Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفصل الخامس



" لقد نجوت من الحياة بأعجوبة "

رسالة أحدهم قبل أن يقدم على الانتحار

*

قد تغسل الدموع الوجوه لكنها مستحيل أن تغسل قلوبنا و تنظفها من أحزانها

فالأحزان مثل الوشوم لا تزول حتى يأكلها التراب

جالسة على مقعد خشبي وسط المعرض بينما جميع الأضواء مطفأة، جالسة أشاهد أرون يتجول حولي و هذه المرة ليس بسبب هذياني بل بن هو من فعلها ولا أدري كيف تمّ الأمر

لكن ما أعلمه في هذه اللحظة أنني أحاول بكل جهد أن أحفظ ملامحه التي تغيرت قليلا ... لقد كبر سنتين و بات اليوم في العاشرة من عمره و بعد شهور سيبلغ الحادية عشر، ابني حبيبي يزداد وسامة كلما تقدم به العمر ... العمر الذي سُرق منه

شعرت بكف بن على كتفي هو الذي كان يقف خلفي حينها نبست و نبرة البكاء في صوتي

" هل هو حقيقي ؟ "

إلا أنه دنى قليلا اليّ ليقول قريبا مني

" ليس حقيقي و لكن أدري أن مثل هذا الأمر سيشفي قلبكِ قليلا "

وقتها وضعت كفي على كفه الموجودة على كتفي شادة عليها

" أريد أن ألمسه ... أن أضمه لقلبي يا بن "

" للأسف لا يمكنك سوى رؤيته دليشا "

تنهدت بقهر ثم سحبت كفي أضعها بحضني و هو دنى أكثر قائلا

" سوف ينتهي الوقت قريبا دليشا فكوني مستعدة "

أومأت دون أن أقول أي شيء و تمنيت ألا ينتهي لكن ليست كل أمانينا نبلغها مهما أردناها بشدة و مهما اعتقدناها حقيقية

وقف أمامي ثم بدأت صورته تتلاشى حتى اختفت كليا و بعدها أنيرت أضواء المعرض، شددت على كفيّ أحاول السيطرة على بكائي لكنني لم أتمكن فرفعتهما أضم بهما وجهي

بكيت و بن شعرت به يجلس القرفصاء أمامي واضعا كفيه في حضني يطالب بكفيّ

" دليشا ... "

لكنني فقطت شددت على كفيّ أضمهما و هو أبعدهما عن عينيّ يمسك بهما قائلا

" لست أحاول منعكِ عن البكاء لكن لا تبكي بكاء الندم "

فنفيت حينها مجيبة و الجرح في قلبي يؤلم بشدة

" كيف تقول أنه ليس عليّ الندم يا بن ... إنني لا أعيش لحظة دون أن أقول لو "

" لو لن تفيد سوى في توسيع جرحك ... ستشعرين أنك في حرب لا تستخدمين فيها سوى عقلك و بالتالي ستكونين مرهقة "

" لا شيء مهم بعد أرون صدقني "

" أصدقك و أشعر بكِ ... أحاول بكل قوتي أن أشعر بكِ "

أومأت فاستقام و جعلني أستقيم كذلك ليمسح دموعي بكفيه العاريتين، بظهر كفه أبعد الدموع عن وجنتي ليرسم ابتسامة

" ألا تريدين رؤية باقي المعرض ؟ "

" هل كله لأرون ؟ "

" بل رسائل و اقتباسات من رواياتك كلها لأرون منكِ "

نفيت تفانيه و أكاد لا أصدق أنه جمع كل الصفات الجميلة الموجودة في أبطال رواياتي و وضعهم فيه ثم سألته من جديد

" هل أنت حقيقيّ أيها الرجل السعيد ؟ "

" إنني كذلك ... و ستكونين مثلي دليشا "

أمسك كفي ثم سحبني من مكاني ذلك و عندما مررت في المكان الذي تجول فيه أرون حاولت امساكه بكفي الثانية التي بسطتها لكن ذلكم لم يجدي فهذه المرة كان طيف يستطيع الجميع رؤيته مثلي لكن لا يمكنني لمسه

جعلني أقف أمام كل تلك الجمل التي كتبتها في يوم، الكثير منها تذكرت متى كتبتها و البعض نسيت تماما مثلما نسيت الكثير من الأشياء الجميلة في حياتي

*

الموقف لم يكن سهلا

ما قمت به يعتبر شيء غير اعتيادي ... استخدمت واحدة من تقنيات الذكاء الصناعي و قد استعنت بصديق لي مهندس الكترونيات و عملنا كثيرا حتى استطعنا تحويل صورة أرون إلى شخص يتحرك حول أمه و ملامحه ظهر عليها بعض الكبر

بعد أن تجولت في المعرض و وقفت أمام كل اقتباس محدقة دون أن تقول أي شيء أنا أخبرتها أنه يجب علينا العودة، أمسكت كفها عندما سمحت لي و خرجنا نسير في الشارع معا و قد فضلت أن أجعلها بجانب الجدار حتى لا تشعر أنها غير مرتاحة و بذات الوقت حتى تعود لطبيعتها

إنني أفهما عندما تقول لا أشعر بالراحة وسط الناس، فالكثير منا عندما يعتزلون الناس ثم يخرجون فجأة سيشعرون أن كل العيون مسلطة عليهم، و كل الأصابع تشير اليهم و دليشا شخص معروف حتى لو غابت هذه السنتين التي مرت فهي لا زالت أكثر كاتبة مفضلة لدى الشباب

كانت الأجواء باردة و عندما وقفنا قريبا من المحطة التفتت لي لتتساءل

" ألن نذهب في سيارتك ؟ "

حينها ابتسمت نافيا لأمسك كفها بكفيّ معا

" لنتجول قليلا في الشوارع قبل أن نعود ... تعرّفي من جديد على تلك الأماكن التي هجرتها ؟ "

" لا أريد رؤية ذكرياتي السعيدة "

" أفهمك و أدري أن الانسان يكون ضعيفا حزينا أمام ذكرياته السعيدة لكن عليك أن تجعليها أوقاتا جميلة و ثمينة لا تفرطين فيها "

" الكلام سهل بن "

" لا الكلام ليس سهلا صدقيني ... ثقي بي و سأكون معكِ "

" لا أثق بنفسي و لا أريد فقد بهجتي برؤية أرون و كيف صار "

حينها تنهدت ثم أومأت

" حسنا لكن لنستقل الباص ... عودي رويدا، رويدا "

" سوف أحاول "

توقفت الحافلة أمامنا لتفتح أبوابها فلم أنتظرها بل سحبتها و صعدنا و عندما أقفلت الأبواب الكثير من الركاب نظروا الينا ... نظرات عادية مثل أي شخص عندما يصعد لحافلة ما و جميع الجالسين ينظرون له لكن كف دليشا التي شدت على كفي جعلتني أشير نحو الدرج قائلا

" لنصعد و نجلس في الدور الثاني ... لندن تكون جميلة ليلا "

لم ترد و صعدنا معا لنجلس في أحد المقاعد التي كانت باردة جدا، أبيت ترك كفها و هي كانت تنظر أمامها غير آبهة بالهواء البارد الذي يحرك شعرها، كنت أمسك بكفها اليمنى و عندما تمردت خصلاتها السوداء القصيرة على ملامحها قربت كفي الأيمن و أبعدتها عنها فالتفتت لي ... عينيها حزينة لكنها لا تزال ترسم بسمة صغيرة

" هل تسمحين أن أستخدم اسمكِ و اقتباساتكِ في المعرض ؟ "

" و هل أستحق تكريما كهذا في حياتي ؟ "

" بالتأكيد تستحقين "

" افعل ما تريد بن ... لن أمنعك عن شيء تريد القيام به و تحبه "

حينها ابتسمت مقربا كفها الباردة التي أمسك بها و قبلتها محدقا بعينيها

" هل تسمحين لي بحبكِ ؟ "

" أنا فقط لا أريد لقلبك أن يكسر و تؤذى أنت كذلك بسببي "

" لا تخافي على قلبي ... "

حينها قربت كفها الثاني و ربتت على كفي التي لا تزال تشد بقوة على كفها ثم أبعدها و التفتت تنظر للشوارع بجانبها، طالت جولتنا في الشوارع و قد تعمدت أن أجعلها كذلك و بعدما نزلنا كان المجمع الذي نقيم فيه بعيدا قليلا عن محطة الحافلة

سرنا في طريقنا لكن هذه المرة وضعت كفيها معا في جيوب معطفها الطويل عندما أمسكت أنا حقيبتها حتى وصلنا و عندما استقلينا المصعد إلى شقتها هي التفتت مبتسمة لتقول

" أنا أشكرك بن ... "

" لا أحتاج لتشكريني ... "

" ما الذي يمكنني قوله ؟ "

" لنخرج غدا و نسير فقط بدون هدف "

" وسط الناس و أثناء النهار ؟ "

" أجل ... سوف نأخذ كمرتي و نصور الكثير "

" لا أدري بن "

" تعالي معي و لن تندمي "

" لن يكون سهلا عليّ الجول مثل الليلة "

" عليكِ فقط أن تعتادي "

" هل تعتقد أنه يجب أن أجرب ؟ "

" بالتأكيد "

ابتسمت مومئة و عندما فتح باب المصعد كان هناك رجل يقف بقرب الباب يسند نفسه عليه و عندما رآنا داخل المصعد اعتدل بوقفته ليبعد كفيه عن جيبه و بدت نظراته منزعجة و هي همست قبل أن تخرج متقدمة نحوه

" أوسكار ... "

خرجت من بعدها عندما تعرفت عليه من يكون لما ذكرت اسمه ليقفل الباب و هو قال بنظرات غاضبة و صوت كذلك غاضب عندما التفت لها

" لقد قلقت عليكِ عندما لم تفتحي الباب "

" أنا ... "

لقد تقدمت لتقف أمامه و بدت مرتبكة للغاية و هو أمسك ذراعها محاولا سحبها قائلا

" هناك موضوع مهم يجب أن نتحدث فيه "

سيطرته التي ظهرت عليها لم أحبها لذا اقتربت أنا الآخر ممسكا بذراعها الثاني

" دليشا دعتني للعشاء "

قلتها ناظرا في عينيه و هي وجدت نفسها بيننا لذا ترك ذراعها و قال بنبرة لا تزال غاضبة

" و من تكون أنت ؟ "

" أنا صديق دليشا المقرب "

" فجأة ظهر هذا الصديق يا دليشا ؟ "

قالها ملتفة لها فتوترت لكنني تركت ذراعها لأمسك بكفها و خللت أناملنا معا مجيبا بدلا عنها

" أنت طليقها و ليس لك الحق في لومها بهذه الطريقة "

" أنت ... "

قالها مشيرا لي و قبل أن أقول أي شيء أخيرا قالت دليشا

" ماذا تريد يا أوسكار ؟ "

عندها رمقني بعدم راحة ثم قال

" سوف أتصل بك لاحقا عندما تكونين بمفردكِ "

تجاوزنا مقتربا من المصعد لتقول هي عندما التفتت له متخلصة من كفي

" بن دائما يكون موجودا معي "

حينها التفت لها ثم حدق بي و وقتها أخرج من جيبه مغلف أبيض و اقترب يقدمه لها

" هذه عقود عقارات كنتِ قد ابتعتها لأرون ... "

حينها امتنعت عن أخذها ثم نفت قائلة

" لا أريدها "

" لكنها ملك لكِ "

" هذا ارث تركه أرون و هو من حقك "

" ليس من حقي ولا أريد شيئا منكِ "

قالها دون مراعاة ليمسك بكفها و وضع المغلف بها ثم رفع نظراته ناحيتي و كان مستاء بالفعل ليغادر و المصعد أقفل، لم يحب وجودي ولا حتى تمسك دليشا بي عندما حاولت أن تكون على سجيتها، في البداية ضعفت و توترت أمامه لتحاول التبرير له متناسية أنه طليقها

أحيانا في المواقف الصعبة نحن لا ندري كيف نتصرف

كنت أقف خلفها عندما التفتت لي محركة كتفيها بينما الدموع ملأت من جديد عينيها حينها اقتربت و أخذت ذلك الظرف الذي سلمه لها

" هل أدلك على شيء يجعل اسم أرون يذكر كل يوم ؟ "

" ما دام والده لا يريد هذا لأنه مني فأنا أريد أن يستفاد منها أطفال بعمر أرون "

" سيكون كذلك ... هناك دار أيتام مبناها بات قديم للغاية و يحتاج للترميم "

" لو كنت أعلم من قبل كنت قدمتها لهم بالتأكيد "

" الأوان لم يفت يا دليشا ... و الآن هل ستدعيني للعشاء ؟ "

ابتسمت لكنها نفت

" هل يمكن أن تعفيني اليوم ؟ "

" ماذا عن الخروج غدا ؟ "

" سوف أحاول "

" اذا سوف أمر صباحا "

قلتها معيدا لها المغلف و قلت ببسمة

" حاولي أن تكتبي أي شيء لأرون ... حتى لو كانت شكوى من والده "

" سوف أفعل "

حينها بجرأة تصرفت عندما اقتربت مقبلا جبينها ثم غادرت ملوحا دون أن أنظر لها و نزلت الدرج ... أتمنى أن نذهب بعيدا أنا و هي فقط و وقتها سأتمكن من مسح كل جروحها و أرون لن تتذكره إلا و البسمة مرسومة على وجهها

*

فتحت عينيّ بعد قبلته على جبيني فكان يغادر من ناحية الدرج، ظللت واقفة حتى أقفل باب الدرج خلفه و بعدها التفت أفتح باب البيت و عندما دخلت مثل عادته كان مظلما

أبعدت حذائي ذو الكعب بجانب الباب معلقة كذلك معطفي ثم توجهت نحو غرفة أرون و لا زلت أحمل المغلف الذي وضعته بجانب الآلة الكاتبة بمجرد أن جلست على المقعد مستعدة للشكوى اليوم

تنفست بقوة ثم ضممت كفي معا شادة عليهما و بعد تنهد خرج مني قربت أناملي من الآلة الكاتبة

" حبيبي أرون ... ابني الوسيم، أشعر بالتوتر اليوم و أنا أحاول الكتابة لك

لقد تغيرت علي منذ آخر مرة التقيتك فيها، كبرت و ظهرت وسامتك أكثر، أنا فخورة بك يا صغيري بالرغم من أنك لست كذلك فيما يخصني، أنت بالتأكيد لست فخورا بي كأم

لقد فشلت في تأدية دوري و الآن أدفع ثمن فشلي ذلك و غروري ... الجميع ابتعد عني حتى والدك و اليوم رفض أن يأخذ الارث الذي تركته له أنت فقط لأنه مقدم لك من طرفي، ليس من حقي أن أغضب منه ولا أن ألومه لكنني أريد أن أشكو لك صنيعه

كذلك أريد أن أخبرك أنني سوف أتبرع بهم حتى تكون حياة أطفال بعمرك أفضل بكثير ... أرجو أن يكون ذا فائدة لهم

لا زلت بالمناسبة أشعر بالتوتر ... لا أدري كيف أواصل حديثي هذا معك و لكنني أشعر قليلا بالتحرر اليوم ... تك تك تك ذلك الصوت و الفراغ الذي يملأ أوراقي تجنبني اليوم

ربما لأنني خرجت و حدثت أمور أردت اخبارك بها بشدة

بت أخاف من الناس حولي بالرغم من أنهم لم يفعلوا لي شيء و لكن لا أشعر بالراحة و الاطمئنان كلما تواجدت بينهم

لدي صديق اسمه بن اقترح أن نخرج غدا و أنا أريد أن أخرج ... أريد أن أواجه مخاوفي حتى آتي آخر النهار و أخبرك بها

لا أريد أن أحكي لك عن بن اليوم ... ربما في فرصة قريبة لأنني أريد أن أتحدث عنك أو عني فقط

ألا زلت تحبني يا أرون ؟ "

آخر سؤال كتبته بعد وقت و ملامحي التي كانت باسمة تحولت لآخرى بائسة ... رفعت رأسي ناحية الباب فرأيت أرون الذي رأيته في المعرض، ابتسم لي مميلا رأسه ثم التفت مغادرا و أنا استقمت واقفة مكاني لأقول من خلفه

" سامحني يا ابني ... لقد حرمتك الحياة "

*

سكنت اليها و رغما عنها وجدت نفسها تسكن اليّ

إن ما يجمع بين الناس و يوثق العلاقات بينهم ليست لحظات السعادة و الفرح أبدا

بل هي تلك الأوقات الحزينة ... الدموع الصامتة التي تبكى بعيدا عن الأعين

بعد ساعتين من عودتنا سمعت باب غرفتها يقفل ثم خطواتها نحو السرير و هذا ما جعلني أستقيم عن الأريكة و أخلد أنا الآخر إلى النوم

تواجد ذلك الرجل فجأة و في يوم مثل اليوم لم يكن سوى توقيتا سيئ ... لا يمكنني لومه لأنني لا أدي ما وقع بينهما لكن يمكنني الانزعاج منه لأنه تركها في أكثر الأوقات التي احتاجته فيها و اليوم أتى حتى يظهر حقده المدفون في قلبه ضدها

اذا كان لا يطيق وجودها في حياته لما انزعج من ظهوري في حياتها ؟

لما كل رجل يهجر امرأة ستحلو بعينه اذا ضمها رجل غيره و أعاد لها البعض من حياتها و زهو ألوانها ؟

مثلما المرأة كائن غريب كثيرا ما نقول أننا لا نستطيع فهمها فنحن أغرب منها ... الرجل تكوين معقد أكثر لأنه يفهم ما تريده الأنثى الواقفة أمامه لكنه يتظاهر أنه لا يعلم و يطالبها بالكلام المباشر ثم يهرب وقت المواجهة

أخذت حمامي و غيرت ثيابي لمنامة سوداء ثم جهزت لنفسي شطيرة، أكلتها و بسرعة خلدت إلى النوم ... أريد أن يأتي غدا بسرعة حتى ألتقي بها

بحلول الصباح استيقظت، غيرت ثيابي ذات اللون الأسود ثم جهزت فنجان قهوة و اتجهت نحو النافذة و وقفت أشرب قهوتي بينما أركز في الأصوات فوقي ... سمعت خطواتها الحافية الهادئة و هذا جعلني أبتسم

المصاب بالاكتئاب لمجرد أن يبعد غطاءه عنه و يترك سريره فهذا يعد معجزة في يومه

أن تترك دموعها و بعض الألم في قلبها على وسادتها و تحت غطاءها لتقبل على الحياة هو دافع قوي لي حتى أواصل محاولاتي ... لعلي في يوم أتمكن من تعويضها

سمعت صوت هاتفي فالتفت له هو الذي كان على الطاولة فاقتربت منه و وضعت قدح القهوة بقربه لآخذه فكانت رسالة منها

فتحتها و ابتسمت

" لقد بدأت يوما جديدا يا بن "

" سعيد أنا بهذا يا دليشا "

" لست متأكدة إن كنت سعيدة ... و لكن هناك دافع اكتشفته أمس يجعلني أريد الخروج اليوم "

" ممتن أنا لهذا الدافع "

" متى سنخرج ؟ "

" متى ما أردت ... "

" سوف أتجهز اذا "

" ماذا عن التبرع ... هل تريدين الذهاب اليوم ؟ "

" كلما كان الأمر قريبا كان شيئا جيدا بالنسبة لي لذا أجل لنذهب أولا هناك و بعدها نذهب في جولتنا "

" حسنا اذا سوف أتصل بادارة الميتم و أخبرهم عن الأمر "

" ممتنة لك جدا أيها الرجل السعيد "

ابتسمت بعد آخر رسالة وصلتني منها ثم وضعت هاتفي و مضيت نحو غرفتي، أخرجت سترة و وشاح، ارتديتهما ثم مررت على غرفة التحميض و أخذت حقيبة آلة التصوير

أخذت هاتفي ثم غادرت البيت و صعدت للدور الأعلى حتى وصلت أمام بابها و قبل أن أطرقه هي فتحته، بسرعة رسمت بسمة على وجهي، كانت ترتدي هذه المرة بنطال و كنزة خيطية، تترك شعرها الأسود حرا و معهم معطف أسود، كل ثيابها سوداء كما تعودت ولا تضع أي زينة على وجهها

" مرحبا بن "

قالتها فبادلتها بعد تنهد بهيج

" مرحبا دليشا ... "

خرجت تقفل الباب و كانت تضع حقيبة بجانبية تحت سترتها المفتوحة، أشرت لها نحو باب المصعد فاقتربنا و وقفنا للحظات بصمت ننتظر أن يفتح ... بقينا على صمتنا بعد أن صعدنا للمصعد و حتى خرجنا من المبنى حينها توقفت دليشا فتوقفت أنا الآخر لتلتفت لي و تتساءل

" أنت لم تجلب سيارتك أليس كذلك ؟ "

" لا ... أريد أن نذهب في المواصلات العامة "

فتنهدت من جديدي لتومئ

" حسنا ... "

غادرنا حتى وصلنا بقرب محطة الباص فتساءلت من جديد

" هل اتصلت بادارة الميتم ؟ "

" أجل موعدنا بعد ساعة من الآن "

" و هل الوقت كافي حتى نصل ؟ "

" أجل ... ليس بعيدا "

أومأت من جديد و تمسكت كفيها معا بذراع حقيبتها الطويل، نظرت بعيدا متجنبة النظر للناس الذين وقفوا بجاننا أما أنا فقط حدقت بها ... بملامحها و شعرها و كل تفاصيلها

كيف هي تشد على ذراع الحقيبة ... ضلع مكسور يصعب تجبيره أنت أيتها المرأة الحزينة

الأمهات الفاقدات أنواع و دليشا ذلك النوع الذي أظهر هشاشته بمجرد أن ذاقت مرارة الفقد ... ما يؤلمها و يضعها بحضن الاكتئاب ليس كما تقول أنها السبب

بل لأنها كانت تبني كل حياتها على وجود ابنها و مستقبله، كانت دائمة التأجيل لأوقاتها السعيدة معه إلى بعد حين حتى تتمكن من بناء خلفية لها و له يمكنه أن يستند عليها مستقبلا

جميع البشر هكذا ... يؤجلون أحلامهم و اراداتهم بينما يعملون بجد في حاضرهم

توقفت الحافلة فتقدم الناس يصعدون و هي ظلت واقفة ثم التفتت لي لترفع نظراتها نحو نظراتي و أنا ابتسمت ثم أمسكت بكفها و سحبتها معي نصعد، مباشرة صعدنا للدور العلوي حيث يمكنها أن تشعر بالراحة و خصوصية أكبر

جلسنا مثلما جلسنا ليلة أمس و بعد لحظات من انطلاق الحافلة هي قالت بهدوء

" أرون كان يود بشدة أن يركب الحافلة الحمراء معي ... "

و التفتت لي مواصلة

" وعدته كثيرا لكن مثل جميع وعودي له ... أنا خذلته "


نهاية الفصل الخامس من

" قبر من لحم و دم "

أتمنى أن الفصل أعجبكم و أثار حماسكم للقادم

إلى أن نلتقي بكم كونوا بخير

سلام

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro