الفصل السادس عشر
جلست يارا على جانب السرير و نظرت لمُنر بقوة و بدأت بجِد تداركه الأخر
"عملت كدة ليه؟"
"تقدري تقولي مش قادر استحمل أنها بعيدة عني"
"تقوم تستغل طيبتها" استنكرته و لا يقل اتهامها ابدا. تنهد مُنذر و سحب كرسي المكتب ليواجه السرير و جلس عليه
"يارا، أنا مقدر خوفك لانك عارفة الماضي بتاعي و عارفة أني السبب الرئيسي فى الى نجم عمله بس أنا بحبها، و عاوزها تكون جنبي عشان احميها من كل ده... الأهم بقى أني اعوضها عن كل الى فات" نظر لهارون طالب العون و قد تدخل فعلاً بقوله
"يارا أنتي عارفة أن مُنذر اتغير و أنا اتغيرت معاه-"
"و هو السبب الأول فى الهمّ إلى احنا فيه دلوقتي" قاطعته يارا بحدة و حل الصمت، ابتلع مُنذر غصة ذلك الواقع و شحب وجهه بينما ينظر للأرض و هارون تبعه الحركة يتذكرون سوءات ماضيهما، عاصي فيما هي عليه الآن لأنهما ارشدوها لهذا الطريق. أخذت يارا نفس عميق بعد دقيقة كاملة من الصمت يجهل كل منهم ما يقول
"مُنذر أنا عاوزة منك حاجة واحدة تضمن أنك مش هتأذيها" صمت مُنذر و ظل ينظر خلفها للساعة التى تدق مع كلمات حاسمة يختارها عقله بعناية
"معنديش..." شهق هارون و نظر له بصدمة بينما شعرت يارا فجأة أنها صفعت بأكثر إجابة غير متوقعة "و هبقى كداب لو قلت أن عندي. يا عالم بكرا إيه هيحصل، أنا حتى مش ضامن هعيش بكرا ولا لأ، فمش حضمن مستقبل بعيد. أنا ممكن ارجع اشرب تاني، اخونها، أطلقها لما نتجوز... ممكن حاجات كتير أوى معرفهمش بس يارا... يارا أنتي حبيتي و هتفهمي لما اقولك أنها شخص أنا عايز اعمل المستحيل عشانه."
"كلام كلاشيه أوى" قال هارون بين صدمته لتبتسم يارا بينما يحاول مُنذر الابتسام على المزحة عديمة المعنى لكنه أكمل
"أنا عارف اني هجرحها بلا شك يوم ما، هنتخانق و ده هيجرحها بس ديه سُنه الحياة و حياة أى اتنين عايشين مع بعض حتى الاخوات" رويداً رويداً وجدت يارا نفسها تبتسم و تومئ بينما تقف
"ماشي يا مُنذر، مش هحكم عليك من ماضيك و هصدق أنك اتحسنت زى هارون، لأ و حوصي بابا عليك"
"الله أكبر، يحيا العدل!" ضحك الإثنان على هارون الذى هب يعانق مُنذر. خرج مُنذر و وجد أن عاصي نزلت لأحد دروسها لذلك ترك لها رسالة مع هارون و رحل. طوال المساء ظلت الأم تعد حقيبة ملابس ابنتها بمساعدة عاصي ثم قبل نومها أخذت تعطيها ما تعطي الأم من نصائح لابنتها قبل زفافها.
.
.
فتح هارون الباب لفِراس و نظر فى ساعته
"عشرة بالدقيقة، يا أخي مش لازم الالتزام ده" مازح ليبتسم فِراس ثم يصافحه بينما يدخل الشقة و ينظر خلف هارون ليتأكد من عدم وجود أحد بينما يجيب
"مش عاوزها تكون هنا لما حازم يوصله الخبر" اعاد نظره لهارون "حازم مش هيجبها لبر فعلى الأقل يوم ما يفكر يأذيها أكون جانبها"
"صباح الخير يا فِراس" اتجه فِراس و القى التحيه على والدة يارا المبتسمة "مواعيدك سيف"
"فى عروض الازياء الثانية بتفرق" ضحكت الوالدة بخفه و هى تشير له بالدخول "عروستك فى الأوضة جوا" أومأ فِراس و دخل حيث ارشدته فوجد يارا تجلس القرفصاء أمام عاصي يلعبن بالكوتشينا لمحته عاصي أولاً فابتسمت
"صباح الفل" التفت يارا و كان أول ما رأت هو عينه فاعادت نظرها لأختها فى لحظتها و أحمرت وجنتيها لكن عاصي ابتسمت و وقفت للخروج. جلس فِراس أمامها و بدأ فى لكنته الخليجية
"مستعدة للرحيل؟" لم ترفع يارا نظرها له على الاطلاق لكنها اومأت و أشارت بيدها السليمة نحو حقيبة سفر مغلقة
"ماما جهزت شنطتي"
"تمام... بنتظرك بموقف السيارة" نزل فِراس بحقيبتها ليضعها فى حقيبة سيارة مالك التى استعارها لليوم. خرجت يارا و كانت أول من احتضنت هى والدتها فى عناق طويل ثم هارون
"خد بالك منهم" أخيراً كانت عاصي التى لسبب ما أطالت عناقها و أدمعت كلتاهن بينما قالت عاصي
"تنسيش كلامنا امبارح، و أوعدك أنا كمان مش هنسى" اومأت عاصي و شعر هارون بالضيق فى الهواء، مشكلة وجوده بين ثلاثة نساء هو المشاعر الفائضة التى تحرق الهواء فقام بالمزاح
"والله و بقى فيه كلام من ورايا، ماشي يا يارا مش مسامحك" ضربته يارا على كتفه بخفة ثم نزلت للسيارة وحدها. ركبت بجانب فِراس فى قيادة صامتة حتى سألها
"بجيب الغذاء من مطعم، شو تبغين؟"
"أى حاجة" توقفت السيارة مع غلق الإشارة فنظر لها فِراس و تابع الدموع فى عينها و رأسها مستند على الزجاج منذ ركوبها مع يدها المتشابكة بالاخرى. لم يفهم من مشاعرها سوى الحزن و ربما الخوف. لا يلومها فكل شئ حدث فجأة لذلك ابتسم و منع نفسه من وضع يده فوق خاصتها ليطمئنها حتى لا تشعر بالضيق و عدم الراحة
"يجيب فراخ مشويه إن شاءالله تعجبك" اتجه إلى المطعم و ركن السيارة ثم غاب نصف ساعة لكنه كان يراقبها من باب المطعم فوجدها تبكى بينما تنصت لأغنية ما. حين عاد كانت فى حالة افضل لكنه مازال يتابع الصمت حتى وصلوا شقتهم و خرج من الاسانسير ليفتح الباب و تدخل هى أولاً. توقفت فى منتصف الصالة تنظر حولها، الشقة ليست فاخرة أو كبيرة لكنها بسيطة و جمالها هادئ بأثاث جيد الحالة.
"يلا نغير عشان ناكل" وضع الطعام على طاولة الطعام ثم التف لينظر لها بعدما توقفت عن تفقد الشقة و أكمل "غرفتنا بأخر الكوريدور ده" رأى فِراس انتفاضتها و الخطوة التى أخذتها بتلقائية تامة للخلف لذلك بين شعوره بالضيق لأنها ليست على راحتها وجد نفسه يبتسم من حياءها. أشار على باب اخر
"لو ما بدك، فيه غرفة أضافية بالبيت، وين حط حقيبتك؟" أشارت يارا إلى الغرفة الاضافية بسرعة فلبى فِراس طلبها. دلفت للغرفة و أغلقت خلفها الباب بينما فرش فِراس الطاولة و جلس ينتظرها إلى أن خرجت و كانت صدمته التى ضيقت أنفاسه، لقد خرجت بملابس خروج و حجابها لم يفارق رأسها و اتجهت فى صمت تام للجلوس على الجانب الآخر من الطاولة. ظل فِراس ينظر لها لثواني يشعر بالغصة التى تطغى على الأكسجين و كم أراد الاعتراض على هذا الحجاب لكنه لم يجد كلمات و لا يرغب فى الضغط عليها لذلك حمحم و قطع من الفراخ ليمدها لها. بين الطعام حاول فتح أى حوار لكنه فاشل فى ذلك لذلك كان الصمت. و كان الصمت أيضا فى مكتب اللواء المسؤول عن حازم حيث حضر حازم من مكتبه ليجد هارون و مُنذر و والد مُنذر جالسين
"أى أوامر يا سعادة اللواء؟" سأل حازم مع دخوله لكنه سريعاً ما نظر لهارون بشئ من التعجب و الإستفسار
"لا... اعرفك بس سيادة العميد محمد و ابنه مُنذر و اكيد انت عارف قريبك هارون"
"اكيد" أجاب حازم ببلاهة. وقف هارون و اتجه ليقف أمام حازم بابتسامة
"كنت جاي أعزمك على حفلة كتب كتاب يارا يوم التلات" عقد حازم حاجبه و سأل
"إيه يا هارون بتعزمني على كتب كتابي، و بعدين يوم الخميس" أخرج هارون من جيبه دبلة يارا و أكمل
"لا يارا اتكتب كتابها على فِراس امبارح خلاص" مد يده بالدبلة تحت أنظار حازم المصدومة رويداً فرويدا باتت تشتعل بنيران الغضب "عازمينك بقى على الحفلة"
"هارون أنت-"
"و كنت عاوز ارجعلك ده" عض حازم على شفته و اشتدت قبضة يده و هو يرى السي-دي فى يد مُنذر التى يشير عليها هارون. ثانية و كان السي-دي عبارة عن نصفين و ابتسامة ساخرة على وجه مُنذر زادت من لهيب حازم. مد حازم يده ليمسك برقبة هارون فانتفض اللواء و زجره
"حازم! أنت أتجننت" تراجع حازم فوراً و أعتذر للواء لكن طرف عينه كان مع هارون "اتفضل يا سيادة الرائد على مكتبك! و حسابك عسير" عصف حازم للخارج و قصد غلق الباب بغضب خلفه، أعتذر اللواء عن تصرف حازم ثم صافح العميد فى النهاية و هو يقول له
"حضرتك أكيد هتشرفني النهارده فى حفلة ترقيتي" ابتسم اللواء و هز رأسه بالنفي
"معلش يا محمد بس أنا عندي خطوبة بنت أختي"
"مبروك يا باشا" عانق الرجلين بعضهما ثم عانق مُنذر اللواء فهو فرد من أسرة الجندي
"الله يبارك فيك يا محمد عقبال مُنذر. على أى حال هشوف طلبك ده"
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro