(11)
بقلم :نهال عبد الواحد
دخل شادي شقته فأسرعت نحوه ياسمين.
أهدرت ياسمين بقلق: طمني على سلمى!
أجاب شادي بتعجب: قصدك سليم، هو اللي عمل العملية إنتِ سألتي السؤال غلط!
- عارفة والله! بس سلمى متعلقة بسليم زيادة عن اللزوم فخايفة عليها.
- زيادة عن اللزوم! عمومًا سليم بايت في العناية المركزة إنهاردة تحت الملاحظة وسلمى داخت كام مرة وزمانها بأت كويسة.
- أنا كنت عايزة آجي معاك وانت ما رضتش.
- يا حبيبتي إحنا متوترين والجو مكهرب وانتِ مش بتعرفي تتصرفي في الأجواء دي، يبقى......
وهنا فُتح باب الشقة ودخل أدهم وأميرة و وجههما عابس.
قال أدهم: السلام عليكم.
نظرت ياسمين بينهما وأجابت: وعليكم السلام ورحمة الله، مالكم!
تابعت أميرة: سيادة الرائد بأه حاجة لا تطاق، شغال أوامر وحاجة تزهق.
صاح أدهم: أنا لحد دلوقتي ماسك أعصابي عليكِ، يا ريت تسكتي عشان ما ازعلكيش.
تسآل شادي: هو إيه اللي بيحصل بالظبط!
أجابت أميرة بغضب: كل حاجة يعيب عليّ .
فصاح فيها أدهم بغضب: إنتِ زودتيها كتير، ومش عايزة تعترفي إنك غلطانة، إنتِ مش عيلة صغيرة عشان تهزري مع ده وده وترمي كلام هنا وكلام هنا.
تابعت أميرة: أنا ما غلطتش وبتصرف بطبيعتي، هو لازم يبقى دمي تقيل وكئيبة زيك!
تابع أدهم بصياح: لا بس ما تفتحيهاش عل بحري، لأن ساعتها بيكون الهزار بتاعك ده مجرد سخافة، ومش معنى إن يحيى بيسكتلك إنك تسوقي فيها وبعدين عز ما يعرفكيش عشان يتقبل سخافتك.
أجابت أميرة بتهكم: بتتكلم كأن حد إشتكالك مني!
- وانتِ عايزاني أستنى لما حد يشتكيلي ويقولي أختك عملت وأختك سوت!
تحدث شادي: إسمعي الكلام يا ميرا وخفي شوية!
أكملت أميرة سخريتها: لا ما يصحش طبعًا يا سيادة الرائد، إزاي حد يتجرأ وينتقد معاليك؟!
صاح أدهم: مش هقول غير لمي الدور يا ميرا عشان ما تزعليش!
- وأنا ما عملتش حاجة غلط.
- طيب يا ميرا مفيش مرواح للشركة تاني ولا خروج برة باب الشقة لأجل غير مسمى حتى لو مسافر و وريني هتكسري كلامي إزاي! تصبحوا على خير.
وانصرف أدهم فصاحت أميرة بتذمر: إزاي تسكتله كده يا بابي؟!
- إنتِ غلطانة واستفذتيه، اشربي بأه! أنا داخل أنام عندي محاضرات الصبح، تصبحوا على خير.
تابعت ياسمين: إنتِ اللي جبتيه لنفسك، شوفي هتصالحي أخوكِ إزاي! تصبحي على خير، استناني حبيبي جيالك.
انصرف الجميع وتركوها تزداد غيظًا وتشتعل غضبًا.
وفي بيتٍ آخر من نفس الليلة وصل عليّ لبيته، وجد راضية تنتظره ومجرد أن دخل أسرعت نحوه تسلم عليه: حمد لله على السلامة حبيبي.
- الله يسلمك راضيتي.
- كلمتك كتير انهاردة.
- معلش حبيبتي كان عندي جراحة قلب مفتوح إنهاردة ونسيت أفتح الموبايل بعد كده.
- صحيح، مش ده شريك بشمهندس وليد عوني باين!
- أيوة هو.
- طب اغسل إيدك وهجهز العشا.
- بس....
- مفيش بس، إنت هلكان اليوم كله وأكيد ما حطتش لقمة في جوفك، كل ونام، بالحق الولاد اتصلوا إنهاردة بيسألوا لو جايين قريب قلتلهم حسب ظروف أبوكم.
- خليها أدام شوية هيبقي عندي مؤتمر هناك في كندا نبقى نروح بالمرة.
ودخل يبدل ملابسه ويغسل يديه وقد أعدت زوجته الحنون الطعام وجلسا يأكلان معًا.
يا له من يومٍ طويل!
لكنه لم ينتهي بعد،
نهضت سلمى من فراشها بالمشفى تحاول الوقوف فلحقها إبنها سليم: على فين يا ماما؟
- رايحة عند أبوك.
- مش هينفع هو في العناية المركزة والزيارة بمواعيد ومش مسموح بالزيارة أصلًا.
- مش انا اللي يتقالي الكلام ده، انا رايحة دلوقتي.
- يا ماما انتِ تعبانة.
وهنا دخل عمر فقال: في إيه!
قالت سلمى: اخواتك روحوا!
أجاب سليم الإبن: آه يا ماما بس اهدي وخليكِ مرتاحة.
- وديني عند أبوك وروح انت، أنا هرتاح هناك.
- يا ماما......
تابع عمر: خلاص يا سليم وديها!
بالفعل نهضت وأمسكت بيد إبنها حتى وصلت إلى العناية المركزة ثم أشارت لإبنها بالإنصراف ثم اقتربت أكثر وهي تنظر له وهو نائمًا ساكنًا موّصلًا بأجهزة وأسلاك.
جلست جواره، أمسكت بيده وانحنت تنهال عليها بالقبلات وهي تقول ودموعها تتلألأ: صعب عليّ أشوفك نايم كده يا حبيبي، صعب عليّ أكلمك وما تردش عليّ، بس انت سامعني، نام وارتاح واصحى كلمني ورد عليّ، أنا هفضل مستنياك يا عمري.
وأصبح الصباح ومرّ عليه الدكتور عليّ واطمأن على حالته و وصل الأبناء الأربعة و عمهم عمر وظلوا مع والديهم.
بدأ سليم يحرّك جفنيه قليلًا ويصدر أنينًا فازدادت نبضات قلب سلمى وسرعة تنفسها ودموعها تنهمر لا تدري لماذا.
وبعد قليل نادى قائلًا بضعف: سلمى! سلمى!
فردت الزوجة والإبنة معًا بصوتٍ واحد: نعم!
قال يحيى لأخته: ما يقصدكيش انتِ على فكرة.
تابعت سلمى الإبنة: ليه يعني؟! ده أنا حتى بنته حبيبته.
ثم قال سليم وهو يهزي بصوتٍ ضعيف: إنتِ عارفة يا سلمى إيه مشكلتك! إنك مش بتثقي في أي حد ولا أي بداية.
فابتسمت سلمى، ثم قال يهزي: مش مصدق يا سلمى إن الحلم اتحقق، كنت لآخر وقت بحسبك هتقومي تفركشي كل حاجة.
ثم قال: ليه يا سلمى تحطيني في الإمتحان الصعب ده! ليه تحسسيني إني عاجز وأنا شايفك بتضيعي مني ومش عارف أعملك حاجة!
فترقرقت عيناها بالدموع، فقال: بحبك يا شعنونتي.
فابتسمت من جديد وأجابت: وانا كمان...
كان الجميع يسمع ويتابع ملامح وجه سلمى دون أن يفهم ماذا يجري لكن يبدو أنه يسترجع كل ذكرياتهما معًا.
قال سليم: فكري يا سلمى! فكرررررري!
فضحكت، ثم قال: أنا دلوقتي حالًا هفحصها وأشخص الحالة.
فضحكت سلمى بشدة، وقال: إيه رأيك في النيولوك ده بأه!
أجابت وهي تضحك: يجنن طبعًا.
ثم أشارت لهم أن يخرجوا جميعًا فنظروا لبعضهم البعض ثم اضطروا في النهاية للخروج.
وما أن خرجوا جميعًا من الغرفة حتى قابلوا وليد الذي جاء توًا.
نظر وليد بينهم بقلق وتسآل: إيه في إيه!واقفين كده ليه؟! سليم ماله!
أجابت رقية: بابي بخير والله يا أونكل! دكتور عليّ مر عليه وطمنا خالص وبدأ يفوق فعلًا بس هو قاعد مع مامي دلوقتي.
أومأ وليد بعدم فهم: في حاجة معينة!
أومأ يحيى مبتسمًا: لا حضرتك أصل بابا لسه بيخترف من البنج و عمّال يقلّب في الدفاتر القديمة فماما طلعتنا برة عشان الشكل العام يعني.
فضحك وليد وقال: هيخرج عن النص يعني!
أجاب عمر ضاحكًا هو الآخر: شكله كده.
وبعد فترة من الهذيان وسليم يردد مقولات لذكريات بينه وبين سلمى بعضها مؤلم، بعضها مضحك وبعضها خاص وهي تسمعه وتجاريه، حتى وجدته ينادي عليها عدة مرات متتابعة وهي تنتظره يكمل ما يحكيه لكنه لازال ينادي فإلتفتت إليه فوجدته فاتحًا عينيه فابتسمت، ضمت يده، انهالت بالقبلات عليها وعلى جبهته و ودت لو تضمه كله لكن قد خشيت عليه من أثر الجراحة.
أهدرت سلمى بسعادة ترقرقت معها عينيها: حمد الله على سلامتك يا حبيبي، ربنا مايحرمني منك وتفضل جنبي منور حياتي يا كل حياتي ودنيتي.
أجاب سليم وهو يربت عليها ويمسح دموعها: الله يسلمك يا قلبي! إنتِ كويسة!
فهزت برأسها أن نعم بإبتسامة دامعة، فقال: فعلًا!
- أيوة صدقني، أنا بآيت بخير أول ما فتحت عيونك.
فقال بمكر: عشان كده فضلت أنادي كام مرة وانتِ ولا على بالك يا هانم!
- لا أبدًا، كل الحكاية إنك بآلك ساعة بتخترف من البنج فبحسبك لسه مكمّل.
- ساعة بخترف!
- يووووووووه!
- عكيت!
- كتيييييييير!
- خبر أسود!
- اطمن أول ما لاقيتك كده خرجتهم كلهم برة عشان تاخد راحتك.
- طب الحمد لله! عكيت أوي يعني!
فضحكت بشدة، فقال بمكر: طب احكيلي كده عكيت إزاي؟!
فجلست جواره تخبره بما قاله فيضحك أو يشرد وظلا معًا هكذا يتذكرا و يتذكرا.........................
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro