرجلان للخارج والشابان للداخل.
كان يحيى يبحث عن أخيه أو عمه أولًا ليسأل أيهما عن حالة أبيه، فوجد سليم أخيه فوقف ليطمئن منه عن والدهما وكان معه أدهم.
وبينما هم كذلك إذ جاءهما دكتور إياد تتأبطه زوجته دكتورة مريم .
( من أبطال رواية قبل نهاية الطريق)
فسلّم سليم على إياد بحرارة بينما كان أدهم يدقق النظر نحو مريم فانتبه له إياد وقد أثار ذلك غضبه.
فقال أدهم: دكتورة مريم مش كده!
فهزت برأسها أن نعم بهدوء وقالت: أيوة يا فندم، معقول لسه فاكرني يا سيادة الرائد!
فانتبه أدهم لنظرة إياد التي تفترسه وأكمل: رغم إنك حديثة التخرج لكن عجبني شغلك جدًا ودي حاجة نادرًا ما بقررها، حقيقي شغلك دقيق ومنتظر ليكِ مستقبل هايل في الطب الشرعي خصوصًا بعد القضية إياها.
أومأت مريم بسعادة: ودي شهادة عظيمة من حضرتك.
ثم إلتفتت لزوجها الذي شعرت به يكاد ينفجر: ده سيادة الرائد أدهم ظابط في المخابرات واشتغلنا مع بعض قبل كده.
فتصافحا الشابان ولازال إياد يود إفتراس أدهم لكن أدهم يشرد بناظريه في إتجاه آخر، نظر بعينينٍ لامعتين مبتسمتين، في حالة لم يُرى أدهم عليها من قبل مما جعل يحيى ينظر نحو نفس الإتجاه.
كانت ندى قادمة تاركة لشعرها العنان يتطاير خلفها منسدلًا مثل الشيكولاتة فهو بلونها وبنفس نعومتها، تتألق بفستان فيروزي سبرين من العنق وضيق حتى الخصر ويهبط بإتساع حتى الركبة وحذاء أسود ذات كعب عالٍ، يرن صوته في أرجاء الطرقة، معلنًا عن قدوم أنثى قوية واثقة من نفسها.
كانت قادمة تحمل في يدها باقة من الورود، تخلع باليد الأخرى نظارتها الشمسية لتظهر زرقاوتيها وتضعها في وسط شعرها لأعلى.
بالطبع هذه المرة الأولى التي يراها أدهم بتلك الطلة الأنثوية البحتة التي، لأول مرة تهزم حصون ذلك القلب القوي وتجعله ينهار مكانه.
فاتجه أدهم نحوها وهي قادمة ولأول مرة يفقد السيطرة على قلبه، كان متجهًا نحوها بإبتسامة رائعة لم تراها منه من قبل خطفت قلبها فجأة هي الأخرى.
حاولت تجاهله لكن ما كانت لحظات حتى وجدته واقف أمامها فوقفت في حالة من التوتر الشديد فأسند بيده على الحائط فصارت محاصرة بين ذراعيه ولازال يتطلع لها وهي لا تدري لأين تهرب منه؟!
همس أدهم: هو القمر بيطلع بالنهار ولا إيه!
أجابت ندى بتوتر: هو حضرتك سيادة الرائد ولا حد شبهه!
- طب لو يخلق م الشبه أربعين، لكن الإحساس إيه!
تابعت ندى بإضطراب من جراءته تلك: إنت كويس!
- هتكدبي إحساسك ولا حاجة!
كانت ندى تشعر بحرجٍ شديد و لاتدري ماذا تفعل! ولا كيف ترد! وكأن أدهم السخيف الجامد قد تبدل بآخر عاشقًا متيّمًا.
أهدرت ندى بإضطراب: لو سمحت، كنت عايزة أعرف أوضة أونكل سليم فين؟
- أونكل سليم! طب أروح أعمل عملية أنا كمان عشان تيجي تزوريني؟!
- بعد الشر... قصدي.... ممكن تعديني الشكل كده مش تمام.
فمسح على جبهته بطريقة جذابة ثم أفسح لها الطريق قليلًا لتمر من جواره فاشتمت رائحة عطره المميز فازداد ارتباكها خاصةً عندما وجدت يحيى متابعًا لهما بإبتسامة ماكرة.
بينما كان إياد يتحدث مع سليم بعد أن إطمأن من انشغال أدهم عن زوجته وفي نفس الوقت لحقت بهم رقية والتي ما أن رأت مريم حتى تعانقتا فهما صديقتا الدراسة ثم اتجهوا جميعًا نحو غرفة سليم..................
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro