Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الأخير

-قد غدَت الأمور رأسًا علي عقِب خلال مُدّة تعافيها جرّاء إجازتها المرضيّة لإتمامها عملية الاستزراع القلبية التي دامت فيما يُقارب اثنتيّ عشر ساعة متواصلة تحت مُلازمة أصابع تأبي السكون واقتراف الأخطاءِ الفادحة، أصابع تحوم هُنا وهناك بين المَشارط والمِقصات، لا يُسمع بينهم شئ سوي حركة أرجُلهم، هسهسات المُساعدة، وصوت الصفير المُعتدل لـلأجهزةِ المُتعلقة بـحيويةِ جسدها. مرضيًا تحت غيهبه بين مفعولِ المُخدر وحالةٍ من الـلاوعي التّام، والآخر ملتوّذًا في دماءه المنسابة لـيُعير ما تبقي منه لـنفع حياة الآخرين.

وعلي أثرها، كادت الواقِعة أن تُعتبر مُسخًا عبر تفاقمِ تداولها بين المقالاتِ الصحفيّة المُختلفة بـتصنيفِ أن إتمام تلك العمليات التي تتخذ فيما لا يقلّ عن عشرة ساعاتٍ وكذا لا تُعتبر شائعةً في مجالاتِ الطب مما يُعني استحقاقِها لـتسليطِ الضوء عليها.

لم تُلقِ أماندا اكتراثًا لـكل تلك الصيحاتِ، الأمر بـرمتهِ ليس مكنونًا في ذلك، وإنما في إدوارد.

جلّ تفكير أماندا علي اختفاء إدوارد المُفاجئ كان مُوصدًا علي عقلها بـحذافيرهِ لإسبوعين منذ مدة إجازة تعافيها وحتي انشغالها بـعودتِها للـعملِ.
تُفكّر مليًّا إن استحاء هو كون صديقته تحمِل ذاك المرض الشنيع رُغم حثّه لها لـتتشجع نفسيًا حتي مُدة تعافيها،
كـأنما جفلَ فجأةً من حياتِها ولا يحوم حوله أي أثرٍ،
هو حتي لم يُكبد نفسه عناء السؤال عن أحوالِها!

أما هي فـقد تمتعت بـاعتزازِ نفسها وكرامتها، كانت لا تقوي علي السؤال عنه بدلًا منه، التزعزُع كان يُغدق كامل عقلها.

ورُبما كل هذا منفيًا، وأن كل تلك التراهات لم يخلقها عقلها سوي لازديادِ الأمر تعقيدًا وسوء ظنٍ.

-تبيّن أمرها أكثر حينما تقوقع تفكيرها عليه هو بـعينهِ ريثما لم تُلقِ حتي نظرة اكتراث نحو تقريرِ عمليتها أو فضولٍ مَن مِن أهل المُتوفي سمح نائبًا عن تبرُع قلب نسيبهم لأحدٍ أولي به حتي يُشفي من اعياءه المرجوّ للـتعافي.

إلا أن مسامعها ألقَت بالًا لأبويها حينما أعلماها من التقريرِ أن المُتبرع قد سُلبت منه عائلته، يُدعي هاري، ولا نسيبٍ له سوي أن صديقه الحميم هو مَن كان نائبًا عن التبرُع بـقلب صديقه لأماندا مُقابل جزاءٌ ماديّ له،
إلا أنه لم يُسرَ الأمر علي ما يرام وقتُها، فـقد شعرا بـامتعاضِ وجهه، السلام لم يُعم ملامحه، وكـأنما سـيُقدم علي أفعالٍ شريرة وليست خيّرة تجاههم، ورُبما كل هذا لم يُعنيه وأن واقِعة حادث صديقه ما أفتعلَت به لـكُل تلك الإيماءات!

-كانت أماندا كـالوردةِ الذابلة، متأهبةً لـمَن يرويها ماءً ولو حتي قطرةً منه، الشرود الخاوي يصطحبها لأبعد الحدود، هي متشبثةً الآن بـالخيطِ السوداوي المهترئ غير عابئة بـالخيط النورانيّ الزاهي كـنبضات قلبِها الحانية، تشعُر بـأيسرها وكـأنما أنتُشلَت قطعةً صلبة من مأواها واستُبدلَت بـقطعةٍ أُخري أقل ثقلًا كـقطعةٍ قُطنية ملساء.

وحقيقة ما واجهته مسبقًا كان يكنّ بـحزنٍ أيضًا في دواخلها، أثآر الحادثة، استئصال قطعة مُحببة لها وهي فؤادها، فؤادها الذي كان موطدٌ فيه كل ذرةٍ قد تيّمتها واستهوتها.. هي لا تستطيع التأقلُم مع عضُوها الجديد رُغم ثقَل صدرها وإيماءاته المُتحجرة مِما كان يستوطن صدرها.

أما آكسل فـلم تنفك محاولاته الجديّة معها لـسلبِ حزنها بـخفةِ ظله، هو الآن متكبدٌ بـكل سلبياتها ويأبي  أن يترُكها مهشمةً للـشجنِ وحدها حتي وإن أُثقلَ علي كاهله.

هازلت أماندا رأسه لـتنطق نابسةً بـتحشرج:"لا تقلق، آكسل، سـأكونُ بـخير."

فورما قالت شرعَت في قراءة جريدة 'يوم السبت' لعلّ ما نبست به للـتو يتحقق، وأن يُنعم بالها بـالطمأنينةِ حينما تلمَح اسمه أو أنه مازال يحوم بـالأجواءِ، أو حتي مقالةٍ لأي شئٍ يخُص أخر واقِعتها.

صوت أوراق الجريدة تقلُبًا كان يتلاطم فيما بينه يمينًا ويسارًا بـازعاجٍ أكثر فـأكثر كُلما كانت تتيقنُ أن ابتغاءها قد خاب وسـيتلاشي بـزوال آخر محاولتِها في البحث بين الكلمات، السطور، الصفحات، والأوراق عن اسمه تزامنًا مع جمود أساريرها الغير معهود.

قذفَت أماندا الجريدة جانبًا بـامتعاضٍ لـترسي علي طرف فراشِها بـجانبِ آكسل قبل تتطاير بعضٌ من أوراقها هاوية أرضًا ويمكُث باقيها علي صفحةٍ مُشبعة بـالصور، الألوان، والنُقوش لـيلتفت لها آكسل بـإعجابٍ وانتباه تركزا في عينيه المنفرجتان كـأنه طفلًا لا ينطبق علي هيئته الممشوقة.

لم تمُر سويعاتٍ، حتي قضمَ آكسل كامل الأوراق بـأسنانه لـيُعيدها إلي أماندا عبر الهواء كـأنه يُهاود غضبها بـحنوّه بينما هي مطأطأة الرأس شاردةً، حتي تثبُت الأوراق عند بقعة أنظارها الشاردة لـتلتفت نحو الموضوع لـتتمركز مُقلتيها.

أن إحدي المُحررين قد سرد عن واقِعة عمليتها، المُحرر قد تحدث عن فقِدان صديقه الحميم في حادثٍ سيارة مرير، وعلي أثرها كان نائبًا عنه للـتبرعِ بـإحدي أعضاءهِ الحيوية والتي تُساير بـعينها كل الحيواتِ لإبقاءها علي قيد الحياةِ، وقد وُهبَ لإحداهن المريضات بين نقطة العَيش، وبين شرطة المَوت؛
أحدهُم قد مات الموتُ الأبديّ، والآخر قد تلاطف بـفؤاده لـيُبقي لأحرف 'الأملِ' رونقها الخاص.

عينا أماندا كانت تتراوح بين الأحرفِ بـتزعزُع، شعرت بـتخوّر قواها وانسياب أعصابها مع غصّة حلقها الجاف، قلبها لم يعُد يفور بـنبضاته الحادّة كـسابقٍ وكَـما اعتادت أن تخضع لها،
لم تسنحَ أكثر أن يجول عقلها بـخواطرٍ كادت أن تتبيّن بـرمتِها كـالضربةِ المُبرحة حتي هرولَت صوب باب المنزل بـأقدامٍ مُرتعشة، صوت لهثُها كاد يُسمع طوال وطآتها وحتي بلوغها للـمكانِ المنشود.. مقرّ جريدة يومُ السبت بـعاصمةِ أستراليا الجنوبية أديليد؛
غير عابئةٍ الآن بـوصالِ نباح أليفها خلفِها.

كُلما تخطو علي وتيرةِ وطآتها المُتعجلة كُلما تأهبت لـتتمزقَ ألمًا من تقلقلاتِ قلبها المُزعجة وحشيةً كُلما تنبهَت بـنفيٍ أنها لن تعتريها النوبات المُهشمةً لأيسرِها من الآن فـصاعدًا.

بلغَت للـمقرّ المُراد، لم يسعَها البطء سوي أنها تساءلت عن اسمهِ تحديدًا ولم تتلقَ إجابةً محددة حتي تنال مُرادها، فـهو الوحيد مَن سـينبأها بـكُل التطلُعات السابقة وبـلا رحمةٍ مع تهويداتِ الحُزن.

"آرشر بليك، المعذرة!" دعتهُ بـعلوٍ لاهثةً بينما كانت تركض وراءه علي السُلمِ، بعد استعانتها بـبعض الأشخاص للـوصولِ إليه وأخيرًا.

انتبه مُلتفتًا وراءه بـتعجبٍ، لم يكُن تعجبًا عابرًا وإنما كان يتنبأ بـأن هذا سـيحدثُ حتمًا وعن وقتٍ قريبٍ، كانت معالم وجهه جامدةً مُتخشبة، يحتفظ بـبشاشتِها عند حدوث موقفٍ يستدعي البهجة، زيّهُ المُهندم مع راحةِ يده التي تُغلف بضع ملفات مُلونة.

طالعا بعضهُما وسط المارة صعودًا ونزولًا حتي ازدردت أماندا لُعابها الذي يستعصبُ الهبوط جرّاء غصّة حلقها سائلةً بـتشوشٍ:"أين إدوارد؟"

أساريرُها كانت مقتضبةً، أنظارها العالية حيث موضعه كانت متشبثةً بـأي أملٍ يُحلق فوق وجهه حتي أجاب:"إن قلبهُ يكنّ بـداخلكِ، أماندا."

كـأنما تلقّت جملتهُ علي هيئةِ ضربةٍ اجتاحَت صدرها بـثقلٍ أليمٍ، جسدها استقبلَ برودةً لـلإطاحةِ بها وكـانها سـتنكمشُ علي ذاتها، لم تسعَها ردة فعل سوي جمودٍ فكري وانسداد فمها كـأنما أُبكمَت وكل هذا اجتمعا في آنٍ واحد.

واستطرد آرشر:"هو لم ينتحر كـما أقرّ الطب الشرعي، وإنما كانت حادثة بـسهوٍ منه، أماندا.."
تخوّرت أسارير آرشر الجامدة حينما اعتراهُما الألمِ والتوجُع ريثما انطبعَت علي حاجبيه المعكوفَين بينما يتلفظ بـلسانٍ ثقيل.

وكـما أضاف بـلومٍ:"اسمهُ الأول لا يُدعي إدوارد وإنما هاري، هاري إدوارد ستايلز. هذا لـطالما لن تحتاجينهُ إن اكترثتِ لـقراءةِ التقرير بـعنايةٍ وأنها لم تكُن سوي مزحةً منه."

فاضَت عيناها الداكنتان عَبراتٍ رسمَت مسارُها بـانحناءٍ علي كلتا وجنتيها الجافّتين، عقلُها الواعي يأبي التصديق رُغم شكوكه الأولي، لم تنبث بـبنت شفةٍ فـأحرُف لسانَها قد تفرّقت جرّاء تصنُم أفكارها المُتبددَة.

"ولكن ما تحتاجينهُ هو التطلُع لـشقته وتلك مُفتاحها بدلًا من قبرهِ. ملجأ القِطط خاصته يحتاجُ لـرعايتكِ وكـنذرٍ لـروحهِ."

عيناهُ اللتان تُطالعها لمعتا جرّاء اخفاقه بينما يُناولها المفتاح لـتُمدد راحةِ يدها المتعرقةً بـارتجافٍ حتي تسلمتهُ بـانكماشٍ منها.

أرغمَ آرشر نفسه لـيتبسمَ بـشفتيه في وجهها لـينُم علي رحيله تاركًا إياها وسط حُرقة غيهبِها الشجين.

وما اعتراها نفسيًا لـتكونَ أسيرةً للـتوجعِ، الألم، الشجن، الوجوم، ولوعة الفُراق.
انكمشت بـجسدِها بين معطفها الفِضفاضي، عيناها لم تحظرا دموعها المُتفجرة بـأنحاءِ وجنتيها بعد، شهقاتها المُتحشرجة التي تفُر من بين شفتيها كادت تُسمع، مع ملامح وجهُها التي تقشعرَت بـحزنٍ أليم وطأطأة رأسها لـتتوازي مع مسار الطريق.

وطآتها المُختلجة لـلإتجاهِ المنشود كانت تتخوّر أكثر فـأكثر.
تمنّت بـأن يكونُ واقعها هذيانٍ، أو أن تتأهَب لاستقبالِ عودة اضطراباتُها القلبية المُهشمة لـوجدانِها وأن كُل هذا هراء وأنّها لازالت تكنّ قلبها الأصلي وليس المُستعار.. خاصته، وأنه مازال علي قيد الحياةِ، يستشعِر الورود بـلمساتِ أصابعه الحانية، يستنشِق عطرها بـأنفه بينما تمايُل الورود بـفعلِ الهواء يدغدغ جسر أنفه لـيضحكَ بـلطفٍ.

تصديقها لـفكرةِ رحيله الأبدي ولا أزلٍ لـدوامِ حياته معها ليست بـهينةٍ، قد اقترفَت خطيئة بـحقِها وبـحقهِ أولًا.

-وطآتٌ تفيض ترددًا لاتجاهِ شقته مع وجومٍ خاص بات كئيبًا.
وعلي هدوءٍ، وعلي وجهٍ لم يجفّ بعد، دسّت ذراع المُفتاح بـأيدٍ مُختلجة آبت الإقدامِ علي خطّتها القادمة المُتلخصة في سويعاتٍ، حتي أقدمَت أخيرًا لـتُطرَق العِدّة مشيرةً لانفراج البابِ.

انشغلَ قلبها تقلقلًا، وجدانها خشي أن يُسفَر بين الأربعة جدرانٍ، انكمشَت أساريرها مجددًا بـرفقةِ دموعٍ فائضة؛
إلي أن أسفرَت عن هيئتها لهُم.. هُم القِطط المشردة كـما ذكرَ حينها أن كُلما صادف قطةً بـلا مأوي، كُلما عزم علي رعايتها بـحبهِ حتي أجمعَ خمسةً منهم.

قد رأت ميلي التي اتخذَت هيئةً ناضجة، قد رأتهم يؤنسون بعضهِم علي الأرضية بـوضعياتهم المُختلفة رُغم تضورهم جوعًا فيما لا يقل عن إسبوعين، ولـحسن الحظ لم يُفقَد أحدًا منهم، فـتنهدت أماندا مبتسمةً بـحزنٍ لهم.

الشقّة لا يشوبها أرواحًا غيرهم، قد تبخّرت روح أوليڤ، وقد تلاها روح هاري.
قد باتَ الفُراق صعبًا عند الحضور بـمكانٍ اعتدت فيه أن تتأنّس روحكَ بـرفقتهِم، إلي أن يغدو الأمر لـتُطلقَ عليك الوِحدانية مشتاقًا لـتتأنسَ روحك بـأحدهم.

كبحَت نفسها بـألا تقطَر دموعها المنسابة داخل صحن طعامهم بينما تُحضّره لهم، حتي انتهت لـتناولهم إياه لـيشرعوا في التناولِ بـشراهةٍ وبـودٍ بين بعضهم.

تفقدَت أماندا كل غرفةٍ بـعناية، كل غرفةٍ بات لها رونقهَا الخاص، الوجومُ يغلّف الأجواء وكذا علي وجدانِها، تشعُر بـقشعريرةٍ تعتري جسدها كُلما لمسَت إحدي سطوح حاجياته أو أثاثه المغلّف بـذراتِ الأتربة وكذا حتي بلغت لـغرفةِ نومه.. فـوطآتها صوّبت تجاه مكتبهِ.

قبعَت فوق مقعده الجلديّ المهترئ، مكتبه المُنظم حيث استكنَ فوقه بضع كتب، يتضمنهم الكتاب الذي قصّه عليها بـإحدي قصصه يومًا، مع مجموعة من الجرائد رُبما بعضها تحمل إحدي مقالاته، مُذكرةً وأقلام مبعثرة بـالأنحاءِ،
مع إطارات فوتوجرافية حملَت وجوه مَن توطدوا في قلبهِ،
تضمنهم والداه الراحلان، صورةً له بـصحبة صديقه الحميم آرشر، أما توقُع صورةً له مع أوليڤ فـلن تُستبعَد،

حتي استوقفتها صورةً له بـصحبتِها، ألتُقطَت في أجواء برودة الشتاء والثلوج المُتساقطة كـأمطارٍ وكلاهما كانا بـرفقة أليفانهُما آكسل وأوليڤ متبَسمين بـلا استثناءٍ بينهم؛  التقطتها أماندا مبتسمةً بـحزن لـتُعانقها بـقوّة نحو صدرها وقلبُها كاد يفيض من مأواهِ، أما عَبراتها فـكانت مُلازمةً لها حتي تنفك توجعًا.

تناولَت ورقةً كادت تتخذ صَفارًا من كثرة ركودها تحت الترابِ، ثم أخذَت إحدي الأقلام المبعثرة علي المكتبِ لـتُباشر في سردِ ما يُثقل صدرها وما قد انطبع علي أسارير وجهها من لومٍ، ألم، فقدان، وحُزن.

”أسردُ لـمَن رقدَت روحه في سلامٍ ولـمَن وهب قلبه الوفيّ لـشخصٍ آثمٍ مِثلي،

لم أدرِ ولم يكُن في حسباني أنهُ أخر عناقٍ ملموسٍ بيننا، آسفةٌ أنني قد أغفلتُ عن رحيلكَ الأبدي كـالمختلّة، لم أَعني أنَني قد بددتهُ لاقترافي خطأً في حقينا وحقكَ بـالأولي، سـأقرّ أنني مَن جفلتُ عن اعيائي الخَبيث، قد أسلبتُ ما كان في حيلَتي، قد بددتُ حياة أحدهُم جرّاء بكاءه عليّ متسببًا في سهوةٍ بـخطوة موتٍ منه، وكان جزائي أن أفقدَ رَونقي الخاص.. وهو أنتَ!

لا سيما عن قلبكَ المُخلص الذي وهبتني به، إلا أنَني أريدُ أن أبصر طيفكَ أمامي؛ تجسُدكَ أمامي مجددًا وأنت تحنو لي بـعباراتٍ تأسر وِجداني، أن نُعيد مشهد حثّكَ لي حينها بـألا أُخفق إن لم يستوطنني قلبًا وَفيًا جديدًا كـخاصتي وألا يكونُ مغمورًا بـالحبِ في مرادف سمات الوفاء، قد كنت تُشير لـذاتكَ في علمِ الغيب، قد أخفقتُ حينما تداركتُ الأمر الذي بـرمتهِ يؤلم الوِجدان بـلا هوادةٍ، أريدُ أن نستوقِف الزمن لـنعوّض ما قد تحققَ بـشخصٍ عداكَ، أرجوك. أتراني؟ أتري ما أسردهُ لـقلبكَ الذي استعرتهُ منكَ؟

ذِكري قلبكَ، وذِكري خَلدي قد اختارا أن يجتمعا عند خاصتكَ، وما قد توطّد وما قد ترسّخ فيكَ لن يتلاشي في وِجداني الصادق لـطالما اعتراهُ قلبًا كـقلبكَ الطاهر.

وبـاسمكَ الثاني المُحبب لـوجداني سـأدعوكَ إدوارد،
إدوارد، أنتَ كنت تشرِد كثيرًا، عقلكَ كان في فيضانٍ من الخواطرِ والأفكار الـلامُتناهيةِ! فـما قد أتُفقَ عليه أن لـبعض أوتارِ العقل وصالٍ بـالقلبِ.
ما كان يُطيح بـرأسكَ إدوارد؟ ما كان يجعلكَ تتألم خلف قناعكَ السحريّ المُتبسّم دائمًا؟
ألَم تُخبرني أنَني صرتُ رونقكَ الخاص؟ لِـما لم تُناولني الحَق كاملًا في ذلكَ؟

لم يعتريني شئ سوي اللومِ إدوارد، قد أُخفقَت حياتكَ موتًا جرّاء يداي المُتزعزعة بـلا رزانةٍ منها، وقد تلوّذت حياتكَ ألمًا لأنني لم أُخضع لـرونقي الخاص ولـعهدكَ الذي وعدتهُ لي.
رُغمًا عن ذلكَ، قد وَهبتني قلبكَ بدلًا منك لأغمرهُ سعادةً وبهجةً أقصرت أنتَ في حقِها، ولن أُخفق مجددًا لـيتناقضَ مع نهج ما سبق.“

قد تبقّعت الأحرفِ المنقوشة علي الورقِ بـعَبراتها الهائمةِ المُتلاحقة التي اعتادت علي طريقها الرَطب بين باقي وجنتيها الجافّة، بينما نحيبًا فارًّا من بين شفتيها يُصدَي صوته بـالأجواءِ مع انتفاضةٍ لـجسدِها وانكماشٍ لـمعالمها أثر مرورِها؛ قد خطَّت كلّ ما اعتري دواخلها سلبيةً، قد أفصحَت جلّ خواطرها ومشاعرِها التي اجتاحتها فجأة..
خلدها الذي كاد يتفجر بات يتهاوَد شيئًا فـشيئًا.

أغمضَت عيناها بـانكماشٍ لـتُصبح وتيرة تنفُسها أخفّ لـتستشعر بـأصابعها جرحُها البارز بـأيسرِها مجددًا ومجددًا،
ريثما تقدمت قطةٌ لـحيث تقبع أماندا وفوق المكتبِ تحديدًا لـتبتسمَ أماندا بين شهقاتها المتهدّجة.. إنها ميلي.

تناولَت أماندا القلم مجددًا وفي صفحةٍ جديدةٍ بعدما تصفّي ذهنُها من وحشيته، بينما تنظُر ميلي لايماءاتِها.

”إدوارد، لـطالما أضفيت لذّةً لـوِجداني بـوهبةٍ مزدهرةٍ لـتُسايرَ حياتي، لـطالما سـأتحفّظُ به كـتحفةٍ فنية زاهية،

ومن منظورٍ آخر، لستُ أنا مَن يحتاج لاستعارةِ قلبٍ وفيّ مُخلص إنسانيّ كـقلبكَ وإنما للـعالمِ أجمَع؛
لستُ أنا مَن أحتاج لأتلاطفَ به، وإنما لـمَن سُلبَت منهم رفقتهم، صفائهم، إخلاصهم، وإنسانيتهم؛
لستُ أنا مَن أتوسل لـتهبني إياه، وإنما علي البشرِ أن يتوسلوا لـترتقي بهم سماتٍ نبيلة كـسماتِ فؤادكَ.

لـطالما تمتع قلبكَ بـكل سماتِ الرُقيّ، لـطالما كانَت بـمقدورِها أن تُهيئ العالم لـمكانةٍ أفضَل وسـأسعي لـذلكَ بـرفقةِ ما يدفعَني بـالقوةِ وما تبقي منكَ؛ وحينما يحينُ الأمر لـنتقابلَ ثانيةً بـالأعلي سـأقصُ لكَ عن كل ما حققتهُ، فـما تركته لي وما تمكّنت ذكراك منهُ لأستمدَ هيمنتي بـصلابته ليس بـالشئ الهيّن وإنما بـاجادة وسيلة استغلالهُ.

لن أزجر، ولن أتناسي ما أنعَمتني به ماضيًا حيثُ عَملي المرموق وحيث ما ابتغينا تحقيقهُ أنا وأنتَ، حاضرًا ومُستقبلًا لـمواكبةِ حياتي بـأسمَي ما يكنّه المرء بـداخلهِ،

ولـطالما جَسدي حاضرٌ وقلبكَ ينعشهُ بـالحيويةِ، سـيجمع ملجأي شَمل كل الحيواناتِ المُشردة، حيثُ كلابي، قِططك الخمسة والأعداد لن تنفكَ تزايدًا، والخير لن آبة بـتوقفهِ.

روحكَ حلّقت في السماء وسط السحبِ كـهوادةٍ حليمةٍ بـرفقة الملائكةِ، أمّا فؤادكَ فـقد أبصم علي خلدكَ بـسيرةٍ عَطرةٍ طيبة أتهللُ بها بين وجداني.

فـقلبُكَ أنشدَ بـمأواي يا مُهجة روحي.
أُحييتهُ بـنبضاتي، أفكارُكَ اعترَت عَقلي، ولا أزالُ أُقدس مفتقدةً هَنيهات حَضرتكَ تحتضنُ ذات ميولي.

لأن الوفاء كـما تَهوي لازال مُترسخًا بين ثناياكَ، والرأفة لن تنفك تسلُلًا بين خَلدِ روحي.“

حبرُها لم يأبي التوقُف ولكنّها أرغمته، طوَت أوراقَ ما قد خطَّت عليه بـفؤادها، نزعَت إحدي الأظرُف المُرساة فوق المكتب وكـأنما سـتبعثها له عبر رياح السماءِ.

وضعت الرسالة فوقًا قبل أن تشرعَ ميلي بـلعقِ أطرافها المُثلثية المفتوحة وكـأنها تُغلفها بـما في مقدورها من لطفٍ وحب، ثم أنزلَت بـذقنها عليها كـأنما ارتاحَت بتلكَ الوضعية بـجسدها الضيئل علي رسالةٍ شعرَت فيها بـالحنوّ والطمأنينة.

ثم نبست أماندا وقبضتيها تحت ذقنها قائلةً بـبهجةٍ:"هو نبيلٌ ولطيفٌ، أليس كـذلكَ؟"

لـتعيرها ميلي نظرها وكـأنها تؤيدها وبـشدة، فـكانت لـعينيها الواسعتين الأخّاذتين يقينًا في سؤالها الصريح، ولـتنتهي أماندا بـرسمِ بسمةً علي شفتيها المتورّدتين.

تمَّت.

-الشابتر اللي بعده تروحوا تشوفوه عشان مهم وفيه مناقشة؟ ♡

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro