Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

رذاذ، طفرةٌ جينيّة، صدًى خفيّ

ظهيرةَ الأحد

يقفُ شامخًا كمن يأبى التزحزُح، تأكّدَ وأكّدَ للجماهير المتجمهِرة المُتَرَقِّبة بعدم إقدامهِ على ما يُرجى، والأعجبُ أنهم تأكّدوا أكثر منهُ بأنه سيبدّل رأيهُ تبديلًا عمّا قريب.

ذلك الملاكمُ المخضرم، وسط الحدَث الأهم من اختيار أريام لتصبح احدى وصيفات الملكة، رغم افتقارها لثلاثة سنتيمترات من الطول المطلوب. لم  يفسّر أحدٌ للأجنبيَّين ما يجري، كلُّ ما عرفهُ ذِياب من هَجْر هو أنهُ سينازلُ رجلًا في مباراته مع جلالتها، ولا  يزال عقلهُ يصدّ تلك الفكرة صدًّا ويتعطّش لامتصاص تفسيرٍ منطقيّ.

اهتمت ياقوت بتجهيز حلبةِ اليوم الموعود على أتمّ وجه، مما يضمن سلامتها كليًا، سواءً كانت سلامةً جسدية أو بصريّة، فالمظاهر بالنسبة لها لا تقل عن البواطن أهمية.
جلست على مقعدٍ أمام الحلبة بانتظار إخطارٍ ما لبدء النزال، مسترخيةً تُخضِعُ الساقَ تحت الأخرى، ترقّبا كثيرًا وتأخّر الوقت عن الموعد بحوالي الساعة، ما الذي ينتظرونه بالضبط ولا يفهمهُ لا هو ولا الوصيفةُ القصيرة؟

اقتطعَ توتّرهُ إفصاحُ مَن تحدّته: إن انتصرتَ سأدعوكَ على مائدتي.

-مع أننا لن نتبارى، لكن فلتكُن خاليةً من الدهون من فضلك.
واثقًا استطرد.

-تبدو كالتي تُظهِر أنها لا تأكلُ كثيرًا لتعجبَ خطيبها.
أتبعَ سخريتها بضحكةٍ صامتة.

احتاجت القاعةُ إنارةً برَغم النهار، الغمائم الداكنة تحيط بالقصر الياقوتيّ وبالعاصمة بأكملها، تبيّنَت صبغةُ السماء الذابلة عبر النوافذ الزجاجيّة. تأمّلت ذاكَ ذاتُ الغُرّة بينما تسمع بعض سيدات البلاط المُتهامِسات حول استغرابٍ أبدَينهُ من قبولها، حتى مع امتلاكها لغُرّةٍ تعجزُ عن إخفائها، أين النظام المعهودُ من الملكة حول هوسها بالترتيب في كل شيء؟ وهي الآن توظّف أجنبيّةً بهذه البساطة في مكانٍ تتمنّاهُ ألفُ مواطِنةٍ ياقوتيّة عاطلة.

قطرةٌ تعقبُ قطرة، ثم هَوى الرَذاذ، اتّسعت ابتسامةُ سموّها بشكلٍ تقشعرّ لهُ الأبدان، أبدَت بهجةً تغمرُ هالتها كأن المطرَ جاءَ فرَجًا ولو كان وشَلًا، أما الخصيمُ فقد أبدى ارتعابًا مما شهدَ تاليًا.

اشتدّ كتفاها المكشوفان حتى عرُضَ منكباها، ولا تحدّثني عن ذراعيها فإنهما أدهى، أخذَ جسدها وقتًا في التبدُّل حتى ضاقَ زيّها مع أنهُ كان واسعًا جدًا قبل قلائل، فإن كان السابقُ أدهى فالتالي أمَرّ، احتدّ فكّاها وبرزَت شرارةُ مقلتَيها.
مهما فركَ ذِياب عينَيه ومهما كذّب المنظر، فهو حقٌّ ولا رَيب، اللبوةُ أمسَت أسدًا، إن لم يكن أهيَبَ.

كذبتَ كثيرًا في حياتك يا ذِياب، لكن لن يسعكَ هذه المرة أن تكذب حول كونكَ خائفًا من الرجلِ الذي وعدكَ هَجْر  بمنازلته، ياقوت الملكة صارَت لطيفةً حقًا في مخيّلته مقارنةً بياقوت الملك، هذا الوحش المُحاط بهالةٍ حمراءَ حادّة.

يبدو أن الوقت قد حان لنتوقّف عن تأنيثِ اللفظ عن جلالتها... عفوًا، جلالته.

-

في هذه الأوقات يُفَضّلُ أن يتم تعليق لافتةٍ على باب مخدَعِ هَدَب تُفيدُ بعدم الاقتراب، فالنحيبُ والعواءُ الصادر من هنا يكاد يزلزلُ الأرض ويفجّر الزجاج.

يمسحُ الوزيرُ الوقور على ظهر الباكي أسفل الغطاء، الذي رفضَ مغادرةَ الغرفة منذ عرف بأن اليوم هو المُبَشَّر بالغَيث، وكاد مُزدَلِف يَيأسُ من إقناعهِ بأن يعود لأعمال الملك التي لا تُفَوّتُ دقيقةً إلا وقد دُمِّرَت البلاد بالكامل، لكن لا حياةَ لمن تنادي.

-مُزدَلِف... لمَ لم يهطل المطرُ إلا في الوقت الذي وصل فيه فستاني الجديد؟
قالَ بينَ الأنين، ذاكَ الملكُ المسكين.

في لحظتها تذكّر المدعوّ نسيانهُ إخبارَ سفيرتهم الأجنبية بأنّ التوأمَينِ ابنيّ دِرياس الثامن لم يكونا متشابهَين فقط في هيامها بعَين الفتاة، بل ملكا نقطةً مشتركةً أخرى ألا وهي الطفرةُ الجينيّةُ التي ورّثاها لنسلهما بتَبدُّلِ جنسهما كلّما هطَلَ المطر.

-سموّك، البلادُ مليئةٌ بالجوعى والفقراء وأنت هنا تبكي على فستانك؟ استرجل من فضلك.
نطقَ بها تزامنًا مع طرقِ الخادمةِ للباب تُنبّئهما بحضورِ ضيف، ومن عساهُ يكون غير عُود؟

نطَّ الملكُ الأشهب من فراشهِ وأسرعَ بثياب النوم لهفًا لاستقبال الرد من البلد المُعادي، ليلحق بهِ مُساعدهُ كالأمّ تخشى من أن يرتكبَ طفلها مصيبةً.

قابلا الغِربيبةَ في صالةِ العرش لتُبصِرَ فورًا مظهر هدَب المثير للشفقة، لطالما انتابها الغثيان حينما تراهُ رجلًا، خاصةً لحظةَ تقارنهُ بياقوت.

اعتلى المنصّةَ فجاورهُ صاحبُ الشِفةِ المميّزة، طلبَ منها الإسراع في البَوح فلَبّت: أودعتُ كومةَ الزعفران المهداة منهم في بيت المال، فأمّا الأجنبيّان فقد شكّوا بأمرهما  وفضّلوا إبقاءهما داخل القصر.

-أخذوا طفلتي!
صاءَ حسرةً ودفعتهُ الصدمةُ ليُغمى عليهِ بين يديّ مُزدَلِف الذي خاطبه: تماسك يا مولاي!

-لا يجب أن يطول ذلك، سرعان ما سيقتنعُ ياقوت بعقد الصُلح، إنما عليكم كسبُ ثقتهِ أولًا.
ثم أشارت لعُوص بالرحيل معًا، كانت تقرأ في عيون الوزير كم يودّ أن يغادرا سريعًا، ربما لئلا يروا الملك بهذا الحال المزري، وربما لأنه يشك بخيانتها، كل احتمالٍ وارد.

فورما انصرفا وتأكّد جلالتهُ من خلوتهِ بمُزدَلِف دونما  رقيب، استعانَ بثوب السكرتير اللازورديّ ليستقيم مصطلبًا، فيُرجع خصلاتهِ الثُلاجيّة خلف أذنهِ المسمرّةِ فتستَبينَ نواجذهُ مُبديةً البشاشة، إذ همسَ فكاد رأسهُ يخترق السقف سعادةً: كما خططتُ تمامًا.

-

اتخذ الخصمان وضعية الاستعداد، التحكيمُ بيدِ هَجْر، وجلّ الحضور يتوقعون نصرًا للملك، فأما الآخرُ لا يطيق صبرًا سماعَ الإشارة، لطالما ودَّ لو يردّ الإهانة التي تلقّاها من ياقوت، وهذه فرصته الشرعية لذلك، واطمأنّ أكثر فازدادت نشوتهُ حالَ بثَّ الأسد: إياكَ أن تتهاون.

ما أكّدَ لهُ المعجزةَ التي شهدها أكثر من العقيرةِ التي صدرت قبل قليل، كان صوتهُ عميقًا يخرجُ من أصلِ فؤاده، ولهُ صدًى خفيّ.
اكتفى بالابتسام كإجابة، ما كان له أن يفعل أبدًا، خاصةً أن الحنينَ اجتثَّ منهُ التردّد، فلربما هوايتهُ هذه هي الأمر الوحيد الذي يسرّهُ استردادهُ من الماضي.

دُقَّ الطبلُ فدَوّى، ولعلّ صاحب السموّ لم يصدق خبرًا، ليهجمَ بشراسةٍ فسدّدَ لكمةً شنّجت فكَّ مدرّبه لوهلة، والذي عجبَ من كم كانت هذه الضربة تزنُ أضعافًا مضاعفة من جميع ضرباتهِ السابقة، ضرباتهِ حين كان امرأة.

صُدِمَ المدرّبُ لأنهُ لم يتوقعها وهذا لا يعني أنهُ ضعُفَ أمامها، واستجمعَ كلّ بُغضٍ أكنّهُ لهُ يومًا ليباشر بصدّ هجومهِ التالي بصلابة، ثم يكتسح بردّهِ الساحة.

بالنسبةِ لياقوت الذي تذوّق القوة الحقيقية لذِياب لأول مرة فقد اعتراهُ الاتّقاد، وهذا ما كان ينقصُ علي بابا الملاكم، فالجنونُ دفعَ الملك ليستهدفَ نقطة ضعف مُنافِسِه التي ارتكزت في جدارهِ الحاجب، حينها فقط انبغى على المُنافِس إدراك كم بلغت ساديّةُ والي هذه البلاد، فقد لبثَ على الأرض غيرَ بعيد تحت الثواني المعدودة على لسان الحكم.

سرعان ما نهضَ وركّزَ على حمايةِ نقطةِ ضعفه قبل أيّ شيء، ولسوء الحظ فقد انخفض مستوى هجومهِ بسبب  ذلك، وكلّ ما استطاعَ فعلهُ هو ردعُ هجمات ياقوت المُتواتِرة، دون أن يخمّن ما تلا.

بصورةٍ فاجأت الجميع أنَّ الملكُ بعد لكمةٍ رُدِعَت بشدّةٍ بذِراع ذِياب، وجثا قابضًا معصمهُ الأيمن، فاستوعب الآخر ما يجري ليتذكّرَ كلاهما حين قال أحدهما للآخر (لم تكُن قبضتكِ موازيةً لساعِدِك. عدمُ جعلهما في مستوًى واحد يمكنهُ التسبّبُ في إصابةِ الرَسغ) ولم يكن ياقوت مجيدًا لوضعيةِ اللكم الصحيحة بعد، فالآنَ حصحصَ التعليلُ مفيدًا بأنّ رسغهُ قد كُسِر.

هوسُ الكبرياء لدى جلالته جعلهُ يشعر بالإهانة وقتما سمع هَجْر يعدّ له، فزأرَ قائمًا منتصبًا بجُموح آمرًا إياه أن يخرس، ولعلّ قلب الحَكم الصغير توقف لحظةً.

أصبحت الكفّة متوازيةً الآن، لكليهما نقطةُ ضعفٍ يحميها.

ازداد احتدام المباراة، توقُّع الفائز كان صعبًا، لكن يبدو أن المتمرّسَ الخبيرَ لهُ الأولويّة غالبًا، فبعد تسديدةٍ قاضية وجّهها ذِياب نحو جذعِ الملك... بورِكَ له.

خرجَ الاثنان بإصابات منتشرة في أنحاء جسدَيهما، إلا أن ياقوت حصل على النصيبِ الأوفى من الرضوض، فإضافةً  لكسر رَسغهِ اضطُرّ لاستخدام عكّاز للمشي بسبب الرضّةِ البليغةِ المتوسّدِةِ في جذعه، موضعُ الخسارةِ بوصفٍ أدقّ.

[١٠٩٠.ك]

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro