01: صَائدةُ الأرواح
.
سكونُ عجيب يحيطُ المكان وَ يمنح الناظر شعوراً زائفاً بالأمان، كل شيء بدا هادئاً ذلك المساء عِندما أسدل الليل ستائره السوداة المُخملية، فتقدم الصمت بِخطاه الواثقة مُنذراً بِواقعةٍ على وشك الحدوث..
كما لو أن الليلة لَم تُقدر أن تكون صافية!
كانت الطيور تأوى لِأعشاشِها وَ تحتضنُ صغارها، وَ مع أنتصاف الليل رفرفت بعيداً فزعة مِن هزةٍ عنيفةٍ أعلنت بداية الواقعة!
على وجه الدقة، فلم يكُن هُناك ما قد أخترق الصورة المثالية لِلأشجارِ السامقة،
وَ لكن الصمت تبدد في ظروفِ قاسيةِ إذ بِأنفاسٍ مُضطربة تعدو لِلنفاذِ بِروحِها!
كانت تستبقُ الرياح لاهثةً غير آبهة لِلأغصانِ المصطدمة بِوجهِها وَ لا بِالعلائقِ المُتشبثة بِكاحلِها. دفعةُ مِن الأدرنالين تتسابقُ لِملئ أجهزتها، فتمتلئ رهبةً مِن الموقف رُغم إمكانية النجاة.. إذ عقدةُ مِن الإحباطِ نالت مِنها فأضعفت عدو أقدامها كما لو أن تَم إمساكها بِالفعلِ!
كانت رؤيتها تتشوش بِفعلٍ مُباغتِ مِن العبرات، عينيها تصدرُ بكاءاً مُتذبذباً هز كامل جسدها وَ أستنزف ما بقي لها مِن طاقةٍ..
فقط حينما أتضح تقلصُ كثافة الأشجار مِن حولِها- أدرك عقلها بِأن قواه المستنزفة في إثارة الشفقة بِمقدورٍها جعله يسابقُ الرياحَ وصولاً لِبر الأمان؛ فتشبثت بِالحياةِ أكثر بعد..
حتى عرقل غصن أقدامها الحافية و أرسلها بِسرعتِها إلى الهواءِ قبل أن تسقطَ مُفرجة مِن بين شفتيها أنيناً يدلي بِألمها..
شهقت تكفكفُ دموعها قبل أن تستند بِيديها أرضاً مطأطأة الرأس، حال ركبتيها الدامية تمنعها مِن القيامِ..
أغمضت عينيها كمَن يحوالُ أستجماع شتات نفسه.. وَ لربما كمَن يحاولُ أستحضار مَن ينوب البقاء بِجسدِه!
فأزهقت أنفاسها من تكسرُ بعض الأوراق الجافة عِند وطأة أقدام أمامها..!
لعقت شفتها السفلى بِغية ترطيبها، تعدُ نفسها لِأسوا ما قد يكون..
أخرجت نفساً أخيراً قبل أن تفتح عينيها على وسعهما، فتقابلُ حافي الأقدام. ترفعُ رأسها بِتأنٍ قبل أن تستقرَ على موضع رأسه..
جاعدت المساحة بين حاجبيها إذ الرؤية مشوشة بِفعل قامتِه، وَ لكنه كما لو كان قد قرأ أفكارها فَأنحنى بِجذعه لِتراه كاملاً وترتعد خائفة تدفع بِقدميها النباتات التي أحاطتها دون سابق إنذار وَ ترفس الأرض بِهمجيةٍ.. وَ لكن جميع مُحاولتها بِالقيامِ فشلت لإلتفاف جذوع النباتات بِها فيما تغرزُ أشواكاً نمت أثناء غفلتها..!
قررت التوقف عَن المقاومة منكسة الرأس، فرفعت ناظريها بِهدوءِ لِصورتِه تكتمُ صرخات ألم عالقة بِجوفِها.. مع ذلك تدارست قناعه جيداً..
وَ بِحياتها لَم ترى واحداً يملكُ أبتسامة مُرعبة لِذلك الحد! الشقوق تحيطُ فجوة الفم المقوسة فيما أسفله يقبعُ قرنين يبعدان عَن بعضهما مسافة أتساع الأبتسامة، منطقة الأنف مدببة وَ تملكُ ثقبين لِمرور الهواء، فيما العينين أمتلكتا فجوتين تعاكسان قوس الفم في تشكيلٍ لِإبتسامة العيون!
كان قناعاً بسيطاً ذاك الذي دب الرعب بِأوصالها..
وَ لِسكونها تنامت الجذوع مُحيطة بِكاملِ جسدها تغرزُ أشواكاً حادةً تحت ضغطها تتدافعت الدماء بِخطوطٍ مُستقيمة على طول جسدها المُتهالك..
ربما مِن الإعياء لَم تعي أن النباتات تتوغلُ داخل جسدها وصولاً لِمضخة الحياة بِعروقِها، تخترقُ كل ما يقفُ بِطريقِها لِتحقن قلبها بِسُمٍ أغشى بصيرتها.. فيحيل الليل نهاراً ساطعاً.. تحته فقدت حواسها.
" خُذ سكارلت بعيداً! "
----؛ ∞ ؛----
أنظر هُناك.. هل تراهم؟
فيما يجلسون في نصفِ دائرةٍ، يراقبون الأمواج القرمزية تغسلُ سكارلت الشاحبة.
سكونهم لا يلائمُ حقيقة أن الأمواجَ تبتلعُ شقيقتهم الصغرى، و تتدافعُ بِفعلِ مباغت لا يلائم صفاء الطبيعة..
فأسلمت شقيقتهم لِلمياه، شعرها الثلجي يطوفُ مطابقاً لِلأمواجِ وَ شبح جسدها يلطخُ صورة المياه الصافية مُدلياً بِتواجدِها.
" ألن يؤذيها؟ "
بدد أحدهم طبقة الصمت التي غيمت عليهم بِنبرةٍ يكتسيها القلق،
لَكن لَم يتعجب مِن برودِ أعصاب بقية أخوته عِندما نفوا بِرؤسهم.
" هي أقوى مِنه. "
أجاب أخر فيما يصلُ لِحصى تحت نظرات الكُل، وَ بِمجرد أن حصل عليها حتى وَ عاد لِجلستِه السابقة مُسنداً ذقنه على ركبتيه، يحركها -الحصى - فوق الأرض مُشكلاً بعض الحروف التي أعتاد على رؤيتها، وَ قال:
" بِالإضافةِ, لَن يتمكن مِن إيذائها طلاما معها السوار المعدني. "
حمحم ذو الشعر الغرابي صوته فصوبت نظرات الثلاثة إليه بِفضولِ،
على الأرجح حركة تدارسها قَبل أن يخرج مِن جيب معطفه سوار مُشع، الذي على ما يبدو أنه ينتمي لِسكارلت..
" أخبرتني أنها لا تستطيع سحب الأرواح عِندما ترتديه.. "
" إذاً.. فلتعتمد على قوتها لِلنجاةِ. "
أحتاجت فيما بدا كدهرِ قَبل أن تختفي تماماً في عمقِ غير معلوم مِن البُحيرةِ، تزامناً مَع أرتفاع عدد مِن الحصى فوق سطح المياه وَ إفراجها عَن زوج عيون عسلية تحدقُ بِهم كمَن وجد ما طال أنتظاره..
في هذه الحالة، هُم لا يعرفون إن كان يستدرجهم لِبحيرته ليمتصُ أرواحهم أم لِيشكرهم على ِتقديم وليمةَ تعزز قوته..!
لَكن كُل ما يعرفونه أنه مهما كان، عليهم أن لا يقعوا له؛ فهو يحبُ المتاعب.
" ڤي.. البُحيرة ليست عميقة، وَ لكني لا أرى لها أي أثر! "
" لا تفكر بِالقفزِ حتى. "
أطالت سكارلت مكوثها أسفل المياه، وَ لربما تخطتها مِن الأساسِ!
لا أحد مِنهم يعرفُ شئ سِوى أنها تغسلُ ذكرى شهادة الموت بِعيني البشر..
مشهد أرتعدت له فرائصها وَ ترك في نفسِها أثراً عميقاً.
وَ لعله يعادُ على أخوتها وَ هم يضمدون ما خلقه بِصمتِ، إذ هُم لَم يعتادوا سفك دماء جثثهم بِذلك الشكل الغير آدمي..!
لَكنهم بِشكلٍ أو بِأخر سيتجاوزن الأمر.
أستقام ڤي مِن مجلسِه يحدقُ بِتُحفته الفنية،
حركته أسترعت أنتباههم لِما شكله مِن أحرفِ مألوفةِ جُمعت سوياً لِتكون أصواتاً لا تتقيد بِلغتهم وَ لا بِالتي يجيدونها..
وَ مجدداً يستمرُ بِطرحِ أسئلةً في عقولهم دون إتعاب ذاته لِملئ مواضع الإجابة، فأشار لِلصبي قائلاً:" أعطني السوار "
هُم أعتادوا على طبيعته التي تفرضُه عليهم، وَ أعتادوا أيضاً أتباعه دون خوض نقاش،
لِذا قدم الصبي السوارَ بِثباتٍ ينافي صخب الأسئلة داخله.
" نواه، أريدك أن تأخذ السوار وَ تقفز بِالبحيرةِ علماً بِان النوكين لَن يتمكن مِن إيذائكِ. لا تبحثُ عَن سكارلت أكرر، لا تبحث عنها، هي ستجد طريقها لِلوصولِ لِلسطح لَكن ذلك الشئ قد يحذفُ ذكريات مِن عقلِها نحنُ بِحاجةٍ إليها وَ هذه مُهمتك "
أنبأ ماداً القطعة المعدنية لِمَن يكبرُه بِثلاث أعوام، تقدمه جهة البحيرة يحثه على القفز وَ يطمئنه بِأنه سيكون في عونِه إن أحتاج لِشئ،
وَ نواه كذلك.. أعتاد على تنفيذ رغباته.
كان عليه ملئ رئتيه وَ تجهيزُ جسده لِلسقيع الذي سيحل بِه بِمُجرد أن يلامسَ السطح البارد لِلمياه، وَ بِمُجرد رؤية نواياه بِالقفزِ.. أبتسم الملقب بِنوكينِ مُفرجاً عَن ظلام دامس داخل فجوة فاهه على أثرها قرر نواه تجهيزُ ذاته نفسياً قَبل أن يجتمع بِه.
حبس نسيج شفته السُفلى وَ أقام عد تنازلي قَبل أن يتخذ خطوتان سبقتا قفزته لِلقاعِ!
رُغم أن المياه تغلفُه لِتشل جميع حواسه بِبرودِتها، وَ الوحش يشقها بِصوتِ فحيح يصم أذانه،
إلا أنه يتمكنُ مِن سماعِ ڤي وَ ما يخرجُ مِن جوفِه مِن تعاويذِ تجعلُ قوات النوكين تتقهرُ..
" Nyk! Nyk! Naal i vatn. Jomfru Maria kastet styaal i vatn! du saek, aek flyt! "
بِهذه اللحظة، لَم يكُن يعرف.. هل المياه هي التي تشوشُ رؤيته، أم ذَلك الشئ يتبددُ ناثراً سواده بِالأرجاءِ!
كُل ما يعرفه وَ يعيه الأن، هو أن سكارلت لازلت أسفل المياه.. وَ هو يشاركها ذكرياتها..
" نواه! أخرج الأن! "
الصوت أنتقل لِمسامعه بِشكلِ هذيان يبعده عَن مجهول يدنو مِنه،
وَ هذه المرة.. تلذذُ بعصيانِ ڤي.
المياه أيضاً حالفته.. عِندما أخذت جسده المُتهاوي إلى مصدرِ الضوء بِباطنِها،
و أرشدته تماماً لِها.. حيثُ تقفُ على حافة عالم أخر.. تجري أنهار مُشعة أسفل أقدامها وَ الهواء يعبثُ بِخصلاتها الثلجية..
كُل قطر فيها يشعُ كما لو كانت جُزءاً مِن سماءٍ لا تعبئ تلاحمُ الظلام مَع نجومها.
مُتناسياً المنطقية- طاف بين دوئرِ تستنجدُ المياه داخلها بِالخلاصِ، الأن هو يصل إلى ما يزهقُ الأنفاس،..
يكادُ يصل، لَكن الأبعاد تتلاعبُ بِه وَ تبعده بِغريسته الفضولية عَن سكارلت.
حدق فيها، العبرات تنساب مِن أعينها وصولاً لِكفيها حيثُ تتلألأ كزمرد وَ ياقوت، ثُم تكملُ طريقها تدحرجاً في اللا شئ وصولاً لِلأنهار الجارية أسفل أقدامها..
قليلاً ما يعلم أنها تخرجُ كُل ما ملئها يوماً مِن ذكرياتِ لِتشهده يمرُ أمامها وَ تستخلص مِنه ما تحتاج، وَ عِندما قبضت يدها موقفةً سيلان الدموع وَ تدحرجُ الذكريات – قد أدرك أنها وجدت مُبتغاها مِن كُل ذلك..
وَ قد أدرك أيضاً،
أن الوقتَ هو المقياس الوحيد لِكُل شئ..
" أرغب بِأن أصدق أننا توقفنا أمام قصة لَم تكُن أبداً خاصتنا،
وَ لكننا بِطريقةٍ ما.. جعلناها كذلك. "
ضغط
ظلام
همس
وَ قلبُ ينبضُ بِجسدٍ خاطئ
نواه أدرك تواً أنه لَم يكُن يتنفسُ.
أستقام فجأة لِيتراجعوا جميعهم إلا واحد، صاحب الوجه المُتهكم ذاك يعرفه جيداً،
وَ هو أيضاً يريدُ أن يملكَ تعابير مُماثلة، و أن يعرفَ مَن أباح خروجه في حينِ أنه مالك الحق على نفسه!
ذَلك لَم يكُن حُلم،
وَ أحدهم أنتشله مِن نشوةِ المعرفة.
" أحتاج تفسير "
" ليس بِذكرياتِ سكارلت. "
.
.
- يُتبع -
----؛ ∞ ؛----
السلام عليكم 💕
بوضح نقطة، في أثناء الخمس فصول للقصة باخذ شخصية و أتكلم عنها أثناء الأحداث، و وظيفة هالشخصية بتتمثل في العنوان
و الي بنرافقه أثناء كل ذا هو نواه 🌚
للعلم في شخصيتين حتى الأن محد يعرف عنهم شئ 🌚✋
+ أسطورة النيكون حقيقية كأسطورة ؛-؛
+ أى أسئلة بخصوص الفصل الأول؟
ما في سؤال يحدد إذا فهمتوا الأحداث غير:
ما علاقة المشهد الأول و الثاني؟ 🌞🔫
بس خلاص 🌞💕
أعتقد لنا مقابلة في فصل ثاني 🌞💕
مع السلامة 🐼🌹
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro