Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفصل الثاني

مرحبا قرائي الغاليين

استمتعوا بفصل اليوم 

*


" ربما الحياة ليست للجميع "

رسالة أحدهم قبل أن يقدم على الانتحار


هناك قلوب تتحول إلى قبور

حياة و أيام لن تكون سوى مثل حبات التراب التي تدفننا تحتها

عندما ننسحب من الدنيا غير مكترثين بها لن يكون سقوط الأيام منا مهم

من قبل أحببت الحياة و كنت أعشق زهوها و البريق الذي ميزتني به، أحببت شهرتي و حب الناس لي، العديد من الناس قالوا رسمت البسمة على وجوهنا، حفرت الأحلام من جديد في قلوبنا، كتبتُ عن كثير من المشاعر، كتبت عن مشاعر الأم لابنها لكنني أهملتها في الحقيقة فاكتشفت أنني في مرحلة ما تحولت

في وقت ما سرقتني الشهرة و سطوتها فكنت غير حقيقية و أنني كتبت عن شيء أنا لم أفعله مع أنني أم و لديّ مشاعر تجاه ابني لكنني لم أستثمرها فيه، مشاعري منحتها لشخصية حبرية في روايتي فنفذت مني في واقعي

حاولت مرة أن أنتحر عندما قطعت شراييني، يومها كنت خائفة جدا لكنني قررت التنفيذ حتى أشعر بالراحة أخيرا، أدري أنني أنانية كثيرا فحتى مشاعر العذاب و تأنيب الضمير الذي يفترض أن أتحملها أريد الهرب منها بالموت

أنقذني أوسكار و وضعني أمام ذنبي من جديد، فسكن في قلبي و عقلي التمني، ليتني في ذلك اليوم السيء كنت رفضت كعادتي أن أصحبه معي

نظرت لهاتفي الذي وضعته على جانب الطاولة ثم استقمت و سرت حتى وقفت أمام المرآة محدقة بنفسي، اختفت دليشا القوية، المرأة الأنيقة ذات الملامح الواثقة ما عادت موجودة

نظرت حولي ثم التفت نحو الستار الذي لم يفتح منذ شهور، اقتربت ببطء منه مقررة فتحه و عندما فعلت آلمني الضوء في عينيّ بشدة حتى وضعت كفيّ عليهما بسرعة محاولة حماية عينيّ، و هكذا باتت الحياة و السعادة بالنسبة لي، مؤذية للغاية مثل أشعة الشمس و ضوئها

ببطء من جديد أبعدت كفيّ عن عينيّ مجبرة نفسي على فتحهما رغم الألم، لقد وعدت أوسكار ألا أجعله يشعر بالذنب، بالرغم من أنني متأكدة أنني لن أهمه بعد الآن ... ربما هذه حجة فقط حتى أتعلق بالحياة

أخذت حماما ساخنا و بعدها قررت شغل نفسي، التصرف كأم تهتم بأمور ابنها، تنظف وتطبخ وتهتم بغرفته، أبعدت الستائر المظلمة عن جميع أرجاء المنزل فدخل الضوء له  الذي لم يدخله منذ سنتين و وقتها فقط تمكنت من رؤية الغبار المتراكم ... نفسه الغبار المتراكم فوق قلبي

مضى اليوم كله و أنا أعمل دون توقف و قد شعرت ببعض التحسن ... شعرت بفرحة أخيرا عندما انتهيت من تنظيف غرفة أرون و اعادة أغراضه التي كانت على مكتبه كما كانت قبل الحادث، كل شيء وضعته في المكان الأخير الذي وضعه فيه

أبعدت أناملي عن قلمه ثم تنهدت ممسكة بممسحة الغبار و بعدها التفت لإطار صورته الموضوع على الطاولة الموجودة بجانب سريره، اقتربت حتى جلست على جانب سريره ثم أخذت الإطار ممرة أناملي على ملامحه الصغيرة البريئة حينها بكت عينيّ من جديد ... بكت تلك الدموع العالقة في صدري

" قررت اعتزال الدنيا من بعدكَ يا حبيبي ... إنني عاجزة عن فعل أكثر ما كنت أحب فعله، بت أكره شيء اسمه الكتابة لأنها من سرقتني منك و كانت السبب في سرقتك مني و من أيامي، أحببت أشخاص وهميين فسرقت من مشاعري لك و منحتها لهم و الآن بت عاجزة عن التفكير حتى في خلق شخصيات جديدة، إنه عقابي و أنا أستحق "

قربت الاطار مني و بعد أن قبلته كثيرا ضممته لصدري مغمضة عينيّ، شددت عليه كأنني أشد على ابني في حضني و لحظتها شعرت بأنفاس ابني الصغيرة، شعرت بذراعيه تعقدان عند رقبتي عندما ضمني من الخلف واضعا رأسه على كتفي مخبئا وجهه برقبتي 

تركت بسرعة اللإطار الذي وقع أرضا فأصدر صوتا يشبه الصوت الذي أصدره قلبي عندما كسر، سارعت في امساك ذراعيه حتى لا يغضب و يهرب مني مثل العادة و ما إن خالفت ذراعي محاولة فعل ذلك حتى وجدتني أضمني و ابني اختفى ... إنه يشتاق لي لكن لا يريدني أن أذهب إليه، أرون كان دائما يقول سوف أعاقبك يا أمي لأنك تخلفين بوعدكِ ... و ها أنت تفعل يا أرون

استقمت من مكاني محدقة نحو الأرض بقرب قدميّ و تحسرت على الإطار و صورته التي خدشت بسبب الزجاج، دنوت بهدوء و أخذته معتذرة

" آسفة يا صغيري ... آسفة فلهفتي عليكَ غيبتني "

مسحت دموعي ثم غادرت الغرفة مقررة البحث عن متجر لإصلاح الإطار، أخذتني اللهفة فذهبت لغرفتي، أخذت معطفي الأسود الطويل، لبسته ثم حملت محفظة نقودي، وضعت الإطار في كيس ورقي كان في المطبخ و غادرت المنزل، كانت السماء مظلمة وقتها و كنت كذلك قد نسيت أنني بت أخاف الخروج وسط الناس، بت أخاف النظرات و حتى أكره سماع كلام المواساة الكاذب

كل همي في تلك اللحظات كان أن أجد من يساعدني في إصلاح الإطار و ابعاد الخدوش عن ملامح ابني ... كنت مُهمَلة و لم أهتم لمظهري فكان كل من مررت بجانبه نظر ناحيتي بنظرات مستغربة، بعد سير طويل أخيرا وقفت أمام أستوديو تصوير قديم لا زال يعرض الصور كما كان يتم عرضها منذ سنوات مرت

كان مكانا ترددت عليه في طفولتي كثيرا كما تمنيت أن أجلب له ابني حتى آخذ له صورة تقليدية، ضاع ابني و ضاعت الأيام مع الأماني و ها أنا أقف وحدي أمام بابه وحيدة ... وحيدة كل ما أملكه إطار مكسور و صورة خدشت

دفعت خطواتي متقدمة و عندما فتحت الباب قارع الجرس الموجود فوقه كما كان منذ زمن، عندما رفعت رأسي استقبلني رجل بدى قد تعدى عقده السابع، شعره كله أبيض و التجاعيد رسمت على وجهه، منذ سنوات فقط كان لا يزال شاب و أنا وقتها كنت لا أزال طفلة ... طفلة لا تحمل في قلبها كل هذا الهم و هذا الحزن و البؤس

" مرحبا ... "

قلتها بصوت مهزوز و خافت للغاية، بت أخاف من كل شيء حولي حتى البسمات، لكنه ابتسم ليجعل من وجهه بشوشا مجيبا

" أهلا ... هل يمكنني خدمتكِ سيدتي ؟ "

فاقتربت أكثر لأقف أمام الطاولة التي تقف بيني و بين الرجل قائلة

" لقد أوقعت إطار صورة ابني دون قصد فكسر و الزجاج خدش الصورة ... "

قلتها بشكوى أكثر منها طلبا لخدمة يقدمها المكان فابتسم مجيبا

" تريدين إصلاح الإطار ؟ "

" نعم ... "

قلتها ثم وضعت الكيس على الطاولة ليأخذه هو و أخرج منه الإطار، وضعه أمامه على الطاولة راسما بسمة ليقول بعدها بمجاملة

" طفلك لطيف جدا سيدتي "

ابتسمت له مومئة لكن عينيّ امتلأت دموعا مجيبة بصوت خرج بصعوبة

" شكرا ... "

فقال مرة أخرى

" هل يمكنك الانتظار قليلا ؟ "

" هل يمكنك اصلاح الصورة ؟ "

قلتها برجاء من جديد فنظر بعينيّ و البسمة التي أرتسمت منذ دخلت بدأت تتلاشى ليقول بهدوء

" لحظة فقط ... "

قالها ثم أشار لي على مقعد في الركن المقابل قائلا

" يمكنك الجلوس سيدتي "

أومأت و دفعت خطواتي ببطء لأجلس على المقعد، أمسكت ثوبي الأسود شادة عليه بقوة ناظرة أمامي بشرود محاولة حبس دموعي

" بن هل يمكنك أن تأتي لحظة رجاء ؟ "

" لحظة فقط عمي "

حركت قدمي بتوتر و لحظات حتى خرج الرجل الذي ناداه عندها رفعت نظراتي نحوه، كان طويل القامة و يلبس ثيابا سوداء، يضع نظارات طبية مدورة الشكل، لديه لحية خفيفة مع شعر مبعثر بندقي اللون يتخلله بعض الشقار ... لا أدري لما هو يشبه آخر بطل كتبت عنه و لم أنشر قصته

" بن السيدة تريد أن تصلح الصورة فهي مصابة ببعض الخدوش و فكرتُ أنه يمكنك أن تصلحها "

و بعدما قال له الرجل هذا الكلام أنا استقمت مقتربة قائلة برجاء

" سوف أدفع لك ما تريده سيدي فقط أصلحها "

و لكنه لم ينظر أبدا للصورة ... ظلّ ينظر لي و حاجبيه مرتفعين بينما ملامحه لا يمكن قراءتها، هل يعقل أن يرفض ؟

*

ارتحت في المقهى قليلا بعد أن تفقدت الصور الملتقطة اليوم فكانت كلها تحتوي على البسمات العفوية

دفعت ثمن قهوتي بعد وقت ثم حملت كمرتي و رحلت مقررا المرور على أستوديو عمي الخاص بالتصوير، المكان الذي بدأت منه وعشقت فيه شيء اسمه التصوير

عمي أندرو رجل بسيط للغاية، فضلّ البقاء في عالمه الذي اختاره لنفسه منذ سنوات طويلة، حافظ على طابع الأستوديو الخاص به و كنت أظن أن لا أحد سيأتي ليطلب صورة تقليدية كما كنا نفعل و نحن أطفال لكن في كل مرة أزوره يقول أن الكثير من الناس يمرون ليأخذون صورا تقليدية و يضعونها في إطارات قبل المغادرة

يبدو أنهم لا يأتون من أجل الصورة بل لأجل الذكريات و تلك المشاعر الضائعة

كنا نحتسي كأسين من النبيذ الذي يحتفظ به هنا بعيدا عن زوجته حتى لا تؤنبه عندما قال أنه سيحضر شيء من الخارج ليريني إياه لكن ما إن خرج حتى سمعت الجرس الكائن فوق الباب ثم سمعته يتحدث لكن من كان معه صوته لم يكن واضحا

حملت كأس النبيذ أقربه مني راسما بسمة محدقا بهاتفي الذي وضعته بقربي على الطاولة لكن قبل أن أرتشف منه سمعت صوته ينادي علي يخبرني أن أخرج له لحظات، وضعت كأسي على الطاولة و استقمت ملبيا نداءه، خرجت و ما إن رفعت رأسي حتى رأيت من لم أكن أنتظر رؤيتها ... دليشا أونيل

لكن لم تكن هي دليشا التي أعرفها، شعرها الأسود الناعم القصير كان مهملا، ملامحها حزينة و بشرتها شاحبة للغاية، ثيابها سوداء و حذاءها كان رباطه مفتوحا

جفون عينيها حمراء ذابلة و الدمعة تسكن بمقلتيها تبلل رموشها فتظهر كم أن قلبها متعب، كم أن كسرها كان صعبا ولا يمكن تجبيره بسهولة

" صدقني يمكنني أن أدفع لك ما تطلبه مقابل ابعاد تلك الخدوش عن صورة ابني "

قربت كفيها من كفي و أمسكتها شادة عليها عندما لم تبعد نظراتها عن نظراتي و أنا ... أنا يا الهي ما الذي جرى لي و ما الذي أصابني ؟ هل يعقل أن تكون المرأة التي اعتقدت أنني لن أراها بعد الآن تمسك بكفي و تترجاني ؟

وقفت عاجزا عن قول شيء، حتى عن طمأنة قلبها أنه يمكنني معالجة تلك الخدوش من على الصورة ... أيعقل أنها وصلت لهذه الدرجة من الألم و اليأس ؟

" بن ... السيدة تترجاك "

التفت لعمي مغيب تماما فقال من جديد ممسكا بذراعي

" بن هل لك أن تجيبها ؟ "

خرجت عن شرودي ملتفت لها و لعينيها الحزينة، بسرعة وضعت كفي على كفيها، ربت عليهما قائلا بعد أن أفقت من سطوتي و مفاجأتي

" يمكنني ... "

" حقا ؟ "

تلك النبرة التي قالتها بها كأنها تقول لقد أعدت لي الروح ... كيف لا تعود لها الروح و هذه قد تكون آخر ذكرى من ابنها، أدري ما بها و أدري عن جرحها لكنني سوف أتظاهر أنني لا أعلم و لا أعرف

" أجل سيدتي ... هلا جلست ؟ "

" حسنا سوف أجلس و أنتظر "

سحبت كفيها من فوق كفي الأول و من تحت الثاني الذي ربت عليهما و سارت لتجلس من جديد على المقعد و مثل السابق هي وضعت كفيها على قدميها فرأيتها كيف تشد عليهما، شعرت بالقهر عليها و الحزن أصاب قلبي و عندما التفت لعمي هو عكر حاجبيه متسائلا بصمت و أنا بدون أن أقول شيء أخذت الإطار قائلا

" ابقى مع السيدة عمي ليتما أنتهي من الصورة "

و قبل أن أبتعد شد ذراعي من جديد و اقترب هامسا

" ما الذي يجري ؟ "

" لاحقا عمي "

أجبته بنفس الهمس ملقيا نظرة بعدها عليها و هي كانت مكانها و تنظر أمامها، حينا عينيها تضحك بدموع و حينا آخر تبكي ... آخر ما توقعته أن ألاقيها اليوم و في أستوديو عمي

دخلت لمكان العمل و هناك وضعت الإطار المكسور و الذي كان لا يزال يحتفظ بزجاجه المحطم، للحظة فكرت أن هذا ليس زجاج، بل و كأنه دموعها الكثيرة التي بكتها، دموعها التي حاولت حماية آخر ما تبقى لها من ابنها لكن تحطمت من كثرة الألم و قسوة الموقف

يارب صبّر قلبها و أنر بصيرتها ... إجعلها تؤمن أن ما حدث كان قدر هذا الطفل حتى لو كان نائما في سريره و في حضنها

أبعدت الزجاج ثم الاطار المكسور عن الصورة و وضعتها أمامي ثم باستخدام هاتفي أنا التقطت للصورة، صورة بحيث يمسحها ضوئيا و بعدها سيمكنني من ترميم الصورة و ابعاد تلك الخدوش التي تحاول طمس ملامح ابنها

و كذلك وقع ... الأمر لم يأخذ مني سوى دقائق قصيرة و بعدها خرجت لعمي الذي استقام ما إن شعر بي، التفت لي ثم لها ليقول عندما اقترب ناظرا لي بصوت منخفظ للغاية

" هل تعرفها ؟ "

" نعم ... "

" لكنها لا تبدو أنها تعرفك "

" لأنها لا تعرفني "

كل هذا كان بهمس بيني و بينه فعكر حاجبيه و قبل أن يقول شيء اضافيّا قلت بينما أسلمه بطاقة الذاكرة

" هل لك أن تطبع الصورة و تضعها في إطار مناسب ؟ "

أخذها مني مومئا ثم دخل ليتركني وحدي معها، وقفت مكاني ساندا كفي على الطاولة، نظرت لها دون أن أقول كلمة و هي فقط كانت تشد ثوبها ثم تتركه و بعدها تشده حتى قلت جاذبا انتباهها لي

" لقد رممت الصورة و الآن عمي يطبعها و سيضعها في إطار "

ترك كفها ثوبها و رسمت بسمة ... بسمة حزينة للغاية مليئة بالدموع لتقول

" أنا ممتنة لك سيدي "

" لا داعي لشكري سيدتي "

فاستقامت و اقتربت قائلة بينما تخرج محفظة نقودها

" كم يجب علي أن أدفع لك ؟ "

فقلت رافعا كفي راسما بسمة

" ليس عليكِ أن تدفعِ ... "

" ماذا ؟ "

" يمكنك أن تدفعي ثمن الإطار فقط "

و لحظتها خرج عمي حاملا إطارا جميلا موجدة فيه الصورة و الصورة الأصلية كذلك يحملها معه، وضعهم على الطاولة ليقول

" الإطار جاهز "

" أنا ممتنة لكما "

" لا داعي للامتنان سيدتي ... و لكن لدي طلب "

فرفعت كفها و مسحت دموعها التي تغلبت عليها قائلة

" تفضل "

" هل يمكنني الاحتفاظ بالصورة الأصلية ؟ "

" التي عليها الخدوش ؟ "

" أجل "

و بحزن أجابت

" حسنا ... يمكنك "

أخذت الصورة مبتسما لها و عمي لا يزال واقفا مستغربا، دخلت للغرفة الداخلية التي كنا فيها و لبست سترتي بسرعة، أخذت كمرتي و هاتفي حينها سمعت صوت الجرس فخرجت بسرعة متجها نحو الباب ليقول عمي

" إلى أين بن ؟ "

و على عجلة قلت

" سوف أتصل بك لاحقا عمي "

غادرت خلفها فنظرت حولي حتى رأيتها تسير بجانب الجدار محاولة اخفاء وجهها عن الجميع، تبعتها بهدوء تاركا مسافة بيني و بينها، الوقت متأخر و شوارع لندن الفرعية خطيرة على امرأة مثلها تبدو أنها تائهة ... إنها تائهة في الدنيا

ضلت تمشي و أنا أمشي خلفها حتى وصلت لشارع كبير فيه الكثير من المارة و حينها هي توقفت محدقة حولها بخوف، توقفت مراقبا من بعيد

كانت تائهة للغاية و تريد أن تبكي، وضعت كفها على ثغرها بينما ترمق الناس بغربة و هلع كأنها ما وقفت تحت الأضواء يوما، أما المارة فكانوا ينظرون نحوها بغربة بينما نظراتهم لا تبتعد عنها حتى يبتعدون و يختفون بعيدا، شجعتني و اقتربت أكثر منها عندما رأيت نظرات بعض الشبان نحوها مريبة، ضممت كتفها ممسكا بجانب كتفها بشدة بكفي و هي بفزع رفعت نظراتها نحوي لأقول عندما بادلتها النظرات ... عندما حاولت بكل ما أملك أن أجعل منها نظرات ليّنة مطمئنة لها

" لا تخافي دليشا ... "

" أنا ... "

" كنت أسير في نفس الشارع عندما رأيت بعض الشبان ينظرون نحوك "

خافت نظراتها أكثر فقلت لها

" لا تخافي سوف أرافقك حتى تصلين لبيتكِ بأمان "

لكنها قالت شيئا غريبا جدا

" هل الناس تعرفوا عليّ ؟ هل تعرفني أنت أيضا ؟ "

*

عندما أخذت اطار الصورة المكسور و خرجت من البيت لم أفكر أبدا أنني منذ وفاة ابني لم أخرج ... لم أغادر البيت لوحدي كما لم أعد اليه وحدي، و عندما خرجت من المتجر بعد أن أصلحت الإطار و الصورة كذلك شعرت فجأة بعدم الراحة و أنني مراقبة من طرف الجميع ... كأن الجميع يشير لي باصبعه و يقولون إنها هي، التي تسببت في موت ابنها

كأن الجميع لا يملكون سوى أعينا كبيرة جدا في وجوههم و اصبعا واحدا يشيرون به نحوي ... غرقت جدا و الآن يمكنني الشعور بالقاع القريب تحتي

في سيارة الأجرى و في المقاعد الخلفية وجدتني أجلس مع رجل غريب، كنت تقريبا ملتصقة في الباب متمسكة بشدة بالكيس الموجود فيه صورة ابني عندما قال بهدوء

" لقد شارفنا على الوصول سيدة دليشا إلى العنوان الذي منحته لسائق الأجرى "

لكنني تجاهلت الرد عليه، أشعر بالتوتر صراحة ولا أدري لما هو تظاهر بعدم معرفتي عندما كنا في أستوديو التصوير، توقفت سيارة الأجرى بعد وقت فسارع في دفع الأجرى قبل أن أفعل أنا و نزل، ففتحت الباب ليمسكه هو و أنا نزلت، أقفل الباب لتغادر السيارة خلفي ثم وقف قائلا

" آسف اذا كنت أخفتكِ "

و لكن لم أستطع التجاهل أكثر ولا التصرف بعدم لباقة لأقول

" أشكرك سيدي "

" لا داعي لشكري ... سوف أقف هنا ليتما تدخلين "

قالها مشيرا نحو مدخل المبنى فأومأت و ما إن التفت لكي أدخل حتى توقفت مكاني و التفت له من جديد، فكان لا يزال واقفا ممسكا باحدى كفيه ذراع حقيبة سوداء يضعها على كتفه، استغربت نظراته فتساءلت

" لماذا طلبت أن أترك لك الصورة ؟ "

" لأنني قدمت لكِ خدمة "

قالها مبتسما فلم يرقني الوضع لأقرر الانساحب قائلة

" شكرا مرة أخرى "

التفت متوجهة نحو الباب ليقول من خلفي

" سوف أراسلكِ قريبا "

شعرت بعدم الراحة و دخلت بسرعة، استقليت المصعد و بعد أن وصلت إلى المنزل أقفلت الباب بجميع الأقفال الموجودة عليه ثم على الظلام سرت نحو النافذة و عندما وقفت بجانب الستار المزاح مختبئة خلفه كان لا يزال يقف هناك و ينظر نحو الأعلى

من يكون هذا الرجل و لما تصرف بهذه الطريقة ؟

*

إنني حقيقيّ جدا أيتها المرأة الحزينة ... يا ضلعي المكسور بؤسا و كآبة

هناك من نستطيع قراءة أرواحهم من خلال حروفهم و أنا قرأت روح و فكر دليشا من خلال رواياتها، دائما الكاتب يضع منه القليل في كل عمل يقدمه، دليشا امرأة ذكية فطنة و حذرة و لكن حزنها يجعل كل هذه أمور لا تهمها بعد الآن ولا تريد أن تكون موجودة فيها ... دائما ما كانت تجعل من بطلتها الحزينة تتخلى عن كل شيء في سبيل راحة روحها و لو عنى ذلك موتها

و دليشا لا تبحث الآن سوى على راحة روحها

استقليت الحافلة جالسا في المقاعد الخلفية، أخذت هاتفي و ولجت لرسائلي معها، مجيبا على رسالتها

" إنني حقيقيّ ... حقيقيّ جدا أيتها المرأة الحزينة "

ضغطت على زر الارسال و قبل أن أفكر فيما يمكنني كتابته بعد رأيت أنها قرأت الرسالة ثم ظهر أنها سوف ترسل لي بالردّ

" لا شيء حقيقيّ فالحياة زائفة زائلة و الموت أقرب الينا من أرواحنا "

" الموت قدر ... قدر لا يمكن الهرب منه لهذا هو أقرب الينا من أرواحنا "

" ألسنا نحن السبب في جلب هذا الموت ؟ "

رسمت بسمة حزينة عليها لأرد

" ما سبب اعتقادكِ هذا ؟ "

" سببي الجميع يعلمونه سيد أوكلاند "

" يمكنك قول بانتلي أو بن "

" و هل تهم الأسماء الآن ؟ "

" أجل ... فبجانب أسمائنا تكتب أقدارنا "

" لا أؤمن بما تؤمن به ... لو ضممت ابني يومها و جلست معه في البيت ما حدث له ما حدث و لما مات "

" حتى لو خبأته بين شغاف قلبكِ كان سيموت لأن ذلك هو قدره ... تلك هي أيامه التي مُنحت له في هذه الدنيا "

" لما منحت أياما أكثر منه اذا ؟ ... لما لا يأخذ الرب روحي و يقودني إلى قدري بسرعة ؟ "

" لأنك لا زلت تستحقين الحياة "

" الحياة أكبر عقاب "

" الحياة امتحان "

" و ها أنا قد رسبت "

" لا أعتقد ... "

" بل صدق و آمن أيها الرجل السعيد ... السعيد جدا "


نهاية الفصل الثاني من

" قبر من لحم و دم "

أتمنى أنكم استمتعتم و أحببتم الفصل

إلى أن نلتقي في الفصل القادم كونوا بخير و إلى اللقاء

سلام

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro