Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

(22)

بقلم :نهال عبد الواحد

لم ييأس حسام، ظل يحدثها مرارًا وتكرارًا كل يوم لكن بلا جدوى حتى الآن، كان داخله أملًا كبيرًا ورجاءً من الله أن تكون هذه الغيبوبة ليست بفعل إتلاف قد أحدثه الورم، بل هو مجرد مناورة من مناوراته وستسترد وعيها وتعود إلى الحياة في وقتٍ لاحق.

أما مريم فقد ظهرت نتيجة تنسيق الجامعات، قد التحقت بكلية الطب فعلًا فاتصلت بمنى تخبرها.

أجابت منى: حلوتي مرحبًا! كيف حالك عزيزتي؟!

-بخيرٍ الحمد لله يا خالة.

- يبدو من صوتك أنكِ سعيدة، هل هناك خبر سار؟!

-أجل يا خالة! لقد التحقت بكلية الطب وقد وصلني اليوم ما يفيد ذلك.

- مبارك عليكِ حلوتي، أتمنى لكِ النجاح الدائم كل عام حتى التخرج وبتقديرٍ عالٍ.

-آمين!

ثم قالت مريم على استحياء: كنت أريد أن أُسعد أمي بهذه الإخبارية، إن لم تمانعي أن تحضري معي أو تأخذي من عمي الدكتور حسام الإذن؟

سكتت منى ولم تعقب، نظرت مريم في هاتفها متفقدة حالة تغطية الشبكة، ثم أكملت: خالتي، هل تسمعيني؟

أجابت منى بصوتٍ مضطرب: أسمعك بوضوح يا ابنتي.

دب في نفس مريم بعض الريبة، أسرعت متسائلة بخوف: ماذا هناك خالتي؟

أجابت منى بتلعثم: حقيقةً لقد سقطت والدتك في غيبوبة منذ عدة أيام ولم تسترد وعيها حتى الآن.

صاحت مريم بصدمة: ماذا؟ كيف لم يخبريني أحد؟!

-كان لدينا أمل أن تسترد وعيها على الفور مثل كل مرة لكن...

فيكت مريم وأهدرت بصوت تقاطعه الشهقات: إني ذاهبةٌ إليها الآن.

أغلقت الخط، بدّلت ملابسها مسرعة، ولا زالت تشهق من شدة بكاءها، بينما هي تفتح الباب وجدت أباها أمامها.

عقد أحمد حاجبيه، وتساءل بريبة: ماذا هناك؟ لأين أنت ذاهبة بحالتك هذه؟ هل حدث مكروهًا لأمك؟!

أجابت ببكاء: أمي فقدت وعيها من جديد، وأنا ذاهبةٌ إليها.

فتحرك معها أحمد على الفور إلى المشفى، ما أن وصلا، ترجلت مريم من السيارة بسرعة تركض إلى داخل المشفى، لكنها وجدت أباها يتبعها فتوقفت فجأة.

التفتت إليه بتباطؤ سائلة: أبي! لأين ستذهب؟!

-سأجئ معك لأراها بالتأكيد.

قضمت مريم شفتيها، حاولت البحث عن كلماتٍ مناسبة تمنع أباها من الدلوف إلى غرفة أمها، تلعثمت قائلة: لكن...

قاطعها أحمد ثائرًا: كالعادة ستقولين لي الزيارة ممنوعة، سأدخل مثلما ستدخلين، لم أراها منذ...

بتر جملت زافرًا وأهدر جاذبًا ذراع ابنته لتدله على الطريق: هيا هيا...

اضطرت مريم للسير معه، رغم شعورها بحجم هذا الخطأ، خاصةً مع تشديد حسام وتحفظه على من يزورها، لكنها أملت أن يمر الأمر بسلام.

وصل الاثنان إلى غرفة العناية المركزة، لم يكن هناك من أحد لا طبيبٍ أو ممرضة، دخلا وكانت هذه المرة الأولى التي يرى أحمد ليلى بعد شهورٍ طويلة من معاناة المرض وجلسات العلاج الكيميائي، فقد تبدّل شكلها، وهنت كثيرًا، تضآل حجمها، غطاء الرأس متقلصًا بصورة أظهرت فراغ رأسها، العينان غائرتان ومحاطتان بهالاتٍ سوداء، اللون الأصفر المتقيّح هو الغالب على بشرتها وشفتيها.

لقد أفزعه شكلها وزلزلت كيانه كثيرًا، لم يكن في ذهنه صورة لها سوى هيئتها الجميلة وشعرها الطويل شفتيها الكرزتين، ضحك باستهزاءٍ لنفسه، ولسان حاله يقول لها وماذا فعلت لها عندما كانت بجمالها وصحتها؟!
لقد أهملتها، أهانتها، خنتها واستهلكتها، ألا تذكر كيف كانت تتفانى من أجلك؟!
كيف تفننت في إسعادك وإرضائك؟!
كيف لم تقابل كل ذلك إلا بالسخط، المقت والانتقاد المستمر؟!
كيف كنت تراها تتألم مرارًا ولم تهب لتذهب بها لطبيب؟!
كيف رأيت التعب يزحف عليها دون حراكٍ منك؟
فهذا كله وليد أعوامٍ طويلة.

بينما كان أحمد واجمًا، غارقًا في أفكاره، كانت مريم تحتضن أمها بشدة، تبكي وتحدّثها وسط شهقاتها: أمي! أمي! أنا مريم يا أمي، أنت تسمعيني أليس كذلك؟! لقد جئتكِ يا حبيبتي، أمي لقد نجحت والتحقت بكلية الطب، هيا انهضي وافرحي بي! لا تتركيني أمي! أحتاجك بشدة يا أمي!

قالت الأخيرة وقد تداخل صوتها المتحشرج داخل شهقاتها، فطغت الشهقات، سيطرت على الموقف، فلم يُسمع إلا هي، انتبه أحمد عائدًا من شروده، نادى على ابنته: مريم! كفاكِ ما تفعليه هذا!

ارتعشت شفتيها، أردفت بصوتٍ متقطّع: هي تسمعني- وستنهض فورًا.

-إتركيني معها قليلًا.

نهضت واقفة تحدق في أبيها فجأة، رمقها بحدة قائلًا: ماذا بكِ؟! قُلت إتركيني معها قليلًا.

تحركت بؤبؤتا عينيها بتردد، دقت أجراس داخلها تنذرها بسوء عاقبة وجود أبيها، لكنها اضطرت في الأخير للخروج بقلة حيلة، ولما خرجت، أغلقت الباب خلفها ولا زالت تبكي بشدة، يديها على وجهها تنتحب بقهرٍ مرير، سارت بضع خطوات للأمام دون انتباه.

وفجأة اصطدمت بشخصٍ ما! لكن لم ترفع عينيها، إستمرت في البكاء، بل استقرت بين ذراعيه تنتحب بمرارة شديدة، ظل ذلك الوضع وبعد فترة انتبهت لنفسها، جففت دمعها لتتفاجأ أنها داخل حضن... حضن من؟!

رفعت عيناها متحركة للخلف بحرجٍ شديد، تدفع هذان الذراعان من حولها بفجأة وانزعاج، لتجده إياد.

تلاقت العيون لقاءً طويلًا، قالت الكثير، الكثير من الأشواق المختلطة بالعتاب.

بعد هُنيهة، قاطع إياد هذا الصمت، تساءل بثبات مزيف: كيف حالك يا مريم؟

أخذت مريم نفسًا عميقًا، ثم أجابت باقتضاب: بخير.

لم تعجبه طريقتها، سكت قليلًا ثم أهدر: مباركٌ نجاحك.

أجابته بجدية: مباركٌ حصولك على الماجيستير.

سكت مجددًا يستوعب هذا الجفاء واللامبالاة ثم تنهد بضيق قائلًا: مريم! ما الخطب؟ كأنك متغيرة بعض الشيء!

ابتسمت مريم باستخفاف ابتسامة لم تصل إلى عينيها قائلة بسخرية: أنا! إطلاقًا.

استطردتها، تركته وسارت بضع خطوات، جففت دمعها، هندمت ثوبها وشعرها أثناء سيرها، تبعها إياد ويبدو إليه صحة حديث أمه عنها حول أنها قد تتركه ببساطة لو جفاها حتى تجرأ وقطع طريقها.

عقدت مريم ساعديها أمام صدرها وصاحت باقتضاب: خيرًا!

ابتلع ريقه وأهدر ببعض التوسل: هل لي أن أتحدث معكِ قليلًا؟

-لا، لا حديث!

-بل هناك الكثير وأنت تعلمي.

-ماذا؟ أنا لا أعلم أي شيء، فإن كان لديك شيء فقله وبسرعة!

نفخ إياد أوداجه وجز على أسنانه قائلًا: طريقتك لا تروق لي.

فأجابته بلامبالاة: لكنها تروق لي، خيرًا! ماذا تريد؟

أخذ إياد نفسًا عميقًا مرة أخرى، حاول السيطرة على نفسه فقد بدأ يغضب حقًا، ثم قال: أعلم أنكِ غاضبةٌ مني.

عبثت مريم بأصابعها، أجابته بتهكم: أغضب! لماذا؟

-رجاءً قدري موقفي، كان عليّ أن أبتعد لفترة، قد أُجبرت على هذا.

-أُجبرت! أُجبرت تختفي، تختفي تمامًا! وماذا بعد أيضًا؟!

-مريم! لا تثيري غضبي!

- لم أفهم ما تريده بعد، هل لك أن تتحدث بصورة مباشرة!

-كنت أريد قول -وتلعثم قليلًا ثم أكمل- أنني كنت محتاجًا إلى بعض الوقت أُقيّم نفسي... كي أتأكد...

-تتأكد من ماذا؟

-من إحساسي بك.

بدأ يظهر عليها الارتباك بشكلٍ لاحظه جيدًا، حدق داخل عينيها بعشقٍ واضح ثم أكمل: مريم! لقد... لقد تفاجئت بنفسي أحبك، وكنت أريد أن أتأكد وأعطى لنفسي فرصة و...

-تعطي لنفسك فرصة لترى إن كنت أليق بسموك أم لا؟!

قالتها بتهكم، فصاح: إنتهي عن هذه السخافة وطريقة الأطفال!

جزت على أسنانها، أهدرت بغضب: لست بطفلة.

-هكذا تكوني طفلة.

-أخبرني ماذا تريد؟

-وغبية.

رفعت مريم سبابتها في وجهه قائلة بتحذير: إحترس، فإن لم تتقن حديثك معي وتنتقي ألفاظك جيدًا فسأمشي فورًا.

وهمّت بالتحرك، فأمسك بساعدها يستوقفها وأردف مستجديًا: إستهدي بالله رجاءً، أحبك يا مريم وكنت أود التأكد.

-لماذا؟

ابتسم وأجاب بمزاح :لماذا أحبك؟

خبطته في كتفه وأهدرت: سخيف!

فضحك وقال: سأقبلها منك يا قمري!

زفرت مريم وأردفت بعتاب: ومن يحب أحد يبتعد عنه هكذا! يتركه يتساءل ويحدّث نفسه ويضرب أخماسًا في أسداس!

-إنها المرة الأولى لي، وقد تصرفت بحماقة منقطعة النظير.

سكت هُنيهة وتسآل: وماذا عنكِ؟

بدأت مريم تتوتر وتفرك يديها بعضهما ببعض،وأهدرت بلعثمة: عادي.

فصاح بغيظ: عادي!

تحركت بؤبؤتا عينيها بتشتت خلال المكان، تتهرب منه، تساءلت متصنعة الثبات: ماذا تريد الآن؟

نظر إياد إليها بعشق هامسًا: قلت أحبك.

أومأت مريم بتوتر: حسناً!

-لا تثيري غضبي!

سكتت قليلًا، ثم ضربته على كتفه قائلة: أنا أيضًا، هل استرحت الآن؟

اتسعت ابتسامته وأهدر بمزاح مشيرًا بسبابته خلفها: هناك أسطوانة لإطفاء الحريق يمكنك ضربي بها أفضل من لكماتك هذه في كتفي.

لاح خيال ابتسامة على ثغرها جاهدت نفسها لتخفيها ثم تابعت مشاكسة: سأمشي كل هذا؟! إن الأسطوانة في نهاية الممر!

-أرى أنك تنوين رفع ضغطي.

فضحكت ثم تابعت بدلال: لا أرى فيها أذيً لك أبدًا.

حدق في وجهها عندما ضحكت مع لهجتها المدلِّلة فجأة، ثم تساءل ببلاهة: ماذا؟

ضحكت مجددًا من هيئته، فأمسك بيدها قائلًا بعشق: أحبك وأعشق رقتك ودلالك هذا.

ثم خلل أصابعه بين أصابعها مقرّبها إليه فأسندت برأسها على كتفه زافرة بإرهاق.

بينما هما هكذا إذ جاء حسام، رآهما فابتسم، اقترب نحوهما وقال مازحًا: في وسط المشفى هكذا!

انتبه إياد ومريم، ابتعدت عنه فجاة على الفور، بينما إياد يفرك بأصابعه في خلف رأسه بارتباك، أخفى اضطرابه وصدح: مرحبًا خالي!

عقد حسام ساعديه أمام صدره، وأهدر: مرحبًا! أليس الوقت باكرًا على مثل هذه الوقفة؟ و، التقارب بهذه الصورة؟!

أومأت مريم برأسها تؤيده في حرجٍ ظاهر، بينما حاول إياد تغيير الموضوع لإخفاء ارتباكهما، ابتسم قائلًا: لقد التحقت مريم بكلية الطب.

ابتسم حسام وهتف: آلله! مبارك يا ابنتي!

نظرت إليه بامتنان وقالت: بارك الله فيك يا عمي.

لكنها عندما نظرت في وجهه بوضوح اكتشفت إرهاقًا وتعباً شديدًا بادٍ على وجهه أو ربما حزنٍ شديد، عيناه ذابلتان، محاطة بهالاتٍ سوداء، قد نبتت لحيته بإهمال، فهيئته حقًا توحي بمعاناته، ودت لو تسأله لكنها قد استحيت.

أخفضت مريم بصرها عنه، ثم تساءلت: متى ستسترد أمي وعيها يا عمي؟

اغرورقت عيناه بدموعٍ سعى جاهدًا أن يكتمها، ارتعشت شفتيه قهرًا فقضمها، ثم أجاب بصوتٍ متحشرج: ستنهض إن شاء الله.

قالها بحزنٍ وشجنٍ عميق، قد أرسل إليها رسائل معين، إدراك لشيءٍ ما.

وضع حسام يديه على كتفيها مربتًا وقال: الأهم أن تركزي في دراستك ومستقبلك... هل فهمتِ؟ مستقبلك!

ثم أكمل مازحًا: أرى أن تتركيه يعاني حوالي خمسة أو عشرة أعوام.

أجابه إياد مغتاظًا، عيناه ملسطة على يدي خاله: ولماذا عشرة أعوام يا خالي؟ يمكنها القيام بالدبلوما وهي زوجتي.

حاول حسام كتم ضحكه من غيرة ابن أخته وإنزعاجه الظاهر، أخذ بيد مريم من ناحية وبيد إياد من الناحية الأخرى ثم قال: هيا نذهب لنطمئن على ليلى!

تذكرت مريم أمر أبيها فتوقفت فجأة عن السير فتعجب كلًا من إياد وحسام، فتساءل إياد: لماذا توقفتِ هكذا؟ هل تعاني من شيءٍ ما؟

طأطأت برأسها أرضًا في ارتباك دون أن تعقب، شعر حسام بخطبٍ ما فتساءل: ماذا هناك يا مريم؟!

ارتبكت وتلعثمت قائلة: إن... إن... إن أبي بالداخل.

اتسعت حدقتا حسام فجأة وصاح بحدة: قُلتِ من بالداخل؟!

بدأت مريم بالبكاء قائلة: لقد وصلّني ثم أصرّ على الدخول معي ولم أستطع منعه.

تشنجت ملامح حسام، رفع سبابته وصاح بغضب: ألا تعلمي أن الزيارة ممنوعة و زيارتك أنتِ استثنائية، حتى أخاكِ عليه مقابلتي قبل دخوله إليها، كي أملي عليه ما ينبغي فعله.

-أعتذر منك يا عمي... لكن...

قالتها مريم ولا زالت تبكي، قاطعهم صوت صراخٍ قادم من غرفة العناية المركزة... إنه صوت ليلى!


NoonaAbdElWahed

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro